الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى في الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة ان اعطي رضي وان لم يعطى سخط تعس وانتكس واذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد اخذ بعنان فرسه في سبيل الله اشعث رأسه مغبرة قدماه ان كان في الحراسة كان في الحراسة وان كان في الساقة كان في الساقة. ان استأذن لم يؤذن له وان شفع لم يشفع قوله في الصحيح اي صحيح البخاري قوله تعس هو بكسر العين ويجوز الفتح اي سقط والمراد هنا هلاك قاله الحافظ وقال في موضع اخر وهو ضد سعد اي شقي وقال ابو السعادات يقال تعس يتعس اي عثر وانكب لوجهه وهو دعاء عليه بالهلاك وقوله عبد الدينار هو المعروف من الذهب كالمثقال في الوزن زنة كالمثقال في الوزن زنته درهم وثمن درهم وثمن درهم قوله تعس عبد الدرهم هو من الفضة قدره الفقهاء بالشعير وزنا وعندنا منه درهم من ضرب بني امية وهو زينة خمسين حبة وهو زينة خمسين حبة شعير وخمس حبات سماه عبدا له لكونه هو المقصود بعمله. فكل من توجه بقصده لغير الله فقد جعله شريكا لله في عبوديته كما هو وحال الاكثر. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد هذا الحديث حديث ابي هريرة رضي الله عنه وفيه يقول صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة سماه النبي عليه الصلاة والسلام عبدا لهذه الاشياء لانها اصبحت منتهى مطلوبه وغاية مقصوده واكبر همه ومبلغ علمه شغله الشاغل يعمل لاجلها وكأنه خلق لاجلها فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبدا لهذه الاشياء الدرهم والدينار هذه الاثمان والخميسة والخميلة هذه الملابس وهي اكثر ما يهتم به يشتغل فيه فسمى النبي عليه الصلاة والسلام من كانت هذه الاشياء اكبر همه غاية مقصوده ومبلغ علمه عبدا لها عبدا لها لانها استولت على فكره وعقله وشغلته عن ما خلق لاجله وهو العبودية لله سبحانه وتعالى وقوله تعس هذا خبر ودعاء خبر ان من كان كذلك فمآله الى الهلاك ودعاء ايضا عليه بالهلاك قال تعس عبد الدينار تعيس عبد الدرهم تعيس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة نعم قال رحمه الله تعالى قوله تعس عبد الخميصة قال ابو السعادات هي ثوب خز او صوف او صوف معلم وقيل لا تسمى خميصة الا ان تكون سوداء معلمة وتجمع على خمائر والخميلة بفتح الخاء المعجمة. قال ابو السعادات ذات الخمل ثياب لها خمل من اي شيء كان قوله تعس وانتكس يعني هذه هذا يتعلق بالملابس الخميسة والخميلة ما يتعلق بما يلبسه الانسان والمعنى انه اصبحت ثيابه وما يلبس هو الشغل الشاغل له واصبح اكبر همه الالتفات الى ما يلبس خميصة كانت او خميلة او غير ذلك مما يستجد لدى الناس من الثياب وتصبح حاله مع هذه الثياب في حقيقة الامر انه خادم لها ولهذا عبر بعض السلف كما نقل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بعبارة جميلة قال البس من الثياب ما يخدمك ولا تلبس من الثياب ما تكون خادما له تلبس من الثياب ما يخدمك ولا تلبس من الثياب ما تكون خادما له بعض الناس يكون خادما لثيابه ليس له شغل الا ثيابه وهي اكبر همه فمثل ذلك وصف في الحديث بانه عبدا لهذه الاشياء عبدا للخميصة وعبدا للخميلة نعم قال رحمه الله تعالى قوله تعس وانتكس قال الحافظ هو بالمهملة هو بالمهملة اي عاوده المرض وقال ابو السعادات اي انقلب على رأسه وهو دعاء عليه بالخيبة قال الطيبي فيه الترقي في الدعاء عليه لانه اذا تعس انكب على وجهه فاذا انتكس انقلب على رأسه بعد ان سقط قوله واذا شيك اي اصابته شوكة فلنتقش اي فلا يقدر على اخراجها بالمنقاش قاله ابو السعادات والمراد ان من كانت هذه حاله فانه يستحق ان يدعى عليه بما يسوؤه في العواقب ومن كانت هذه حاله فلا بد ان يجد اثر هذه الدعوات من الوقوع فيما يضره في عاجل دنياه واجل اخراه لابد ان يجد اثر هذه الدعوات تنبه لهذه الكلمة فانها عظيمة لان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ودعا ومن كان عبدا لهذه الاشياء لابد ان يجد اثار هذه الدعوات نعم قال رحمه الله تعالى قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الدينار والدرهم وعبد القطيفة وعبد الخميصة وذكر فيه ما هو دعاء بلفظ الخبر وهو قطيفة جاء في بعظ الفاظ الاحاديث الواردة في الباب القطيفة والقطيفة تتخذ للجلوس عليها فيكون ايظا شغل فبعض الناس الشاغل ما يلبس او ما يجلس عليه. بحيث يكون ووثيرا معتنيا بهيئته ومظهره وشكله ونعومته الى غير ذلك. فيكون هذا شغله الشاغل اما آآ اشتغال بما يلبس او او باشتغال اشتغال بما يجلس عليه هذا الذي هو عنده اكبر همه نعم قال رحمه الله تعالى وذكر فيه ما هو دعاء بلفظ الخبر وهو قوله تعس وانتكس واذا شيك فلا انتقش وهذه حال من اذا اصابه شر لم يخرج منه ولم يفلح لكونه تعس وانتكس فلا نال المطلوب ولا خلص من المكروه وهذه نال المطلوب يعني ما اراده من الدنيا وشغل فيه لم ينله لم ينله ولم يسلم من المكروه لم يسلم من المكروه فهو في مطلوبه لم يحصله حتى وان حصله لا يتهيأ له الانتفاع به على الوجه الذي يحب وعلى الوجه الذي يريد فالدنيا لا تسلم من المنغصات والمكدرات والامور التي لا تجعل الانسان يهنأ عيشها فلا حصل المطلوب ولا سلم من المكروه نعم قال رحمه الله تعالى وهذه حال من عبد المال وقد وصف ذلك بانه ان اعطي رضي وان منع سخط كما قال تعالى ومنهم من يلمزك في الصدقات فان اعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها اذا هم يسخطون. فرضاهم لغير الله وسخطهم غير الله وهكذا حال من كان متعلقا برئاسة او بصورة ونحو ذلك ونحو ذلك من اهواء نفسه ان حصل له رضي وان لم يحصل له سخط. يعني حاصل الكلام انه جعله عبدا لما يسره وجوده ويسخطه فقد ليس له هم الا الا ذلك نعم فجعله عبدا له ان اعطوا منها رأضوا وان لم يعطوا منها اذا هم يسخطون. نعم قال رحمه الله تعالى فهذا عبد ما يهواه من ذلك وهو رقيق له اذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته فما استرق القلب واستعبده فهو عبده الى ان قال وهكذا ايضا طالب المال فان ذلك يستعبده ويسترقه. ولهذا يقولون العبد حر ما قنع والعبد والحر عبد ما طمع الحر اذا وقع فيه الطمع في قلبه واصبحت الدنيا شغله الشاغل صار عبدا لهذا الشيء الذي امتلأ قلبه طمعا فيه. نعم قال رحمه الله تعالى وهذه الامور نوعان فمنها ما يحتاج اليه العبد كما يحتاج الى طعامه وشرابه ومنكحه ومسكنه ونحوه ذلك فهذا يطلبه من الله ويرغب اليه فيه فيكون المال عنده يستعمله في حاجته بمنزلة حماره الذي يركبه وبساطه الذي يجلس عليه من غير ان يستعبده فيكون هلوعا ومنها ما لا يحتاج اليه العبد فهذه ينبغي الا يعلق قلبه بها. فاذا تعلق قلبه بها صار مستعبدا لها وربما صار مستعبدا ومعتمدا على غير الله فيها فلا يبقى معه حقيقة العبودية لله ولا حقيقة التوكل عليه. بل فيه شعبة من العبادة لغير الله. وشعبة من وكلي على غير الله وهذا من احق الناس بقوله صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة وهذا هو عبد لهذه الامور ولو طلبها من الله تعالى فان الله تعالى اذا اعطاه اياها رضي وان منعه اياها سخط هذه الاشياء الاربعة الدرهم الدينار والخميصة والخميلة في الاصل مباح للانسان ان يطلبها وان يحصلها لا حرج في ذلك لكن اذا زاد الامر عن هذا الحد الى ان كانت شغل العبد الشاغل وغاية مقصود العبد ومنتهى مراده فان هذا الطلب لها يتحول الى عبودية لهذه الاشياء وهي في الاصل مباح تحصيل العبد لها ومع ذلك سماها سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبدا لها فكيف بمن استولى على قلبه الاهواء والامور المحرمات اذا كان من استولى على قلبه هذه المباحات حتى صارت شغلا اه شغله الشاغل فسماه النبي عبدا لها فكيف بمن استولت عليه الاهواء والشهوات وسيطرت على قلبه واصبحت اكبر همه ولهذا يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فكيف اذا استولى على القلب ما هو اعظم استعبادا من الدرهم والدينار من الشهوات والاهواء من الشهوات والاهواء نعم قال رحمه الله تعالى وانما عبد الله من يرظيه ما يرظي الله ويسخطه ما يسخط الله ويحب ما احبه الله ورسوله ويبغض ما ابغضه الله ورسوله. ويوالي اولياء الله ويعادي اعداء الله. فهذا الذي استكمل الايمان ان انتهى ملخص يشير الى حديث النبي عليه الصلاة والسلام من احب لله ابغضني الله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان. نعم قال رحمه الله تعالى قوله طوبى لعبد قال ابو السعادات طوبى اسم الجنة وقيل هي شجرة فيها ويؤيد هذا ما روى ابن وهب بسنده عن ابي سعيد رضي الله عنه قال رجل يا رسول الله وما طوبى؟ قال شجرة في الجنة مسيرة مئة سنة. ثياب اهل للجنة تخرج من اكمامها وروى الامام احمد قال حدثنا حسن بن موسى قال سمعت عبد الله ابن لهيعة قال قال حدثنا دراج ابو السمح ان ابا الهيثم حدثه عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رجلا قال يا رسول الله طوبى لمن رآك وامن بك قال طوبى لمن رآني وامن بي ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن امن بي ولم يرني قال له رجل وما طوبى؟ قال شجرة في الجنة مسيرة مائة عام. ثياب اهل الجنة تخرج من اكمامها. وله في الصحيحين وغيرهما وقد روى ابن جرير عن وهب ابن منبه ها هنا اثرا غريبا عجيبا. قال وهب رحمه الله تعالى ان في الجنة شجرة يقال لها طوبى يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها زهرها رياض وورقها برود وقظبانها عنبر وبطحاؤها ياقوت وترابها كافور ووحلها مسك يخرج من اصلها انهار الخمر واللبن والعسل. وهي مجلس لاهل الجنة بينما هم في مجلسهم اذ اتتهم الملائكة من ربهم يقودون نجبا مزمومة بسلاسل من ذهب وجوهها كالمصابيح من حسنها ووبرها كخز المرعزي ووبرها كخز المرعزي من لينه عليها رحال الواحها من ياقوت ودفوفها من ذهب وثيابها من سندس واستبرق فينيخونها ويقولون ان ربنا ارسلنا اليكم لتزوروه وتسلموا عليه. قال فيركبونها. قال فهي من الطائر واوطأ من الفراش نجبا من غير مهنة. يسير الراكب الى جنب اخيه وهو يكلمه ويناجيه. لا تصيب راحلة منها اذن صاحبتها ولا برك راحلة برك صاحبتها حتى ان الشجرة لتنتحي عن طريقهم لئلا تفرق بين الرجل واخيه قال فيأتون الى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا اليه. فاذا رأوه قالوا اللهم انت السلام ومنك كالسلام وحق لك الجلال والاكرام. قال فيقول تبارك وتعالى عند ذلك انا السلام ومني السلام حقت رحمتي ومحبتي مرحبا بعبادي الذين مرحبا بعبادي الذين خشوني بالغيب واطاعوا امري قال افيقولون ربنا انا لم نعبدك حق عبادتك ولم نقدرك حق قدرك. فاذن لنا بالسجود قدامك. قال فيقول الله تعالى انها ليست بدار نصب ولا عبادة. ولكنها دار ملك ونعيم. واني قد رفعت عنكم نصب واني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما شئتم. فان لكل رجل منكم امنية فيسألونه حتى ان اقصرهم امنية قل ربي تنافس اهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها ربي فاتني مثل كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها الى الى ان انتهت الدنيا. فيقول الله تعالى لقد قصرت لقد قصرت بك امنيتك ولقد سألت دون منزلتك هذا لك مني وساتحفك بمنزلتي لانه ليس في عطائي نكد ولا تصريد قال ثم يقول ثم يقول اعرضوا على اعرضوا على عبادي ما لم تبلغ امانيهم ولم يخطر لهم على بال. قال فيعرضون عليهم حتى لا تقصر بهم امانيهم التي في انفسهم فيكون فيما يعرضون عليهم براظين مقرنة على كل اربعة منها سرير من ياقوتة واحدة على كل سرير منها قبة من ذهب مفرغة من ذهب مفرغة وفي كل قبة منها فرش من فرش الجنة مظاهرة في كل قبة منها جاريتان من الحور العين على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة وليس في الجنة لون الا وهو فيهما ولا ريح طيب الا قد عبق بهما ينفض ضوء وجوههما غرظ القبة حتى يظن من يراهما انهما دون قبة يرى مخهما من فوق سوقهما كالسلك الابيض كالسلك الابيض في ياقوتة حمراء يريان له من الفضل على ابته كفضل الشمس على الحجارة او افظل. ويرى لهما مثل ذلك ثم يدخل اليهما فيحييانه ويقبلانه ويعانقانه ويقولان له والله ما ظننا ان الله يخلق مثلك ثم يأمر الله تعالى الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة حتى لينتهي كل رجل منهم الى منزلته التي اعدت له وقد روى هذا الاثر ابن ابي حاتم بسنده عن وهب ابن منبه وزاد فانظروا الى مواهب ربكم الذي وهب لكم فاذا بقباب في الرفيق الاعلى وغرف مبنية من الدر والمرجان ابوابها من ذهب وسرورها من ياقوت وفرشها من سندس واستبرق ومنابرها من نور يفور من ابوابها وعراسها نور مثل شعاع الشمس. عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضيء اذا بقصور شامخة في اعلى عليين من الياقوت يزهوها نورها. فلولا انه مسخر اذا لالتمع الابصار ما كان من تلك القصور من الياقوت الابيظ فهو مفروش بالحرير الابيظ. وما كان منها من الياقوت الاخضر فهو مفروش بالسندس الاخضر وما كان منها من الياقوت الاصفر فهو مفروش بالارجوان الاصفر مبوبة بالزمرد الاخضر والذهب الاحمر والفضة البيضاء. قوائمها واركانها من الجوهر وشروفها قباب من لؤلؤ وبروجها غرف من غرف من المرجان فلما انصرفوا الى ما اعطاهم ربهم قربت لهم برازين من ياقوت ابيض منفوخ فيها منفوخ فيها الروح الولدان المخلدون بيد كل وليد منهم حكمة حكمة برذون من تلك البرازين ولجومها واعنتها من فضة بيضاء منظومة بالدر والياقوت سروجها سرور موظونة مفروشة بالسندس والاستبرق فانطلقت بهم تلك البراظين تزف بهم فينظرون رياض الجنة فلما انتهوا الى منازلهم وجدوا الملائكة قعودا على منابر من نور ينتظرونهم ليزروهم ويصافحوهم ويهنئوهم كرامة ربهم. فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تطاول به عليهم وما سألوا وتمنوا واذا على كل باب قصر من تلك القصور اربعة جنان جنتان ذواتا افنان وجنتان هامتان وفيهما عينان نضاختان وفيهما من كل فاكهة زوجان وحور مقصورات في الخيام. فلما تبوأ او منازلهم واستقروا قرارهم قال لهم ربهم هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا نعم. قالوا نعم وربنا. قال هل رضيتم ثواب ربكم؟ قالوا ربنا رضينا فارض عنا. قال فبرضاء عنكم احللتكم داري. ونظرتم الى وجهي فعند ذلك قالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور. الذي احلنا دارا المقامة من فضل لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب وهذا سياق غريب واثر عجيب ولبعضه شواهد في الصحيحين. نعم هذا الحديث الطويل بعد ان ساقه نبه رحمه الله تعالى او اشار الى ضعفه وان بعضه له شواهد بعض المعاني التي وردت في هذا الحديث لها شواهد والا فالحديث بطوله ليس مرفوعا الى النبي عليه الصلاة والسلام ولا ايضا في حكم المرفوع وانما هو مرسل عن وهب ابن منبه رحمه الله وهو من ائمة التابعين وبعض الفاظ الحديث لها شواهدها في الصحيحين وغير الصحيحين تعرف بالتتبع نعم قال رحمه الله تعالى وقال خالد بن معدان ان في الجنة شجرة يقال لها طوبى دروع كلها ترضع صبيان اهل الجنة وان سقط المرأة يكون في نهر من انهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم القيامة ابن اربعين سنة رواه ابن ابي حاتم قوله اخذ بعنان فرسه في سبيل الله اي في جهاد المشركين. قوله اشعث مجرور بالفتح قوله اشعث مجرور بالفتحة لانه اسم لا ينصرف للوصف ووزن الفعل. ورأسه مرفوع على الفاعلية وهو طائر الشعر اشغله الجهاد في سبيل الله عن التنعم بالدهان وتسريح الشعر قوله مغبرة قدماه هو بالجر صفة ثانية لعبد. قوله ان كان في الحراسة هو بكسر الحاء اي حماية الجيش عن ان يهجم العدو قوله كان في الحراسة اي غير مقصر فيها ولا غافل. وهذا اللفظ يستعمل في حق من قام بالامر على وجه الكمال. قوله ان كان في الساقة كان في الساقة اي في مؤخرة الجيش اي يقلب نفسه يقلب اي يقلب نفسه في مصالح الجهاد فكل مقام يقوم فيه ان كان ليلا او نهارا رغبة في رضا الله وطلبا لثوابه ومحبة لطاعته. نعم ان كان ليلا او نهارا او كان في المقدمة او في المؤخرة ان كان في الساقة او في الساقة وان كان في الحراسة فهو الحراسة فهو في الليل والنهار في اي موضع يكون يقدم من العمل والاحسان فيه ما يرجو به ثواب الله تبارك وتعالى. نعم قال ابن الجوزي رحمه الله وهو خامل الذكر لا يقصد السمو لا يقصد بعمله هذا السمو اي العلو على الناس وانما يريد رضا الله وثوابه نعم وقال الخلخالي المعنى ائتماره لما امر واقامته حيث اقيم لا يفقد من مكانه وانما ذكر الحراسة والساقة لانهما اشد مشقة انتهى وفيه فضل الحراسة في سبيل الله قوله ان استأذن لم يؤذن له اي ان استأذن على الامراء ونحوهم لم يأذنوا له. لانه لا جاه له عندهم ولا منزلة. لانه ليس من طلاب بها وانما يطلب ما عند الله لا يقصد بعمله سواه قوله وان شفع بفتح اوله وثانيه قوله لم يشفع بفتح الفاء مشددة. يعني لو الجأته الحال الى ان يشفع في امر يحبه الله ورسوله. لم تقبل شفاعته عند الامة ورأي ونحوهم وروى الامام احمد ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا رب اشعث مدفوع بالابواب لو اقسم على الله لابره قال الحافظ فيه ترك حب الرئاسة والشهرة وفضل الخمور والتواضع انتهى وروى الامام احمد ايضا عن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير وقال قال عثمان رضي الله عنه قال عثمان رضي الله عنه وهو يخطب على منبره اني محدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يمنعني ان احدثكم ان احدثكم به الا الظن بكم اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حرس ليلة في سبيل الله افضل من الف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله ابن المبارك قال عبدالله ابن محمد قال عبدالله بن محمد القاضي نصيبين حدثني محمد بن ابراهيم بن ابي سكينة انه املى عليه عبدالله بن المبارك هذه ابيات بطرصوص وواعده الخروج وانشدها معه الى الفضيل ابن عياض في سنة سبع وسبعين ومئة رحمهما الله تعالى قال يا عابد الحرم لو ابصرتنا في الشهر المحقق في تاريخ دمشق ومنه نقل هذا الاثر وانفذها معه اي بعثها ووعده الخروج وانفذها معه اي ارسلها معه نعم ولعله الاقرب والله اعلم يا عابد الحرمين لو ابصرتنا لعلمت انك في العبادة لعلمت انك في العبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه نحورنا بدمائنا تتخضب او كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب ريح العبير لكم عبيرنا رهج السنابك والغبار الاطيب ولقد اتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب لا يستوي وغبار خير الله في انف امرئ ودخان نار تلهبوا هذا كتاب الله ينطق بيننا ليس الشهيد بميت لا يكذب الاولى يكذب الاولى يكتب قول صحيح صادق لا يكذب نعم قال فلقيت قال فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه في المسجد الحرام فلما قرأه ذرفت عيناه فقال صدق ابو عبدالرحمن ونصحني ثم قال انت ممن يكتب الحديث؟ قلت نعم. قال لي اكتب هذا الحديث واملى علي الفضيل ابن عياض. قال حدثنا منصور بن المعتمر عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه انه ان رجلا قال يا رسول الله علمني عملا انال به ثواب المجاهدين في سبيل الله. فقال هل تستطيع ان ان تصلي فلا تفتر وتصوم فلا تفطر. فقال يا رسول الله انا اضعف من ان استطيع ذلك ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم فوالذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت فضل المجاهدين في سبيل الله اما علمت ان فرس المجاهد ليستن في طوله في طوله. لا يستن في طوله في كتب له فيكتب له بذلك حسنات نعم يعني ساق الفضيل هذا الحديث تأييدا لما كتبه له عبد الله بن مبارك من ابيات في فضل الجهاد في سبيل الله وهذا من كمال علمهم وفقهم ونصحهم فكتبها له هذه الابيات نصيحة له وبيانا هذا الفضل العظيم فاملى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم تأييدا لما قاله عبدالله بن المبارك آآ لما قال عبد الله بن مبارك رحمه الله تعالى والفظيل رحمه الله كان كما ذكر في ترجمته في سير اعلام النبلا وفي غيره كان الى ازيد من الاربعين من عمره في الشر والعدوان وقطع الطريق وكانت الناس تهابه كانت الناس تهابه من ما كان عليه من عدوان وشر ثم من الله عليه بالهداية وكان سبب هدايته اية واحدة من كتاب الله من سورة الحديد ذكروا في ترجمة انه كان يتسور بيت على عادته فسمع تاليا من داخل البيت يقرأ؟ الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق فقال بلى وكانت هذه بداية هداية اية من كتاب الله ونزل واوى الى مكان حتى اصبح ثم بحث عن رحلة الى مكة وبقي عابدا في الحرمين الى ان توفاه الله في الحرمان في مكة والمدينة يجد من يمكث فيهما اهل العلم من كل بلد لان مكة تقصد حجا واعتمارا. فمن كان ملازما للجلوس في الحرم سيتلقى على العلم على خلق لا حد لهم ممن هم فيها مقيمون او من هم اليها وافدون حجا او اعتمارا فحصل علما كثيرا وفقها عظيما ولم يبدأ العلم التحصيل لها الا في وقت متأخر من عمري بعد ان جاوزه الاربعين رحمه الله ولا تكاد تجد الان كتابا من كتب الحديث او كتب الفقه او كتب التفسير او المواعظ او غيرها من كتب العلم الا وفيها النقول الرصينة المتينة عن هذا الامام رحمه الله تعالى وغفر له ولجميع علماء المسلمين ونفعنا الله اجمعين بما علمنا وزادنا علما واصلح الله شأننا اجمعين وهدانا اليه صراطا مستقيما اللهم يا ربنا لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا اللهم واصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا