نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد. فيقول الشيخ ابن السعدي رحمه الله تعالى قال الثاني والعشرون ما هي الاوصاف التي يتميز بها المؤمن عن الكافر والجاحد الجواب هذا سؤال عظيم بالفرق بين المؤمن وغيره يتميز الحق والباطل واهل السعادة من اهل الشقاوة فاعلم ان المؤمن حقا هو الذي امن بالله وباسمائه وصفاته الواردة في الكتاب والسنة على وجه الفهم لها والاعتراف بها وتنزيهه عما ينافي ذلك فامتلأ قلبه ايمانا وعلما ويقينا وطمأنينة وتعلقا بالله فاناب الى الله وحده وتعبد لله بالعبادات التي شرعها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مخلصا لله بها راجيا لثوابه خائفا من عقابه شاكرا لله بقلبه ولسانه وجوارحه على نعم الله واحسانه العظيم الذي يتقلب به في جميع الساعات لاهجا بذكره لا يرى نعمة اعظم من هذه النعمة. ولا كرامة اعظم منها يهزأ بلذات الدنيا المادية اذا نسبت الى لذة الانابة الى الله والاقبال عليه وحده ومع هذا فقد اخذ نصيبا وافرا من لذات الحياة وتمتع بها لا على الوجه الذي يتمتع به الجاحدون او الغافلون بل تمتع بها على وجه الاستعانة بها على القيام بحقوق الله وحقوق عباده. وبذلك الاحتساب والرجاء تمت بها لذاته واستراح قلبه واطمئن ولم يحزن اذا جاءته الامور على خلاف ما يحب فهذا قد جمع الله له بين سعادة الدنيا والاخرة اما الجاحد والغافل فهو على خلاف ذلك قد جحد ربه العظيم الذي قامت البراهين العقلية والنقلية والعلوم الضرورية والحسية على وجوده وكماله فلم يعبأ بذلك كله فلما انقطع عن الله اعترافا وتعبدا تعلق بالطبيعة فعبدها. وصار قلبه شبيها بقلوب وبالباء بقلوب البهائم السائمة ليس له همة الا التمتع بالامور المادية وقلبه دائما غير مطمئن بل خائف من فوات محبوباته وخائف من حصول المكاره التي تنتابه وليس معه من الايمان ما يسهل عليه المصيبات وما يخفف عنه النكبات قد حرم لذة الايمان وحلاوة التقرب الى الله وثمرات الايمان العاجلة والاجلة لا يرجو ثواب ولا يخشى عقابا وانما خوفه ورجائه متعلق بمطالب النفوس الدنيوية خسيسة المادية بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين اما بعد هذا السؤال الثاني والعشرون وهو اخر السؤالات التي اشتمل عليها هذا المختصر النافع للامام عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى وهو عن الاوصاف التي يتميز بها المؤمن عن الكافر والجاحد وهذه الاوصاف التي سيتحدث عنها رحمه الله تعالى مبينا ما يتميز به المؤمن من صفات الخير والاعمال النبيلة والطاعات الجليلة وحسن التلذذ بالتقرب الى الله سبحانه وتعالى وما يتبع ذلك من طمأنينة القلب وهناءة العيش وقرة العين سعادة الدنيا والاخرة التي ابى الله سبحانه وتعالى ان ينالها الا المؤمن فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى اي يسعد سعادة في دنياه واخراه من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون فالحاصل ان هذا فصل او السؤال عظيم جدا في بيان الفرق بين المؤمن وغيره وذكر رحمه الله تعالى اهمية هذا السؤال من جهة ان هذا السؤال يتميز به الحق والباطل واهل السعادة من اهل الشقاوة بذكر اوصاف هؤلاء واوصاف هؤلاء واعمال هؤلاء واعمال هؤلاء ومآل هؤلاء ومآل هؤلاء فعندما ينظر في الاوصاف في الجهتين وصف المؤمن وما يقابله من وصف في الكافر هذا اولا يدرك به المؤمن عظيم نعمة الله عليه بالايمان ومنته عليه بالدين ان جعله من اهل الايمان واوصافه الكريمة وان عاده من الكفر وخصاله الذميمة ففي استشعار عظم النعمة نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد ثم ايضا في هذا السرد لهذه الاوصاف اذا نظر المؤمن الى اوصاف الايمان يجاهد نفسه على استكمالها وتتميمها وصفا وصفا وخلقا خلقا واذا ايضا نظر الى اوصاف الكفار واوصاف الجاحدين يجاهد نفسه على البعد منها والسلامة من الوقوع في شيء منها لان تلك الاوصاف الذميمة هي من فروع الكفر كما ان الخصال الطيبة هي من فروع الايمان الايمان بضع وسبعون شعبة فيجاهد المؤمن نفسه على التحلي باوصاف الايمان وايضا يجاهد نفسه على البعد من اوصاف الكفر وخصالهم الذميمة وهذا الذي ذكره الشيخ رحمه الله وفصل هنا جاء في ايات كثيرة جدا في القرآن وانت تقرأ كتاب الله تجد ايات كثيرة يقول الله فيها فاما الذين امنوا ثم بعدها مباشرة يقول واما الذين كفروا فيذكر اعمال هؤلاء واعمال هؤلاء او يذكر مآل هؤلاء ومآل هؤلاء. فئات كثيرة جدا في كتاب الله عز وجل مما يشعرك انه مطلوب منك ايها المسلم ان تعرف الايمان واوصافه واهل الايمان واوصافهم وايضا ان تعرف الكفر واوصافه والكافرين واوصافهم. اما معرفتك للايمان لتزداد منه وتحافظ عليه وتثبت على اخلاقه واعماله واما معرفتك الكفر وخصاله تكون على حذر من تلك الاوصاف الذميمة الاعمال القبيحة التي عليها اهل الكفر والضلال والله يقول وكذلك نفصل الايات ولتستبين سبيل المجرمين قال ولتستبين سبيل المجرمين. لماذا تستبين من اجل ان تحذر من اجل ان تتقى وتجتنب لانها ان لم تستبن ربما تلوث المرء بشيء من سبيلهم وتلطخ بشيء من اعمالهم من حيث يشعر او لا يشعر ولهذا المؤمن يعرف اوصاف اهل الايمان ليستمسك بها وايضا يعرف ما يقابلها من اوصاف ليكون منها على حذر ذكر رحمه الله تعالى في اول هذه الاوصاف لاهل الايمان حسن معرفتهم بالله باسمائه وصفاته وفضله ومنه وعطائه وانه سبحانه وتعالى الذي بيده الامور وان هذا الايمان بالله عز وجل اكسبهم سعادة اكسبهم ايضا حسن صلة بالله وطلبا لما عنده سبحانه وتعالى فلم تغرهم هذه الحياة الدنيا وانما اصبح تعلقهم وطمعهم في عظيم موعود الله الوعد الحق لاهل الايمان بالنعيم المقيم والفوز الدائم فلم تغرهم الحياة الدنيا ولم يفتنهم زخرفها زخرف زخرف الحياة الدنيا ولهذا يقول الشيخ رحمه الله تعالى لا يرى يعني من كان كذلك نعمة اعظم من هذه النعمة اي نعمة الايمان والمعرفة بالله سبحانه وتعالى ولا كرامة اعظم منها فنعمة الهداية للدين هي اعظم النعم واكبر المنن واجل العطايا يقول الشيخ يهزأ بلذات الدنيا يهزأ بلذات الدنيا المادية اذا نسبت الى لذة الانابة الى الله يقصد رحمه الله بقوله يهزأ بها اي لا يراها شيئا يهزأ بها اي لا يراها شيئا لم تأخذ قلبه ولم تسلم فؤاده فهو لا يراها شيئا امام لذة الانابة الى الله سبحانه وتعالى والاقبال عليه وهذه الانابة وحسن الاقبال على الله سبحانه وتعالى هو هو الحق هو هو السعادة الحقيقية هو السعادة الحقيقية ثم مع ذلك مع هذا الاقبال على الله سبحانه وتعالى اخذ نصيبا وافرا من لذات الحياة الدنيا اخذ نصيبا وافرا منها لكنها ليست هي مقصده وليست هي همه ولا مبلغ علمه همه آآ رضا الله والفوز بجنته سبحانه وتعالى لكنه لم ينسى نصيبه من الدنيا وتمتع بمتعها دون ان تكون شاغلة له عن المقصد الاعظم والغاية الاجل التي خلق لاجلها واوجد لتحقيقهم وهذه الدنيا خلقت للانسان وسخرت له ولهذا من الخسران العظيم ان يشتغل المرء بما خلق له هذه الاشياء التي خلقت للانسان ان يشتغل المرء بما خلق له عما خلق الانسان له هذا من خسران العظيم هذه اشياء خلقت لانسان فان يشتغل بها وان تكون هي هم الانسان فيغفل بها عن الغاية التي خلق الانسان من اجلها هذه الاشياء خلقت لك وانت لم تخلق لها انت خلقت لتعبد الله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. هي خلقت لك فلا تشغلك عما خلقت انت له الا وهو عبادة الله سبحانه وتعالى ولا يعني هذا الا تأخذ نصيبك من هذه الحياة لا تنسى نصيبك من الدنيا لكن لا يشغلك عما خلقت لاجله ولهذا جاء في الدعاء المأثور عن نبينا صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همي ولا مبلغ علمي. لا حرج ان يكون عندك هم في امور الدنيا او طلب علم في امور الدنيا لا حرج في ذلك ان تسأل عن امور من الدنيا ومصالح دنيوية هذا لا حرج فيه. لكن ان اشتغلت بهذه الامور طلبا لعلمها واهتماما بها بما يشغلك عما خلقت لاجله فهذا موضع الخطر فهذا موضع الخطر ولهذا هؤلاء اهل الايمان اه غايتهم طاعة الله وطلب رضاه سبحانه وتعالى وهم مع ذلك اخذوا نصيبهم من هذه الحياة الدنيا بخلاف الجاحد الجاحد لا هم له الا الدنيا ولا غاية له الا هي هي غاية همه وهي مبلغ علمه مثل ما قال الله يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون ولهذا تراهم حتى في زماننا هذا عباقرة في امور الدنيا لكن الشيء الذي خلق هو لاجله لا يعرفه ابدا لا يعرفه وهم من العباقرة في امور الدنيا. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا تجده في امور دنيوية عندهم فيها علم يبهر من يراه او يسمعه لكن الشيء الذي هو خلق لاجله لا يعرفه لا يعرفه اصلا هذه المصيبة فالجاحد على خلاف ذلك على خلاف ذلك جحد ربه الذي قامت البراهين العقلية والنقلية والعلوم الضرورية والحسية على وجوده وكماله فلم يعبأ بذلك كله فلما انقطع عن الله اعترافا وتعبدا تعلق بالطبيعة فعبدها وصار قلبه شبيها بقلوب البهائم سائمة بل اسوأ منها مثل ما قال الله انهم الا كالانعام بل هم اضل ليس له هم الا التمتع بالامور المادية والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ليس له هم الا التمتع بالامور الدنيوية. قلبه دائما غير مطمئن بل خائف من فوات محبوباته وخائف من حصول المكاره التي تنتابه وليس معه من الايمان ما يسهل عليه المصائب بخلاف المؤمن عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. نعم نعم. قال رحمه الله تعالى ومن اوصاف المؤمن التواضع للحق وللخلق والنصيحة لعباد الله على اختلاف مراتبهم قولا وفعلا ونية والجاحد وصفه التكبر على الحق وعلى الخلق والاعجاب بالنفس لا يدين بالنصيحة لاحد. هذا ايضا من من الاوصاف. المؤمن بما اتاه الله سبحانه وتعالى من ايمان فان ايمانه يدعوه الى التواضع التواضع للحق سبحانه والتواضع ايضا لعباد الله ولا يزيد تواضعه الا رفعة عند الله وعند عباد الله سبحانه وتعالى. وهو في الوقت نفسه يدين بالنصيحة لعباد الله على اختلاف مراتبهم قولا وفعلا ونية واما الجاحد فصفته التكبر على الحق اذا عرظ عليه الحق وبينت دلائله تكبر يردها لا لكونها ليست قائمة على حجج بينة ودلائل واضحة وانما يردها تكبرا وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا هذا هو التكبر يرد يرد الحق البين بما قام في قلبه من كبر وتعالي تجد مثلا برع في امور عالية من امور الدنيا فاذا عرف بربه الذي خلقه يرد ذلك ولا يقبله تكبرا تعاليا وفرحا بما عنده من العلم مثل ما ذكر الله سبحانه وتعالى عنهم فهذه حال الجاحد التكبر على الحق وعلى الخلق والاعجاب بالنفس لا يدين بالنصيحة لاحد لا يدين بالنصيحة لاحد لكن هنا ايضا ينبه الى ان بعض الكفار قد يظهر منه تعاملات جيدة قد يظهر منه تعاملات جيدة من حيث مثلا الوفاء بالوعد مثل الصدق مثلا في آآ الحديث مثل ايظا التعامل الاخلاق اللطيفة مثل مساعدة مساعدة المحتاج او او نحو ذلك يحصل اشياء من هذا القبيل فهل هذه الاشياء التي يفعلها وان كثرت تنفعه عند الله هل هذه الاشياء تنفعه عند الله لا والله لما لانها لم تقع منه قربة لله وطلب ما عنده سبحانه وتعالى. وانما قدمها لاغراب واغراظ من الناس من يتعامل بالاخلاق من اجل الشهرة والصيت ومنهم من يتعامل بالاخلاق من اجل مصالحه الدنيوية حتى تمشي تجارته ومصالحه ويعرف بهذه الاخلاق لا لشيء الا لاجل مصالحه وهكذا في اه اه في احوال هؤلاء بمثل هذه التعاملات وهي انما تكون نافعة اذا تقرب بها الى الله ولهذا جاء في الحديث في صحيح مسلم حديث ام المؤمنين عائشة انها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان ورجل كان في اخلاق يكرم الضيف ويفك العالي يساعد المحتاج امورا عديدة يفعلها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم اينفعه ذلك قالت للنبي صلى الله عليه وسلم اينفعه ذلك؟ قال لا ينفعه لماذا قال انه لم يقل يوما قط اللهم اغفر لي خطيئتي يوم الدين ما يفكر بيوم الدين ولا يعمل من اجل يوم الدين فكل الاعمال للدنيا قل لها للدنيا ومن اجل الدنيا فلا ينفعه يوم الدين من شرط الانتفاع بالعمل يوم الدين ان يكون العمل عمل من اجل ذلك اليوم. ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا ايضا جاء في حديث عدي ابن حاتم الطائي وحاتم الطائي يعد مضرب مثل في الكرم حتى ان الكرم اذا ذكر قالوا جاء ككرم عدي ككرم حاتم او كرم حاتمي يقولون اذا ذكر الكرم في الغالب يذكرون حاتم الطائي لان قصصه في الكرم عجيبة جدا فابنه عدي سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن والده قال ان ابي كان يصل الرحم ويقرئ الضيف ويفعل كذا ذكر خصال جميلة كان يفعلها هل ينفعه ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اباك اراد شيئا فادركه ان اباك اراد شيئا فادركه. قال العلماء اي الشهرة اي الشهرة ارادها فادركها اصبح مشهور لكن شهرته تلك ما تنفعه في الاخرة. لان العمل لا لم يقدم للاخرة ومع الاسف بعض الناس قد يغتر لما يرى في بعض الكفار مثل هذه التعاملات فيعجب بهم وما درى عن هذا الاصل العظيم والاساس المتين بينما المؤمن عندما يقوم بهذه الاخلاق قلت او كثرت يقوم بها قربة لله وطلبا لما عند الله سبحانه وتعالى وفوزا بالدرجات العالية في الجنة وهذه ميزة المؤمن في اخلاقه اخلاقه انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. نعم قال المؤمن سليم القلب من الغش والغل والحقد يحب للمسلمين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ويسعى بحسب وسعه في مصالحهم ويتحمل اذى الخلق ولا يظلمهم بوجه من الوجوه والجاحد قلبه يغلي بالغل والحقد ولا يريد لاحد خيرا ولا نفعا الا اذا كان له في ذلك غرض دنيوي ولا يبالي بظلم الخلق عند قدرته وهو اضعف شيء عن تحمل ما يصيبه منهم. انتبه لهذا القيد الذي ذكره الا اذا كان له في ذلك غرض دنيوي اذا كان له غرظ دنيوي نعم تتغير معاملته تتغير معاملته بحسب الغرض او الاغراض الدنيوية التي يطمع فيها نعم المؤمن صدوق اللسان حسن المعاملة وصفه الحلم والوقار والسكينة والرحمة والصبر والوفاء وسهولة الجانب ولين العريكة والجاحد وصفه الطيش والقسوة والجزع والهلع والكذب. وعدم وعدم الوفاء وشراسة الاخلاق من باب التأكيد على ما سبق عندما ينظر المؤمن عندما ينظر المتأمل لهذه الاوصاف وهذه الاوصاف هذه اوصاف اهل الايمان وهذه الاخرى اوصافها للكفر والجحود هذي اوساطهم والمؤمن يعرف اوصاف اهل الايمان ليستمسك بها ويستكمل ما نقص عنده منها وايضا يعرف اوصاف الكفر حتى يكون منها على حذر نعم المؤمن لا يذل الا لله قد صان قلبه ووجهه عن بذله وتذلله لغير ربه وصفه العفة والشجاعة والسخاء والمروءة لا يختار الا كل طيب نعم هذه اوصاف الايمان وهذا ما دعا عبادة المؤمنين للاتصاف به نعم اما الجاحد فعلى الضد من ذلك قد تعلق قلبه بالمخلوقين خوفا من ضررهم ورجاء لنفعهم. وبذل لهم ماء وجهه وليس له عفة ولا قوة ولا شجاعة الا في اغراضه السفلية عادم المروءة والانسانية لا يبالي بما حصل له من طيب او خبيث نعم المؤمن قد جمع بين السعي في فعل الاسباب النافعة والتوكل على الله والثقة به وطلب العون منه في كل الامور والله تعالى في عونه كما قال صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن نعم واما الجاحد فليس عنده من التوكل خبر وليس له نظر الا الى نفسه الضعيفة المهينة قد ولاه الله ما تولى لنفسه وخذله عن اعانته على مطالبه فان قدر له ما يحب كان استدراجا. نعم المؤمن اذا اتته النعم تلقاها بالشكر وصرفها فيما ينفعه ويعود عليه بالخير وغير المؤمن يتلقاها باشر وبطر واشتغال بالنعمة عن المنعم وعن شكره ويصرفها في اغراضه السفلية وهي مع ذلك وهي مع هذا سريع زوالها قريب انفصالها. نعم المؤمن اذا اصابته المصائب قابلها بالصبر والاحتساب وارتقاب الاجر والثواب والطمع في زوالها. فيكون ما عوض من الخير والثواب اعظم مما فاته من محبوب او حصل له من مكروه والجاحد يتلقاها بهلع وجزع فتزداد مصيبته ويجتمع ويجتمع عليه الم الظاهر والم القلب قد عدم الصبر وليس له رجاء في الاجر فما اشد حسرته واعظم حزنه هذا والذي قبله جمع في الحديث عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ولا يكون ذلك الا للمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له نعم المؤمن يدين الله بالايمان بجميع الرسل وتعظيمهم وتقديم محبتهم على محبة الخلق كلهم ويعترف ان كل خير فيه الخلق الى يوم القيامة فعلى ايديهم وبارشادهم وكل شر وضرر ينال الخلق فسببه مخالفتهم فهم اعظم الخلق احسانا الى الخلق وخصوصا امامهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله رحمة للعالمين. وبعثه بكل صلاح واصلاح وهداية واما الملحدون فبضد ذلك يعظمون اعداء الرسل ويحترمون اقوالهم ويهزؤونك اسلافهم بما جاءت به الرسل وذلك اكبر دليل على سخافة عقولهم وهبوط اخلاقهم الى اسفل سافلين المؤمن يدين الله بمحبة الصحابة وائمة المسلمين وائمة الهدى والملحد بالعكس المؤمن لكمال اخلاصه لله يعمل لله ويحسن الى عباد الله والجاحد ليس لعمله غاية الا تحصيل اغراضه الخسيسة المؤمن منشرح الصدر بالعلم النافع والايمان الصحيح والاقبال على اللهج بذكره والاحسان الى خلقه وسلامة الصدر من الاوصاف الذميمة والجاحد الغافل بضد ذلك لفقده الاسباب الموجبة لانشراح الصدر انتهى انتهى ذكر الشيخ رحمه الله لاوصاف اهل الايمان وما يقابلها من اوصاف اهل الكفر والجحود وذكر امثلة عديدة تبين هذا الكمال في اوصاف اهل الايمان وايضا ما يقابل ذلك من الانحطاط والسفول في اوصاف اهل الكفر والجحود وبعد ذلك اه انتقل رحمه الله تعالى الى كلام عظيم جدا يترتب على ما سبق بيانه وهو اذا كانت اوصاف الايمان بهذا الوصف وبهذا الجمال وبهذا الكمال لماذا اكثر الخلق لا يؤمنون هذا فصل عظيم جدا ونافع للغاية وجمع فيه الشيخ في الاجابة عليه جمعا لا تكاد تجده مجموعة ومفصلا كما هو في هذا الموضع نعم فاذا قيل اذا كان الايمان الصحيح كما وصفت مع اختصارك واقتصارك واما به السعادة العاجلة والاجلة وانه يصبح الظاهر والباطن والعقائد والاخلاق والاداب وانه يدعو البشر كلهم الى كل خير وصلاح ويهدي للتي هي اقوم. فاذا كان الامر كما ذكرت فلما كان اكثر البشر عن الدين والايمان معرضين وله محاربين ومنه ساخرين وهلا كان الامر بالعكس بان الناس لهم عقول واذهان تختار الصالح على الفاسد. والخير على الشر والنافع على الضار. هذا السؤال المهم جدا ويحتاجه بالدرجة الاولى الدعاة الى الله سبحانه وتعالى لان وقوفه على الموانع التي منعت اكثر الخلق عن الايمان يجعله يسعى في اثناء دعوته لتغطية لجعل المدعوين يتخطون تلك الموانع ببحث الوسائل والطرائق المعينة لهم على تخطي تلك الموانع فهذه هي الموانع سيعددها رحمه الله تعالى جمعا لها من نصوص وفي ضوء ما دلت عليه الادلة نعم فالجواب ان هذا الايراد قد ذكره الله في كتابه واجاب عنه بذكر الاسباب الواقعة المانعة وبالموانع العائقة وبذكر الاجوبة عن هذا الايراد لا يهول العبد ما يراه من اعراض اكثر البشر عنه. ولا يستغرب ذلك فاقول قد ذكر الله لعدم الايمان بالدين الاسلامي موانع عديدة واقعة من جمهور البشر منها الجهل به وعدم معرفته حقيقة وعدم الوقوف على تعاليمه العالية وارشاداته السامية. في هذا يقول الشيخ ابن باز رحمه الله في يمين يقسم فيها بالله العظيم ان محاسن الدين الاسلامي لو بينت للناس وشرحت كما ينبغي لدخلوا في دين الله افواجا فالجهل بالدين وعدم معرفته هذا من الموانع والا لو عرف الدين معرفة صحيحة وبينت له اخلاقه وادابه ومحاسنه وفصلت لا كما قال الشيخ رحمة الله عليه لدخلوا في دين الله افواجا. نعم والجهل بالعلوم النافعة اكبر عائق واعظم مانع من الوصول الى الحقائق الصحيحة والاخلاق الجميلة قال تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله فاخبرنا ان تكذيبهم صادر عن جهلهم وعدم وعدم احاطتهم بعلمه وانه لم يأتهم تأويله الذي هو وقوع العذاب الذي يوجب للعبد الرجوع الى الحق والاعتراف به ويقول تعالى ولكن اكثرهم يجهلون ولكن اكثرهم لا يعلمون طمن بكم عمي فهم لا يعقلون ان في ذلك لاية لقوم يعلمون الى غير ذلك من النصوص الدالة على هذا المعنى والجهل اما ان يكون بسيطا كحال كثير من دهماء المكذبين للرسول الراضين لدعوته اتباعا لرؤسائهم وساداتهم وهم الذين يقولون اذا مسهم العذاب ربنا انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيل واما ان يكون الجهل مركبا وهذا على نوعين احدهما ان يكون على دين قومه وابائه ومن هو ناشئ معهم فيأتيه الحق فلا ينظر فيه وان نظر فنظر قاصر جدا لرضاه لرضاه بدينه الذين شاء عليه وتعصبه لقومه. وهؤلاء جمهور المكذبين للرسل الراضين لدعوتهم الذين قال الله فيهم وكذلك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال اتركوها الا قال مترفوها انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون وهذا هو التقليد الاعمى الذي يظن صاحبه انه على حق وهو على الباطل ويدخل في هذا النوع اكثر الملحدين الماديين فان علومهم عند التحقيق تقليد لزعمائهم اذا قالوا مقالة قبلوها كانها وحي منزل واذا ابتكروا نظرية خاطئة سلكوا خلفهم في حال اتفاقهم وحال تناقضهم وهؤلاء فتنة لكل مفتون لا بصيرة له. هذه عقدة في نفوس كثير من الخلق حجبتهم عن قبول عن قبول الحق مع وضوحه وبيانه وهو صعوبة التخلص عندهم من الشيء الذي كان عليه المربى والنشأة وكان عليه الاباء والاجداد حتى ليس فقط في باب الكفر حتى في باب البدع تجد بعض الناس ربا على بدع باهله وعشيرته وقومه ثم يتبين له تماما انها بدع وانها ليست من دين الله فيجد صعوبة شديدة في ان يتركها لا لشيء الا للمربى والمنشأ وما كان عليه حتى ان بعضهم ليقول في هذا المقام ما يعقل ان يكون الاباء والاجداد كلهم على خطأ كلهم على ظلال يرى الاية امامه بينة والحديث واضحا فيرده بمثل هذا الكلام فهذه عقدة في نفوس الخلق حجبتهم عن قبول الحق والهدى ولقوتها عندهم انظر الى رؤوس الضلال الضلال الذين كانوا عند عم النبي في عم النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان اللحظات الاخيرة والنبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه يقول يا عم قل كلمة قل لا اله الا الله احاج لك بها عند الله وعنده ابو جهل وبعض رؤوس المشركين يقولون له كلمة واحدة فقط يرددونها عليه بل على ملة عبد المطلب لا تترك دين الاباء والاجداد هذه عقدة عندهم بل على ملة عبد المطلب ومات وهو يقول هو على ملة عبد المطلب وابى ان يقول لا اله الا الله مع انه كان يعرف ابو طالب كان يعرف ان دين محمد صلى الله عليه وسلم حق كان يعرف ذلك وهو القائل ولقد علمت بان دين محمد من خير اديان البرية دينا طيب لماذا لا تؤمن؟ ما الذي يمنعك؟ قال لولا الملامة او حدار مسبة لرأيتني سمحا بذاك مبينا. لولا انني اخشى ان الام ويقال ترك دين اباءه ودين اجداده. وغير هذا الذي اخافه يقول والا دين محمد من خير الاديان. ولهذا كثير منهم يتبين لها الحق ويتضح لا يقبله لا لشيء الا لهذه العقدة التي حجبت كثير من الخلق عن قبول الحق مع وضوحه وبيانه. نعم النوع الثاني من الجهل المركب حالة ائمة الكفر وزعماء الملحدين الذين مهروا في علوم الطبيعة والكون واستجهلوا غيرهم وحصروا المعلومات في معارفهم الضئيلة ضيقة الدائرة واستكبروا على الرسل واتباعهم وزعموا ان العلوم محصورة فيما وصلت اليه الحواس الانسانية والتجارب البشرية وما سوى ذلك انكروه وكذبوه. مهما كان من الحق فانكروا رب العالمين وكذبوا رسله وكذبوا بما اخبر الله به ورسوله من امور الغيب كلها وهؤلاء احق الناس بالدخول تحت قوله تعالى فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ففرحهم بعلومهم علوم الطبيعة ومهارتهم فيها هو السبب الاقوى الذي اوجب لهم تمسكهم بما معهم من الباطل وفرحهم بما يقتضي تفضيلهم لها ومدحهم لها وتقديمها على ما جاءت به الرسل من الهدى والعلم بل لم يكفهم هذا الحال حتى وصلوا الى الاستهزاء بعلوم الرسل واستهجانها. وسيحيق بهم ما كانوا به يستهزئون ولقد انخدع لهؤلاء الملحدين كثير من المشتغلين بالعلوم العصرية التي لم يصحبها دين صحيح والعهدة في ذلك على المدارس التي لم تهتم بالتعاليم الدينية العاصمة من هذا الالحاد فان التلميذ اذا خرج منها لم يمهر في العلوم الدينية. ولا تخلق بالاخلاق ورأى نفسه انه يعرف ما لا يعرفه غيره. فاحتقر الدين واهله وسهل عليه الانقياد لهؤلاء الملحدين الماديين. وهذا اكبر ضرر ضرب به الدين الاسلامي. اي انه وينبهر بما عندهم من علوم اه تبهر تتعلق الدنيا وليس عنده علم يهديه ولا دين يقيه فيفتن وربما يلحد والعياذ بالله ولهذا اكد العلماء رحمهم الله تعالى على ان من اضطر الى شيء من هذه العلوم لدراستها لابد ان تكون عنده قواعد يسلم بها من ضلال هؤلاء بحيث يكون عنده علم يحميه من الشبهات ودين يحميه من الشهوات والا فان فانه قد يفتن في دينه وينحرف والعياذ بالله نعم فالواجب قبل كل شيء على المسلمين نحو المدارس ان يكون اهتمامهم بتعليم العلوم الدينية قبل كل شيء وان يكون النجاح وعدمه متعلقا بها لا بغيرها. في بعض المدارس المادة الدينية ليست اساسية ولا يكون ايضا النجاح متعلق بها بل احيانا يسمونها ثقافة تدخل مادة دينية الثقافة العامة او الثقافة الدينية ولا تكون جوهرية وليست اساس بينما الاصل ورأس المال هو الدين المال رأس المال هو هو دين الله سبحانه وتعالى الذي خلقها هذا الانسان لاجله ولهذا يقول وان يكون نجاحه عدمه متعلقا بها لا بغيرها لانها لان الدين هو الاساس نعم بل يجعل غيرها تبعا وهذا من افرض الفرائض على من يتولاها ويباشر تدبيرها وعلى الاساتذة المعلمين فيها ومستقبل الشبيبة متوقف على هذا الامر فليتق الله من له ولاية او كلام عليها وليحتسب الاجر العظيم عند الله في جعل الدين اهم العلوم المدرسية فان الخطر كبير مع الاهمال والصلاح والخير مضمون مع العناية في علوم الدين. ولهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا في هذه البلاد زاد الله ولاتنا توفيقا وتسديدا وخيرا وبركة في هذه المدارس المنتشرة تعتبر هذه المواد اساسية ولا يجمع مواد الدين مادة واحدة وانما هذه هذه مادة القرآن وهذه مادة التوحيد وهذه مادة الفقه وهذه مادة التفسير وهذه مادة الحديث وينسى اه منذ صغره مع هذه العلوم آآ تعتبر اساسا بالتعليم ولهذا نفع الله سبحانه وتعالى بها من فضل الله سبحانه وتعالى نفعا عظيما فنسأل الله عز وجل ان يزيد ولاة امرنا توفيقا وان يبارك في مدارس التعليم وان يزيدها عناية بالدين وحفظا له ومحافظة عليه هنيئا يوفق القائمين على التعليم لحفظ هذا الاساس والعناية به وان يوفق ايضا اه ولاة امر المسلمين في سائر بلدان المسلمين للعناية بهذا الاصل العظيم كما نبه الشيخ رحمة الله عليه نعم ومن الموانئ ومن موانع الدين والايمان الحسد والبغي كحال اليهود الذين يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه وحقيقة ما جاء به كما يعرفون ابناءهم ويكتمون الحق وهم يعلمون تقديما للاغراض الدنيوية والمطالب السفلية على الايمان وقد منع هذا الداء كثيرا من رؤساء قريش كما هو معروف من اخبارهم وسيرهم وهذا الداء ناشئ عن الكبر الذي هو اعظم الموانع من اتباع الحق قال تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق فالتكبر الذي هو رد الحق واحتقار الخلق منع خلقا كثيرا من اتباع الحق والانقياد له بعدما ظهرت اياته وبراهينه قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ومن موانع الايمان الاعراض عن الادلة السمعية والادلة العقلية الصحيحة قال تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون وقال تعالى وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير فلم يكن لامثال هؤلاء الذين اعترفوا بعدم عقلهم وسمعهم النافع رغبة في علوم الرسل والكتب المنزلة من اه ولا عقول صحيحة يهتدون بها الى الصواب وانما لهم اراء ونظريات خاطئة. يظنونها عقليات وهي جهالات ولهم اقتداء خلف زعماء الضلال منعهم من اتباع الحق حتى وردوا نار جهنم فبئس مثوى المتكبرين ومن موانع اتباع الحق رده بعد ما تبين فيعاقب العبد بانقلاب قلبه ورؤيته الحسنة قبيحا. والقبيح حسنا قال تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون وهذا لان الجزاء من جنس العمل وقد ولاهم الله ما تولوا لانفسهم انه اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله ومن الموانع الانغماس في الترف والاسراف في التنعم فانه يجعل العبد تابعا لهواه منقادا للشهوات الضارة كما ذكر الله هذا المانع في عدة ايات مثل قوله بل متعنا هؤلاء واباءهم حتى طال عليهم العمر انهم كانوا قبل ذلك مترفين ايضا مر معنا قريبا الا قال مترفوها انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون نعم فلما جاءتهم الاديان الصحيحة بما يعدل ترفهم ويوقفهم على الحد النافع ويمنعهم من الانهماك الضار في اللذات رأوا ذلك صادا لهم عن عن مؤاداتهم وصاحب الهوى وصاحب الهوى الباطل ينصر هواه بكل وسيلة لما جاءهم الدين بوجوب عبادة الله وشكر المنعم على نعمه وعدم الانهماك في الشهوات ولوا على ادبارهم نفورا ومن الموانع احتقار المكذبين للرسل واتباعهم واعتقاد نقصهم والتهكم بهم كما قال قوم نوح انؤمن لك واتبعك الارذلون وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي الرأي. وما نرى لكم علينا من فضل وهذا منشأه من الكبر فاذا تكبر وتعاظم في نفسه واحتقر غيره اشمأز من من قبول ما جاء به من الحق حتى لو فرض ان هذا الذي رده جاءه من طريق من يعظمه لقبله بلا تردد وقال تعالى كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا انهم لا يؤمنون فالفسق وهو خروج العبد عن طاعة الله الى طاعة الشيطان وكون القلب على هذا الوصف الخبيث اكبر مانع من قبول الحق علما وعملا والله تعالى لا يزكي من هذا من هذه حاله بل يكله الى نفسه الظالمة فتجول في الباطل عنادا وضلالا وتكون حركاته كلها شرا وفسادا فالفسق يقرنه بالباطل ويصده عن الحق لان القلب متى خرج عن الانقياد لله والخضوع فلابد ان ينقاد لكل شيطان مريد كتب عليه انه من تولاه فانه يضله ويهديه الى عذاب السعير ومن اكبر موانع اتباع الحق والايمان اصل العلوم والحقائق في دائرة ضيقة كما فعل ملاحدة الماديين في حصرهم العلوم بمدركات الحس فما ادركوه بحواسهم اثبتوه وما لم يدركوه بها نفوه ولو ثبت بطرق وبراهين اعظم واوضح واجلى من مدركات الحس وهذه فتنة وشبهة ضل بها خلق كثير وهذه الطريقة الخبيثة انكروا بها وجود الرب. وكفروا بالرسل وبما اخبروهم به من امور الغيب التي قامت الادلة والبراهين المتنوعة على صدقها. بل قامت الادلة المشاهدة على حقها ومن المعلوم بالضرورة والعلم اليقيني ان البراهين على وجود البارئ ووحدانيته وانفراده بالخلق والتدبير لا يمكن ان يساويها او يقاربها شيء من الطرق المثبتة لاي حقيقة تكون فقد قامت الادلة السمعية والعقلية والعيانية والفطرة والفطرية على ذلك وقد اظهر من اياته في الافاق وفي الانفس ما تبين به الحق وانه حق ورسله حق وجزاؤه حق. وجميع اخباره حق. ودينه حق. فماذا بعد الحق الا الضلال ولكن تمرد تمرد الماديين وكبرهم حال بينهم وبين الحق النافع الذي لا ينفع غيره بوجه من من الوجوه والمؤمن البصير يعرف بنور بصيرته انهم في ضلال مبين وعمى متراكم ونحمد الله على نعمة في الهداية انبه الى ان غدا لا يوجد درس في الخميس وايضا آآ يوم السبت يكون الدرس في ادب النفوس للاجري رحمه الله قال رحمه الله تعالى ومن الموانع تجرد الماديين ومن تبعهم من المغرورين. وزعمهم ان البشر لم يبلغوا الرشد العقل الا في هذه الاوقات التي طغت فيها المادة وعلوم الطبيعة وانهم قبل ذلك لم يبلغوا الرشد. وهذا فيه من الجراءة والاقدام على السفسطة والمكابرة للحقائق والمباهتة ما لا يخفى فعلى من له ادنى معقول لم تغيره الاراء الخبيثة فلو قالوا ان المادة والصناعة والاختراعات وتطويع الامور الطبيعية لم تنضج وتتم الا في هذا الوقت الاخير لصدقت لهم كل واحد واما تعريفهم على هذا وتجريهم وتعديهم اياه الى العلوم الصحيحة والحقائق الثابتة والاخلاق الجميلة فقضية من اكذب بالقضايا فان العقول والعلوم الصحيحة انما تعرف يستدل على كمالها او نقصها باثارها وبادلتها انظر الى الكمال والعلو في العقائد والاخلاق والدين والدنيا والرحمة والحكمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم واخذها عنه المسلمون واوصلتهم وقت عملهم بها الى كل خير ديني ودنيوي وكل صلاح واخضعت لهم جميع الامم وانهم وصلوا الى حالة وكمال يستحيل ان يصل اليه احد حتى يسلك طريقهم ثم انظر الى ما وصلت اليه اخلاق الماديين الاباحيين الذين اطلقوا السراح لشهواتهم ولم يقفوا عند حد حتى هبطوا وبذلك الى اسفل سافلين ولولا القوة المادية تمسكهم بعض التماسك لاردتهم هذه الاباحية والفوضى في الهلاك العاجل ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ثم لولا بقايا من اداب الاديان بقيت بعض اثارها في الشعوب الراقية طلحت بها دنياهم لم يكن لرقيهم المادي قيمة عاجلة. فان الذين فقدوا الدين وعجزوا كل العجز عن الحياة الطيبة ان فان الذين فقدوا الدين عجزوا كل العجز عن الحياة الطيبة والراحة الحاضرة والسعادة العاجلة. والمشاهدة اقوى شاهد لذلك ومشركوا العرب ونحوهم ممن عندهم بعض الايمان وبعض الاعتراف بالاصول الايمانية كتوحيد الربوبية والاعتراف بالجزاء خير بكثير من هؤلاء الماديين بلا ريب ولا شك ثم قد علم بالضرورة ان الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاؤوا بالوحي والهداية جملة وتفصيلا بالنور والعلم الصحيح والصلاح المطلق من جميع الوجوه. واعترفت العقول الصحيحة بذلك. وعلمت انها في غاية الافتقار اليه وخضعت لما جاءت به الرسل وعلمت العقول انها لو اجتمعت من اولها الى اخرها لم تصل الى درجة الكتب الى الحقائق النافعة التي جاءت بها الرسل ونزلت بها الكتب وانه لولاها لكانت في ضلال مبين وعمل عظيم وشقاء وهلاك مستمر لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين فالعقول لم تبلغ الرشد الصحيح ولم تنضج الا بما جاءت به الرسل ومن ذلك انخداع اكثر الناس بالالفاظ التي يزوق بها الباطل. ويرد بها الحق من غير بصيرة ولا علم صحيح وذلك لتسميته علوم الدين واخلاقه العالية رجعية وتسميتهم العلوم والاخلاق الاخر المنافية لذلك ثقافة وتجديدا. ومن المعلوم لكل صاحب عقل صحيح ان كل ثقافة وتجديد لم يستند في اصوله الى هداية الدين والى توجيهات الدين فانه شر ظرر عاجل واجل ومن تأمل ادنى تأمل ما عليه من يسمون المثقفين والماديين من هبوط الاخلاق والاقبال على كل ضار وترك كل نافع عرف ان الثقافة الصحيحة تثقيف العقول بهداية الرسل وعلومهم الصحيحة. هذا كلام عظيم نعم وتثقيف الاخلاق تهذيبها بالاخلاق الحميدة الجميلة والتوجيهات النافعة التي تشتمل على الصلاح المطلق والاستعانة بعلوم المادة الصحيحة على الخير والصلاح والنجاح فالاسلام يأمر ويحث على تحصيل السعادتين وتكبيل الفضيلتين. ومن تأمل ما جاء به الدين الاسلامي من الكتاب والسنة جملة وتفصيلا عرف انه لا صلاح للبشر الا بالرجوع الى هدايته وارشاده وانه كما اصلح العقائد والاخلاق والاعمال فقد اصلح امور الدنيا وارشد الى كل ما يعود الى الخير والنفع العام والخاص والله الموفق الهادي. وصلى الله على محمد وسلم. هذه عشرة امور ذكرها رحمه الله تعالى فيما يصد الناس عن الحق والايمان ولعل طالب العلم يتأملها وقتا واخر وينظر فيها في ادلتها فان فيها نفعا عظيما وفائدة كبيرة ونسأل الله عز وجل ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يوفقنا لكل خير انه سميع قريب سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك