بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فان من نعمة الله علينا جميعا ان يسر لنا وهو تبارك وتعالى الميسر والمان والموفق لا شريك له ان يسر لنا قراءة هذه الرسالة القيمة النافعة المفيدة في اقسام التوحيد واقسام ما يضاده من الكفر والشرك والنفاق. وهذه ولا شك نعمة عظيمة وتوفيق من الله عز وجل وهنا اذكر لقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة. والله عليم حكيم. فالفضل فضل الله والنعمة نعمته جل وعلا والمنه وان الفضل بيد الله يؤتيه من والله ذو الفضل العظيم. ومن اعظم الفظل واكبر المن ان يوفق العبد للعلم ولا سيما علم التوحيد. الذي هو الغاية العظمى والمطلب الاكبر والاساس للاعمال كلها. فهو للاعمال كالاساس للبنيان والاصول للاشجار. فكما ان البناء لا يقوم الا على اساسه والاشجار لا تقوم الا على اصولها فالاعمال لا تقوم الا على التوحيد فمعرفة التوحيد واقسامه. لمجاهدة النفس على تحقيق ذلك ومعرفة ما يضاده من كفر وشرك ونفاق ليكون العبد على حذر من ذلك من اهم ما ينبغي بل هو اهم ما ينبغي ان يعنى به المسلم وان يشغل به اوقاته وتيسر هذا الامر للعبد هو توفيق من الله عز وجل. وتأمل هذا في قوله ولكن الله حبب اليكم الايمان اي جعل الايمان وصيره حبيبا الى نفوسكم. امرا محبوبا في قلوبكم تحبونه تطمئنون اليه وترتاحون اليه وتجدون فيه راحتكم وسعادتكم حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم اي جعل الايمان في قلوبكم امرا جميلا امرا بهيا حسنا زينه في قلوبكم. وكره اليكم الكفر والفسوق العصيان وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اي كره اليكم ما يضاد الايمان وينافيه وكره اليكم وكره اليكم ما ينقص الايمان يضعفه ويوهيه تكره اليكم الامور التي تنافي الايمان وتضاده وكره اليكم الامور التي تنقص الايمان وتظعفه كره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. ذكر امورا ثلاثة كالتحبيب ذكر امرا واحدا قال الايمان حبب اليكم الايمان لم يقل حبب اليكم الايمان والطاعات والعبادات والسنن والمستحبات لم يقل ذلك لان الايمان يشمل ذلك كله. الايمان يشمل ذلك كله وينتظم وذلك جميعا. فالايمان قول واعتقاد وعمل الايمان يشمل الدين كله عقيدة وعبادة وادابا واخلاقا وفرائض وواجبات ومستحبات وترك للمحرمات والمكروهات الدين يشمل ذلك كله. ولهذا قال ولكن ولكن الله حبب اليكم الايمان اما فيما يقابل ذلك فصل قال وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان لان الامور المخالفة للايمان منها ما هو كفر منها ما هو كفر ومنها ما هو فسوق ومنها ما هو عصيان والكفر هو الذي يكون به انتقال المرء من الملة وخروجه من الدين وقد مضت اقسامه عند المصنف والمراد بالكفر هنا هنا كل ما يضاد الايمان من اساسه. فيدخل هنا في قوله وكره اليكم الكفر يدخل انواع الكفر المتقدمة وانواع الشرك وانواع النفاق. كل ذلك داخل تحت قوله وكره اليكم الكفر اي كره اليكم كل امر يضاد الايمان من اساسه وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى على عبده ان يجعل قلبه مبغضا وكارها للامور المضادة للايمان المنافية له وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان والفسوق في غالب كلام المفسرين المراد به المعاصي والذنوب الكبار كبائر الذنوب ونقل عن بعض المفسرين ان المراد بالفسوق الكذب خاصة صناعة الكذب وعظم هذا الجرم واكثر اقوال اهل التفسير في الفسوق اي الذنوب العظام والعصيان اي ما دون ذلك من الذنوب فكره تبارك وتعالى لعباده المؤمنين كل امر يظاد الايمان كل المظادة وكره اليهم الامور العظام والجرائم الكبار والاثام وكبائر الذنوب. وكره وكره اليهم المعاصي التي دون ذلك واهل العلم لما عرفوا الايمان بانه قول واعتقاد وعمل يزيد بطاعة الله وينقص بمعصيته ذكروا في المقابل ان الذي يخالف الايمان وينافي الايمان لا يخرج في تأثيره على الايمان عن امور ثلاثة اما ان اما ان يكون منافيا للايمان من اصله مناقضا له من اساسه. وهذا هو الكفر اما ان يكون منافيا له من اصله مناقضا له من اساسه وهذا هو الكفر واما ان يكون منافيا لكمال الايمان الواجب. واما ان يكون كافيا لكمال الايمان الواجب كترك شيء من الفرائض او فعل شيء من الكبائر. فهذا ينافي كمال الايمان الواجب. وهو الفسوق في الاية واما ان يكون منافيا لكمال الايمان المستحب. واما ان يكون منافيا لكمال الايمان المستحب. وهذا يكون بترك شيء من اعمال الايمان المستحبة من اعمال الايمان المستحبة والصغائر الصغائر هي من العصيان الذي نهى الله تبارك وتعالى عنه وواجب على المسلم تركها واجب على المسلم تركها. فالصغائر تدخل تحت قوله والعصيان ثم يبقى القسم الاخير وهو ترك مستحبات الدين. ترك العبد للامور المستحبة في دين الله تبارك وتعالى وتركه لها لا يكون به تاركا لواجب ولا مستحقا به لعقوبة ولكنه فوت على نفسه من درجات الايمان العالية بحسب ما فوته من مستحبات الدين ورغائبه وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذ بي لاعيذنه. اي ان الله تبارك وتعالى يسدده في سمعه وبصره ويده وقدمه ويوفقه في حواسه فلا يستعمل شيئا منها في مساخط الله عز وجل وفي الامور التي غضبه سبحانه وتعالى ثم ختم جل وعلا الاية بقوله اولئك هم الراشدون اي اهل هذه الصفات والرشاد ضد الغواية بما عرفنا شيئا من ذلك عند قول المصنف اعلم ارشدك الله الرشاد ضد الغواية كما ان الهداية ضد الضلال واذا نفي الضلال والغواية في وقت واحد عن العبد كما في قوله ما ضل صاحبكم وما غوى فان في نفي الضلال اثبات للعلم النافع ونفي الغواية اثبات للعمل الصالح فقوله ما ضل صاحبكم ولا وما غوى اثبات لصلاح العلم وصلاح العمل. كما قال نبينا عليه الصلاة السلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين الراشد المهدي الراشد من صلح عمله والمهدي من صلح علمه واذا ذكر الرشاد وحده تناول الامرين واذا ذكر الهدى وحده تناول الامرين صلاح العلم وصلاح العمل. فقول اولئك هم الراشدون. اي في علمهم وعملهم اولئك هم الراشدون اي الصالحون في علمهم وعملهم وبهذا تعلم ان الرشاد والصلاح لا يكون الا بالامرين بالعلم بالايمان والعمل به وبالعلم بما يضاده وينافيه وينقصه وتجنبه وهذا واظح في الاية بالعلم بالايمان وبتفاصيله والعمل به وبالعلم بما يناقضه او ينقصه لان للايمان نواقض وله نواقص فالعلم بالنواقض والنواقص مطلوب لتحذر وتجتنب والراشدون من عباد الله هم الذين جمعوا في علمهم بين معرفة الايمان وتفاصيله وعملوا بذلك جاهدوا انفسهم على العمل بذلك. وايضا علموا بما يظاد الايمان او ينقض الايمان وكذلك علموا بما يظعف الايمان وينقص الايمان وجاهدوا انفسهم على تجنبه. فمن كانوا كذلك فهم الراشدون من عباد الله والرشاد صلاح في العلم وصلاح في العمل ليس علم بلا عمل ولا عمل بلا علم. الرشاد علم نافع وعمل صالح. كما قال تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق. الهدى العلم النافع ودين الحق العمل الصالح وفي اعظم الدعاء دعاء الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين المغضوب عليهم من عندهم علم لا يعملون به. والضالون من عندهم عمل بلا علم. والمنعم عليهم هم اهل العلوم النافعة والاعمال الصالحة والمسلم يسأل الله عز وجل مرات ومكرات في ايامه ولياليه ان يهديه صراط هؤلاء. اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ثم قال سبحانه وتعالى بعد هذا البيان المختوم بقوله اولئك هم الراشدون قال فظلا من الله ونعمة فالهداية للعلم النافع وللعمل الصالح فضل الله سبحانه وتعالى ونعمته على من شاء من عباده. والفضل فضله سبحانه وتعالى فيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وينبغي على طالب العلم الذي فتح الله سبحانه وتعالى له باب الرغبة في الطلب والمحبة لطلب العلم وليس كل احد يوفق لذلك كثير من الناس لا يحب العلم ولا يحب مجالس العلم ولا يرغب فيها ولو جلس فيها دقيقة واحدة ظجر ومل وتظايق فوجود رغبة في قلب العبد للعلم وحب لمجالسه وحب لكتب العلم وحب لاهله وحملته هذي نعمة وفضل من الله سبحانه وتعالى. والا كم من الخلق؟ وكم من الناس لا لا توجد فيهم رغبة لا محبة ولا حرص على ذلك فاذا يسر الله سبحانه وتعالى للعبد ذلك فهذه من امارات الخير. ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. فهذا فضل من من الله فظل فضلا من الله ونعمة. فينبغي للعبد ان يحافظ على هذا الباب من ابواب الخير الذي يسره الله سبحانه وتعالى له. وان يدعو الله عز وجل دائما وابدا ان يعينه وان يوفقه وان يسدده والا يكله الى نفسه وان يواظب على الدعاء اهدنا الصراط المستقيم. ودعاء مفروض على المسلم. كل يوم سبع عشرة مرة فيواظب على هذا الدعاء وكما قال شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله ينبغي ان ينبه عوام المسلمين ان هذا دعاء ان كثير منهم يقرأ ولا يدري انه دعا. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ونسأل الله عز وجل لنا اجمعين ان يهدينا اليه صراطا مستقيما وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وان يهدينا وان يهدي بنا وان يهدي لنا وان ييسر الهدى لنا وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات واسأل الله عز وجل لي ولكم التوفيق والسداد والعون على كل خير والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على رسول الله