الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد يقول الامام ابو بكر محمد بن الحسين الاجري رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وعليه توكلت باب الرد على القدرية قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى حسبي الله وكفى ونعم الوكيل والحمد لله اهل الحمد والثناء والعدة والبقاء والعظمة والكبرياء احمده على تواتر نعمه وقديم احسانه وقسمه حمد من يعلم ان مولاه الكريم يحب الحمد فله الحمد على كل حال صلواته على البشير النذير السراج المنير سيد الاولين والاخرين. ذلك محمد رسول رب العالمين. وعلى اله الطيبين وعلى اصحابه المنتخبين وعلى ازواجه امهات المؤمنين اما بعد فان سائلا سأل عن مذهبنا في القدر فالجواب في ذلك قبل ان نخبره بمذهبنا اننا ننصح السائل ونعلمه انه لا يحسن بالمسلمين التنقير والبحث عن القدر ان القدر سر لان القدر سر من سر الله. بل الايمان بما جرت به المقادير من خير او شر واجب على العباد ان يؤمنوا بها ثم لا يأمن العبد ثم لا يأمن العبد ان يبحث عن القدر فيكذب بمقادير الله الجارية على العباد الا عن طريق الحق قال صلى الله عليه وسلم ما هلكت امة قط الا بالشرك بالله وما اشركت امة حتى يكون بدو امرها وشركها التكذيب بالقدر بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذه الترجمة باب الرد على القدرية عقدها المصنف رحمه الله تعالى للرد على هذه الطائفة التي تعرف بالقدرية وهم نفاة القدر نفاة القدر يقولون لا قدر ووصف ائمة السلف بهذه الطائفة بانهم القدرية مع انهم نفاة للقدر لانهم ينفون القدر عن الله ويثبتونه لانفسهم يجعلون العبد هو المقدر لفعل نفسه وهو الخالق لفعل نفسه وليس الله تبارك وتعالى ولهذا ايضا قيل عنهم مجوس هذه الامة لانهم اثبتوا خالقين. الله خالق للانسان والانسان خالق لفعل نفسه فهذه الترجمة معقودة للرد على هذه الطائفة وينبغي ان يعلم بين يدي هذا الباب ان الايمان بالقدر اصل من اصول الايمان واساس من اسسه العظيمة. ودعامة من دعائمه ولما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وان تؤمن بالقدر خيره وشره فعد عليه الصلاة والسلام الايمان بالقدر في جملة اصول الايمان. التي لا قيام للايمان الا عليها وقد جاء ذكر هذا الاصل العظيم في اية كثيرة في كتاب الله عز وجل في قول الله سبحانه وتعالى ان الله على كل شيء قدير فقدرنا فنعم القادرون ثم جئت على قدر يا موسى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى جاء في ايات كثيرة في كتاب الله عز وجل وفي احاديث عديدة عن الرسول عليه الصلاة والسلام يسوق المصنف في ابواب لاحقة جملة من هذه الادلة ادلة الكتاب والسنة في اثبات القدر والقدر هو ايمان بقدرة الله عز وجل وان الامور انما تقع بمشيئته واذنه فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه سبحانه وتعالى الخالق لكل شيء المبدع لجميع الكائنات لا شريك له سبحانه وتعالى في ذلك والايمان به يقوم على اربع مراتب الايمان بالعلم علم الله عز وجل بما كان وما سيكون وما لم يكن ان لو كان كيف يكون احاط بكل شيء علما واحصى كل شيء عددا والايمان بان الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة والايمان بان الامور بمشيئته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن والايمان بانه خالق كل شيء. الله خالق كل شيء فهذه مراتب الايمان بالقدر ولا يكون المرء مؤمنا بالقدر الا بالايمان بها وقد بدأ المصنف رحمه الله تعالى كلامه على الرد على القدرية بالتنبيه على امر مهم صدرهم بقوله رحمه الله انا اننا ننصح السائل فهي نصيحة مهمة مهمة جدا في موضوع القدر اثباتا له او ردا على المخالفين فيه ينبغي التنبه لها قال ننصح السائل ونعلمه انه لا لا يحسن بالمسلم للمسلمين التنقير والبحث عن القدر. لان القدر سر من سر الله لان القدر سر من سر الله. هذا تنبيه غاية في الاهمية القدر سر من سر الله تبارك وتعالى فلا ينبغي للعبد ان يقحم عقله القاصر وفكره الضعيف لمعرفة هذا السر فان الله سبحانه وتعالى غيب امره عن العباد وابتلاهم سبحانه وتعالى بالايمان به واما علمه فهو مغيب عن العباد علم ليس بين العباد موجودا بل هو علم مفقود فيجب على المرء ان يؤمن بالقدر ولا يقحم عقله في تفاصيل القدر الا في ضوء الدليل قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يتكلم كلمة واحدة في باب القدر الا ومعها الدليل من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وما سوى ذلك فان الواجب عليه ان يمسك عنه وان يكف عن الخوض فيه وقد صح في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال اذا ذكر القدر فامسكوا قال اذا ذكر القدر فامسكوا والمراد بالامساك هنا عند ذكر القدر اي فيما كان زائدا على ما ورد في الكتاب والسنة اما ما ورد في الكتاب والسنة من تفاصيل في باب القدر لابد من الايمان بها ولابد من معرفتها لان من هدى الله الذي بينه لعباده ومن هدايات كتابه التي لا شفاء للصدور ولا الصلاح ولا فلاح الا بالايمان بها لكن الامساك المطلوب في الحديث في قوله اذا ذكر القدر فامسكوا انما هو فيما كان زائدا على ما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويدخل في ذلك الاسئلة الاعتراظية لما فعل الله كذا ولم لم يفعل كذا ولم قدر كذا ولم لم يقدر كذا هذا كله باطل قال الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وليس للمرء التنقيب عن هذه الاشياء واقحام عقله فيها فانه سر كتمه الله عن العباد واخفاه ومن خاض في معرفتي واقحم عقله في معرفته لن يصل الا الى الطغيان والحرمان لانه امر اخفاه الله سبحانه وتعالى على عباده كما قال المصنف رحمه الله لان القدر سر من سر الله ويروى عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه قال القدر سر الله فلا تكشفه القدر سر الله فلا تكشفه اي لا تحاول لا تحاول التنقيب والكشف عنه ومعرفته فهذا سر الله. وامر اخفاه الله سبحانه وتعالى على العباد ولهذا يقول العلماء العلمان علم في الخلق موجود وعلم في الخلق مفقود وعلم في الخلق مفقود علم في الخلق موجود اي هداهم الله اليه بما انزل عليهم من وحيه العظيم وهدايات كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعلم في الخلق مفقود اي ان الله سبحانه وتعالى استأثر بعلمه ولم يطلع عباده عليه. بل اخفاه سبحانه وتعالى عنهم فانكار العلم الموجود كفر عندما ينكر المرء شيء من العلم الموجود الذي هو في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام هذا كفر وادعاء العلم المفقود كفر عندما يدعي الانسان العلم الذي اخفاه الله على العباد كان يدعي مدعي انه يعلم المغيبات والامور المقدرة ويعلم ما سيكون او نحو ذلك فهذا كفر فالتكذيب بالعلم الموجود كفر وادعاء العلم المفقود كفر الحاصل ان موضوع القدر موظوع ينبغي على العبد الا يخوض فيه الا في ضوء الدليل وهدايات كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وبين رحمه الله تعالى ان اقحام المرء نفسه وبحثه في هذا الباب يصل به الى التكذيب بمقادير الله الجارية على العباد فيضل عن طريق الحق والهدى واورد حديثا سيذكره فيما بعد باسناده وهو حديث ضعيف قال ما هلكت امة والا بالشرك بالله وما اشركت امه حتى يكون بدو امرها وشركها التكذيب بالقدر ولا شك ان التكذيب بالقدر بوابة انحراف وضياع في هذه الحياة الدنيا وبعد عن طاعة الله وعبادته ويصبح المرء تكذيبه بالقدر ماضيا في انواع الضلال ويكون هذا التكذيب سببا في دخوله فيها فهو بوابة الى انواع من الضلال. نعم قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى ولولا ان الصحابة كما بلغهم عن قوم ضلال شردوا عن طريق حقي وكذبوا بالقدر فردوا عليهم قولهم وسبوهم وكفروهم وكذلك التابعون لهم باحسان سبوا من تكلم في القدر وكذب به ولعنوهم ونهوا عن مجالستهم وكذلك ائمة المسلمين ينهون عن مجالسة القدرية وعن مناظرتهم وبينوا وللمسلمين قبيح مذاهبهم فلولا ان هؤلاء ردوا على القدرية لم يسع من بعدهم الكلام في القدر. انظر هنا الى فائدة يعني اذا طال الفصل بين الشرط وجوابه يعاد. قال في البداية ولولا ان الصحابة فلما قال فصل قال فلولا ان هؤلاء نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى بل الايمان بالقدر خيره وشره واجب قضاء قضاء وقدر وما قدر يكن وما لم يقدر لم يكن واذا عمل العبد بطاعة الله تعالى علم انها توفيق منه بتوفيق منه له. فيشكره على ذلك واذا عمل بمعصية ندم على ذلك وعلم انها بمقدور جرى عليه فذم نفسه واستغفر الله تعالى هذا مذهب المسلمين وليس لاحد على الله حجة بل بل لله الحجة على خلقه قال الله تعالى قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم اجمعين. هنا يقدم رحمه الله الله تعالى اعتذار عن دخوله في المناقشة والرد على هؤلاء القدرية بانه لولا انه رأى ان الصحابة بلغهم عن بعض الناس انهم كذبوا القدر فانكر عليهم الصحابة واشتد انكارهم عليهم وحذروا منهم وبينوا فسادا عقائدهم وكذلك من بعدهم من التابعين ردوا على القدرية يقول رحمه الله تعالى لولا ان هؤلاء ردوا على القدرية لم يسعى من بعدهم الكلام في القدر هذا من شدة الحذر في ان يخوض المرء في هذا الباب يقول ذلك رحمه الله ويعتذر هذا الاعتذار مع انه لن يتكلم الا في ضوء الادلة في ضوء الادلة بل سيمر علينا فيما سيأتي ابواب ليس فيها الا سوق الايات. ابواب كاملة من اولها الى اخرها ليس فيها الا سوق الايات. احيانا يعلق تعليق لا تجاوز السطر والسطرين والا الباب كله ايات من اوله الى اخره فالحاصل ان انه يقدم رحمه الله هذه المقدمة وانه لو لم يكن الصحابة في الرد على هؤلاء وكذلك من اتبعهم باحسان يقول لولا ذلك لم يسع من بعدهم الكلام في القدر الحاصل ان الايمان آآ ان الكلام في القدر الكلام في القدر اما ان يكون بالدليل في ضوء الايات والاحاديث هذا مطلوب من العباد. مطلوب من العباد فما كان في القرآن من الايات والتفاصيل المتعلقة بالقدر فان فهمها ومعرفتها والعناية بمدارستها وتعلمها داخل فيما انزل القرآن لاجله وهو التدبر لكلام الله ليتدبروا اياته افلا يتدبرون القرآن فيعتني بها المرء عناية دقيقة ويحرص على ضبطها وفهمها فكذلك الاحاديث. الثابتة عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. واما الخوظ في القدر في العقل المجرد والفكر القاصر فهذا باب ظلال وانحراف عن دين الله هو الذي يعنى بما جاء في الحديث او هو المعني بما جاء في الحديث اذا ذكر في القدر فامسكوا ثم ذكر رحمه الله تعالى آآ ان الايمان بالقدر خيره خيره وشره واجب. وانما قدره الله يكن وما لم يقدره لا يكون واذا عمل العبد بطاعة الله علم انها من توفيق الله له فيشكر الله على ذلك واذا وقع في المعصية ندم على ذلك وعلم انه بمقدور جرى ذم نفسه واستغفر الله انظر في باب الطاعة في باب الطاعة ينظر الى تفضل الله سبحانه وتعالى عليه بهذه النعمة وان قدر ان اهله انه من المطيعين القائمين بهذه الطاعة فيحمد الله. على ذلك واذا كان وقع في معصية يعلم انه جرى بها القدر وان له آآ مشيئة وارادة بموجبها فعل هذه المعصية فيرجع على نفسه باللا امام والندم وسؤال الله المعونة على الخلاص من هذه الذنوب لان الامر تقديره سبحانه وتعالى نعم. قال رحمه الله تعالى ثم اعلموا رحمنا الله واياكم ان مذهبنا في القدر انا نقول ان الله تعالى خلق الجنة وخلق النار وخلق لكل واحدة منهما اهلا واقسم بعزته انه يملأ جهنم من الجنة والناس اجمعين ثم خلق ادم عليه السلام واستخرج من ظهره كل ذرية هو خالقها الى يوم القيامة. ثم جعلهم فريقين فريق في الجنة وفريقا في السعير وخلق ابليس وامره بالسجود لادم وقد علم انه لا يسجد. للمقدور الذي قد جرى عليه من الشقوة والتي سبقت في العلم من الله عليه لا معارض لله في حكمه يفعل في خلقه ما يريد عدلا من ربنا وقدره وخلق ادم وحواء عليهما السلام للارض خلقهما اسكنهما الجنة وامرهما ان يأكلا منها امرهما ان يأكلا منها رغدا ما شاء ونهاهما عن شجرة واحدة ان يقرباها. وقد جرى مقدوره انهما صيانه باكلهما من الشجرة فهو تبارك وتعالى في الظاهر ينهاهما وفي الباطن من علمه قد قدر عليهما انهما يأكلان منها لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. لم يكن لهما بد من اكلهما لم يكن لهما بد من اكلهما سببا للمعصية وسببا لخروجهما من الجنة. اذ كانا للارض خلقا وانه سيغفر لهما بعد معصية كل ذلك سابق في علمه. لا يجوز ان يكون شيء يحدث في جميع خلقه الا وقد جرى مقدوره به واحاط به علما قبل كونه انه سيكون خلق الخلق كما شاء لما شاء فجعلهم شقيا وسعيدا قبل ان يخرجهم الى الدنيا وهم في بطون امهاتهم وكتب اجالهم وكتب ارزاقهم وكتب اعمالهم ثم اخرجهم الى الدنيا. وكل انسان يسعى فيما كتب له وعليه ثم بعث رسله وانزل عليهم وحيه وامرهم بالبلاغ لخلقه فبلغوا رسالات ربهم ونصحوا قومهم فمن جرى في مقدور الله تعالى ان يؤمن امن ومن جرى في مقدوره ان يكفر كفر. قال الله تعالى هو الذي خلقكم فمنكم كافرون ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير. احب من اراد منع احب من اراد من عباده فشرح صدره للاسلام ايمان ومقت اخرين فختم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم فلن يهتدوا اذا ابدا يضل من يشاء ويهدي من يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. الخلق كلهم له يفعل في خلقه ما يريد. غير ظالم له جل ذكره عن ان ينسب ربنا الى الظلم انما يظلم انما يظلم من يأخذ ما ليس له بملك. واما ربنا تعالى اف لهما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى. وله الدنيا والاخرة جل ذكره. وتقدست اسماؤه احب الطاعة من عباده وامر بها فجرت ممن اطاعه بتوفيقه لهم. ونهى عن المعاصي واراد كونها من غير محبة منه ولها ولا امر بها تعالى عز وجل ان يأمر بالفحشاء او يحبها. وجل الله تعالى ربنا من ان يجري في ملكه ما لم يرد ان يجري او شيء لم يحط به علمه قبل كونه قد علم ما الخلق عاملون قبل ان يخلقهم وبعد ان خلقهم قبل ان يعملوا قضاء وقدر. قد جرى او قضاء وقدرا كما في بعض النسخ لعله اولى قضاء وقدرا قد جرى القلم بامره تعالى في اللوح المحفوظ بما يكون من بر او فجور يثني على من عمل على من عمل بطاعته من عبيده ويضيف العمل الى العباد ويعدهم عليه الجزاء العظيم. ولولا توفيقه له ويضيف يضيء ويظيف العمل الى العباد ويعدهم عليه الجزاء العظيم. ولولا توفيقه لهم ما عملوا بما استوجبوا به منه الجزاء ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وكذا ذم قوما عملوا بمعصيته وتوعدهم على العمل بها النار واظاف العمل اليهم بما عملوا وذلك بمقدور جرى عليهم يضل من يشاء ويهدي من يشاء قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى هذا مذهبنا في القدر الذي سأل عنه السائل فان قال قائل ما الحجة فيما قلت؟ قيل له كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسنة اصحابه رضي الله عنهم والتابعين لهم باحسان وقول ائمة المسلمين فان قال فان قال فاذكر من ذلك ما نزداد به علما ويقينا قيل له نعم ان شاء الله والله الموفق لكل رشاد والمعين عليه بمنه. هذه خلاصة ذكرها الامام الاجري رحمه الله تعالى في باب الايمان بالقدر. بدءا من خلق الله سبحانه وتعالى لادم وزوجه ابي البشر ثم خلقه سبحانه وتعالى للذرية فان كلما وقع من ادم بما في ذلك الاكل من الشجرة والوقوع في هذه المعصية ارتكاب ما نهاه الله سبحانه وتعالى عنه ثم هبوطه الى الارظ كل ذلك امر قدره الله سبحانه وتعالى على عباده. فانه لا يمكن ان يكون في ملك الله شيء لم يقدره الله فان الله عز وجل الخالق لكل شيء الخالق للعباد وحركاتهم وسكناتهم واعمالهم هو هو الخالق لكل شيء المقدر جميع الكائنات والايمان بالقدر هو من الايمان بالله لا يكون المرء مؤمنا بالله الا بايمانه بان الله عز وجل هو المقدر وان الامور بمشيئته واذنه فلا يكون الا ما شاء ما شاء الله كان وما لم يشأ الم يكن فهذه التفاصيل التي ذكرها كلها توضيح لان الامور كلها بقدر الله وبمشيئته واذنه وانه لا يقع في الكون الا ما قدره الله عز وجل ثم اخذ رحمه الله تعالى يسوق الادلة في ابواب عديدة المتعلقة بهذه الجملة او هذه الخلاصة التي صدر بها رحمه الله تعالى الابواب الاتية نعم قال رحمه الله تعالى باب ذكر ما اخبر الله تعالى انه يختم على قلوب من اراد من عباده فلا يهتدون الى الحق ولا يسمعونه ولا يبصرونه بانه مقتهم فطبع على قلوبهم. قال الله تعالى في البقرة ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون. ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم. وقال تعالى في سورة النساء فبما نقظهم ميثاقهم وكفرهم بايات الله وقتلهم انبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا. وقال تعالى في سورة المائدة ومن يرد الله فتنته فلن فلن تملك له من الله شيئا. اولئك الذين لم يرد الله ان قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم. وقال تعالى في سورة الانعام ومنهم من سمعوا اليك وجعلنا على قلوبهم اكنة اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم وقرا. وان يروا كل اية لا يؤمنوا بها وقال تعالى في هذه السورة فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون. وقال تعالى في سورة التوبة انما السبيل على الذين يستأذنونك وهم اغنياء رضوا بان يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون وقال تعالى في سورة النحل من كفر بالله من بعد ايمانه الا من انكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرع الى قوله الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم واولئك هم الغافلون. وقال تعالى في سورة بني اسرائيل واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورا. واجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم واقرا الاية وقال تعالى في سورة الكهف ومن اظلم ممن ذكر بايات ربه فاعرض عنها ونسي ما قدمت يداه انا جعلنا على بهم اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم وقرا. وان تدعوهم الى الهدى فلن يهتدوا اذا ابدا. وقال تعالى في سورة ولو نزلناه على بعض الاعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين. كذلك كذلك سلكناه في بالمجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الاليم. وقال تعالى في سورة ياسين لقد حق القول على اكثرهم فهم لا يؤمنون انا جعلنا في اعناقهم اغلالا فهي الى الاذقان فهم مقمحون. وجعلنا من بين سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم فهم لا يبصرون. وسواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون وقال تعالى في سورة الجاثية افرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة. فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون. وقال تعالى وفي سورة محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من يستمع اليك حتى اذا خرجوا من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال انف فاولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا اهواءهم. وقال تعالى في سورة المنافقين ذلك انهم امنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى جميع ما تلوته من هذه الايات يدل العقلاء على ان الله تعالى ختم على قلوب قوم وطبع عليها ولم يردها لعبادته. وارادها لمعصيته. فاعماها عن الحق فلم تبصره واصمها عن الحق فلم تسمعه واخزاها ولم يطهرها يفعل بخلقه ما يريد. لا يجوز لقائل ان يقول لما فعل بهم فمن قال ذلك فقد عارظ الله في فقد عارظ الله في فعله وظل عن طريق الحق ثم اختص الله من عباده من احب فشرح قلوبهم للايمان وزينه في قلوبهم وكره اليهم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم. نعم هذا الباب من ابواب الايمان بالقدر وهو من ادلة الايمان بالقدر ما جاء في القرآن من ايات كثيرة فيها ان الله يختم قلوب من اراد من عباده فلا يهتدون الى الحق ولا يسمعونه ولا يبصرونه لانه مقتهم فطبع على قلوبهم فساق رحمه الله ايات اه رتبها على ترتيب المصحف ويلاحظ ان هذا سيفعله رحمه الله تعالى ايضا فيما سيأتي من ابواب يسوق الايات كانما يستعرض كتاب الله من فاتحته الى خاتمته فيثبت ما تعلق بهذه الترجمة من ابواب في ضوء ترتيب ترتيب هذه الايات في المصحف في الاية الاولى اه ذكر الختم على القلوب والثانية ذكر فيها الطبع على القلوب والثالثة ذكر فيها انه لم يرد ان يطهر قلوبهم والثالثة ذكر فيها ان انه جعل على قلوبهم الاكنة والثالثة ذكر فيها ان من يرد ان يضلل يظله يجعل صدره ظيقا حرجا وهكذا ما بعدها من ايات ففيه الطبع والختم وعدم ارادة الاهتداء وفيها ارادة الله عز وجل ان يظلهم هذا كله من الدلائل على ان الامور كلها بقدر ايمان المؤمن كفر الكافر طاعة المطيع وعصيان العاصي كل ذلك بقدر لا يمكن ان يقع شيء الا بقدر الله سبحانه وتعالى ولا يجوز لاحد ان يعترض على اقدار الله فيقول لما فعل الله كذا؟ ولما لم يفعل كذا؟ ولما قدر الله كذا؟ فهذا من الاسئلة الباطلة الواجب على ان يمسك عنها وان لا يخوض فيها وهي داخلة في قول النبي عليه الصلاة والسلام اذا ذكر القدر فامسكوا من من ذلك هم السؤالات الاعتراظية لما قدر الله ولم لم يقدر لما فعل ولما لم يفعل والله تعالى يقول لا اسألوا عما يفعل وهم يسألون قال فمن قال ذلك فقد عرظ الله في فعله وظن عن طريق الحق. اذا هذه الايات كلها من ادلة الايمان بالقدر من ادلة الايمان بالقدر ان الله ختم على قلوب من اراد من عباده وطبع عليها ولم يرد هدايتهم وان الله وتعالى يظل من يشاء كل هذه من الادلة على وجوب الايمان بالقدر. نعم قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى اعقلوا يا مسلمون ما يخاطبكم الله به. يعلمكم اني مالك للعباد اختص منهم من اريد فاطهر فاطهر قلبه واشرح صدره وازين له طاعتي واكره اليه معصيتي لا ليد تقدمت منه الي انا عن عبادي وهم الفقراء الي ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. والمنة لله تعالى على من للايمان الم تسمعوا رحمكم الله الى قول مولاكم الكريم حين امتن قوم باسلامهم على النبي صلى الله عليه وسلم فانزل الله تعالى يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين نعم ومثلها ما جاء قبلها في السورة نفسها قول الله سبحانه وتعالى ولكن الله حبب اليكم ثم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله فاهتداء المؤمن وقيامه بالطاعة وبعده عن آآ الكفر والفسوق هذا كله منة من الله سبحانه وتعالى على ما شاء من عباده. كما عبر المصنف رحمه الله بهذه اللفظة الجميلة قال والمنة لله تعالى على من هدى للايمان والمنة لله تعالى على من هدى للايمان المنة لله هو هو المال وهو المتفضل. فلا مهتدي الا من هداه الله. ولا موفق للطاعة الا من وفقه جل في علاه. ولهذا قال ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة اي انه هو الذي تفضل على من شاء من عباده بان هداهم للايمان ووفقهم ان جعلهم من اهل هذا الدين العظيم. نسأل الله الكريم اه رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يجعل كل قضاء قضاه لنا خيرا وان يهدينا اليه صراطا المستقيم وان يثبتنا على الحق والهدى وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم اموات اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما حييتنا واجعله منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب واليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا