الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى باب تفسير التوحيد والشهادة ان لا اله الا الله اراد المصنف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة ترجمتي وما سيق بعدها من الايات والحديث ان يزيد هذا المقام بيانا وايظاحا والا فقد تقدم في الايات والاحاديث ما فسروا لا اله الا الله وما دلت عليه من التوحيد ونفي الشرك والتنديد قلت هذا من عطف الدال على المدلول. فان قيل قد تقدم في اول الكتاب من الايات ما يبين معنى لا اله الا الله. وما تضمنته من التوحيد كقوله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وسابقها ولاحقها. وكذلك ما ذكره في الابواب وببعدها فما فائدة هذه الترجمة؟ قيل هذه الايات المذكورات في هذا الباب فيها مزيد بيان بخصوصها لمعنى كلمة الاخلاص وما دلت عليه من توحيد العبادة وفيها الحجة على من تعلق على الانبياء والصالحين يدعوهم ويسألهم لان ذلك هو سبب نزول بعض هذه الايات كالاية الاولى قل ادعوا قل ادعوا الذين زعمتم من دونه اكثر المفسرين على انها نزلت في من يعبد المسيح وامه والعزير والملائكة وقد نهى الله عن ذلك اشد النهي كما في هذه اية من التهديد والوعيد على ذلك. وهذا يدل على ان دعوتهم من دون الله شرك بالله. ينافي التوحيد وينافي شهادة ان لا اله الا الا الله ومضمون هذه الكلمة نفي الشرك في العبادة والبراءة من عبادة كل ما عبد من دون الله. فان التوحيد الا يدعى الا الله وحده وكلمة الاخلاص نفت هذا الشرك. لان دعوة غير الله لان دعوة غير الله تأله وعبادة له والدعاء مخ العبادة وفي هذه الاية ان المدعو لا يملك لداعيه كشف ضر ولا تحويله من مكان الى مكان ولا من صفة الى صفة. ولو كان المدعو نبي او ملكا وهذا يقرر بطلان دعوة كل مدعو من دون الله كائنا من كان. لان دعوته تخون داعيه احوج ما كان اليها لانه اشرك مع الله من لا ينفعه ولا يضره وهذه الاية تقرر التوحيد ومعنى لا اله الا الله وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب يبين ان هذا سبيل الانبياء والمرسلين ومن تبعهم من المؤمنين. قال قتادة تقربوا اليه بطاعته والعمل فيما يرضيه وقرأ ابن زيد اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب قال العماد ابن كثير وهذا لا خلاف فيه بين المفسرين وذكره عن عدة من ائمة التفسير قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في هذه الاية ذكر المقامات الثلاث الحب وهو ابتغاء القرب اليه والتوسل اليه اعمالي الصالحة والرجاء والخوف وهذا هو التوحيد وهو حقيقة دين الاسلام كما في المسند عن بهز ابن حكيم عن ابيه عن جده انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم والله يا رسول الله ما اتيتك الا الا بعد ما حلفت عدد اصابعي هذه الا اتيك فبالذي بعثك بالحق ما بعثك به؟ قال الاسلام قال وما الاسلام؟ قال ان تسلم قلبك وان توجه وجهك الى وان تصلي الصلوات المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة. نعم اعطني نسختك هذا الكلام ساقط في كثير من النسخ قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في هذه الاية ذكر المقامات الثلاث الحب وهو ابتغاء القرب اليه والتوسل اليه بالاعمال الصالحة الرجاء والخوف وهذا هو التوحيد وهو حقيقة دين الاسلام كما في المسند عن بهز ابن حكيم عن ابيه عن جده انه قال للنبي صلى الله عليه والله يا رسول الله ما اتيتك الا بعد ما حلفت عدد اصابعي هذه الا اتيك. فبالذي بعثك بالحق ما بعثك به قال الاسلام قال وما الاسلام؟ قال ان تسلم قلبك وان توجه وجهك الى الله وان تصلي الصلوات المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة واخرج محمد بن نصر المروزي من حديث خالد بن معدان عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان للاسلام صور ومنارا كمنار الطريق. من ذلك ان تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا معنى قوله تعالى ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الامور وقوله تعالى واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين وجعلني لها كلمة باقية في عقبه اي لا اله الا الله فتدبر كيف عبر الخليل عليه السلام عن هذه الكلمة العظيمة بمعناها الذي دلت عليه ووضعت له من البراءة من كل ما يعبد من دون الله من المعبودات الموجودة في الخارج كالكواكب والهياكل والاصنام التي صورها قوم نوح على صور صالحين ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وغيرها من الاوثان والانداد التي كان يعبدها المشركون باعيانها ولم يستثني من جميع المعبودات الا الذي فطره وهو الله وحده لا شريك له. فهذا هو الذي دلت عليه كلمة الاخلاص مطابقة كما قال الله تعالى ذلك بان الله هو الحق. وانما يدعون من دونه هو الباطل. فكل عبادة يقصد بها غير من دعاء وغيره فهي فهي باطلة وهي الشرك الذي لا يغفره الله. قال تعالى ثم قيل لهم اينما كنتم تشركون من دون الله؟ قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا. كذلك يضل الله الكافرين وقوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم. وفي الحديث الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية على عدي بن حاتم الطائي فقال يا رسول الله لسنا نعبدهم؟ قال اليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلون ويحرمون ويحرمون ما احل الله فتحرمونه؟ قال بلى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم فتلك كعبادتهم فصارت طاعتهم في المعصية عبادة لغير الله. وبها اتخذوهم اربابا كما هو الواقع في هذه الامة. وهذا من الشرك الاكبر منافي للتوحيد الذي هو مدلول شهادة ان لا اله الا الله فتبين بهذه الكلمة انك فتبين بهذه الاية ان كلمة الاخلاص نفت هذا كله لمنافاته لمدلول هذه كلمة فاثبتوا ما نفته من الشرك وتركوا ما اثبتته من التوحيد وقوله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. فكل من اتخذ ندا لله يدعوه من دون ويرغب اليه ويرجوه لما يؤمله منه من قضاء حاجاته وتفريج كرباته كحال عباد القبور والطواغيت والاصنام فلا بد ان يعظموهم ويحبوهم لذلك فانهم احبوهم مع الله وان كانوا يحبون الله تعالى ويقولون لا اله الا الله ويصلون ويصومون فقد اشركوا بالله في المحبة بمحبة غيره وعبادة غيره. فاتخاذهم الانداد يحبونهم كحب الله يبطل كل قول يقولونه وكل عمل يعملونه لان المشرك لا يقبل لا يقبل له عمل ولا يصح من وهؤلاء وان قالوا لا اله الا الله فقد تركوا كل قيد قيدت به هذه الكلمة العظيمة من العلم بمدلولها لان جاهل بمعناها ومن ومن جهله بمعناها جعل لله شريكا في المحبة وغيرها. وهذا هو الجهل المنافي للعلم بما دلت عليه من الاخلاص ولم يكن صادقا في قولها لانه لم ينفي ما نفته من الشرك ولم يثبت ما اثبتته من الاخلاص من الاخلاص وترك اليقين ايضا بانه لو عرف بمعناها وما دلت عليه لانكره او شك فيه لو عرف لانه لو لو عرف لو عرف معناها وما دلت عليه لانكره او شك فيه ولم يقبله وهو الحق. ولم يكفر بما يعبد من دون الله كما في الحديث بل امن بما يعبد من دون الله باتخاذه الند قوله عرف يعني عرف بالمعنى انكر ايه نعم ولم يقبله نعم احسن الله اليك ولم يكفر بما يعبد من دون الله كما في الحديث. بل امن بما يعبد بما يعبد من دون الله باتخاذه الند. ومحبته له عبادته اياه من دون الله. كما قال تعالى والذين امنوا اشد حبا لله لانهم اخلصوا له الحب فلم يحبه الا اياه ويحبون من احب ويخلصون اعمالهم جميعا لله ويكفرون بما عبد من دونه فبهذا يتبين لمن وفقه الله تعالى لمعرفة الحق وقبوله دلالة هذه الايات العظيمة على معنى شهادة ان لا اله الا الله وما نفته من الشرك والمحبة مع الله كما هو الواقع من عباد القبور واخلاص المحبة وغيرها من انواع العبادة وعلى التوحيد الذي هو معناها وهو الذي دعت اليه جميع المرسلين فتدبر قال المصنف رحمه الله تعالى هذا الذي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذا الذي استمعنا اليه موجود في بعض النسخ الخطية لكتاب فتح المجيد وفي نوع من التكرار لمشيئته. لانه سيأتي شرح هذه الايات ليست معهودة هذه الطريقة عند عند الشارح رحمه الله تعالى ان يذكر الشرح مرتين ومرة مختصرا ثم اخرى موسعا فيحتاج الى مزيد نظر في هذا التكرار ولهذا لا يوجد في عدد من النسخ الاخرى بفتح المجيد قول المصنف رحمه الله تعالى تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله هذه الترجمة عقدها لتفسير التوحيد اي بيان معناه وايظاحي حقيقته ومدلوله وما تقدم فيه بيان كاف للتوحيد من خلال ما ساقه رحمه الله تعالى من ايات ولا سيما في الباب الاول لكن لعظم هذا المقام مقام فهم معنى كلمة التوحيد ومعرفة مدلولها خصها رحمه الله تعالى بترجمة خاصة بين من خلالها معنى هذه الكلمة وعندما تقرأ هذا العنوان تفسير التوحيد تظن ان الذي ستلقاه تحت هذه الترجمة كلام فيه شرح معنى لا اله الا الله لكنك اذا دخلت في الباب لا تجد الا ايات ساقها المصنف رحمه الله تعالى ففسر كلمة التوحيد لا اله الا الله بايات من القرآن مفسرة للا اله الا الله ومبينة لمعناها والتفسير تارة يكون بذكر ما تحت اللفظ من معنى وتارة يكون ببيان الضد والمنافي كان يقول قائل ما النور؟ فيقال ضد الظلمة قل ما الصحة؟ يقال ضد العافية ضد المرض فتفسير التوحيد يكون تارة ببيان مدلوله وايضاح معناه وتارة يكون ببيان ضده. وكما يقال وبضدها تتميز الاشياء وقوله تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله التوحيد هو المدلول مدلول الشهادة والشهادة شهادة ان لا اله الا الله هي الدليل على هذا المدلول ولهذا فان كما مر معنا في كلام الشارح هذا من عطف الدال على المدلول الدال شهادة ان لا اله الا الله والمدلول التوحيد. فقول تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله هذا من باب عطف الداء على المدلول نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب يتبين معنى هذه الاية بذكر ما ما قبلها وهي قوله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا الاية قال ابن كثير من دونه زعمتم من دونه هذا من الصيغ العموم ايا كان هذا المدعو ملكا مقربا نبيا مرسلا او ايا كان ولم تكن دعوتهم مختصة باحجار او اشجار بل دعوا الملائكة ودعوا الانبياء ودعوا الصالحين فالله يقول قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ايا كان هذا المدعو فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا. وانما الذي يملك ذلك هو الله وحده. نعم قال رحمه الله تعالى قال ابن كثير رحمه الله تعالى يقول تعالى قل يا محمد للمشركين الذين عبدوا غير الله ادعوا الذين لزعمتم من دونه من الاصنام والانداد وارغبوا اليهم فانهم لا يملكون كشف الضر عنكم اي بالكلية ولا تحويلا اي ولا ان يحولوه الى غيركم فان الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الاية كان اهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين او وروى البخاري في الاية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ناس من الجن كانوا يعبدون كانوا يعبدون فاسلموا. وفي رواية كان ناس من الانس يعبدون ناسا من الجن. فاسلم الجن تمسك هؤلاء بدينهم قول ابن مسعود رضي الله عنه هذا يدل على ان الوسيلة هي الاسلام وهو كذلك على كلا القولين. وقال السدي عن ابي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الاية. قال عيسى وامه وعزير وقال مغيرة عن ابراهيم كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول في هذه الاية هم عيسى وعزير والشمس والقمر وقال مجاهد عيسى وعزير والملائكة وقوله ويرجون رحمته ويخافون عذابه. لا تتم العبادة الا بالخوف والرجاء. فكل داع دعاء عبادة او استغاثة لابد له من ذلك فاما ان يكون خائفا واما ان يكون راجيا واما ان يجتمع فيه الوصفان قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى في هذه الاية لما ذكر اقوال المفسرين وهذه الاقوال كلها حق فان الاية تعم من كان معبوده عابدا لله سواء كان من الملائكة او من الجن او من البشر والسلف في تفسيرهم يذكرون جنس المراد بالاية على نوع التمثيل. كما يقول الترجمان لمن سأله ما معنى الخبز؟ فيريه رغيفا فيقول هذا فالاشارة الى نوعه لا الى عينه وليس مرادهم بذلك تخصيص نوع دون نوع مع شمول الاية فالاية خطاب لكل من دعا من دون الله مدعوا وذلك المدعو يبتغي الى الله الوسيلة ويرجو رحمته ويخاف عذابه. فكل من دعا ميتا او غائبا من الانبياء والصالحين سواء كان بلفظ الاستغاثة او غيرها فقد تناولته هذه الاية كما تتناول من دعا الملائكة والجن فقد نهى الله عن دعائهم وبين انهم لا يملكون كشف الضر عن الداعين ولا تحويله ولا يرفعونه بالكلية ولا يحولونه من موضع الى موضع كتغيير صفته او قدره. ولهذا قال ولا تحويل. فذكر نكرة تعم انواع التحويل. فكل من دعا او غائبا من الانبياء والصالحين اودع الملائكة فقد دعا من لا يغيثه ولا يملك ولا يملك كشف الضر عنه ولا تحويله انتهى وفي هذه الاية رد على من يدعو صالحا ويقول انا لا اشرك بالله شيئا الشرك عبادة الاصنام قال وفي هذه الاية رد على من يدعو صالحا ويقول انا لا اشرك بالله شيئا الشرك عبادة الاصنام وهذه كثيرا ما يقولها من ضل عن سواء السبيل وربما استدل بعضهم بالاية الكريمة اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة يقولون الوسيلة القربى الى الله باتخاذ هؤلاء وسطاء عند الله سبحانه وتعالى يقربوننا الى الله ويشفعون لنا عند الله فيفسرون الاية بنقيض ما دلت عليه لانه مر معنا تفسير السلف رحمهم الله للوسيلة بالاسلام وان الوسيلة الاسلام بالاخلاص لله والاستسلام لله تبارك وتعالى وهؤلاء فسروا الوسيلة باتخاذ الشركاء وتسمية هذا الاتخاذ لهم وسيلة ثم عندما يحذرون من هذا الشرك باتخاذ هؤلاء وسطاء بينهم وبين الله يقولون نحن لا نشرك بالله شيئا. الشرك عبادة الاصنام. يقصرون الشرك على عبادة الاصنام مع ان المشركين الاول لم تكن عبادتهم ايضا قاصرة على عبادة الاصنام. كانوا يعبدون الاصنام ويعبدون الملائكة ويعبدون الانبياء ويعبدون الصالحين وكل ذلك ذكر في معنى الاية تقدم قول ابن عباس قال كان اهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وقول ابن مسعود قال ناس من الجن كانوا يعبدون فاسلموا ناس من الجن كانوا يعبدون فاسلموا فالمشركون الاول كانت عبادتهم لغير الله متنوعة عبدوا الملائكة وعبدوا الصالحين وعبدوا آآ الانبياء وعبدوا الجن وعبدوا الاشجار والاحجار وغير ذلك. وكل ذلك شرك. ايا كان المعبود المتخذ من دون الله تبارك وتعالى فالعبادة حق لله عز وجل لا يجوز صرفها لاحد سواه فاذا هذه الاية اولئك الذين يدعون مع التي قبلها قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويل اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا فيها تفسير للتوحيد وبيان لمدلوله وان توحيد الله سبحانه وتعالى لا يكون الا باخلاص الدين لله والبراءة من الشرك والخلوص منه بالا يدعو الا الله ولا يستغيث الا بالله ولا يصرف شيئا من العبادة الا لله سبحانه وتعالى لا يصرف شيء منها لاحد كائنا من كان لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل والاية فيها اخبار الله سبحانه وتعالى عن حال هؤلاء الذين كانوا يعبدون اناسا من الصالحين او جنا فاسلموا او كانوا يعبدون الملائكة وبعض الانبياء والملائكة والانبياء كلهم مشتغلون بعبادة الله سبحانه وتعالى فقول اولئك الذين يدعون ان يدعوهم هؤلاء من دون الله يبتغون الى ربهم الوسيلة اي منشغلون بالتقرب الى الله اخلاص دينهم لله سبحانه وتعالى. فكيف تصرف العبادة الى العابد الفقير المحتاج ولا تخص بالمعبود العظيم الذي بيده ازمة الامور وملكوت السماوات والارض نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما يعبدون الا الذي فطرني. قال ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وخليله امام الحنفاء. ووالد من بعث بعده من الانبياء الذي تنتسب اليه قريش في نسبها ومذهبها انه تبرأ من ابيه وقومه في عبادتهم الاوثان فقال انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين. وجعلها كلمة باقية في عقبه اي هذه الكلمة وهي عبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الاوثان وهي لا اله الا الله جعلها في ذريته يقتدي به فيها من هداه الله من ذرية ابراهيم عليه السلام لعلهم يرجعون اي اليها قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم في قوله وجعلها كلمة باقية في عقبه يعني لا اله الا الله لا يزال في ذريته من يقولها وروى ابن جرير عن قتادة في قوله انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني قال انهم يقولون ان الله ربنا ولئن سألتم هم من خلقهم ليقولن الله فلم يبرأ من ربه رواه عبد ابن حميد وروى ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وجعلها كلمة باقية في عقبه. قال الاخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يعبد اعبدوا الله ويوحدوه قلت فتبين ان معنى لا اله الا الله توحيد الله باخلاص العبادة له والبراءة من عبادة كل ما سواه قال المصنف رحمه الله تعالى وذكر سبحانه ان هذه البراءة وهذه الموالاة هي شهادة ان لا اله الا الله وفي هذا المعنى يقول العلامة الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في الكافية الشافية واذا تولاه امرؤ دون الورى اضطرا تولاه العظيم الشأن قول المصنف الامام شيخ الاسلام رحمه الله وذكر سبحانه ان هذه البراءة اي في قوله انني براء مما تعبدون وهذه الموالاة في قوله الا الذي فطرني هي شهادة ان لا اله الا الله هي شهادة ان لا اله الا الله وبهذا يعلن ان هذه الاية الكريمة انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فيها تفسير لكلمة التوحيد فاذا قيل ما معنى كلمة التوحيد ما معنى كلمة التوحيد فقال المجيب اي انني براء مما يعبد المشركون الا الله عز وجل فاني مخلصا له ديني فهذا تفسير وافي لهذه الكلمة فقوله انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين وجعلها كلمة جعلها كلمة باقية في عقبه اي جعل التوحيد والاخلاص الذي هو مدلول هذه الكلمة العظيمة باق في عقبه وان كل من رجع اليه واعتصم به تحقق فلاحه ونجاحه وسعادته في الدنيا والاخرة ثم ذكر رحمه الله تعالى ايات اخرى في تفسير التوحيد وبيان مدلوله وقبل ان نختم مجلسنا هذا انبه على آآ حديث عظيم ايضا سبق التنبيه عليه في تفسير التوحيد في تفسير التوحيد وهو ما ثبت في الصحيح ان نبينا صلى الله عليه وسلم كان يهلل دبر كل صلاة يقول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة الا بالله. لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه. له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. فهذه ثلاث ثلاث تهليلات يشرع للمسلم ان يأتي بها على هذه الصيغة المأثورة عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة والاتيان بها هو استذكار للتوحيد واستحضار لمعناه وتأكيد لحقيقته ومدلوله مما يبين لنا اهمية العناية بتفسير التوحيد ومعرفة معناه وتحقيق ذلك قال بعد التهليلة الاولى لا اله الا الله وحده لا شريك له فقوله وحده لا شريك له هذا تأكيد لمدلول كلمة التوحيد. لان مدلولها النفي والاثبات. نفي العبودية عن كل من سوى الله واثبات العبودية بكل معانيها لله وحده فهي قائمة على ركنين النفي والاثبات فاكد الاثبات بقوله وحده واكد النفي بقوله لا شريك له فلعظم مقام التوحيد ولعظم مدلول كلمة التوحيد اكد على ذلك بقوله وحده لا شريك له وقول له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير هذه براهين للتوحيد ودلائل وبعد التهليلة الثانية قال لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه هذا هو معنى لا اله الا الله الا نعبد الا الله. كما قال الله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين قال ولا نعبد الا اياه هذا هو معناها وقوله له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن هذه براهين للتوحيد ثم بعد التهليلة الثالثة قال لا اله الا الله مخلصين له الدين. ولو كره الكافرون وفيه ان الاخلاص هو مدلول كلمة التوحيد وبهذا يعلم ان هذه التهليلات المباركة التي شرع للمسلم ان يأتي بها دبر كل صلاة جاءت مشتملة على تفسير توحيد وبيان معناه والتأكيد على حقيقته ومدلوله ويمكن ان يستخلص تعريف جامع كلمة التوحيد من خلال هذه التهليلات الثلاث من خلال هذه التهليلات الثلاثة فيقال معنى لا اله الا الله الا نعبد الا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين معنى لا اله الا الله لا اله الا الله الا نعبد الا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين من اين جئنا بهذا التعريف الجامع استخلصناه من هذا التهليل المبارك الذي شرع لنا ان نقوله دبر كل صلاة وبهذا ايضا يعلن ان الاذكار الشرعية ليست الفاظا يؤتى بها لا معنى لها بل هي الفاظ مشتملة على اجل المعاني واعظم المقاصد وانبل الغايات وفيه ان من يوفق للعناية بالاذكار الشرعية باوقاتها وبالفاظها مع الاستحضار لمعانيها يكون له فيها تجديدا لايمانه وتقوية لتوحيده وتثبيتا لاخلاصه واقباله على الله سبحانه وتعالى فلا يزال مع تكراره لهذه الاذكار مجددا التوحيد مجددا للايمان مقويا الصلة بالله تبارك وتعالى. ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. وانبه ايضا الى انه غدا الخميس لا يوجد درس بعد الفجر اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما حييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا