الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فيقول الامام محمد بن ابي بكر المعروف بابن قيم الجوزية رحمه الله فصل واما الهجرة الى الرسول صلى الله عليه وسلم فمعلم لم يبق منه سوى رسمه ومنهج لم تترك منه بنيات الطريق سوى اسمه ومحجة سفت عليها السوافي فطمست رسومها واغارت عليها الاعادي فغورت مناهلها وعيونها فسالكها غريب بين العباد فريد بين كل حي وناد بعيد على قرب المكان وحيد على كثرة الجيران مستوحش مما به يستأنسون مستأنس مما به يستوحشون مقيم اذا ظعنوا ظاعن اذا قطنوا منفرد في طريق طلبه لا يقر قراره حتى يظفر بارضه فهو الكائن معهم بجسده البائن منهم بمقصده نامت في طلب الهدى اعينهم وما ليل مطيه بنائم وقعدوا عن الهجرة النبوية وهو في طلبها مشمر قائم. يعيبونه بمخالفة ارائهم. ويزرون عليه ازراء على جهالاتهم واهوائهم قد رجموا فيه الظنون واذكوا عليه العيون وتربصوا به ريب المنون فتربصوا انا معكم متربصون قال ربي احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون نحن واياكم نموت ولا افلح عند الحساب من ندم والمقصود ان هذه الهجرة النبوية شأنها شديد. وطريقها على غير المشتاق وعير بعيد بعيد على كسلان او ذي ملالة. واما على المشتاق فهو قريب ولعمر الله ما هي الا نور يتلألأ ولكن انت ظلامه وبدر اضاء مشارق الارض ومغاربها ولكن انت غيمه وقتامه ومنهل عذب صاف ولكن انت كدره ومبتدأ له خبر عظيم ولكن ليس عندك خبره فاسمع الان شأن هذه الهجرة والدلالة عليها وحاسب نفسك بينك وبين الله هل انت من المهاجرين لها او المهاجرين اليها الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الفصل فصل عظيم في تعظيم السنة والحث على الاتباع والاهتداء بهدي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام والسير على منهاجه القويم وان هذا السير وفق السنة والاتباع لهديه عليه الصلاة والسلام هو نجاة المرء فان مثل السنة في تحقق النجاة بها كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك فالسنة بر الامان وسبيل النجاة وطريق الفوز برظا الرحمن سبحانه وتعالى وقد عقد ابن القيم رحمه الله هذا الفصل وهو من اطول فصول هذه الرسالة واوسعها حيث ساق فيه ادلة كثيرة من كتاب الله عز وجل شارحا لها مبينا مضامينها رحمه الله تعالى كلها في هذا الباب باب تعظيم السنة وتحكيمها وان يكون المرء معظما لها ومتبعا لهدي الرسول الكريم الصلوات وسلامه وسلامه وبركاته عليه وسائرا على منهاجه القويم وهذا الاتباع هو الهجرة الى الرسول قد عرفنا فيما بين رحمه الله تعالى ان الهجرة نوعان هجرة الى الله بالاخلاص والعبودية وهجرة الى الرسول عليه الصلاة والسلام بالتأسي والمتابعة وهذه الهجرة الناس فيها انا قسمين قسم مهاجر وقسم هاجر كما اوضح ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى منهم من هو مهاجر الى الرسول عليه الصلاة والسلام والى سنته متأسيا معظما مقدما لها على الاراء والعقول والاذواق والمواجيد وغير ذلك ومن الناس من هو هاجر للسنة معرض عنها محكم غيرها بل ومقدم غيرها عليها في تحكيمه ولا نجاة للعبد الا بتحقيق هذه الهجرة العظيمة الى الرسول عليه الصلاة والسلام باتباعه ولزوم هديه والاقتداء بسنته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وذكر مقدمة رحمه الله تعالى لهذا الفصل اراد منها ان ينهض بهمة المؤتسي بالرسول عليه الصلاة والسلام والا يستوحش مع قلة السالكين او ندرتهم فان المعتبر في هذا الامر ما تتحقق به نجاة العبد وسلامته يوم يلقى الله سبحانه وتعالى فعليه الا يستوحش وان قل السالك وعليه ايضا الا يغتر بالطرق الاخرى وان كثر السالك فان المعتبر في الاعمال وقبولها انما هو موافقة الهدي. هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وما كان على خلاف هديه مردود على صاحبه وان كثر العاملون به كما قال عليه الصلاة والسلام من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وكان يقول في خطبه اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها قال في حديث العرباظ رضي الله عنه انه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا لم يقل قليلا فعليكم بسنتي هذا الذي فيه النجاة وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة نعم قال رحمه الله فحد هذه الهجرة سفر الفكر في كل مسألة من مسائل الايمان ونازلة من نوازل القلوب من حوادث الاحكام الى معهد الى معدن الهدى ومنبع النور المتلقى من فم الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فكل مسألة طلعت عليها شمس رسالته والا فاقذف بها في بحار الظلمات وكل شاهد عدله هذا المزكي الصادق والا فعده من اهل الريب والتهمات فهذا هو حد هذه الهجرة فما للمقيم آآ قبل ذلك قال رحمه الله فاسمع الان شأن هذه الهجرة الدلالة عليها فاسمع هذا فيه نصح منه وحث رحمه الله تعالى على الانتباه لهذا الامر اسمع اعلم انتبه الى غير ذلك يراد بها اه استنهاض الهمم طلب حسن الاستماع حتى يتحقق الانتفاع وتتحقق الفائدة اسمع الان شأن هذه الهجرة والدلالة عليها احاسب نفسك الغرض من البيان الاتي لحقيقة الهجرة الى الرسول عليه الصلاة والسلام مع ذكر الادلة ان يحاسب المرء نفسه في ضوء ما ساقه رحمه الله من ادلة الكتاب العزيز مبينا لمضامينها ومعانيها هداياتها حاسب نفسك بينك وبين الله. هل انت من المهاجرين لها او المهاجرين اليها هل انت من المهاجرين لها او الهاجرين لها المهاجرين لها او الهاجرين لها او من المهاجرين اليها لان الناس ما بين مهاجر وهاجر مهاجر الى السنة تعظيما واتباعا وهاجر عن السنة صدودا واعراظا. الناس بين هذين القسمين ففي ضوء الادلة الاتية يحاسب المرء نفسه هل هو مهاجر او هاجر هل هو مهاجر الى السنة او هاجر لها معرض عنها ومن الخير للمرء ان يحاسب نفسه قبل ان يحاسبه الله كما قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل العرض على على الله يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ثم بين رحمة الله عليه ان حد هذه الهجرة ان المرء في كل مسألة من المسائل التي تعرض له يبحث رأسا عن الهدي النبوي صلى الله عليه وسلم فيها يطلب هدي النبي صلى الله عليه وسلم ما الذي صح عنه؟ ما الذي ثبت عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه في كل نازلة وفي كل حادثة يكون بحثه عن الهدي الذي صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا او فعلا او تقريرا لانه عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وليحذر اشد الحذر من المسالك الكثيرة التي سلكها الناس في طلب الهدى وهي انما تبعدهم عنه فان الهدى لا ينال الا بالرجوع الى هديه عليه الصلاة والسلام ولزوم غرزه والاخذ من سنته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه نعم قال رحمه الله فما للمقيم في مدينة طبعه وعوائده القاطني في دار مرباه ومولده القائل ان على طريقة ابائنا سالكون وانا بحبلهم مستمسكون وانا على اثارهم مقتدون. وما لهذه الهجرة قد القى كله عليهم واستند في معرفة طريق نجاته وفلاحه اليهم معتذرا بان رأيهم له خير من رأيه لنفسه وان ظنونهم وارائهم اوثق من ظنه وحدسه. اذا كان المرء مقيم على طبعه مقيم على عوائده مقيم على مألوفاته ومعتاداته في حياته اذا كان مقيما على العوائد عوائد الاباء والاجداد لا يحيد عنها حتى لو استبانت له السنة وظهرت له معالمها فمثل هذا ماله ومال هذه الهجرة فان هذه الهجرة لم لم تتحقق فيه ولم يتحقق فيه انه من اهلها كيف تكون متحققة فيه والسنة تستبين له بمعالمها ودلائلها وبراهينها البينات الواضحات فيتركها لا لشيء الا انها تخالف العوائد التي اعتادها والاشياء التي الفها وما عليه الاباء والاجداد هذه عقدة نفسية قديمة في الزمان صدت كثير من الناس عن الحق انا وجدنا اباءنا على امة هذه عقدة نفسية صدت كثير من من الناس عن الحق فكثير يتبين له الحق وتظهر له معالمه وتستبين له السنة واضحة فيتركها لا لشيء الا لانها تخالف ما عليه الاباء والاجداد تخالف الامور التي الفها واعتادها منذ صغره ونعومة اظفاره ولا ينفك من هذه العقدة الا من نجاه الله وسلمه وعافاه ورزقه تعظيم سنة النبي عليه الصلاة والسلام فتتحقق له هذه الهجرة العظيمة التي يتحدث عنها رحمه الله تعالى فمن كان مقيما على العوائد على طرائق الاباء والاجداد وتستبين له السنة فلا يقبل عليها ما لهذه الهجرة ليس من اهلها ليس من اهل هذه الهجرة انما يكون من هذه من اهل هذه الهجرة انه كما قال الشافعي رحمه الله اذا استبانت للمرء سنة النبي عليه الصلاة والسلام فانه لا يدع لا يدعها لقول احد كائنا من كان نعم قال رحمه الله ولو فتشت عن مصدر هذه الكلمة لوجدتها صادرة عن الاخلاد الى ارض البطالة متولدة بين بعل الكسل وزوجته الملالة. نعم يعني هذا هذا هذه الكلمة التي يرد بها كثيرون الحق الثابت والسنة الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام يجد انها اه صادرة عن الاخلاد الى الارض ومتولدة بين الكسل والملالة اجتمعا فيمن كان كذلك الكسل الملالة والا لو انه نهض بنفسه ومضى بعزيمته وحرص على الحق وتتبعه في مظانه لوجد الهدي البين والصراط الواضح المستقيم نعم قال رحمه الله والمقصود ان هذه الهجرة فرض على كل مسلم وهي مقتضى شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما ان الهجرة الاولى مقتضى شهادة ان لا اله الا الله هذه الهجرة الى الرسول عليه الصلاة والسلام بالاتباع والاتساء والاقتداء والتقيد بهديه عليه الصلاة والسلام هذه فريضة فريضة على كل مسلم ومسلمة والاعمال ايا كانت ومهما كثرت لن تكون مقبولة من العاملين بها الا اذا كانت وفق الهدي والا فهي مردودة غير مقبولة من صاحبها من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد اي مردود على صاحبه غير مقبول منه فهذه الهجرة فريضة لان الاعمال لا تكون مقبولة مرضية عند الله سبحانه وتعالى الا وفق هذه الهجرة وفق هذا الاتباع لهدي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وهي مقتضى شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لان مقتضى هذه الشهادة طاعته فيما امر وتصديقه فيما اخبر والانتهاء عما نهى عنه وزجر والا يعبد الله الا بما شرع وقد قال الله سبحانه وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله. لاجل هذا ارسلت الرسل. لاجل ان يطاعوا تمتثل اوامرهم تصدق اخبارهم ينتهى عما نهوا عنه ولا يتحقق الايمان بهم الا تحقيق ما ما تقتضيه الشهادة لهم بالرسالة فشهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم هي طاعته فيما امر وتصديقه فيما اخبر والانتهاء عما انها عنه وزجر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه كما ان الهجرة الاولى مقتضى شهادة ان لا اله الا الله الهجرة الى الله بالعبودية والاخلاص هي مقتضى شهادة ان لا اله الا الله هاتان الشهادتان فيهما نوعان من التوحيد الاولى شهادة ان لا اله الا الله فيها توحيد الا المرسل الله جل وعلا بالعبودية واخلاص الدين له سبحانه وتعالى والثانية شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها توحيد المرسل صلى الله عليه وسلم بالاتباع بتجريد المتابعة والاهتداء بهديه الكريم عليه الصلاة والسلام نعم قال رحمه الله وعن هاتين الهجرتين يسأل كل عبد يوم القيامة وفي البرزخ ويطالب بهما في الدنيا فهو مطالب بهما في الدور الثلاثة دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار قال قتادة رحمه الله كلمتان يسأل عنهما الاولون والاخرون. ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا اجبتم المرسلين؟ نعم اه يقول ابن القيم عن هاتين الهجرتين اي الهجرة الى الله بالاخلاص والعبودية والى الرسول عليه الصلاة والسلام الاقتداء والمتابعة يسأل كل عبد يوم القيامة كل عبد يوم القيامة يسأل قال الله جل وعلا في اواخر سورة القصص وفي صلاة العشاء البارحة استمعنا الى هذه الايات قال جل وعلا ويوم يناديهم فيقول ماء فيقول ويوم يناديهم فيقول ماذا كنتم تعبدون وبعدها بايات قال ويوم يناديهم فيقول ماذا اجبتم المرسلين ماذا اجبتم المرسلين فالاول سؤال عن لا اله الا الله والثاني سؤال عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الاول سؤال عن لا اله الا الله وجواب ذلك ان يخلص العبد دينه لله وان يفرد الله سبحانه وتعالى بالعبادة والثاني ماذا اجبتم المرسلين بتجريد المتابعة للرسول الكريم وحسن الاقتداء بهديه صلوات الله وسلامه عليه يسأل العبد يوم القيامة كما في الايتين المشار اليهما من سورة القصص ويسأل في البرزخ كما في الحديث يأتيه ملكان ويجلسانه ويقولان من ربك؟ من نبيك الاول سؤال عن لا اله الا الله هو الثاني سؤال عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما انه مطالب بهما في الدنيا مطالب بهما اي هاتين الهجرتين في الدنيا بان يكون مخلصا لله متبعا للرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه قال قتادة رحمه الله تعالى كلمتان يسأل عنهما الاولون والاخرون ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا اجبتم المرسلين نعم قال رحمه الله وهاتان الكلمتان هما مضمون الشهادتين وقد قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فاقسم سبحانه باجل مقسم به وهو نفسه عز وجل على انهم لا يثبت لهم الايمان ولا يكونون من اهله حتى ويحكموا رسوله في جميع موارد النزاع وهو كل ما شجر بينهم من مسائل النزاع في جميع ابواب الدين فان لفظة ما من صيغ العموم فانها موصولة تقتضي نفي الايمان اذا لم يوجد تحكيمه في في جميع ما شجر بينهم هم ولم يقتصر على هذا حتى ضم اليه انشراح صدورهم بحكمه حيث لا يجدوا في انفسهم حرجا وهو الضيق والحصر من حكمه بل يتلقوا حكمه بالانشراح ويقابلوه بالقبول لا انهم يأخذونه على اغماظ ويشربونه على اقذاء فان هذا مناف للايمان بل لا بد ان يكون اخذه بقبول ورضا وانشراح صدر ومتى اراد العبد ابن القيم رحمه الله تعالى من هذا الموطن بسوق الادلة من القرآن الكريم على هذه الهجرة الهجرة الى الرسول عليه الصلاة والسلام بالاتباع والتعظيم لسنته والاهتداء بهديه وتحكيمه عليه الصلاة والسلام في كل حادثة وفي كل نازلة وفي كل امر وان وان يكون المعول على ما جاء عنه وثبت عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه فبدأ بسوق الادلة وساق ادلة كثيرة ربما يحسن بكم ان ان ترقموها من اجل ان تضبط فيما بعد دليلا دليلا انه ساق ادلة كثيرة هذا الاول منها وهو قول الله سبحانه وتعالى فلا وربك لا يؤمنون والطريقة التي سلكها انه يذكر الدليل ثم يبين ما اه يشتمل عليه من المعاني العظيمة والمضامين المهمة في هذا المطلب الذي هو آآ الهجرة الى الرسول عليه الصلاة والسلام اتباعا اقتداء وابتساء بهديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه بدأ بهذه الاية وهي قول الله جل وعلا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيه ويسلموا تسليما وبين رحمة الله عليه ان هذا قسم من الله باجل مقسم به وهو نفسه جل وعلا اقسم بنفسه جل وعلا على انه على انهم لا يثبت لهم الايمان ولا يكونون من اهله حتى يحكموا الرسول حتى يحكموا الرسول حتى يكونوا محكمين له صلوات الله وسلامه وبركاته عليه في جميع موارد النزاع ومواطن الخلاف وفي كل ما شجر بينهم في جميع ابواب الدين اخذا من قوله ما شجر بينهم فيما شجر بينهم. هذا عام في كل آآ مسألة وكل امر وقع فيه تنازع او خلاف فان لفظة ما من صيغ العموم فانها موصولة تقتضي نفي الايمان اذا لم يوجد تحكيم في جميع ما شجر بينهم وهذا يتطلب من المسلم ان يكون هكذا في كل المسائل وفي جميع الامور التي يكون فيها خلاف ان يرد ان النزاع الى حكم النبي عليه الصلاة والسلام بحيث يكون هو عليه الصلاة والسلام المحكم الذي له آآ لهديه قوله عليه الصلاة والسلام وما جاء عنه يكون لذلك الحكم في كل نازلة حتى يحكموه عليه الصلاة والسلام فيما شجر بينهم قال ولم يقتصر على هذا حتى انضم اليه اضم اليه انشراح الصدر قد يكون الانسان يحكم ويجد في صدره عدم انشراح ايضا مطلوب من العبد ان يقبل على السنة محكما لها منشرحا صدره بذلك لما قام في صدره من التعظيم لهدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لا انهم يأخذونه اي الحكم الصادر عنه على اغماظ ويشربونه على يعني على كراهية وعدم ارتياح فان هذا مناف للايمان بل لا بد ان يكون اخذ اخذوا بقبول ورضا وانشراح صدر نعم قال رحمه الله ومتى اراد العبد ان يعلم منزلته من هذا فلينظر في حاله وليطالع قلبه عند ورود حكمه على خلاف هواه وغرضه او على خلاف ما قلد فيه اسلافه من المسائل الكبار وما دونها بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره فسبحان الله كم من حزازة في قلوب كثير من الناس من كثير من النصوص وبودهم ان لو لم ترد وكم من حرارة في اكبادهم منها وكم من شجن في حلوقهم من موردها ستبدو لهم تلك السرائر بالذي يسوء ويخزي يوم تبلى السرائر ثم لم الحزازة التي يشير اليها رحمه الله والحرارة التي في القلوب تجاه السنة عندما يورد الحديث عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام منشأها تعظيم العقول والاراء وتعظيم ايظا الاذواق التي آآ اه تكون للمرء في بعظ العبادات التي يجد مثلا لا لها في نفسه ذوقا تقبل عليها نفسه ثم يأتيه حديث يعارض هذا هذا الذوق الذي عنده اذا جاءت النصوص مخالفة لهذه الاشياء تأتي هذه الحزازة وكلما كانت هذه الامور متجذرة ومتعمقة في القلوب تشتد هزازة المرء كل ما تلوثت القلوب بالاهواء وظلمتها اشتدت هذه الحزازة في القلوب ان كان المرأة معظما للعقل مقدما له على النقل ان جيء له بالاحاديث نفرت نفسه منها اذكر رؤى الامام ابن القيم رحمه الله في كتابه الصواعق ذكر مناظرة دارت بينه وبين بعض المتكلمين اورد هو رحمه الله او احد الحاضرين حديثا في اثبات صفة من صفات الله والتي كانت المناظرة حولها قال متحدثا عن الخصم الذي امامهم قال فاعرض بوجهه كانما ذاق اخبث طعم او شم انت نريح ما اوردوا له حديث حديث صريح في في الباب اعرض كأنما ذاق اخبث طعم او سمى انت نريه عندما تظلم القلوب بالاهواء والاراء وظلمات البدع اذا جيء بالحديث المخالف لما هو عليه تأتي هذه الحزازة وكلما كان التلوث بالاهواء اشد تقوى هذه الحزازة في في القلوب ولهذا تجد من هؤلاء اذا عرظت عليه احاديث لا تخالف شيئا من اهوائه يتقبلها بدون تردد فاذا عرض عليه حديث صحيح يخالف هواه وجدت هذه الحزازة والحرارة في قلبه والنفرة مراد ابن القيم رحمه الله تعالى ان هذه الامور تكشف للمرء عن حقيقة حاله وتوضح له هل هو فعلا من المهاجرين او الهاجرين اروا من المهاجرين الى الرسول عليه الصلاة والسلام او من الهاجرين لسنته المعرضين اه عن هديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. نعم قال رحمه الله ثم لم يقتصر سبحانه على ذلك حتى ضم اليه قوله ويسلموا تسليما فذكر الفعل مؤكدا له بمصدره القائم مقام ذكره مرتين وهو الخضوع له والانقياد لما حكم به طوعا ورضا وتسليما لا قهرا ومصابرة. كما يسلم المقهور لمن قهره كرها وكره بل تسليم عبد محب مطيع لمولاه وسيده. الذي هو احب شيء اليه. يعلم ان سعادته وفلاحه في تسليمه اليه ويعلم بانه اولى به من نفسه وابر به منها وارحم به منها وانصح له منها واعلم بمصالحه منها واقدر على تحصيلها فمتى علم مما جاء في الاية الكريمة لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم غافلات الكريمة الاخرى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وسيأتي آآ اه فوائد عظيمة جدا ذكرها اه حول هذه الاية رحمه الله تعالى فالحاصل انه اظافة الى الى ما سبق وهو ان التحكيم يكون للرسول عليه الصلاة والسلام حتى يحكموك فيما شجر بينهم ونفي الايمان عمن لم يكن كذلك اضاف الى ذلك انشراح الصدر ثم آآ لم يقتصر على ذلك سبحانه حتى ضم اليه ويسلم تسليما ان يذعنوا آآ اذعانا وينقاد انقيادا طوعا ورضا لا قهرا وكرها بل يسلم تسليم الراضي المذعن الموقاد الممتثل لامر اه وهدي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام نعم قال رحمه الله فمتى علم العبد هذا من الرسول صلى الله عليه وسلم استسلم له وسلم اليه وانقادت كل ذرة من قلبه اليه ورأى انه لا سعادة له الا بهذا التسليم والانقياد وليس هذا مما يحصل معناه بالعبارة بل هو امر قد انشق له القلب واستقر في سويدائه لا تفي العبارة بمعناه ولا مطمع في حصوله بالدعوة والاماني فكل يدعون وصال ليلى ولكن لا تقر لهم بذاك. نعم يعني هذا الذي يذكر رحمه الله ليس آآ فقط مجرد كلام او مجرد دعوة فالامر ليس بالدعاوى وليس بالاماني مثل ما في الاية الكريمة ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءا يجزى به وقد قال الله سبحانه وتعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله فليست العبرة في هذا الباب بالدعاوى ولا بالامان ليس ليس الايمان بالتمني ولا بالتحلي. ولكن الايمان ما وقر في القلب وصدقته الاعمال نعم قال رحمه الله وفرق بين علم الحب وحال الحب فكثيرا ما يشتبه على العبد علم الشيء بحاله ووجوده وفرق بين المريض العارف بالصحة والاعتدال وهو مثخن بالمرض وبين الصحيح السليم وان لم يحسن وصف الصحة والعبارة عنها وكذلك فرق بين وصف الخوف والعلم به وبين حاله ووجوده وتأمل تأكيده سبحانه لهذا المعنى المذكور في الاية بوجوه عديدة من التأكيد. نعم الان لما قرر رحمة الله اي عليه هذا التقرير المتين والعبارات الواضحة عاد مرة اخرى وهذا من متانة العلم وحسن البيان وجمال النصح عاد مرة اخرى الى الاية ليزيد تقرير هذا الامر وضوحا وما اشتملت عليه من وجوه التأكيدات على هذا المطلب العظيم الذي هو تحكيم الرسول عليه الصلاة والسلام فذكر اه تأكيدات عديدة اشتملت عليها هذه الاية. وتأمل قال رحمه الله وتأمل تأكيده سبحانه لهذا المعنى المذكور في الاية بوجوه عديدة من التأكيد. المعنى المذكور الذي هو التحكيم الرسول فيما شجر صلوات الله وسلامه عليه. اكد الله هذا المعنى بتأكيدات عديدة نعم اولها تصديره بلا بلا النافية وليست زائدة كما يظن من يظن ذلك. وانما دخولها لسر في القسم وهو الايذان بتظمن المقسم عليه للنفي وهو قوله تعالى لا يؤمنون وهذا منهج معروف في كلام العرب اذا اقسموا على نفي شيء صدروا جملة القسم باداة نفي مثل هذه الاية ومثل قول الصديق رضي الله عنه لاها لاها الله لا يعمل الى هنا مثل الواوفل القسم لا ها الله يعني لا والله لا والله لا يعمد لا يعمد الى اسد من اسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه. المقصود بالاسد من اسد الله في هذا الحديث بقتادة الانصاري رضي الله عنه لان هذا له قصة هذا القسم له قصة ولما اقسم آآ ابو بكر رضي الله هذا القسم بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام صدقه قال صدق لان آآ ابا قتادة في غزوة حنين اتى الى احد المشركين من ورائه وضربه بالسيف فالتفت اليه هذا المشرك وقد بقي فيه شيء من الرمق اه آآ ظم آآ ابا قتادة حتى يقول شارفت من من ضمته على الموت يعني شده يقول حتى ارخاه الموت فانفلت منه والا يقول شارفت على الموت من ذلك ثم بعد ذلك آآ طلب من يشهد له ان سلبه له لان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل قتيلا فله سلبه اعاد ذلك ثم قال آآ رجل اشهد ان انه انه قتله وسلبه عندي فارضه يا رسول الله ارضه يعني ارض ابا قتادة بحيث يبقي السلب لي ارضه يا رسول الله. فقال حينئذ ابو بكر رظي الله عنه لا ها الله يعني لا والله لا يعمد الى الى اسد من اسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه. السلب له. لابي قتادة. قال النبي صلى الله عليه وسلم صدق وامره ان يعطي آآ ابا قتادة آآ رضي الله عنه اه السلب نعم قال رحمه الله وقال الشاعر فلا وابي. شاهد من ايراد كلمة ابي بكر انه لما اقسم بالله جاء بلاء نافية في اول القسم وهي مشعرة الى ان المقسم عليه نفي وهو قوله لا يعمد الى اسد من اسد الله. نعم. واورد ابيات من الشعر فيها نفس المعنى نعم قال رحمه الله وقال الشاعر فلا وابيك ابنة العامري لا يدعي القوم اني افر وقال الاخر فلا والله لا يلفى لما بي ولا للديهم ابدا دواء نعم فلا والله لا يلفى لما بي اي من الكدر ولا لا ولا لديهم ابدا دواء لديهم اه اه للديهم اي الحسد الذي فيهم ليس له دواء لا للكدر الذي به ولا للحسد الذي بهم دواء وقوله ولا للديهم آآ اه في في في رواية لهذا البيت ولا لما بهم ويقصد لديهم او بهم يقصد الحسد الذي اه عند هؤلاء يقول ليس عند الحسد الذي عند هؤلاء دواء ولا ايضا الكدر الذي عندي قال رحمه الله وهذا في كلامهم اكثر من ان من البيت ان لما كان في المقسمة عليه نفي صدر القسم بلا النافية نعم وقالوا هذا في كلامه اكثر من ان يذكر. نعم قال رحمه الله وتأمل جمل القسم التي في القرآن المصدرة بحرف النفي كيف تجد المقسم عليه منفيا ومتظمنا لنفي ولا ايخرم هذا قوله ولا يخرم هذا قوله فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم انه لقرآن كريم فانه لما كان المقصود بهذا القسم نفي ما قاله الكفار في القرآن من انه شعر او كهانة او اساطير الاولين كيف صدر القسم باداة النفي ثم اثبت له خلاف ما قالوه فتضمنت الاية معنى ليس فتضمنت الاية معنى ليس الامر كما يزعمون ولكنه قرآن كريم يعني تضمنت الاية معنى نفي وان كان ليس فيها اه تصريح بنفي لكن فيها معنى ان في نعم ليس الامر كما يزعمون من ان من انه قول كاهن او قول شاعر او اساطير الاول ليس كمزعوم بل هو قرآن كريم منزل من رب العالمين سبحانه وتعالى قال رحمه الله ولهذا صرح بالامرين النفي والاثبات في مثل قوله فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس انه لقول رسول كريم وكذلك قوله لا اقسم بيوم القيامة ولا اقسم بالنفس اللوامة ايحسب الانسان ان لن نجمع عظامه بلى قادرين على ان نسوي بنانه والمقصود ان افتتاح هذا القسم باداة النفي يقتضي تقوية المقسم عليه وتأكيده وشدة انتفائه وثانيها تأكيده بنفس القسم وثالثها نعم يعني فلا وربك تأكيد بالقسم لو البلاد النافية والثاني بالقسم والثالث وثالثها تأكيده بالمقسم به وهو اقسامه بنفسه لا بشيء من مخلوقاته وهو سبحانه يقسم بنفسه تارة وبمخلوق اوقاته تارة ورابعها تأكيده بانتفاء الحرج ووجود التسليم وخامسها تأكيد الفعل بالمصدر. اي تسليما ويسلم تسليما. نعم وما هذا التأكيد والاعتناء الا لشدة الحاجة الى هذا الامر العظيم؟ وانه مما يعتنى به ويقرر في نفوس العباد بما هو من بما هو من ابلغ انواع التقرير نعم انتهى الان كلام ابن القيم رحمه الله على الدليل الاول وهو قول الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ثم ذكر الدليل الثاني آآ على هذا المطلب وهو قول الله سبحانه وتعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم. ونكتفي بهذا نسأل الله الكريم من ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وتوفيقا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات. والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا. واجعله الوارث ان واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر هم من ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. جزاكم الله خيرا