بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فيقول الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى في كتابه قواعد الحساب المتعلقة بتفسير القرآن القاعدة في السابعة والعشرون المحترجات في القرآن تقع في كل المواضع في اشد الحاجة اليها. وهذه قاعدة جليلة النفع عظيمة الوقع وذلك ان كل موضع يسوق الله فيه حكما من الاحكام او خبرا من الاخبار فيتشوف الذهن فيه الى شيء اخر الا وجدت الله قد قرن به ذلك الامر الذي يعلق في الاذهان فيبينه احسن ابيان وهذا اعلى انواع التعليم الذي لا يبقي اشكالا الا ازاله ولا احتمالا الا وضحه وهذا يدل على سعة علم الله وحكمته. وذلك في القرآن كثير جدا. ولنذكر بعض امثلة توضح هذه القاعدة للداخل الدخول اليها. فمن ذلك قوله تعالى انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة الذي لما خصها بالذكر ربما وقع في بعض الاذهان تخصيص ربوبيته بها ازال هذا الوهم بقوله وله كل شيء. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله تعالى في كتابه القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن قال القاعدة السابعة والعشرون المحترزة في القرآن تقع في كل المواضع في اشد الحاجة اليها ذكر رحمه الله تعالى هذه القاعدة وانها قاعدة جليلة تعلم بالتتبع لاي كتاب الله عز وجل عندما يتأمل المسلم سواء الايات المتعلقة بالاحكام او الايات المتعلقة بالاخبار. سواء ما يأمر به جل وعلا وينهى عن او ما يخبر عز وجل عنه سواء من الامور الماظية او الامور المستقبلة يأتي في سياق هذه الايات احترازات يأتي في سياق هذه الايات احترازات يكون فيها جوابا عن تساؤل قد يرد في الذهن فيجاب عنه فيجاب عنه بما يبين المقصود اوضح بيان ويزيل الاشكال ولا يبقي في الذهن تساؤل ولهذا يذكر الشيخ رحمه الله ان احيانا والانسان يقرأ بالايات فقد ينقدح في ذهنه تساؤل يجد ان الجواب جاء عليه. يجد ان الجواب في الاية جاء مزيلا هذا التساؤل مجيبا عن الاشكال الذي قد يرد في ذهن الانسان وضرب رحمه الله تعالى على ذلك جملة من الامثلة يتضح بها المقصود بدأها بقول الله تعالى انما ان اعبد رب هذه البلدة الذي حرمها رب هذه البلدة هنا ربوبية هنا ربوبية اضيفت الى هذه البلدة رب هذه البلدة وما من شك ان الاظافة تفيد تشريفا وتكريما وتعلية لسان ما خصه الله تبارك وتعالى بالذكر في هذا المقام لكن التالي لهذه الاية كما يشير الشيخ رحمه الله تعالى اذا قرأ رب هذه البلدة ربما وقع في بعض الاذهان تخصيص ربوبيته بها. تخصيص ربوبيته بها. مع ان الذكر هنا او التخصيص هنا للتشريف فقط لا لان ربوبيته خاصة بهذه البلدة لكن لما كان هذا اه امرا قد يرد في الاذهان اعقب ذلك سبحانه وتعالى بقوله وله كل شيء. اعقب ذلك سبحانه وتعالى بقوله وله كل كل شيء. يعني ليست ربوبيته خاصة بهذه البلدة فورب كل شيء ومليكه. فورب كل شيء ومليكه سبحانه وتعالى. لكن ذكرى الربوبية هنا مخصوصا بالبلدة تشريفا وتعلية اما هو سبحانه وتعالى فهو رب كل شيء نعم. ومنها قوله تعالى فلا تكفي مرية مما يعبد هؤلاء. لما كان قد يقع في الذهن انهم على حجة وبرهان فابان بقوله ما يعبدون الا كما يعبد اباؤهم من قبل انهم ضلال اقتدوا بمثلهم ثم لما كان قد يتوهم المتوهم انهم في طمأنينة من قولهم وعلى يقين من مذهبهم ولربما توهم ايضا ان الاليق الا تبسط لهم الدنيا احترز من ذلك بقوله وانا لموفوه من يصيبهم غير منقوص الى قوله وانهم لفي شك منه مريب. هذا مثال اخر للقاعدة ومثال اجتمعت فيه عدة محتجزات تشتمل على اجوبة لما قد يرد في ذهن الانسان وهو يتلو هذه الاية الكريمة قال جل وعلا فلا تك فلا تكن في مرية مما يعبد هؤلاء لا تكوا في مرية مما يعبد هؤلاء قد يرد في الذهن ان هؤلاء ربما عندهم شيء من البرهان على عباداتهم او الحجة على اعمالهم فاخبر جل وعلا بهذا الاحتراز ان هؤلاء ليس عندهم اي برهان اطلاقا وانما هم يمارسون هذه الممارسات فاء لاثار الاباء واتباعا لسنن الاسلاف دون حجة ولا برهان. انا وجدنا اباءنا على امة فليس عندهم حجة ولا برهان وانما يمارسون هذه الاعمال ويباشرونها اقتفاء واتباعا وسيرا على من والي الاباء بل كان المشركون يجعلون هذه هذه الحجة اعظم حجة واعظم برهان ويوصي بعضهم بعضا بالتمسك بدينهم لا لشيء الا لكونه دين الاباء فقط ولهذا لما كان عليه الصلاة والسلام يدعو عمه في لحظات عمه الاخيرة من هذه الحياة. عمه ابي طالب يقول له قل لا اله الا الله. كلمة احاج لك بها عند الله فكان ابو جهل ومن معه عند رأسه يقولان بل على ملة عبد المطلب بل على ملة عبد المطلب لان هذي يعتبرونها قوية جدا يعتبرونها قوية جدا وكثير من الناس ينسى في مجتمعه على بدع وضلالات واعمال ما انزل الله تبارك وتعالى بها من سلطان. فاذا نوصح قيل له اتق الله هذا لا دليل عليه كذا والاية كذا والحديث كذا فتجده يمتنع لا لشيء الا لانه يريد ان يبقى على دين الاباء والاجداد وهذا نوع من الجاهلية هذا نوع من الجاهلية. عندما يعرظ الانسان عن الحق البين والدليل الساطع والبرهان الواضح لا لشيء الا للتمسك بدين الاباء والاجداد فهنا يبين سبحانه وتعالى بهذا الاحتراز ان هؤلاء ليس عندهم اي حجة اطلاقا وانما هم في اعمالهم هذه مقتفون سنن الاباء والاجداد ولهذا قال ما يعبد ما يعبدون الا كما يعبد اباؤهم من قبل يعني يكتفون اثارهم بدون حجة ولا برهان ايضا لما كان قد يقع في الذهن ان هؤلاء بهذه الاعمال حقيقون الا يبسط لهم في الرزق في هذه الحياة الدنيا ذكر الله سبحانه وتعالى هذا المحترز الاخر قال وانا لنوفوهم نصيبهم غير منقوص نصيبهم غير منقوص اي نصيبهم وحظهم من هذه الحياة الدنيا اما الذي يعبد الله اما الذي يعبد غير الله ويلقى الله بذلك يعني بعبادة غيره فما له يوم القيامة من خلاق لا ليس له حظ ولا نصيب. لكن الدنيا يعطى وقد قال الله سبحانه وتعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك يعني في الدنيا وما كان عطاء ربك محظورا انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض ولا الاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا. والدنيا يعطيها الله سبحانه وتعالى من يحب ومن لا يحب واعطاء الانسان نصيبه في الدنيا غير منقوص ليس من علامة المحبة بل قد يكون طيبات الانسان عجلها او عجلت له في حياته الدنيا وليس له عند الله يوم القيامة حظ ولا نصيب ايضا قد يرد امر اخر وهو ان هؤلاء بهذه العبادات قد يكونون اهل طمأنينة مطمئنة قلوبهم حصل لهم طمأنينة بهذه بهذه العبادة فبين جل وعلا انتفاء ذلك. قال وانهم لفي شك منه مريد اي انه مفارقون للطمأنينة والطمأنينة انما تكون لاهل الايمان الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب. نعم ولما قال تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين ربما يظن الظان انهم لا يستوون مع المجاهدين ولو كان كانوا معذورين ازال هذا الوهم بقوله غير اولي الضرر. هذا ايضا مثال اخر للاحترازات التي تأتي في الايات اجابة عن تساؤل او ازالة اشكال او دفع توهم وهذا من كماله كما قال المصنف رحمه الله من كمال سعة علم الله سبحانه وتعالى واحاطة علمه جل وعلا فقوله لا يستوي القاعدون من المؤمنين لا يستوي القاعدون من المؤمنين اي القاعدون عن الجهاد مع مع المجاهدين لما كان قد يتوهم ان المعذور ايضا ينطبق عليه الامر بمعنى انه لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن الجهاد سواء كانوا معذورين او غير معذورين لما كان يرد هذا هذا التساؤل في الذهن لا يستوي القاعدون من المؤمنين يأتي في الدين هل المعذور داخل في الاية او ليس داخل فجاء الجواب بذكر هذا الاحتراز غير اولي الضرر غير اولي الضرر الانسان المعذور الانسان المعذور يعذر يكون مثل حال المجاهدين لان قلبه معهم وحريص ان يكون معهم لكنه منعه العذر. وحبسه العذر فاذا هذا الاحتراز جاء في محله مجيبا على تساؤل قد يرد في ذهن التالي للاية نعم. وكذلك لما قال تعالى لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا ربما توهم احد ان المفضولين ليس لهم عند الله مقام ولا مرتبة. فازال هذا الوهم بقوله وكلا وعد الله ثم لما كان ربما يتوهم ان هذا الاجر يستحق بمجرد العمل المذكور ولو خلا من الاخلاص ازال هذا وهم بقوله والله بما تعملون خبير. وهذه الاية الكريمة جاء فيها احترازان جاء فيها احترازان الاول قوله وكلا وعد الله الحسنى وهذا الاحتراز يدفع توهم ان المفضول ليس له مقام عند الله قال لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا. قد يأتي في ذهن ان المفضول ليس له رتبة ولا مكانة عند الله فجاء هذا الاحتراز دفعا لذلك. قال وكلا وعد الله الحسنى اي الذين انفقوا من قبل الفتح وقاتلوا وايضا الذين انفقوا من بعد الفتح وقاتلوا كل موعود عند الله عز وجل بالحسنى ثم ذكر احترازا اخر ختم به الاية وهو قوله والله بما تعملون خبير فيه دفع توهم قد يرد وهو ان هذا الاجر وهو الحسنى التي اعدها الله سبحانه وتعالى المجاهدين والمنفقين في سبيله قد يظن انها بمجرد العمل الظاهر الانفاق والقتال فقال والله بما تعملون خبير في اشارة الى الاخلاص والخبير هذا الاسم يدل على علم الله سبحانه وتعالى ببواطن الامور كعلمه بظواهرها لم يقل الله بما تعملون بصير وانما قال والله بما تعملون خبير والخبير العليم ببواطن الامور كعلمه بظواهر الامور وهذا فيه ملمح الى جانب الاخلاص كما اشار الى ذلك المصنف رحمه الله تعالى اي ليس الامر اي ليس الاجر والثواب متعلقا بصورة العمل الظاهر التي تقع مع العبد من جهاد او نفقة لان الجهاد قد يقع شهرة قد يقع عصبية قد يقع للدنيا وقد يكون في سبيل الله والذي وعد الله سبحانه وتعالى عليه الحسنى ما كان منه في سبيل الله ولهذا ختم الاية قال والله ما تعملون خبير اي عليم جل وعلا بقلوب العباد وما تنطوي عليه من اخلاص او غيره. اذا كان العبد مخلصا في عمله لله سبحانه وتعالى كان حقيقا بهذا الثواب نعم. ومنها قوله تعالى وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض وما وقع في الذهن انهم يفسدون وقد يصلحون. ازال هذا بقوله ولا يصلحون. اي لا خير فيهم اصلا مع شرهم العظيم. هذا احتراز في الاية وهو قوله ولا يصلحون ولا يصلحون. اتى بعد قوله يفسدون في الارض ما وجه هذا الاحتراز قال الشيخ رحمه الله لان من من من قرأ يفسدون في الارض قد يأتي في ذهنه انهم مع افسادهم في الارض عندهم بعظ الاصلاح في جوانب اخرى او مجالات اخرى فجاء هذا الاحتراز نافيا لهذا الذي قد يرد في الذهن فقال ولا يصلحون. يعني عملهم كله افساد ولا ولا اصلاح فيه البتة. نعم. ومنها انه قال في عدة مواضع ولا تسمع الصم الدعاء ربما يتوهم احد انهم وان لم يسمعوا فانهم يفهمون الاشارة. ازال هذا الاحتمال بقوله اذا ولوا مدبرين فهذه حالة لا تقبل سماعا ولا رؤية لتحصل الاشارة وهذا نهاية الاعراض وهذا ايضا مثال اخر للاحترازات التي تقع في القرآن وانها في كل موضع تأتي في اشد الحاجة اليها في ذلك الموضع قوله جل وعلا ولا تسمعوا الصم الدعاء ولا تسمعوا الصم الدعاء اتبعها بقوله سبحانه اذا ولوا مدبرين. هذا احتراز قوله اذا ولوا مدبرين لا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين الاصم لا يسمع يعني في السياق هنا الدعاء اذا ولى مدبر اذا ولى مدبر فذكر قولي جل وعلا اذا ولوا مدبرين فيه احتراز يدفع تساؤلا قد يأتي في الذهن وهو ان هؤلاء وان لم يسمعوا الدعاء نطقا وتكلما وتحدثا فقد يفهمون بالاشارة قد يفهمونه بالاشارة بمعنى ان يكون عندهم نوع من الفهم. فاذا كانوا لا يسمعون الدعاء لكونهم صم فقد يفهمونه بالاشارة لكونهم يبصرون يرون لكن لما ختم الاية بقول اذا ولوا مدبرين اذا كان رجل اصم وولى مدبر اعطى الانسان ظهره اغلق جميع مجالات الفهم فهو اصم لا يسمع النداء ومدبر لا يرى الاشارة. اصم لا يسمع النداء ومدبر لا يرى الاشارة فاذا هذا الاحتراز لدفع توهم او ظن ان هؤلاء وان لم يسمعوا الدعاء يفهموا الاشارة فنفى ذلك بقوله اذا ولوا مدبرين اشارة الى ان هؤلاء اطبق عليهم الامر فاصبحوا لا يفهمون مطلقا. من اي مجال نعم. ومنها قوله تعالى ولكن الله يهدي من يشاء. ربما توهم احد ان هدايته تقع جزافا من غير سبب ازال هذا بقوله وهو اعلم بالمهتدين. اي بمن يصلح للهداية لزكائه وخيره ممن ليس كذلك فابان ان هدايته تابعة لحكمته التي هي وضع الاشياء مواضعها ومن كان الفهم رأى من هذا النوع شيئا كثيرا. ختم رحمه الله تعالى هذه الامثلة بهذا المثال هو قول الله سبحانه وتعالى ولكن الله يهدي من يشاء قال قد يأتي في الذهن ان الهداية هداية الله سبحانه وتعالى لمن يشاء قد تكون جزافا قد تكون جزافا فختم الاية بهذا الاحتراز وهو قوله وهو اعلم بالمهتدين وهو اعلم بالمهتدين فكان فائدة هذا الاحتراز دفع هذا التوهم وبيان ان هداية الله سبحانه وتعالى التي يكتبها سبحانه وتعالى لمن يشاء انما يكتبها لمن كان صالحا آآ الهداية فيكرمه الله سبحانه وتعالى بها. قال وهو اعلم بالمهتدين. فهذا احتراز جاء في موضعه دفعا لهذا التوهم الذي يرد في الاذهان. ثم قال رحمه الله تعالى ومن كان حسن الفهم رأى من هذا النوع شيئا كثيرا. اي ان هذه مجرد امثلة يتضح بها المقصود وينفتح بها لطالب العلم باب ومن تأمل القرآن وجد لها نظائر كثيرة. نعم قال رحمه الله تعالى القاعدة الثامنة والعشرون في ذكر الاوصاف الجامعة التي وصف الله بها المؤمن لما كان الايمان اصل الخير كله والفلاح وبفقده يفقد كل خير ديني ودنيوي واخروي. اكثر من ذكره في القرآن جدا امرا به ونهيا عن ضده وترغيبا فيه وبيان اوصاف اهله وما لهم من الجزاء الدنيوي والاخروي. فاما اذا كان المقام مقام خطاب للمؤمنين. بالامر والنهي او مقام اثبات الاحكام الدنيوية بوصف الايمان فانها تتناول كل مؤمن سواء كان متمما لواجبات الايمان واحكامه او في شيء منها واما ان كان المقام مقام مدح وثناء وبيان الجزاء الكامل للمؤمن فانما المراد بذلك كالمؤمن حقا الجامع لمعاني الايمان وهذا هو المراد بيانه هنا. فنقول نعم قال رحمه الله تعالى القاعدة الثامنة والعشرون في ذكر الاوصاف الجامعة التي وصف الله بها المؤمن التي وصف الله بها المؤمن والمراد بالمؤمن كما سيأتي في شرح الشيخ رحمه الله تعالى وبيانه المؤمن اي كامل الايمان المؤمن الذي اكرمه الله سبحانه وتعالى تكميل الايمان فوصف المؤمن كامل الايمان او وصف المؤمنين الكمل فهذا الفصل او هذه القاعدة عقدها رحمه الله تعالى لجمع اوصاف المؤمنين الكمل في ضوء ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى واشار في تمهيده لهذه القاعدة الى ان وصف الايمان في القرآن الكريم يأتي على اطلاقين وصف الايمان في القرآن الكريم او وصف المؤمن بالايمان في القرآن يأتي على اطلاقين يأتي مرادا به اصل الايمان ويأتي مرادا به تمام الايمان وكماله وموضع الحديث في هذه القاعدة في النوع الثاني الذي جاء في النصوص ذكر الايمان مرادا به تمام الايمان وكماله ثم اذا سأل سائل قائلا كيف افرق عند تلاوتي للايات بالاية التي اريد بها اصل الايمان اطلق فيها وصف الايمان واريد به اصله والاية التي اطلق فيها الايمان واريد به تمامه وكماله. ما الضابط الذي افرق به بين الايات التي من هذا النوع والايات التي من هذا النوع. لان كما قدمت واشار الشيخ رحمه الله ان الايمان في اطلاقات النصوص نصوص القرآن الكريم ووصف ايضا المؤمن به تارة يراد به الايمان التام الكامل وتارة يراد به اصل الايمان. فما الضابط الذي نفرق به بين هذا وهذا قال رحمه الله تعالى في بيان الظابط فاما اذا كان المقام يعني المقام الذي ذكر فيه الايمان مقام خطاب للمؤمنين. مثل يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم يا ايها الذين امنوا امنوا بالله الى اخر ذلك يعني مقام الخطاب ومناداة المؤمنين باسم الايمان. يا ايها الذين امنوا فاذا كان المقام مقام خطابا للمؤمنين بالامر والنهي يعني يناديهم بوصف الايمان ثم يأمرهم او يناديهم بوصف الايمان ثم ينهاهم يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير. هذا نداء بوصف الايمان في مقام الامر يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب هذا نداء للمؤمنين بوصف الايمان في مقام النهي فيقول اذا كان المقام مقام خطابا للمؤمنين بالامر والنهي او مقام اثبات الاحكام الدنيوية بوصف الايمان مقام اثبات الاحكام الدنيوية بوصف الايمان. مثل فتحرير رقبة مؤمنة. فتحرير رقبة مؤمنة وان طائفتان من المؤمنين فانها تتناول كل مؤمن سواء كان متمما لواجبات الايمان واحكامه او ناقصا في شيء منها او ناقصا في شيء من فوصف الايمان هنا في هذه الامثلة التي مرت ليس المراد به الايمان الكامل ليس المراد به الايمان الكامل وانما المراد به من كان من اهل الايمان سواء كان متمما له او ناقصا فانه فانه يتناوله وصف الايمان في مثل هذه السياقات سياق مقام الامر مقام الامر مقام النهي الاخبار عن الاحكام الدنيوية كل ذلكم يراد بالايمان اصل الايمان. يراد بالايمان اصل الايمان النوع الثاني قال اما اذا كان المقام مقام مدح اما اذا كان المقام مقام مدح وثناء وبيان الجزاء الكامل للمؤمن فان المراد بذلك المؤمن حقا ولهذا ينبغي ان نفرق بين المقامين يعني عندما تقرأ قول الله سبحانه وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا وتقرأ قول الله سبحانه وتعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. اولئك هم المؤمنون حقا كذلك قوله انما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون هل المؤمن في هذا الموضع هو المؤمن في الموضع الاول في قوله وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الموظع الاول ذكرهم في مقام ارتكاب كبيرة التي هي الاقتتال لكنه اطلق عليهم الايمان باعتبار الاصل اصل الايمان فانهم بالكبيرة لا يخرجون من الايمان. ولا ينتقلوا ولا ينتقلون من الملة. بل هم باقون على اصل الايمان. ولهذا بوصف الايمان باعتبار اصل الايمان لكن في الايات الاخرى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم المراد بالمؤمنين هنا المؤمنون الكمل ولهذا يؤثر عن الحسن البصري رحمه الله تعالى ان رجلا سأله قال له امؤمن انت قال امؤمن انت؟ قال الايمان ايمانان الايمان ايمانان فان كنت تسألني عن الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فانا مؤمن انا مؤمن بالله وبكتبه رسله لا شك عندي في ذلك وان كنت تسألني عن اهل قوله تعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون اولئك هم المؤمنون حقا ان كنت تسألني عن اهل هذه الاية او اهل الايمان الموصوفين بهذه الاية فارجو ان اكون منهم الموظع الاول قال جزم الموظع الثاني الثاني قال ارجو فاذا الايمان يأتي في اطلاق النصوص نصوص القرآن والسنة يراد به اصل الايمان وهذا يجزم به الانسان ويراد به تمام الايمان وكماله وهذا لا بد ان يستثني فيه العبد فيقول ارجو او ان شاء الله او نحو ذلك مما اثر عن السلف رحمه رحمهم الله تعالى فيما يعرف بمسألة الاستثناء فالايمان بعد ان وضح الشيخ رحمه الله تعالى هذا المعنى وبين الفرق بين الايمان في اطلاق النصوص مرادا به اصله والايمان باطلاق النصوص مرادا به تمامه وكماله قال المعني هنا في هذه القاعدة النوع الثاني وهو كمال الايمان فما هي اوصاف المؤمنين الكمل ما هي اوصاف المؤمنين الكمل؟ الذين امتدحهم الله واثنى عليهم الثناء العظيم الثناء العاطل في كتابه ما هي اوصافهم جاء بها الشيخ رحمه الله تعالى ملخصة تلخيصا جميلا نافعا مفيدا للمسلم فقال وصف الله المؤمن في كتابه باعترافه وتصديقه بجميع عقائد الدين. وبارادة ما يحبه الله ويرضاه وبالعمل بما يحبه الله ويرضاه. وبترك جميع المعاصي. وبالمبادرة بالتوبة مما صدر منه منها وبان ايمانهم اثر في اخلاقهم واقوالهم وافعالهم الاثار الطيبة. فوصف المؤمنين بالايمان بالاصول الجامعة وهو الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره شره. وانهم يؤمنون بكل ما اوتيه الرسل كلهم ويؤمنون بالغيب ووصفهم بالسمع والطاعة والانقياد ظاهرا وباطنا ووصف بانهم اذا ذكر الله وجلت قلوبهم. واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا. وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. اولئك هم المؤمنون حقا. ووصفهم بان جلودهم شعر وعيونهم تفيظ من الدمع وقلوبهم تلين وتطمئن لايات الله وذكره. وبانهم يخشون ربهم في والشهادة وانهم يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون. ووصفهم بالخشوع في احوالهم وفي الصلاة خصوصا وانهم عن اللغو معرضون وللزكاة فاعلون ولفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم وانهم بشهاداتهم قائمون ولاماناتهم وعهدهم مراعون ووصفهم باليقين الكامل الذي لا ريب فيه. وبالجهاد باموالهم وانفسهم في سبيل الله. ووصفهم بالاخلاص لربهم في كل ما يأتون ويذرون ووصفهم بمحبة المؤمنين والدعاء لاخوانهم من المؤمنين السابقين واللاحقين. وانهم مجتهدون في لازالة الغل من قلوبهم على المؤمنين. وبانهم يتولون الله ورسوله وعباده المؤمنين. ويتبرأون من موالاة لجميع اعداء الدين وبانهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويطيعون الله ورسوله في كل احوالهم فجمع الله لهم بين العقائد الحقة واليقين الكامل والانابة التامة التي اثارها الانقياد لفعل المأمون وترك المنهيات والوقوف على الحدود الشرعيات. فهذه الاوصاف الجليلة وهي وصف المؤمن المطلق الذي سلم من العقاب واستحق الثواب ونال كل خير ونال كل خير رتب على الايمان فان الله رتب على الايمان في كتابه من الفوائد والثمرات ما لا يقل عن مئة فائدة. كل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها رتب على الايمان نيل رضاه الذي هو اكبر من كل شيء. ورتب عليه دخول جنة والنجاة من النار والسلامة من عذاب القبر ومن صعوبات القيامة وتعسر احوالها والبشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة والثبات في الدنيا على الايمان والطاعات وعند الموت وفي القبر على الايمان والتوحيد النافع السديد ورتب عليه الحياة الطيبة في الدنيا والرزق والحسنة وتيسير العبد لليسرى وتجنيبه العسر وطمأنينة القلوب وراحة النفوس والقناعة التامة وصلاح الاحوال وصلاح الذرية وجعلهم قرة عين للمؤمن والصبر عند المحن والمصائب وحمل الله عنهم الاثقال ومدافعة الله عنهم جميع الشرور والنصر على الاعداء ورفع المؤاخذة عن الناس والجاهل والمخطئ منهم وان الله لم يضع عليهم الا بل ازالها ولم ولم يحملهم ما لا طاقة لهم فيه. ومغفرة الذنوب بايمانهم. والتوفيق للتوبة الايمان اكبر وسيلة للقرب من الله والقرب من رحمته ونيل ثوابه واكبر وسيلة لمغفرة الذنوب ازالة الشدائد او تخفيفها وثمرات الايمان على وجه التفصيل كثيرة. وبالجملة خيرات الدنيا والاخرة مرتبة على الايمان كما ان الشرور مرتبة على فقده. والله اعلم جمع المصنف رحمه الله تعالى في بيانه هذا الموجز وايضاحه المختصر جمع بين ذكر اوصاف المؤمنين الكمل اهل الايمان المطلق الايمان الكامل وبين ما اعده الله سبحانه وتعالى لهم من الاجور العظيمة والثواب الجزيل وما يترتب على ايمانهم من الثمار اليانعة والاكل اللذيذ والجنى الطيب في الدنيا والاخرة فذكر رحمه الله تعالى هذا وهذا. في خلاصة موجزة فذكر اولا اوصافه للايمان الكمل باختصار وجمع في هذه الاوصاف خلاصات النصوص الواردة في هذا الباب فجمع هنا ما دل عليه قول الله سبحانه وتعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم الى اخر الاية والاية التي بعدها وقول الله سبحانه وتعالى في اول سورة المؤمنون قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والايات بعدها وايضا ما جاء في قوله في اخر سورة البقرة كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله الى تمام الاية والاية التي بعدها وايضا ما جاء في قوله سبحانه وتعالى الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب وما جاء في قوله من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون وما جاء في قوله جل وعلا فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى جمع خلاصات هذه الايات ونظائرها في ذكر اوصاف المؤمنين الكمل وللشيخ رحمه الله بسط واث ونافع جدا لهذا الموضع في كتابه المبارك التوظيح والبيان لشجرة الايمان التوضيح والبيان لشجرة الايمان وهو كتاب عظيم للغاية وانصح كل اخ من اخواني المسلمين ان يقرأ هذا الكتاب وان يحث اولاده على قراءة هذا الكتاب فانه في غاية النفع توضيح والبيان لشجرة الايمان للشيخ عبد الرحمن ابن سعدي رحمه الله. وقسم هذا الكتاب رحمة الله عليه الى ثلاث اقسام القسم الاول في بيان حد الايمان وتفسيره في بيان حد الايمان وتفسيره وفصل فيه ما اجمله هنا فصل فيه ما اجمله هنا فهنا ذكر الاوصاف مجملة لكنه في كتابة توظيح والبيان لشجرة الايمان ذكره مفصلا وكل شيء منها مضموما الى دليله من القرآن الكريم سنة النبي صلوات الله وسلامه عليه ولهذا من باب التمرين لطالب العلم لو انه جلس مرة مجلسا يشرح هذا الموضع للمصنف من كتابه التوظيح والبيان لشجرة الايمان بجمع الادلة التي اجملها الاشارة اليها هنا رحمه الله. ففي كتابه بسط واف لما اجمل هنا حتى في الجانب الاخير الذي ذكر هنا في القاعدة الثمرات ثمرات الايمان واشار ان الايمان له اكثر من مئة فائدة واشار الى هذه الفوائد اجمالا بدون ذكر الادلة في كتابة توضيح والبيان لزجرة الايمان الفصل الثالث عنوانه ثمرات الايمان وكل ثمرة مذكور معها دليلها من الكتاب والسنة ايضا يمكن لطالب العلم ان يستدل لهذه الثمرات التي ساقها رحمه الله تعالى من الجمع المستطاب النافع في كتاب التوظيح والبيان لشجرة الايمان. ولهذا يمكن ان اقول هذه القاعدة شرحها المصنف رحمه الله تعالى في كتاب مفرد بعنوان التوظيح والبيان لشجرة الايمان هذه القاعدة شرحها ذكرها ذكره هنا اجمالا لكنه رحمه الله تعالى شرحها شرحا مفصلا وافيا نافعا مفيدا في كتابه التوظيح والبيان لشجرة الايمان ومقسم الى اقسام من ثلاثة القسم الاول حد الايمان وتفسيره والقسم الثاني بيان الامور التي يستمد منها الايمان يعني كيف تقوي ايمانك؟ كيف تزيد ايمانك؟ كيف تجتنب الامور التي تنقص الايمان اضعف والقسم الثالث من الكتاب سرد فيها جملة نافعة طيبة من ثمرات الايمان على المؤمن في دنياه واخراه. نعم القاعدة التاسعة والعشرون قال رحمه الله في الفوائد التي يجتنيها العبد في معرفته لاجناس علوم القرآن. وهذه القاعدة تكاد ان تكون هي المقصود الاعظم في علم التفسير. وذلك ان مشتمل على علوم متنوعة واصناف جليلة من العلوم. فعلى العبد ان يعرف المقصود من كل نوع منها ويعمل على هذا ويتبع الايات الواردة فيه. فيحصل المراد منها علما وتصديقا وحالا وعملا. فاجل علوم القرآن على الاطلاق علم التوحيد. وما لله من صفات الكمال. فاذا مرت عليه الايات في توحيد الله واسمائه وصفاته اقبل عليها فاذا فهمها وفهم المراد بها اثبتها لله على وجه لا يماثله فيه احد. وعرف انه كما ليس لله مثيل في ذاته فليس له مثيل في صفاته. وامتلأ قلبه من معرفة ربه وحبه بحسب علمه ما لله وعظمته فان القلوب مجبولة على محبة الكمال. فكيف بمن له كل الكمال؟ ومنه جميع النعم الجزال ويعرق ويعرف ان اصل الاصول هو الايمان بالله. وان هذا الاصل يقوى ويكمل بحسب بمعرفة العبد بربه وفهمه لمعاني صفاته ونعوته وامتلاء القلب من معرفتها ومحبتها. وايضا يعرف انه بتكميله هذا العلم تكمل علومه واعماله. فان هذا هو اصل العلم واصل التعبد. هذه القاعدة التاسعة والعشرون قال في الفوائد التي يجنيها يجنيها العبد في معرفته وفهمه لاجناس علوم القرآن. واشار رحمه الله الى ان علوم القرآن اجناس متنوعة واصناف جليلة عديدة فما هي الفوائد التي يجنيها العبد اذا وفق لمعرفة اجناس علوم القرآن اجناس علوم القرآن عندما يكون حاضرا في ذهن طالب العلم ان القرآن الكريم اشتمل على اجناس من العلوم وصنوف من العلوم ثم قسمها في ذهنه. الصنف الاول العلم بالله واسمائه وصفاته. الصنف الثاني العلم بالرسل. الصنف الثالث اليوم الاخر الصنف الرابع الاحكام وهكذا فاذا اصبحت مقسمة في دهن الانسان وعرف كل جنس مستقلا بادلته وثمراته وفوائده واثاره فان مثل هذا له الاثر البالغ على العبد في تمكن العلم وتأصيله وحسن الفهم والتدبر لكلام الله سبحانه وتعالى واخذ يعرظ رحمه الله تعالى الى جملة من علوم القرآن بدأها باشرف علوم القرآن واجلها على الاطلاق الا وهو العلم بالله سبحانه وتعالى وباسمائه وصفاته فان هذا اشرف العلوم وكما قيل شرف العلم من شرف معلومة وليس هناك اشرف من العلم بالله وباسمائه وصفاته وعظمته وجلاله وكماله ولهذا كانت اية الكرسي اعظم اية في القرآن. لانها اخلصت لبيان اشرف واعظم شيء في القرآن وهو معرفة الله وتوحيده وذكر الدلائل والبراهين على ذلك. قال فاجل علوم علوم القرآن على الاطلاق علم التوحيد اجل علوم القرآن على الاطلاق علم التوحيد. وما لله من صفات الكمال فهذا الان علم من علوم القرآن وهو اجل علوم القرآن. كيف يكون تعامل تالي القرآن والمسلم المتدبر لكلام الله سبحانه وتعالى مع هذا العلم الذي هو اشرف علوم القرآن واجله على الاطلاق يبين الشيخ الطريقة يقول اذا مرت عليه الايات اذا مرت علي يعني على المسلم الايات في توحيد الله واسمائه وصفاته اقبل على فهمها لان اشرف شيء للقرآن. واعظم شيء في القرآن. فيقبل على فهمها فاذا فهمها وفهم المراد بها اثبتها لله على وجه لا يماثله فيه احد وعرف انه كما ليس له مثيل في ذاته فليس له مثيل في صفاته كما قال الله تعالى ليس كمثله شيء وكما قال تعالى هل تعلم له سم يا وعرف قال وامتلأ قلبه من معرفة ربه وحبه بحسب علمه بكمال الله وعظمته بحسب علمه بكمال الله وعظمته لان الحب الذي في القلب لله فرع عن معرفة الله فكلما كان العبد بالله اعرف كان قلبه اعظم محبة لله وخشية وانابة كما قال اهل العلم من كان بالله اعرف كان منه اخوف ولعبادته اطلب وعن معصية ابعد والله يقول انما يخشى الله من عباده العلماء بمعنى ان العبد كلما ازداد معرفة بالله واسمائه وصفاته ازداد خشية وخوفا ومحبة وتعظيما لله جل وعلا. قال فان القلوب مجبولة على محبة الكمال القلوب مجبولة على محبة الكمال. فكيف بمن له كل الكمال سبحانه وتعالى فكيف بمن له كل الكمال ومنه جميع النعم الجزال قال ويعرف ان اصل الاصول هو الايمان بالله. وان هذا الاصل يقوى ويكمل بحسب معرفة العبد بربه وفهمه لمعاني صفاته ونعوته. وامتلاء القلب من معرفتها ومحبتها. وايضا يعرف انه بتكميله هذا العلم تكمل علومه واعماله فان هذا هو اصل العلم واصل التعبد وسبق ان اورد الشيخ رحمه الله تعالى قاعدة مفيدة سبق ان مرت معنا من القواعد التي اشتمل عليها كتاب الله جل وعلا وهي طريقة القرآن في تقرير التوحيد. طريقة القرآن في تقرير التوحيد وهي عقائدها السادسة وتلك القاعدة فيها بسط لجوانب تتعلق بهذا الموضوع الذي اشار اليه هنا رحمه الله تعالى نعم ومن علوم القرآن صفات صفات الرسل واحوالهم وما جرى لهم وعليهم مع من وافقهم وخالفهم وما هم عليه من الاوصاف الراقية. فاذا مرت عليه هذه الايات عرف بها اوصافهم. وازدادت معرفته بهم وعرف ما هم عليه من الاخلاق والاعمال خصوصا امامهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم فيقتدي باخلاقهم واعمالهم بحسب ما يقدر عليه. ويفهم ان الايمان بهم تمامه وكماله معرفته التامة باحواله ومحبتهم واتباعهم وفي القرآن من نعوتهم الشيء وفي القرآن من نعوتهم الشيء الكثير الذي به تمام الكفاية ويستفيد ايضا الاقتداء بتعليماتهم العالية وارشاداتهم للخلق وحسن خطابهم في جوابهم وتمام صبرهم. فليس القصد من قصصهم ان تكون ثمرا. وانما القصد ان تكون عبرا ثم ذكر رحمه الله تعالى هذا النوع الثاني من علوم القرآن وهو صفات الرسل واحوالهم واخبارهم وما جرى لهم وعليهم مع من وافقهم وخالفهم وهذا العلم مبسوط في القرآن الكريم في مواضع كثيرة. جاء فيها ذكر اخبار الرسل وقصص بالمرسلين وكما قال الشيخ رحمه الله لم تذكر هذه الاخبار والقصص لتكون ثمرة وانما ذكرت لتكون عبرا لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب فهي ذكرت لتكون عبرة لاولي الالباب لا مجرد سمر وتسلية وتمظية اوقات وانما قصت في القرآن الكريم وذكرت اخبارهم مفصلة لتكون عبرة وعظة للانسان وموضعا يستمد منه الانسان المواقف الجليلة وصدق العبادة لله والنصرة لدينه والذب عن حماه ليقتدي بهؤلاء الرسل اولئك الذين هداهم الله فبهداهم مقتدر قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة. فالمسلم يقرأ اخبار المرسلين لتكون هذه الاخبار عظة له عبرة وموضعا يستمد منه العقائد العظيمة والاخلاق الجميلة والمعاملات الكريمة والجد والاجتهاد والصبر والمصابرة والمرابطة والبذل والتضحية فهذا نوع جليل شريف من علوم القرآن نعم ومن علوم القرآن علم اهل السعادة والخير. واهل الشقاوة والشر. وفي معرفته لهم ولاوصافهم فوائد الترغيب في الاقتداء بالاخيار. والترهيب من احوال الاشرار. والفرقان بين هؤلاء وهؤلاء وبيان الصفات والطرق التي وصل بها هؤلاء الى دار النعيم واولئك الى دار الجحيم. ومحبة هؤلاء الاتقياء من الايمان كما ان بغض اولئك من الايمان وكلما كان العبد اعرف لاحوالهم تمكن من هذه المقاصد. ثم ذكر هذا النوع الجليل من علوم القرآن علم اهل السعادة والخير واهل الشقاوة والشر هذا علم بسط في القرآن بسطا وافيا في ايات كثيرة فهذا العلم ينبغي ان يعتني به المسلم ويضع في ذهنه سؤالا كبيرا يجيب عليه بتلاوته لايات القرآن من هم اهل السعادة وما اوصافهم؟ ومن هم اهل الشقاوة؟ وما اوصافهم؟ ويقرأ القرآن ويجد الجواب على ذلك مفصلا يجد الجواب على ذلك مفصلا في كتاب الله صفات اهل السعادة وصفاته اهل الشقاء وتكون الطريقة مثل ما بين الشيخ رحمه الله بتأمل ايات القرآن وتدبر اوصاف هؤلاء واوصاف هؤلاء وفي معرفة العبد لاوصاف هؤلاء واوصاف هؤلاء ونعوتهم الترغيب في الاقتداء بالاخيار والترهيب من احوال اهل الشر وكذلك من فوائد الفرقان بين هؤلاء وهؤلاء وبين الصفات والطرق التي وصل بها هؤلاء الى دار النعيم واولئك الى دار الجحيم. ايضا من من الفوائد محبة هؤلاء الاتقياء وان محبتهم للايمان كما ان بعض اولئك من الايمان وكلما كان العبد اعرف لاحوالهم تمكن من هذه المقاصد. فاذا هذا علم شريف من علوم القرآن ينبغي ان يعتني به المسلم واعيد ما قدمت يضع المسلم في ذهنه تساؤلا كبيرا ما هي صفات السعداء؟ وما هي صفات الاشقياء؟ ويقرأ القرآن ليميز بين هذا وهذا فالقرآن فيه بيان ذلك مفصلا. والله سبحانه وتعالى انزل القرآن الكريم ليكون كتاب سعادة للبشرية كما قال الله سبحانه طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى اي انما انزلناه عليك لتسعد وقال جل وعلا فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى نفي الضلال فيه ثبوت الهداية ونفي الشقاء فيه ثبوت السعادة نعم ومن علوم القرآن علم الجزاء في الدنيا والبرزخ والاخرة على اعمال الخير واعمال الشر وفي ذلك مقاصد جليلة الايمان بكمال عدل الله وسعة فضله والايمان باليوم الاخر فان تمام الايمان بذلك وقفوا على معرفة ما يكون فيه والترغيب والترهيب بالرغبة في الاعمال التي رتب الله عليها الجزاء الجزيل والرهبة من ضدها ثم ذكر النوع هذا النوع من علوم القرآن علم الجزاء في الدنيا والبرزخ والاخرة يعني في الدور الثلاثة. لان الدور ثلاثة الدنيا والبرزخ الذي هو القبر والدار الاخرة وكل من هذه الدور الثلاثة فيها جزاء فيها جزاء للمحسن وفيها ايضا عقوبة للمسيء كما قال الله تعالى ان الابرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم قال اهل العلم الابرار في نعيم في دورهم الثلاثة. في الدنيا والبرزخ يوم القيامة والفجار في جحيم في دورهم الثلاثة في الدنيا والبرزخ يوم القيامة فاذا من علوم القرآن علم الجزاء والحساب مجازاة المحسن باحسانه والمسيء باساءته فما فائدة هذا العلم ومطالعته وتأمله في كتاب الله؟ قال في هذا فوائد عديدة من هذه الفوائد الايمان بكمال عدل لله وسعة فضله هذه فائدة ومن الفوائد الايمان باليوم الاخر لان اليوم الاخر هو يوم الجزاء والحساب ومن الفوائد وقال ومن الفوائد الترغيب والترهيب بالرغبة في الاعمال التي رتب الله عليها الجزاء الجزيل والرهبة من ظدها. فاذا علم الجزاء وهو نوع من علوم القرآن علم مفيد للمسلم فائدة عظيمة ذكر الشيخ رحمه الله بعض الفوائد المترتبة على هذا العلم نعم ومن علوم القرآن الامر والنهي وفي ذلك مقاصد جليلة معرفة حدود ما انزل الله على رسوله. فان المكلفين مكلفون بمعرفة ما امروا به. وما نهوا عنه وبالعمل وبذلك والعلم سابق للعمل. وطريق ذلك اذا مر عليه نص فيه امر بشيء عرفه وفهم ما يدخل وما لا يدخل وحاسب نفسه هل هو قائم بذلك كله او بعضه؟ او تاركه؟ فان كان قائما به فليحمد الله ويسأله الثبات والزيادة من الخير. وان كان مقصرا فيه فليعلم انه مطالب به. وملزوم به فليستعن الله على فعله وليجاهد نفسه على ذلك. وكذلك في النهي ليعرف ما يراد منه. وما يدخل في ذلك الذي نهى الله عنه ثم لينظر الى نفسه. فان كان قد ترك ذلك فليحمد الله على ذلك. ويسأله ان يثبته على ترك كما يسأله الثبات على فعل الطاعات. وليجعل الداعي له على الترك امتثال طاعة الله. ليكن تركه عبادة كما كان فعله عبادة وان كان غير تارك له فليتب الى الله منه توبة جازمة وليبادر ولا تمنعه الشهوات الدنية عن ما تدعو اليه النفس الامارة بالسوء. فمن كان عند هذه المطالب وغيرها عاملا على هذه الطريقة فانه على الصراط المستقيم والطريقة المثلى فيما عليه من الاسترشاد بكتاب الله وحصل له بذلك علم غزير كثير ثم ختم رحمه الله هذه الاشارات الى انواع علوم القرآن وما يترتب على العلم بها من الفوائد الى هذا النوع من علوم القرآن وهو علم الامر والنهي قال وفي ذلك مقاصد جليلة معرفة حدود ما انزل الله على رسوله فان المكلفين مكلفون بمعرفة ما امروا به وما نهوا عنه العمل بذلك والعلم سابق للعمل. ثم شرح الشيخ رحمه الله طريقة نافعة جدا وهي حقيقة بان تتأمل وان يتأملها جيدا طالب العلم وان يحاول ان يطبق هذه الطريقة النافعة التي اشار اليها الشيخ رحمه الله كيف يتعامل الانسان مع ايات الاوامر وايات النواهي التي في القرآن الكريم وواقع كثير من الناس عندما يقرأ ايات الاوامر والنواهي يمر عليها مرورا وكانها لا تعنيه وكانه ليس المخاطب بها لا يقف عند الامر متأملا فيه محاولا فهمه ومعرفة المراد به. ولا ايضا يقف متأملا هل هو مطبق لهذا الامر او ليس مطبقا؟ وان كان نهيا ايضا لا يقف في معرفة هذا الذي نهى الله عنه. ولا يقف ايضا يحاسب نفسه هل هو ممتثل لهذا الذي امره الله عز وجل باجتنابه فاجتنبه او لا فينبغي على المسلم حتى يستفيد من هذا العلم المبارك العظيم علم الاوامر والنواهي التي اشتمل عليها كتاب سبحانه وتعالى ان يعمل بهذه الطريقة النافعة التي اشار اليها الشيخ رحمه الله قال اذا مر عليه نص فيه امر بشيء عرفه وفهم ما يدخل فيه وما لا يدخل فيه وحاسب نفسه هل هو قائم بذلك كله؟ او ببعضه او تاركه؟ فان كان قائما به فليحمد الله ويسأله الثبات والزيادة من الخير وان كان مقصرا فيه فليعلم انه مطالب مطالب به وملزوم به فليستعن بالله على فعله وهكذا ايضا يفعل في النهي يحاسب نفسه بهذه الطريقة واذكر قبل سنوات تقرب من العشرين كنت ادرس في المرحلة المتوسطة وكان من الطلاب الذين ادرسهم في السنة الثانية متوسط كان يحفظ كتاب الله سبحانه وتعالى فجاءني يوم معه اوراق مجموعة تقرب من الثلاث مئة ورقة ومكتوب على الصفحة الاولى الاوامر والنواهي في القرآن الاوامر والنواهي في القرآن فقال لي يا استاذ اريد ان تطلع على هذه الاوراق وتعطيني رأيك طالب في ثانية متوسط قلت له يا يا ابني الان ما هو وقت تأليف الان وقت دراسة قال لا انا ما اؤلف انا الحمد لله احفظ القرآن كامل ومر علي في القرآن اوامر كثيرة ونواهي كثيرة وعلمت ان الله عز وجل مطالبني بهذه الاوامر ومطالبني ايضا بالانتهاء عن هذه النواهي وانه يجب علي ان افهم الذي امرني الله به لاعمله ليعمل به والذي نهاني الله سبحانه وتعالى عنه لاجتنبه فسرني كثيرا هذه الهمة العالية والرغبة والحرص فقلت له اطلعني واذا به طريقته يقول اذا مر باية فيها امر اكتب الامر. من الاوامر اقام الصلاة اكتب دليل او دليلين عليه. ثم ارجع الى تفسير ابن سعدي وانقل تفسيره لهذه الاية وكذلك ابن كثير يقول اقتصر على هذين التفسيرين يقول ايضا لما امر عن النواهي النهي عن الغيبة النهي عن التجسس النهي عن الزنا النهي عن السرقة النهي عن الكذب الى اخره كلها يكتبها ويذكر الدليل لا لشيء الا ليفقه ما امره الله سبحانه وتعالى برغبة صادقة احسبه والله حسيبه كذلك حتى يفعل الامر وينتهي عن النهي فالشاهد ان المسلم ملزوم مثل ما عبر الشيخ رحمه الله بفعل الاوامر وملزوم بترك النواهي يلزمه ذلك واذا فرط حوسب وعوقب يوم القيامة فينبغي ان يعتني بهذا العلم العظيم الشريف المبارك من علوم القرآن علم الاوامر والنواهي ولهذا قال ابن مسعود او ابن عباس اذا سمعت الله يقول يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك فانه اما خير تؤمر به او شر تنعم اما اذا لم يرعها الانسان سمعه ومر سريعا وكانها لا تعنيه فهو بذلك انما يكثر حجج الله سبحانه وتعالى عليه. والقرآن حجة لك او عليك فينبغي على المسلم ان يعنى عناية دقيقة بهذا العلم الشريف علم الاوامر والنواهى وهو من في علوم القرآن الكريم والشيخ رحمه الله له كتاب اه سماه تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن واجتهد رحمه الله تعالى ان يقسم الكتاب تقسيمات يراعي فيها علوم القرآن ومقاصد القرآن الكريم فجاء بعلم التوحيد وقصص الانبياء واليوم الاخر ونحو ذلك فقسمه فتقسيما نافعا مفيدا وله ايضا كتاب اخر رحمه الله تعالى سماه فتح الملك اه العلام في العقائد والاداب والاحكام المستمدة من القرآن وقسمه الى ثلاثة اقسام. القسم الاول التوحيد والقسمة الثاني الاداب والاخلاق والقسم الثاني الاحكام القسم الثالث الاحكام والشيخ رحمه الله له عناية بالقرآن وعلومه في مؤلفات عديدة نافعة ومفيدة فنسأل الله عز وجل ان يجزيه خير الجزاء وان يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح وان يشرح صدورنا للخير وان يوفقنا للصالحات وان يمن علينا بسديد الاقوال وصالح الاعمال وان يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء احزاننا وذهاب همومنا وغمومنا وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. ونسأله جل وعلا ان يفرج هم المهمومين. من المسلمين وان ينفس كرب المكروبين وان يقضي الدين عن المدينين وان يشفي مرضانا ومرضى المسلمين وان يغفر لنا ذنوبنا اجمعين وان يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انه تبارك وتعالى غفور رحيم جواد كريم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم الهمكم الله الصواب وفقكم للحق. نفعنا الله بما سمعنا وغفر الله لنا ولكم وللمسلمين اجمعين سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك