الحمد لله رب العالمين والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين يقول العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى في كتابه الرياضي الناظرة والحدائق النيرة الزاهرة الفصل التاسع والعشرون في العفة والغنى ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنيه الله هذا خبر منه صلى الله عليه وسلم ووعد وترغيب في الاستعفاف والاستغناء عن الخلق والفرق بين الامرين فرق ما بين الوسيلة والمقصود وما بين اللازم والملزوم فان من استغنى بالله وبرزقه وما قسم له الله واعطاه ولم يلتفت الى غير ربه وغير فضله واحسانه استعف عن الخلق ولم يعلق بهم قلبه لا خوفا ولا رجاء ولا طمعا ولا رغبة وهذه المرتبة اعلى المراتب واشرفها ولهذا خلق الله العباد ليعبدوه وحده ويطلب الرزق والنصر منه وحده. ويعلق رجائهم وطمعهم وسؤالهم بالله وحده ويرضوا بقضائه وقسمه وقدره ولا يعلق شيئا من ذلك بالمخلوق مع بذلهم الاسباب التي يدركون بها هذه الامور الجليلة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنه الله اي من اجتهد على تحصيل العفة والاستغناء بحسب ما يقتدر عليه ويستطيعه من الاسباب وبذل وبذل جهده وجاهد نفسه على ذلك اعانه الله ووفقه. ويسر له هذا الامر الذي طلبه ورغب فيه وبذل فيه مقدورة لعلمه بمحبة الله له ولعلمه انه بهذا يكسب الرزق الحقيقي والمراتب العالية فاراح الله قلبه من تعلقه بالخلق واراحه من تشوش الاسباب واتيانها على غير مرادها. واطمئن قلبه على غير واراحه من تشوش الاسباب واتيانها على غير مراده واطمأن قلبه وحي حياة طيبة سعيدة فانه لا اهنأ حياة ولا الذ ممن قطع رجاءه عن الخلق واستغنى عما في ايديهم ولم يتطلع الى ما بل قنع برزق الله واستغنى بفضل الله وعلم ان القليل من الرزق اذا اكسب القناعة خير من الكثير الذي لا فليس الغنى عن كثرة العرض انما الغنى في الحقيقة غنى القلب غناه بالله وبرزقه المتيسر عن رجاء الخلق وسؤالهم والاستعباد لهم في مطالب الدنيا والرضوخ لرقهم وهذه المرتبة العالية كل يحب الوصول اليها والاتصاف بها. ولكن اكثر الخلق متخلف عنها. غير عامل بالاسباب الموصلة اليها ولا متجرد من الموانع المانعة من تحصيلها جهلا وتهاونا واشتغالا بما يضر عما وبالمراتب الدنيئة عن المراتب العلية. نعم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد في المصنف رحمه الله تعالى عقد هذا الفصل لبيان العفة والغنى وبيان ما بينهما من تلازم وكذلكم بيان الفوائد العظيمة والثمار المباركة التي يجنيها من يكرمه الله سبحانه وتعالى بهذين الخلقين الفاضلين ومن الدعوات المأثورة عن نبينا عليه الصلاة والسلام اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفة والغنى جمع بين هذين الخلقين العظيمين والجمع مشعر آآ لما بينهما من تلازم وهما سيأتي بيانه وتوضيحه عند المصنف رحمه الله تعالى وقد بدأ كلامه عن هذين الخلقين بايراد الحديث المخرج في الصحيحين عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال من يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنه الله يستعفف يستغني السين هنا تدل على بذل السبب تدل على بذل السبب في طلب العفة وطلب الغنى يستعفف اي يبذل اه مستطاعه ومقدوره من الاسباب التي يطلب بها عفته وغناه يطلب بها عفته وغناه ويكون في الوقت نفسه مع بذل هذه الاسباب معتمدا على ربه جل وعلا ومتوكلا عليه ولهذا قال يعفه الله يغنه الله لان العفاف والغنى منة الله سبحانه وتعالى على من شاء من خلقه فهو الموفق جل وعلا وهو الهادي من يشاء الى الى صراط مستقيم فاذا في الحديث في جملتي جمع بين بذل السبب والاستعانة بالله والتوكل عليه وحده ان يبذل العبد السبب في تحصيل العفة ونيلها وان يكون معتمدا في ذلك متوكلا فيه على الله سبحانه وتعالى ومثله تماما الامر في الغنى قال رحمه الله تعالى هذا خبر منه صلى الله عليه وسلم ووعد خبر ووعد جمع بين في في في جملتي الحديث بين الخبر والوعد الخبر في قوله من يستعفف والوعد في قوله يعفه الله كذلكم في قوله من يستغني الوعد في قوله يغنه الله والذي ذكر هذا الموعود الكريم هو الصادق المصدوق. عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى ان هو والا وحي يوحى فمن اراد لنفسه ان يعفه الله وان يغنيه الله فليستعفف وليستغني فان النبي عليه الصلاة والسلام ذكر هذا الوعد العظيم في حق من يستعفف وفي حق من يستغني ثم ذكر رحمه الله الفرق بين الامرين بين آآ الاستعفاف والاستغناء ما الفرق بين الاستعفاف والاستغناء قال الفرق بينهما كما هو الفرق بين الوسيلة والمقصود كالفرق بين الوسيلة هو المقصود وبين اللازم والملزوم اه الوسيلة هنا الوسيلة هنا الاستغناء هذه وسيلة يستغني عما في ايدي الناس ولا يلتفت بقلبه الى شيء مما عندهم المقصود الذي ينال في هذا المقام العفاف فالذي يبذل السبب عما في ايدي الناس يكرمه الله سبحانه وتعالى بالعفاف قال رحمه الله فان فان من استغنى بالله وبرزقه وما قسم الله له واعطاه ولم يلتفت الى غير ربه وغير فضله واحسانه استعف عن الخلق استعف عن الخلق الذي يستغني هذه وسيلة تنال بها او ينال بها هذا المقصود وهو الاستعفاف عن عن الخلق ولم يعلق بهم قلبه لا خوفا ولا رجاء ولا طمعا ولا رغبة طمعه فيما عند الله وخوفه من الله تبارك وتعالى والتجاؤه الى الله سبحانه وتعالى وحده وهذه المرتبة اعلى المراتب واشرفها قال ولهذا خلق الله العباد ليعبدوه وحده ولهذا خلق الله العباد ليعبدوه وحده ومن جملة العبادة طلب الرزق من جملة العبادة طلب الرزق فابتغوا عند الله الرزق. واعبدوه واشكروا له ويطلب الرزق والنصر منه وحده ويعلق رجاءهم وطمعهم وسؤالهم بالله وحده. ويرظوا بقظائه وقسمه وقدره ولا يعلقوا شيئا من ذلك بالمخلوق مع بذلهم الاسباب التي يدركون بها هذه الامور والبذل للاسباب مستفاد من قوله في الحديث من يستغني وقوله من يستعفف قال ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنه الله اي من يجتهد على تحصيل العفة والاستغناء بحسب او بحسب ما يقتدر عليه ويستطيعه من الاسباب وبذل جهده وجهاد نفسه على ذلك اعانه الله ووفقه ويسر له هذا الامر الذي طلبه ورغب في تحصيله ورغب فيه وبذل فيه مقدوره لعلمه بمحبة الله له ولعلمه انه بهذا يكسب الرزق الحقيقي والمراتب العالية اذا قول من يستغني وقول من يستعفف فيها بذل السبب ومجاهدة النفس على فعل النافع المفيد مع تعلق القلب بالله توكلا واعتمادا والتزاء وتفويظا ومن كان بهذه الصفة يفوز براحة القلب وزوال قلقه واضطرابه قال رحمه الله فاراح الله قلبه من تعلق من تعلقه بالخلق وايضا اراحه من تشوش الاسباب واتيانها على غير مراده الذي يكون متعلق بالاسباب كلما جاء سبب على غير مراد الانسان اضطرب قلبه لكن الذي علق قلبه بالله وفوض امره الى الله واعظم التجاء الى الله اذا ما تيسر الامر لا لا يضطرب القلب وانما يقول قدر الله وما شاء فعل قدر الله وما شاء فعل لعل الله ييسر لنا خيرا من هذا او نحو ذلكم من العبارات التي تشعر بطمأنينة القلب بالايمان بالله ما قدره سبحانه وتعالى لعبده قال فانه لا اهنأ حياة ولا الذ ممن قطع رجاءه عن الخلق واستغنى عما في ايديهم ولم يتطلع الى ما عندهم لالذ حياة ممن كان كذلك. وايضا قل بالمقابل لا انكد حياة ممن علق قلبه بما عند المخلوقين فكم يتعرظ من فكم يتعرظ الى اهانة وكم يتعرض الى اساءة؟ وكم يتعرض الى مذلة؟ وكم يتعرض الى آآ ايذاء او نحو ذلك بينما الذي يعلق قلبه بالله ويفوض امره الى الله ويستغني عما في ايدي المخلوق يعيش عزيزا كريما وتتحقق له او يتحقق له من من ابواب الخير والتوفيق والسداد ما لا يخطر له على بال وقد قال الله سبحانه وتعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وقال الله تعالى ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا ثم اشار الى ما ثبت في الحديث الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال ليس الغنى عن كثرة العرض وانما الغنى غنى القلب ليس الغناء عن كثرة العرض العرض المال فليس الغنى ان يكون مال الانسان كثيرا ولكن الغنى غنى القلب وهذا امر ثابت فكم من الاغنياء الذين عندهم اموال طائلة وهم لا يزالون انهم يشعرون انهم ما عندهم شيء وانه لا يزال محتاجا ولا يزال المال عنده ناقص وكم من انسان فقير ليس عنده الا قوت يومه ولكنه غني بما اكسبه الله سبحانه وتعالى في قلبه من غنى في قلبه فليس الغنى عن كثرة العرض وانما الغنى غنى القلب وغنى القلب هو قناعة الانسان ان يكون قنوعا راضيا بما اتاه الله سبحانه وتعالى مع بذله للاسباب مع بذله للاسباب في التحصيل لكنه قنوع وقد قال عليه الصلاة والسلام من اصبح منكم امنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما اوتي الدنيا بحذافيرها فكأنما اوتي الدنيا بحذافيرها قال رحمه الله تعالى فليس الغنى عن كثرة العرض انما الغنى في الحقيقة غنى الغلب. غناه بالله وبرزقه المتيسر عن رجاء الخلق وسؤالهم والاستعباد لهم في مطالب الدنيا والرضوخ لرقهم قال وهذه المرتبة العالية كل يحب الوصول اليها والاتصاف بها كل يحب الوصول اليها والاتصاف بها لكن الشأن في التطبيق والعمل قال ولكن اكثر الخلق متخلف عنها اكثر الخلق متخلف عنها غير عامل بالاسباب الموصلة اليها ولا متجرد من الموانع المانعة من تحصيلها اما جهلا او تهاونا جهلا او جهلا وتهاونا واشتغالا بما يضر عما ينفع وبالمراتب الدنيئة عن المراتب العلية نعم قال رحمه الله تعالى فان قلت فما هي الاسباب التي تنال بها هذه المرتبة الجليلة قلت قد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في نفس هذا الحديث وهي قوله يستعفف ويستغني ان يسعى في ذلك وفي طلبه ويسلك كل سببه كل سبب يوصله اليه فاول ذلك مجاهدة نفسه على الاتصاف بذلك ثم سؤال الله والالحاح عليه ان يعينه على الوصول الى هذه المرتبة فان من اجتهد واستعان بالله والح عليه في السؤال لم يخيبه الله فانه امر بالدعاء ووعد عليه الاجابة في جميع الادعية التي افظلها واعلاها افضلها في جميع الادعية التي افظلها واعلاها ان تدعو الله بالتوفيق لمراظيه وبالحفظ والوقاية عن مناهيه. فما خاب من سأله فما خاب من سأله ورجاه ولا من طمع في تحصيل فضله وخيره وهداه واذا علم العبد ان الله تعالى عنده جميعا عنده جميع مطالب السائلين وبيده خزائن الخيرات والبركات وانه ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له وان النعم كلها منه لا يأتي بالحسنات الا هو ولا يدفع السيئات الا هو. وانه هو النافع عبار المعطي المانع وان الخلق ليس بيدهم من هذه الامور شيء. وانهم جميعا مهما كانت احوالهم ومراتبهم فانهم رأوا الى الله في كل شؤونهم من عرف هذا حق المعرفة اضطرته هذه المعرفة الجليلة الواصلة الى القلب الى تعليق الامور كلها على الله وتعلق القلب به وانقطاعه عن الخلق. وعلم العبد انه كلما قوي تعلقه وطمعه في فضله اتاه من الخير والبركة وطيب الحياة ما لا يخطر ببال ثم اذا علم حق العلم ان تعلق القلب بالمخلوق يهبط يهبط بصاحبه الى اسفل الدركات ويجعله حقيرا ذليلا مهينا مهانا وان ذلك غير نافع ولا مفيد بل ضره كبير وشره مستطير متى علم ذلك حق العلم لم يركن الى احد من الخلق ولم يرجهم ولم يملكوا عليه ضميره حتى يكون اسيرا لهم عبدا ذليلا يأنف من ذلك كله. نعم قال رحمه الله تعالى فان قلت فما هي الاسباب التي تنال بها هذه المرتبة الجليلة اي ان يكون عفيفا غنيا قنوعا متى او ما هي الاسباب التي يتحقق بها نيل هذه المرتبة العلية قال رحمه الله الاسباب ذكرت في الحديث او اشير اليها في الحديث في قوله يستعفف يستغني وهذا فيه اشارة الى بذل العبد للاسباب وايضا استعانته بالرب العظيم سبحانه وتعالى والتجاء اليه فاول ذلك مجاهدة نفسه على الاتصاف بذلك ان يجاهد نفسه على ان تكون نفسا مستغنية ونفسا مستعفة يجاهد نفسه على الاتصاف بذلك ثم يلح على الله ان يعينه لانه لا يصل الى اي مرتبة الا بعون الله وتوفيقه وتسديده سبحانه وتعالى قال فان من اجتهد واستعان بالله والح عليه في السؤال لم يخيبه الله قد قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك واستعن بالله. جمع بين الامرين قال الله تبارك وتعالى فاعبده وتوكل عليه جمع بين الامرين وايضا في قصة صاحب الناقة قال له عليه الصلاة والسلام اعقلها وتوكل. جمع بين الامرين قال فان من اجتهد واستعان بالله والح عليه في السؤال لم يخيبه الله فانه امر بالدعاء ووعد عليه بالاجابة بمثل قوله تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم وفي مثل قوله واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان قال فانه امر بالدعاء ووعد عليه بالاجابة في جميع الادعية في جميع الادعية يعني وعد الله سبحانه وتعالى بان يجيب دعاء من دعاه وسؤال من سأله في جميع المطالب وجميع الادعية اي مصالح العبد الدينية والدنيوية والاخروية وعد سبحانه وتعالى بالاجابة ثم نبه رحمه الله ان افضل الادعية واعلاها ان تدعو الله بالتوفيق لمراظيه وبالحفظ والوقاية عن مناهيه هذا افظل ما تدعو الله به افضل شيء تدعو الله وتسأله الله سبحانه وتعالى ان يهديك لمراظيه وان يجنبك ما يسخطه سبحانه وتعالى ولهذا قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تأملت في الادعية المأثورة فوجدت انفعها سؤال سؤال الله العون على طاعته فوجدت ذلك في فاتحة الكتاب اهدنا الصراط المستقيم هذه افضل الادعية افضل ادعية على الاطلاق اهدنا الصراط المستقيم. نسأل الله انى يهديك وان يعينك وان ييسر لك نيل مرضيه سبحانه وتعالى. كذلك افضل الادعية ما جاء في حديث معاذ اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك قال فما خاب من سأله ورجاه ولا من طمع في تحصيل فضله وخيره وهداه واذا علم العبد ان الله تعالى عنده جميع مطالب السائلين عنده جميع مطالب السائلين وبيده خزائن الخيرات والبركات فالامر بيده سبحانه وتعالى من عطاء ومنع وخفض ورفع وقبض وبسط وعز وذل كل ذلكم بيد الله وما ييسره الله لعبده من الخير لا راد له وما يمنعه لا اه اه جالب له ولا اتي به ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. وما يمسك فلا مرسل له من بعده ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن الامر لله سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد فالنعم كلها منه والحسنات لا يأتي بها الا هو ولا يدفع السيئات الا هو جل وعلا النافع الضار المعطي المانع والخلق ليس بيدهم من هذه الامور شيء وانهم جميعا مهما كانت احوالهم ومراتبهم فانهم فقراء الى الله في كل شؤونهم كما قال الله سبحانه وتعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. وكما قال الله في الحديث القدسي يا عبادي كلكم ضال الا من هديته فاستهدوني اهدكم كلكم جائع الا من اطعمتوا فاستطعموني اطعمكم كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني اكسكم فالامر كله بيده تبارك وتعالى قال من عرف هذا حق المعرفة اضطر اضطرته هذه المعرفة الجليلة الواصلة الى قلبه الى تعليق الامور على الله وتعلق القلب به وانقطاعه عن الخلق وعلم العبد انه كلما قوي تعلقه وطمعه في فضله سبحانه وتعالى اتاه من الخير بركة وطيب الحال ما لا يخطر بالبال اما اذا عكس الانسان القضية واصبح قلبه بدل ان يكون متعلقا بالله اصبح متعلقا بالمخلوقين. كيف تكون حاله قال رحمه الله ثم اذا علم حق العلم ان تعلق القلب بالمخلوق يهبط بصاحبه الى اسفل الدرجات تعلق القلب بالمخلوق يهبط بصاحبه الى اسفل الدركات ويجعله حقيرا ذليلا مهينا مهانا اذا كان معلقا قلبه بالمخلوقين وان ذلك غير نافع ولا مفيد بل ضرره كبير وشره مستطير متى علم ذلك حق العلم لم يركن الى احد من الخلق ولم يرجهم ولم يملكوا عليه ضميره اي قلبه حتى يكون اسيرا لهم عبدا ذليلا يأنف من ذلك كله ان ينزه نفسه ويبعد نفسه عن ذلك كله. قوله يأنف من ذلك كله متعلق بقوله متى علم ذلك؟ متى علم ذلك حق العلم لم يركن الى احد من الخلق ولم يأنف او نعم يأنف من ذلك كله نعم قال رحمه الله تعالى ومما يعين على الاستعفاف قوله صلى الله عليه وسلم لرجل اوصاه بوصايا فقال واجمع اليأس مما في ايدي الناس اي اعزم عزما عزما مصمما لا تردد فيه على انقطاع املك وقلبك ورجائك عما في ايدي الناس. فان من يأس من شيء استغنى عنه فما انفع هذه الوصية واحلاها فان العزم الجامع المصمم الذي لا تردد فيه خير الة ووسيلة لادراك جميع المطالب والخلل يأتي اما من عدم العزم او من ضعفه وتردده او من عدم ثبوته واستمراره فمتى عزم على قطع امله من الناس وقطع استشراف قلبه وسؤاله لهم حصلت له العفة التامة والغنى التام ومتى رأى نفسه مفتقرة الى ما بين ايديهم متلفتا اليه المرة بعد متلفتا اليه المرة بعد المرة فانه لا يزال مفتقرا اليهم ذليلا لهم خاضعا لهم وذلك من الخسران وذلك هو الخسران المبين. ومن ايس من شيء استغنى عنه؟ نعم ثم اورد حديثا عظيما للغاية في الباب باب الاستعفاف وما الامور التي تعين العبد على الاستعفاف قال رحمه الله ومما يعين على الاستعفاف قوله صلى الله عليه وسلم لرجل اوصاه بوصية فقال واجمع اليأس مما في ايدي الناس واجمع اليأس مما في ايدي الناس قوله واجمع اليأس هذا مشير الى ان هذا جزء من الوصية وان النبي عليه الصلاة والسلام اوصى الرجل بامور من جملها من جملتها هذه الوصية. والحديث المشار اليه خرجه ابن ماجة في آآ كتابه السنن باسناد ثابت اه من حديث ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه ان رجلا اه قال للنبي عليه الصلاة والسلام اوصني واوجز اوصلي واوجز فقال اذا قمت الى صلاتك فصلي صلاة مودع اذا قمت الى صلاتك فصلي صلاة مودع. ولا تكلم بكلام تعتذر منه ولا تكلم بكلام تعتذر منه نعم واجمع اليأس مما في ايدي الناس اوصاه بهذه الثلاث الوصايا العظيمة اوصاه بهذه الثلاث الوصايا العظيمة وهذه الوصايا جمعت للعبد الخير كله جمعت العبد آآ جمعت للعبد الخير كله آآ سبق ان تأملت في هذا الحديث وطالعت كلام اهل العلم ولخصت معانيه في خطبة جمعة اه القيتها يمكن الوقوف عليها وآآ فيها بيان كيف ان هذا الحديث جمع للعبد الخير كله بهذه الوصايا العظيمة المباركة الثلاث اه الاولى قال اذا قمت الى صلاتك اذا قمت الى صلاتك فصلي صلاة مودع. لو كان العبد حقا في كل صلاة يصليها يصلي صلاة مودع لكان العبد في كل صلواته على احسن حال مثل لو ان انسانا قام يصلي صلاة العصر ثم اشعر نفسه حسسها ان اشعرها ان هذه الصلاة هي الاخيرة ولا يتيسر له بعدها ان يصلي وان هي اخر صلاة له فتجده يزينها ويحسنها ويجتهد في تكميلها حتى تكون هذه الصلاة الاخيرة احسن صلاة وعلى احسن حال يلقى الله سبحانه وتعالى بها وتكون خاتمة طيبة فلا يزال مع نفسه في كل مرة يصلي والعبد اذا صلى العصر ما يظمن انه يصلي المغرب ما يضمن انه يصلي المغرب حدثني مرة احد الافاضل يقول صلينا العصر في هذا المسجد وكان هناك جنازة فتبعناها فبعنا الجنازة لما فرغنا من الدفن عدت مع صاحب لي ونحن في الطريق رأينا قبرا محفورا فوقف صاحبي ونظر فيه وقف صاحبي ونظر فيه قال بعبارة الاخ المتكلم قال ما شاء الله القبر واسع وجميل هنيئا لمن يكون في هذا القبر يقول والله صلينا عليها المغرب ودفناه في نفس القبر والله يقول صلينا عليه المغرب ودفناه في نفس القبر فالانسان ما يدري ما يدري الانسان وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ولهذا من الخير للعبد في كل صلاة يصليها ان تكون هي صلاة مودع والمودع دائما يحسن ويتقن ويجيد مثل وصية المودع تجده يتقن ويجيد ويجمع الامور هذه الوصية الاولى قال صلي صلاة آآ اذا قمت الى صلاتك فصلي صلاة مودع ولا تكلم بكلام تعتذر منه ولا تكلم بكلام تعتذر منه مثلها قول علي رضي الله عنه اياك وما يعتذر منه يعني لا تقل كلمة تحتاج فيما بعدنا اعتذار فاي كلام تقوله زنه قبل ان تقوله هل هو كلام مناسب او ليس مناسبا؟ كثير من الناس يقول الكلام ولا يزنه ولهذا يحتاج ان يعتذر مما قال هذا ان كان ممن يعتذر مما يقول والا كثير من الناس يسيء ولا يبالي ولا يعتذر هذا قوله عليه الصلاة والسلام آآ ولا تكلم بما تعتذر منه يعني تجنب اي كلام يحتاج الى اعتذار تكلم اي تجنب اي كلام او قول يحتاج الى اعتذار وهذا فيه دعوة الى حفظ اللسان ووزن المنطق والا يتكلم الانسان الا بالكلام الذي يكون اه مناسبا ولا يحتاج الى ان يعتذر منه قال واجمع اليأس مما في ايدي الناس واجمع اليأس مما في ايدي الناس معناه يقول المصنف اعزم عزما مصمما لا تردد فيه على انقطاع املك وقلبك ورجائك عما في الناس اي شيء في ايدي الناس اجعل قلبك يائس منه لا تعلق قلبك بشيء عند اه الناس وليكن رجاؤك وطمعك واملك ورغبتك كلها فيما عند الله سبحانه وتعالى اجمع قلبك مما في ايدي الناس. يقول الشيخ فان من يأس من شيء استغنى عنه. هذه كلمة عظيمة جدا من يأس شيء من شيء استغنى عنه اذا يأس الانسان من شيء من الاشياء او امر من الامور استغنى عنه من الطرائف التي تذكر في هذا المقام وهو يوضح هذا المعنى من يأس من شيء استغنى عنه رجل كان عنده عبد رقيق وعنده مزرعة يعمل بها وكان يتعب هذا الرقيق بالعمل. اشتغلون واشتغلون الى اخره فكان يعمل هذا الرقيق الذي عنده والى الى جوار البير وهو يعمل ما انتبه وسقط الرقيق سقط في البئر والبئر عميقة فقال صاحبه ذاك الذي اتعبه في العمل قال انت عتيق قال انت عتيق اعتقتك يأس منه الان يئس منه فالانسان اذا يئس من شيء استغنى عنه استغنى عنه مثل شخص عنده شيء ثمين جدا ويحتاجه ثم سرق او فقد واصبح ليس له طريق اليه اذا يئس من الحصول عليه استغنى عنه لكن ما دام انه موجود عنده او نفسه متعلقة به الى اخره تجد الطمع لا يزال قائما مستمرا كثير من الاشياء عند الانسان ويحس انه لا يستغني عنها ابدا ولا يمكن يقول يقول لا يمكن اعيش بدونها لكنها لو قدر انها اه ذهبت عنه ولم تصبح عنده وتعذر عليه الوصول اليها استغنى عنها فمن يأس من شيء استغنى عنه قال فما انفع هذه الوصية واحلاها الشيخ رحمه الله وصف هذه الوصية بانها حلوة لماذا لانها فعلا تكسب من يحقق هذا المعنى حلاوة في قلبه ولذة يجدها في نفسه فان العزم الجامع المصمم الذي لا تردد فيه خير الة ووسيلة لادراك جميع المطالب والخلل يأتي اما من عدم العزم او من ضعفه وتردده او من عدم ثبوته واستمراره يوضح ذلك رحمه الله يقول فمتى عزم على قطع امله من الناس وقطع استشراف قلبه وسؤاله لهم حصلت له العفة التامة والغنى التام ومتى رأى نفسه مفتقرة الى ما ما بين ايديهم ملتفتا اليهم المرة بعد المرة فانه لا يزال مفتقرا اليهم ذليلا لهم خاضعا لهم وذلك هو الخسران المبين. ومن ايس من شيء استغنى عنه ومرت معنا العبارة ولعل اعادة الشيخ لها رحمه الله تأكيدا عليها لعظم آآ اهميتها نعم قال رحمه الله تعالى ومما يوجب للعبد الاستعفاف والاستغناء علمه بان افتقاره الى الخلق وتعلقه بهم واستشرافه لما بين ايديهم او سؤالهم يجلب الهم والغم والكدر القلق وان استغناءه عنهم وعدم تعلقه بهم يوجب راحة القلب وروحه يوجب راحة القلب وروحه وطمأنينته ثم انه كلما قوي طمع العبد بالله وقوي رجاؤه لربه وقوي توكله يسر الله له كل عسير وهون عليه كل صعب ورزقه من حيث لا يحتسب. وكفاه الهموم كلها وكسب الحرية التي لا ارفع منها ولا انفع ثم ختم رحمه الله هذا الفصل ذكر امر اخر من الامور التي اه توجب للعبد الاستعفاف والاستغناء آآ علمه بان افتقاره الى الخلق وتعلقه بهم واستشرافه لما بين ايديهم يجلب له الهموم والغموم والاكذار ولا يزال في اه من نكد الى نكد من هم الى هم يحصل ايضا من المهانة والمذلة والاحتقار والانتقاص والاذلال شيئا لا حد له شيئا لا حد له قال وان استغناؤه عنهم وعدم تعلقه بهم يوجب راحة القلب يوجب راحة القلب وروحه وطمأنينته. الذي لا يعلق قلبه بما عند المخلوقين ويكون معلقا قلبه بما عند الله يرتاح قلبه ويطمئن ثم انه كلما قوي طمع العبد بالله وقوي رجاؤه لربه وقوي توكله عليه يسر الله له كل عسير وهون عليه كل صعب ورزقه من حيث لا يحتسب. وكفاه الهموم كلها وكسب الحرية التي لا ارفع منها ولا انفع منها هذه الحرية الحقيقية الحرية من ان يكون ذليلا للخلق اه منكسرا اه اه بين ايديهم سائلا لهم يتحرر من ذلك الرق الذي هو الرق المخلوقين ويكون عبدا لله ذليلا له منكسرا بين يديه معلقا حاجاته وطلباته منه سبحانه وتعالى اذا سأل لا يسأل الا الله واذا استعان لا يستعين الا بالله قال واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لن ينفعوك الا بشيء كتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك لن يضروك الا بشيء كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يلهمنا جميعا رشد انفسنا وان يصلح لنا شأننا كله وان يهدينا اليه صراطا مستقيما وان يبارك لنا في اعمالنا واعمارنا وذرياتنا وازواجنا واوقاتنا وان يوفقنا جميعا لكل خير ونسأله عز وجل لنا اجمعين الهدى والتقى والعفة والغنى. اللهم اعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا واهدنا ويسر الهدى لنا وانصرنا على من بغى علينا اللهم اجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين اليك منيبين لك مخبتين لك مطيعين اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا واهدي قلوبنا وسدد السنتنا وسل سخيمة صدورنا اللهم ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بينك بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت تستغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. احب ان انبه الاخوة ان الدرس بعد صلاة العصر يتوقف اعتبارا من هذا اليوم اعود باذن الله تبارك وتعالى للتدريس يوم السبت القادم بعد المغرب في آآ كرسي آآ الوالد بعد صلاة المغرب اما بقية اسبوع يتوقف الدرس والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد