بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات اما بعد قال المصنف حفظه الله في كتابه الذكر والدعاء في ضوء الكتاب والسنة قال حفظه الله في اذكار الكرب والغم والهم والحزن وعن اسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب او في الكرب الله الله ربي لا اشرك به شيئا الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا ذكر ارشد النبي صلى الله عليه وسلم اسماء بنتي عميس رضي الله عنها ان تقوله عند الكرب والشدة وهو ذكر قائم على توحيد الله سبحانه وتعالى الذي ما دفعت الشدائد ولا الكربات بمثله شوقها النبي عليه الصلاة والسلام الى هذا الى هذا الذكر لقوله الا اعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب او في الكرب تشوقها اولا لم يقل لها ابتداء قولي عند الكرب كذا وانما شوقها هذا يسمى اسلوب تشويق الا اعلمك تشتاق النفس حينئذ ثم تذكر الفائدة المراد بعد ذلك وهذا يكثر في احاديث النبي عليه الصلاة والسلام وهو من جمال نصحه وكمال بيانه عليه الصلاة والسلام فلما تشوقت اخبرها وارشدها الى ان تقول الله الله ربي لا اشرك به شيئا وهذه الكلمة الله ربي لا اشرك به شيئا كلمة اخلاص وتوحيد لله عز وجل وتكرار لفظ الجلالة الله الله في اوله الاولى مبتدأ والثانية تأكيد لفظي له الله ماكده بلفظه الله وهذا فيه اشارة الى عظم الامر واهميته واما الخبر خبر المبتدأ فهو قوله ربي المبتدأ الله ربي الخبر. والمعنى ان الهي الهي عندما تقول الله اي الهي الذي اعبده واخصه بجميع انواع العبادة هو ربي الذي رباني بالنعم مثل قوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم اعبدوا ربكم الله ربي الله فيها معنى العبودية وربي فيها معنى التربية والايجاد الله ربي اي هو ما هو المعبودي فلا معبود لي سواه لا اشرك به شيئا اي لا اتخذ معه شريكا كالعبادة وشيئا جاءت نكرة في سياق النفي فتفيد العموم الحاصل ان هذه الكلمة عظيمة جدا وهي قائمة على التوحيد وهذا فيه ان التوحيد هو المفزع والنجاة في الكرب والشدائد قال وعن ابي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوات المكروب اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني الى نفسي طرفة عين واصلح لي شأني كله لا اله الا انت حديث ابي بكرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوات المكروب المكروب الذي به كرب به شدة اللهم رحمتك ارجو اللهم رحمتك ارجو اصل تركيب الجملة ارجو رحمتك. ارجو تعلن ورحمتك مفعول هذا الفعل قدم المفعول واخر الفعل وهذه الصيغة تدل على الاختصاص والحصر اللهم رحمتك ارجو هذي تفيد اي نخصك وحدك بالرجاء لا نرجو الا انت مخلصين رجاءنا اليك وحدك او لك وحدك فلا تكلني الى نفسي طرفة عين هذا فيه ان العبد فقير الى الله عز وجل فقر تام في كل لحظة من لحظاته وفي كل نفس من انفاسه وفي كل شأن من شؤونه وذكر طرفة العين هذا اشارة الى اقل القليل الى اقل القليل ومن الخطأ الشائع ان بعض الناس يزيد عليه يقول فلا تكلني الى نفسي طرفة عين ولا اقل من ذلك طرفة عين المراد بها قل القليل فلا يصلح ان يقال ولا اقل من ذلك فلا تكلني الى نفسي طرفة عين واصلح لي شأني كله اي في كل مجال من مجالاته في جميع شؤون شأني اي شؤوني لان المفرد اذا اضيف يفيد العموم لا اله الا انت ختم بكلمة التوحيد وفيه كما سبق ان التوحيد هو المفزع في الكرب والشدائد قال ونشاد ابن ابي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة ذي النون اذ دعا وهو في بطن الحوت لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فانه لم يدعو بها رجل مسلم في شيء قط الا استجاب الله له ذا النون هو يونس عليه السلام لما اه ساهم مع قومه وهم في السفينة فكان من المدحظين والقي في البحر التقمه حينئذ حوت وابتلعه الى جوفه ابتلاعا وصار في بطن الحوت ظلمة بطن الحوت وظلمة الاعماق الماء وظلمة الليل ظلمات ظلمات بعظها فوق بعظ كان في وسط تلك الظلمات فنادى في الظلمات التي هو في وسطها في جوف هذه الظلمات نادى بهذا النداء لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين هذا يستفاد منه ان التوحيد هو مفزع الانبياء في الكرب والشدائد والله سبحانه وتعالى لما ذكر خبره قال وكذلك ننجي المؤمنين اخذ منها بعض المفسرين ان من يقول قوله ويفزع مثل فزعه ينجيه كما انجاه سبحانه وتعالى هذا فيه عظم شأن التوحيد وانه نجاة العبد في الكرب وقوله لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين في توسل لطلب النجاة بامور اربعة الاول التوحيد في قوله لا اله الا انت والثاني التنزيه في قوله سبحانك اي ينزهك يا الله والثالث العبودية العبودية اي لله سبحانه وتعالى وان الله عز وجل هو الذي ينكسر بين يديه هو الذي يلتجأ اليه هو الذي اه يعترف بالعبودية والافتقار له والرابع الاعتراف بالظلم ظلم العبد لنفسه اني كنت من الظالمين هذه الاربعة كلها وسائل جعلها عليه السلام بين يدي مطلوبه مطلوبة هو النجاة من هذه الظلمات والخروج منها نجاه الله سبحانه وتعالى نجاه الله سبحانه وتعالى ولهذا صح في في الحديث ان نبينا عليه الصلاة والسلام قال دعوة ذي النون اذ دعى وهو في بطن الحوت لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فانه لم يدعو بها رجل مسلم في شيء قط الا استجاب الله له قال وعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال عبد قط اذا اصابه هم وحزن اللهم اني عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك اسألك بكل اسم هو لك تميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن العظيم ربيع يا قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي الا اذهب الله عز وجل همه وابدله له ما كان وابدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول الله ينبغي لنا ان نتعلم هؤلاء الكلمات قال اجل ينبغي لمن سمعهن ان يتعلمهن هذا دعاء عظيم يقال عند الكرب والشدائد وعندما يصاب المرء بالحزن او الهم او الغم فانه ينتفع اه هذا الدعاء بان ينجلي الحزن ويذهب الهم ويتبدل فرحا وراحة وفرجا كما جاء في بعض رواية الحديث واكد النبي عليه الصلاة والسلام على اهمية تعلم هذا بالدعاء بالفاظه كما جاءت عن نبينا صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ولهذا لما ذكر لهم هذا الدعاء سألوه وهذا من حرصهم رضي الله عنه قالوا ينبغي لنا ان نتعلم هؤلاء الكلمات نعتني بها نحفظها قال اجل اي بلى تعلموها قال ينبغي لمن سمعهن ان يتعلمهن هذا الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام ينبغي لمن سمعهن ان يتعلمهن المسلم الذي يسمع هذا الدعاء ينبغي له عملا بوصية النبي عليه الصلاة والسلام ان يتعلمه. وان يحفظه وان يستعمله في الشدائد وان يستعمله في الشدائد والكرب قال ما قال عبد قط اذا اصابه هم او حزن اذا اصابه هم او حزن الهم والحزن والغم الهم والحزن والغم هذه الثلاثة هي الام تصيب القلب الام تصيب القلب فاذا كان الالم متعلقا بامر ماظي فهو حزن يسمى وان كان متعلقا بامر مستقبل فهو هم وان كان متعلقا بشيء واقع فهو غم وهذه الثلاث الهم والغم والحزن لا تنجلي الا بالعودة الى الله والانكسار بين يديه والتذلل له والايمان بقضائه وقدره سبحانه وتعالى والمعرفة باسمائه وصفاته والايمان بكتابه وهذه المعاني اشتمل عليها هذا الدعاء العظيم واذا تأملنا هذا الدعاء نجد انه قائم على اصول اربعة عظيمة اذا حققها العبد زال عنه همه حزنه والمه وتبدل فرحا الاصل الاول تحقيق العبودية لله وصدق الذل بين اه يديه سبحانه وهذا في قول المرء في هذا الدعاء اللهم اني عبدك وابن عبدك وابن امتك فالكل مماليك لك وطوع تدبيرك وتسخيرك وهذا فيه اقرار بالعبودية لله سبحانه وتعالى والاصل الثاني الايمان بالقضاء والقدر وان الامور كلها بقدر الله عز وجل يقضي في عباده بما يشاء ويحكم فيهم بما يريد سبحانه وتعالى ولهذا قال في هذا الدعاء ماض في حكمك عدل في قضاؤك الاصل الثالث الايمان بالاسماء الحسنى والصفات العلا وهذه لها شأن عظيم. كل ما كان العبد اعظم معرفة بالله واسمائه وصفاته كان اعظم قربا لله ودلا بين يديه وخوفا منه ومراقبة له ولهذا قال هنا اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك وهذا التوسل الى الله باسمائه كلها الرابع العناية بالقرآن الذي هو كتاب الهداية والسعادة ما انزلنا عليك القرآن لتشقى اي انزلناه لتسعد ولهذا قال في هذا الدعاء ان تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاح حزني وذهاب همي الا الثمرة التي ينالها العبد في عنايته بهذا الدعاء بينها النبي صلى الله عليه وسلم في تمام الحديث قال الا اذهب الله همه و ابدله مكان حزنه فرحا وفي رواية فرج فباذن الله سبحانه وتعالى تنفرج الامور ينجلي الغم وتتحقق لي العبد باذن الله سبحانه وتعالى الراحة والطمأنينة قال المصنف حفظه الله ما يقال عند لقاء العدو عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا غزا قال اللهم انت عضدي ونصيري بك احول وبك اصول وبك اقاتل ما يقال عند لقاء العدو هو التجاء الى الله واعتصام به وتوكل عليه ومن يتوكل على الله فهو حسبه ومن ذلك ان يقول كما ثبت في هذا الحديث حديث انس اللهم انت عضدي اي عوني ليس معين سواك ونصيري اي لا ناصر لي سواك كما قال الله ان ينصركم الله فلا غالب لكم. وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وقولهم بك احول اي حول وقوتي بك كما في الكلمة العظيمة التي هي كنز من تحت العرش لا حول ولا قوة الا بالله اي لا تحول من حال الى حال ولا حصول قوة العبد الا بالله سبحانه وتعالى وبك اصول اي احمل على العدو وبك اقاتل اي عدوي مستعينا بك طالبا مدك وعونك وحدك لا شريك لك وعن ابي موسى رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا خاف اذا خاف قوما قال اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم انا نجعلك في نحورهم اي الاعداء بان تدفعهم عنا تحفظنا وتدافع عنا وتحول بينهم وبين ان يصلوا الينا بشيء من الاذى وخص النحر بالذكر نحورهم لان العدو يقابل من يعاديه بنحره فذكر نحورهم تفاؤلا بالاجهاز عليهم الفكاك من شرهم ونعوذ بك من شرورهم اي نعتصم ونلتجئ اليك وحدك ان تكفينا شرهم بما شئت ونسأل الله عز وجل ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين