الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد. يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في كتابه فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد قال المصنف رحمه الله تعالى قوله يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين قال ابن القيم رحمه الله تعالى اي الله وحده كافيك وكافي اتباعك؟ فلا تحتاجون معه الى احد وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وقيل المعنى حسبك الله وحسبك المؤمنون. قال ابن القيم رحمه الله تعالى وهذا خطأ محض. لا يجوز حمل الاية عليه فان الحسم والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة. قال الله تعالى وان يريدوا ان يخدعوا فان حسبك الله هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين تفرق بين الحسب والتأييد فجعل الحسب له وحده وجعل التأييد له بنصره وبعباده. واثنى على اهل التوحيد من عباده حيث افردوه بالحسب فقال تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. وقالوا الله ونعم الوكيل ولم يقولوا حسبنا الله ورسوله. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اللهم عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير اما بعد فهذه الاية الكريمة يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ساقها المصنف رحمه الله تعالى دليلا على التوكل وتحقيق هذه العبودية وان التوكل انما يكون على الله سبحانه وتعالى وحده لانه جل وعلا هو الحسم وهو جل وعلا الحسيب والحسيب هو الكافي والحسيب اسم من اسماء الله وكفى بالله حسيبا اي كافيا لعباده فهو جل وعلا الكافي لعباده وحده الذي بيده ازمة الامور فلا يلجأ الا اليه ولا يتوكل الا عليه ولا يعتمد الا عليه ولا تفوظ الامور الاله سبحانه وتعالى وكفى بالله حسيبا فهذه الاية من الدلائل على وجوب التوكل على الله تبارك وتعالى واخلاص ذلك لله فانه وحده هو الحسيب اي الكافي لعباده نعم قال رحمه الله تعالى ونظير هذا قوله سبحانه وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا الى الله راغبون فتأمل كيف جعل الايتاء لله والرسول وجعل الحسم له وحده؟ فلم يقل وقالوا حسبنا الله ورسوله بل جعله خالص حقه كما قال تعالى انا الى الله راغبون فجعل الرغبة اليه وحده كما قال تعالى والى ربك فارغب. فالرغبة والتوكل والانابة والحسب لله وحده كما ان العبادة والتقوى والسجود والنذر والحلف لا يكون الا له سبحانه وتعالى. انتهى وبهذا يتبين مطابقة الاية للترجمة فاذا كان هو الكافي لعبده وجب الا يتوكل الا عليه. وما تلتفت بقلبه الى ووكل الى من التفت اليه كما في الحديث من تعلق شيئا وكل اليه بين الشارح رحمة الله عليه ايه هنا وجه دلالة الاية للترجمة. الترجمة في التوكل والاية في ذكر ان الحسيب الكافي انما هو الله وحده فوجه المطابقة ان الايمان بانه وحده الحسيب الكافي عبده ما اهمه تقتضي ان يخلص العبد توكله عليه. فلا يتوكل الا عليه ولا يلجأ الا اليه ولا يعتمد الا عليه لانه تبارك وتعالى وحده هو الحصر اي الكافي نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله ومن يتوكل على الله فهو حسبه قال ابن القيم رحمه الله تعالى يكافيه ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه. ولا يضره الا اذى لابد منه كالحر البرد والجوع والعطش واما ان يغور واما ان يضره بما يبلغ به مراده فلا يكون ابدا. وفرق بين الاذى الذي هو وفي الظاهر ايذاء وفي الحقيقة احسان واضرار بنفسه وبين الضرر الذي يتشفى به منه فهذه الاية ومن يتوكل على الله فهو حسبه فيها الجمع بين الامرين السابقين وهو كون الله تبارك وتعالى وحده هو الحسم وتحقيق ما يقتضيه ذلك من عبودية وهو التوكل لان الايمان بان الله سبحانه وتعالى وحده هو الحسيب من مقتضيات هذا الايمان الا يتوكل الا الا عليه ولا تفوض الامور الا له وهذه الاية جمع فيها بين الامرين عبودية التوكل وكون الله سبحانه وتعالى وحده هو الحسب. قال ومن يتوكل على الله فهو حسبه نعم قال رحمه الله تعالى قال بعض السلف جعل الله لكل عمل جزاء من نفسه وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته فقال ومن يتوكل على الله فهو حسبه ولم يقل فله كذا وكذا من الاجر كما قال في الاعمال بل جعل نفسه سبحانه كافي كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السماوات والارض ومن فيهن لجعل الله لجعل له مخرجا وكفاه ونصره. انتهى وفي اثر رواه احمد في الزهد عن وهب ابن منبه قال قال الله عز وجل قال الله عز وجل في بعض كتبه بعزة انه من اعتصم بي فكادته السماوات بمن فيهن والاراضون بمن فيهن فاني يجعل له من ذلك مخرجا. ومن لم يعتصم بي فاني اقطع يديه من اسباب السماء. واخسف من تحت قدميه الارض فاجعله في الهواء ثم اكله الى نفسه. كفى بي لعبدي ما كفى كفى بي لعبدي مآلا. اذا كان عبدي في طاعتي اعطيه اعطيه قبل ان يسألني واستجيب له قبل ان يدعوني فانا اعلم بحاجته التي ترفق به منه وفي الاية دليل على فضل التوكل وانه اعظم الاسباب في جلب المنافع ودفع المضار. لان الله تعالى علق الجملة الاخيرة على الاولى تعليق الجزاء على الشرط فيمتنع ان يكون وجود الشرط كعدمه لانه تعالى رتب الحكم على الوصف المناسب له فعلم ان توكله هو سبب كون الله حسب الله وفيها تنبيه على القيام بالاسباب مع التوكل لانه تعالى ذكر التقوى ثم ذكر التوكل. كما قال تعالى واتقوا الله وعلى اتقوا الله وعلى الله فليتوكل على الله فليتوكل المؤمنون. فجعل التوكل مع التقوى الذي هو قيام بالاسباب بها فالتوكل بدون القيام بالاسباب المأمور بها عجز محض. وان كان مشوبا بنوع من التوكل؟ نعم قوله رحمه الله تعالى لان الله علق الجملة الاخيرة على الاولى الاخيرة فهو حسبه والاولى ومن يتوكل على الله تعلق الاخيرة التي هي كونه حسب من توكل عليه وكافيه على الأولى ووجود التوكل من العبد على الله سبحانه وتعالى وحده تعليق الجزاء على الشرط تعليق الجزاء على الشرط لانه قال ومن يتوكل هذا شرط والجزاء قوله فهو حسبه. فعلقه تعليق الجزاء على الشرط فيمتنع ان يكون وجود الشرط كعدمه فالمعنى انه متى وجد التوكل حقا على الله وجدت الكفاية فالله سبحانه وتعالى حسب من توكل عليه حسب من توكل عليه اي كافي من توكل عليه سبحانه وتعالى وقول الشارح رحمه الله وفيه تنبيه على القيام بالاسباب مع التوكل ذكر اولا ان التوكل من جملة الاسباب التي يشرع للعبد ان ليبذلها بين هنا ان في هذه في هذا السياق الكريم السياق الذي ورد فيه قول الله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه فيه التنبيه على بالاسباب مع التوكل. لانه تعالى ذكر التقوى لانه تعالى ذكر التقوى اي في قوله قبلها ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه لانه تعالى ذكر التقوى كما ذكر التوكل فالعبد مطلوب منه بذل الاسباب والاسباب المطلوب بذلها دينية ودنيوية الدينية تقوى الله سبحانه وتعالى والدنيوية في السعي في مصالحه وشؤونه وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما والطير تغدو خماصا وتروح بطانا اي انها تبذل الاسباب في تحصيل معاشها كان قال رحمه الله تعالى فلا ينبغي للعبد ان يجعل توكله عجزا ولا عجزه توكلا. يقول لا ينبغي للعبد ان يجعل توكله لا يجعل توكله على الله عجز بمعنى انه يعطل الاسباب. ويقول انا متوكل على الله فلا يبذل السبب لا يبذل السبب بدعوى انه متوكل على الله سبحانه وتعالى ان كان ذا زرع مثلا وبستان فانه لا يضع البذور ولا يحرث الارض ولا يعنى بسقيه ويزعم انه يفعل ذلك توكلا وان كان في مجال الطلب طلب العلم يجلس في بيته وينقطع عن الطلب ولا يحفظ ولا يحضر حلق العلم ولا يأتي اهل العلم ويقول انا متوكل على الله ان كان الله كتب لي ان اكون من اهل العلم اكون وفي هذا يقول الشاعر تمنيت ان تمسي فقيها مناظرا بغير عناء والجنون فنون وليس اكتساب المال دون مشقة تلقيتها فالعلم كيف يكون. فلا بد ان من لا بد في ذلك من بذل الاسباب كما قال عليه الصلاة والسلام انما العلم بالتعلم وانما الحلم بالتحلم ومن يتحرى الخير يعطى ومن يتوقى الشراء يوقه فلا ينبغي للعبد ان يجعل توكله عجزا اي عن فعل الاسباب والكسل عن القيام بها ولا اجزه توكلا عندما يلام على الكسل والعجز الذي هو عليه والانقطاع عن فعل الاسباب يقولون متوكل على الله تبارك وتعالى قد رد عمر بن الخطاب على مثل هؤلاء قال انما المتوكل الذي يظع بذره في الارض ويتوكل على الله يعني يبذل السبب نعم قال رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قبلها بل يجعل بل يجعل توكله من جملة الاسباب التي لا يتم المقصود الا بها كلها ذكره ابن القيم رحمه الله بمعناه قال المصنف رحمه الله تعالى وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال حسبنا الله ونعم الوكيل قال قالها ابراهيم صلى الله عليه وسلم حين القي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا الاية رواه البخاري. نعم. هذه الكلمة العظيمة كلمة توكل والتجاء الى الله سبحانه وتعالى حسبنا الله ونعم الوكيل. حسبنا الله اي كافينا فكلمة توكل والتجاء الى الله واعتصام به جل وعلا ويشرع قولها في مقام دفع البلاء كما في هذه الاية دفع البلاء والشدة والضراء وايضا يشرع قولها في مقام طلب النعماء فهي تقال في هذين المقامين تقال في مقام دفع البلاء اذا حل بالانسان بلاء او مخاوف او سرور او نحو ذلك يشرع له ان يقول حسبنا الله ونعم الوكيل اي الله كافينا واذا كان في بصدد جلب مصالح ومنافع له من رزق او نحوه في شرع له ايضا ان يقول حسبنا الله ونعم الوكيل لان كفاية الله سبحانه وتعالى مطلوبة في هذا وهذا كفايته ما اهمه من شدة وكفايته ما اهمه من طلب رزق ونعمة فهذا مطلوب وهذا مطلوب كل منهم مطلوب فيه كفاية الله سبحانه وتعالى لعبده فهي كلمة يشرع ان تقال في مقام دفع البلاء وايضا في مقام طلب النعماء. اما دليل قولها في دفع البلاء فهذه الاية. الذين قال لهم الناس واما دليل قولها في مقام طلب النعماء فقد مر معنا قريبا مر معنا قريبا ما هي الاية؟ نعم ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا الى الله راغبون هذا مقام طلب نعمان وفي القرآن اية جمع فيها المعنيان اي ان حسبنا الله تقال في مقام جلب النعماء وفي مقام دفع الضر والبلاء ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات ضره او ارادني برحمة هل هن ممسكات رحمته؟ قل حسبي الله حسبي الله في ماذا بالامرين معا ان ارادني الله بضر هل هن ممسكات رحمته او ارادني برحمة بل هن ان ارادني الله بظر هل هنمسك هل ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات رحمة او او ارادني بضر او ارادني برحمة هل هن ممسكات رحمته؟ قل حسبي الله قل حسبي الله اي في الامرين دفع الضر وجلب النعماء. قل حسبي الله اي في الامرين معا فهي كلمة يشرع ان يقولها المسلم في مقام دفع البلاء وفي مقام جلب النعماء نعم قال رحمه الله تعالى قوله حسبنا الله اي كافينا فلا نتوكل الا عليه. قال تعالى اليس الله بكاف عبده قوله ونعم الوكيل اي نعم الموكول اليه كما قال تعالى واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير. ومخصوص ونعم محذوف تقديره هو. قال ابن القيم رحمه الله تعالى هو حسب من توكل عليه وكافي من لجأ اليه وهو الذي يؤمن خوف الخائف ويجير المستجير فمن تولاه واستنصر به وكل عليه وانقطع بكليته اليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه ومن خافه واتقاه امنه مما يخاف ومن خافه واتقاه امنه مما يخاف ويحذر ويجلب اليه ما يحتاج اليه من المنافع فقوله قالها ابراهيم صلى الله عليه وسلم حين القي في النار قال تعالى قالوا حرقوه وانصروا الهتكم ان كنتم فاعلين قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم الاية. قوله وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. وذلك بعد ما انصرف قريش والاحزاب احد بلغه ان ابا سفيان ومن معه قد اجمعوا الكرة عليهم. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبا حتى انتهى الى حمراء الاسد فالقى الله الرعب في قلب ابي سفيان فرجع الى مكة بمن معه. ومر به ركب من عبد القيس فقال اين تريدون قالوا نريد المدينة قال فهل انتم مبلغون عني محمدا رسالة؟ قالوا نعم. قال فاذا وفيتموه فاخبروه ان قد اجمعنا اليه والى اصحابه لنستأصل بقيتهم. فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الاسد. فاخبروه بالذي قال ابو سفيان فقال حسبنا الله ونعم الوكيل. ففي هاتين القصتين فضل هذه الكلمة العظيمة. وانها قول عليهما الصلاة والسلام في الشدائد. وجاء في الحديث اذا وقعتم في الامر العظيم فقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل قوله رحمه الله ففي هاتين القصتين هاي قصة ابراهيم عليه السلام حين القي في النار وقصة محمد عليه الصلاة والسلام حين قالوا ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قال ففي هاتين القصتين فظل هذه الكلمة العظيمة اي كلمة حسبنا الله ونعم الوكيل وانها قول الخليلين محمد عليه الصلاة والسلام خليل الرحمن وابراهيم عليه الصلاة والسلام خليل الرحمن. وانها قول قليلين عليهما السلام في الشدائد ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله وان لا يكلنا الى انفسنا طرفة عين وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله اوله واخره علانيته وسره. اللهم اصلح ذات بيننا والف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام واخرجنا من الظلمات الى النور اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن يقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما حييتنا. واجعله فمنا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا اللهم انا نسألك رضوانك والجنة ونعوذ بك من سخطك ومن النار سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا فانت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه جزاكم الله خيرا