الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات اما بعد فيقول الامام ضياء الدين محمد بن عبدالواحد المقدسي رحمه الله في كتابه الطبي النبوي ما ذكر من تشديد البلاء على الانبياء صلوات الله عليهم وعلى الصالحين قال اخبرنا ابو طاهر المبارك ابن ابي المعال ابن المعطوش رحمه الله بقراءة عليه ببغداد قلت له اخبركم هبة الله ابن محمد قراءة عليه قال اخبرنا ابو علي الحسن ابن علي قال اخبرنا ابو بكر احمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن احمد قال حدثني ابي قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا عن سليمان عن ابي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها انها قالت ما رأيت الوجع على احد اشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح اخرجه البخاري عن عن بشر ابن محمد عن عبدالله ابن المبارك ورواه غير بشر ابن خالد عن محمد ابن جعفر كلاهما عن شعبة الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال المصنف الامام المقدسي رحمه الله تعالى قال ما ذكر من تشديد البلاء على الانبياء صلوات الله عليهم وعلى الصالحين اي وتشديد البلاء على الصالحين قول تشديد البلاء على الانبياء وتشديد البلاء على الصالحين اي ان البلاء آآ لمن هو اقرب الى الله عز وجل يكون اشد بحسب القرب ليكون ثوابه عند الله اعظم ومقامه اعلى وارفع لان المقصود من البلاء تكميل درجاتهم ورفعة منازلهم عند الله لما خصوا به من قوة اليقين وقوة الايمان ولهذا كما سيأتي معنا في الحديث لاحقا ان اشد الانبياء اشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل يعني كلما قويت المكانة والمنزلة هي يشتد البلاء ليكون آآ ثوابه اعلى ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى ارفع لان اه الانبياء والصالحين من اتباعهم مقامهم في البلاء مقام صبر واحتساب ورضا واقبال على الله سبحانه وتعالى فتعلوا بذلك آآ درجاتهم ومنازلهم عند الله سبحانه وتعالى وهذا المقام يدعون الى ان نستحضر ان البلاء اه وان كان ظاهره يحمل الاذى والضرر ونحو ذلك الا انه في طياته فوائد فوائد عظيمة ومنافع كبيرة جدا وثمار عالية رفيعة ذكرها العلماء واشاروا اليها في في مواطن والامام بن رجب رحمه الله في شرحه لوصية النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس في رسالة مفردة حديثة الله يحفظك تحدث في اخرها حديثا لطيفا نافعا مفيدا في هذا الباب ذكر فيه نبذة يسيرة من لطائف البلايا وفوائدها وحكمها واشير الى ما ذكر رحمه الله باختصار لعظيم فائدته وكبير منفعته قال فمنها تكفير الخطايا بها والثواب على الصبر عليها ومنها تذكر العبد آآ ومنها انها تذكر العبد بذنوبه فربما تاب ورجع منها الى الله ومنها زوال قسوة القلوب وحدوث رقتها ومنها انكسار العبد لله وذله له وذلك احب الى الله من كثير من طاعات الطائعين ومنها انها توجب للعبد الرجوع بقلبه الى الله والوقوف ببابه والتضرع له والاستكانة وذلك من اعظم فوائد البلاء ومنها ان البلاء يوصل الى قلبه لذة الصبر عليه والرضا به وذلك مقام عظيم جدا ومنها ان البلاء يقطع قلب المؤمن عن عن الالتفات الى مخلوق ويوجب له الاقبال على الخالق وحده وقد حكى الله عن المشركين اخلاص الدعاء له عند الشدائد. فكيف بالمؤمن فالبلاء يوجب للعبد تحقيق التوحيد بقلبه وذلك اعلى المقامات واشرف الدرجات هذا خلاصة ما ذكره الامام بن رجب رحمه الله تعالى فيما يتعلق بفوائد البلايا وحكمها اورد المصنف رحمه الله تعالى حديث عائشة رضي الله عنها في ذكر شدة المرض والوجع الذي يصيب النبي عليه الصلاة والسلام حتى انها قالت في هذا الحديث ما رأيت الوجع المراد بالوجع المرض على احد اشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم اي ما رأيت احدا اشد وجعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفنا فيما سبق انه كلما اه اشتد الوجع عظم الاجر وايضا كلما طاعت كلما طالت مدته ايضا عظم اجره وثوابه عند الله سبحانه وتعالى لان الانبياء الصالحين من عباد الله لا يتلقون هذه الاوجاع والبلايا بالجزع والسخط بل يتلقونها بالرضا والصبر والاحتساب ورجاء ما عند الله ما عند الله سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله اخبرنا ابو احمد عبدالله بن احمد بن المجد الحربي رحمه الله قراءة عليه قيل له اخبركم هبة الله بن محمد قراءة عليه؟ قال اخبرنا الحسن بن علي قال اخبرنا احمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عاصم ابن ابي النجود عن مصعب ابن سعد عن ابيه رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي الناس اشد بلاء؟ قال الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل من الناس يبتلى الرجل على حسب دينه. فان كان في دينه صلابة زيد في بلائه وان كان في دينه رقة خفف عنه فلا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الارض ليس عليه خطيئة ورواه شعبة بن الحجاج وحماد عن عاصم. اخرجه الترمذي بنحوه عن قتيبة عن حماد وقال حديث حسن صحيح اورد رحمه الله حديث سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي الناس اشد بلاء اي اكثر بلاء واصعب في حصول البلاء لهم المراد بالبلاء المحن المصائب فقال عليه الصلاة والسلام الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل من الناس الامثل فالامثل اي في الايمان والطاعة آآ العبادة لله سبحانه وتعالى فهذا يفيد ان من يفيد ويدل على ان من كان اقرب الى الله يكون بلاؤه اشد وذلك ليكون ثوابه عند الله سبحانه وتعالى اعظم ولهذا قال في هذا الحديث يبتلى الرجل على حسب دينه. اي قوة وضعفا فان كان في دينه صلابة اي قوة زيد في بلاءه وان كان في دينه رقة اي ضعف ولين خفف عنه فلا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الارض ليس عليه خطيئة وهذه ثمرة البلاء والمقصد منه مقصد من التمحيص وتكفير الخطايا حتى ان المبتلى يخرج اه ليس عليه خطيئة اي تحط عنها خطاياه مثل ما مروا سياتي كما يتحات ورق الشجر نعم قال رحمه الله اخبرنا ابو جعفر محمد بن احمد بن نصر بن ابي الفتح حسين بن عبدالملك بن منده رحمه الله قال اخبرنا الحسن بن احمد الحداد وانا حاضر قال اخبرنا ابو نعيم احمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن احمد بن حمدان قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا احمد بن عيسى المصري قال حدثنا ابن وهب قال اخبرني هشام ابن سعد عن زيد ابن اسلم عن عطاء ابن عن عطاء ابن يسار عن ابي سعيد رضي الله تعالى عنه انه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك فقلت من اشد الناس بلاء يا رسول الله قال الانبياء ثم الصالحون لقد كان احدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله. ولا احدهم كان اشد فرحا البلاء من احدكم بالعطاء قال هذا على شرط مسلم ثم اورد رحمه الله حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك موعوك آآ اي اصابته وعكة والوعكة هي اذى الحمى ووجعها الشديد والحمى هي ارتفاع الحرارة والسخونة في الجسم واذا اشتد ارتفاعها يكون المرء في شدة عظيمة ومعاناة شديدة فدخل ابو سعيد رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو موك اي في شدة وجع الحمى الذي اه اصابه عليه الصلاة والسلام فقلت من اشد الناس بلاء يا رسول الله؟ لانه رأى هذا الذي في في النبي عليه الصلاة والسلام، فقال الانبياء ثم الصالحون وهذا السؤال تولد عند عند ابي سعيد الخدري رضي الله عنه بحسب الحال والموقف الذي يراه في النبي عليه الصلاة والسلام افضل عباد الله وخير وخيرهم عند الله جل وعلا قال الانبياء ثم الصالحون لقد كان احدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله يقتله اي حقيقة او يقتله مبالغة من شدة الجهد والنحول والاعياء ولا احدهم كان اشد فرحا بالبلاء من احدكم بالعطاء السر في هذا الفرح هو استشعار ما يكون في البلاء من حق لي اه الذنوب والاوزار ولهذا حظهم من البلاء عظيم حظهم من البلاء عظيم لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول وسيأتي عند المصنف ان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط نعم قال رحمه الله اخبرنا ابو عبدالله محمد بن حمزة بن محمد بن ابي الصقر القرشي رحمه الله قال اخبرنا ابو الحسن علي بن الحسن الموازيني قال اخبرنا محمد بن عبد السلام بن عبدالرحمن الشاهد بدمشق قال اخبرنا ابو بكر محمد بن سليمان بن يوسف عن حاجب بن اركين الفرغاني قال حدثنا محمد ابن اسماعيل الاحمسي قال حدثنا الحسن ابن عبد الله قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن عطاء ابن يسار عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال وضعت يدي على النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت الحمى عليه شديدة من فوق الثوب فقلت يا رسول الله انها عليك لشديدة فقال انا كذلك معاشر الانبياء انا كذلك معاشر الانبياء يضاعف علينا البلاء كما يضاعف الاجر قلت يا رسول الله اي الناس اشد بلاء؟ قال الانبياء قلت ثم من؟ قال ثم الصالحون. وان كان احدهم وان كان احدهم ليبتلى حتى ما يجد الا العباءة يجوبها وان كان احدهم ليبتلى بالقمل وان كان احدهم ليفرح بالبلاء يصيبه كما يفرح احدكم بالغائب او بالرخاء. رواه ابن ماجة بنحوه من حديث هشام ثم اورد رحمه الله حديث ابي سعيد في رضي الله عنه في دخوله على النبي صلى الله عليه وسلم وهو موعوك فيقول وضعت يدي على النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت الحمى عليه شديدة وهذا الصنيع من السنة وضع اليد على المريظ اما على ناصيته او على يده لان هذا الصنيع اول فيه مؤانسة المريض من جهة وفي من جهة اخرى استشعار بحجم التعب انه اذا وضعت اليد ورأيت ان الحرارة حرارة الجسم مثلا شديدة وسخونته مرتفعة تشعر بشدة المعاناة التي عليها المريض وهذا الشعور يحرك في النفس العاطفة والرحمة ويحرك الدعاء ونحو ذلك من المعاني العظيمة التي يحبها الله سبحانه وتعالى قال فوجدت الحمى عليه شديدة من فوق الثياب من فوق الثياب يعني آآ اتضح شدة الحمى التي هي الحرارة الحرارة والسخونة سخونة البدن فقلت يا رسول الله انها عليك لشديدة فقال انا كذلك معاشر الانبياء يظاعف علينا البلاء كما يظاعف الاجر يظاعف علينا البلاء كما يظاعف علينا الاجر قد تقدم معنا ان عظم الجزاء ما عظم البلاء فكما يظاعف لهم الاجر ويظاعف البلاء قلت يا رسول الله اي الناس اشد بلاء؟ قال الانبياء. قلت ثم من؟ قال ثم الصالحون وان كان احدهم ليبتلى حتى ما يجد الا العباءة يجوبها العباءة يجوبها ان يخرقها يقطعها من وسطها ويلبسها يعني من شدة الحاجة وقلة ذات اليد وهذا يدل على هوان الدنيا على الله وان الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة والا لو كان شأنها عظيما لاعطاها انبياءه واصفيائه وخصهم بها قال وان كان احدهم ليبتلى بالقمل وان كان احدهم ليفرح بالبلاء يصيبه كما يفرح احدكم بالغائب الذي طال انتظاره له او بالرخاء اي النعمة والعطية هذا كله ناشئ من النظر الى الاجر والثمار المترتبة على ذلك ليس محبة للبلاء من حيث هو ولكن آآ محبة لما يترتب عليه منا خيرات عظيمة وفوائد عميمة نعم قال رحمه الله اخبرنا ابو عبد الله محمد ابن معمر ابن الفاخر القرشي رحمه الله قال اخبرنا ابو الفرج سعيد بن ابي الرجاء الصيرفي قراءة عليه قال اخبرنا عبد الواحد بن احمد قال اخبرنا عبد الله بن يعقوب بن اسحاق قال اخبرنا جدي اسحاق بن ابراهيم بن جميل قال اخبرنا احمد دون منيع قال حدثنا عبيدة بن حميد قال عن الاعمش عن ابراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبدالله رضي الله تعالى عنه. قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك وعكا شديدا فلمسته. فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا قال اني اوعك واعك رجلين منكم قلت ذاك بان لك اجرين صحيح اخرجه البخاري ومسلم معناه من حديث سليمان ابن مهران الاعمش ثم اورد رحمه الله هذا الحديث عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ان قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك وعكا شديدا وعرفنا ان الوعكة والمراد بها اشتداد الحمى والحرارة فمسسته في بعض الرواية فلمست بعظ الروايات فمسست بيدي فقلت يا رسول الله انك لا توعك وعكا شديدا انك لتوعك وعكا شديدا. اي الحرارة شدة الحمى ظاهر شدتها ومن وضع اليد تقدم انه شعر بذلك من وراء الثياب من شدة الحرارة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني اوعك وعك رجلين منكم وكرجلين منكم وهذا فيه ان ان الانبياء والصالحين يشدد عليهم في الوجع لينال اعلى درجات الصبر ينال اعلى درجات الصبر لان الصبر درجات واعلى درجات الصبر الصبر على البلاء الشديد. المعاناة الشديدة وهذا لا يكون الا لمن في دينه صلابة اي قوة وشدة قال اني اوعك وعك رجلين منكم. قلت ذاك بان لك اجرين قال اجل كما جاء في مصدر الحديث البخاري ومسلم حديث هنا فيها عند المصنف هنا في نقص ربما يكون ساقط من النسخ او كذا فتتمته في الصحيحين قال اجل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يصيبه اذى من مرض فما سواه الا حط الله به آآ سيئاته كما تحط الشجرة ورقها كما تحط الشجرة ورقها هذا الشدة في البلاء هو حط السيئات والاوزار كما تحط الورق الشجرة ورقها ما يصيب العبد هذه ثماره هذه اثاره فاذا آآ استشعر ذلك يفرح العبد بهذا الجانب هذا المعنى الذي هو انها حط للاوزار وتمحيص باذن الله فاذا صحب ذلك آآ اه احتسابا وصبرا ورضا ونحو ذلك كان بابا اخر من باب الثواب ورفعة الدرجات وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود لما قال آآ انك توعك قال اجل اني قال اني اوعك رجلين في جواز اخبار المريض لمن سأله بما يجد من الالم. ولا كراهة في ذلك. اذا لم يكن على وجه التسخط واظهار الجزع اما اذا كان على وجهه التسخط واظهار الجزء فانه لا يجوز نعم قال رحمه الله اخبرنا ابو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي رحمه الله قال اخبرنا ابو علي الحداد قال اخبرنا ابو نعيم احمد بن عبدالله عن عبد الله بن جعفر قال حدثنا ابو مسعود قال اخبرنا ابو عامر العقدي قال حدثنا شعبة عن حصين بن عبدالرحمن قال سمعت ابا عبيدة بن حذيفة يحدث عن عمته فاطمة رضي الله عنها قالت عدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة فاذا سقاء معلق وماء يقطر عليه من شدة ما يجد من حر الحمى فقلنا يا رسول الله لو دعوت الله فاذهب عنك هذا قال اشد الناس بلاء الانبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم رواه الامام احمد في المسند عن محمد بن جعفر عن شعبة نعم هذا حديث فاطمة رضي الله عنها في قيادتها للنبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فاذا سقاء معلق وماء يقطر عليه من شدة ما يجد من حر الحمى. هذه هي الوعكة شدة حر الحمى فكان يخفف عنه هذا الحر بوضع قربة من الماء من الماء فيها الماء البارد ويقطر عليه هذا الماء يخفف عنه هذه هذه الحرارة وشدة الحرارة الماء البارد يقطر عليه شيئا فشيئا يخفف عنه هذه الحرارة فالحاصل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اشد الناس بلاء الانبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهذا بمعنى الاحاديث المتقدمة نعم قال رحمه الله ذكر بلاء ايوب عليه السلام قال اخبرنا ابو جعفر محمد بن احمد الصيدلاني قال اخبرنا ابو علي الحسن ابن احمد الحداد وانا حاضر قال اخبرنا الحافظ ابو نعيم احمد بن عبدالله قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال اخبرنا اسماعيل ابن عبد الله سمويا قال حدثنا سعيد بن الحكم بن ابي مريم قال اخبرنا نافع بن يزيد قال اخبرنا عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان نبي الله ايوب عليه السلام لبث بلاؤه ثمانية عشر سنة او شهرا فرفضه القريب والبعيد الا رجلين من اخوانه كانا من اخصهم اخواني فكانا يغدوان اليه ويروحان فقال احدهما لصاحبه ذات يوم تعلم والله ان ايوب قد اذنب ذنبا ما اذنبه احد من العالمين فقال له صاحبه وما ذاك قال منذ ثمانية عشر سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به. فلما راحا الى ايوب لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له فقال ايوب عليه السلام ما ادري ما تقولان غير ان الله يعلم اني كنت امر بالرجلين يتنازعان فيذكران فيذكر الله فارجع الى بيتي فاكفر عنهما كراهية ان يذكر الله الا في حق وكان يخرج لحاجته فاذا قضى حاجته امسكت امرأته بيده حتى يبلغ فلما كان ذات يوم ابطأ عليها فاوحي الى ايوب في مكانه اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فاستبطأته فتلقته تنظر واقبل عليها قد اذهب الله تعالى ما به من البلاء وهو احسن ما كان. فلما رأته قالت اي بارك الله فيك. هل رأيت نبي الله عليه السلام هذا المبتلى فوالله على ذلك ما رأيت اشبه به منك اذ كان صحيحا. قال فاني انا هو وكان له اندران اندر للقمح واندر للشعير. فبعث الله سحابتين فلما كانت احداهما على انذر القمح افرغت فيه الذهب حتى فاض وافرغت الاخرى في اندر الشعير الورق حتى فاظ قال هذا حديث غريب صحيح ورجال اسناده ثقات ورواه الامام محمد بن يحيى الذهني عن سعيد بن الحكم وقال ثمانية عشر سنة في الموضعين بغير شك ثم عقد آآ رحمه الله تعالى هذه الترجمة في ذكر بلاء ايوب عليه السلام وايوب عليه السلام ذكر الله عز وجل البلاء الذي اصابه اشار اليه في مواطن من القرآن في سورة الانبياء وفي سورة صاد وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين هذا الضر الذي اه اه اصابه والبلاء الذي اصابه طالت مدته كما جاء في هذا الحديث ويحسنه بعض اهل العلم ان مدته آآ طالت الى ثمانية عشر سنة و رفضه القريب والبعيد الا بعض خواص اخوانه وزوجته ومكث على ذلك مدة عظيمة حتى ان هذين الذين اه كما جاء في هذا الحديث وهما من اخص اخواني احدهما قال من اه مما رأى من طول البلاء قال تعلم ان ايوب اذنب ذنبا ما اذنبه احد من العالمين فتساءل صاحبه قال لا هو في هذه المدة الطويلة لم يرحمه الله في كشف ما به فبقي هذا التساؤل في نفسيهما فلما اتيا ايوب ذكر احدهما ذلك له قال ما ادري ما تقولان غير ان الله يعلم اني كنت امر بالرجلين يتنازعان في ذكران الله يعني في مقام خصومة ونزاع ولجج فيكره ذلك عليه السلام فيذهب ويكفر عنهما كراهة ان يذكر الله الا في حق ما يريد ان يذكر الله الا في تسبيح وتهليل وحمد وذكر لله عز وجل في مقام لجج خصومة ونحو ذلك ثم لما اراد الله عز وجل ان يكشف عنها الضر آآ كان في مكان فامره ان يركظ اي الارظ برجله فنبح الماء البارد فامر ان يغتسل من هذا الماء ويشرب هذا مغتسل بارد وشراب فاغتسل وشرب فذهب عنه كل ما كان يجد من البلاء ورجع الى احسن ما يكون حتى ان امرأته لما اقبل ما عرفته اه لانه اه تحول مفاجئ من بلاء شديد الى صحة وعافية تامة والله على كل شيء قدير يعني التحول من مرض شديد الى صحة يكون في المعتاد في تدرج لكن هذا في لحظة واحدة تتحول هذا التحول فاندهست امرأته لما لقيته قالت ما رأيت نبي الله داود ما رأيت اشبه بك منه ما عرفته ما جزمت انه هو لان التحول كان مفاجئا سريعا فقال اني انا هو قال وكان له اندران اندر للقمح واندر للشعير. الاندر ويقال له البيدر ايضا هو الموضع الذي يداس فيه القمح والشعير فكان لهم يعني مساحة من الارض فيها القمح وفيها الشعير فبعث الله سحابتهم فلما كانت احداهما على اندر القمح افرغت فيه الذهب والاخرى افرغت في الاخر الفضة يعني اكراما من من الله سبحانه وتعالى له اه هذا يحسنه بعض اه اهل العلم والمصنف قال هذا حديث غريب صحيح ورأيت الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية اورد الحديث وقال غريب رفعه جدا وان اشبه ان يكون موقوفا الاشباه ان يكون موقوفا اي على انس ابن مالك رضي الله عنه والله اعلم. نعم قال رحمه الله ذكر محبة الله تعالى لمن يبتلى من عباده المسلمين الصالحين عن محمود ابن لبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا احب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر. ومن جزع فله الجزع قال اخرجه الامام احمد في مسنده عن سليمان ابن داوود عن اسماعيل ابن جعفر قال ذكر محبة الله تعالى لمن يبتلى من عباده المسلمين الصالحين هذا هذه الترجمة فيها اشارة الى معنى عظيم جدا في في باب البلاء ان البلاء لا يكون للمؤمن عن سخط وغضب اه وانتقام وانما هو محبة ولهذا جاء في الحديث الذي ذكر المصنف اذا احب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر. ومن جزع فله الجزاء فيهن ان الابتلاء ينشأ من محبة الابتلاء يكون من محبة محبة لله عز وجل المبتلى من عباده الصالحين ليرفع البلاء اه درجاته عند الله سبحانه وتعالى واذا نظر الانسان الى حال المبتلين مع البلاء فهم على درجات منهم من يصبر ومنهم من آآ يسخط ومنهم من يجزع ومنهم من هي منهم من يتطاول على مقام القدر والقضاء وربما بعضهم يتجرأ على وصف الله سبحانه بالظلم او نحو ذلك ولهذا يفيد هذا الحديث فائدة عظيمة ان حظ العبد من البلاء ما هو نعم ما يحدثه حظ العبد من البلاء ما يحدثه في في العبد لان البلاء اما ان يحدث صبرا واما ان يحدث جزعا واما ان يحدث سخطا واما ان يحدث اعتراضا واما الى اخره فحظ العبد من البلاء هو ما يحدثه ما يحدثه البلاء في العبد من رضا او سخط او غير ذلك والامام ابن القيم رحمه الله له كلام في هذا الحديث وما يستفاد منه عظيم جدا في كتابه زاد المعاد نختم به مجلسنا هذا يقول رحمه الله تعالى فحظه من المصيبة ما تحدثه له حظه من المصيبة ما تحدثه له فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط فحظك منها ما احدثته لك فاختر خير الحظوظ او شرها فان احدثت له سخطا وكفرا كتب في ديوان الهالكين وان احدثت له جزعا وتفريطا في ترك واجب او فعل محرم كتب في ديوان المفرطين وان احدثت له شكاية وعدم صبر فكتب في ديوان المغبونين وان احدثت له اعتراضا على الله وقدحا في حكمته فقد قرع باب الزندقة او ولجه وان احدثت له صبرا وثباتا لله كتب في ديوان الصابرين وان احدثت له الرضا عن الله كتب في ديوان الراضين وان احدثت له الحمد والشكر كتب في ديوان الشاكرين وكان تحت لواء الحمد مع الحماديين وان احدثت له محبة واشتياقا الى لقاء ربه كتب في ديوان المحبين المخلصين ثم ذكر هذا الحديث قال وفي مسند الامام احمد والترمذي من حديث محمود بن لبيد يرفعه ان الله اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط زاد احمد ومن جزع فله الجزاء ونسأل الله عز وجل ان يلهمنا اجمعين رشد انفسنا وان يصلح لنا شأننا كله وان لا يكلنا الى انفسنا طرفة عين. وان يهدينا اليه صراطا مستقيما. اللهم اغفر لنا ايدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم ات نفوسنا تقواها زكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. جزاكم الله خيرا