بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين قال الامام الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه اقتضاء العلم العمل باب الاخذ بالوثيقة في امر الاخرة قال حدثنا ابو نعيم احمد بن عبدالله الحافظ املاء قال حدثنا محمد بن ابراهيم المقرئ قال حدثنا محمد ابن ابراهيم ابن المقرئ قال حدثنا ابو يعلى وهو احمد ابن علي ابن المثنى الموصلي قال حدثنا عبد الله ابن عون قال حدثنا عثمان بن مطر الشيباني عن ثابت البناني عن مطرف بن عبدالله بن الشخير انه كان يقول يا اخوتي اجتهدوا في عمل فان يكن الامر كما نرجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات في الجنة. وان يكن وان يكن الامر شديدا كما نخاف ونحاذر لم نقل ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل. نقول قد عملنا فلم ينفعنا الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال المصنف الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه المبارك اقتضاء العلم العمل قال رحمه الله باب الاخذ بالوثيقة في امر الاخرة هذه الترجمة عنى بها المصنف رحمه الله ان يكون المرء مع نفسه حازما ذا عزم فيما يتعلق امور الاخرة والتهيؤ للقاء الله سبحانه وتعالى والا يتكل في هذا الباب على الرجاء بل يكون مع نفسه في حزم وعزم وهذا الحزم الذي يتعلق بامر الاخرة ينشأ عن الوجل والخوف انا كنا قبل في اهلنا مشرقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ولابن ابي الدنيا رحمه الله رسالة مطبوعة في الباب اسمها الوجل والتوثق لانهما امران ينبني احدهما على الاخر فاذا كان هناك وجل من القيامة والوقوف بين يدي الله عز وجل اثمر في العبد التوثق الذي هو الاخذ بالوثيقة في امر الاخرة وليتضح المراد بقولها الاخذ بالوثيقة اضرب مثالا المقصود منه التوضيح عندما يكون المرء في طريق سفر الى بلد ما وقد يكون سلك هذا الطريق لاول مرة وكان الوقود الذي في بسيارته قليلا ان قال صاحب هذه السيارة امضي واجدى محطات وقود في الطريق وهو لا يدري اصلا هل يجد او لا يجد وان وجد هل فيها وقود او ليس فيها وقود؟ هل تعمل او لا تعمل لا يكون احدا نفسه الوثيقة لكن ان عبى سيارته وملأها الوقود ثم مضى يكون قد اخذ بالوثيقة هذا يتناسب مع واقعنا مثله تماما ما جاء في الاثر عن ابن عمر رضي الله عنه روى عبد الرزاق في المصنف عن قتادة قال سئل ابن عمر عن لا اله الا الله هل يظر معها عمل كما لا ينفع مع تركها عمل فقال ابن عمر عشي ولا تغتر و رواه ابن المبارك في الزهد عن ابي يونس مولى تغلب قال سألت عبد الله ابن عمر عبد الله ابن الزبير وعباد ابن عمير هل يضر مع الاخلاص عمل فقالوا عش ولا تغتر هذا السؤال هل يضر مع لا اله الا الله عمل يعني هل المعاصي تضر في الاخرة اذا كان المرء من اهل لا اله الا الله كما لا ينفع مع تركها عملا اذا ترك الانسان لا اله الا الله ولو جاء بالاعمال الصالحة كلها لا تنفعه لانه فاقد للاصل فالسائل يقول هل يضر معها عمل كما لا ينفع مع تركها عمل هل تضر المعاصي مع لا اله الا الله هل كما في الاثر الذي بعده هل يظر مع الاخلاص عمل يعني ان فعل معاصي او تهاون في بعض الطاعات فكان الجواب من ابن عمر ايظا عبد الله بن الزبير وعباد ابن عمير قالوا في الجواب عشي ولا تغتر تعشي ولا تغتر قال ابو عبيد في غريب الحديث قوله عشي ولا تغتر انما هو مثل واصل ذلك فيما يقال ان رجلا اراد ان يقطع مفازة بابله فاتكل على ما فيها اي المفازة من الكلام. قال المفازة فيها عشب يكفي فقيل له عش ابلك عش ابلك قبل ان تفوز بها اي قبل ان تدخل بها المفازة. لانه قد لا تجد فيها عشبا كما تظن وخذ بالاحتياط فان كان فيها كلا فليس يضرك ما صنعت ما يضرك اذا كنت ان كان فيها كذا لا يضرك انك اخذته بالوثيقة والحزم وعشيت ابنك وان لم يكن فيها شيء ان لم يكن فيها شيء كنت قد اخذت الثقة اي الوثيقة فاراد ابن عمر ذلك المعنى في العمل اراد ذلك المعنى الذي يتعلق بالابل وقولهم عش ابنك ولا تغتر اراد ذلك المعنى في العمل يقول اجتنب الذنوب ولا ترتكبها اتكالا على الاسلام وخذ في ذلك بالثقة والاحتياط. انتهى الكلام آآ ابو عبيد رحمه الله فالاخذ الوثيقة المراد به الا الحزم مع النفس في اه ما يتعلق بامور الاخرة مجاهدة النفس على البعد عن الذنوب والمعاصي والاثام وحسن الاقبال على الله سبحانه وتعالى ومن الاحاديث التي يمكن ايضا ان توضح هذا المعنى الذي هو الاخذ بالوثيقة ما جاء في المسند وغيره عن ابي قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لابي بكر متى توتر؟ قال اوتر قبل ان انام فقال لعمر متى توتر؟ قال انام ثم اوتر فقال لي ابي بكر اخذت بالحزم او بالوثيقة وقال لعمر اخذت بالقوة وايضا من الاحاديث التي فيها توضيح لهذا المعنى حديث ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا قام احدكم من الليل فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاث مرات فانه لا يدري اين باتت يعني لا ادري هل باتت في مكان طاهر او نجس لان يد النائم تجول في جسمه وربما مواضع الاستجمار فقد يقع بها شيء او يعلق بها شيء فيؤدي الى افساد الماء او على اقل كراهية الماء ونعافها من اراد ان يتطهر قال اهل العلم في الحديث من العلم ان الاخذ بالوثيقة والعمل بالاحتياط في العبادات اولى الحاصل ان الاخذ بالوثيقة هو ان يكون المرء حازما مع نفسه في امور الاخرة ولا يتهاون اتكالا على الرجاء او سعة الرحمة وسعة المغفرة ونحو ذلك اورد الخطيب البغدادي رحمه الله هذا الاثر عن مطرف ابن عبد الله ابن الشخير من ائمة التابعين الاجلاء انه كان يقول يا اخوتي اجتهدوا في العمل فان يكن الامر كما نرجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات في الجنة وان يكن الامر شديدا كما نخاف ونحاذر لم نقل ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل. نقول قد عملنا فلم ينفعنا هذه الوصية من مطرف رحمه الله تعالى هي من الاخذ بالوثيقة ومن الحزم مع النفس والاخذ بالعزم يقول اجتهدوا في العمل اي في هذه الدار فانكم ان اجتهدتم في الاعمال واحسنتم فيها ان يكن الامر كما نرجو من رحمة الله وعفوه لان من يفرط في العمل احيانا يفرط اتكالا على الرجاء رجاء الرحمة فيقول ان عملنا واجتهدنا في العمل ان يكن الامر كما نرجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات هذه الاعمال التي عملناها وثوابا ومزيد رفعة عند الله في الجنة وان يكن الامر شديدا كما نخاف ونحاذر لم نقل في تلك الدار ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل لان اهل الندامة في الدار الاخرة يقولون ذلك يقولون اخرجنا اي من النار وردنا الى الدنيا لنعم صالحا غير الذي كنا نعمل بل نقول قد عملنا فلم ينفعنا الحاصل ان هذه الوصية وصية مطرف رحمه الله تعالى فيها الاخذ بالوثيقة الحزم فيما يتعلق بامر الاخرة واحسن الله اليكم قال اخبرنا ابو الحسين علي بن محمد بن عبدالله المعدن قال انبأنا ابو علي الحسين بن صفوان البرظعي قال حدثنا عبد الله ابن محمد ابن ابي الدنيا قال حدثني محمد ابن عبد المجيد قال سمعت سفيان قال قال رجل لمحمد بن المنتدر ولرجل اخر من قريش الجدة الجد والحذر الحذر فان يكن الامر على ما ترجون كان ما قدمتم فضلا وان يكن الامر على غير ذلك لن تلوموا انفسكم هذا الاثر عن سفيان وهو ابن عيينة رحمه الله تعالى قال قال رجل وهو ايضا زياد مولى ابن عياش لمحمد ابن المنكدر ولرجل اخر وهو صفان ابن سليم كل ذلك جاء مصرحا به في رواية هذا الاثر في محاسبة النفس لابن ابي الدنيا قال الجد الجد والحذر الحذر فان يكن الامر على ما ترجون كان ما قدمتم فضلا وان يكن الامر على غير ذلك لم تلوموا انفسكم وهذا ايضا من الاخذ بالوثيقة والحزم مع النفس ان يكون جادا مع نفسه في باب الطاعات والعبادات والقرب وان يكون حذرا من الذنوب والمعاصي ولا يتكل على الرجاء فاذا كان امر الرجاء على ما يؤمله الانسان كان ما قدم الانسان من جدا وحذر فظلا يزداد به درجات ورفعة منازل مثل ما قال مطرف في الاثر الذي قبله كانت لنا درجات في الجنة وان يكن الامر على غير ذلك لم تلوموا انفسكم لم تلوموا انفسكم اي لا يقول الانسان بالدار الاخرة ليتني عملت ولا يقول ايضا كما في الاثر الذي قبله لم نقل ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل لانه جاهد نفسه واخذ بالحزم واخذ بالثقة وعمل فلا يلوم نفسه فالحاصل ان الاخذ بالوثيقة مع النفس عزما وعزما وجدا واغتناما المهلة في بدار العمل هو الذي باذن الله سبحانه وتعالى يترتب عليه فلاح العبد وسعادته ونجاته في الدار الاخرة احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو عبد الله الحسين ابن عمر ابن برهان الغزال قال حدثنا عبد الباقي ابن قانع ابن مرزوق القاضي املاء قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا عبد الله ابن صالح قال حدثنا يحيى ابن حميد ابن عبدالملك ابن ابي غنيم قال كتب محمد بن النضر الحارثي الى اخ له اما بعد فانك في دار تمهيد وامامك منزلان لا بد من ان تسكن احدهما ولم يأتك امان فتطمئن ولا طاعة فتقصر والسلام وهذا الاثر عن محمد بن نصر الحارثي انه كتب وصية الى اخ له قال فيها اما بعد فانك في دار تمهيد وامامك منزلا لا بد من ان تسكن احدهما ولم يأتك امان فتطمئن ولا براءة فتقصر والسلام هذه وصية عظيمة جدا وقوله انك في دار تمهيد اي الدنيا تمهيد الى الاخرة تمهد لنفسك ما تكون عليه حالك في الاخرة من ثواب او نعيم لان الثواب النعيم في الاخرة بحسب ما مهدت لنفسك به في هذه الحياة الدنيا ولهذا قال الله سبحانه وتعالى ومن كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلانفسهم يمهدون يمهدون لانفسهم ان يستعدون يسوون مضاجعهم قبورهم الاعمال الصالحة ولهذا يأتي سيأتي معنا في الباب الذي بعده قول الحسن يتوسد المؤمن ما قدم من عمله في قبره فالذي يقدمه للمرأة في هذه الحياة الدنيا من اعمال صالحة وطاعات وعبادات وقرب هذا كله يعد من التهيئة لانفسهم وعمارة الاخرة والاستعداد للفوز بالمنازل والدرجات والثواب الجزيل والنجاة من عقاب الله عز وجل فانك في دار تمهيد وامامك منزلان اي في الدار الاخرة الجنة او النار لا بد من ان تسكن احدهما فريق في الجنة وفريق في السعير ليس هناك خيار ثالث ولم يأتك امان لم يأت امان فتطمئن امام من العقوبة فتطمئن وتركا الى هذا الامان ولا اتاك ايضا براءة بتحقق نجاتك وفوزك بثواب الله فتقصر اي في العمل فعلام اذا التهاون والتقصير والتفريط اي ان الواجب في هذا هو الاخذ بالوثيقة والحزم مع النفس وفي الدعاء المأثور اللهم اني اسألك الثبات على الامر والعزيمة على الرشد واسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك بهذا انتهى هذا الباب ونسأل الله الكريم ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته