بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذا حديث عما جاء في سعر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث طوله ومن حيث ترجيله والعناية به عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى نصف اذنيه. اخرجه مسلم بهذا الحديث ان شعره صلى الله عليه وسلم كان يبلغ الى نصف الاذنين وجاء في بعض الاحاديث ان شعره كان جمة وهو ما يضرب الكتف من الشعر قيل ان هذا راجع لاختلاف الاحوال فمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد طال شعره الى ان بلغ الكتف وصفه بانه جمة ومن رآه دون ذلك وصفه بما رأى ولهذا قال الامام ابن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية لما ساق الاحاديث في الباب قال ولا منافاة بين الحالين فان الشعر تارة يطول وتارة يقصر منه فكل حكى بحسب ما رأى وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنت اغتسل انا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من اناء واحد وكان له شعر فوق الجمة ودون الوفرة اخرجه الترمذي في جامعه قولها كنت اغتسل انا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من اناء واحد فيه دليل على جواز اغتسال الزوجين من اناء واحد وقولها وكان له شعر فوق الجمة ودون الوفرة الوصف هنا باعتبار محل الشعر لا باعتبار ذاته والمعنى ان شعره صلى الله عليه وسلم كان انزل من الوفرة واعلى من الجمة ومثل هذا يقال له لمة. وقد سبق ان كلا من الصحابة رضي الله عنهم وصف شعره صلى الله عليه وسلم بحسب ما رأى وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعا بعيدا ما بين المنكبين وكانت جمته تظرب شحمة اذنيه وموضع الشاهد في هذا الحديث قوله وكانت جمته تضرب شحمة اذنيه والجمة كما سبق هي ما وصل الى المنكبين. فتكون جمته هنا بمعنى شعره وعن قتادة قال قلت لانس كيف كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم يكن بالجعد ولا بالسبط كان يبلغ شعره شحمة اذنيه متفق عليه قوله كان يبلغ شعره شحمة اذنيه هذا وصف لشعره صلى الله عليه وسلم في بعض احواله وعن ام هانئ بنت ابي طالب قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قدمة وله اربع غد اخرجه الترمذي في جامعه ام هانئ رضي الله عنها شقيقة علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وقولها قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة اي جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة قدمة اي مرة وله اربع غدائر الغدائر هي ظفائر الشعر ويقال لها ايضا عقائص وعن انس رضي الله عنه قال ان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الى انصاف اذنيه تقدم حديث انس رضي الله عنه من طريق اخرى في صدر الترجمة واضافة انصاف وهي جمع الى اذنيه وهما مثنى صحيح لغة كقول الله تعالى فقد صغت قلوبكما وقوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم وكان اهل الكتاب يسدلون رؤوسهم وكان يحب موافقة اهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه متفق عليه قوله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره بضم الدال وكسرها ان يتركه مرسلا على حاله وقوله وكان المشركون يفرقون رؤوسهم فرق الرأس هو ان يقسم شعر الرأس من وسطه الى نصفين احدهما الى جهة اليمين والاخر الى جهة اليسار وقوله وكان اهل الكتاب يسدلون رؤوسهم وكان يحب موافقة اهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء لان اهل الكتاب لديهم كتاب سماوي من حيث الجملة فيحتمل ان يوافق بعض اعمالهم ما جاء في كتبهم بخلاف المشركين. فان دينهم برمته دين حادث ونابت من افكار الناس وتخرصاتهم قوله ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه قال ابن القيم رحمه الله كان صلى الله عليه وسلم اولا يسدل شعره ثم فرقه والفرق ان يجعل شعره فرقتين. كل فرقة دؤابة والسدل ان يسدله من ورائه ولا يجعله فرقتين. زادوا المعاد وقال الحافظ بن حجر رحمه الله كان الفرق اخر الامرين هذا وقد سئل الشيخ محمد ابن صالح العثيمين رحمه الله عن اطالة شعر الرأس وتوفيره هل هو من السنة او لا فقال الجواب لا ليس من السنة لان النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه حيث ان الناس في ذلك الوقت يتخذونه ولهذا لما رأى صبيا حلق بعض رأسه قال احلقه كله او اتركه كله ولو كان الشعر مما ينبغي اتخاذه لقال ابقي وعلى هذا فنقول اتخاذ الشعر ليس من السنة لكن ان كان الناس يعتادون ذلك فافعل والا فافعل ما يعتاده الناس لان السنة قد تكون سنة بعينها وقد تكون سنة بجنسها فمثلا الالبسة ان لم تكن محرمة والهيئات ان لم تكن محرمة السنة فيها اتباع ما عليه الناس لان النبي صلى الله عليه وسلم فعلها اتباعا لعادة الناس فنقول الان جرت عادة الناس الا يتخذ الشعر ولذلك علماؤنا الكبار اول ما نذكر من العلما الكبار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي كذلك شيخنا عبد العزيز ابن باز وكذلك المشايخ الاخرون كالشيخ محمد ابراهيم واخوانه وغيرهم من كبار العلماء لا يتخذون الشعر لانهم لا يرون ان هذا سنة ونحن نعلم انهم لو رأوا ان هذا سنة لكانوا من اشد الناس تحريا لاتباع السنة فالصواب انه تبع لعادة الناس ان كنت في مكان يعتاد الناس فيه اتخاذ الشعر فاتخذه والا فلا انتهى كلامه رحمه الله لكن يجب ان يحذر ايضا اشد الحذر من التشبه بالكفار او بالنساء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم. اخرجه ابو داوود وجاء في الحديث لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء اخرجه البخاري ومع هذا فبعض الشباب قد يربي شعره ويطيله ويكون في تسريحه له مثل المرأة تماما او يفعله على وجه يتشبه فيه بالكفار في قصه لشعره او لون شعره ونحو ذلك وهذه مصيبة عظيمة وربما غالط بعض هؤلاء وقال ان توفيره للشعر سنة مع انه ربما يكون مفرطا في الصلاة المفروضة التي كتبها الله سبحانه وتعالى على عباده واما ترجل رسول الله صلى الله عليه وسلم والترجل هو تسريح الشعر وتنظيف والعناية به فكان هديه صلى الله عليه وسلم في كل احواله وسطا فليس حاله كمن همه شعر رأسه فيقضي في تسريحه واصلاح اوقات طويلة ولا كحال من يهمل شعره ولا اعتني به البتة وانما كان وسطا دون افراط او تفريط عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت ارجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا حائض متفق عليه بهذا الحديث دليل على جواز ترجيل المرأة رأس زوجها ولو كانت حائضا كما يدل على جواز ملامسة الحائض لزوجها وملامسته لها وان جسم الحائض ليس بنجس وعن عائشة رضي الله عنها قالت ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب التيمن في طهوره اذا تطهر وفي ترجله اذا ترجل وفي انتعاله اذا انتعل رواه البخاري قولها ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب التيمن اي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب البدء باليمين قولها في طهوره اذا تطهر اي اذا اراد ان يتوضأ يبدأ باليمين فيغسل اليد اليمنى قبل اليسرى وكذلك يغسل الرجل اليمنى قبل اليسرى قولها وفي ترجله اذا ترجل اي اذا رجل شعر رأسه بدأ بالشق الايمن قبل الايسر وكذلك يبدأ بالشق الايمن عندما يدهن الرأس قولها وفي انتعاله اذا انت عل اي اذا اراد صلى الله عليه وسلم ان يلبس نعليه بدأ بالقدم اليمنى قبل اليسرى وكذلك الشأن في كل ما كان من باب التكريم كدخول المسجد والاكل والشرب والمصافحة والاخذ والعطاء ولبس الثوب وفي ضد ذلك يقدم اليسار كدخول الخلاء والخروج من المسجد واشباه ذلك وعن عبد الله ابن مغفل رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الا غبا. اخرجه الترمذي قوله نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل الا غبا اي الا حينا من بعد حين فلا يجوز للانسان ان يجعل الترجل شغله الشاغل. وانما يكون وسطا فلا يهمله بالكلية ولا يجعله ايضا ديدنه وعن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يترجل غبا قوله عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جهالة الصحابي لا تظر لانهم كلهم رضي الله عنهم عدول وقوله كان يترجل غبا اي كان النبي صلى الله عليه وسلم يترجل حينا ويترك حينا فلا يواظب عليه ولا يهمله ونسأل الله ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته