بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد فان هذا الكتاب كتاب الشريعة للامام الاجري رحمه الله تعالى كتاب عظيم النفع في بابه كثير الفائدة يعد عند اهل العلم من الموسوعات العظيمة الجامعة في باب المعتقد معتقد اهل السنة رحمهم الله تعالى وقد احسن رحمه الله تعالى واجاد وافاد في جمعه للاحاديث والاثار عن سلف الامة الصحابة ومن اتبعهم باحسان واحسن في تبويبها وترتيبها اضافة الى ما تتمتع به جميع مصنفاته رحمه الله تعالى من جمال الوعظ وحسن النصيحة وقوتي التأثير واحسب والله تعالى اعلم ان ذلك من نصحه واخلاصه ولا نزكي على الله تبارك وتعالى احدا وهذا الكتاب المبارك كتاب الشريعة له قيمته العلمية عند اهل العلم ومكانته العلية ولا يزال اهل العلم رحمه رحمهم الله تعالى يوصون بهذا الكتاب قراءة وانتفاعا واعتنوا به عناية عظيمة في قديم الزمان وحديثه واكثروا النقل منه والاحالة عليه والافادة منه ومن اهل العلم من اعتنى باختصاره كما صنع الامام ابن البنا الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه المختار في اصول السنة وهو مطبوع حيث اختصر فيه كتاب الشريعة للامام الاجري رحمه الله تعالى ولم يأتي على جميع ابوابه الحاصل ان هذا الكتاب من الكتب الجامعة في الاعتقاد ووصول الديانة وله نظائر في ما جمعه ائمة اهل العلم في كتاب شرح الاعتقاد لله لكائي رحمه الله تعالى وكتاب الابانة لابن بطة الحنبلي رحمه الله تعالى وكتاب السنة للخلال وغيرها من كتب اهل العلم رحمهم الله التي اعتنت بالجمع الواسع فالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحب الكرام فيما يتعلق باصول الديانة وامور العقيدة وقد جزأ الاجر رحمه الله تعالى كتابه هذا اجزاء خص كل جزء منها في باب من ابواب الاعتقاد حيث جعله في ثلاثة وعشرين جزءا رتبه على اجزاء وكل جزء منها يصلح ان يكون كتابا مفردا في بابه وتسميته رحمه الله تعالى لهذا الكتاب بهذا الاسم الشريعة من جميل التسمية وحسنها لان المراد بالشريعة الطريقة والسنة والمنهاج ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون هذا هو المراد بالشريعة الطريقة القويمة والمنهاج المستقيم والسنة الصحيحة والمخالفة للاهواء لان حال الناس في العقائد على قسمين قسم عقيدته قائمة على شريعة قويمة وسنة صحيحة ومنهاج مستقيم وهي القائمة على الدليل قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم والقسم الثاني ما كان منها قائما على الاهواء ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون فقسم منها قائم على الاهواء والاراء ومحدثات العقول ولهذا العقيدة نوعان عقيدة نازلة وعقيدة نابتة العقيدة النازلة هي الشريعة التي جعل الله سبحانه وتعالى عليها انبيائه وانزل بها وحياة ورظيها سبحانه وتعالى لعباده ولا يرظى لهم دينا غيرها ورضيت لكم الاسلام دينا ان الدين عند الله الاسلام ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه والنوع الاخر العقيدة النابتة التي نبتت في الارض احدثها الناس واخترعوها بعقولهم ارائهم وكل عقيدة نابتة يجب ان يحذر منها اشد الحذر ومن اهلها وينهى كل مسلم عن اتباعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون فكل مسلم مطلوب منه ان يكون على هذه الشريعة التي جعل الله سبحانه وتعالى عليها نبيه وسائر انبياءه فعليهم صلوات الله وسلامه والانبياء كلهم على منهاجا واحد وعقيدة واحدة وطريقة واحدة كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام الانبياء اخوة لعلات دينهم واحد وامهاتهم شتى ومراده بدينهم واحد اي طريقتهم ومنهاجهم وعقيدتهم واحدة ليس اختلاء ليس ثمة اختلاف بين نبي او اخر في امور الاعتقاد واصول الديانة ولهذا قال العلماء رحمهم الله تعالى ان امور الاعتقاد لا يدخلها نسخ وانما يدخل النسخ في الشرائع الاعمال والعبادات اما العقيدة لا يدخلها نسخ لا بين نبي ونبي ولا ايضا في شريعة النبي الواحد فالعقيدة واحدة لدى جميع فالنبيين وهي الطريقة التي جعلهم الله سبحانه وتعالى عليها وهداهم اليها وانزل بها سبحانه وتعالى وحيه جل في علاه ثم جعلناك على شريعة ثم جعلناك على شريعة فهذا الذي عناه المصنف رحمه الله تعالى بهذه التسمية لكتابه كتاب الشريعة وقد تطلق الشريعة في كلام اهل العلم ويراد بها ما يقابل العقيدة. اي ان الدين عقيدة وشريعة قل امنت بالله ثم استقم الدين عقيدة وشريعة ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى في بشأن الانبياء لكل جعلنا منهم بسرعة ومنهاجا واما امر المعتقد لدى النبيين فواحد كما تقدم البيان الحاصل ان مراد المصنف رحمه الله تعالى بهذه التسمية مراده بهذه التسمية الشريعة اي الطريقة والمنهاج والعقيدة الصحيحة المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه اسأل الله عز وجل ان يرحم الامام الاجري وجميع علماء المسلمين وان يجزيهم عنا خير الجزاء وان ينفعنا اجمعين بهذه الكتب العظيمة نسأله جل في علاه الذي هدانا لقراءتها ان يهدينا لحسن الانتفاع بها انه جل وعلا سميع قريب مجيب ونبدأ مستعينين بالله متوكلين عليه مستملحين منه وحده المعونة والتوفيق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد نبي وعلى اله وسلم يقول عمر ابن ابراهيم عفا الله عنه اخبرنا الفقيه الامام ابو الحسن احمد بن مقبل ايده الله وسدده قال اخبرنا الفقيه الامام ابو الحسن احمد بن عبدالله بن مسعود البريهي رحمه الله قال اخبرني الفقيه الحافظ ابو الحسن علي ابن ابي بكر ابن حمير ابن التبع ابن فضيل قال اخبرنا الشيخ الفقيه اسعد بن خير بن يحيى بن عيسى ابن ملامس عن ابيه خير ابن يحيى قال حدثنا ابو بكر احمد بن محمد البزار المكي عن محمد بن الحسين الاجري رحمه الله تعالى رحمة الله عليه قال احق ما ابتدأت به الكلام الحمد لله مولانا الكريم واجل الحمد ما حمد به الكريم نفسه فانا احمده به الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض وله الحمد في الاخرة وهو والحكيم الخبير يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. بدأ رحمه والله كتابه المباركة هذا بحمد الله جل في علاه واشار رحمة الله عليه الى لطيفتين في باب الحمد بدأ بهما ان اولى ما يبدأ به حمد الله جل وعلا فيبدأ الكلام بالحمد كما بدأ الله سبحانه وتعالى كتابه بالحمد وكما كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم خطبه وتعليمه عليه الصلاة والسلام ورسائله بالحمد فخير ما تبدأ به التصانيف والمجالس حمد الله سبحانه وتعالى واشار رحمه الله الى لطيفة اخرى الا وهي ان اجل الحمد ما حمد به الرب سبحانه وتعالى نفسه قال فانا احمد به اي احمد الله سبحانه وتعالى بما حمد به نفسه والله جل في علاه ابتدأ عددا من سور القرآن بحمد بالحمد فبدأ الفاتحة بالحمد ثم القرآن وبدأ الانعام بالحمد والكهل وسبأ وفاطر وايضا ختم جل وعلا عددا من سور القرآن بالحمد كما في الاية الاخيرة من سورة الاسراء والتي اشار او ذكرها المصنف رحمه الله تعالى والله عز وجل يحمد على اسمائه وصفاته ويحمد جل وعلا على اياديه ونعمه والائه نعم قال رحمه الله تعالى احمده شكرا لما تفضل به علينا من نعمه الدائمة واياديه القديمة حمد من يعلم ان مولاه الكريم يحب الحمد فله الحمد على كل حال. قوله احمده شكرا لما فضل به علينا من نعمه الدائمة واياده القديمة هذا حمد على النعمة نعم الله سبحانه وتعالى التي اولاها عبده وتفضل بها عليه في القديم والحديث والسر والعلانية والخاصة والعامة فقوله رحمه الله اه من نعمه الدائمة واياده القديمة اي على كل نعمة انعم بها علينا في قديم او حديث ولا تزال نعم الله سبحانه وتعالى تتوالى على عبده فهو متقلب في نعم الله وما بكم من نعمة فمن الله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها والله جل في علاه تأذن بالزيادة للشاكرين له جل وعلا على نعمائه واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لا شديد. نعم قال رحمه الله تعالى وصلى الله على البشير النذير السراج المنير سيد سيد ولد ادم عليه السلام المذكور نعته في التوراة والانجيل الخاتم لجميع الانبياء ذلك محمد صلى الله عليه واله الطيبين وعلى اصحابه المنتخبين وعلى ازواجه امهات المؤمنين وايضا هذا استهلال بالصلاة والسلام على النبي الكريم عليه الصلاة والسلام كما قال الله جل وعلا ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فبدأ رحمه الله بعد الحمد بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر من وصفه البشير النذير والسراج المنير وانه سيد ولد ادم صلوات الله وسلامه عليه وانه مذكور بالنعوت العظيمة والخصال الكريمة والشمائل المباركة في التوراة والانجيل اي ان الله جل وعلا اثنى عليه في كتبه المنزلة وذكر نعوته وخصاله وشمائله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وذكر من وصفه صلى الله عليه وسلم انه خاتم النبيين فلا نبي بعده ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وايضا جمع في الصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة على الطيبين والصحابة المنتخبين وهذا من اجمل ما يكون وصفا للصحب الكرام رضي الله عنهم الذين اه انتخبهم الله ان يكونوا اصحابا لنبيه وهذا الانتخاب لهم والتشريف الذي من عليهم به بان جعلهم اصحابا لنبيه واعوانا له وانصارا من اعظم الدلائل على عظيم فظلهم ورفيع منزلتهم وعلي قدرهم رضي الله عنهم وارضاهم قد قال الله جل وعلا كنتم خير امة اخرجت للناس فالصحابة هم خير امم الانبياء وافظلهم قد قال عليه الصلاة والسلام خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم فالصحابة رضي الله عنهم هم خير امم الانبياء وخير الصحابة وهما ابو بكر وعمر رضي الله عنهم هما خير الناس في جميع الامم بعد النبيين كما قال عليه الصلاة والسلام ابو بكر وعمر سيد كهول اهل الجنة من الاولين والاخرين عدا النبيين فهذا الانتخاب الصحابة دليل على شرف الصحابة علو مكانتهم وايضا دليل على عظيم خذلان من يقع في الصحابة طعنا وسبا وشتما وانه لا يطعن في الصحابة الا فمن قلوبهم منكوسة وعقولهم معكوسة كما عبر بذلك اهل العلم رحمهم الله والا كيف يستقيم دين وعقل ان يطعن طاعن في خيار الامة وصفوتهم واهل السابقة والخيرية فيهم رظي الله عنهم فلا يطعن فيهم الا مخذول وقد عقد المصنف رحمه الله تعالى كتابا نافعا وعظيما في اه كتابه هذا الشريعة عن مكانة الصحابة وفضلهم آآ التحذير ممن يقع في الصحابة رضي الله عنهم نعم قال رحمه الله تعالى ورزقنا الله واياكم التمسك بطاعته وبطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. وبما كان عليه صحابته تابعون لهم باحسان وبما كان عليه الائمة من علماء المسلمين وعصمنا واياكم من الاهواء المضلة انه سميع قريب. وهذه دعوة عظيمة آآ استهل بها ايضا مصنفة رحمه الله تعالى وقال ورزقنا الله واياكم التمسك بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه صحابته والتابعون لهم باحسان وقد قال الله سبحانه والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان ومن وفق للزوم طاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام ولزوم هدي الصحابة ومن اتبعهم باحسان فانه على الشريعة القويمة والطريقة المستقيمة والسنة الصحيحة والهدي المبارك ومن فانحرف عن هذه الشريعة والطريقة فقد ظن سواء السبيل قال وعصمنا واياكم من الاهواء المضلة عصمنا واياكم من الاهواء المضلة وهذه الدعوة تتناسب تماما مع المصنف هذه الدعوة التي استهل بها تتناسب تماما مع هذا المصنف الذي سماه الشريعة وكانه والله اعلم انتزع هذه التسمية من الاية الكريمة ثم جعلناك على سريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون ولهذا بدأ رحمه الله بهذه الدعوة ان ليرزقنا التمسك بطاعة الله وطاعة رسوله وبما كان عليه الصحابة وهذه هي الشريعة التي امر فالمسلم باتباعها ولزومها ثم سأل الله العصمة والاعاذة من الاهواء وهذا في الجزء في الثاني من الاية ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون فكأن والله تعالى اعلم انتزع هذه التسمية من اه هذه الاية الكريمة نعم قال رحمه الله تعالى حدثنا ابو بكر جعفر بن محمد الخريبي قال حدثنا قتيبة ابن سعيد قال حدثنا سعيد بن عبدالجبار الحمصي قال حدثنا معاذ بن رفاعة السلامي قال حدثنا ابراهيم بن عبدالرحمن العذري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغاليين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين نعم اعتدنا ان يكون توقف الدرس مع الاشراق فنسأل الله الكريم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيكم من طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه جزاكم الله خيرا