ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذه منظومة طيبة نافعة مباركة للعلامة الشيخ حافظ ابن احمد حكمي رحمه الله تعالى ضمنها جملة من الوصايا العظيمة والاداب الكريمة والاخلاق الفاضلة التي ينبغي ان يتحلى بها طالب العلم وقدم قبل ذلك بيانا وافيا لمكانة العلم ومنزلته الشريفة ومكانته الرفيعة وساق في نظمه البديع جملة من الابيات اشار فيها الى الايات الكريمات والاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مكانة العلم وفضله ومنزلته وكذلك ضمن هذه المنظومة ما ينبغي ان يعنى به طالب العلم من العلوم وذكر العلوم والتدرج فيها وطريقة التلقي الى غير ذلك مما سنقف عليه في هذا النظم وسماها رحمه الله تعالى المنظومة الميمية في الوصايا والاداب العلمية وقد طبعت اولى طبعاتها في حياته رحمه الله عام الف وثلاث مئة وثلاث وسبعين وتوفي رحمه الله عام الف وثلاث مئة وسبع وسبعين ثم بعد ذلك طبعت طبعاات عديدة ولا اعلم لها الى هذه الساعة شرحا مطبوعا وهي منظومة حافلة بالمعاني العظيمة والاداب الكريمة والاخلاق الفاضلة التي زانت او زان بها هذا النظم المبارك وحري بكل طالب علم ان يعنى بهذا النظم ان تيسر له ان يحفظه فهذا خير عظيم وان لم يتيسر الحفظ فيقرأه مرات عديدة حتى يكون اشبه بالمحفوظ ولن اقف هنا في الكلام على حياة الشيخ ونشأته العلمية ومؤلفاته وذكر شيء من حياته لان ذلك مضى معنا في هذا المكان عند شرح منظومته في العقيدة سلم الوصول ولذا نشرع في قراءة ابيات هذه المنظومة والتعليق عليها بما ييسره الله تبارك وتعالى ونسأل الله عز وجل ان يمن علينا اجمعين بالعلم النافع والعمل الصالح وان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين قال الشيخ حافظ ابن احمد الحكمي رحمه الله تعالى الحمد لله رب العالمين على آلائه وهو اهل الحمد والنعم للملك والملكوت الواحد الصمد البر المهيمن مبدي الخلق من عدم من علم الناس ما لا يعلمون وبالبيان انطقهم والخط بالقلم ثم الصلاة على المختار اكرم مبعوث بخير هدى في افضل الامم والصحب والاتباع قاطبة والتابعين باحسان لنهجهم ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت. وعد انفاس ما في الكون من نسم. نعم بدأ الناظم رحمه الله بحمد الله عز وجل والثناء عليه سبحانه بما هو اهله والبدء بحمد الله عز وجل امر درج عليه اهل العلم تأسيا بكتاب الله عز وجل وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم خطبه ورسائله صلوات الله وسلامه عليه والحمد هو الثناء على الله جل وعلا بالصفات الكاملة والافعال العظيمة وهو جل وعلا له الحمد كله اولا واخرا ظاهرا وباطنا سرا وعلنا والحمد نوعان حمد لله تبارك وتعالى على اسمائه الحسنى وصفاته العظيمة العليا وحمد على نعمه التي لا تعد ولا تحصى والائه التي لا تستقصى والناظم رحمه الله تعالى جمع بين هذين النوعين من الحمد حمد الله على الاسماء والصفات وحمده جل وعلا على الآلاء والنعم وقوله رب العالمين اي خالقهم ورازقهم ومالكهم والمتصرف فيهم خفظا ورفعا قبظا وبسطا حياة وموتا فلا رب لهم سواه ولا خالق لهم غيره جل وعلا وقوله على الائه الالاء النعم فباي الاء ربكما تكذبان الالاء النعم فهو يحمد الله عز وجل على الائه اي على نعمه التي لا تعد ولا ولا تحصى وما بكم من نعمة فمن الله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وقوله وهو اهل الحمد والنعم اهل الحمد اي الحقيق بان يحمد جل وعلا ولهذا ثبت في الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم فيما يقال الركوع اهل الثناء والمجد اي اهل انت يا الله حقيق ان يثنى عليك وان تمجد قال اهل الحمد والنعم فالنعم هو جل وعلا مسديها والمتفضل بها والمنعم جل وعلا وحده والمتفضل وحده لا شريك له في الانعام ثم قال رحمه الله ذي الملك والملكوت الواحد الصمد البر المهيمن مبدي الخلق من عدمه قوله ذي الملك بدل من لفظ الجلالة والملك قوله ذي الملك اي صاحب الملك والملك كله بيد الله جل وعلا وهو يرجع الى ثلاثة معاني الاول ثبوت صفات الملك له التي هي صفات العظمة والجلال والكمال والكبرياء وكمال القوة والعزة والقدرة الى غير ذلك من الصفات الثاني ان جميع الخلق مماليكه وعبيده ان جميع الخلق مماليكه وعبيده ومفتقرون اليه ومضطرون اليه ولا غنى لهم عنه طرفة عين يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد والثالث ان له التدبيرات النافذة يقضي في ملكه بما يشاء ويحكم بما يريد يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويقبض ويبسط ويحيي ويميت ويعز ويذل وقوله والملكوت بزيادة الواو والتاء الملكوت على وزن فعلوت وهو لفظ يأتي في كلام العرب للمبالغة مثله جبروت ورغبوت ورهبوت من الجبر والرغبة والرهبة فهي صيغة تأتي للمبالغة قال الله عز وجل قل من بيده ملكوت كل شيء وقال جل وعلا فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وثبت في الحديث الصحيح ان نبينا عليه الصلاة والسلام كان يقول في الركوع والسجود سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة وقوله الواحد هذا اسم من اسماء الله جل وعلا الحسنى قد تكرر وروده في القرآن الكريم في مواضع ومعناه اي المتفرد بصفات المجد والجلال والمتوحد بنعوت العظمة والكبرياء والجمال هو سبحانه وتعالى واحد في ذاته لا شبيه له وواحد في صفاته لا مثيل له وواحد في افعاله لا شريك له وواحد في الوهيته فليس له ند المحبة والتعظيم والذل والخضوع وهو جل وعلا الواحد الذي عظمت صفاته حتى تفرد بكل كمال وقوله الصمد وهو اسم من اسماء الله جل وعلا ورد في سورة الاخلاص ومعناه السيد العظيم الذي قد كمل في علمه وحكمته وحلمه وقدرته وعزته وجميع صفاته فهو سبحانه واسع الصفات عظيمها الذي صمدت اليه جميع المخلوقات وقصدته كل الكائنات باسرها في جميع شؤونها فليس لها رب سواه وقوله البر واسم ورد في القرآن انا كنا من قبل ندعوه انه هو البر هو اسم من اسماء الله الحسنى ومعناه اي الذي شمل الكائنات باسرها ببره وفضله ومنه وجوده وعطائه وقوله المهيمن هو اسم ثابت في القرآن في اواخر سورة الحشر ومعناه اي المطلع على خفايا الامور وخبايا الصدور الذي احاط بكل شيء علما واحصى كل شيء عددا الشاهد على الخلق باعمالهم الرقيب عليهم فيما يصدر منهم من قول او فعل وقوله مبدي الخلق من عدم اي موجدهم قال الله تعالى الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم اليه ترجعون وقال جل وعلا وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو اهون عليه وقال جل وعلا كما بدأنا اول خلق نعيده وقوله من عدم كما يدل على ذلك نصوص منها قوله تعالى هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ثم قال الناظم رحمه الله من علم الناس ما لا يعلمون بيان انطقهم والخط بالقلم من علم الناس من اسم موصول بمعنى الذي اي الذي علم الناس ما لا يعلمون والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قال جل وعلا علم الانسان ما لم يعلم وقالوا علمك ما لم تكن تعلم فالعلم منة الله جل وعلا وفضله علم الناس ما لا يعلمون قال علم الناس وهذا شامل لكل علم شامل لكل علم من علوم الدنيا وعلوم الاخرة وحظ الكافر من العلم ظاهر من الحياة الدنيا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون واكرم الله عز وجل المسلمين على تفاوت بينهم وتباين بخير العلوم وانفعها الا وهو العلم بما خلقوا لاجله واوجدوا لتحقيقه قال وبالبيان انطقهم والخط بالقلم بالبيان انطقهم البيان الابانة او التبيين عما في الظمير فالله عز وجل انطق الانسان بالبيان انطقه بالبيان فهو يتلفظ ويتكلم بلسانه ما يبين عما في ضميره والابانة عما في الظمير تكون باللسان وتكون ايضا بالخط بالقلم ولهذا فان تعليم الله سبحانه وتعالى للانسان ما لم يعلم يشمل التعليم النطقي والتعليم الخط والناظم رحمه الله جمع بينهما بقوله وبالبيان انطقهم والخط بالقلم وقوله هو الخطي معطوفة على بالبيان اي انطقهم بالبيان وانطقهم بالخط ينطق او يبين عما في ضميره بالنطق بلسانه ويبين ايضا عما في ضميره بالخط ببنانه وبقلمه ثم قال رحمه الله تعالى ثم الصلاة على المختار اكرم مبعوث بخير هدى في افضل الامم عطف هنا بالذكر الصلاة على النبي على النبي صلى الله عليه وسلم عطفها على الحمد والثناء على الله فجمع في صدر نظمه بين الحمد والصلاة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة على المختار او صلاتنا على المختار صلى الله عليه وسلم هي كما قال ابن القيم في كتابه جلاء الافهام الطلب من الله ما اخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته وهي ثناء عليه واظهار لفضله وشرفه وارادة تكريمه وتقريبه فهي تتضمن الخبر والطلب وسمي هذا السؤال والدعاء منا نحن صلاة عليه لوجهين احدهما انه يتضمن ثناء المصلي عليه والاشادة بذكر شرفه وفضله والارادة والمحبة لذلك من الله تعالى فقد تضمنت الخبر والطلب والوجه الثاني ان ذلك سمي منا صلاة لسؤالنا من الله ان يصلي عليه وصلاة الله عليه ثناؤه وارادته لرفع ذكره وتقريبه وصلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى ان يفعل ذلك به انتهى كلامه رحمه الله تعالى وقوله على المختار اي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمختار هو من اوصافه صلوات الله وسلامه عليه ومعناه المصطفى والمجتبى قال الله تبارك وتعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فمعنى المختار اي المصطفى المجتبى الذي اصطفاه ربه تبارك وتعالى واجتباه وقوله اكرم مبعوث هذا وصف له صلوات الله وسلامه عليه فهو اكرم فهو فهو عليه الصلاة والسلام اكرم مبعوث. اي افضل رسول صلى الله عليه وسلم اكرم مبعوث اي اكرم رسول والمراد بالمبعوث اي المرسل وقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه انه قال انا سيد ولد ادم ولا فخر فهو اكرم مبعوث وقوله رحمه الله بخير هدى بخير هدى اي بافضل هدى وهذا كان يقوله عليه الصلاة والسلام في كل جمعة كان يقول اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله وخير او خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم روى عليه الصلاة والسلام المبعوث بخير هدى وقوله في افضل الامم في افضل الامم اي امة محمد صلى الله عليه وسلم وهي افضل امم النبيين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين كما قال الله سبحانه وتعالى انتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وقد جاء في المسند للامام احمد رحمه الله بسند حسن عن حكيم بن معاوية عن ابيه رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انتم توفون سبعين امة انتم خيرها واكرموها على الله تبارك وتعالى قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد وظهر اثر هذا الاختيار في اعمالهم واخلاقهم وتوحيدهم ومنازلهم في الجنة ومقاماتهم في الموقف وقول الله جل وعلا كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله دال على خيرية هذه الامة من وجوه من جهة كمال ايمانهم بالله ومن جهة امرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ومن جهة كونهم خير الناس للناس وهذا معنى استظاره بعظ الصحابة من الاية كما جاء عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال في معنى الاية قال خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في اعناقهم حتى يدخلوا الاسلام وكذا قال غير واحد من السلف ومن وجوه خيرية هذه الامة انها اكثر الامم استجابة لنبيها كما في الحديث عنه صلوات الله وسلامه عليه انه قال انا اكثر الانبياء تبعا يوم القيامة رواه مسلم ومن وجوه خيريتها انهم اكثر الامم دخولا للجنة كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اما ترضون ان تكونوا ربع اهل الجنة قال فكبرنا ثم قال اما ترضون ان تكونوا ثلث اهل الجنة قال فكبرنا ثم قال اني لارجو ان تكونوا شطر اهل الجنة اي نصفه اني ارجو اني لارجو ان تكونوا شطر اهل الجنة وساخبركم عن ذلك ما المسلمون في الكفار الا كشعرة بيظاء في ثور اسود او كشعرة سوداء في ثور ابيظ متفق عليه وقول الناظم رحمه الله تعالى والال والصحب والاتباع قاطبة والتابعين باحسان لنهجهم قوله والال اي صلى ثم الصلاة على المختار وعلى الال الان معطوفة على المختار اي ووالصلاة على الان والصحب والاتباع والال المراد بهم هنا ال النبي صلى الله عليه وسلم وهم الذين حرمت عليهم الصدقة وهم اقاربه من بني هاشم وبني المطلب وذريته ومن اله ايضا زوجاته امهات المؤمنين كما يدل لذلك قول الله عز وجل انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت قال يا نساء النبي لستن كاحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى واقمن الصلاة واتينا الزكاة واطعنا الله ورسوله انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا وجاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها انها قالت ما شبع ال محمد صلى الله عليه وسلم من بر معدوم ثلاثة ايام حتى لحق الله او لحق بالله وقوله رحمه الله والصحب اي اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وهم الذين اكرمهم الله بلقي النبي صلى الله عليه وسلم والايمان به وماتوا على ذلك وقوله وقوله والاتباع قاطبة المراد بالاتباع هنا اي الذين لقوا الصحابة المراد بالاتباع الذين لقوا الصحابة الذين لقوا اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام لانه عطف عليهم التابعين باحسان لنهجهم والمراد بالتابعين باحسان من اخذوا عن الاتباع الى قيام الساعة من اخذوا عن الاتباع الى قيام الساعة. فقد قال الله جل وعلا والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وقوله لنهجهم اي للنهج الذي هم عليه واصلها لنهجهم ولكن لضرورة الشعر ولنهجهم قوله رحمه الله ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت وعدوا انفاس ما في الكون من نسم قوله ما لاح اي ما ظهر وطلع. لاح النجم اي ظهر وطلع وقوله وما شمس الضحى طلعت خص رحمه الله شمس الضحى بالذكر وكثيرا ما تخص بالذكر في اه ابيات الشعر لانها تكون في صدر النهار وعندها تشتد اضاءتها وعنده تشتد اضاءتها ما لاح نجم وما شمس الضحى طلعت وعد انفاس ما في الكون من نسم وعدوا انفاس اي وعدد انفاس ما في الكون من نسم سواء انفاس الناس او انفاس غيرهم عدد ما في الكون من نسم والمراد بذلك الصلاة او ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بالكثرة صلاة كثيرة مزيدة الى يوم الدين. صلوات الله وسلامه عليه نعم قال رحمه الله تعالى وبعض من يرد الله العظيم به خيرا يفقهه في دينه القيم وحث ربي وحظ المؤمنين على تفقه الدين مع انذار قومهم وامتن ربي على كل العباد وكن للرسل بالعلم فاذكر اكبر النعم يكفيك في ذاك اولى سورة نزلت على نبيك اعني سورة القلم كذاك في عده الا لا اقدمه ذكرا وقدمه في سورة النعم النعم وقدمه في سورة النعم وميز الله حتى في الجوارح ما منها يعلم عن باغ ومغتشم وظن ربي تعالى الجاهلين به اشد ذم فهم ادنى من البهم وليس غبطة الا في اثنتين هما الاحسان في المال او في العلم والحكم وليس غضفة الا في اثنتين هما الاحسان في المال او في العلم والحكم ومن صفات اولي الايمان نهمتهم في العلم حتى اللقاء غبط بذي النهم بذي النهم حتى الليق حتى اللقاء ومن صفات اولي الايمان نهمتهم في العلم حتى اللقاء ربط بذي النهم. نعم ثم قال الناظم رحمه الله تعالى وبعد من يرد الله العظيم به خيرا يفقهه في دينه القيمي قوله وبعد هي كلمة يؤتى بها للانتقال من اسلوب الى اخر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بها كثيرا في خطبه ومكاتباته ومعناها مهما يكن من شيء بعد فالناظم رحمه الله لما انهى الحمد والثناء والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الصحب والال؟ قال وبعد فاته رحمه الله السلام الله جل وعلا يقول ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ولعله رحمه الله تعالى نسي ذلك قال وبعد من يرد الله العظيم به خيرا يفقهه في دينه القيمي من هذا البيت بدأ رحمه الله يذكر فضائل العلم ويشير الى الدلائل على مكانته العلية ومنزلته العظيمة واثاره المباركة وعوائده الحميدة وبدأ ذلك بقوله من يرد الله العظيم به خيرا يفقهه في دينه القيمي يشير الى ما في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والمراد بالدين اي اصوله وفروعه الفقه في الدين يشمل الفقه في اصول الدين وهو ما يسميه بعض اهل العلم الفقه الاكبر وهو العقيدة ويشمل ايضا الاحكام وتفاصيل الشرائع وما يتعلق بالمعاملات وايضا الاداب والاخلاق فكل ذلك يتناوله قول النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين قال من يرد الله العظيم به خيرا يفقهه في دينه هنا لعل الوزن ينكسر اذا قيل يفقهه في دينه ولهذا تحرك الهاء يفقهه فيقال وبعد من يرد الله العظيم به خيرا يفقهه او يفقهه في دينه القيمي يمكن ان نقول ويرد عليه اشكال يمكن ان نقول ان من ليست شرطية ان من ليست شرطية وانما هي موصولة بمعنى الذي وبعد فالذي يريد الله العظيم به خيرا يفقهه في دينه القيم لكن يشكل على هذا قوله يرد وقوله رحمه الله يفقهه الفقه الفهم وقوله رحمه الله في دينه القيم في دينه القيم هكذا تظبط القيم بتخفيف الياء القيم كما في قوله تعالى قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما والمراد بالقيامين المستقيم المراد بالقيم اي المستقيم الذي لا اعوجاج فيه اهدنا الصراط المستقيم وقوله رحمه الله وحث ربي وحظ المؤمنين على تفقه الدين مع انذار قومهم حظ بمعنى حث حث ربي وحظ المؤمنين على تفقه الدين تفقه الدين اي حثهم على ان يتفقهوا في الدين الدليل على ذلك سمعناه في صلاة العشاء اليس كذلك وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم قال وحث ربي وحظ المؤمنين على على تفقه الدين مع انذار قومهم هذه الاية جمعت الامرين الحث على الفقه في الدين في قوله ليتفقهوا في الدين والحث على انذار القوم في قوله ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم واسأل الله عز وجل العظيم ان يجعل لكم النصيب الاوفر من ذلك ثم قال رحمه الله وامتن ربي على كل العباد وكل الرسل بالعلم فاذكر اكبر النعم امتن ربي اي من على العباد وتفظل سبحانه وتعالى ومن اسمائه المنان بالعلم فالعلم منة الله جل وعلا على من شاء من عباده قال وامتن ربي على كل العباد كما قال سبحانه علم الانسان ما لم يعلم وكل الرسل قال عز وجل وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فظل الله عليك عظيما فاذكر اكبر النعم اذكر اكبر النعم اي كن على ذكر لاكبر نعمة انعم الله بها على عباده بان فقههم في الدين فهذه اكبر النعم ان رزقهم البصيرة في دينه قال يكفيك في ذاك يكفيك في ذاك اولى سورة نزلت على نبيك اعني سورة القلم يكفيك في ذاك اي في بيان شرف العلم وفظله ومنته سبحانه وتعالى على عباده به اولى سورة نزلت اولى سورة نزلت يعني سورة القلم كما قال اعني سورة القلم فهي اول سور القرآن نزولا على نبينا صلى الله عليه وسلم اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم فيكفيك دلالة على ذلك ان تقرأ اول سورة نزلت وهي سورة القلم قال كذاك في عده الاء قدمه فذاك في عده الا اقدمه ذكرا وقدمه في سورة النعم كذلك ايظا اظافة الى ما سبق فان الله عز وجل قدم العلم والمنة به في عده الالاف يشير الى سورة الرحمن التي عدد سبحانه وتعالى فيها على عباده الاء ونعمه ولهذا يتكرر فيها فباي الاء ربكما تكذبان فباي الاء ربكما تكذبان قدمه في في سورة الاعلاء قال الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان فبدأ النعم في سورة الاء بنعمة العلم كذاك في عبده الالاء قدمه ذكرا اي قدمه في الذكر وقدمه في سورة النعم وقدمه ايضا في سورة النعم وسورة النعم هي سورة النحل ويسميها اهل العلم سورة النعم لكثرة ما عدد الله سبحانه وتعالى فيها من نعمه على عباده حتى ختم ذلك بقوله كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ولهذا تسمى هذه السورة سورة النعم لكثرة ما عدد فيها جل وعلا على عباده من النعم قال وقدمه في سورة النعم اي قدم العلم بالذكر في سورة النعم لانه قال في اولها اتى امر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده والمراد بالروح اي الوحي والوحي هو العلم النافع الذي آآ فيه بيان فيه بيان دين الله عز وجل اصوله وفروعه وجاء ايضا في مواضع من سورة النحل نعمة العلم بجملة النعم قال والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة وقال ايضا في فيها فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ومراد الناظم رحمه الله هنا اه اول السورة قدمه في سورة النعم او في سورة النعم اي قدمه في اول سورة النحل بقوله ينزل الملائكة بالروح قال رحمه الله وميز الله حتى في الجوارح ما منها يعلم عن باغ ومغتشم ميز اي جعلها متمايزة ليست سواء بل بينها تمايز حتى في الجوارح يعني ميز الله في العلم حتى في الجوارح ميز الله في العلم حتى في الجوارح والمراد بالجوارح اي الكلاب والصقور ونحوهما مما يصيد بنابه او بمخلبه فالله جل وعلا في القرآن ميز الجوارح ما كان منها معلما وما كان منها غير معلم كما في قوله جل وعلا يسألونك ماذا احل لهم؟ قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح قال وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله. فكلوا مما امسكنا عليكم فميز الله عز وجل في العلم حتى الجوارح كلاب والصخور ونحوها الكلب المعلم اذا صاد نأخذ ما امسكنا علينا من الصيد وغير المعلم اذا صاد لا يحل صيده. فميز الله عز وجل المعلم من غيره في الجوارح هذا معنى قوله وميز الله حتى في الجوارح ما منها يعلم عن باغ ومغتسم اي ميز الذي يعلم منها عن الباغي المغتشم والباغي اي المعتدي والمغتسم هو الذي يأتي بالامور خبطا بغير فكر ولا نظر قال رحمه الله وذم ربي تعالى الجاهلين به اشد ذنبا فهم ادنى من البهم ذم ربي تعالى الجاهلين به اشد الذنب اي ذم الله جل وعلا في القرآن اشد الذنب الجاهلين به وجعل منزلتهم ادنى من بهيمة الانعام هذا معنى قوله فهم ادنى من البهم البهم جمع بهيمة يشير الى قوله جل وعلا ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون فهذا فيه ذم شديد للجاهلين به حيث جعلهم جل وعلا ادنى من بهيمة الانعام قال وليس غبطة الا في اثنتين هما الاحسان في المال او في العلم والحكم اي لا يغبط الناس الا على امرين الاحسان في المال والاحسان ببذل العلم الاحسان بالمال والاحسان ببذل العلم والغبطة تمني او ان تتمنى ان يكون لك مثل ما عند الغير من نعمة تتمنى ان يكون لك مثل ما للغير من نعمة اما ان يكره الانسان النعمة التي انعم الله بها على الغير او يتمنى زوالها او يسعى في زوالها فهذا حسد محرم قال وليس غبطة الا في اثنتين هما الاحسان في المال او في العلم والحكم او او في العلم او الاحسان في العلم والحكم هذا الذي يغبط عليه الناس كما في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ورجل اتاه الله الحكمة وهو يقضي بها ويعلمها وقوله الحكم جمع حكمة وقد نص عليها في الحديث ثم قال ومن صفات اولي الايمان نهمتهم في العلم حتى اللقاء غبط بذي النهم ومن صفات اولي العلم نهمتهم في العلم حتى اللقاء ربط بذي النهم من صفات اولي الايمان اي من اوصاف وزينتي وحليتي اهل الايمان نهمتهم والنهمة هي شدة الحرص فمن صفات اهل الايمان شدة حرصهم على العلم وطلبه وتحصيله لانهم هم الذين عرفوا العلم ومكانته وفضله فنهمتهم في العلم شديدة ورغبتهم فيه قوية اكيدة نهمة في العلم حتى اللقاء اي حتى الموت فهم نعمة فيه مستمرة ودائمة الى الموت الامام احمد رحمه الله روي في اواخر حياته ومعه المحابر والاقلام قالوا الى متى تطلب العلم قال من المحبرة الى المقبرة حتى اللقاء يعني مستمر في طلب العلم ما يثريه عنه الا الموت مستمر في الطلب حريص عليه دؤوب في تحصيل العلم ويسأل الله عز وجل دوما وابدا ان يزيده علما قال غبط بذي النهم غبط بمعنى اغبط اه غبط مشددة ونظير ذلك ما روي في الحديث وقد ذكر في بعض كتب اللغة انه صلى الله عليه وسلم جاء وهم يصلون فجعل يغبطهم. فجعل يغبطهم وينظر في صحته معنى يغبطهم ان يجعلوا هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه قالوا في معنى يغبطهم اي يجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه فمعنى قول الناظم غبط بذي النهم اي اجعل هذا الامر اعظم امر يغبط الناس عليه وذي النهم اي اصحاب النهمة الرغبة الشديدة والحرص على العلم وتحصيله وفي هذا المعنى ما رواه الدارمي باسناد صحيح عن الحسن البصري رحمه الله انه قال من همان لا يشبعان منهوم العلم لا يشبع منه ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها لكن فرق بين المنهومين نعم قال رحمه الله تعالى العلم اغلى واحلى ما لم استمعت اذن واعرب عنه ناطق بفمي العلم غايته القصوى ورتبته العلياء فاسعوا اليه يا اولي الهمم العلم اشرف مطلوب وطالب لله اكرم من يمشي على قدمي العين نور مبين يستضيء به اهل السعادة والجهال في الظلم العلم اعلى حياة للعباد كما اهل الجهالة اموات بجهلهم لا سمع لا عقل بل لا يبصرون وفي السعير معترف كل بذنبه مي فالجهل اصل ضلال والعلم اصله داهم مع سعادتهم فلا يضل ولا يشقى ذوو الحكم والخوف من الجهل والحزن الطويل به وعن اولي العلم منفيان فاعتصمي. العلم والله ميراث قوة لا ميراث يشبهه طوبى لمقتسم لانه انس حق دائم ابدا وما سواه الى الافناء والعدم ومنه ارث سليمان النبوة والفضل المبين فما اولاه بالنعم كذا دعا زكريا ربه بولي الال خوف الموالي من ورائهم العلم ميزان شرع الله حيث به قوامه وبدون العلم لم يقم وكلما ذكر السلطان في حجج فالعلم لا سلطة الايدي لمحتكم فسلطة فسلطة اليد بالابدان قاصرة تكون بالعدل او بالظلم والغشم وسلطة العلم تنقاد القلوب لها الى الهدى والى مرضات ربهم ويذهب الدين والدنيا اذا ذهب العلم الذي فيه منجاة لمعتصم. نعم ثم قال الناظم رحمه الله تعالى العلم اغلى واحلى ما له استمعت اذن واعرب عنه ناطق بفمي هنا يشير رحمه الله تعالى الى علو شأن العلم وحلاوة طعمه ومذاقه وانه اعلى شيء اعلى شيء اعتنى به العبد واحلى شيء استمعت له اذن فالعلم اعلى واحلى ما له استمعت اذن ولكن هذه الحلاوة لا يحظى بها قلب ممرض فالقلب المريض لا يذوق هذه الحلاوة ولا يشعر بطعمها بل ينفر قلبه من هذا العلم الذي هو احلى شيء واطيب شيء واجمل شيء العلم اغلى العلم اغلى واحلى نعم العلم اغلى واحلى ما له استمعت اليست اعلى؟ اغلى فالعلم اغلى في اشارة الى مكانة العلم الغالية الرفيعة وفيه اشارة الى حلاوة العلم وانه احلى شيء استمعت له اذن واعرب عنه ناطق بفمه يعني هو اغلى شيء واحلى شيء تستمع اليه الاذان وايضا هو احلى شيء تنطق به الالسن قال العلم غايته القصوى ورتبته العلياء وهذا فيه اشارة الى غاية العلم الشريفة وانه يبحث والمراد بالعلم العلم الشرعي وانه يبحث في اعظم غاية واجل مقصود واشرف مراد ورتبته العلياء فله العلو وله الرفعة وكذلك لاهله العلو ولهم الرفعة. يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات فاسعوا اليه يا اولي الهمم لما ذكر هذه الفضائل له قال اسعوا اليه. يعني اجتهدوا في طلبه وتحصيله ونيله يا اولي الهمم اي الهمم العالية اما من كانت همته دنية فهو عن ذاك ببعد وعنه بمعزل فاسعوا اليه يا اولي الهمم ثم قال العلم اشرف مطلوب العلم اشرف مطلوب يعني المراد بالعلم العلم الشرعي وهو اشرف مطلوب اي اشرف شيء يطلبه الانسان ويسعى في طلبه وتحصيله لان فيه بيان ما خلق الانسان لاجله واوجد لتحقيقه بالعلم يعرف التوحيد يعرف الايمان تعرف اصول الايمان تعرف شرائع الاسلام تعرف الاخلاق الفاضلة والاداب والاحكام قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون افمن يمشي مكبا على وجهه اهدى ام من يمشي سويا على صراط مستقيم افمن يعلم ان ما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمى قال وطالبه لله اكرم من يمشي على قدمي وطالبه لله اي الذي يطلب العلم مخلصا لله يبتغي به وجه الله اما الذي يطلبه ليقال عالم او ليماري به السفهاء او ليصرف به وجوه الناس اليه او غير ذلك فانه من اول من تسعر بهم النار يوم القيامة لكن الذي يطلبه مخلصا لله يبتغي بطلب العلم وجه الله سبحانه وتعالى لا يريد بذلك الا وجه الله فهذا اكرم من يمشي على قدم اكرم من يمشي على قدم وهذا فيه شرف اهل العلم وفظلهم وعلو مكانتهم والعلم عبادة والعبادة شرط قبولها الاخلاص لله سبحانه وتعالى فمن طلب العلم يبتغي به وجه الله سبحانه وتعالى قبل منه طلبه للعلم واثابه عليه عظيم الثواب ولهذا ذكر الشيخ رحمه الله هذا القيد الاخلاص قال لله اي مخلصا ثم قال رحمه الله العلم نور مبين يستضيء به اهل السعادة والجهال في الظلم العلم اعلى حياة للعباد كما اهل الجهالة اموات بجهلهم ذكر في هذين البيتين فضل العلم من جهة انه نور مبين ومن جهة انه حياة للقلوب في البيت الاول ذكر فضل العلم من جهة انه نور كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا فالعلم نور لصاحبه وضياء له يمشي به في الظلمات ولهذا فان مكانة العالم بالناس مكانة عليا الامام الاجري رحمه الله في كتابه اخلاق العلماء ضرب مثال عجيب يبين فيه مكانة العالم بمجتمعه وبين الناس قال ما نصه فما ظنكم رحمكم الله بطريق فيه افات كثيرة ويحتاج الناس الى سلوكه في ليلة ظلماء انتبهوا طريق فيه افات كثيرة ويحتاج الناس الى سلوكه في ليلة ظلماء فان لم يكن فيه مصباح والا تحيروا فقيض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم فسلكوه على السلامة والعافية ثم جاءت طبقات من الناس لابد لهم من السلوك فيه فسلكوا فبينما هم كذلك اذ طفئت المصابيح فبقوا في الظلمة فما ظنكم بهم هكذا العلماء في الناس لا يعلم كثير من الناس كيف اداء الفرائض وكيف اجتناب المحارم ولا كيف يعبد الله في جميع ما يعبده به في جميع ما يعبده به خلقه الا ببقاء العلماء فاذا مات العلماء تحير الناس ودرس العلم بموتهم. وظهر الجهل فانا لله وانا اليه راجعون. مصيبة ما اعظمها على المسلمين انتهى كلامه رحمه الله ولهذا ايضا قال بعض اهل العلم لولا لولا العلماء لكان الناس مثل البهائم كيف يعرف الناس الدين والاحكام والحلال والحرام والسنة والبدعة والكفر والايمان الا ان يقيض الله سبحانه وتعالى لهم علما يبينون لهم دين الله سبحانه وتعالى العلم نور مبين يستضيء به اهل السعادة وهذا فيه ان السعادة مرتبطة بالعلم فاهل السعادة يستضيئ لهم الطريق بنور العلم وظياء العلم والجهال في الظلم الجهال الذين لا علم عندهم يمشون في الظلم وفرق بين من يمشي في نور وضياء وبين من يمشي في ظلمة جاء في الحلية لابي نعيم بسنده عن ما لك انه قال ان العلم ليس بكثرة الرواية انما العلم نور يجعله الله في القلوب ولما جلس الامام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه اعجبه ما رأى من وفور فطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه فقال اني ارى الله قد القى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية وجاء في ديوان الشافعي رحمه الله انه قال شكوت الى وكيع سوء حفظي فارشدني الى ترك المعاصي واخبرني بان العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي وابن القيم رحمه الله له كلام عظيم في هذا الباب في مقدمة كتابه اجتماع الجيوش الاسلامية منه قوله رحمه الله ان القلب الحي المستنير هو الذي عقل عن الله وفهم عنه واذعن وانقاد لتوحيده ومتابعة ما بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم والقلب الميت المظلم الذي لم يعقل عن الله ولا انقاد لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا يصف سبحانه هذا الضرب من الناس لانهم اموات غير احياء وبانهم في الظلمات لا يخرجون منها ولهذا كانت الظلمة مستولية عليهم في جميع جهاتهم فقلوبهم مظلمة ترى الحق في سورة الباطل والباطل في صورة الحق واعمالهم مظلمة واقوالهم مظلمة واحوالهم كلها مظلمة وقبورهم ممتلئة عليهم ظلمة واذا قسمت الانوار دون الجسر للعبور عليه بقوا في الظلمات الى اخر كلامه رحمه الله تعالى وقوله العلم اعلى حياة للعباد كما اهل الجهالة اموات بجهلهم العلم اعلى حياة للعباد اي ان حياة العبد الحقيقية انما تكون بالعلم او من كان ميتا فاحييناه يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم العلم احيا اعلى حياة للعباد لانها هي الحياة الحقيقية اما بدون العلم فان الحياة تكون حياة بهيمية لان الانعام تأكل وتشرب وتلعب وتذهب وتجيء وتنام وتقوم وتقعد هذه حياة بهيمية لكن اذا وجد العلم الشرعي هذه هي الحياة الحقيقية ولهذا قال الله تعالى اومن كان ميتا فاحييناه اي احيناه بالعلم والايمان والهدى وطاعة الله سبحانه وتعالى ولهذا يشبه الوحي في احياءه للقلوب بالماء في احياءه للنبات والارظ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون اعلموا ان الله يحيي الارض بعد موتها قد بينا لكم الايات لعلكم تعقلون اي كما ان الله سبحانه وتعالى يحيي الارظ بعد موتها بالماء فانه سبحانه وتعالى يحيي القلوب بعد موتها بالوحي فاهل العلم احياء بالعلم واهل الجهالة اموات بجهلهم وهذا فيه ان من اعرض عن الوحي ولم يرفع به رأسا فهو في عداد الاموات قال تعالى اموات غير احياء وما يشعرون ايان يبعثون قال تعالى وما يستوي الاحياء ولا الاموات ثم قال رحمه الله لا سمع لا عقل بل لا يبصرون وفي السعير معترف كل بذنبهم هذا حال من الجهال الذين قال عنهم في البيت الذي قبله اهل الجهالة اموات بجهلهم زاد في وصفهم قال لا سمع لا عقل بل لا يبصرون. هذي حال الجهال لا سمع لا عقل بل لا يبصرون وفي السعير معترف كل بذنبهم وهذا فيه اشارة الى قول الله سبحانه وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير فهذا المعنى نظمه هنا بقوله لا سمع لا عقل بل لا يبصرون وفي السعير معترف كل بذنبه وايضا في هذا المعنى قوله تعالى ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون قول الله عز وجل وان تدعوهم الى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون نسأل الله الكريم العافية والسلامة قال فالجهل اصل ضلال الخلق قاطبة واصل شقوتهم طرا وظلمهم والعلم اصل هداهم مع سعادتهم فلا يضل ولا يشفى ذوو الحكم والخوف بالجهل والحزن الطويل به وعن اولي العلم منفيان فاعتصمي قوله فالجهل اصل ضلال الخلق قاطبة واضح فاصل كل ظلال وجد في كل انسان هو الجهل الجهل بالله والجهل بدينه والجاهل بوعيده وعقابه والجنة والنار فاصل ضلال الخلق قاطبة واصل شقوتهم اضطرا وظلمهم يعني هو اصل الضلال وهو اصل الشكوة والظلم الجهل فالجهل اساس كل بلية وشر الجهل اساس كل بلية وشر والعلم اصل هداهم مع سعادتهم فاصل الهدى واصل السعادة العلم فلا يضل ولا يشقى ذوو الحكم اي اهل العلم بالله وبكتابه منفي عنه من ضلال والشقاء كما قال الله سبحانه وتعالى فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى اي ان الله عز وجل تفضل على من اتبع هدى الله وهو العلم الذي انزله على رسوله عليه الصلاة والسلام بان لا يضل ولا يشقى ونفي الضلال فيه ثبوت الهداية ونفي الشقاء فيه ثبوت السعادة فاصل الهدى والسعادة هو العلم اصل الهدى والسعادة والسعادة والعلم ولهذا قال والعلم اصله داهم مع سعادتهم فلا يضل هذا يتعلق بقوله اصل هداهم ولا يشقى هذا يتعلق بقوله مع سعادتهم ذوو الحكم اي ذوو العلوم النافعة المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه والخوف بالجهل والحزن الطويل به وعن اولي العلم منفيان فاعتصمي يقول الخوف والحزن الطويل بالجهل يعني يحصلان للعبد بجهله بسبب جهله فمما يثمره الجهل في الجاهل ومما يترتب على وجود الجهل في الانسان الخوف والحزن الطويل فهو في خوف وفي حزن والخوف والحزن اذا اجتمعا في الذكر فان الحزن يتعلق بما فات والخوف يتعلق بما هو ات فدائما صاحب الجهل في احزان على ما مضى لانها ايام متراكمة وسنون كثيرة متراكمة على جهل وعلى ظلال فهو في حزن على ما فات وفي خوف مما هو ات الخوف بالجهل والحزن الطويل به ان يحصل الخوف بالجهل بسبب الجهل والحزن الطويل به اي بسببه وعن اولي العلم منفيان وعن اولي العلم منفيان اي ان الخوف والحزن منفيان عن اولي العلم وهذا يدل عليه ايات منها قوله تعالى قل نهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهذه صريحة في المعنى الذي قرره رحمه الله وايضا يلتحق بهذا بتقدير هذا المعنى قوله تعالى بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون قوله تعالى وما نرسل المرسلين الا مبشرين ومنذرين فمن امن واصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قول الله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قول الله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخاف ولا تحزنوا فاعتصمي فيعتصم به ايها المسلم اعتصم بالعلم واستمسك به وحافظ عليه تسلم من مغبة الجهل وسوء عاقبته وتظفر بثمرة العلم وحسن نتيجته وثمرته العلم والله ميراث النبوة وهذا فيه الحلف على العلم اهتماما المقام تأكيدا العلم والله هذا قسم ميراث النبوة كما قال عليه الصلاة والسلام وان العلماء ورثة الانبياء فان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن اخذه اخذ بحظ وافر قال العلم والله ميراث النبوة لا ميراث يشبهه لا ميراث يشبه اي ليس هناك ميراث مهما كان من قصور واموال ايجارات وجنان وغير ذلك لا ميراث يشبهه طوبى لمقتسم اي اي طوبى اما ان يراد بها الجنة او شجرة في الجنة او الثواب العظيم لمقتسم اي لاخذ قسمه ونصيبة وحظه من العلم طوبى لهم وحسن مآب فطوبى قيل هي الجنة وقيل الثواب العظيم وقيل الشجرة في الجنة يسير في ظلها الراكب مئة عام طوبى لمقتسمي اي طوبى لمن آآ اخذ بنصيب اخذ قسمه وحظه ونصيبه من العلم ومن لطائف ما يذكر هنا ما رواه الطبراني في الاوسط بسند حسن عن ابي هريرة رضي الله عنه انه مر بسوق المدينة فوقف عليه فقال يا اهل السوق ما اعجزكم قالوا وما ذاك يا ابا هريرة قال ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وانتم ها هنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه قالوا واين هو قال في المسجد قال في المسجد فخرجوا صراعا الى المسجد ووقفوا ووقف ابو ووقف ابو هريرة لهم حتى رجعوا ما ذهب معهم وقف حتى رجعوا فقال لهم ما لكم قال لهم ما لكم قالوا يا ابا هريرة فقد اتينا المسجد فدخلنا فلم نرى فيه شيئا يقسم توقعون فيه اموال وفيه ذهب وفيها قال ما رأينا فيه شيء يقسم فقال لهم ابو هريرة اما رأيتم في المسجد احدا اما رأيتم في المسجد احدا؟ قالوا بلى رأينا قوما يصلون وقوما يقرأون القرآن وقوما يتذاكرون الحلال والحرام فقال لهم ابو هريرة ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم وحسنه الالباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب قال رحمه الله تعالى لانه ارث حق لانه ارث حق هذا تعليل لما سبق ويقول ان والله ان ميراث النبوة لا ميراث يشبه لماذا قال لانه ارث حق دائم ابدا وما سواه اي من الارث الى الفناء والعدم فرق بين الارثين فهذا الذي لاجله اقسم رحمه الله تعالى ان ارث النبوة لا ميراث يشبهه لماذا؟ قال لانه ارث حق دائم ابدا فميراث النبوة من اخذ من هذا الارث العظيم فهو ارث حق وايضا ارث دائم ابدا يبقى مع الانسان في الدنيا والاخرة وبه يدخل الجنة بل بدون هذا الارث ليس هناك دخول للجنة بدون هذا الارث ليس هناك دخول للجنة لانه ارث حق دائما ابدا وما سواه اي من انواع الارث ما مآله ومصيره قال الى الى الاثناء والعدم الى الافناء والعدم هذا مآله ان كان الانسان قد اه ورث مالا فكما انه ورثه من غيره فسيرثه منه غيرهم فمآله الى الافناء والعدم هذا مآله مثل ما قال الشاعر واموالنا لذوي الميراث نجمعها وبيوتنا لخراب الدهر نبنيها لكن العلم هذا ارث حق وهو باق ودائم مع الانسان في الدنيا والاخرة ومنه اي من هذا الارث ارث سليمان عليه الصلاة والسلام ومنه ارث سليمان النبوة والفظل المبين فما اولاه بالنعم يشير الى قول الله عز وجل وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين فهذا المعنى الذي في الاية نظمه بقوله ومنه ارث سليمان النبوة والفضل المبينا فما اولاه بالنعم قال كذا دعا زكريا ربه بولي الال خوف الموالي من ورائهم وهذا يشير فيه الى قول الله عز وجل ذكر رحمة ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا قال ربياني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم اكن بدعائك ربي شقيا واني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من ال يعقوب واجعله ربي رضيا ما معنى قوله يرثني المراد بالارث ميراث العلم والنبوة هذا هو المراد يرثني ويرث من ال يعقوب واجعله ربي رضيا قال ابن رجب رحمه الله انما اريد به ميراث العلم والنبوة لا المال فان الانبياء لا يجمعون ما لم يتركونه كما في صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة ثم قال رحمه الله العلم ميزان شرع الله حيث به قوامه وبدون العلم لم يقم العلم ميسان ميزان شرع الله يعني به يوزن الشرع به يعرف الحلال هو الحرام وبه تميز الاحكام به يعرف الحق من الباطل والهدى من الضلال ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول كل يوم بعد صلاة الصبح اللهم اني اسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا صالحا. في رواية متقبلا بدأ بالعلم النافع لانه به آآ به الميزان وبه يميز الانسان بين الرزق الطيب والخبيث وبين العمل الصالح والطالح اما اذا لم يكن عند الانسان علم نافع كيف يميز بين حلال وحرام وكيف يميز بين صالح وخبيث ولهذا من لطيف ما يذكر ان ابا يوسف صاحب ابي حنيفة رحمهما الله قال له نفر الف لنا كتابا في الورع الف لنا كتابا في الورع قال قد الفت كتابا في البيوع قد الفت كتابا في البيون ماذا يقصد اذا اردت ان تكون ورعا تعلم البيوع اعرف ميز بين الحلال والحرام اعرف الاحكام ميز بينما احله الله وحرمه اما الذي يمشي ويشتري ويبيع ولا يسأل ولا يتعلم من اين له الورع ومتى يكون ورعا من لا علم له ولا فقه له في دين الله سبحانه وتعالى ثم قال رحمه الله تعالى وكلما ذكر السلطان في حجج فالعلم لا سلطة الايدي لمحتكم فسلطة اليد بالابدان قاصرة تكون بالعدل او بالظلم والغشم وسلطة العلم تنقاد القلوب لها الى الهدى والى مرضاة ربهم جاء في ايات عديدة في القرآن ذكر السلطان والسلطة والناظم يقول وكلما ذكر السلطان في حجج العلم واضح وكلما ذكر السلطان في حجج فالعلم يعني كل ما تمر عليك اية فيها ذكر السلطان فالمراد به ماذا العلم هذا هو المراد وتسمى الحجة سلطانا لان لها سلطة على القلب لان لها سلطة على القلب وسلطة على النفس فلا يستطيع احد ردها دعك من المغالطات الاباطيل سبل وطرق اهل الدجل الحجة الحجج لها سلطة على القلوب ولهذا سميت الحجة في الشرع سلطانا ولهذا يقول ولهذا يقول وكلما ذكر السلطان في حجج فالعلم كل ما يأتي في سياق ذكر السلطان في سياق ذكر الحجج فالمراد بذلك العلم من ذلكم قوله تعالى قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الارض ان عندكم من سلطانا بهذا اي هل عندكم حجة اتقولون على الله ما لا تعلمون وقوله تعالى ما تعبدون من دونه الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من اي من حجة ومنه قوله تعالى املك سلطان مبين تأتوا بكتابكم ان كنتم صادقين فهذا المعنى يأتي كثيرا اه او هذا اللفظ يأتي كثيرا في القرآن والمراد به في كل موضع من مواضع وروده في القرآن العلم مراد بالسلطان اي العلم الحجة العلمية ولهذا روى عبد الرزاق وابن ابي حاتم في تفسيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال كل سلطان في القرآن فهو حجة كل سلطان في القرآن فهو حجة يعني المراد به الحجة قال ابن القيم رحمه الله ان الله سبحانه سمى العلم سمى علم الحجة سلطانا قال ابن القيم رحمه الله ان الله سمى علم الحجة سلطانا لانها توجب تسلط صاحبها واقتداره فله بها سلطان على الجاهلين بل سلطان العلم اعظم من سلطان اليد ولهذا ينقاد الناس للحجة ما لا ينقادون لليد فان الحجة تنقاد لها القلوب واما اليد فانما ينقاد لها البدن فالحجة تأسر القلب وتقوده وتذل المخالف وان اظهر العناد والمكابرة فقلبه خاضع لها دليل مقهور تحت سلطانها بل سلطان الجاه ان لم يكن معه علم يساس به فهو بمنزلة سلطان السباع والاسود ونحوها قدرة بلا علم ولا رحمة بخلاف سلطان الحجة فانه قدرة بعلم ورحمة وحكمة ومن لم يكن له اقتدار في علمه فهو اما لضعف حجته وسلطانه واما لقهر سلطان اليد والسيف له. والا فالحجة ناصرة نفسها ظاهرة على الباطل طاهرة له انتهى كلامه رحمه الله تعالى ومنا لطيف ما يروى هنا ما جاء في كتاب الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى عن اشعث ابن شعبة المصيص قال قدم هارون الرشيد امير المؤمنين الرقة فانجفل الناس خلف عبدالله ابن المبارك ان جفل الناس خلف عبد الله ابن مبارك وتقطعت النعال وارتفعت الغبرة فاشرفت ام ولد للامير من برج من قصر الخشب فلما رأت الناس قالت ما هذا قالوا عالم من اهل خرسان قدم الرقة يقال له عبد الله ابن مبارك فقالت هذا والله الملك فقالت هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس الا بشرط واعوان الذي لا يجمع الناس الا بشرط واعوان انتهى على ان السلطان اذا اكرمه الله سبحانه وتعالى بالعدل والرحمة فالناس يجتمعون عليه بدون الشرط والاعوان وانما يجتمعون عليه بالمحبة والرضا ونحو ذلك من المعاني العظيمة الجميلة قال رحمه الله فسلطة اليد بالابدان قاصرة سلطة اليد بالابدان قاصرة تكون بالعدل او بالظلم والقسم سلطة اليد يعني سلطة الحاكم او الامير او نحوهم باليد قاصرة قال بالابدان قاصرة سلطة اليد بالابدان قاصرة يعني ما ما تحتوي القلوب لكنها على الابدان فقط وهي تارة تكون بالعدل وتارة تكون بالظلم والغشم وسلطة العلم تنقاد القلوب لها وسلطة العلم تنقاد القلوب لها الى الهدى والى مرضاة ربهم اذا جاءت سلطة العلم القلوب تنقاد والقصص في التاريخ السواد على ذلك كثيرة جدا ومن السواد القديمة الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه ارسل اليهم ابن عباس ومعه حجج العلم فرجع منه الفان او اكثر رجع منهم الفان او اكثر انقادت قلوبهم ليست الابدان فقط القلوب من قادت بسلطة ايش العلم في زماننا هذا في الجزائر لما آآ تحصن اعداد كبيرة من اه اه الخوارج في الجبال وتسلطوا على الناس حاولت معهم الدولة محاولات وهم معتصمون في الجبال وكتب لهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فتوى عظيمة ونصيحة ثمينة ارسلت اليهم فنزل اعداد منهم انقادت قلوبهم للحق ان قادت قلوبهم للحق ولهذا سلطة العلم سلطة على القلوب اما سلطة الحكام على الابدان وسلطة العلم تنقاد القلوب ولها الى الهدى والى مرضاة ربهم فبالعلم تنقاد القلوب الى رضا الله سبحانه وتعالى والى الهدى والحق قال ويذهب الدين والدنيا اذا ذهب العلم الذي فيه منجاة لمعتصم اذا ذهب العلم الدين يذهب والدنيا تذهب اذا ذهب العلم فان الدين يذهب والدنيا ايضا تذهب ولهذا جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان من اشراط الساعة ان يرفع العلم وجاء فيهما عنه صلوات الله وسلامه عليه انه قال ان بين يدي الساعة لاياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج اي القتل وذهاب العلم بذهاب اهله كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلم يقبض العلماء في رفع العلم معهم ويبقى في الناس رؤوسا جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون يظلون وفي اخر الزمان يرفع القرآن من المصاحف في اخر الزمان يرفع القرآن من المصاحف فلا تبقى منه اية على وجه الارض لما رواه ابن ابي شيبة وغيره من طريق شداد ابن معقل انه سمع ابن مسعود يقول ان اول ما تفقدون من دينكم الامانة واخر ما تفقدون الصلاة وان هذا القرآن الذي ينزل بين اظهركم يوشك ان يرفع قلت لعبدالله كيف يرفع؟ وقد اثبته الله في صدورنا واثبتناه في مصاحفنا قال يسرى عليه ليلا فلا يترك منه شيئا في صدر رجل ولا مصحف ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين