الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في كتابه فتح المجيد شرح كتاب التوحيد قال المصنف رحمه الله الله تعالى باب الخوف من الشرك وقول الله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء قال ابن كثير اخبر تعالى انه لا يغفر ان يشرك به اي لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء اي من الذنوب لمن يشاء من عباده انتهى. فتبين بهذه الاية ان الشرك اعظم الذنوب. لان الله تعالى انه لا يغفره لمن لم يتب منه وما دونه من الذنوب فهو داخل تحت المشيئة. ان شاء غفره لمن لقيه به وان شاء ما عذبه وذلك يوجب للعبد شدة الخوف من الشرك الذي هذا شأنه عند الله لانه اقبح القبيح واظلم الظلم نرقص لرب العالمين وصرف خالص حقه لغيره وعدل غيره به. كما قال تعالى ثم الذين كفروا بربهم يعدون ولانه مناقض للمقصود بالخلق والامر مناف له من كل وجه. وذلك غاية المعاندة لرب العالمين. والاستكبار عن طاعته والذل له والانقياد لاوامره الذي لا صلاح للعالم للعالم الا بذلك فمتى خلا منه خرب وقامت القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الارض الله الله رواه مسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا. نسألك التوفيق لما تحبه وترضاه اما بعد هذه الترجمة عقدها الامام المجدد شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتابه التوحيد تحذيرا من الشرك وبيانا لخطورته وان الواجب على المسلم ان يشتد خوفه على نفسه من الشرك الذي هو اعظم الموبقات واكبر الكبائر واظلموا الظلم وكثير من الناس يخاف على نفسه من ذنوب دون الشرك ولا يقع في قلبه خوف على نفسه من الشرك بالله مع ان الشرك اخطر الذنوب وعبادة غير الله سبحانه وتعالى بالتوجه اصنام او احجار او غير ذلك فظلت كثير من الناس وفتنت كثيرا من الناس ودخلت على كثير منهم من طرائق شتى فكان واجبا على كل مسلم ان يكون خوفه من الشرك اشد الخوف وخشيته على نفسه من الشرك اشد الخشية وان يتبع هذا الخوف بالمجاهدة مجاهدة النفس على البعد عنه وتوقيه والحذر من الوقوع فيه داعيا ربه سبحانه وتعالى وملحا عليه ان يعيذه من الشرك وقد جاء في الحديث ان نبينا عليه الصلاة والسلام قال الشرك فيكم اخفى من دبيب النمل وهذا مما يخيف ايضا من الشرك لا الشرك فيكم اخفى من دبيب النمل قيل يا رسول الله اوليس الشرك ان يجعل لله ند وهو الخالق قال والذي نفسي بيده لشرك فيكم اخفى من دبيب النمل اولا ادلكم على شيء اذا قلتموه اذهب عنكم قليل الشرك وكثيره؟ قالوا بلى يا رسول الله قال تقولون اللهم انا نعوذ بك ان نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك لما لا نعلم الحاصل ان الواجب على كل مسلم ان يخاف من الشرك خوفا عظيما ومن اعظم ما يخيف من الشرك هذه الاية التي ذكر المصنف ان الله لا يغفر ان يشرك به ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء والمراد بالاية من مات على الشرك اما من تاب منه غفر الله له ان صدق مع الله في توبته كما قال الله تعالى ان الله ان الله يغفر الذنوب جميعا لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا. اي في حق من تاب اما هذه الاية ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فهي في حق من مات على ذلك فمن مات والعياذ بالله مشركا فلا مطمع له اطلاقا في رحمة الله. ولا حظ له ولا نصيب من مغفرته سبحانه بل ليس له يوم القيامة الا النار والله جل وعلا يقول والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل وهم يصطلحون فيها ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير وهذه النار التي توعد الله سبحانه وتعالى بها المشرك ليس بين المشرك وبين ان يدخلها الا ان تخرج روحه من جسده ليس بين المشرك وبين ان يدخل هذه النار الا ان تخرج روحه من جسده كما قال عليه الصلاة والسلام مما من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار ولهذا قال العلماء اخذا من هذا الحديث وغيره ان النار قريبة من المشرك ان النار قريبة من المشرك اي ليس بينه وبينها الا ان يموت الا ان تفارق روحه جسده فهذا كله مما يستوجب الخوف من الشرك وشدة الحذر منه والعمل على مجانبته ومباعدته وسؤال الله سبحانه وتعالى الاعاذة منه نعم قال رحمه الله تعالى ولان الشرك تشبيه للمخلوق بالخالق تعالى وتقدس في خصائص الالهية من ملك الظر والنفع والعطاء والمنع الذي يوجب تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل انواع العبادة كلها بالله تعالى وحده فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق وجعل من لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا نبيها بمن له الحمد كله وله الخلق كله وله الملك كله وبيده الخير كله واليه يرجع الامر كله ازمة الامور كلها بيده سبحانه ومرجعها اليه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع الذي اذا فتح للناس رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم فاقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقير بالذات بالقادر الغني بالذات ومن خصائص الالهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه. وذلك يوجب ان تكون العبادة كلها له وحده والتعظيم والاجلال والخشية والدعاء والرجاء والانابة والتوكل والتوبة والاستعانة وغاية الحب مع غاية الذل كل ذلك يجب عقلا وشرعا وفطرة ان يكون لله وحده ويمتنع عقلا وشرعا وفطرة ان يكون لغيره فمن فعل شيئا من ذلك لغيره فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له ولا مثل له ولا ند له وذلك اقبح التشبيه وابطله. فلهذه الامور وغيرها اخبر سبحانه وتعالى انه لا يغفره مع انه كتب على نفسه الرحمة هذا معنى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى وفي الاية رد على الخوارج المكفرين بالذنوب وعلى المعتزلة القائلين بان اصحاب الكبائر يخلدون في النار وليس عندهم وليسوا عندهم بمؤمنين ولا كفار. هذا مأخوذ من قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فهذا فيه رد على الخوارج الذين يكفرون بالذنب وعلى المعتزلة الذين يخرجون مرتكب الكبيرة بكبيرته من الايمان وكلاهما يحكم عليه بالخلود في النار يوم القيامة فالاية الكريمة فيها رد عليهم ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء اي ان كل ذنب دون الشرك تحت المشيئة ان شاء الله غفر لصاحبه وان شاء عذبه وان عذبه فانه لا يخلد في النار اذ لا يخلد في النار الا المشرك نعم قال رحمه الله تعالى ولا يجوز ان يحمل قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على التائب. فان التائب من الشرك مغفور له. قال ولا يجوز ان يحمل قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على التائب لان حتى الشرك من تاب منه تاب الله عليه فقوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء اي من مات على ذلك ليس من تاب من ذلك وانما ممن مات على ذلك. من مات على الشرك فلا مطمع له اطلاقا في المغفرة فلا يجوز ان ان يحمل قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على التائب لان التائب من الشرك يتوب الله عليه ويغفر الله سبحانه وتعالى له كما في الاية الاخرى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا قال لا تقنطوا اي توبوا لا تقنطوا هذا امر بالتوبة توبوا الى الله اياكم والقنوط من رحمة الله اقبلوا على الله بالتوبة والانابة فانه يغفر الذنوب جميعا مهما كثرت ومهما عظمت ومهما كانت الشرك وما دونه من تاب تاب الله عليه. نعم قال رحمه الله تعالى فان التائب من الشرك مغفور له. كما قال تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا اي حتى الشرك. ان الله يغفر الذنوب جميعا اي حتى الشرك الذي هو اعظم الموبقات يغفره الله لمن تاب منه فالاسلام يهدم ما كان قبله ومن اسلم وصدق مع الله سبحانه وتعالى في اسلامه غفر الله له ما كان منه قبل الاسلام من شرك وضلال فالاسلام يهدم ما كان قبله نام فهنا عمم واطلق لان المراد به التائب. وهناك خص وعلق لان المراد به من لم يتم. هذا ملخص قول شيخ الاسلام قال رحمه الله فهنا اي في هذه الاية اية الزمر ان الله يغفر الذنوب جميعا عمما واطلق عمم اي الذنوب كلها لم يستثني منها لا الشرك ولا غيره عمم الذنوب جميعا فلم يستثني منها ذنب في بل عمم واطلق اي المغفرة. واطلقا اي المغفرة ان الله يغفر الذنوب جميعا فلم يخص ذنب ولم يقيد المغفرة بل عمم واطلق لان المراد به التائب لان المراد به التائب والمراد ان من تاب من الذنب ايا كان الذنب تاب الله عليه من تاب من الذنب ايا كان الذنب تاب الله عليه مهما عظم الجرم قال وهناك اي في قوله ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء خص وعلق وهناك اي في قوله ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء خص وعلق خص اي الشرك بانه لا يغفر خص الشرك بانه لا يغفر خصه اي من بين سائر الذنوب قال ان الله لا يغفر ان يشرك به خصا بخلاف الاية الاخرى عمم ان الله يغفر الذنوب جميعا. هناك في حق التائب. لكن هنا خص خص ذنب الشرك من بين سائر الذنوب لانه لا يغفر وعلق ما دونه وعلق اي ما دونه بالمشيئة وعلق اي ما دون الشرك بالمشيئة. قال ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. هذا تعليق لما دون الشرك بالمشيئة فاذا هذه الاية الكريمة اية النساء هي في حق من مات على ذلك واية الزمر في حق من تاب ومن تاب من الذنب ايا كان ذنبه تاب الله عليه نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وقال الخليل عليه السلام واجنبني وبني ان نعبد الاصنام الصنم ما كان منحوتا على صورة والوثن ما كان موضوعا منحوتا على غير ذلك. ذكره الطبري عن مجاهد قلت وقد يسمى الصنم وثناء كما قال الخليل عليه السلام انما تعبدون من دون الله اوثان وتخلقون اشكا. ويقال ان الوثن اعم وهو قوي فالاصنام اوثان كما ان القبور اوثان وبالعكس قوله واجنبني وبني ان نعبد الاصنام اي اجعلني وبني في جانب قال ويقال ان الوثن اعم ان الوثناء اعم اي اعم من الصنم او الاصنام فالاصنام اوثان داخلة في عموم قال وهو قوي يعني قول قوي نعم فالاصنام اوثان كما ان القبور اوثان وبالعكس قوله واجنبني وبني ان نعبد الاصنام اي اجعلني وبني في جانب عن عبادة الاصنام وباعد بيننا وبينها وقد استجاب الله تعالى دعاءه وجعل بنيه انبياء وجنبهم عبادة الاصنام وقد بين ما يوجب الخوف من ذلك بقوله وهذا يبين لنا اهمية الدعاء وضرورة العبد اليه وجوب الالحاح على الله سبحانه وتعالى فيه يدعو لنفسه ولذريته ان يجنبهم عبادة غيره وقد قال الله سبحانه وتعالى قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم فمن الائتساء بابراهيم الخليل عليه السلام الدعاء. الدعاء الالحاح على الله سبحانه وتعالى بان يعيذ المرء واهله وذريته من عبادة غير الله من عبادة الاصنام نعم قال رحمه الله تعالى وقد بين ما يوجب الخوف من ذلك بقوله ربي انهن اضللن كثيرا من الناس وقد بين اي ابراهيم خليل عليه السلام ما يوجب الخوف من ذلك اي من الشرك ما يوجب الخوف من ذلك اي الخوف من الشرك في قوله عليه السلام في دعائه ربي انهن اضللن كثيرا من الناس فهذا يوجب الخوف اذا كانت اضلت كثير من الناس فهذا مما يوجب الخوف من الشرك لان لان كثيرا من الناس قد اظلتهم الاصنام عن اخلاص الدين لله عز وجل نعم قال رحمه الله تعالى فانه هو الواقع في كل زمان. فاذا عرف الانسان ان كثيرا وقعوا في الشرك الاكبر وظلوا بعبادة اصنام اوجب ذلك خوفه من ان يقع فيما وقع فيه الكثير من الشرك الذي لا يغفره الله قال تعالى قل سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان اكثرهم مشركين كان اكثرهم مثلها ايضا وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فاكثر الخلق في كل زمان اظلتهم الاصنام اظلتهم الاصنام عن آآ اظلتهم الاصنام والاوثان عن افراد من خلقهم واوجدهم بالعبادة فاتخذوا معه الشركاء وجعلوا معه الانداد يصرفون لهم خالص حق الله سبحانه وتعالى نعم قال ابراهيم التيمي ومن يأمن البلاء بعد ابراهيم رواه ابن جرير وابن ابي حاتم هذا من فقه السلف رحمهم الله هذا من فقه السلف رحمهم الله قال ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم إذا كان إبراهيم عليه السلام امام الحنفاء الذي كسر الاصنام بيده خاف من الشرك خاف من الشرك ودعا بهذه الدعوة لنفسه ولذريته واجنبني وبني ان نعبد الاصنام ايجعلني في جانب بعيد عنها فانها اظلت كثيرا من الناس فمن يأمن البلاء بعد ابراهيم؟ اذا كان امام الحنفاء خاف من الشرك فكيف يأمن البلاء من هو دونه نعم قال رحمه الله تعالى فلا يأمن الوقوع في الشرك الا من هو جاهل به وبما يخلصه منه من العلم بالله وبما بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم من توحيده والنهي عن الشرك به قلم فلا يأمنون فلا يأمن الوقوع في الشرك الا من هو جاهل به. وبما يخلصه منه من العلم بالله وبما بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم من توحيده والنهي عن الشرك به. نعم ومثل هذا الدعاء في في دعاء ابراهيم الخليل جاءت السنة بادعية كثيرة في هذا الباب مثل الدعاء الذي مر الاشارة اليه اللهم اني اعوذ بك ان اشرك بك وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم وهي دعوة عظيمة جدير بالمسلم ان يعنى بها كذلك جدير بالمسلم ان يعنى كل يوم في الصباح ثلاث مرات وفي المساء ثلاث مرات تأسيا بنبينا عليه الصلاة والسلام ان يقول اللهم اني اعوذ بك من الكفر ومن الفقر واعوذ بك من عذاب القبر لا اله الا انت يكررها ثلاثا اذا اصبح وثلاثا اذا امسى وقد ثبت بذلكم الحديث عن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام كذلكم الدعاء الذي فيه التعوذ التعوذ بالله من الضلال ومن تقلب القلوب كقوله عليه الصلاة والسلام يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وقوله عليه الصلاة والسلام اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت اعوذ بعزتك لا اله الا انت ان تظلني فانت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون ونحو هذه الدعوات فيحرص المرء على الدعاء والالحاح على الله ان يثبته على الايمان وان يعيده من الشرك وان يجنبه عبادة الاصنام والاوثان ويتبع الدعاء بالمجاهدة للنفس ومن اهم ما يكون في هذا الباب ان يعرف الشرك ما هو قد قيل قديما كيف يتقي من لا يدري ما يتقي من لا يدري ما هو الشرك كيف يتقيه ولهذا بعض الناس بسبب جهلهم بالاشراك بالله وحقيقته يقعون فيه يقعون فيه ويمارسونه وهو لا يدري عن حقيقة حاله وانه متلوث بالشرك. ولهذا تجد بعظهم ربما قال لا اله الا الله وفي الوقت نفسه يمد يدي الضراعة لغير الله. ملتجئا الى غيره مستغيثا به صارفا له انواعا من العبادة نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وفي الحديث اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر فسئل عنه فقال الرياء اورد المصنف هذا الحديث مختصرا غير معزول. وقد رواه الامام احمد والطبراني والبيهقي. وهذا لفظ احمد قال حدثنا يونس قال حدثنا ليث ابن يزيد يعني ابن الهاد يعني ابن الهاد عن عمر عن محمود ابن لبيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان افما اخاف عليكم الشرك الاصغر؟ قالوا وما الشرك الاصغر يا رسول الله؟ قال الرياء يقول الله تعالى يوم القيامة اذا جزى الناس باعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ وماذا يحصل عندهم ماذا يحصل عندهم اذا احيل عليهم فانظروا هل تجدون عندهم جزاء وفي ذلك اليوم كل يفر نفسي نفسي يفر من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه. فاذا احيل عليهم اي شيء سيحصل عندهم وهذا يبين لنا ان صفقة المرائي من اشد ما يكون او من اشد ما ما تكون خسرانا فماذا ينفع المرائي عندما يرائي الناس ولا سيما ان زماننا هذا جدت فيه من الوسائل التي جرأت كثير من الناس على مزيد من الرياء على مزيد من الرياء من خلال الصور الثابتة والمتحركة واصبح كثير من الناس في مواطن العبادة والقرب في المساجد وعند بيت الله الحرام وفي المشاعر مشاعر الحج لا هم له الا ان يلتقط لنفسه الصور التذكارية في كل موضع من هذه المواضع والغرض منها ان يريها الاخرين فاين هذا من قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت. وقوله واتموا الحج والعمرة لله اي خالصا لا رياء فيه ولا سمعة اين هو من قول النبي عليه الصلاة والسلام من حج لله فلم يرفث الى اخر الحديث حتى الصلاة حتى الصلاة المساجد مكان العبادة اصبح عدد منهم لا هم له الا التقاط الصور التذكارية حتى من الامور المؤسفة حلق العلم خلق العلم بعضهم يمر على حلقة العلم ويلتقط له لنفسه صورة في حلقة العلم ويمشي لا هم له في العلم ولا هم له في معرفة دينه الذي خلقه الله لاجله. وانما يلتقط صورة ويقول هذه صورة لي في حلقة فلان هذا همه فهذه مصيبة عظيمة وبلاء كبير جدا ابتلي به كثير من الناس وعقوبة المرائي وخيمة جدا. مثل ما جاء في هذا الحديث يقال اذهبوا الى الذين كنتم ترءون اذهبوا الى الذين كنتم ترءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء صفقة خاسرة من اعظم الخسران والعياذ بالله نعم قال رحمه الله تعالى قال المنذري ومحمود بن لبيد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح له منه سماع فيما ارى كر بن ابي حاتم ان البخاري قال له صحبة ورجحه ابن عبد البر والحافظ وقد رواه الطبراني باسانيد جيدة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج مات محمود سنة ست وتسعين وقيل سنة سبع وتسعين وله تسع وله تسع وتسعون سنة قوله ان اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر هذا من شفقته صلى الله عليه وسلم بامته ورحمته ورأفته بهم فلا خير الا دلهم عليه وامرهم به. ولا شر الا بينه لهم واخبرهم به ونهاهم عنه. كما قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه ما بعث الله من نبي الا كان عليه حقا ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم فاذا كان الشرك الاصغر مخوفا على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال علمهم وقوة ايمانهم فكيف لا يخافه ما فوقه من دونه من هو دونهم في العلم والايمان بمراتب. نعم فكيف لا يخافه وما فوقه اي من الشرك الاكبر. ممن هو دونهم اي دون الصحابة في العلم والايمان بمراتب اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم خاف على الصحابة وهم من هم في الديانة والايمان والصحبة والملازمة قال اخوف ما اخاف عليكم اي اشد شيء وامر اخاف عليكم الشرك الاصغر فسألوا عنه وهذا يدل على حرص الصحابة وعظم عنايتهم بتوقي الشرك والبعد عنه فاذا كان خافه على ذلك الرعين المبارك والجيل المبارك جيل الصحابة رضي الله عنهم فكيف بمن هو دونهم؟ فهذا ايضا من الدلائل على وجوب الخوف من الشرك. نعم قال رحمه الله تعالى خصوصا اذا عرف ان اكثر علماء الانصار اليوم لا يعرفون من التوحيد الا ما اقر به المشركون لا يعرفون هنا من التوحيد الا ما قر به المشركون. اذا سئل احدهم ما معنى لا اله الا الله؟ فسرها بالربوبية او الخالقية لا خالق الا الله لا رازق الا الله. لا قادر على الاختراع الا الله. لا غني بنفسه عمن سواه الا الله. لا يفهم من التوحيد الا هذا المعنى وهذا القدر من التوحيد اقر به المشركون. اذا سئلوا من الخالق من الرازق؟ قالوا الله لا يقولون الاصنام هذا القدر اقر به المشركون وهو لا يكفي ليكون به المرء موحدا ولا ينجي من عذاب الله يوم القيامة حتى يأتي بلازمة وهو توحيد العبادة الذي هو مدلول لا اله الا الله فالتوحيد الذي هو مدلول لا اله الا الله الا نعبد الا الله كما قال الله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه كما قال عز وجل وما امروا الا ليعبدوا الله وسيأتي عند المصنف رحمه الله ترجمة عظيمة في تفسير التوحيد نعم قال رحمه الله تعالى وما عرفوا معنى الالهية التي نفتها كلمة الاخلاص عن كل ما سوى الله واخرج ابو يعلى وابن المنذر عن حذيفة ابن اليمان عن ابي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشرك فيكم اخفى من دبيب النمل. قال ابو ابو بكر يا رسول الله وهل الشرك الا ما عبد من دون الله او ما دعي مع الله؟ قال ثكلتك امك الشرك فيكم اخفى من دبيب الحديث وفيه ان تقول اعطاني الله وفلان والند ان يقول الانسان لولا فلان قتلني لولا فلان قتلني فلان انتهى من الدر قال الشرك فيكم اخفى من دبيب النمل يعني في شدة خفاء الشرك وان الشرك منه خفي وجلي والخفي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بانه اخفى من دبيب النمل وحتى يدرك المرء شدة خفاء هذا الشرك فليتأمل في حاله وهو جالس لو مرت نملة وثنتين وثلاث واربع من جوارها وهو جالس ربما لا يشعر لا يسمع لها صوتا ولا يرى لها شخصا والنبي صلى الله عليه وسلم قال ان الشرك اخفى من دبيب النمل اخفى من دبيب النمل فهذا يدل على شدة خفائه واذا كان بهذه الصفة وجب ان يكون توقيه اشد التوقي والحذر منه اشد الحذر واللجوء الى الله يكون دائما ان يعيد المرء من هذا الشرك الذي هو الذي منه ما هو بهذا الخفاء اخفى من دبيب النمل نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار. رواه البخاري قال ابن القيم رحمه الله تعالى الند الشبيه يقال فلان ند فلان ونديده اي مثله وشبهه انتهى قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون قوله من مات وهو يدعو لله ندا اي يجعل لله ندا في العبادة يدعوه ويسأله ويستغيث به دخل النار. قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى والشرك فاحذره فشرك ظاهر بلقسم ليس بقابل الغفران وهو اتخاذ الند للرحمن اي كان من حجر ومن انسان يدعوه او يرجوه ثم يخافه ويحبه كمحبة الديان واعلم ان اتخاذ الند على ان اتخاذ الند على قسمين الاول ان يجعله لله شريكا في انواع العبادة او بعضها كما تقدم وهو شرك اكبر والثاني ما كان من نوع الشرك الاصغر كقول الرجل ما شاء الله وشئت ولولا الله وانت وكيسير الرياء فقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل ما شاء الله وشئت قال اجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده رواه احمد وابن ابي شيبة والبخاري في الادب المفرد والنسائي وابن ماجة. وقد تقدم حكمه في باب فضل التوحيد وفيه بيان ان فيه ترجمة خاصة عند المصنف رحمه الله نعم وفيه بيان ان دعوة غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله شرك جلي كطلب الشفاعة من الاموات. فانها ملك لله تعالى وبيده ليس بيد غيره منها شيء وهو الذي يأذن للشفيع ان يشفع في من لاقى الله بالاخلاص والتوحيد من اهل الكبائر كما يأتي تقريره في باب الشفاعة ان شاء الله تعالى. والله تعالى يقول قل لله الشفاعة جميعا. اي هي ملك لله هي ملك لله فلا يشفع عنده الا باذنه. من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ولا يشفع الا لمن ارتضى سبحانه وتعالى ولا يرظى الا عن اهل التوحيد ولا يرظى الا عن اهل التوحيد فطلب الشفاعة من غير الله يعني الالتجاء الى احجار او الى مقبولين اشفع لي خلصني انقذني كل جارا او نحو ذلك هذا كله من الشرك هذا كله من الشرك لانه التجاء الى غير الله ولهذا من اراد ان يحظى بشفاعة الشافعين فليطلب ذلك من الله لا يشرك بالله لان الشرك يبعد الانسان لكن يطلب ذلك من الله يقول اللهم شفع في انبيائك اللهم اجعلني ممن يشفع لهم نبيك اللهم من علي بشفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم او نحو ذلك نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى ولمسلم عن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار قوله جابر هو ابن عبد الله ابن عمر ابن حرام بمهملتين ابن حرام بمهملتين الانصاري ثم السلمي بفتحتين صحابي جليل له ولابيه مناقب مشهورة رضي الله عنهما مات بالمدينة بعد السبعين وقد كف بصره وله اربع تسعون سنة قوله من لقي الله لا يشرك به شيئا قال القرطبي اي لم يتخذ معه شريكا في الالهية ولا في الخلق ولا في العبادة. ومن المعلوم من الشرع المجمع عليه عند اهل السنة ان من مات على ذلك فلابد له من دخول الجنة وان جرت عليه قبل ذلك انواع من العذاب والمحنة وان من مات على الشرك لا يدخل الجنة ولا يناله من الله وان جرت عليه قبل ذلك انواعا من العذاب والمحنة اي بسبب الذنوب التي دون الشرك كما جاء في الحديث من قال لا اله الا الله دخل الجنة يصيبه قبل ذلك ما يصيبه. نعم قال قال رحمه الله تعالى وان من مات على الشرك لا يدخل الجنة ولا يناله من الله رحمة ويخلد في النار ابد الاباد من غير انقطاع عذاب ولا تصرم اماد وقال النووي رحمه الله تعالى اما دخول المشرك النار فهو على عمومه فيدخلها ويخلد فيها ولا فرق فيه بين الكتابي اليهود والنصراني وبين عبادة الاوثان وسائر الكفرة ولا فرق عند اهل الحق بين الكافر عنادا وغيره. ولا بين من خالف ملة الاسلام وبين من انتسب اليها ثم حكم بكفره بجحده وغير ذلك واما دخول من مات فان كل هؤلاء دخولهم النار دخول تخليد وتأبيد خالدين فيها ابذل اباد من غير انقطاع عذاب ولا تصرم اماد. نعم قال رحمه الله تعالى واما دخول من مات غير مشرك واما دخول من مات غير مشرك الجنة فهو مقطوع له به. لكن ان لم كن صاحب كبيرة مات مصرا عليها دخل الجنة اولا. وان كان صاحب كبيرة مات مصرا عليها فهو تحت المشيئة فان عفي عنه دخل الجنة اولا والا عذب في النار ثم اخرج من النار وادخل الجنة. اي ان اهل التوحيد يدخلون الجنة لكن لكنهم على قسمين في هذا الدخول منهم من دخوله دخولا اوليا بدون حساب ولا عذاب وقد مر معنا بيان لذلك في باب من حقق التوحيد دخل الجنة بدون حساب ولا عذاب ومنهم من جاء مع توحيده بكبائر وذنوب مات مصرا عليها. اما اذا مات تائبا منها فمن تاب تاب الله عليه لكنه مات مصرا عليها فآآ لا يكون شأنه كشأن الاول الذي دخوله للجنة بدون حساب ولا عذاب. واذا دخل النار ليعذب بذنوبه فان دخوله للنار ليس كدخول المشرك فدخول المشرك للنار دخول تخليد وتأبيد ودخول عصاة الموحدين للنار دخول تمحيص وتطهير نعم قال رحمه الله تعالى وقال غيره اقتصر على نفي الشرك لاستدعائه التوحيد بالاقتضاء واستدعائه اثبات الرسالة باللزوم قوله اقتصر على نفي الشرك اي في الحديث حديث جابر من لقي الله لا يشرك به شيئا فاقتصر على الشرك ولم يذكر معه العبادة من مات وهو يعبد الله لا يشرك به شيئا اقتصر على الشرك لاستدعائه لاستدعائه التوحيد بالاقتضاء واستدعائه اثبات الرسالة باللزوم اذ من كذب رسل الله فقد كذب الله. ومن كذب الله فهو مشرك. وهو كقولك من توظأ صحت صلاته اي مع سائر الشروط فالمراد من مات حال كونه مؤمنا بجميع ما يجب الايمان به اجمالا في الاجمالي وتفصيلا في التفصيل. انتهى. ونسأل الله الكريم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين وان ان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما حييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا