الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شيء؟ قل ان الامر كله لله وهذه الاية ذكرها الله تعالى في سياق قوله تعالى في ذكر وقعة احد ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاس يغشى طائفة منكم يعني اهل الايمان والثبات والتوكل الصادق وهم الجازمون بان الله تعالى ينصر رسوله صلى الله عليه وسلم له مأمولة ولهذا قال وطائفة قد اهمتهم انفسهم. يعني لا يغشاهم النعاس من القلق والجزا والخوف يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية. كما قال تعالى بل ظننتم ان لن ينقلب الرسول والمؤمنون الى اهليهم ابدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا. وهكذا هؤلاء اعتقدوا ان المشركين لما ظهروا تلك الساعة ظنوا انها الفيصلة وان الاسلام قد باد واهله. وهذا شأن اهل الريب والشك اذا حصل امر من الامور الفظيعة تحصل لهم هذه الامور الشنيعة عن ابن جريج قال قيل لعبدالله ابن ابي قتل بنو الخزرج اليوم قال وهل لنا من الامر من شيء؟ بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. واصلح لنا شأننا ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد هذه الترجمة قول الله تعالى يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية عقدها المصنف رحمه الله تعالى لبيان ان من امور التوحيد وخصاله حسن الظن بالله تبارك وتعالى وان الواجب على المرأة المسلم ان يكون دائما حسن الظن بربه تبارك وتعالى. لا يظن بربه الا خيرا وان سوء الظن بالله عز وجل من الامور المتنافية او المنافية للتوحيد الذي اوجبه الله على عباده وان الواجب على العبد الموحد ان يكون حسن الظن بربه وحسن ظنه بربه من تمام توحيده وحسن ايمانه بالله جل في علاه وهذه الاية الكريمة التي ترجم بها المصنف رحمه الله تعالى يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية هذا الظن الذي ذكر في الاية هو ظن اهل النفاق بالله سبحانه وتعالى واما اهل الايمان فلا يظنون بربهم الا خيرا ولهذا في اول هذه الاية الكريمة التي ساقها رحمه الله تعالى قال الله عز وجل ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة النعاس يغشى طائفة منكم اي طائفة اهل الايمان وطائفة وهم اهل النفاق قد اهمتهم انفسهم يظنون بالله اي غير الحق ظن الجاهلية فاهل الايمان في الوقت الذي يظن هؤلاء المنافقون بالله سبحانه وتعالى غير الحق اي انه يهزم جنده اهل الايمان وتستأصل شأفتهم ويكون الظهور ليس للايمان واهله وانما للشرك واهله فمثل هذا الظن ظن اهل النفاق ظنوا اهل النفاق يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية. ففي الوقت الذي كان هؤلاء المنافقون في الغم الهم والظن السيء برب العالمين كان اهل الايمان يحيون طمأنينة الايمان ولهذا في تلك اللحظات العصيبة الحرجة غشاهم الله تبارك وتعالى النعاس امنة حتى ان احدهم من شدة النعاس في تلك اللحظة يسقط سيفه من يده ولا يشعر وامامهم العدو وهذه طمأنينة طمأنينة وسكينة الايمان. انزلها الله تبارك وتعالى في قلوب اهل الايمان ولهذا قال العلماء رحمهم الله تعالى ان النعاس في الجهاد من الرحمن منة وامنة لاهل الايمان لانه موقف موقف عصيب يطير فيه عن الانسان نومه وسكونه وراحته تذهب عنه. فالنوم او النعاس في الجهاد من الرحمن. واما في الصلاة فهو من الشيطان. واما النعاس في الصلاة فهو من الشيطان يثقل الصلاة على العبد ويكسله فيها واهل النفاق في ذلك الموقف ظنوا بربهم غير الحق ظنوا بربهم تبارك وتعالى غير غير الحق ظن الجاهلية وظن الجاهلية هو ظن السوء برب العالمين الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء ولهذا يستفاد من هذه الاية وجوب حسن الظن بالله وان هذا من التوحيد وتحريم سوء الظن به تبارك وتعالى وان سوء الظن به من حال اهل الجاهلية وليس من حال اهل الايمان نعم قال رحمه الله تعالى قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الكلام على ما تضمنته وقعة احد. هنا ينقل كلاما طويلا لابن القيم رحمه الله تعالى ينقله من كتابه زاد المعاد في في هذا الباب العظيم باب وجوب حسن الظن بالله تبارك وتعالى وذم سوء الظن به جل في علاه. نعم قال العلامة. قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الكلام على ما تضمنته وقعة احد. وقد فسر هذا الظن الذي لا يليق بالله سبحانه بانه لا ينصر رسوله وان امره سيضمحل وفسر بظنهم ان ما اصابهم لم يكن بقضاء الله وقدره ولا حكمة له وفيه ففسر بانكار الحكمة وانكار القدر وانكار ان يتم امر رسوله صلى الله عليه وسلم ويظهره على الدين كله وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح حيث يقول ويعذب المنافقين والمنافقات المشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء غضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم مصيرا وانما كان هو وانما كان هذا هو ظن السوء وظن الجاهلية وهو المنسوب الى اهل الجهل الى اهل جهل وظن غير الحق لانه ظن غير ما يليق غير ما يليق باسمائه الحسنى وصفاته العلا وذاته المبرأة من كل عيب وسوء وخلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرده بالالهية. وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه التي سبقت لرسله ان ينصرهم ولا يخذلهم. ولجنده بانهم هم الغالبون. وهذا يستفاد منه فائدة ثمينة في هذا الباب باب حسن الظن بالله ان حسن الظن به تبارك وتعالى فرع عن حسن المعرفة به وباسمائه وصفاته وان العبد كلما احسن المعرفة بالله وباسمائه وصفاته احسن الظن به وسوء سوء الظن فرع عن عدم المعرفة بالله. فرع عن عدم المعرفة بالله. المعرفة التي تليق به جل في علاه نعم قال رحمه الله تعالى فمن ظن به انه لا ينصر رسوله ولا يتم امره ولا يؤيده ويؤيد حزبه ويعليهم باعدائهم ويظهرهم وانه لا ينصر دينه وكتابه وانه الشرك على التوحيد والباطل على الحق ادانة مستقرة يظمحل معها التوحيد والحق اظمحلالا لا يقوم بعده ابدا. يدل اه الشرك على التوحيد والباطل الحق اذالة مستقرة اي بحيث يكون الظهور انما هو للشرك الظهور انما هو للشرك وان الاسلام يظمحل ولا يبقى منه شيء فهذا الظن من اعظم واشنع ظن السوء بالله تبارك وتعالى وهو ظن المنافقين نعم فقد ظن بالله ظن السوء ونسبه الى خلاف ما ما يليق به ما يليق بجلاله وكماله وصفاته ونعوته فان حمده وعزته وحكمته والهيته تأبى ذلك. فان حمده وعزته وحكمته والاهيته تأبى ذلك استفادوا من هذا ان من عرف الله سبحانه وتعالى المعرفة اللائقة به سبحانه وتعالى في ضوء ما دل عليه كتاب الله ودلت عليه سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام من التعريف بالله اسمائه وصفاته وحكمته وشمول قدرته ونفوذ مشيئته وتمام حكمته ونصره لاوليائه ودفاعه عن عباده المؤمنين وان النصر منه وانه يعز من يشاء ويذل من يشاء وان الامر بيده يهب الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء. وانه على كل شيء قدير فان المعرفة بالله سبحانه وتعالى التي اكرم الله سبحانه وتعالى اهل الايمان قيامها ووجودها في قلوبهم وفي نفوسهم تأبى ذلك تأبى ذلك اي ظن السوء بالله سبحانه وتعالى. وهذا يفيدنا كما قدمت ان حسن الظن بالله فرع عن حسن المعرفة بالله واسمائه سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى فان حمده وعزته وحكمته والهيته تأبى ذلك. وتأبى ان يذل حزبه وجنده وان تكون النصرة مستقرة والظفر الدائم لاعدائه المشركين به العادلين به. فمن ظن به ذلك لتكون النصرة المستقرة والظفر يعني قد يكون في في بعض المواقف لبعض المشركين شيء من الانتصار المؤقت او الظهور المؤقت ابتلاء للعباد وتمحيصا ولله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة اما ان يظهر الله دين المشركين ظهورا مستقرا تستأصل شأفة الاسلام فلا يبقى له وجود هذا من سوء الظن. بالله تبارك وتعالى لان الله عز وجل يدافع عن الذين امنوا وينصر عباده المؤمنين وتكفل بظهور دينه هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره. على الدين كله فمن ظن خلاف ذلك فهو ظن سوء بالله تبارك وتعالى مصادم لما دل عليه الكتاب والسنة من فالدلائل على عزة الله وحكمته والهيته وقدرته ونفوذ مشيئته سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى فمن ظن به ذلك فما عرفه ولا عرف اسماءه ولا عرف صفاته وكماله وكذلك من انكر ان يكون ذلك بقضائه وقدره فما عرفه. ولا عرف ربوبيته وملكه وعظمته. وكذلك من انكر ان يكون قدر ما قدره من ذلك وغيره لحكمة بالغة وغاية محمودة يستحق الحمد عليها. وان ذلك انما صدر عن فئة مجردة عن حكمة وغاية مطلوبة هي احب اليه من فواتها. وان تلك الاسباب المكروهة وان تلك الاسباب وان ذلك انما وان ذلك انما صدر عن مشيئة مجردة عن حكمة وغاية مطلوبة هي احب اليه من فواتها. نعم مجردة عن حكمة وغاية مطلوبة نعم وان تلك الاسباب وهذا من سوء الظن بالله من سوء الظن بالله ان يظن ان مشيئته صادرة عن غير حكمة وان الله ان الله عز وجل تستر منه افعال وتنفذ مشيئته في امور وليس له فيها حكمة هذا من سوء الظن بالله تبارك وتعالى من عرف الله عز وجل معرفة تليق به لا يقول ذلك وانما يقول مثل هذا الكلام من قصرت فيه المعرفة بالله وساءت الماء فيه المعرفة بالله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى وان تلك وان تلك الاسباب المكروهة المقتضية المقتضية لها لا يخرج تقديرها عن الحكمة نعم هذا كله من سوء الظن بالله نعم لا يخرج تقديرها عن الحكمة لافظائها الى ما يحب وان كانت مكروهة له فما قدرها سدى ولا شائها عبثا ولا خلقها باطلا. ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار واكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم وفيما وان تلك الاسباب المكروهة المقتضية لها لا يخرج تقديرها عن الحكمة. لا يخرج تقديرها عن الحكمة لافظائها الى ما يحب فمن قال يعني بخلاف ذلك كما تقدم فهو من سوء الظن بالله سبحانه وتعالى نعم. قال رحمه الله تعالى اكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم. ولا يسلم من ذلك الا من عرف الله عرف اسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده. فمن قنط من رحمته وايس من روحه فقد ظن ظن به ظن السوء هذه الفائدة ينبغي التنبه لها فانها اثمن ما في هذا الكلام ولا يسلم من ذلك الا من عرف الله. وعرف اسمائه وصفاته وعرف موجب حكمته وحمده فان هذه المعرفة التي اشار اليها رحمه الله تعالى هي اساس السعادة هو اساس الفلاح والنجاح في الدنيا والاخرة. نعم فمن قنط من رحمته وايس من روحه فقد ظن به ظن السوء. ومن جوز عليه ان يعذب اولياءه مع احسانهم واخلاصهم. ويسوي بينهم وبين اعدائه فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن انه يترك خلقه سدى معطلين عن الامر والنهي ولا يرسل اليهم رسلا ولا ينزل اليهم كتبه بل يتركهم هملا كالانعام فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن ان لن يجمعهم بعد موتهم للثواب والعقاب قام في دار يجازى فيها المحسن باحسانه والمسيء باساءته ويبين لخلقه حقيقة ما اختلفوا فيه ويظهر للعالمين كلهم صدقه وصدق رسله. وان اعداءه كانوا هم الكاذبين فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن ان يظيع ومن ظن انه يظيع عليه عمله الصالح ومن ظن انه يظيع عليه عمله الصالح الذي عمله خالصا لوجهه على امتثال امره. ويبطله عليه بلا سبب من العبد وانه يعاقبه بما لا صنع له فيه ولا اختيار له. ولا قدرة ولا ارادة له في حصوله. بل يعاقبه على فعله هو سبحانه به او ظن به انه يجوز عليه ان يؤيد اعداءه الكاذبين عليه بالمعجزات التي يؤيد بها انبيائه ورسله ويجريها على ايديهم يضلون بها عباده. وانه يحسن منه وانه يحسن منه كل شيء حتى يعذب من افنى عمره في طاعته فيخلده في الجحيم في اسفل سافلين. وينعم من استنفذ عمره في عداوته وعداوة رسله ودينه ودينه ينعم نعم وينعم من استنفذ وينعم من استنفذ عمره في عداوته وعداوة رسله ودينه في رفعه الى اعلى عليين وكلا الامرين في الحسن سواء عند ولا يعرف امتناع احدهما ووقوع الاخر الا بخبر صادق والا فالعقل لا يقضي بقبح احدهما وحسن الاخر فقد ظن به ظن السوء ومن ظن انه اخذ هذا الذي يذكر رحمه الله قول نفاة الحكمة والتعليل في افعال الله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى ومن ظن انه اخبر عن نفسه وصفاته وافعاله بما ظاهره باطل وتشويه وتمثيل. وترك الحق لم يخبر به وانما رمز اليه رموزا بعيدة واشار اليه اشارات اشارات ملغز لم يصرح به وصرح دائما والتمثيل والباطل واراد من خلقه ان يتعبوا اذهانهم وقواهم وافكارهم في تحريف كلامه عن مواضعه. وتأويله على غير تأويله ويتطلب له وجوه الاحتمالات المستكرهة والتأويلات التي هي بالالغاز والاحاجي اشبه ما اشبه منها بالكشف والبيان واحالهم في معرفة اسمائه وصفاته على عقولهم وارائهم لا على كتابه. بل اراد منهم الا يحملوا كلامه على ما يعرفونه من خطابهم ولغتهم مع قدرته على ان يصرح لهم بالحق الذي ينبغي التصريح به. ويريحهم من الالفاظ التي توقعهم في اعتقاد الباطل فلم يفعل بل سلك بهم خلاف طريق الهدى والبيان فقد ظن به ظن السوء. فانه ان قال انه غير قادر على التعبير عن الحق باللفظ الصريح الذي عبر به هو وسلفه فقد ظن بقدرته العجز. وان قال انه قادر ولم يبين وعدل عن البيان وعن التصريح حقي الى ما يوهم بل يوقع في الباطل المحال والاعتقاد الفاسد. فقد ظن بحكمته ورحمته ظن السوء. هنا يشير اذا ظن السوء الذي قام في نفوس وقلوب معطلة الصفات على اختلاف مسالكهم في تعطيلهم وطرائقهم في تعطيلهم لصفات الله تبارك وتعالى وان هذا التعطيل جعلهم ايظا يظنون بكلامه سبحانه وتعالى ظن السوء وان هذه الايات التي جاءت في القرآن مشتملة على ذكر صفات الله سبحانه وتعالى واسمائه الحسنى ليست على ظاهرها عند القوم وانما هي محمولة على معاني ثم يأتون بمعاني بعيدة فعلى قول تصبح هذه الايات ليست من الوضوح في شيء في بيان في التعريف بالرب سبحانه وتعالى وانما هي بالالغاز والاحاجي اشبه لان ظاهرها يدل على شيء يعرف من خطاب العرب وليس مرادا. ثم يأتون بمعاني بعيدة ويزعمون ان تلك المعاني هي المرادة هذا كله كما بين رحمه الله تعالى من سوء الظن بالله جل وعلا نعم قال رحمه الله تعالى ومن ظن انه هو وسلفه عبروا عن الحق بصريحه دون الله ورسوله. وان الهدى والحق في كلامهم وعبارات واما كلام الله فانما يؤخذ من ظاهره التشبيه والتمثيل والضلال. وظاهر كلام المتهوكين الحيارى هو الهدى والحق هذا من سوء الظن بالله فكل هؤلاء من الظانين بالله ظن السوء ومن الظانين بالله غير الحق ظن الجاهلية. ومن ظن به ان يكون في ملكه ما لا يشاء ولا يقدر على ايجاده وتكوينه. فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن انه كان معطلا من الازل الى الابد عن ان يفعل هذا القول قول القدرية النفاة ومن ظن به ان يكون في ملكه ما لا يشاء ولا يقدر على ايجاده وتكوينه فقد ظن به ظن السوء. هذا قول القدرية النفاة نفاة القدر الذين يزعمون ان الانسان هو الخالق لفعل نفسه وان وانه لا نفوذ لمشيئة الله فيما يتعلق بافعال العباد ولهذا اطلق عليهم مجوس هذه الامة. نعم قال رحمه الله تعالى ومن ظن انه كان معطلا من الازل الى الابد عن ان يفعل وليوصف حينئذ بالقدرة على الفعل ثم صار عليه بعد ان لم يكن قادرا فقد ظن به ظن السوء ومن ظن به انه لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم الموجودات ولا عدد السماوات ولا النجوم ولا بني ادم ولا بني ادم وحركاتهم افعالهم ولا يعلم شيئا من الموجودات في الاعيان فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن به انه لا سمع له ولا بصر ولا علم ولا ارادة ولا كلام يقوم به وانه لا يكلم احدا من الخلق ولا يتكلم ابدا ولا قال ولا يقول ولا له امر ولا نهي يقوم به وقد ظن به ظن السوء ومن ظن به انه ليس فوق سماواته على عرشه بائنا من خلقه وان نسبة ذاته تعالى الى كنسبتها الى اسفل سافلين والى الامكنة التي يرغب عن ذكرها وانه اسفل كما انه اعلى. وان من قال سبحان رب وان من قال سبحان ربي الاسفل كمن قال سبحان ربي الاعلى فقد ظن به اقبح الظن والسوء. هذا اما ان يكون لازم قول هؤلاء الذين يعتقدون والعياذ بالله ان الله في كل مكان يجحدون علوه على عرشه المجيد وانه ليس في مكان دون مكان وانما هو في كل مكان فلازم قوله مو هذا الذي اشار اليه وان كان بعضهم وان كان بعضهم فصار هذا الكلام صريح قوله. وليس لازم قوله وانما صار بعضهم هذا القول صريح قوله نعم قال رحمه الله تعالى ومن ظن انه يحب الكفر والفسوق والعصيان ويحب الفساد كما يحب الايمان والبر والطاعة والاصلاح. فقد ظن به ظن السوء ومن ظن به انه لا يحب ولا يرضى ولا يغضب ولا يسخط ولا يوالي ولا يعادي ولا يقرب من احد من خلقه ولا يقرب منه احد وان ذوات الشياطين في القرب من ذاته كذوات الملائكة المقربين واوليائه المفلحين فقد ظن به ظن السوء ومن ظن به انه يسوي بين المتضادين او يفرق بين المتساويين من كل وجه او يحبط طاعات العمر المديد الخالصة الصواب بكبيرة واحدة تكون بعدها فيخلد فاعل تلك الطاعات في الجحيم ابد الابدين بتلك الكبيرة. ويحبط بها جميع طاعاته في العذاب كما يخلد من لم يؤمن به طرفة عين واستنفذ ساعات عمره في مساخطه ومعاداة رسله ودينه فقد ظن به يظن السوء وهذا قول الخوارج هذا قول الخوارج نعم قال رحمه الله تعالى ومن ظن به ان له ولدا او شريكا او ان احدا يشفع عنده بدون اذنه. او ان بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم اليه او انه نصب لعباده اولياء من دونه. يتقربون بهم اليه يتقربون بهم اليه ويتوسلون بهم اليه ويجعلونهم وسائط بينه وبينهم فيدعونهم ويخافونهم ويرجونهم فقد ظن به اقبح الظن واسوأه. وهذا قول اهل شرك من يعبدون غير الله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى ومن ظن به انه ينال ما عنده من معصيته ومخالفته كما ينال بطاعته والتقرب اليه فقد ظن به خلاف حكمته وخلاف موجب اسمائه وصفاته وهو من ظن السوء. ومن ظن به انه اذا كشيئا لاجله لم يعوضه خيرا منه او من فعل شيئا او من فعل شيئا لاجله لم يعطه افضل منه فقد ظن به ظن سوء ومن ظن به انه يغضب على عبده ويعاقبه ويجرمه بغير جرم نعم. ولا سبب من العبد الا بمجرد المشيئة ومحض الارادة فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن به انه اذا صدقه في الرغبة والرهبة وتضرع اليه وسأله واستعان به وتوكل عليه انه يخيبه ولا يعطيه من سأله. فقد ظن به ظن السوء وظن به افما هو اهله ومن ظن به انه يثيبه اذا عصاه كما يثيبه اذا اطاعه وسأله ذلك في دعائه فقد ظن به خلاف ما تقتضيه حكمته وخلاف ما هو اهله وما لا يفعله ومن ظن به انه اذا اغظبه واسخطه واوظع في معاصيه ثم اتخذ من دونه اولياء ودعا من دونه ملكا او بشرا حيا او ميت او ميتا يرجو بذلك ان ينفعه عند ربه ويخلصه من عذابه فقد ظن به ظن السوء فاكثر الخلق بل كلهم الا من شاء الله يظنون بالله غير الحق وظن السوء فان غالب بني ادم يعتقد انه مبخوس الحق ناقص الحظ وانه يستحق فوق ما شاء ولسان حاله يقول ظلمني ربي ومنعني ما استحقه ونفسه تشهد عليه بذلك وهو بلسانه ينكره ولا يتجاسر على التصريح به من فتش نفسه وتغلغل في معرفة طواياها رأى ذلك فيها كامنا كمون النار في الزناد فاقدح زناد من شئت ينبئك شراره عما في زناده ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتا على القدر وملامة له واقتراحا له خلاف ما جرى به وانه كان ينبغي ان يكون كذا وكذا فمستقل ومستكثر. وفتش نفسك هل انت سالم؟ فان تنجو منها تنجو من ذي والا فاني لا اخالك ناجيا. لا لا يخالك والا فاني لا اخالك ناجيا فليعتني اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع وليتب الى الله ويستغفره في كل وقت من ظنه بربه ظن السوء. هذا كلام ناصح من امام مرب رحمه الله تعالى حباه الله فيما نحسب ونظن بمعرفة عظيمة بالله وكتابه واسمائه وصفاته وهو يتكلم رحمه الله تعالى عن مسألة عظيمة جدا ومهمة في باب التوحيد لله جل وعلا وان من توحيد العبد لله عز وجل ان يكون حسن الظن به. وان حسن الظن به فرع عن حسن المعرفة به واذا تقاصرت هذه المعرفة في قلب العبد تولد فيه من سوء الظن بالله بحسب ذلك ولهذا يكثر مثل ما اشار رحمه الله تعالى يكثر في الناس من سوء الظن بالله تبارك وتعالى الناشئ عن ضعف المعرفة بالله جل وعلا. الناس عن ضعف المعرفة بالله جل وعلا وهم في هذا الباب على صنفين اشار اليهما رحمهم الله رحمه الله تعالى منهم من يصرح بذلك ويكثر التصريح بمثل هذه الاشياء في المصائب التي تقع على الانسان نفسه او تقع على الاخرين او تقع على الاخرين وكذلك في باب النعم التي تكون مثلا له او تكون للاخرين فتجد كثير من الناس يتكلم بكلمات منشأها سوء الظن بالله هذا يستاهل وهذا لا يستاهل وهذا ليس من حقه ان ان يكون له كذا وهذا المثل الذي اعطاه النعمة ليس اهلا لها ولا جديرا بها ويخوضون خوضا عظيما في حكمة الله بناء على الرؤية التي تكون منهم لظاهر الامر من مصيبة او نعمة فيقع منهم سوء ظن بالله جل وعلا منهم من يصرح بذلك ومنهم من ينطوي قلبه على ذلك ولا يتجاسر كما ذكر رحمه الله تعالى على التصليح به ونبى رحمة الله عليه على امر مهم الا وهو مداواة النفس ومحاسبتها اشار الى هذا المعنى بقوله فتش نفسك مراده بفتش نفسك اي داوي نفسك وحاسبها والمحاسبة للنفس في هذا الباب تكون بامرين تكون بامرين بالتأمل في هذه المعاني التي اشار اليها رحمة الله عليه ثم النظر في النفس هل فيها شيء من ذلك فيعمل على مداواة نفسه وتخليصها من هذه الافة العظيمة افتي سوء الظن بالله تبارك وتعالى واعظم باب للمداواة في هذا الباب ان يعتني العبد بدراسة الاسماء والصفات. والتفقه في هذا الباب باب المعرفة بالله وهو باب فرط فيه اكثر الخلق نعم قال رحمه الله تعالى وليظن السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء ومنبع كل شر المركبة على الجهل والظلم فهي اولى بظن السوء من احكم الحاكمين واعدل العادلين. وارحم الراحمين الغني الحميد الذي له الغنى التام والحمد التام والحكمة التامة المنزه عن كل سوء. المنزه عن كل سوء في ذاته صفاته وافعاله واسمائه فذاته لها الكمال المطلق من كل وجه وصفاته كذلك وافعاله كلها حكمة ومصلحة ورحمة وعدل. واسماؤه كلها حسنى. فلا تظن بربك ظن سوء فان الله اولى بالجميل ولا تظن بنفسك قط خيرا فكيف بظالم جان جهولي؟ وقل يا نفس مأوى كل سوء اترجي الخير اترجي الخير من ميت بخيل؟ وظن بنفسك السوء تجدها كذاك وخيرها كالمستحيل. وما بك من تقى فيها وخير فتلك مواهب الرب الجليل وليس لها ولا منها ولكن من الرحمن فاشكر للدليل. قوله الظانين بالله ظن السوء قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره الظانين بالله الا الا ينصرك واهل الايمان بك على اعدائك. ولن يظهر كلمته فيجعلها العليا على كلمة الكافرين به وذلك كان السوء وذلك كان السوء من ظنونهم التي ذكرها الله في هذا الموضع بقوله تعالى ذكره على المنافقين ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء اي على المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الذين ظنوا هذا الظن دائرة السوء. يعني دائرة العذاب تدور عليهم به واختلفت القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قراء الكوفة دائرة السوء بفتح السين وقرأ وقرأ بعض قراء البصرة دائرة السوء بضم السين. وكان الفراء يقول الفتح افشى في السين. وقل ما تقول العرب دائرة السوء بضم السين وقوله وغضب الله عليهم يقول ونالهم بغضب منه ولعنهم يقول وابعدهم فاقصاهم من رحمته واعد لهم جهنم يصلون يوم القيامة وساءت مصيرا. يقول وساءت جهنم منزلا يصير اليه هؤلاء المنافقون والمنافقات والمشركون مشركات وقال العماد ابن كثير رحمه الله تعالى في قوله ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء ان يتهمون الله في حكمه ويظنون بالرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه ان يقتلوا ويذهبوا بالكلية ولهذا قال تعالى عليهم دائرة السوء وذكر في معنى الاية الاخرى نحوا مما ذكره ابن جرير رحمهما الله تعالى. قوله قال ابن القيم رحمه الله تعالى اي الذي ذكره المصنف في المتن قدمته لاندراجه في كلامه الذي سقته من اوله الى اخره نسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا وبانه الله الذي لا اله الا هو ان يرزقنا اجمعين حسن الظن به. اللهم ارزقنا اجمعين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام حسن الظن بك واعذنا يا حي يا قيوم من سبيل الظانين بالله ظن السوء. الظانين بالله غير الحق ظن الجاهلية اللهم اهدنا اجمعين اليك صراطا مستقيما واصلح لنا شأننا كله لا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت ولي ام لها اللهم انا نسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يقربنا الى حبك اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك. ومن طاعتك ما تبلغنا به ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما حييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا اجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه