بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن صفة خلق النبي صلى الله عليه وسلم عن شعبة عن سماك ابن حرب قال سمعت جابر بن سمرة رضي الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم اشكل العينين منهوس العقب قال شعبة قمت لسماك ما ضليع الفم؟ قال عظيم الفم قلت ما اشكل العينين؟ قال طويل شق العين قلت ما منهوس العقب قال قليل لحم العقب اخرجه مسلم قوله رضي الله عنه ظليع الفم المعنى ان فمه صلى الله عليه وسلم ليس فما صغيرا وانما هو عظيم كما فسره سماك لشعبة رحمهما الله وقوله اشكل العين قال شعبة راوي الحديث عن سماك قلت لسماك ما اشكل العين قال طويل شق العين بهذا فسر سماك رحمه الله معنى قوله اشكل العين لكن قال القاضي عياض تفسير سماك الشكلى في العين بما ذكر وهم عند جميعهم وصوابه ما تقدم لغيره من السارحين انها حمرة تخالط بياض العين وهذا المعنى هو الذي ذكره جميع اصحاب الغريب ان الشكلة حمرة في بياض العين وهو ممدوح تمدح به العين فكأن في بياض عينه صلى الله عليه وسلم حمرة يسيرة وقوله منهوس العقب فسره سماك بقوله قليل لحم العقب. والعقب هو مؤخر القدم وعن ابي اسحاق قال سئل البراء رضي الله عنه اكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف قال لا بل مثل القمر رواه البخاري قوله مثل السيف يحتمل انه يراد به لمعان السيف وبريقه ويحتمل انه يريد به طول السيف واستقامته وقوله لا بل مثل القمر ذكر ان وجهه صلى الله عليه وسلم مثل القمر في ضيائه وتلألؤه ونوره وكذلك في استدارته قال الحافظ بن حجر رحمه الله في فتح الباري كأن السائل اراد انه مثل السيف في الطول فرد عليه البراء فقال بل مثل القمر اي في التدوير ويحتمل ان يكون اراد مثل السيف اي في اللمعان والسقال فقال بل فوق ذلك وعدل الى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان انتهى ووجهه صلى الله عليه وسلم ليس تام التدوير وانما هو بين الاستدارة والاسالة ويأتي في عدد من الاحاديث تشبيه وجهي النبي صلى الله عليه وسلم بالقمر والتشبيه هنا انما هو من باب تقريب المعنى وتوضيحه والا فان النبي صلى الله عليه وسلم قد كسى الله عز وجل وجهه جمالا عظيما وحسنا بالغا اعظم من جمال القمر ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بانه مثل القمر اللمعان ونحو ذلك قد يخطئ بعض من كتب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم فيجعلونه نورا السين بمعنى انه يضيء ما حوله وربما قال بعضهم في وصفه صلى الله عليه وسلم بانه لم يكن له ظل باعتبار هذا النور النور الحسي وهذا فهم خاطئ وقد جاء في احاديث كثيرة ما يدل على خطأ هذا الفهم ومن ذلك قصة عائشة رضي الله عنها قالت فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدمه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول اللهم اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك اخرجه مسلم فلو كان النور كما فهم هؤلاء لما احتاجت عائشة رضي الله عنها عندما دخلت المسجد تبحث عنه صلى الله عليه وسلم ان تمشي في الظلمة تتلمس بيدها الى ان وقعت على بطن قدمه صلى الله عليه وسلم ماء وهو ساجد فهذا الحديث وامثاله كثير يبين خطأ من فهم من الاحاديث التي ورد فيها ذكر نوره صلى الله عليه وسلم بانه نور حسي يضيء ما حوله وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرض علي الانبياء عليهم السلام فاذا موسى ظرب من الرجال كانه من رجالي شنوأة ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام فاذا اقرب من رأيت به شبها عروة ابن مسعود ورأيت ابراهيم عليه السلام فاذا اقرب من رأيت به شبها صاحبكم. يعني نفسه صلى الله عليه وسلم ورأيت جبريل عليه السلام فاذا اقرب من رأيت به شبها دحية اخرجه مسلم قوله صلى الله عليه وسلم عرض علي الانبياء يحتمل ان يكون هذا العرظ في المنام ويحتمل ان يكون ليلة اسري به صلى الله عليه وسلم وقوله فاذا موسى ظرب من الرجال اي انه وسط من الرجال في طوله وفي قامته وفي جسمه وقوله كانهم من رجالي شنوأة وهي قبيلة من اليمن كانت اجسامهم معروفة بالقوة والاعتدال وحسن القامة وقوله ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام فاذا اقرب من رأيت به شبها عروة ابن مسعود رضي الله عنه ذكر صلى الله عليه وسلم ان شبهه اقرب ما يكون بالصحابي الجليل عروة ابن مسعود رضي الله عنه وقوله ورأيت ابراهيم عليه السلام فاذا اقرب من رأيت به شبها صاحبكم يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وقوله ورأيت جبريل عليه السلام فاذا اقرب من رأيت به شبها دحية اي الكلبي رضي الله عنه وكان من اجمل الصحابة وكان جبريل اذا اتى النبي صلى الله عليه وسلم على صورة بشر يأتيه احيانا على صورة دحية الكلب رضي الله عنه وعن ابي الطفيل رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما بقي على وجه الارض احد رآه غيري فقيل صفه لنا قال كان ابيظ مليحا مقصدا. اخرجه مسلم قول ابي الطفيل رضي الله عنه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما بقي على وجه الارض احد رآه غيري اي ان جميع الصحابة قد ماتوا ولم يبق الا هو حيث مات سنة مائة وقيل بعدها وكان اخر اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم موتا وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم هنا بثلاث صفات جامعة فقوله كان ابيظا عرفنا فيما تقدم معنى البياظ في وصفه صلى الله عليه وسلم وقوله مليحا من الملاحة وهي الجمال والحسن في هيئته وصفته وبسرته وقوله مقصدا المقصد هو الوسط اي وسطا من حيث الطول ووسطا من حيث لون البشرة ووسطا من حيث الجسم ووسطا من حيث الشعر وقد سبق بيان ذلك كله ومن صفة النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية الخاتم الذي جعله الله سبحانه وتعالى بين كتفيه وقد اتفق اهل العلم على انه كان علما واية من ايات نبوته صلى الله عليه وسلم لكنهم اختلفوا هل ولد به صلى الله عليه وسلم ام انه وجد بعد ذلك والاظهر الذي تسنده الروايات والادلة ان هذا الخاتم كان مع حادثة الشقة التي حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم عندما اتاه جبريل وشق صدره وغسل قلبه وفي تلك الحادثة كان الطبع خاتم النبوة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الخاتم هو جزء ناتئ وبارز من البدن بين الكتفين وهو الى الكتف الايسر اقرب وقد جاء ذكر حجمه في الروايات بانه مثل حجم بيضة الحمامة ويشبه الجسد من حيث اللون قد جاء ذكر هذا الخاتم صفة له صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة وكان يعرفه اهل الكتاب بما اطلعوا عليه في تلك الكتب انه علامة لنبوته صلى الله عليه وسلم وسيأتي ان سلمان رضي الله عنه لما سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم جاء يطلب هذه العلامة ويتحراها حتى رآها عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال ذهبت بي خالتي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان ابن اختي وجع فمسح رأسي ودعا لي بالبركة وتوضأ فشربتم من وضوئه وقمت خلف ظهره فنظرت الى الخاتم بين كتفيه فاذا هو مثل زر الحجلة متفق عليه قوله وقمت خلف ظهره فنظرت الى الخاتم بين كتفيه هذه البينية ليست على وجه التحديد وانما هي على وجه التقريب لان الخاتم لم يكن بين الكتفين تماما بل هو الى الكتف الايسر اقرب كما دلت على ذلك الدلائل والشواهد ولعل من حكمة ذلك كما ذكر بعض اهل العلم ان هذا الموضع اقرب الى موضع القلب وقوله فاذا هو مثل زر الحجلة اورد الترمذي هذا الحديث في كتابه الجامع وذكر ان زر الحجلة معناه بيض الحجلة الطائر المعروف ويعضد هذا التفسير مجيء بعض الاحاديث بتشبيهه ببيضة الحمامة وهو مقارب لبيضة الحجلة من حيث الحجم ومن اهل العلم من قال ان المراد بالحجلة ما يوضع على السرير مثل القبة وان المراد بالزر ما يوضع في عروته مثل المقبض والممسك هو قريب ايضا من حجم البيض المذكور وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال رأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده. رواه مسلم قول رأيت الخاتم عند كتفه اي خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة اي من حيث الحجم يشبه جسده اي مثل لون الجسد وما يذكر في بعض الروايات انها شامة سوداء او شامة خضراء او نحو ذلك كله لم تأتي به احاديث وصحيحة بل الذي ثبت هو ان لونه لون الجسد لكنه جزء ناتئ بحجم البيضة تقريبا وعن ابي زيد عمرو ابن اخطب الانصاري رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا زيد ادنو مني تمسح ظهري فمسحت ظهره فوقعت اصابعي على الخاتم. قلت وما الخاتم قال شعرات مجتمعات اخرجه احمد في المسند قول عمرو ابن اخطب الانصاري رضي الله عنه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا زيد فيه لطف النبي صلى الله عليه وسلم وجمال مخاطبته لاصحابه وقوله ادنوا مني طلب منه صلى الله عليه وسلم ان يدنو ويقترب منه وقول فامسح ظهري اي ظع يدك على ظهري واحركها قوله فمسحت ظهره اي مرر يده على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم قول فوقعت اصابعي على الخاتم اي انه اثناء تحريك يده على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وقعت اصابعه على الخاتم قوله قلت وما الخاتم؟ القائل هو علبة الراوي عن عمرو ابن اخطب قال عمرو رضي الله عنه شعرات مجتمعات ذكر هذا باعتبار ما وقعت عليه يده باللمس والخاتم قطعة من اللحم بارزة بحجم البيظة تقريبا وحوله شعرات فوقعت يده على تلك الشعرات فليس الخاتم مجرد شعرات ولهذا فلا تعارض بين هذا وبين ما سبق وللحديث عن خاتم النبوة صلة ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته