الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى. وغفر له وللشارح والسامعين قال المرتبة الثالثة الاحسان ركن واحد وهو ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. والدليل قوله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقوله وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين وتقلبك في الساجدين. انه هو السميع العليم. وقوله وما تكونوا في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون وما تكونوا في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد قال المصنف رحمه الله تعالى المرتبة الثالثة الاحسان وهو ركن واحد المرتبة الثالثة اي من مراتب الدين وعرفنا سابقا ان الدين ثلاث مراتب وهي الاسلام والايمان والاحسان وهذه المرتبة هي الاتيان وهذه المرتبة هي اعلى مراتب مراتب الدين وارفعها ثم يليها مرتبة الايمان ثم يليها مرتبة الاسلام وليس بعد الاسلام الا الكفر فمرتبة الاحسان هي اعلى مراتب الدين وارفعها فهي مرتبة عليا ومنزلة رفيعة لا يبلغها كل احد وانما يبلغها من يسر الله تبارك وتعالى له ووفقه لبلوغ هذه المرتبة والاحسان الاحسان المراد به الاجادة والاتقان الاحسان المراد به الاجادة والاتقان وهذه المرتبة مرتبة الاحسان المراد بها ايقاع العمل والعبادة على اكمل الوجوه واحسن الاحوال في الظاهر والباطن والسر والعلن فالمحسنون من عباد الله اهل الاحسان من عباد الله هم الذين اتقنوا العبادة بحيث اتوا بها ووقعت منهم كاملة من جميع الوجوه ظاهرا وباطنا سرا وعلان وذلك لعظم مراقبتهم لله سبحانه وتعالى في عبادتهم وتقربهم الى الله جل وعلا فهم حالهم في عبادة الله انهم يعبدون الله كأنهم يرون الله وهذا فيه انهم بلغوا الرتبة العلية في المراقبة بلغوا الرتبة العلية في المراقبة مراقبة الله في اعمالهم بحيث تكون قلوبهم حاضرة وشاهدة بعيدة عن الغفلة قال وهو مرتبة واحدة او ركن واحد يعني هذا هذا الركن او هذه المرتبة مرتبة الاحسان ركن واحد مر معنا الاسلام خمسة اركان والايمان ستة اركان والاحسان ركن واحد وهو ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك هذه مرتبة الاحسان اي اتقنوا عملهم وعبادتهم الى ان صار حالهم في العبادة بهذا الصلاح ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وهذا وان كان ركنا واحدا الا ان بعض اهل العلم يعده مقامين بعض اهل العلم يعده مقامين في الاستحضار والمراقبة الاول ان تعبد الله كانك تراه وهذا اعلى المقامين ان يكون في عبادته لله سبحانه وتعالى كانه يرى الله كانه ينظر الى الله جل وعلا والمقام الثاني وهو دون هذا المقام وهو من الاحسان في قوله فان لم تكن تراه فانه يراك يعني ان لم تبلغ هذه الدرجة ان تعبد الله كأنك تراه فاعبده مستحظرا رؤيته لك واطلاعه سبحانه وتعالى عليك ثم اخذ رحمه الله يذكر الادلة من القرآن الكريم على هذه المرتبة فذكر جملة من الادلة بدأها بقول الله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون اتقوا اي ابتعدوا واجتنبوا كل ما يسخط الله ويغضب جل وعلا من المعاصي والذنوب فكانوا من الذنوب على حذر متقين ومبتعدين عن كل امر يسخط الله جل وعلا والذين هم محسنون اي في عبادتهم لله ومراقبتهم له جل وعلا واصلاح حالهم في السر والعلن والغيب والشهادة وانهم يعبدون الله سبحانه وتعالى عبادة من يراقب الله ويخشاه جل وعلا قال ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون والاية دلت على فضل الاحسان وعلو مقامه من جهة اثبات معية الله سبحانه وتعالى الخاصة للمحسنين لان المعية في مقام المدح والثناء تكون المعية الخاصة يراد بها المعية الخاصة وهي تعني الحفظ والتأييد والنصر والعون قال الله جل وعلا لنبيه عليه الصلاة عليه الصلاة والسلام اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا قول النبي عليه الصلاة والسلام لابي بكر رضي الله عنه لا تحزن ان الله معنا وقول الله تعالى لموسى واخيه هارون انني معكما اسمع وارى معكما فالمعية في مثل هذه الايات معية خاصة وهي لا تكون الا لانبياء الله وعباده المتقين وهي تقتضي الحفظ والنصر والعون والتأييد وفي الحديث القدسي يقول الله جل وعلا ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها. ورجله التي يمشي عليها. ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذ بي لاعيذنه معنى كنت سمعه كنت بصره كنت يده معنى ذلك ان الله يؤيده في سمعه وفي بصره ويكون حافظا له في حواسه جل وعلا فهذه الاية فيها دلالة على فضيلة الاحسان وعظم ثواب المحسنين وان الله سبحانه وتعالى معهم حافظا وناصرا ومعينا ومؤيدا ثم ذكر رحمه الله الاية الثانية وهي قول الله تعالى وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين انه هو السميع العليم قوله وتوكل اي فوض امورك كلها الى الله واعتمد عليه سبحانه وتعالى وحده في جلب النعماء وفي كشف الضر والبلاء فلا تلجأ الا اليه ولا تعتمد الا عليه قال وتوكل على العزيز الرحيم في اية اخرى قال وتوكل على الحي الذي لا يموت وهنا قال وتوكل على العزيز الرحيم في الاية الاخرى قال وتوكل على الحي الذي لا يموت لان التوكل لجوء واعتماد ولا يكون هذا اللجوء الا لواحد وهو الحي الذي لا يموت اما الحي الذي يموت والحي الذي قد مات والجماد الذي لا حياة له اصلا كل هؤلاء لا يتوكل عليهم لا يتوكل الا على الحي الذي لا يموت وهو رب العالمين لا شريك له ومن سوى الله اما حي سيموت او حي قد مات او جماد لا حياة له وكل هذه الاصناف لا يتوكل عليهم التوكل لا يكون الا على الحي الذي لا يموت وهو رب العالمين سبحانه وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول في دعائه اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت اعوذ بعزتك لا اله الا انت فانت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون فهذه فائدة عظيمة في باب التوكل والالتجاء والاعتماد والاعتصام لا يكون شيء من ذلك الا على الحي الذي لا يموت وهو رب العالمين اما الحي الذي يموت والحي الذي قد مات والجماد الذي لا حياة له كيف يتوكل على هؤلاء وكيف يعتمد على هؤلاء وهنا في هذه الاية قال وتوكل على العزيز الرحيم ذكر هذين الاسمين في مقام الامر بالتوكل عليه وحده وتوكل على العزيز الرحيم وذلك لان المتوكل اما متوكل في دفع ضراء او متوكل في جلب نعمان اما متوكل في دفع ضراء او متوكل في جلب نعماء فلا يكن توكله في شيء من ذلك الا على العزيز الرحيم فالعزيز هو القاهر الذي لا يغلب فاذا لجأت اليه في كشف ضراء وشدة وبلاء فهو جل وعلا عزيز قادر لا يغلب واذا كان توكل عليه في جلب نعماه فهو جل وعلا رحيم بعباده يمن ويعطي ويتفظل ويحسن توكل وتوكل على العزيز الرحيم اي ليكن توكلك على من هذا شأنه الله جل وعلا الذي يراك حين تقوم الذي يراك حين تقوم وهذا موضع الشاهد من الاية مرتبة الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين الذي يراك ان ينظر اليك ويطلع عليك ولا تخفى عليه منك خافية يراك حين تقوم حين تقوم لله خاشعا خاضعا مناجيا سائلا راغبا طامعا يراك جل وعلا يراك سبحانه من فوق سبع سماوات ويرى جميع المخلوقات وجميع الكائنات لا يفوته شيء ولا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء يرى جميع الكائنات يرى سبحانه دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فالليلة الظلماء ويرى جريان الدم في عروقها ويرى كل جزء من اجزائها الذي يراك وهذا فيه دعوة للعبد ان يعبد الله سبحانه وتعالى مستشعرا رؤية الله له مستشعرا رؤية الله له ومحظرا ذلك في قلبه الذي يراك حين تقوم عندما تقوم تصلي فاعلم ان الله يراك يراك حال قيامك وحال سجودك وتقلبك في الساجدين تركع وتسجد وتركع وتسجد هذا التقلب يراك الله جل وعلا على هذه الاحوال كلها وهذا فيه دعوة استحضار هذا الامر في القيام والركوع والسجود بحيث يكون العبد في صلاته وعبادته يعبد الله كأنه يرى الله فان لم تكن تراه فانه يراك انه هو السميع العليم السميع للاصوات السميع للاصوات وسع تبارك وتعالى سمعه الاصوات كلها لو قام الاولون والاخرون من زمن ادم من الانس والجن في صعيد واحد ودعوا في لحظة واحدة وكل يذكر حاجته وكل يتكلم بلغته ولهجته لسمعهم رب العالمين اجمعين دون ان يختلط عليه صوت بصوت او حاجة بحاجة او لغة بلغة قال جل وعلا في الحديث القدسي وهو في صحيح مسلم يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فاعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا الا كما ينقص المخيط اذا غمس في اليم اي في البحر جاءت امرأة الى النبي عليه الصلاة والسلام في بيته تجادل في زوجها وتشتكي الى الله وذلك عندما ظهرها زوجها قال انت علي كظهر امي ولها منه اولاد فجاءت حزينة متألمة تجادل النبي صلى الله عليه وسلم في زوجها وتشتكي الى الله فكانت تكلمه في مصيبتها وعائشة رضي الله عنها في البيت تقول كنت اسمع بعض الكلام ويفوتني بعضه وبمجرد ان تنتهي من الحديث مع النبي صلى الله عليه وسلم ينزل قول الله تعالى قد سمع الله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير قالت عائشة رضي الله عنها على اثر ذلك سبحان الذي وسع سمعه الاصوات سبحان الذي وسع سمعه الاصوات قال انه هو السميع العليم اي بعلم واسع ربنا وسعت كل شيء احاط بجميع الامور واحاط بجميع الاشياء احاط جل وعلا بكل شيء علما واحصى كل شيء عددا علم جل وعلا ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ليس فقط ما سيكون بل الاشياء التي لا تكون علم الله سبحانه وتعالى امرها لو كانت كيف تكون ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه هذا امر لا يكون هذا امر لا يكون الكفار يوم القيامة لا يردون الى الدنيا مرة ثانية لا يردون الى الدنيا مرة ثانية هذا امر لا يكون لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ولا يردون الى الدنيا مرة ثانية هذا شيء لا يكون والله جل وعلا يقول ولو ردوا لادوا لما نهوا عنه يعني لو اعادهم جل وعلا الى الدنيا مرة ثانية لعادوا الى الشرك والكفر لعادوا لما نهوا عنه. امر لا يكون لكن رب العالمين علم جل وعلا لو كان هذا الامر كيف يكون؟ فهو علم ما كان وعلم ما سيكون وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون احاط بكل شيء علما قال انه هو السميع العليم هنا تستشعر اثر معرفة العبد باسماء الله وصفاته في تحقيق العبادة وتكميلها فاذا استحضر العبد ان الله سميع وانه بصير وانه عليم وهذه الامور الثلاثة ذكرت في الاية البصير السميع العليم البصير في قوله الذي يراك والسميع العليم ختمت بهما الاية فاستحضار هذه الاسماء وما تدل عليه من الصفات البصير السميع العليم استحضار العبد لها في صلاته يرفعه في صلاته الى درجة الاحسان يرفعه في درجاته في صلاته الى درجة الاحسان في عبادته والتقرب وتقربه الى الله جل وعلا واذا ذهب عنه استحضار هذه الاسماء استولت عليه الغفلة سواء في صلاته او في غيرها من العبادات قال وقوله وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اتفيضون فيه وهذي فيها معنى الاية السابقة يقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وما تكونوا في شأن اي في اي شأن من شؤونك وامر من امورك وحال من احوالك وما تتلو منه من قرآن اي ما تتلو شيئا من هذا الكتاب في اي وقت وفي اي ساعة وفي اي لحظة ولا تعملون من عمل اي لا تدخلون في اي عمل من الاعمال الا كنا عليكم شهودا الا كنا عليكم شهودا اتفيضون فيه. اي اذ تدخلون وتشرعون فيه فالله سبحانه وتعالى شهيد شهيد لا يدخل العبد في عمل ولا يشرع في طاعة ولا في اي شأن من الشؤون وحال من الاحوال الا والله شهيد الا والله جل وعلا شهيد وهو على كل شيء شهيد جل وعلا وهو على كل شيء شهيد اي مطلع لا تخفى سبحانه وتعالى عليه خافية فهذه الايات تأملها والوقوف عند مضامينها ودلالاتها يعين العبد باذن الله تبارك وتعالى للترقي بلوغ الاحسان في عبادته والاتقان في طاعته وتقربه لله سبحانه وتعالى ولما انهى المصنف رحمه الله مراتب الدين الثلاثة وذكر اركان كل مرتبة وذكر الدليل على ذلك كله من القرآن ختم ذلك بذكر حديث جبريل المشهور الذي جمع فيه النبي عليه الصلاة والسلام مراتب الدين كلها نعم. قال والدليل من السنة حديث جبريل المشهور عند عمر رضي الله عنه قال عن عمر رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اطلع علينا رجل شديد بياض الثياب سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد. حتى جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد اخبرني عن الاسلام. فقال رسول الله الله عليه وسلم الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال فاخبرني عن الايمان. قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت. قال فاخبرني عن الاحسان. قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. قال فاخبرني عن الساعة قال فما المسئول عنها باعلم من السائل؟ قال فاخبرني عن اماراتها. قال ان تلد الامة ربتها وان الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان. قال فمضى فلبثنا مليا فقال يا عمر اتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله اعلم. قال هذا جبريل اتاكم يعلمكم امر دينكم اورد رحمه الله تعالى هنا هذا الحديث والعظيم المشهور بحديث جبريل وذلك لان جبريل عليه السلام وهو افضل الملائكة وهو الملك الذي ينزل بالوحي الى النبي صلى الله عليه وسلم الروح الامين جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة بسورة اعرابي جاء بالسورة اعرابي بصورة رجل فجلس الى النبي عليه الصلاة والسلام هذه الجلسة وسأله هذه الاسئلة ولهذا اشتهر هذا الحديث بحديث جبريل لان النبي لانه جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام بتلك الصورة وجاء معلما جاء معلما وان كان وان كان هو في الحقيقة سائلا لكنه سائل في صورة متعلم ولهذا اخذ اهل العلم من هذا فائدة في باب الاسئلة الا وهي ان السائل احيانا يستطيع ان يكون معلما للناس مثل ان يكون في المجلس عالم ويحس احد الحاضرين بمسألة يحتاج الجميع ان تبين لهم يحتاج الجميع ان تبين لهم او مسائل فيطرحها وهو يعرف الجواب لكن يريد ان يستفيد الجميع فيكون في الحقيقة سائل ولكن في الواقع معلم يريد ان يتعلم الناس وله اجره على احسانه وحرصه بينما بعض المجالس قد يأتي فيها العالم الذي يستفاد منه فيضيعها بعض الناس يضيعها على الحاضرين دون استفادة او باسئلة لا يكون من ورائها طائل او لا تفيد الحاضرين فالسؤال امر يحتاج الى اه حسن نية وحسن قصد في طلب الفائدة وصدق مع الله تبارك وتعالى في الرغبة مثل قول وفد عبد القيس للنبي عليه الصلاة والسلام مرنا بقول فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة وهذا يبين متى يكون السؤال اه صالحا حسنا قال مرنا بقول فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة اذا كان السائل يقصد بسؤاله ان يدخل الجنة بمعرفة الخير والعلم ويخبر الاخرين لينتشر الخير والعلم فالشاهد ان هذا الحديث فيه فائدة عظيمة في هذا الجانب قال عمر رضي الله عنه بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد هذا الامر بهذه الصفة في زمنهم ووقتهم يعد امرا في غاية الغرابة اما في زماننا ليس امرا مستغربا في زماننا قد يأتي كالرجل من اقصى الدنيا ولا ترى عليه اثر السفر لا ترى عليه وهج الصحراء ولا لفح الرياح ولا الشمس ولا ترى عليه اثر الغبار والتراب ما ترى عليه شيء من ذلك بينما في وقتهم المسافر يعرف انه شخص جاء مسافرا لان الغبار يملأ الجسم والشمس اثرت في الجسم والرياح ايضا اثرت فيعرف ان هذا الشخص مسافر فجاءهم شخص شديد بياض الثياب وشديد سواد الشهر المسافر لا يمكن ان يأتي في وقتهم بمثل هذه الهيئة قال لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد غريب جدا لا يرى عليه اثر السفر اي علامة من علامات السفر المعهودة لا ترى عليه وايضا ليس احد يعرفه يعني ليس من اهل المدينة. رجل جاء مسافرا ليس من اهل المدينة ومع هذا جاء بهذه الهيئة وبهذه الصفة وهنا يا اخوان يحسن بنا ان نذكر نعمة الله علينا بوسائل النقل الحديثة التي يسرها الله جل وعلا في هذا الزمان واذا تأملت في هذه الوسائل مقارنا بالوسائل القديمة تجد ان الحاج لا يصل من بعض البلدان البعيدة الا بعد الشهر والشهرين في معاناة وشدة والان واهله يودعونه توديع من لا من لا يعود فيه مخاطر ومخاوف ومهالك واخطار متعددة والان يركب بمركب مريح واجواء مكيفة يمر بالعواصف وبالرياح ولا يشعر بها ولا يدري عنها الى ان يصل المكان الذي يريد وفي الطريق كل ما اراد ان يكلم اهله كلمهم وكل ما ارادوا ان يكلموه يكلمونه وصلنا الى هنا اتينا الى هنا انا بخير انا بعافية بينما قديما يغيب الشهر والشهرين والثلاثة ليحج ولا يدري اهله هل هو حي او ميت الا اذا فاجأهم راجعا والان النعمة بسهولة المواصلات وتيسرها يحج من اقصى الدنيا في خلال سبعة ايام بما فيها ايام الحج بينما في وقت من الاوقات بعض المناطق ما يصل الا بالشهرين او الثلاثة يأتون من بعض الدول بالسفن الشراعية ثلاثة اشهر بعضهم في السفينة حتى يصل ثلاثة اشهر قادم وثلاثة اشهر راجع وبعض كبار السن ادركوا فهذه المعاناة اخبروا عنها وتحدثوا عن اسفارهم ومعاناتهم ولهذا ينبغي على الانسان ان يذكر نعمة الله سبحانه وتعالى عليه وان يحرص على استعمال هذه النعم والوسائل في طاعة الله وفيما يقرب الى الله سبحانه وتعالى الان انعم الله سبحانه وتعالى على الناس الجوال في الجيب يحمله وهي نعمة عظيمة يطمئن على اهله ويطمئنون عليه. ومع ذلك بعظ الذين يحملون الجوالات ما يتقون الله في مساجد المسلمين ولا يراعون حرمة المساجد التي احب الاماكن الى الله ولا يراعون حرمة الصلاة ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ولا يرعون للمؤمن مكانته والمصلي صلاته خشوعه ولهذا ترى دائما في مساجد المسلمين الناس يصلون ثم تضرب الموسيقى هنا وهناك داخل المساجد هل هذا فعل من يتقي الله ويخاف الله جل وعلا ويراقب الله تظرب الموسيقى والمعازف المحرمة في مساجد المسلمين المسلمون في صلاتهم سجد وركع ثم تضرب الموسيقى وتستمر تضرب في ايذاء شديد وتفويت للطاعة والعبادة والخشوع واذية لعباد الله تبارك وتعالى في صلاتهم فهل هؤلاء قدروا نعمة الله حق قدرها قل مثل هذا ايضا في وسائل النقل يكرم الله سبحانه وتعالى عبده بسيارة طيبة جيدة يتنقل فيها ثم يمشي فيها الى المحرمات ويستمع فيها للمحرمات هل رعى لنعمة الله حقها قال ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي فينبغي للعبد ان يذكر نعمة الله سبحانه وتعالى عليه وان يشكر الله على النعمة واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم وان يحرص على استعمال النعمة في طاعة الله فهذا من شكرها اعملوا ال داوود شكرا من شكر الله على النعمة ان تستعمل النعمة في طاعة الله فان استعمل الانسان النعمة في معصية الله لم يشكر الله جل وعلا على نعمته قال حتى جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه اي جلس جلسة ادب ووقار واحترام بين يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وقال يا محمد اخبرني عن الاسلام وقال يا محمد اخبرني عن الاسلام قال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا فذكر مباني الاسلام الخمسة وقد تقدمت معنا وتقدم ايضا شيء من الكلام على مضامينها ومعانيها فقال الرجل السائل الذي هو جبريل قال صدقت قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه عجبنا له يسأله ويصدقه هذا ايضا امر عجيب تعجبوا من الامر الاول وتعجبوا هنا من هذا الامر يسأل ويصدق والذي يصدق من هو قال اعلم الذي يصدق الاعلم ولهذا جاء في بعض الروايات كانه اعلم منه عجبنا له يسأله ويصدقه يجيب النبي عليه الصلاة والسلام على سؤاله ويقول صدقت فتعجب الصحابة رضي الله عنهم من ذلك لان هذه تدل على علم عند هذا السائل اما لا من لا علم له لا يستطيع ان يحكم او يقول مثل هذا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فاخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت وهذه اركان الايمان الستة ومضى ايضا الكلام على معانيها قال فاخبرني عن الاحسان قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ذكر هنا الاحسان وان له ركن واحد وهو ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ومضى ايضا الكلام على هذه المرتبة ويكون بهذا ذكر في الحديث المراتب الثلاثة للدين الاسلام ثم الايمان ثم الاحسان واعلى هذه المراتب الاحسان ويا اعلى مراتب الدين وارفعها ومن كان محسنا فهو مؤمن مسلم ومن كان مؤمنا فهو مسلم وليس كل مسلم مؤمنا ولا كل مؤمن محسنا فهذه درجات متفاوتة تعرف من خلال هذا الحديث العظيم وهذه الامور الثلاثة الاسلام والايمان والاحسان هي ديننا ولهذا ختم النبي عليه الصلاة والسلام الحديث بقوله هذا جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. فهذا ديننا ديننا مراتب ثلاث اسلام وايمان واحسان قال فاخبرني عن الساعة وجاء في بعض الروايات متى الساعة؟ متى وقت الساعة قال اخبرني عن عن الساعة اي عن وقتها فقال عليه الصلاة والسلام ما المسؤول عنها باعلم من السائل ما المسئول عنها باعلى من السائل اي علم الساعة ليس عندي ولا عندك وانما هو عند الله جل وعلا يسألك الناس عن الساعة قل انما علمها عند الله. وما يدريك لعل الساعة تكون قريبة فالساعة علمها عند رب العالمين ولا يعلم قيامها الا رب العالمين جل وعلا علمها عند الله قال ما المسئول عنها باعلم من السائل بهذا اجاب عليه الصلاة والسلام جبريل وجاءه في حديث اخر رجل وقال سائلا النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة ماذا قال له ماذا اعددت لها قال متى الساعة؟ قال ماذا اعددت لها وهذا فيه ان السائل اذا سأل في امر لا يعنيه او لا يحسن به ان يسأل عنه فالمناسب ان يوجه الى السؤال المناسب ان يوجه الى السؤال المناسب فاذا قال متى الساعة يوجه الى السؤال المناسب وهو الاستعداد للساعة هذا هو المهم المهم الاستعداد الساعة اتية لا ريب فيها قادمة لا محالة فليس المهم ان تعرف متى الساعة. المهم ان تستعد للساعة وبعضهم يضرب لهذا مثالا تقريبية للتوضيح يقول لو كان اناس في بلدة واقبل عليهم عدو اقبل عليهم عدو يريد مداهمة البلد الذي هم فيه فجاءهم رجل وقال العدو وصل جاء العدو اتي العدو وصل قادم عليكم فانقسموا فريقين فريق اخذ يستعد ويتهيأ ويتجهز للملاقاة والاخرين جلسوا بدون عمل متى يصل وين المسافة؟ كم باقي وجالسين بدون عمل فالسؤال الصحيح في مثل هذا المقام هو الاستعداد سواء تأتي الساعة غدا او بعد غد او بعد سنة او اقل او اكثر المهم هو الاستعداد. والتهيؤ ان يستعد ويتهيأ. قال ماذا اعددت لها؟ ماذا اعددت لها قال ما اعددت لها من كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة. ولكني احب الله ورسوله قال انت مع من احببت قال انت مع من احببت قال انس راوي الحديث ما فرحنا بشيء بعد فرحنا بالاسلام مثل فرحنا بهذا الحديث قال انس وانا احب رسول الله وابا بكر وعمر وارجو الله جل وعلا ان يجعلني معهم وان لم ابلغ مثل عملهم وهذا فيه فضيلة حب انبياء الله وعباد الله والصحابة الكرام وانه يبلغ بالانسان مبلغا عظيما في الرفعة والخير ورضا الله سبحانه وتعالى عنه قال انت مع من احببت قال انت مع من احببت قال ما المسئول عنها باعلى من السائل؟ قال فاخبرني عن اماراتها الامارات العلامات امارة اما رأي علامة اخبرني عن اماراتها اي اخبرني عن علاماتها اشراطها اخبرني عن اماراتها اي عن اشراطها وعلاماتها. ما هي العلامات علامات الساعة قال النبي عليه الصلاة والسلام ان تلد الامة ربتها. ربتها اي سيدتها وهذا قيل في معناه اقوال منها ان السراري تكثر في العرب حتى يوجد ان الامة تلد سيدتها حتى يوجد ان الامة تلد سيدتها هذا من المعاني التي قيلت وقيل غير ذلك قال ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة الحفاة الذين ليس عندهم نعال للفقر والعوز والحاجة والعراة ليس عندهم لباس او يكون عندهم لباس لا يكفي ولا يستر ولا يفي من شدة الفقر ان ترى الحفاة العراة العالة اي الفقراء رعاء الشاة يعني الذي الواحد منهم ليس عنده الا قليل من الاغنام يرعاها ويقتات هو واهله وولده اغنام قليلة عند هذا الذي يملك ان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ان يتنافسون ايهم اطول بناء من الاخر هذا يبني ادوار وهذا يأتي بجنبه ويبني اعلى والاخر يبني اعلى يتنافسون من الاطول؟ والارفع بناء يتطاولون في البنيان قال فمضى اي ذهب هذا الرجل الغريب ذهب فلبثنا مليا اي بقينا زمنا ووقتا وجاء في بعض الروايات ان النبي صلى الله عليه وسلم امرهم طلب الرجل بالبحث عنه فلم يجدوا له اثر لم يجدوا له اثر قال فلبثنا مليا فقال يا عمر اتدري من السائل اتدري من السائل؟ هل تدري من هذا الرجل الذي جاء وجلس وسأل تلك السؤالات اتدري من السائل قلت الله ورسوله اعلم قال اهذا جبريل السائل جبريل هذا جبريل اتاكم يعلمكم امر دينكم جاء يعلمكم الدين فالحديث حديث تعليم الدين هذا الحديث حديث تعليم الدين وقد جمع فيه الدين جمع فيه الدين بمراتبه وذكرت الاركان لكل مرتبة وبينت احسن بيان فهو حديث مشتمل على بيان امر الدين شمل على بيان امر الدين وهو جامع ومن اجمع الاحاديث في هذا الباب ولهذا كان بعض اهل العلم يطلق على هذا الحديث ام السنة يطلق على هذا الحديث ام السنة نظير الفاتحة في القرآن يقال لها ام القرآن وذلك لانها اجملت ما فصل في القرآن وهذا الحديث اجمل ما فصل في السنة ولهذا اطلق عليه بعض اهل العلم ام السنة لانه حديث جامع جمع فيه النبي صلى الله عليه وسلم الدين والحديث ينبغي ان يعنى به كل مسلم حفظا ومذاكرة ومراجعة هو حديث عظيم جامع نافع ثم بعد ذلك دخل المصنف رحمه الله تعالى في بيان الاصل الثالث بمعرفة النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه. ولعلنا نكتفي بهذا القدر والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه