بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول ابن القيم الجوزي رحمه الله تعالى الوابل الصيب فصل وانما يستقيم له هذا باستقامة قلبه وجوارحه فاستقامة القلب بشيئين احدهما ان تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب فاذا تعارض حب الله تعالى وحب غيره سبق حب الله تعالى حب ما سواه فرتب على ذلك مقتضاه وما اسهل هذا بالدعوى وما اصعبه بالفعل فعند الامتحان يكرم المرء او يهان وما اكثر ما يقدم العبد ما يحبه هو ويهواه او يحبه كبيره او اميره او شيخه او اهله على ما يحبه الله تعالى فهذا لم تتقدم محبة الله تعالى في قلبه جميع المحاب ولا كانت هي الحاكمة عليه المؤمرة عليه وسنة الله تعالى فيمن هذا شأنه ان ينكد عليه محابه وينغصها عليه فلا ينال شيئا منها الا بنكد وتنغيص داء الله على ايثاره هواه وهوى من يعظمه من الخلق او يحبه على محبة الله تعالى وقد قضى الله تعالى قضاء لا يرد ولا يدفع ان من احب شيئا سواه عذب به ولابد وان من خاف غيره سلط عليه. وان من اشتغل بشيء غيره كان شؤما عليه. ومن اثر غيره عليه لم يبارك له فيه. ومن ارضى غيره بسخطه اسخطه عليه ولابد الامر الثاني الذي يستقيم به القلب تعظيم الامر والنهي وهو ناشئ عن تعظيم الامر الناهي فان الله تعالى ذم من لا يعظمه ولا يعظم امره ونهيه. قال الله سبحانه وتعالى ما لكم لا ترجون لله وقارا. قالوا في تفسيرها ما لكم لا تخافون لله تعالى عظمة. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. امين اما بعد في هذا الفصل يتحدث الامام ابن القيم رحمه الله تعالى عن الاستقامة استقامة القلب واستقامة الجوارح وفي القرآن الكريم ايات كثيرة يأمر الله فيها بالاستقامة كقوله سبحانه وتعالى فاستقيموا اليه واستغفروه فاستقم كما امرت وفي القرآن ايات كثيرة في ثواب من استقام وعظيم جزاءه عند الله ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون وقد بين الامام ابن القيم رحمه الله تعالى ان الاستقامة التي امر الله سبحانه وتعالى بها وجاءت النصوص حافة وحاضة عليها هي استقامة في القلب واستقامة في الجوارح وبين رحمه الله تعالى بما تكون الاستقامة في القلب وفي الجوارح قال رحمه الله تعالى فاستقامة القلب بشيئين اي تكون استقامته بتحقيق امرين اما الامر الاول ان تكون محبة الله عز وجل فيه اي القلب مقدمة على جميع المحاب لتقديم محبة الله على جميع المحاب علامة وهي في الوقت نفسه محنة للعباد ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم فعلامة بصدق هذه المحبة حسن الاتباع لامر الله وشرعه والطواعية والامتثال لامره سبحانه وتعالى يقول الامام ابن القيم رحمه الله تعالى فاذا تعارض حب الله وحب غيره سبق حب الله تعالى حب ما سواه هذا علامتها علامة تقديم محبة الله في القلب انه اذا تعارض في القلب حب الله او حب سواء سبق الى القلب حب الله تبارك وتعالى فرتب على ذلك مقتضى الذي هو العمل والانقياد والامتثال لامر الله جل وعلا كما في الاية المشار اليها قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله يقول ابن القيم رحمة الله عليه وما اسهل هذا بالدعوة وما اسهل هذا بالدعوة يعني دعوة المرء انه يحب الله وان محبة الله مقدمة في قلبه هذا بالدعوة سهل اذا اردت ان تعرف سهولة هذا الامر بالدعوة فانظر قول آآ اليهود الذين هم اخص العباد وابعدهم عن طاعة الله عز وجل اخوان القردة والخنازير يقولون نحن ابناء الله واحباؤه الدعوة سهلة من السهل على كل انسان ان يدعي هذه الدعوة انه يحب الله او ان الله يحبهم بل ان هذه الدعوة اصبحت رخيصة في كثير من الالسن ويبنون يبنونها حتى على توافه الامور او بعض النعم الظاهرة او نحو ذلك فما اسهلها كما يقول ابن القيم رحمه الله بالدعوة لكن الدعاوى اذا لم يقم عليها بينات اهلها ادعياء لابد من العلامة والبرهان الدالة على صدق هذه الدعوة ولهذا انظر الجواب في القرآن على مثل هذه الدعوة وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ثم ذكر الله عز وجل البرهان بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون الشاهد من الاية قل هاتوا برهانكم. هاتوا البرهان هاتوا الدليل على صدق هذه الدعوة يقول ابن القيم ما اسهل هذا بالدعوة وما اصعبه بالفعل ما اصعبه بالفعل وما اسهلهم بالفعل على من يسره الله تبارك وتعالى عليه فعند الامتحان يكرم المرء او يهان وما اكثر ما يقدم العبد مما يحبه هو ويهواه او يحبه كبيره او اميره او شيخه او اهله على ما يحبه الله ويرضاه سبحانه وتعالى فهذا لم تتقدم محبة الله عز وجل في قلبه جميع المحاب اذا في استقامة قلب هذا الشخص على الطاعة نظر لان علامة استقامة الطاعة كما يقرر رحمه الله تعالى تقديم محاب الله فالذي يقدم محاب الله سبحانه وتعالى على غيره هذا علامة على ان قلبه مستقيم علامة على ان قلبه مستقيم على طاعة الله لكن اذا اصبح القلب تأتيه الاوامر بذكر محاب الله ويجنبها ويميل عنها ويتنقل حسب هواه في مبتغيات نفسه ومراداتها. معرضا عما يحبه ربه ومولاه هل هذا القلب مستقيم او معوج اين الاستقامة الاستقامة لها امارة ذكرها رحمه الله وهي ان يكون ان تكون محبة الله عز وجل هي المقدمة هي المقدمة قال فهذا لم تتقدم محبة الله تعالى في قلبه جميع المحاب ولا كانت هي الحاكمة عليها والمؤثر عليها وسنة الله فيمن هذا شأنه ان ينكد عليه محابه وينغصها عليه فلا ينال شيئا منها لان الله سبحانه وتعالى ابى الا تكون سعادة الا بطاعته ولا هناءة عيش الا برضاه وتحقيق ما يحب. كما قال الله سبحانه وتعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون وقال فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى اي يسعد في الدنيا والاخرة ذكر العلامة الثانية لاستقامة القلب تعظيم الامر والنهي تعظيم الامر والنهي تعظيم اوامر الله وتعظيم نواهي الله. وهذا التعظيم للامر والنهي مبني على تعظيم الامر سبحانه وتعالى الناهي جل في علاه فهذه ايضا علامة اخرى على استقامة القلب ان يكون القلب يعظم اوامر الله يعظم اوامر الله اوامر الله لها عظمة لها مكانة ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب علامة على تقوى القلوب علامة على استقامة القلوب اذا كان القلب معظما لشعائر الله سبحانه وتعالى قال تعظيم الامر والنهي وهو ناشئ عن تعظيم الامر الناهي سبحانه وتعالى فان الله ذم من لا يعظمه ولا يعظم امره ونهيه قال الله عز وجل ما لكم لا ترجون لله وقارا وقارا اي عظمة ما لكم لا ترجون لله وقارا اي لا تعظمون الله حق تعظيمه مثلها وما قدروا الله حق قدره يعني ما عظموه سبحانه وتعالى حق تعظيمه قالوا في تفسيرها ما لكم لا تخافون لله عظمة وايضا قيل في تفسيرها ما لكم لا تعظمون الله حق تعظيما فهي تدور على هذا المعنى تدور على هذا المعنى لا ترجون لله وقارا اي لا تعظمون الله تعظيم الذي يليق به ومن تعظيم الله تعظيم امره ونهيه كما قال سبحانه وتعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. نعم قال رحمه الله تعالى وما احسن ما قال شيخ الاسلام في تعظيم الامر والنهي هو الا يعارض بترخص جاف ولا يعرضا لتشديد غال ولا يحمل على علة الانقياد ومعنى كلامه ان اول مراتب تعظيم الحق عز وجل تعظيم امره ونهيه وذلك لان المؤمن يعرف ربه عز وجل برسالته التي ارسل بها رسوله صلى الله عليه وسلم الى كافة ومقتضاها الانقياد لامره ونهيه وانما يكون ذلك بتعظيم امر الله عز وجل واتباعه. وتعظيم نهيه واجتنابه. فيكون تعظيم لامر الله تعالى ونهيه دالا على تعظيمه لصاحب الامر والنهي. سبحانه وتعالى نعم ويكون بحسب هذا التعظيم من الابرار المشهور لهم بالايمان والتصديق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الاكبر فان الرجل قد يتعاطى فعل الامر لنظر الخلق وطلب المنزلة والجاه عندهم الملاهي خشية سقوطه من اعينهم وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع صلى الله عليه وسلم على المناهي. فهذا ليس فعله وتركه صادرا عن تعظيم الامر والنهي. ولا عن تعظيم الامر الناهي. نقلنا هنا رحمه الله تعالى عن هذه الكلمة عن شيخ الاسلام ومراده ابو اسماعيل الهروي وابو اسماعيل الهروي له كتاب يقال له منازل السائرين شرحها الامام ابن القيم رحمه الله تعالى شرحا موسعا في كتابه مدارج السالكين وهذه الكلمة التي نقل هنا هي من كتابه لابن القيم رحمه الله شرح عليها في مدارج السالكين فنقل عن الهروي بتعظيم الامر والنهي هو الا الا يعارض بترخص جاف ولا يعرض لتشديد غال الاوامر والنواهي حال الانسان التي هي الاعتدال ان يكون فيها وسط ان يكون فيها وسط بين الغلو والجفاء والافراط والتفريط والناس مع الاوامر والنواهي على اقسام ثلاثة قسم يأخذ مسلك الجفاء مثل ما عبر فابو اسماعيل بقوله بترخيص جاث يترخص لنفسه وانواع الترخصات عند الناس كثيرة حتى ان آآ كثير من الناس في باب الترخص يفعل ما شاء هو وما اراد من ترك الاوامر وفعل النواهي ويقول مترخصا الدين يسر. الدين ما فيه تشديد الدين سماحة ويسر ويترك حتى فرائض بعضهم حتى فرائض يترك ويرتكب واذا قيل له في ذلك قال الدين يسر. الدين ليس فيه تشديد كثير ما يتكئ الناس على ترخيص مثل ما وصفه ابو اسماعيل ترخيص جافي فيه جفاء اي جفاء اعظم من ان يقابل الانسان ويصادم شريعة الله واوامر الله بهذه الترخصات التي فيها جفاء مع شرع الله يأمره الله فلا يأتمر وينهاه الله سبحانه وتعالى ولا ينتهي ويتكئ على هذا الجفاء يتكئ على هذا الجفاء فهذا جانب يسلكه بعض الناس بل يسلكه كثير من من الناس وخاصة من يتبعون اهواءهم بغير هدى من الله اذا قيل له اتكأ على الترخص الجافي القسم الاخر اخذوا مأخذ الغلو في الدين والتنطع والزيادة على حد الشرع والرغبة عن المأثور قد قال عليه الصلاة والسلام عن عن من سلك هذا المسلك ومن رغب عن سنتي فليس مني قال اوفي في مثل هذا الشأن في الغلو قال من رغب عن سنتي فليس مني يقول ابو اسماعيل ولا يعرض لتشديد الغال تشديدا غان يعني لا يعرض لغلو غلو في الدين يزيد عن حد الشرع يزيد عن حد المأمور سبحان الله الغالي الغالي يرى ان الشريعة قاصرة فيكملها بزعمه بغلوه يرى فيها نقص فيكملها بغلوه في دين الله سبحانه وتعالى وهذا تشديد وتعسير ولا ولا يحمل على علة توهن الانقياد اي تظعف الانقياد. وكثيرا ما يؤتى بمثل هذه العلل التي تظعف في قلوب الانقياد الامتثال لامر الله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله فعلامة التعظيم للاوامر رعاية اوقاتها وحدودها والتفتيش على اركانها واجباتها وكمالها والحرص على تحسينها وفعلها في اوقاتها والمسارعة اليها عند وجوبها. والحزن والكآبة والاسف عند فوات حق من حقوقها كمن يحزن على فوت الجماعة ويعلم انه لو تقبلت منه صلاته منفردا فانه قد فاته سبعة وعشرون ضعفا ولو ان رجلا يعاني البيع والشراء يفوته في صفقة واحدة في بلده من غير سفر ولا مشقة سبعة عشرون دينارا لاكل يديه ندما واسفا. فكيف وكل ضعف مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من الف والف الف وما شاء الله تعالى فاذا فوت العبد عليه هذا الربح خسر قطعا وكثير من العلماء يقول لا صلاة له وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة غير مرتاع لها فهذا من عدم تعظيم امر الله تعالى في قلبه وكذلك اذا فاته اول الوقت الذي هو رضوان الله تعالى او فاته الصف الاول الذي يصلي الله وملائكته على ميامنه ولو يعلم العبد فضيلته لجالد عليه ولكانت قرعة وكذلك فوت الجمع الكثير الذي تضاعف الصلاة بكثرته وقلته وكلما وكلما كثر الجمع كان احب الى الله عز وجل وكلما بعدت الخطى كانت خطوة تحط خطيئة واخرى ترفع درجة وكذلك فوت الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها بين يدي الرب عز وجل الذي هو روحها ولبها بلا خشوع ولا حضور كبدن ميت لا روح فيه افلا يستحي العبد ان يهدي الى مخلوق مثله الى مخلوق مثله عبدا ميتا او جارية ميتة فما ظن هذا العبد ان تقع تلك الهدية ممن قصده بها من ملك او امين او غيره فهكذا سواء الصلاة الخالية عن الخشوع والحضور وجمع الهمة على الله تعالى فيها بمنزلة هذا العبد او الامة الميت الذي يريد اهداءه الى بعض الملوك. ولهذا لا يقبلها الله تعالى منه. وان اسقطت الفرض في احكام الدنيا ولا يثيبه عليها. فانه ليس للعبد من صلاته الا ما عقل منها. كما في السنن ومسند الامام احمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان العبد ليصلي الصلاة وما كتب له الا نصفها. الا ثلثها الا ربعها الا خمسها حتى بلغ عشرها وينبغي ذكر هنا الامام ابن القيم رحمه الله تعالى علامة عظيمة جدا على تعظيم الاوامر وذكر مثال تعظيمها في الصلاة التي هي اعظم الاوامر بعد التوحيد واعظم الفرائض بعد بعد التوحيد واعظم مباني الاسلام بعد التوحيد هذه الفريضة العظيمة التي هي متكررة آآ بتكرر الليالي والايام خمس مرات وهي محك محك يومي يرى من خلاله المرء نفسه في باب تعظيمها لله لشرع الله سبحانه وتعالى ينظر حاله مع هذه الصلاة الصلاة ميزان يومي تعرف نفسك من خلاله ومدى تعظيمك لله وتعظيمك لشرع الله الصلاة فريضة الله اعظم فرائض الدين بعد التوحيد وهي ميزان يومي تختبر نفسك وتنظر في حال نفسك مع هذه الصلاة وقد قال عليه الصلاة والسلام من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة ضرب مثال في تعظيم الاوامر بتعظيم الصلاة وتعظيم الصلاة يكون برعاية اوقاتها وحدودها والتفتيش على اركانها وواجباتها وكمالها والحرص على تحسينها وفعلها في اوقاتها والمسارعة اليها عند وجوبها والحزن والكآبة والاسى عند فوات حق من حقوقها واخذ يسترسل في ضرب المثال بالصلاة التي هي عماد الدين واعظم اركانه بعد الشهادتين قال كمن يحزن على على فوت الجماعة من هو من هو ذاك الرجل الذي يحزن على فوت الجماعة كثير من الناس تفوته الجماعة ولا كأن شيئا حصل اصلا قلبه لا ينزعج اصلا لا يكون اي شيء في قلبه من تألم هل هذا القلب فعلا معظم الصلاة حق التعظيم هل قام قدر الصلاة في قلبه هل للصلاة في قلبه عظمة فهذه علامة كمن يحزن على فوات الجماعة ويعلم انها لو تقبلت منه صلاته منفردا وهذا فيه خلاف بين اهل العلم لان النبي عليه الصلاة والسلام قال من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له الا من عذر بعض العلماء يقول لا صلاة لها يعني لا تقبل كبعضهم يقول لا الصلاة له اي تامة كاملة لكن هذا وهذا امر مؤلم لقلب المعظم للصلاة المدرك لعظمتها ومكانتها ويعلم ان لو تقبلت منه صلاته منفردا فانه قد فاته سبعة سبعة وعشرون ضعفا ثم ضرب مثال في من آآ للتجارة الدنيوية آآ مكانة في قلبي ودخل في صفقة دخل في في صفقة وربح دينارا واحدا ربح دينارا واحدا في الوقت الذي يربح فيه الناس سبعة سبعة وعشرين دينارا. كيف يكون حزنه والمه ولو ان رجلا يعاني البيع والشراء يفوته في صفقة واحدة في بلدة في بلده من غير سفر ولا مشقة سبعة وعشرون دينارا لا كل يديه ندما واسفا فكيف وكل ضعف مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من الف والف الف يعني من ربح الدنيوي التجارة الدنيوية وما شاء الله فاذا فوت العبد عليه هذا الربح خسر قطعا قال وكثير من العلماء يقولون لا صلاة له وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة لا صلاة له وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة. فاتته الجماعة ثم يصليها وقلبه بارد ما معنى بارد غير متألم غير متألم لا لا يحزن لا يتأثر لفوت الجماعة عليه. يقول بعض العلماء يقول لا صلاة له وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة لان فراغ قلبه من هذه المصيبة عدم تألم قلبه هذا دليل على ضعف تعظيم الصلاة في في قلبه قال فارغ من هذه المصيبة غير مرتاع لها فهذا من عدم تعظيم امر الله في قلبه ايضا امر اخر يتعلق بالصلاة وكذلك اذا فاته اول الوقت الذي هو رضوان الله تعالى رضوان الله تعالى وهذا ورد فيه حديث لكن في مقال سنده ضعيف اول الوقت رضوان الله اول الوقت رضوان الله واما الصلاة في في اول الوقت ففيها قول النبي صلى الله عليه وسلم افضل الاعمال الصلاة في اول وقتها افضل الاعمال الصلاة في اول وقتها وعموما هذا هذا رضوان الله عز وجل هذا فيه نيل رظوان الله لكن آآ الحديث الذي ورد في في هذا الباب اه حديث ضعيف قال او فاته الصف الاول الذي يصلي الله وملائكته على ميامينه يشير الى الحديث الذي يروى في هذا ان الله وملائكته يصلون على ميامن الصف وايضا الحديث اسناده ضعيف لكن فظل ميامن الصف تدل عليه عمومات كثيرة جدا ويدل عليه فعل الصحابة كما في الحديث الذي في صحيح مسلم كانوا يتحرون آآ الصف الاول على يمين النبي عليه الصلاة والسلام قال ولو يعلم العبد فضيلته فضيلته والاشارة هنا فضيلته اي الصف الاول لو يعلم العبد فظيلته اي الصف الاول لجالد عليه يعني بالسيف ولكانت قرعة ولكانت قرعة وهذا يشاهد كثير في الامور الدنيوية عندما يتنازع الانسان الناس على امر دنيوي من الذي سبق اليه؟ كيف تكون شدتهم في ذلك الان في الصف الاول الصف الاول يأتي اثنين ويقول احدهما الاخر ولا يكون الاخر بعيد ويأشر له يقول لا تفضل طيب وانت وين رايح وحظك انت هذا فيه منافسة هذا فيه مجالدة لو يعلم الناس فيه قرعة وتجد شخص جاء اتي واحيانا بعضهم يخرج يخرج يشوف مثلا شخص يرى ان مثلا اكبر منه يخرج ويقول تفضل هذا فيه منافسة فيه قرعة قال قال ولو يعلم العبد فظيلته لجالد علي ولكانت قرعة وهذا ثابت في الحديث لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا قال وكذلك فوت الجمع الكثير الذي تضاعف الصلاة بكثرته وقلته قال رحمه الله وكلما كثر الجمع كان احب الى الله كل ما كثر الجمع كان احب الى الله وهذا دل عليه ما ثبت في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرجل مع الرجل ازكى من صلاته وحده وصلاة الرجل مع الرجلين ازكى من صلاته مع الرجل وما كان اكثر فهو احب الى الله وما كان اكثر يعني عددا فهو احب الى الله فكلما كثر العدد كان هذا احب الى احب الى الله سبحانه وتعالى ولهذا يقول ابن القيم وكلما كثر الجمع كان احب اه الى الله هذا اخذه من الحديث قال وما كان اكثر فهو احب الى الله هكذا قال عليه الصلاة والسلام وكلما بعدت الخطى كانت خطوة تحط خطيئة واخرى ترفع درجة ولهذا لما اراد بنو سلمة القرب من المسجد السكنة حوله. قال يا بني سلمت دياركم تكتب اثاركم. يعني تكتب خطاكم ومشيكم الى المسجد وكذلك فوت الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها بين يدي الرب سبحانه وتعالى وفي سورة المؤمنون في اولها قال الله عز وجل قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون فلما فمن لم يكن خاشعا في صلاته لم يكن من هؤلاء الذين تحقق فلاح فيما اخبر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة بل ذكر هذه في اول صفات هؤلاء وابرزها قال الذي هو روحها ولبها فصلاة بلا خشوع ولا حضور حضور يعني حضور قلب كبدن ميت لا روح فيه افلا يستحي العبد ان يهدي الى مخلوق مثل عبدا ميتا او جارية ميتة هكذا الشأن في الصلاة وهذا المثل الذي ذكره رحمه الله ضربه بعض السلف لتوضيح هذا المعنى الذي اشار اليه قال رحمه الله يعني في صلاة بلا خشوع قال ولهذا لا يقبلها الله منه لا يقبلها الله منه وان كانت تسقط الفرظ وان كانت تسقط الفرض لكن لا يقبلها لان الثواب راجع الى حضور القلب آآ الخشوع فيها قال ولا يقبلها لا يقبلها الله منه وان اسقطت الفرض في احكام الدنيا ولا يثيبها عليها فان ليس للعبد من صلاته الا ما عقل منها. وهذه كلمة تروى عن بعض السلف منهم سفيان وغيره. ليس للمرء من صلاة الا ما عقل منها ولم تصح مرفوعة الى النبي عليه الصلاة والسلام. لكن شاهدوها الحديث الذي اورده رحمه الله قال كما في السنن ومسند الامام احمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان العبد ليصلي الصلاة وما كتب له الا نصفها الا ثلثها الا ربعها الا خمسها حتى بلغ عشرها هذا التفاوت في ما كتب للعبد من صلاته النصف الربع العشر الى اخره هذا راجع الى خشوع العبد وحضور قلبه في صلاته نعم قال رحمه الله تعالى وينبغي ان يعلم ان سائر الاعمال تجري هذا المجرى فتفاضل الاعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الايمان والاخلاص والمحبة وتوابعها وهذا العمل الكامل هو الذي يكفر تكفيرا كاملا والناقص بحسبه وبهاتين القاعدتين تزول اشكالات كثيرة وهما تفاضل الاعمال بتفاضل ما في القلوب من حقائق الايمان وتكفير العمل للسيئات بحسب كماله ونقصانه. لما ذكر رحمه الله المثال فيما تقدم بشأن الصلاة قال والامر الذي ذكر جاري في سائر الاعمال. هذاك مثال فقط والا الامر جار في سائر الاعمال ثم ذكر قاعدة عظيمة جدا في الباب. باب تفاضل اعمال قال فتفاضل الاعمال عند الله بتفاضل ما في القلوب من الايمان والاخلاص والمحبة وتوابعها. هذي قاعدة عظيمة في باب المفاضلة بين الاعمال فان تفاضل الاعمال بحسب ما قام في القلب قد يصلي اثنان صلاة واحدة من حيث هيئتها الظاهرة من ركوع وسجود ونحو ذلك ويكون الفرق بين الصلاتين كالفرق بين السماء والارض لما قام في قلب احدهما من صدق وايمان وخشوع اقبال على الله ولما كان في قلب الاخر من من غفلة ولهو ونحو ذلك قال وهذا العمل الكامل الصلاة التي بحضور قلب وخشوع هذا هو العمل الكامل هو الذي يكفر تكفيرا كاملا والناقص بحسبه الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن. هل التكفير للصلوات الخمس في عموم الناس على حد سواء لا تكفير الذي في الصلاة بحسب الصلاة. ان كملت كمل التكفير وان نقصت نقص كلما كمل صلاته خشوعا وخضوعا وذلا وانكسارا بين يدي الله سبحانه وتعالى كان ذلك اعظم في التكفير بعض الصلوات لا تنهض ان تكون مكفرة لانها اصلا لم تنهض لان تكون مقبولة لم تنهض لان تكون مقبولة في قبولها نظر لما قام فيها من اهمال وتظييع وتفريط في امور هي من اركانها قال وبهاتين القاعدتين تزول اشكالات كثيرة وهما تفاضل اعمال بتفاضل ما في القلوب من حقائق الايمان وتكفير الاعمال للسيئات بحسب كماله ونقصه اذا هاتان قاعدتان في هذا الباب الاولى تتعلق بالتفظيل والاخرى تتعلق التكفير للسيئات. نعم قال وبهذا يزول الاشكال الذي يورده من نقص حظه من هذا الباب على الحديث الذي فيه ان صوم يوم عرفة يكفر سنتين ويوم عاشوراء يكفر سنة قالوا فاذا كان دأبه فاذا كان دأبه دائما انه يصوم يوم عرفة فصامه وصام يوم عاشوراء كيف يقع تكفير ثلاث سنين كل سنة واجاب بعضهم عن هذا بانه ما فضل عن التكفير ينال به الدرجات ويا لله العجب فليت العبد اذا اتى بهذه المكفرات كلها ان تكفر ان تكفر عنه سيئاته باجتماع الى بعض والتكفير بهذه مشروط بشروط موقوف على انتفاء موانع في العمل وخارجه فان علم العبد انه جاء بالشروط كلها وانتفت عنه الموانع كلها فحين اذ يقع التكفير واما عمل شملته الغفلة او لاكثره وفقد الاخلاص الذي هو روحه ولبه ولم يوفى حقه ولم حق قدره فاي شيء يكفر فاي شيء يكفر هذا العمل؟ نعم هذا فيه توضيح القاعدة التي ضربها رحمه الله تعالى ان تكفير الاعمال للسيئات بحسب كماله ونقصه وذكر رحمه الله ان هذه القاعدة تدفع الاشكال الذي يريده بعض الناس في الاعمال المكفرة ببعض الطاعات فيما جاء في النصوص مثل ما جاء في الحديث ان صوم عرفة يكفر سنتين احتسبوا على الله ان يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وعاشوراء يكفر سنة فقالوا اذا كان الانسان صام في السنة عرفة وعاشوراء هذه ثلاث سنوات بزيادة سنتين في زيادة سنتين ولو تكايس بعضهم في التفقه في هذا الباب يقول اذا ما نحتاج صيام عرفة يكفينا عاشوراء لانه يكفر سنة والباقي زيادة والباقي زيادة بين ابن القيم رحمه الله تعالى وهذا حقيقة جانب مهم ينبغي ان ينتبه لها العبد وهو ان يرى دائما في عباداته القصور والضعف ان يرى دائما في عباداته القصور حتى اذا صمت عاشوراء صمت عرفة لا تنظر الى نفسك انك قد كملت حتى اذا صليت لا تنظر الى صلاتك انها مكملة. عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول لو اعلم انه تقبلت مني سجدة واحدة خير لي من الدنيا وما فيها فلا ينظر العبد الى الى اعماله انها مكملة الاعمال ناقصة عساها ان تكفر بنقصها شيئا قليلا ولا يدري هل تكفر او لا هذا شأن المؤمن ولهذا لا لا يزال يزداد من الاعمال والاعمال وايضا يقاوم السيئات ويجانبها ويبتعد عنها فهذه القاعدة حقيقة يعني مع قيمتها العلمية فيها فائدة سلوكية للعبد فيها فائدة سلوكية عظيمة جدا العبد في حفاظه على السنن الرواتب والرغائب والمستحبات لا هزال يرى نفسه مقصر ولا يرى ولا يزال يرى ذنوبه آآ كثيرة وتفريطه عظيم نعم قال فان وثق العبد من من عمله بانه وفاه حقه الذي ينبغي له ظاهرا وباطنا ولم يعرض له مانع يمنع تكفيره ولا مبطل يحبطه من عجب او رؤية نفسه فيه او من به او يطلب من العباد تعظيمه به او يستشرف بقلبه لمن يعظمه عليه او يعادي من لا يعظمه عليه ويرى ان انه قد بخسه حقه وانه قد استهان بحرمته فهذا اي شيء يكفر ومحبطات الاعمال ومفسداتها اكثر من ان تحصر وليس الشأن في العمل انما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه فالرياء وان دق محبط للعمل. وهو ابواب كثيرة لا تحصر وكون العمل غير مقيد باتباع السنة ايضا موجب لكونه باطلا والمن به على الله تعالى بقلبه مفسد له. وكذلك المن بالصدقة والمعروف والبر والاحسان والصلة تدلها كما قال سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى واكثر الناس ما عندهم خبر من السيئات التي تحبط الحسنات وقد قال تعالى يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. فحذر سبحانه المؤمنين من اعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض وليس هذا بردة بل معصية يحبط بها العمل وصاحبها لا يشعر بهذا فما الظن بمن قدم على قول الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وطريقه قول غيره وهديه له وطريقه اليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ومن هذا قول عائشة رضي الله عنها وعن ابيها لزيد ابن ارقم رضي الله عنه لما باع بالعينة انه قد ابطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان يتوب وليس التبايع بالعينة ردة وانما غايته ان يكون معصية فمعرفة ما يفسد الاعمال في حال وقوعها ويبطلها ويحبطها بعد وقوعها من اهم ما ينبغي ان يفتش عليه العبد هذا يعني طالب العلم عموم المسلمين يظع آآ يعني تحت اشارة ويظع له في قلبه مكانة تفتيش في محبطات الاعمال وفي ضوء ما ورد بالادلة والامام ابن القيم رحمه الله ظرب هنا على هذا بعظ الامثلة ظرب على هذا بعظ الامثلة محبطات الاعمال هذا باب ينبغي ان يعتني به المسلم عناية عظيمة يعرفه حتى يحذر منه عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه. نعم فمعرفة ما يفسد الاعمال في حال وقوعها ويبطلها ويحبطها بعد وقوعها من اهم ما ينبغي ان يفتش عليه العبد ويحرص على ويحذره وقد جاء في اثر معروف ان العبد ليعمل العمل سرا لله لا يطلع عليه احد الا الله تعالى فيتحدث فيتحدث به فينتقل من فينتقل من ديوان السر الى ديوان العلانية ثم يصير في ذلك الديوان على حسب العلانية فان تحدث به للسمعة وطلب الجاه والمنزلة عند غير الله تعالى ابطله. كما لو فعله لذلك. ابطله كما لو فعله لذلك كما لو فعله رياء لاحظ انه في اول الامر قام به مخلصا وسرا لم يطلع عليه احد الا الله ثم من بعد ان اتى به مخلصا لله اخذ يحدث به بعض الناس على وجه الرياء والسمعة يقول ابن القيم فانه بهذا يبطله كما لو فعله كذلك. كان كما فعله كذلك اي كما لو فعله ابتداء كذلك يعني رياء وسمعة لان الله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه. نعم فان قيل فاذا تاب هذا هل يعود اليه ثواب العمل قيل ان كان قد عمله لغير الله واوقعه بهذه النية فانه لا ينقلب صالحا بالتوبة بل حسب التوبة ان تمحو عنه عقابه. فيصير لا له ولا عليه واما ان عمله لله تعالى خالصا ثم عرض له عجب او رياء او تحدث به ثم تاب من بعد ذلك وندم فهذا قد يعود له ثواب عمله ولا وقد يقال انه لا يعود اليه بل يستأنف العمل والمسألة مبنية على اصل وهو ان الردة هل تحبط العمل بمجردها او لا يحبطه الا عليها فيه للعلماء قولان مشهوران وهما روايتان عن الامام احمد رضي الله عنه فان قلنا تحبط العمل بنفسها فمتى اسلم استأنف العمل وبطل ما كان قد عمل قبل الاسلام. وان قلنا لا يحبط العمل الا اذا مات مرتدا. فمتى عاد الى الاسلام؟ عاد اليه ثواب عمله. وهكذا العبد اذا على حسنة ثم فعل سيئة تحبطها ثم تاب من تلك السيئة هل يعود اليه ثواب تلك الحسنة المتقدمة يخرج على هذا الاصل ولم يزل في نفسي شيء من هذه المسألة ولم ازل حريصا على الصواب فيها. وما رأيت احدا شفى فيها والذي يظهر لي والله تعالى اعلم وبه المستعان ولا قوة الا به اما الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل ويكون الحكم فيها للغالب وهو يقهر المغلوب ويكون الحكم له حتى كأن المغلوب لم يكن. فاذا غلبت على العبد الحسنات دفعت حسناته الكثيرة سيئاته ومتى تاب من السيئة ترتب على توبته منها حسنات كثيرة قد تربى وتزيد على الحسنة التي حبطت بالسيئات فاذا عزمت التوبة وصحت ونشأت من صميم القلب احرقت ما مرت به ما مرت عليه من السيئات حتى كأنها لم تكن فان التائب من الذنب لا ذنب له وقد سأل حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن عتاقة وصلة وبر فعله في الشرك هل يثاب عليه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسلمت على ما اسلفت من خير فهذا يقتضي ان الاسلام اعاد عليه ثواب تلك الحسنات التي كانت باطلة بالشرك فلما تاب من الشرك عاد اليه ثواب حسناته المتقدمة فهكذا اذا تاب العبد توبة نصوحا صادقة خالصة احرقت ما كان قبلها من السيئات واعادت عليه ثواب حسناته. يشهد آآ لهذا الاثر الذي مر معنا اثر عائشة رظي الله عنها الذي ذكر ابن القيم قال ومن هذا قول عائشة رضي الله عنها وعن ابيها لزيد ابن ارقب لما باع بلعينة انه قد ابطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان يتوب الا ان يتوب قولها الا ان يتوب يدل على هذا. نعم يوضح هذا ان السيئات والذنوب هي امراض قلبية كما ان الحمى والاوجاع امراض بدنية والمريض اذا عوفي من مرضه عافية تامة عادت اليه قوته وافضل منها حتى كأنه لم يضعف قط فالقوة المتقدمة بمنزلة الحسنات والمرض بمنزلة الذنوب والصحة والعافية بمنزلة التوبة سواء بسواء وكما ان من المرضى من لا تعود اليه صحته ابدا لضعف عافيته. ومنهم من تعود صحته كما كانت لتقاوم الاسباب وتدافعها وعود البدن الى كماله الاول ومنهم من يعود اصح مما كان واو وانشط بقوة اسباب العافية وقهرها وغلبتها لاسباب الضعف والمرض. حتى ربما كان مرض هذا سببا لعافيته كما قال الشاعر لعل عتبك محمود عواقبه وربما صحت الاجسام بالعلل فهكذا العبد بعد التوبة على هذه المنازل الثلاث. والله الموفق لا اله غيره وهو ولا رب سواه توبة اه اذا صدق العبد فيها مع الله تاب آآ توبة نصوحا كفرت عنه ذنوبه وكانت موجبة غفران ذنوبه بل وتبديل سيئاته حسنات وفضل الله على آآ التائبين عظيم الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما فالتوبة اذا اه وفق لها العبد ترفعه بعد سقوطه لان الذنوب سقوط وتدلي وهبوط ونزول فالتوبة ترفعه وبعض العلماء ضرب لذلك مثلا برجل يمشي الى مع صاحبه فسقط في البئر فانزل له دلوا رفعوه حتى صار معه خارج البئر فالتوبة اذا سقط الانسان ترفع العبد التوبة اذا سقط العبد بالذنوب ترفعه وتعيده الى حالة الاولى ولهذا كانت من افرض الفرائض واعظم الواجبات وان العبد لا يؤجلها ولا يؤخرها سبحان الله تأخير تأخير التوبة هذي مصيبة عظيمة والله مصيبة لا ينبغي للانسان ان يؤخر التوبة التوبة تجب ما قبلها هذي نعمة عظيمة ما هو الذي قبلها؟ قد يكون الذي قبلها ستين سنة قد يكون سبعين سنة التوبة تجب ذلك كله اذا صدق مع الله عز وجل قد يكون انسان عمره سبعين سنة وتحدثه نفسه في التوبة فيؤخرها اسبوع فيموت قبل الاسبوع ما اعظم حسرته وندامته لو صدق في هذا الاسبوع في التوبة الى الله محيت الستين سنة كاملة. هذا فضل الله سبحانه وتعالى فان لم يتب اخذ بالذنوب هذه كلها. وان تاب وصدق مع الله في توبته محيت عنه بل بدلت سيئاته حسنات ولهذا من الخسارة العظيمة ان يؤخر الانسان التوبة. التوبة يجب على العبد ان يبادر اليها وان يسارع اليها من كل ذنب وخطيئة نسأل الله عز وجل ان يرزقنا اجمعين التوبة النصوح. امين. وان يتقبل توبتنا. امين. وان يغسل حوبتنا. امين وان يهدي قلوبنا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون علينا به مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثارنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا