وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فاسأل الله عز وجل ان يحرم وجوهنا على النار وان يجعلها من عباده الصالحين المصلحين الداعين الى رضوانه سبحانه وتعالى لا يخفى عليكم جميعا ايها الاخوة ان نعم الله عز وجل علينا تترى وان نعمه علينا لا تعد ولا تحصى. كما قال تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فنعم الله علينا كثيرة. وهذه النعم تحتاج منا الى شكر. وساتكلم في هذا المقام عن نعمتين وساتبعها بعد ذلك بحالنا وحال من قبلنا في شكر هذه النعم. اول هذه النعم ان الله سبحانه تعالى فاضل بين الازمان. وفاضل بين الاماكن فجعل بعض الزمان افضل من بعض. ولا شك ان افضل الشهور هو شهر رمضان. وافضل وافضل الليالي هي ليلة القدر. وافضل الساعات هي اخر ساعة من يوم الجمعة فهذه المواسم الفاضلة وهذه الازمنة الفاضلة ادراكها نعمة من الله عز وجل ان تمهل وان تدرك مثل هذه المواسم المباركة هذه منة من الله عز وجل. فانت عندما تدرك هذا الشهر الكريم هذا الشهر الذي من قامه ايمانا احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. هذا الشهر الذي من صامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ادراكك له نعمة من الله عز وجل وانت ترى قبل دخول هذا الشهر خلق كثير قد توفاهم الله عز وجل بل في اول ليلة من ليالي هذا الشهر دفن خلق كثير ايضا وماتوا ولم يشهدوا مثل هذا الموسم المبارك وانت يا رعاك الله قد من الله عز وجل عليك ان جعلك من المدركين لهذه النعمة ولهذه المنة فان اول ليلة من رمظان تفتح ابواب الجنان فلا يغلق منها باب وتغلق ابواب جهنم فلا يفتح منها باب وتصفد الشياطين فلا تخلص الى ما كانت تخلص اليه قبل ذلك اذا ادراك هذا الشهر نعمة من الله عز وجل. النعمة الثانية وهذه اخص من النعمة الاولى. لانه قد يشهد هذا الشهر خلق كثير ذكورا واناثا رجالا ونساء اطفالا وشيبا ولكن النعمة الاعظم والاخص ان وفق لطاعة الله عز وجل في هذا الشهر. لان الناس مع دخول الشهر يتفاوتون ويتفرقون. من الناس من يدرك شهر رمضان المبارك ولكن المصيبة عليه ان يزداد سوءه. ويزداد شره وتزداد ذنوبه وتكثر معاصيه وكأن شهر رمضان قهر للمعاصي والعصيان وللفجور والفسوق نسأل الله العافية والسلامة ولا شك ان هذا هو اغبن الناس او اغبن الناس صفقة الناس ان يدرك مواسم الخيرات ومواسم العتق من النيران ثم يزداد سوءا وشرا. وقد جاء في المسند عن كعب ابن عجر وعن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان جبريل عليه السلام لقي النبي صلى الله عليه وسلم قال قل امين. وذكر من ذلك رجلا ادرك رمظان ولم يغفر له. فقل امين اارغم الله انفه اي ان الله عز وجل ارغم انفه ان يدرك رمضان ثم لا يغفر الله له. لان هذا الموسم وهذا الزمان موازن موسم تعتق فيه الرقاب وتكفر فيه الذنوب وتحط فيه السيئات ويتنافس فيه المتنافسون ويتسابق فيه المتسابقون الا ان ان هذا الصنف من الناس كانه يسلك طريقا اخر وكأنه سلك طريقا ليس طريق الصراط المستقيم وليس طريق اهل الجنان وان سلك سبيل الذين غضب الله عليهم ولعنهم وسلك سبيل جهنم عافانا الله واياكم. فهو في رمضان وفي غيره على فجره على فجوره وعلى فسوقي وعلى عصياني بل جاء رمضان وهو لا يصلي. جاء رمضان وهو لا يصوم جاء رمضان وهو مجاهر بما حرم الله عز وجل. بل بعظهم اصبح رمظان محلا للاستهزاء بدين الله عز وجل والسخرية بكلام الله سبحانه وتعالى واصبح رمظان كانه موسما الفكاهة والضحك واللعب والسخرية والاستهزاء بدين الله عز وجل ولا شك ان هذا الصنف من الناس هو من اخسر الناس واغبنهم صفقة القسم الثاني من دخل رمظان عليه من دخل رمظان عليه وهو على حاله لم يزدد ولم ينقص وانما يحافظ على صلواته ويصوم ويصلي مع المسلمين لكنه على حاله وهذا على خير الا انه لم يتلم يوفق الى ان هذا الموسم المبارك وان يغتنمه فقد كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى كما ذكر ذلك ابن ابي مريم يقول كان اشياخنا اذا جاء رمظان يقول جاء المطهر جاء المطهر لانه يطهر الذنوب ويطهر السيئات ويكفرها فيسمونه مطهرا ويقول سراج بن سعد رحمه الله تعالى مرسل على النبي صلى الله عليه وسلم تسبيحة في رمضان خير من الف تسبيحة. ويقول الامام الزهري وتعالى تسبيحة في رمضان خير من الف تسبيحة. ويقول ابراهيم النخعي ركعة في رمضان خير من الف ركعة. فهو موسم عظيم تسابقوا به المتسابقون ويتنافسون المتنافسون الا ان هذا الصنف من الناس حافظ على صلواته وحافظ على صيامه صام وصلى الا انه لم يزدد خيرا ولم ينقص شر ولم ينقص شره الذي كان عليه قبل رمضان. الصنف الثالث هو الذي وفقه الله عز وجل هذا الذي من الله عليه بمنة عظمى ومنحة كبرى ان جعل رمضانه موسم موسم ان جعل الله رمضان موسما عظيما يتنافس فيه بطاعة الله عز وجل. فاقبل على كتاب الله قراءة وتلاوة وحفظا. واقبل على الصيام حفظا له واتقانا له وقد كان سلفنا الصالح رحمه الله تعالى اذا دخل رمظان لزموا المساجد لزموا المساجد يحفظون صيامهم من الغيبة واللغو واللهو قل وانما هم بين قراءة لكتاب الله عز وجل وبين صلاة وبين ذكر الله عز وجل لانهم علموا ان هذا الشهر لا يعود الا مرة واحدة وقد تدرك مرة اخرى وقد لا تدركه يا عبد الله. فادراكك لهذا الموسم ولهذا الزمان هو منة من الله عز وجل. فاقبل اولئك من الناس على كتاب الله قراءة وعلى الصلاة قياما وعلى ذكر الله عز وجل فتجد السنتهم تلهج بالتسبيح والذكر وحمد الله عز وجل حفظوا اسماعهم وحفظوا ابصارهم فلا يرون الى ما حرم الله ولا يسمعون الى ما حرم الله بل غضوا ابصارهم عن كل حرام وجعلوا وجعلوا وجهتهم وطريقهم هو رضى الله سبحانه وتعالى. فسعوا بكل ما اوتوا من قوة ان يجعلوا رمضان موسما يتغير عن جميع المواسم فيعتقون فيه من النار ويفوزون برضا الله عز وجل فتراه يختم القرآن في كل ثلاث ليالي وترى بعضهم يختم في كل ليلتين وبقية ليله ونهاره بين تسبيح وذكر. تأمل حال سلفنا الصالح وتأمل الى حالنا. يقول ابن رجب الله تعالى وذكر ذلك غير واحد من اهل العلم ان ان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم باحسان كانوا اذا دخل رمظان اقبلوا على القرآن فرسولنا صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ابن عباس رضي الله تعالى عنه يقول كان اجود الناس وكان اجود ما يكون حين يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان يدارسه القرآن. فلرسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة. اي جواد صلى الله وسلم بالخير ويزيد جوده ويزيد خيره في رمضان. وكان جبريل دارس القرآن كل ليلة. بل كان في اخر حياته صلى الله عليه وسلم كان يدارسه القرآن في رمضان مرتين اي دارسه القرآن وختمه عليه صلى الله عليه وسلم مرتين اغتناما لهذا الزمان. وجاء في الصحيحين عائشة رضي الله تعالى عنه سمكان اذا دخلت العشر شد مئزره وايقظ اهله وطوى فراشه واحيا ليله صلى الله عليه وسلم ثم هم بعد ذلك مع كتاب الله عز وجل الاسد بن يزيد النخي رحمه الله تعالى كان يختم القرآن في كل ثلاث ليال. وابراهيم النخى يختمه كذلك في ثلاث. وسعيد جبير كان يختمه يختم في ليلتين والامام الشافعي رحمه الله تعالى كانه في رمظان ستون ختمة ستون ختمة يختم في النهار ختمة وفي الليل ختمة وفي غير رمظان في كل يوم له ختمة هذا حال مع كتاب الله عز وجل. واما مع الصلاة فكانوا يقومون قدر سورة البقرة حتى يعتمدون على العصي بل كما في حديث ابي ذر رضي الله تعالى عنه عند احمد وابي داوود باسناد جيد انهم صلوا مع النبي وسلم حتى قالوا خشينا الفلاح اي خشينا ان يفوتنا من طول قيام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالرسول كان يقوم البقرة وال عمران والنساء في ركعة واحدة صلى الله عليه وسلم. ثم هو يقوم الليل حتى يخشى اصحاب عليهم ان يفوتهم السحور ولا شك ان هذا من طول قيامهم صلى الله من طول قيامه صلى الله عليه وسلم وطول قيام اصحابه وكذلك كان ابي بن كعب رضي الله تعالى عنهما لما امرهم عمر ان يصلوا بالناس التراويح كانوا يصلون بالمئين اي بالمئات من الايات حتى يقومون معتمدون العصي من طول القيام هذا حاله مع القيام. ثم بعد ذلك وبين ذلك هم في تسبيح وذكر وتحميد وتهليل. ولكن انظر الى في هذا الزمان الموفق منا من له من يكون له في رمضان ختمة او ختمتين او ثلاث ومن الناس من يدخل رمضان ويخرج وهو في سورة البقرة يرددها. ومن الناس من يخرج رمضان ويدخل وصلاة الظهر لا يعرفها. كانوا قبل رمضان صلاة الفجر تبوتهم ولكن بعد دخول رمظان كان الظهر لم تكتب وهذا تراه كثيرا من الناس الان اذا دخل رمظان الليل سهر والنهار نوم ومن الناس من يأخذ من النهار شيئا يسيرا ثم تفوته صلاة الظهر وصلاة العصر ثم لا يقوم الا مع مع غروب الشمس وهذا لا شك انه حرم خيرا كثيرا وان كتب انه صائم لكنه لم يوفق الى استغلال هذا الزمان العظيم وهذا الموسم المبارك فانت يا رعاك الله في موسم اسم عظيم لو يعلم لو تعلم ما يتمناه اهل القبور ما فرطت في ثانية واحدة. وقف ابو بكر المروذي رحمه الله تعالى على شفير قبر وتأمل هذا انه يقول وقفت عليه فنظرت في اهل القبور فاذا هي اجداث بالية وقبور ليس لها صوت ولا لها حس يقول فاخذ النعاس يقول فرأيت كأن اهل القبور قد خرجوا من قبورهم. وقالوا يا ابا بكر امثلك من ينام؟ والله لقولك سبحان الله الحمد لله والله اكبر احب الينا من الدنيا وما فيها. تقول يخرج الميت من قبره ويقول سبحان الله خير من القصور وخير من الدور وخير من غرس الاشجار وخير من ان يجمع الذهب والفضة بقول سبحان الله. فكيف اذا صلى ركعتين وهو قوله ربي ارجعون لعلي اعمل صالحا لا يتمنى الرجعة لكي يغرس او ينكح او او يبني او يكثر ماله وانما يتمنى ليعمل صالحا ليقبل على الله عز وجل وليطيع ربه سبحانه وتعالى. هنيئا هنيئا لذلك الذي وفق في رمضان هنيئا لذلك الذي صام مع صام الصيام الذي يرضي الله وقام القيام الذي يرضي الله سبحانه وتعالى فقيام مع الامام حتى ينصرف لان من الناس محروم يقوم ركعة او يقوم ركعتين او تسليمتين ثم ينصرف وقد جاء في حديث ابي ذر رضي الله تعالى عند عند ابي داوود باسناد جيد ان من قال من قام مع الامام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة. انت بمجرد صلاتك مع مع الامام. وان قرأ شيئا يسيرا وان صلى صلاة قصيرة يكتب لك انك قمت الليل كله. وهذا من فضل الله عز وجل. وبعد ذلك لك ان تزيد ما شئت من الاعمال الصالحة وتسابقه في مرضاة الله عز وجل. فالوصية ايها الاخوة جميعا ان نسابق ونغتنم زماننا فزماننا لا يعود. والليل النهار يعملان فيه يعملان فيك وتنظر ماذا انت عامل فيهما بالامس كنت شاب واليوم انت شيخ وقد شاب رأسك وشابت لحيتك وغدا لا تدري ماذا سيكون؟ هل تعمر او تموت يا رعاك الله؟ فبادر بالتوبة والرجوع الى الله عز وجل. اسأل الله سبحانه وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلا ان يوفق للاغتنام هذا الشهر المبارك. وان يجعلهم من يصوموا ويقوموا ايمانا واحتسابا من يحفظ فيه سمعه وبصره وجوارحه عما حرم الله عز وجل والله تعالى اعلم واحكم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد