الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الامام ابو بكر محمد بن الحسين الاجرية رحمه الله تعالى باب ذكر الايمان بان اهل الجنة خالدون فيها ابدا. وان اهل النار من الكفار والمنافقين خالدون فيها ابدا قال محمد ابن الحسين رحمه الله تعالى بيان هذا في كتاب الله عز وجل وفي سنن رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى في سورة النساء والذين امنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا لهم فيها ازواج مطهرة وندخلهم ظلا ضليلا. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد هذا الباب فيه اخر مسألة من المسائل المتعلقة بالايمان بالجنة والنار وعرفنا ان الايمان بالجنة والنار ينتظم مسائل عديدة والمصنف رحمه الله تعالى اه ذكر ابوابا فيما يتعلق بالايمان بالجنة والنار ختمها بهذا الباب الايمان بان اهل الجنة خالدون فيها ابدا وان اهل النار من الكفار والمنافقين خالدون فيها ابدا اي ان حياة اهل الجنة في الجنة خلود بلا موت هو نعيم بلا انقطاع وايضا عذاب اهل النار في النار خلود بلا موت لا يقضى عليهم فيموت ولا يخفف عنهم من عذابها بل هم مخلدون فيها ابد الاباد وهذا الاصل دلت عليه دلائل كثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وقد ساق المصنف رحمه الله تعالى جملة من ايات الله تبارك وتعالى فيها التنصيص على على ذلك فيما يتعلق بالجنة وايضا فيما يتعلق بالنار ففيما يتعلق بالجنة اورد قول الله عز وجل والذين امنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا خالدين فيها ابدا اي ان نعيمهم بقاءهم ومكثهم في الجنة خلود ابدي وبقاء سرمدي بلا انقطاع ولا انتهاء. نعم قال رحمه الله تعالى وقال الله عز وجل والذين امنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا وعد الله حقا ومن اصدق من الله قيلا نعم. وقال عز وجل في سورة المائدة هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم انهم ورضوا عنه الاية وقال عز وجل في سورة براءة الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله باموالهم وانفسهم اعظم درجة عند الله اه واولئك هم الفائزون. الى قوله عز وجل واجر عظيم. نعم الى قول الخالدين فيها ابدا. ان الله عنده اجر عظيم. نعم وقال عز وجل والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا الاية وقال عز وجل في سورة الحجر ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين. لا يمسهم فيها نصبوا وما هم منها بمخرجين وقال عز وجل في سورة ان الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا وقال عز وجل في سورة الواقعة واصحاب اليمين ما اصحاب اليمين الى اخر الاية. نعم والشاهد منها لا مقطوعة ولا ممنوعة. اي دائمة وابدية نعم وقال عز وجل في سورة التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها انهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم وقال عز وجل في سورة لم يكن ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا. الى اخر السورة قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى ولهذا في القرآن نظائر كثيرة تخبر ان المتقين في الجنة خالدين امنين لا يذوقون فيها الموت ابدا ولا يخرجون من الجنة ابدا قال الله عز وجل ان المتقين في مقام امين في جنات وعيون يلبسون من سندس واستبرق متقابلين الى قوله ووقاهم عذاب الجحيم. نعم الشاهد لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى ووقاهم عذاب الجحيم. نعم قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى وقد ذكر الله تعالى في كتابه ان اهل النار الذين هم اهلها يخلدون فيها ابدا قال الله عز وجل في سورة النساء ان الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا. الا طريق جهنم خالدين فيها ابدا. وكان ذلك على الله يسيرا وقال عز وجل في سورة الاحزاب ان الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا خالدين فيها ابدا. الى اخر الاية وقال عز وجل ونادوا يا ما لك ليقضي علينا ربك قال انكم ماكثون وقال عز وجل والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وقال عز وجل في سورة الجاثية واما الذين كفروا افلم تكن اياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين. الى قوله وقيل اليوم وننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا. الى قوله ولا هم يستعتبون. الشاهد فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون اليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون اي انهم مخلدون في النار ابد الاباد. نعم قال محمد ابن الحسين رحمه الله تعالى فالقرآن شاهد ان اهل الجنة خالدون فيها ابدا. في جوار الله عز وجل في النعيم يتقلبون قال الله عز وجل وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة الاية واهل النار الذين هم اهلها في العذاب السرمد ابدا. لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون. نعم لا يفتر اي لا يخفف قال اخبرنا الفيريابي قال حدثنا اسحاق بن راهوية قال اخبرنا النضر بن شوميل عن حماد بن سلمة عن عاصم بن ابي النجود عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش املح اعفر فيوقف بين الجنة والنار ثم يقال يا اهل الجنة فيشرئبون فينظرون ثم يقال يا اهل النار فيشرئبون فينظرون فيرون ان الفرج قد جاءهم فيدعى فيذبح بين الجنة والنار. ويقال يا اهل الجنة خلود ولا موت خلود لا موت فيه ويا اهل النار خلود لا موت فيه قال اسحاق قال النظر معنى اعفر الذي منه بياض وسواد ولو اخبرنا الفيريابي قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة وعلي ابن المديني قالا حدثنا ابو معاوية محمد ابن خازم قال حدثنا الاعمش عن ابي صالح عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش املح فيوقف بين الجنة والنار فيقال يا اهل الجنة تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون فيقولون هذا الموت ويقال يا اهل النار اتعرفون هذا فيشرئبون وينظرون ويقولون هذا الموت قال فيؤمر فيذبح ثم يقال يا اهل الجنة خلود ولا موت ويا اهل النار خلود ولا موت. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وانذرهم يوم الحسرة اذ قضي الامر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون. ولهذين الحديثين طرق جماعة تم الجزء العاشر من كتاب الشريعة بحمد الله ومنه وصلى الله وسلم على رسوله محمد النبي واله لم يتلوه الجزء الحادي عشر من الكتاب ان شاء الله وبه الثقة. ختم رحمه الله تعالى هذا الباب بين الحديثين حديث ابي هريرة وحديث ابي سعيد رضي الله عنهما وفيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لنهاية الموت ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لنهاية الموت وان الموت يؤتى به يوم القيامة بعد ان يدخل اهل الجنة الجنة ويدخل اهل النار النار ولا يبقى في النار الا اهلها الكفار المخلدون فيها. فحينئذ يؤتى بالموت بهذه الصورة كما قال عليه الصلاة والسلام كانه كبش املح اعثر. والاعفر الذي منه بياض وسواد فيؤتى بهذه الصفة كانه كبش املح اعثر ويوقف بين الجنة والنار ويوقف اي الموت بين الجنة والنار. وينادى اهل الجنة اتعرفونه؟ اتعرفونه فيشرب يشتربون وينظرون ويقولون هذا الموت. لماذا قال هؤلاء هذا الموت وكذلك اهل النار قالوا هذا الموت لان الجميع قد ذاقوه. لان الجميع قد ذاقوا الموت رأوا الموت وذاقوا ولهذا يعرفونه معرفة شيء عاينوه وشاهدوه وذاقوه. فكل منهم يعرف الموت لانه ذاق الموت. جاءه موت وذاق الموت فلما يؤتى بالموت بهذه الصفة ويجعل بين الجنة وبين النار يقال لاهل الجنة اتعرفونه؟ فيقول نعم هذا الموت. ويقال لاهل النار تعرفونه؟ يقول نعم هذا الموت لان الجميع قد رآه وذاقه. ثم يذبح الموت. يذبح حقيقة كما اخبر نبينا عليه الصلاة والسلام يذبح بين الجنة والنار. الموت يذبح. بين الجنة والنار واهل الجنة يرونه وهو يذبح واهل النار يرونه وهو يذبح. وهذا الذبح للموت فيه اشعار لهؤلاء وهؤلاء ان حياتهم فيما هم فيه حياتنا ابدية حياة اهل الجنة في الجنة حياة ابدية خالدين فيها ابد الاباد وحياة اهل نار في النار حياة ابدية خالدين فيها ابد الاباد. وحينئذ يكون الامر حسرة حسرة هي اشد الحسرة. على اهل النار. وكم يتمنون من الاماني في النار فلا ينالون منها شيئا مثل ما تقدم معنا في قوله سبحانه وتعالى يا ما لك خازن النار ليقضي علينا ربك قال انكم ماكثون. ايظا قال الله سبحانه والذين والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا. ولا يخفف عنهم من عذابها. كذلك نجزي كل كفو فلا يقضى عليهم ليس هناك موت لان الموت كما في الحديث يذبح وهم يرونه بين الجنة والنار ويقال لهم على اثر ذبحه يا اهل النار خلود فلا موت ففي النار لا يقضى عليهم فيموت وايضا لا يخفف عنهم العذاب لانهم يسألون عدة امور منها ان يخفف العذاب فلا يخفف بل قال الله في سورة النبأ فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابه قال بعض المفسرين هذه اشد اية على الكفار اشد اية على الكفار اهل النار هي قول الله لهم ذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا يسألون الله ان يعيدهم من الدنيا ليعملوا صالحا غير الذي كانوا يعملونه ويسألون الله سبحانه وتعالى ان يخفف عنهم العذاب ويسألونه ان يقضى عليهم فيموتوا فلا ينالون شيئا من من ذلك بل لا يقال لهم الا فذوقوا فلن نزيدكم الا عذاب ويبقون في اه في النار خالدين مخلدين ابد الاباد وهذه الايات التي ساق المصنف رحمه الله تعالى تدل على ان من العقيدة الواجب اعتقادها في الجنة والواجب اعتقادها في النار ان الجنة والنار باقيتان لا تفنيان واهلها مخلدون فيها ابد الاباد فاهل الجنة في الجنة في نعيما مقيم واهل النار في النار في عذاب دائم هؤلاء مخلدون في النعيم وهؤلاء مخلدون في العذاب بهذا يكون انتهى ما اراد المصنف رحمه الله تعالى بيانه فيما يتعلق من عقيدة في الجنة والنار وسبق ان اشرت الى ان جملة ما يجب اعتقاده فيما يتعلق في الجنة والنار يرجع الى امور ستة الاول منها ان الجنة والنار حق قد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يستفتح صلاة الليل بقوله والجنة حق والنار حق والامر الثاني ان الجنة والنار موجودتان مخلوقتان وقد مر معنا عند المصنف رحمه الله تعالى جملة من الدلائل على ذلك والامر الثالث ان انهما باقيتان. كما اوضح الادلة على ذلك في الباب الاخير باقيتان لا تفنيان واهلها واهله واهل الجنة مخلدون فيها ابد الاباد واهل النار مخلدون فيها ابد الاباد والامر الرابع ان الله سبحانه وتعالى خلق للجنة اهلا وخلق للنار اهلا ووعد الجنة بان يملأها ووعد النار ايضا ان يملأها والامر الخامس الايمان اوصاف الجنة واوصاف النار في ضوء ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام فان الكتاب والسنة جاء فيهما تفاصيل كثيرة جدا فيما يتعلق بالنعيم الذي اعده الله سبحانه وتعالى اهل الجنة وفي الجنة وايضا ما ما يتعلق بالعذاب الذي وانواعه الذي اعده الله سبحانه وتعالى لاهل النار في النار فالايمان بذلك هو ايضا من الواجب اعتقاده فيما يتعلق الجنة والنار الامر السادس الايمان بالاسباب. اسباب دخول الجنة واسباب دخول النار الامور التي تقرب من الجنة والامور التي تقرب من النار قد مر عند المصنف رحمه الله احاديث فيها ان الجنة حفت بالمكاره وان النار حفت بالشهوات وهذا فيه التنبيه على ان المؤمن ينبغي عليه ان يعرف اسباب دخول الجنة وان يجاهد نفسه على القيام بها وان كرهت وان يعرف ايضا اسباب دخول النار ويجاهد نفسه على البعد عنها وان رغبت في تلك الاعمال فانه ليس من الخير للعبد ان يتمتع بلذة ثانية في لحظات قلائل ثم ثم يتبع ذلك حسرة باقية كما قال القائل تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الخزي والعار وتبقى عواقب سوء من مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار فالعاقل ينتبه ويحذر من الموبقات المهلكات التي توبق المرء وتكون موجبة لدخوله النار يوم القيامة يحذر اشد الحذر من هذه الاعمال وايضا في الوقت نفسه يجاهد نفسه على القيام بموجبات دخول الجنة واسباب دخول الجنة ولهذا فان من اهم المهمات في هذه الحياة الدنيا ان ان يعرف المرء موجبات دخول الجنة ليجاهد نفسه على فعلها والقيام بها والثبات عليها وايضا موجبات دخول النار ليجاهد نفسه على البعد عنها ومجانبتها وفي الدعاء المأثور عن نبينا عليه الصلاة والسلام اللهم اني اسألك الجنة وما قرب اليها من قول او عمل واعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول او عمل ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب وبهذا يكون المصنف رحمه الله انتهى من ذكر هذه الاصول والشرائع المتعلقة باليوم الاخر. ثم اه عقد ابوابا كثيرة تتعلق بالايمان بالنبي عليه الصلاة والسلام وذكر فضائله وخصائصه وايضا فيما يتعلق بمناقب الصحابة واطال في ذلك ونسأل الله الكريم ان ينفعنا اه اجمعين ان يزيدنا علما وتوفيقا وتسديدا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا واله وصحبه. جزاكم الله خيرا