بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد لقد من الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بكمال خلقته وجمال صورته وبهاء طلعته وحباه الله سبحانه بجسم معتدل الخلق متناسق الاعضاء فكان خلقه صلى الله عليه وسلم وصورته اكمل الصور واتمها واجملها وفيما يلي وصف لخلقه صلى الله عليه وسلم عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالابيض الامهق ولا بالادم ولا بالجعد القطط ولا بالسبط بعثه الله تعالى على رأس اربعين سنة فاقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله تعالى على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء متفق عليه قوله رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير بيان لطوله صلى الله عليه وسلم وانه ربعة اي متوسط بين الطويل البائن اي المفرط في الطول وبين القصير الذي اجتمع جسمه قصرا وكان صلى الله عليه وسلم الى الطول اقرب منه الى القصر كما جاء ذلك مصرحا به في بعض الروايات ولذا وصفه انس رضي الله عنه هنا بانه ليس بالطويل البائن ولم يذكر وصفا مقابلا في القصر. لانه عليه الصلاة والسلام الى الطول اقرب وقوله البائن قيل هو من بان يبين بيانا اذا ظهر وقيل من بان يبون بونا اذا بعد والمعنى انه صلى الله عليه وسلم لم يخرج بطوله عن حد الاعتدال وقوله ولا بالابيض الامهق ولا بالادم بيان للونه صلى الله عليه وسلم يقال ابيظ امهق اذا كان بياضه بياضا خالصا لا يخالطه سمرا ولا حمرة ولا غير ذلك والادم هو الاسمر والمعنى انه صلى الله عليه وسلم ليس بالشديد البياض ولا هو ايضا بالاسمر وانما لونه صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في بعض الاحاديث بياض مشرب بحمرة وقوله صلى الله عليه وسلم ولا بالجعد القطط ولا بالسبط بيان لصفة شعره صلى الله عليه وسلم وانه وسط ليس بالجعد القطط وهو الشديد التثني والجعودة المتداخل بعضه في بعض المتنوي بعضه على بعض المتلوي بعظه على بعظ لجعودته ولا بالسبط وهو الشعر المسترسل وانما هو وسط بين ذلك وقوله بعثه الله تعالى على رأس اربعين سنة اي انه صلى الله عليه وسلم نبأ عندما اتم من العمر اربعين سنة وقوله صلى الله عليه وسلم فاقام بمكة عشر سنين بعد البعثة وقد جاء في بعض الروايات ثلاث عشرة سنة. وهي المدة التي اقامها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة بعد البعثة فهو بعث عليه الصلاة والسلام على رأس الاربعين وهاجر بعد ان اكمل ثلاث عشرة سنة نبيا ويحمل قول من قال عشر سنين على مدة اظهار النبوة فانه لما بعث استخفى ثلاث سنين واوضح من هذا ان يحمل قول من قال عشر سنين على ما كان بعد نزول المدثر وامره بالانذار ومن قال ثلاث عشرة سنة اظاف اليها الثلاث السنوات التي كانت قبل الامر بالانذار او ان الراوي الغى الكسر وقوله وبالمدينة عشر سنين اي اقام بعد الهجرة بالمدينة عشر سنين وقوله صلى الله عليه وسلم وتوفاه الله تعالى على رأس ستين سنة الثابت ان الله تعالى توفاه على رأس ثلاث وستين سنة فتحمل هذه الرواية على الغاء الكسر وقوله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء اي ان الشيب في لحيته صلى الله عليه وسلم وفي رأسه كان قليلا بحيث لا يصل الى عشرين شعرة وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير. حسن الجسم وكان شعره ليس بجعد ولا سبط اسمر اللون اذا مشى يتكفأ اخرجه الترمذي في جامعه قوله رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة وسيأتي في بعض الروايات مربوعا وهما بمعنى واحد. والمراد بهما المتوسط في القامة وقد وضحه بقوله ليس بالطويل ولا بالقصير اي وسط بينهما وقوله حسن الجسم اي ان الله سبحانه وتعالى من عليه بجسم معتدل في الخلق متناسق الاعضاء فجسمه صلى الله عليه وسلم حسن واعضاءه متناسقة قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وكان خلقه صلى الله عليه وسلم وصورته من اكمل الصور واتمها واجمعها للمحاسن الدالة على كماله صلى الله عليه وسلم وقوله كان شعره ليس بجعد ولا سبت اي ان شعره صلى الله عليه وسلم وسط وقد مرت هذه الجملة في الحديث الذي قبله وقوله اسمر اللون وقد مر في حديث انس السابق انه صلى الله عليه وسلم لا بالابيض الامهق ولا بالادم والادم الاسمر وهنا وصفه بانه اسمر اللون ولهذا يرى بعض اهل العلم عدم ثبوت هذه اللفظة فقد تفرد بها حميد عن انس وخالفه غيره من الرواة فقالوا ازهر اللون بدل اسمر اللون ومن اهل العلم من حمل ذلك على ان المراد بالسمرة الحمرة الخفيفة التي اسرب بها بياضه صلى الله عليه وسلم فكان بياضا مشربا بشيء من الحمرة وقوله اذا مشى يتكفأ اي انه اذا مشى صلى الله عليه وسلم كانما ينزل من منحدر وقد جاء في بعض الاحاديث انه اذا مشى تكفأ تكفئا كأنما ينحط من صبب فهذه صفة مشيته صلى الله عليه وسلم وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمة الى شحمة اذنه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط احسن منه متفق علي وفي رواية اخرى قال ما رأيتم من ذي لمة في حلة حمراء احسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين لم يكن بالقصير ولا بالطويل متفق عليه قوله رضي الله عنه رجلا مربوعا هو نظير قول انس رضي الله عنه في الحديث المتقدم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وربعة والربعة والمربوع هو متوسط القامة فليس بالطويل البائن ولا بالقصير وانما هو وسط وهذا كله على وجه التقريب والا فهناك نصوص دلت على انه صلى الله عليه وسلم الى الطول اقرب منه الى القصر وقوله بعيد ما بين المنكبين بعيد تروى مكبرة ومصغرة بعيدة وبعيدا والمنكب هو مجمع العبد والكتف فقوله ما بين المنكبين اي الايمن والايسر. والمراد انه صلى الله عليه وسلم كان عريظ اعلى الظهر وقوله عظيم الجمة الى شحمة اذنيه الشعر بحسب طوله له ثلاث صفات الجمة والوفرة واللمة بكسر اللام وكلها تأتي في وصف شعر النبي صلى الله عليه وسلم قال اهل اللغة على خلاف في ذلك الوفرة ما نزل الى شحمة الاذن وشحمة الاذن هو الجزء اللين المتدلي من الاذن الذي يوضع فيه القرض بالنسبة للمرأة واللمة ما جاوز شحمة الاذن سواء وصل الى المنكبين او لا والجمة ما ظرب المنكبين فقوله عظيم الجمة الى شحمة اذنيه المراد بالجمة هنا الشعر اي عظيم الشعر الى شحمة الاذن والا فان الشعر الذي ينزل الى شحمة الاذن يقال له الوفرة وقوله عليه حلة حمراء الحلة لا تطلق الا على اللباس اذا كان مكونا من قطعتين مثل الازار والرداء وقيل في سبب تسميته بذلك ان احدهما حل على الاخر وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس المياثر الحمر فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن المياثر الحمر متفق عليه وقد قال بعض اهل العلم في التوفيق بين لبسه صلى الله عليه وسلم للحلة الحمراء وبين النهي عن المياثر الحمر بان النهي انما هو عن الاحمل الخالص. اما اذا لم يكن احمر خالصا بل خالطه لون اخر مثل البياض او السواد او نحو ذلك فهذا لا ينهى عنه فان النبي صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء وقوله ما رأيت شيئا قط احسن منه لم يقل رضي الله عنه ما رأيت انسانا. بل قال ما رأيت شيئا ليعم جميع الاشياء التي رآها بما ففي ذلك القمر والشمس وغيرهما من الاشياء الجميلة وقوله قط اي دائما وباستمرار في جميع الاشياء التي رآها وشاهدها وهذا فيه كمال خلقته وجمال صورته وبهاء طلعته صلى الله عليه وسلم وما حباه الله عز وجل به من الحسن والجمال فهذا البراء رضي الله عنه يقول ما رأيت شيئا قط احسن منه فاتاه الله عز وجل حسنا وجمالا وبهاء فاق ما يرى من الاشياء الجميلة وفي هذا كما سبق كمال خلقته وجمال صورته وبهاء طلعته صلى الله عليه وسلم وما حباه الله عز وجل به من الحسن والجمال وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته