الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ويقول الشيخ العلامة عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى وغفر لهم وللشارح والسامعين وجميع المسلمين يقول في كتابه فتحي المجيد لشرح كتاب التوحيد في باب النهي عن سب الريح قال المصنف رحمه الله تعالى عن ابي ابن كعب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الريح فاذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما امرت به اعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما امرت به صححه الترمذي قال رحمه الله لانها انما تهب عن ايجاد الله تعالى وخلقه لها وامره لانه هو الذي اوجدها وامرها ومسبتها مسبة للفاعل. وهو الله سبحانه كما تقدم في النهي عن سب الدهر وما يشبهه ولا يفعله الا اهل الجهل بالله ودينه. وبما شرعه لعباده. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد قال رحمه الله تعالى باب النهي عن سب الريح سبق ان مر معنا نظير لهذا الباب هو باب النهي عن سب الدهر وكل من الدهر والريح مسخر مدبر والريح مأمورة ليس لها من امر تصرفها شيئا وانما هي مسخرة بتسخير الله سبحانه وتعالى لها وهي اية من ايات الله العظيمة الدالة على كمال تدبيره وعظيم قدرته سبحانه وتعالى والريح مأمورة حكمها بيد امرها وتصريف خالقها سبحانه وتعالى وقد جاءت النصوص الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن سبها لان تشبه سب لها فيما ليس لها فيه شيء وانما تحركها نفعا او ظرا كل ذلك بيد وتدبير من خلقها واوجدها سبحانه وتعالى فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن سبها لانها مأمورة بل اخبر عليه الصلاة والسلام ان من سبها عاد سبه لها عليه وصار بذلك لاعنا لنفسه والعياذ بالله ومن لعن شيئا لا يستحق اللعن عاد لعنه على نفسه وكانما لعن نفسه والعياذ بالله والمسلم اصلا بعيدا عن اللعن كما قال عليه الصلاة والسلام ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء وقد اورد المصنف رحمه الله تعالى حديث ابي ابن كعب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الريح لا تسبوا الريح هذا نهي عن سبها وجاء التعليل في النهي عن سبها في غير هذا الحديث من ذلكم ما جاء في الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا كان عند النبي عليه الصلاة والسلام فلعن الريح فلعن الريح فقال عليه الصلاة والسلام لا تلعنوا الريح فانها مأمورة لا تلعنوا الريح فانها مأمورة وانه من لعن شيئا ليس له باهل رجعت اللعنة عليه فانه من لعن شيئا ليس باهل رجعت اللعنة عليه علل عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث النهي عن سب الريح بانها مأمورة فسبوا المأمور سب لامره وسب المسخر سب لمسخره وسب المدبر سب لمن دبره وهذا من الدلائل على عظيم قبح هذا العمل وان لعن الريح من القوادح في التوحيد وان لعن الريح من القوادح في التوحيد من جهة ان سبها سب لمن سخرها. وهذا قادح في التوحيد من جهة ان سبها سب لمن سخرها سبحانه وتعالى وهذا قادح في توحيد المرء وجاء في حديث اخر خرجه الامام احمد رحمه الله تعالى في مسنده قال الريح من رح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فاذا رأيتموها فلا تسبوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا به من شرها وهذا هو الواجب على المسلم اذا تحركت الريح وهاجت فانه يستحضر ان انها مسخرة مدبرة مأمورة فيلجأ الى من سخرها يلجأ الى من سخرها سبحانه وتعالى طالبا منه جل وعلا ان يعطيه من خيرها وان يعيذه من شرها وهذا توحيد وهذا توحيد والتجاء الى الله سبحانه وتعالى فيكون تهيج الريح واشتداد هبوبها مفزعا او سببا لفزع العبد الى توحيد الله واللجوء اليه رجاء وطمعا رجاء ان يعيذه اه ان يعطيه من خيرها وطمعا في ان يعيذه من من شرها فيلتجأ الى الله سبحانه وتعالى ويكون تحرك الريح سببا سبب اللجوء الى الله عز وجل والريح على نوعين الريح على نوعين نوع معتاد نوع معتاد حركة يسيرة الريح وشيء معتاد فهذا ليس فيه دعاء وانما الدعاء في النوع الثاني وهو اذا عصفت الريح اذا عصفت الريح واشتد هبوبها ورأى الناس ما يكرهون او بعض ما يكرهون اما من تأذي في بدنه او تطاير مثلا ملابسه وحاجاته او تلف بعظ اموره وممتلكاته او خشية تأثر بعض محصولاته ومزروعاته او خوف تهدم بعض مساكنه وابنيته او نحو ذلك فاذا عصفت الريح عصفت اشتد هبوب الريح فان الواجب على المرء ان يحذر من ان يسبها باي صيغة كانت من صيغ السب لا لعنا ولا ان يقول قبحها الله او غير ذلك من الكلمات لان السب لا يقتصر على لفظة اللعن فيحذر من كل انواع السب ويستشعر ان هذه الريح مسخرة مدبرة مأمورة وان السب لها سب لامرها فيحذر من ذلك اشد الحذر. لان سبها يكون قادحا في توحيد المرء ويتوجه الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والسؤال ان يعطيه من خيرها وان يعيذه من شرها قال فاذا رأيتم ما تكرهون فاذا رأيتم ما تكرهون اي عند عندما تعصف الريح ويشتد هبوبها فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما امرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما امرت به تأمل في هذه الدعوة العظيمة التي تقال في هذا الموضع ففيها سؤال الله تبارك وتعالى ثلاث خيرات تتعلق بالريح وفيها استعاذة بالله تبارك وتعالى من ثلاثة شرور تتعلق بالريح والمقام مقام اشتداد في هبوب الريح وعصفها فيتوجه العبد الى الله سبحانه وتعالى ان يعطيه من خير هذه الريح خيرها في نفسها وخيرها فيما ارسلت به وما تحمله لانها كما تقدم معنا تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب وخير ما امرت به وخير ما امرت به فهذه ثلاث خيرات خير الريح في نفسها كونها طيبة لطيفة نافعة لا مضرة فيها وخير ما فيها وخير ما فيها فالريح كما تقدم تارة تأتي فيها الرحمة وتارة تأتي فيها العذاب كما قال عليه الصلاة والسلام تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب وقوم عاد عذبهم الله سبحانه وتعالى واهلكهم اشد هلكة بالريح العقيم. ما تذر من شيء الا جعلته كالرميم عياذا بالله تبارك وتعالى من ذلك فتارة تأتي بالرحمة وتارة تأتي بالعذاب وخير ما ارسلت به لان الرياح ترسل ويكون في ارسالها وبعثها منافع وفوائد للعباد من ذلكم ما دل عليه قول الله تعالى وارسلنا الرياح لواقح اي تنقح السحاب فينزل المطر باذن الله سبحانه وتعالى وايضا هي لواقح للزروع تنقل اللقاح من ذكور الزروع الى اناثها فيحصل النفع والثمرة باذن الله سبحانه وتعالى فترسل منافع وفوائد للعباد ومن منافعها العظيمة اصلاح هواء الناس واذهاب الاسقام التي تكون في في الناس وفي اجوائهم فتأتي الرياح مزيلة ذلك مذهبة له منقية للجو مطيبة له فبدل ان يستنشق الناس هواء ملوثا تأتي الريح فتزيله عنهم فيطيب الهواء ويصفوا باذن الله سبحانه وتعالى فتأتي مرسلة بخير وقد تأتي مرسلة بشر فالمطلوب من العبد ان يسر الله تبارك وتعالى من خيرها وخير ما امرت به ومن خير ما ارسلت به ويتعوذ بالله من شرها وشر ما فيها وشر ما امرت به نعم قال رحمه الله لانها انما تهب عن ايجاد الله تعالى وخلقه لها وامره لانه هو الذي اوجدها وامرها فمسبتها مسبة للفاعل وهو الله سبحانه. كما تقدم في النهي عن سب الدهر يشبهه نعم هذا يشبهه اي هذا الباب وهذه الترجمة تشبه الترجمة السابقة النهي عن سب الدهر لان كلا من الدهر والريح مسخر ومدبر الريح او او الدهر مقلب بتقليب الله له فسبوا المقلد سب لمقلبه والريح مسخرة ومدبرة بامر الله فسبوا المدبر سب لمن دبره وسخره وهذا قادح في التوحيد نعم قال رحمه الله ولا يفعله الا اهل الجهل بالله ودينه وبما شرعه لعباده. فنهى صلى الله عليه وسلم اهل الايمان عما يفعله اهل الجهل والجفاء وارشدهم الى ما يحب ان يقال عند هبوب الرياح فقال اذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما امرت به يعني اذا رأيتم ما تكرهون من الريح اذا هبت فارجعوا الى ربكم بالتوحيد. وقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما ما فيها وخير ما امرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما امرت به. ففي هذا عبودية لله وطاعة هو لرسوله واندفاع للشرور به واستدفاع واستدفاع للشرور به وتعرض لفضله ونعمته وهذه حال اهل التوحيد والايمان خلافا لحال اهل الفسوق والعصيان الذين حرموا ذوق طعم التوحيد الذي هو حقيقة الايمان. هذا كلام عظيم في فهم هذا الحديث وفهم هذه الدعوات فهذه الدعوات التي يشرع كالمسلم ان يقولها عند رؤيته ما يكره عند اشتداد الريح وقوة عصفها ان يكون ذلك سببا لفزعه الى الله بالتوحيد وهذا نستفيد منه ان توحيد المرء مفزع له توحيد المرء مفزع للمرء يفزع الى التوحيد ملتجأ الى الله معتصما به جل في علاه ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم وهذا بخلاف حال اهل الجهل الذين قصرت عقولهم عن فهم حقائق الامور وادراكها فاذا رأى من الريح ما يكره اتجه اليها مباشرة بالسب واللعن الفاعلة التي كذا التي كذا ويشتمها يعدد شيئا من المضار او الامور التي حصلت له ثم يشتم الريح ويسبها وهي لا تملك من امرها شيئا فيعود كما تقدم سبه لها عليه فكأنما لعن نفسه لانها ليست باهل لهذا السب فهي مسخرة مدبرة فيعود سبه لها على نفسه لان من سب شيئا ليس باهل عاد سبه عليه اما اهل الايمان فقد عافاهم الله من ذلك وصار اشتداد هبوب الريح سببا لفزعهم الى توحيد الله والتجائهم اليه سبحانه وتعالى ولهذا قال الشارح رحمه الله تعالى اي اذا رأيتم ما تكرهون اذا هبت فارجعوا الى ربكم بالتوحيد فارجعوا الى ربكم بالتوحيد اي ادعوا الله مخلصين له فزعين اليه وحده طالبين منه سبحانه وتعالى وحده ان يؤتيكم من خيرها وان يعيذكم من شرها وهنا فيما يتعلق الريح اذا تحركت ينبغي ان يحذر من امرين الامر الاول هو ما اشار اليه المصنف رحمه الله تعالى ونبه عليه بهذه الترجمة ان يحذر المرء من سبها لانها مسخرة ومدبرة ومأمورة فيحذر من ذلك وعليه ان يعلم ان سبها سب لمدبرها وهذا من القوادح العظيمة في توحيد المرء والامر الثاني الذي ينبغي ان يحذر منه عند غبوب الريح الا يوجد في قلبه تعلق بها وهذا يوجد عند كثير من الجهال اذا هبت الريح ولا سيما ريح الجنوب تعلقت قلوبهم بها والتفتت نفوسهم اليها وان هذا الهبوب هبوب الريح مؤذن نزول المطر ويكون تعلقهم بنزول المطر بهذه الريح التي هبت بهذه الريح التي هبت ويعلقون املهم بالنزول نزول المطر بالريح نفسها وهذا ايضا من القوادح في التوحيد ونظير ذلك ما سبق ان تقدم معنا في باب الاستسقاء بالانواع فبالاستسقاء بالانواع مطرنا بنوء كذا وكذا فمثله تماما تعلق القلوب بالريح وكم يعاين الناس من تحركا الريح سواء من جهة الجنوب او من غيرها ولا يكون فيها نزول مطر بل قد يكون فيها حصول ظرر فلا يلتفت اليها ولا يعلق قلبه بها بل يكون فزعه وتعلق قلبه بربه سبحانه وتعالى في استدفاع الشر والبلاء وفي طلب الخير والنعماء لا يلجأ في شيء من ذلك الا الى الله سبحانه وتعالى ولا يعلق قلبه بالمخلوقات لا يعلق قلبه بالمخلوقات بل يعلق قلبه بالله تفويضا وتوكلا وحسن التجاء الى الله سبحانه وتعالى وكان من هدي نبينا عليه الصلاة والسلام او من حال نبينا ان الريح اذا اشتد همومها يلاحظ عليه التغير تلاحظ عليه التغير عليه الصلاة والسلام ويذكر صلوات الله وسلامه عليه قول الله تعالى فلما رأوه عارضا مستقبلا اوديتهم قالوا هذا عارظ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم تدمر كل شيء بامر ربها فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم فالمقام مقام اشتداد الريح مقام توحيد وفزع والتجاء الى الله سبحانه وتعالى ومقامه ايظا تفويظ وتوكل عليه وحده جل في علاه وهذا مثل ما اشار المصنف رحمه الله تعالى في خاتمة كلامه انما يوفق له من ذاق طعم التوحيد الذي هو حقيقة الايمان اصلح الله لنا اجمعين شأننا كله وهدانا اليه صراطا مستقيما ووفقنا لما يحبه ويرضاه من صديد الاقوال والصالح الاعمال. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها. انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم اللهم اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم ولمشايخنا وولاة امرنا وللمسلمين السمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسمى عين وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عاد ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه