بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات اما بعد قال المصنف حفظه الله في كتابه الذكر والدعاء في ضوء الكتاب والسنة قال حفظه الله في باب الادعية في الصلاة وبعد التشهد قال وعن عطاء بن السائبي عن ابيه رضي الله عنه قال صلى بنا عمار بن ياسر صلاة فاوجز فيها فقال له بعض القوم لقد خففت او اوجزت الصلاة فقال اما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام تبعه رجل من القوم هو ابي غير انه كنا عن نفسه فسأله عن الدعاء ثم جاء فاخبر به القوم اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق احيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم واسألك خشيتك في الغيب والشهادة. واسألك كلمة الحق في الرضا والغضب. واسألك القصد في الفقر والغنى. واسألك فنعيما لا ينفد واسألك قرة عين لا تنقطع واسألك الرضا بعد القضاء واسألك برد العيش بعد الموت واسألك ذات النظر الى وجهك والشوق الى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة. اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين رواه النسائي الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنه فيه هذا الدعاء العظيم الذي يشرع ان يقوله المسلم بعد التشهد وقبل السلام و مشتمل هذا الدعاء على معاني عظيمة ومقاصد جليلة واشرت الى ان الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى افرده برسالة وهي مطبوعة بعنوان شرح حديث عمار ابن ياسر وقد تنوعت فوائد وهدايات هذا الدعاء بباب العقيدة وباب العبادة وباب الاخلاق وانما تتحقق الفائدة للمسلم من هذا الدعاء اذا فهم معانيه وعرف مقاصده ومراميه وجاهد نفسه على تحقيقها قوله اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق تحييني ما كانت الحياة او ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا لي هذا توسل الى الله سبحانه وتعالى بعلمه الغيب الغيب اي ما غاب عنا اما الله سبحانه وتعالى فالغيب عنده شهادة والسر عنده علانية لا تخفى عليه خافية والمقصود بعلمك الغيب اي العلم كالمحيط بكل شيء وان الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية يعلم خفايا الامور وبواطنها كما يعلم ظواهرها وعلانيتها وقوله وقدرتك على الخلق هذا توسل الى الله بقدرته سبحانه وتعالى الشاملة ان الله على كل شيء قدير ولا يعجزه سبحانه شيء في الارض ولا في السماء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ثم العبد لا علم له بعواقب الامور لا يدري العواقب عواقب الامور صالحة من غيره الا بما اعانه الله له عليه ويسره له ولهذا قام هذا الدعاء على التفويض تفويض الامر الى الله سبحانه وتعالى وطلب الخيرة منه جل في علاه ولهذا قال احيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا لي لان العبد لا يدري قد يكون طول العمر له قير ورفعة عند الله وقد يكون طول العمر وبال عليه بسبب الفتن او الشهوات او ولهذا جاء في حديث اخر النهي عن تمني الموت لضر اصاب العبد وقال عليه الصلاة والسلام في تعليل النهي قال لا يتمنين احدكم الموت اما محسنا فلعله يزداد واما مسيئا فلعله يستعتب ان يسترضي ربه وقوله واسألك خشيتك في الغيب والشهادة اي ان تجعلني من اهل الخشية من اهل الخشية في سري وعلني في ظاهري وباطني في خلوتي وجلوتي وفي احوالي كلها على حضور عند الناس او غيابي عنهم قال الله عز وجل الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون وقوله واسألك كلمة الحق في الرضا والغضب في سؤال الله عز وجل ان يوفق عبده لقول الحق في كل احواله في حال رضاه وفي حال غضبه كثير من الناس قد قد يتمكن من ان يقول كلمة الحق في حال رضاه لكن القليل منهم الذي يتمكن ان يقولها في حال الغضب لان الغضب يحمل اه على البغي والظلم العدوان ولهذا ذكر الله عز وجل في مقام الثناء واذا ما غضبوا هم يغفرون وقوله اسألك القصد في الفقر والغنى القصد هو التوسط والاعتدال توسط بين الاسراف والتقتير قال تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتلوا وكان بين ذلك قواما قواما اي وسطا والقصد في الفقر وغنى هو الاعتدال في النفقة بحسب الحال كان فقيرا او كان غنيا فان كان فقيرا لم يقتر خوفا من نفاذ الرزق ولم يسرف بتحميل نفسه ما لا يطيق وقوله اسألك نعيما لا ينفد هذا نعيم الاخرة كما قال الله عز وجل ما عندكم ينفد وما عند الله باق وقوله اسألك قرة عين لا تنقطع قرة عين اي ما تقر به عيني ويكون دائما وما قرت عينه بشيء من متع الدنيا منقطع وزائل ولا بد وكل نعيم في الدنيا لابد ان يحتف به ما ينقصه لكن اذا قرت العين بالطاعة الطاعة باقية لذة لصاحبها في الدنيا وثوابا في الاخرة فهي لا تنقطع في الدنيا بلذتها وهناءة العبد وطمأنينة بها وفي الاخرة بالثواب الذي اعده الله وقوله اسألك الرضا بعد القضاء سأل الرضا بعد القضاء لان لانه بعد القضاء يتبين حقيقة الرضا اما قبل القضاء فالذي يكون هو العزم لكن هل يثبت على هذا العزم اذا وقع القضاء او لا فمن الناس من لا يثبت على ما كان عازما عليه من الرضا اذا اذا حصل القضاء المؤلم فقال اسألك الرضا بعد القضاء واسألك برد العيش بعد الموت برد العيش اي هنيء هنيئه وطيبه وهذا فيه ان العيش الكامل الذي لا تنغيص فيه هو العيش الذي بعد الموت اللهم لا عيش الا عيش الاخرة وقوله اسألك لذة النظر الى وجهك والشوق الى لقائك في غير ظراء مضرة ولا فتنة مضلة هذا الدعاء جمع فيه بين اطيب شيء في الدنيا واطيب شيء بالاخرة اما اطيب شيء في الدنيا الشوق الى لقاء الله واما اطيب شيء في الاخرة لذة النظر الى وجه الله وقوله في غير ظراء مظرة ولا فتنة مظلة لما كان تمام ذلك موقوفا على عدم وجود ما يضره في الدنيا او يفتنه فيها قال في غير ضراء مضرة ولا فتنة مظلة وقوله اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين زينة الايمان تشمل صلاح القلب وتزينه بالعقيدة الصحيحة والاعمال القلبية الزاكية وزينة اللسان بالذكر وتلاوة القرآن وزينة الجوارح بالاعمال الصالحة ولهذا يعد الايمان زينة وجمالا ولباس التقوى ذلك خير حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وقوله اجعلنا هداة مهتدين مهتدين اي في انفسنا هداة اي لغيرنا الحاصل ان هذا دعاء عظيم جدا يؤتى به قبل السلام هو مشتمل على معاني عظيمة جليلة نافعة غاية النفع قال المصنف حفظه الله الاذكار بعد السلام عن ثوبان رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم انت اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام تباركت ذا الجلال والاكرام احسن الله اليكم قال الوليد فقلت للاوزاعي كيف الاستغفار قال تقول استغفر الله استغفر الله الاذكار بعد السلام اي الذكر الذي يشرع للمسلم ان يقوله اذا سلم انصرف من صلاته فجاء في السنة اذكار عديدة يشرع ان يقولها المسلم بعد السلام وهي تكميل لعبادته وتتميم لصلاته وجبر لما يكون فيها من نقص حديث ثوبان رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والاكرام في مشروعية الاستغفار ثلاث مرات عقب السلام والحكمة من الاستغفار في هذا الموطن اه اظهار ان العبد لم يقم بحق الصلاة كما ينبغي. صلى نعم وسلم فرغ من صلاته لكن يستشعر انه ما قام بها كما ينبغي فيستغفر الله سبحانه وتعالى لم يأتي بها على التمام والكمال كما ينبغي فيستغفر لتقصيره لعل الله سبحانه وتعالى ان يتجاوز عنه فيكون هذا الاستغفار جابرا لما في الصلاة من نقص او تقصير ثم يقول اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والاكرام وقوله في الحديث استغفر ثلاثا فسره الاوزاعي بان يقول استغفر الله استغفر الله استغفر الله قول اللهم انت السلام السلام هذا اسم من اسماء الله ومعناها المنزه ان كل نقص وعيب وقوله منك السلام اي كل سلامة ترجى ويطمع العبد في نيلها لا تنال الا من الله فان قوله ومنك السلام هذا من اساليب الحصر اي منك وحدك دون غيرك وقوله تباركت ذا الجلال والاكرام تباركت اي تعاليت وذا الجلال والاكرام اي يا صاحب الجلال والاكرام وهما وصفان لله سبحانه وتعالى دالان على عظمته وكبريائه قال وعن مراد مولى المغيرة بن شعبة قال كتب المغيرة الى معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد اي لا ينفع صاحب الغنى منك غناه وانما ينفعه طاعته لك وايمانه بك وعن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه انه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا حول ولا قوة الا بالله. لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن. لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة رواه مسلم هذان الحديثان اه حديث المغيرة ابن شعبة هو حديث عبدالله ابن الزبير فيهما هذا التهليل الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام دبر كل صلاة وحاصل هذا التهليل الثابت في الحديثين ان التهليلات التي تكون بعد الصلاة ثلاث تهليلات التهليلة الاولى تقول بعدها وحده لا شريك له لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وعلى كل شيء قدير والتهليلة الثانية تقول بعدها ولا نعبد الا اياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن والتهليلة الثالثة تقول بعدها مخلصين له الدين ولو كره الكافرون فهذه ثلاث تهليلات كل تهليلة اتبعت بما فيه تثبيت التوحيد وتأكيده الذي هو مدلول لا اله الا الله فان قوله لا اله الا الله وحده لا شريك له هذا فيه تأكيد للتوحيد ان التوحيد يقوم على ركنين النفي والاثبات ووحده تأكيد للاثبات ولا شريك له تأكيد للنفي له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذه براهين التوحيد وقوله لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه هذا هو معنى التوحيد. ولا نعبد الا اياه هذا معنى التوحيد وهو الا يعبد الا الله وان يفرد وحده بالعبادة قوله له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن هذه الثلاث براهين للتوحيد وقوله لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون هذه التهليلة الثالثة اتبعت آآ معنى لا اله الا الله وانها تعني التوحيد والاخلاص لله سبحانه وتعالى وقوله ولا ينفع ذا الجد منك الجد اي لا ينفع صاحب الغنى والمال والجاه والرئاسة لا ينفعه غناه وانما الذي ينفع طاعة الله مثل ما قال الله تعالى وما اموالكم ولا اولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى الا من امن وعمل صالحا هذا الذي ينفع الايمان والعمل الصالح قال وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المئة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر حديث ابي هريرة رضي الله عنه في تسبيح بعد الصلاة يؤتى به بعد التهليل اول ما يبدأ بالاستغفار ثلاثا ثم يقول اللهم انت السلام الى اخره ثم يهلل كما تقدم في الحديثين السابقين ثم بعد ذلك يشرع في التسبيح والحمد يسبح ثلاثا وثلاثين ويحمد ثلاثا وثلاثين ويكبر ثلاثا وثلاثين فهذه مجموعها تسعة وتسعون ويكمل المئة قوله لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فاذا قال ذلك دبر كل صلاة غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر هذا يجعل المسلم يكون حريصا شديدا الحرص على ان يأتي هذه الاذكار العظيمة ويواظب عليها دبر كل صلاة قال وعنه رضي الله عنه قال جاء الفقراء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب اهل الدثور من الاموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل ولهم فضل من اموال ولهم فضل من اموال يحج يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون قال الا احدثكم بامر ان اخذتم به ادركتم ادركتم من سبقكم ولم يدرككم ولم يدرك ولم يدرككم احد بعدكم وكنتم خير من انتم بين ظهرانيه الا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين رواه البخاري ومسلم آآ حديث ابي هريرة في مجيء الفقراء الى النبي عليه الصلاة والسلام الفقراء اه من المهاجرين في الغالب لانهم هاجروا وتركوا اموالهم فاصبحوا في المدينة فقراء فجاءوا للنبي عليه الصلاة والسلام قالوا ذهبوا ذهب اهل الدثور يعني اهل الاموال بالدرجات العالية والنعيم المقيم لانهم وضحوا ذلك قالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم. هذا نشترك فيه لكن عندهم فضل مال يعني مال زائد فيحجون به ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون نحن ما ليس عندنا مان فارشدهم عليه الصلاة والسلام الى هذا الذكر العظيم وفيه ان هذه التسبيحات والتحميدات والتكبيرات هي صدقات في كل تحميدة صدقة وفي كل تكبيرة صدقة وفي كل تهليلة صدقة هذه الصدقات عظيمة فيبدو الانسان وينفق من من هذه الطاعة العظيمة يكثر منها وخاصة ادبار الصلوات بهذا العدد الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام قال ابو صالح راوي الحديث عن ابي هريرة يقول سبحان الله والحمد لله والله اكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين ولكن هذا فهم منه للحديث والاظهر ان المجموع لكل كلمة من هؤلاء الكلمات ان يسبح ثلاثا وثلاثين ويحمد ثلاثا وثلاثين ويكبر ثلاثا وثلاثين. كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه السابق ونسأل الله عز وجل ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما ويصلح لنا شأننا كله ولا اكلنا الى انفسنا طرفة عين صلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين