الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الامام ابو بكر محمد بن الحسين الاجري رحمه الله تعالى باب صفة رسول الله صلى الله عليه سلم في التوراة والانجيل وقد امروا باتباعهم في كتبهم. قال رحمه الله تعالى قد تقدم ذكرنا لقول الله عز وجل عذابي اصيب به من اشاء ورحمتي وسعت كل شيء فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل الاية. وقال عز وجل واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم تصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد. فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا مبين قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى فقد علمت اليهود ان محمدا صلى الله عليه وسلم نبي. وانه مرسل انه واجب عليهم اتباعه وترك وانه واجب عليهم اتباعه وترك دينهم لدينه. وتركه وترك دينهم لدينه واوجب عليهم بيان نبوته لمن لا كتاب عنده من المشركين. وكانوا قبل ان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم يقاتلون العرب فكانت العرب تهزم اليهود فقالت اليهود بعضهم لبعض تعالوا حتى نستفتح قتالنا للعرب بمحمد الذي نجده مكتوبا عندنا انه يخرج نبيا من العرب فكانوا اذا التقوا قالوا اللهم بحق محمد النبي الامي الذي وعدتنا انك تخرجه الا نصرتنا عليهم فاجابهم الله عز وجل فنصر اليهود على العرب فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به حسدا منهم له على علم منهم انه نبي حق لا شك فيه عندهم فلعنهم الله عز وجل فانزل في فانزل الله عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين قال اخبرنا ابراهيم بن موسى الجوزي قال حدثنا يوسف بن موسى قال حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن ابيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت اليهود فعاد اليهود يوما في الدنيا وقالوا اللهم نسألك بحق محمد النبي الامي الذي وعدتنا انك تخرجه لنا في اخر الزمان الا نصرتنا عليهم قال فكانوا اذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان فلما بعث النبي فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم به فانزل الله عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به لعنة الله على الكافرين بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد قال المصنف الامام محمد ابن الحسين الاجري رحمه الله تعالى باب ذكر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة والانجيل وقد امروا باتباع في كتبهم عقد رحمه الله تعالى هذه الترجمة لبيان ان النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قد ذكره الله عز وجل باسمه واوصافه في التوراة والانجيل فسماه وذكر مبعثه وما بعث به وانه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وذكر نعوته وصفاته وهذه الاوصاف كلها يجدها اليهود والنصارى في كتبهم يجدها اليهود والنصارى في كتبهم فمنهم من امن به لما بعث عليه الصلاة والسلام فوجد الاوصاف التي ذكرت في كتبهم مطابقة لهذا النبي ودعوته صلوات الله وسلامه عليه وكثير منهم عرفوا النبي وانه الذي بشر به في كتبهم وانها هذه هي اوصافه لكن حملهم من طوت عليه قلوب من شدة البغي وتراكم الحسد على عدم قبول دعوته صلوات الله وسلامه عليه لا لشيء الا للحسد والبغي ليس عن عدم معرفة به بل كانوا يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وكانوا على يقين انه هو النبي الذي بعثه الله سبحانه وتعالى وبشرت به الانبياء من قبله ووجدوا صفاته في التوراة وفي الانجيل لكنهم لم يؤمنوا به ولم يؤمن به كثير منهم من اجل الحسد والبغي الذي انطوت عليه قلوبهم ولهذا الحسد والبغي والهوى يعمي صاحبه ويحول بينه وبين قبول الحق وهو شر يتعوذ بالله سبحانه وتعالى منه لان القلب الذي ينطوي على الحسد وينطوي على البغي لا يقبل حقا ولا يكف عن باطل بل يحمله حسده على مزيد من الطغيان والبغي العدوان ورد الحق وعدم قبوله كما هو المثال واضحا في حال اليهود ذكر رحمه الله تعالى ايتين من كتاب الله عز وجل الشاهد من الاولى قول الله سبحانه وتعالى الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل معنى مكتوبا عندهم اي باسمه وصفته صلوات الله وسلامه عليه فذكر في التوراة والانجيل باسمه وذكر ايضا بصفاته وذكر ايضا هو دعوته التي يدعو اليها ولهذا في تمام الاية مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر واعظم المعروف التوحيد واشنع المنكر الشرك بالله سبحانه وتعالى والاية الثانية قول الله سبحانه وتعالى واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد عيسى عليه السلام ذكر نبينا عليه الصلاة والسلام باسمه وانه يبعث وبشر به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه لكن لما بعث وجاءت البينات في الظاهرات الجليات على صدقه وانه هذا الذي بشر به عيسى قالوا هذا سحر مبين سحر مبين اي بين واضح مع ان الذي آآ جاء به ودعا اليه هو الذي دعا اليه عيسى عليه السلام توحيد الله واخلاص الدين له سبحانه وتعالى وعيسى من قبل بشر به وذكر صفاته صلوات الله وسلامه عليه ومع ذلك تلقوا ذلك بالجحود وعدم القبول الحاصل ان عيسى عليه السلام شأنه في هذا المقام شأن الانبياء الذين من قبله فان كل نبي بعثه الله فان كل نبي بعثه الله سبحانه وتعالى يصدق بالنبي الذي قبله ويبشر بالنبي الذي بعده. يصدق بالنبي الذي قبله ويبشر بالنبي الذي بعده وعيسى اه بعثه الله عز وجل مصدقا لما بين يديه من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعد اسمه احمد. يأتي من بعد اسمه احمد فالحاصل ان هذه الاية فيها الدلالة فيها الدلالة على ان ان نبينا عليه الصلاة والسلام قد ذكر في الكتب السابقة. قال الشيخ الاجري رحمه الله معلقا قال اليهود علمت ان محمدا صلى الله عليه وسلم نبي وهذا العلم جاءهم من الكتاب الذي بين ايديهم والصفات التي يجدونها مكتوبة عندهم في التوراة وانه مرسل وانه واجب عليهم اتباعه وترك دينهم لدينه. صلوات الله وسلامه عليه. واوجب عليه بيان نبوته لمن كان لمن لا كتاب عندهم المشركين اوجب عليهم ذلك وكانوا قبل ان يبعث صلى الله عليه وسلم يقاتلون العرب فكانت العرب تهزم اليهود فقالت اليهود بعضهم لبعض تعالوا حتى نستفتح قتالنا للعرب محمدا صلى الله عليه وسلم الذي نجده مكتوبا عندنا اي في التوراة انه يخرج نبيا من العرب وهذا يشير فيه رحمه الله الى ما جاء في الاية الكريمة وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا وكانوا من قبل يعني اليهود يستفتحون على الذين كفروا اي كفار قريش المشركين كفار العرب عن الشرك والوثنية والتعلق بالاصنام فكان اذا وقع بينهم قتال استفتحوا بالنبي عليه الصلاة والسلام والمعنى المعنى في قوله وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا اي يستنصرون بهذا النبي يقولون انه سيبعث وسنقاتلكم معه وسننتصر عليكم وسنقاتلكم معه وسننتصر عليكم فكانوا يتوعدون المشركين بمبعث هذا النبي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة فيقول سيبعث فيكم وسنكون نحن من انصاره ومن اعوانه ونقاتلكم ها هو نهزمكم ولما بعث جحدوا وكفروا بهذا النبي حسدا وكانوا من قبل يستفتحون به على على الذين كفروا اي على المشركين هذا معنى الاية اما ما ذكره رحمه الله تعالى انهم كانوا اذا التقوا قالوا اللهم بحق محمد النبي الامي الذي وعدتنا انك تخرجنا الا نصرتنا عليه فهذا لا يصح فهذا لا يصح وهذا من من التوصلات الباطلة التي ما اقام عليها دليل صار المصنف الى ما يتعلق بان هذا هو المعنى الى الاثر الذي ساقه بعد آآ كلامه رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت يهود خيبر تقاتل وغطفان فكلما التقوا هزمت اليهود فعاد اليهود يوما في الدنيا فقالوا اللهم انا نسألك بحق محمد النبي الذي ان تخرجه لنا في اخر الزمان الى اخر هذا الخبر والاسناد فيه عبد الملك ابن هارون متروك باتفاق ائمة اهل الحديث بل رماه جمع من ائمة الحديث بالوظع كما جاء عن يحيى قال كذاب وابن حبان قال كان يظع الحديث وقال السعدي دجال كذاب فآآ الاسناد لا يصح الاسناد لا يصح والحاصل ان المعنى في الاية الكريمة قوله وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا اي يستنصرون على المشركين كين بمبعث النبي عليه الصلاة والسلام وانه سيبعث وانهم سيكونون معه ومن انصاره واعوانه وانهم يهزمون الكفار لكن لما بعث عليه الصلاة والسلام جحدوا وكفروا به صلوات الله وسلامه عليه فكان هذا الجحود والانكار موجبا لحلول اللعنة قال تعالى فلعنة الله على الكافرين نعم قال رحمه الله تعالى واخبرنا ابو عبيد علي ابن الحسين ابن حرب القاضي قال حدثنا ابو الاشعث احمد بن مقدام قال حدثنا وهب ابن جرير قال حدثني ابي قال سمعت محمد بن اسحاق قال حدثني صالح بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد عن سلامة ابن سلامة ابن وقش قال كان بين ابياتنا رجل يهودي فخرج علينا ذات غداة ضحى حتى جلس الى بني الاشهل في ناديهم وانا يومئذ غلام شاب علي بردة لي مضطجع بفناء اهلي فاقبل اليهودي فذكر والقيامة والجنة والنار. وكان القوم اصحاب وثن لا يرون حياة تكون بعد الموت. فقالوا ويحك يا فلان اترى اترى هذا كائنا ان الله عز وجل يبعث العباد بعد موتهم اذا صاروا ترابا وعظاما وان غير هذه الدار يجزون فيها بحسن اعمالهم ثم يسيرون الى جنة او نار؟ قال نعم والذي نفسي بيده وايم الله لوددت ان لوددت ان حظي من تلك النار ان انجو منها ان يسجر لي تنور في داركم. ثم اجعل فيه ثم يطبق علي. قالوا له وما علامة ذلك قال نبي يبعث الان قد اظلكم زمانه يخرج من هذه البلاد واشار الى مكة قالوا ومتى يكون ذلك الزمان قال ان يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه. قال سلمة فما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وان اليهودي لحي بين اظهرنا فامنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقناه وكفر به اليهودي وكذبه فكنا نقول له ويلك يا فلان اينما كنت تقول؟ قال قال انه ليس به بغيا وحسد قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى فاكثر اليهود كفروا. والقليل منهم امن برسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عبد الله بن سلام وبعده كعب كعب الاحبار. نعم ثم اورد رحمه الله رحمه الله تعالى هذا الخبر في قصة هذا اليهودي الذي كان بيته قريبا او بين ابيات المشركين فكان يحدثهم عن مبعث النبي عليه الصلاة والسلام ويذكر لهم صفاته وانه يبعث وانما كان مبعثه مكة وكل ذلك يذكره من خلال ما كان يجده مكتوبا عندهم في التوراة وكان يذكر لهم من اصول الايمان البعث والقيامة والجنة والنار وكان هؤلاء المشركون الذين حوله لا لا يرون حياة تكون بعد الموت وينكرون ذلك وينكرون على هذا اليهودي ينكرون عليه فكان يؤكد هذا الامر ويخبرهم المبعث مبعث النبي عليه الصلاة والسلام ويؤكد خبر مبعثه صلوات الله وسلامه عليه وان لمبعثه قريب وقد دنا وقت مبعثه وكان يخبر بانه اذا بعث يكون من اتباعه لكن لما بعث عليه الصلاة والسلام امن به هؤلاء وجحد هذا اليهودي الذي كان يخبرهم به وهذا يفيدنا ان جحد اليهود لهذا النبي عليه الصلاة والسلام هو جحد عن حسد ليس عن عدم علم او عن شك وانما عن حسد لعظم ما قام في قلوبهم من البغي والحسد فلم يؤمنوا بهذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه فكانوا يقولون له يقولون لها الست كنت تقول لنا كذا وكذا؟ ويلك يا فلان اينما كنت تقول فقال يقول انه ليس به يعني يجحد والسبب البغي والحسد بغيا وحسدا وهذه حال كثير من اليهود الذين جحدوا دعوة النبي عليه الصلاة الصلاة والسلام مع انهم على يقين من امره وانه نبي صادق وانه مبشر به في التوراة الانجيل ويجدون اوصافه في التوراة والانجيل لكنهم جحدوا وكفروا وكذبوا بغيا وحسد نعم قال رحمه الله تعالى حدثنا ابو بكر ابن ابي داود قال حدثنا عبد الملك ابن شعيب ابن الليث قال حدثني ابي عن جدي عن خالد ابن زيد عن سعيد بن ابي هلال ابن اسامة عن عطاء ابن يسار عن عبد الله ابن سلام انه كان يقول انا لنجد صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وحرص الاميين انت عبدي ورسولي سميته المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب بالاسواق ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو تجاوز لن اقبضه حتى يقيم الله الالسنة المعوجة بان يشهدوا ان لا اله الا الله يفتح به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا قال عطاء بن يسار واخبرني ابو واقد الليثي انه سمع كعب الاحبار يقول ما قال ما قال ابن سلام نعم يعني اورد رحمه الله تعالى هذا الخبر للتأكيد على ما ذكره سابقا ان بعض اليهود الذين عافهم الله سلمهم من الحسد لما بعث امنوا به فرأوا ان هذا النبي هو الذي يجدون اوصافه مكتوبة في التوراة فامنوا به وصدقوا بما جاء به صلوات الله وسلامه عليه فكان عبد الله بن سلام وكعب الاحبار يذكرون انهم كانوا يجدون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرز الاميين. ومعنى حرز الاميين ان يحوطهم و يحفظهم ببيان الدين الذي هو وحفظ للعباد وحرز العباد من الشرور وهذا فيه ان الدين والتمسك به حرز المؤمن. وصيانة له واعظم باب لحفظه وايضا يستفاد من ان البعد عن الدين هلاك للمرء. فلا يحوط المرء ويحفظه مثل الحفظ والمحافظة على دين الله سبحانه وتعالى قال انت عبدي ورسولي سميته المتوكل اي على الله سبحانه ليس بفض ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق. ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويتجاوز لن اقبضه حتى يقيم الله الالسنة المتعوجة بان يشهد ان لا اله الا الله يفتح به اعينا عميا اذانا صما وقلوبا غلفا وهذا نظير ما تقدم في الباب الذي قبله من قول ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لكن الشاهد منه ان عبد الله بن سلام كعب الاحبار من كانوا من اليهود وقد من الله سبحانه وتعالى عليهم بالايمان بهذا النبي صلوات الله وسلامه عليه نعم قال محمد ابن الحسين رحمه الله تعالى واما النصارى فقد اثنى الله عز وجل على من امن منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم لانه مكتوب عندهم في الانجيل فاثنى عليهم عز وجل باحسن ما يكون من الثناء حدثنا ابو بكر عمر بن سعد القراطيسي قال حدثنا احمد بن منصور الرمادي قال حدثنا ابو صالح عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى. قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة يخاف على اصحابه من المشركين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن ابي طالب وعبدالله بن مسعود وعثمان بن مظعون في رهط من اصحابه الى النجاشي ملك باشا فلما بلغ ذلك المشركين بعثوا عمرو بن العاص في رهط منهم ذكر انهم سبقوا اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الى النجاشي. فقالوا له انه قد خرج فينا رجل سفه عقول قريش واحلامها زعم انه نبي وانه بعث اليك رهطا ليفسدوا عليك قومك فاحببنا ان نأتيك ونخبرك خبرهم. فقال ان جاؤوني نظرت فيما يقولون فقدم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاتوا الى باب النجاشي فقالوا استأذن لاولياء الله فقال اذن لهم فمرحبا باولياء الله فلما دخلوا عليه سلموا فقال له الرهط من المشركين الا ترى ايها الملك ان صدقناك وانهم لم ايوك بتحيتك التي تحيا بها فقال لهم ما منعكم ان تحيوني بتحيتي؟ قالوا حيينا حييناك تحية اهل الجنة وتحية الملائكة. فقال لهم ما يقول صاحبكم في عيسى وامه؟ قالوا يقول هو عبدالله وهي كلمة من الله وروح منه القاها الى مريم. ويقول في مريم انها العذراء الطيبة البتول. قال فاخذ عودا من الارض فقال ما زاد عيسى وامه على ما قال صاحبكم فوق هذا العود فكره المشركون قوله وتغيرت له وجوههم فقال لهم هل تعرفون شيئا مما انزل عليكم؟ قالوا نعم قال رأوا فقرأوا وحوله القسيسون والرهبان كلما قرأوا انحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق. قال الله عز وجل بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون. واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من مما عرفوا من الحق يقولون ربنا امنا فاكتبنا مع الشاهدين نعم ثم اورد هذا الخبر مبينا من خلاله الفرق بين اليهود والنصارى فان شأن النصارى دون اليهود في باب الحسد والبغي والشام فيهم كما جاء في الاية الكريمة ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا ان نصارى. ولهذا القبول عندهم للدعوة دعوة النبي عليه الصلاة والسلام اكثر لان لانه لم يقم في قلوبهم مثل ما قام في قلوب اليهود من الحسد والبغي واليهود على مر التاريخ من اشد الامم حسدا ومن اكثرهم بغيا عدوانا والشر في اليهود والعياذ بالله متجذر وولهذا قلوبهم عمي عن الحق وان عرفوا الحق واستبان لهم وظهر فانه لا يتلقونه بالقبول لشدة الحسد والبغي الذي هو متجذر في قلوبهم متأصل في نفوسهم فامر النصارى دون هؤلاء وهم اقرب مودة للذين امنوا ولهذا التلقي لدعوة النبي عليه الصلاة والسلام عندهم اكثر من اليهود. وذكر هنا قصة قال النبي عليه الصلاة والسلام لجعفر آآ ابن عمه وابن مسعود وعثمان ابن مظعون فراق من الصحابة الى النجاشي ومحاولة فالمشركين آآ الحيلولة بينهم وبين المقام عند النجاشي واكرامه لهم فسبقوهم اليه وحاولوا ان يا يجعل في نفس النجاشي شيئا عليهم فارسلوا لمندوبا لهم يسبق هؤلاء المسلمين الى النجاشي وهو عمرو ابن العاص قبل اسلامه رضي الله عنه وارضاه فلما ذهب لم يتلقى النجاشي ما قال به بالتسليم بل انتظر حتى اتوا وسمع ما قالوا ثم اكد ذلك لما ذكروا له النبي عليه الصلاة والسلام ودعوته قال اخذ عودا من الارض فقال ما زاد عيسى وامه على ما قال صاحبكم فوق هذا العود يعني ان دعوتهم واحدة ان دعوتهم واحدة وكلامهم متطابق ما ثمة فرق بينما كان يدعو اليه عيسى وما يدعو اليه محمد عليه الصلاة والسلام. فكره المشركون قوله وتغيرت له وجوههم فقال لهم هل تعرفون شيئا مما انزل عليكم؟ قالوا نعم. قال فقرأوا وحولها القسيس قسيسون والرهبان كلما قرأوا انحدرت دموعهم لان هذا الذي يستمعون اليه في هذه الايات التي تقرأ من القرآن مطابق لما يجدونه مكتوبا عندهم في الانجيل الذي عند المصنف رحمه الله تعالى فيه ابو صالح عبد الله بن صالح ظعيف لكن الخبر آآ والقصة مشهورة ونقلها جماعة من آآ اهل العلم والحفاظ كالامام احمد و وغيره وهي مشهورة وتروى بطرق وبالفاظ مختلفة لكنها من حيث الاصل اصل القصة ثابتة ومشهورة نعم قال رحمه الله تعالى واخبرنا ابراهيم بن موسى الجوزي قال حدثنا يوسف بن موسى القطان قال حدثنا عمرو بن حمران عن سعيد بن ابي عروبة عن قتادة في قول الله عز وجل ولتجدن اقربهم مودة الى قوله عز وجل فاكتبنا مع الشاهدين. قال اناس من اهل اهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى عليه السلام يؤمنون به وينتهون اليه فلما بعث الله عز وجل صلى الله عليه وسلم صدقوه وامنوا به. وعرفوا ان الذي جاء به الحق من الله عز وجل فاثنى الله عز وجل عليهم بما تسمعون نعم يعني انهم بخلاف حالهم بخلاف حال اليهود. نعم قال رحمه الله تعالى حدثنا ابو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال حدثنا عبد الله بن شبيب البصري قال حدثنا محمد بن عمر الجبيري من ولد جبير بن مطعم قال حدثتني ام عثمان بنت سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيها عن ابيه. قال سمعت جبير بن مطعم رضي الله يقول لما بعث الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وظهر امره بمكة خرجت الى الشام فلما كنت ببصرة اتاني جماعة من النصارى فقالوا امن اهل الحرم انت؟ قلت نعم. قالوا اتعرف هذا الرجل الذي تنبأ قبلكم؟ قلت نعم فادخلوني ديرا لهم وفيه تماثيل وصور فقالوا انظر هل ترى صورة هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فقلت لا ارى صورته فادخلوني تقديرا لهم اعظم من ذلك الدير فقالوا هل ترى صورته؟ فرأيت فقلت لا اخبركم حتى تخبروني فاذا انا بصفة رسول صلى الله عليه وسلم وصورته وصفة ابي بكر وصورته وهو اخذ بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي هل ترى صورته؟ قلت نعم. قلت لا اخبركم حتى اعرف ما تقولون. قالوا اهو هذا؟ قلت نعم. قالوا اتعرف هذا الذي قد اخذ بعقبه؟ قلت نعم. قالوا نشهد ان هذا صاحبك وان هذا الخليفة من بعده. نعم يعني هذا الخبر لا يثبت من حيث الاسناد اما من حيث المعنى ان النصارى يجدون صفة النبي عليه الصلاة والسلام ان المطابقة له عليه الصلاة والسلام وايضا دعوته وما كان يدعو اليه وايضا ذكرى اتباعه وما كانوا وما هم عليه من العبادة والتصديق والنصرة للنبي صلى الله عليه وسلم هذا هذي امور كانوا يجدونها عندهم في التوراة. واما هذا الخبر في بهذا السياق الذي جاء هنا لا يثبت لان في الاسناد عبد الله بن شبيب البصري وهو اخباري واهي حديثه لا حديث ليست متلقاة عند اهل العلم بالقبول لانه رجل واه نعم قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى وقد وقد ذكرت قصة هرقل ملك الروم ومساءلته لابي سفيان رضي الله عنه عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم انه حق وقصة وقصة دحية الكلبي لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قيصر صاحب الروم ثم احضر له اسقفا من عظماء النصارى فلما وصفه دحية امن به القس وعلم انه النبي الذي انه النبي الذي يجدونه في الانجيل فقتلته النصارى وعلم قيصر انه النبي فجشعت نفسه من القتل فقال لدحية ابلغ صاحبك انه نبي ولكن لا اترك ملكي. وقد ذكرت قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه وخدمته للرهبان وقصة الراهب الذي عرفه صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه يبعث من مكة وامره ان يتبعه فكان كذلك ثم اسلم سلمان رضي الله عنه. وقد ذكرت جميع ذلك في فضائله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت تصديق الجن والشياطين واخبارهم لاوليائهم من الانس بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم. فامن جماعة من العرب الاصنام وحسن اسلامهم. نعم يعني اشار هنا على وجه الاختصار الى هذه القصص التي تؤكد ما عقد هذه الترجمة لبيانه وهو ان النبي عليه الصلاة والسلام قد جاء ذكره وذكر صفته ودعوته في التوراة والانجيل وانهم كانوا مأمورين باتباعه وتلقي ما جاء به صلى الله عليه وسلم بالقبول وان منهم من امن ومنهم من حال بينه وبين الايمان موانع لان فكثير من الناس يتبين لها الحق لكن يحول بينه وبين قبوله موانع من ضمن هذه الموانع الحسد والبغي ومنها الاصرار على البقاء على عقيدة الاباء والاجداد ومنها الرغبة في بقاء الرئاسة والزعامة وكثرة الاتباع منها تأثير ائمة الباطل ودعاة الضلال ان اطعن سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيل ومنها تأثير قرناء السوء الى غير ذلك من الاسباب وقد جمع هذه الاسباب او جلها الشيخ عبدالرحمن ابن سعدي رحمه الله تعالى في رسالة له نافعة جدا اه مطبوعة بعنوان السؤال وجواب في اهم المهمات في اخرها لانه ذكر اه تساؤلا يطرأ على الذهن يعني مع وضوح الاسلام وجماله وحسن ما يدعو اليه فما الذي يمنع الناس من قبوله ما الاشياء التي تحول بينهم وبين قبوله؟ فذكر موانع تصل الى عشرة موانع اوضحها رحمه الله تعالى كانت من وراء الحيلولة بين كثير من الناس قبول الحق والهدى فمن الناس من يرده عن قبول الحق الحسد والبغي ومنهم من يرد عن الحسد ان الاصرار على البقاء على ما كان عليه الاباء والاجداد من ديننا ومعتقد منهم من يؤثر فيه دعاة الباطل وائمة الضلال الى غير ذلك من الموانع التي منعت اكثر الخلق من قبول الحق مع ظهوره وبيانه وجلاءه. نسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير. وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولولاة امرنا وللمسلمين والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم هيئ لنا من امرنا رشدا اللهم تأتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا