بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث سيكون عما جاء في خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث ثبوته او عدمه والخضاب هو تغيير بياض الشيب بالحناء والكتم او بالحناء فقط وكذلك عن اكتحاله صلى الله عليه وسلم وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد فقال انس لم يخضب وقال ابو هريرة غضب وقالت طائفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر من الطيب قد احمر شعره فكان يظن مخضوبا ولم يخضب هذا حاصل ما قيل في هذه المسألة عن ابي رمثة رضي الله عنه قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابنا لي فقال ابنك هذا فقلت نعم اشهد به قال لا يجني عليك ولا تجني عليه قال ورأيت الشيب احمر قال الترمذي هذا احسن شيء روي في هذا الباب وافسر لان الروايات الصحيحة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الشيب في هذا الحديث اهمية اصطحاب الاباء ابناءهم الى مجالس الخير فاذا كان الاب بصدد الذهاب الى مجلس علم او زيارة عالم او نحو ذلك فليصطحب ابناءه ان امكن فان في ذلك تربية وتنشئة لهم على حب اهل العلم وحب مجالس العلم والارتباط بها والافادة منها ويتأكد هذا الامر في زماننا هذا الذي كثرت فيه وسائل الضياع واسباب الانحراف واصبحت الشهوات والشبهات تتلقف ابناء المسلمين واصطحابهم الى مجالس العلم بالرفق والحسنى والتشجيع وتحبيب مجالس الخير لهم نافع نفعا عظيما في تربيتهم وتأديبهم قوله فقال ابنك هذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابا رمثة رظي الله عنه هل هذا ابنك فقلت نعم اشهد به اي نعم اقروا بانه ابني. وانما قاله تأكيدا قوله صلى الله عليه وسلم لا يجني عليك ولا تجني عليه اي ان حصل منه جناية فجنايته على نفسه وان حصلت منك جناية فجنايتك على نفسك فلا تزر وازرة وزر اخرى وفيه قطع لدابر امر كان موجودا في الجاهلية وهو الثأر عندما يقتل الابن شخصا من قبيلة فانهم يقتلون اباه او اخاه او مجموعة من اسرته فابطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في احاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم هنا لا يجني عليك ولا تجني عليه قوله رأيت الشيب احمر هذه الرواية تستقيم مع الروايات التي فيها ان الشيب الذي كان في النبي صلى الله عليه وسلم شيء قليل ووصفه ابو رمثة رضي الله عنه بانه احمر فهل الحمرة عن خطاب ام انها عن اثر الدهن فبعض اهل العلم يرى ان ذلك عن خطاب وجاء التصريح بذلك عن بعض الصحابة مثل ام سلمة كما سيأتي وبعضهم يرى انه من اثر الدهن وان النبي صلى الله عليه وسلم لم يخضب كما جزم بذلك انس رضي الله عنه قال الترمذي وهذا احسن شيء روي في هذا الباب وافسر وفي بعض النسخ وافسره وكذلك نقله ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد ومعنى وافسره اي اكشفه عن حاله وابينه لها ثم علل ذلك فقال لان الروايات الصحيحة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الشيب اي ان الشيب الذي كان فيه صلى الله عليه وسلم كان قليلا لا يحتاج الى خطاب فقد يستفاد من هذا والله تعالى اعلم ان الترمذي رحمه الله يميل الى ما رآه انس رضي الله عنه وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يخضب وعن عثمان بن عبدالله بن موهب قال دخلت على امي سلمة فاخرجت الينا شعرا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم مخظوبا زاد يونس بالحناء والكتم ولاحمد من طريق ابي معاوية شعرا احمر مخضوبا بالحناء والكتم وهذا يجمع بينه وبين ما ثبت عن انس انه صلى الله عليه وسلم لم يخضب بان شعره عليه الصلاة والسلام انما احمر لما خالطه من اثار الطيب قال حماد واخبرنا عبد الله ابن محمد ابن عقيل قال رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انس مخظوبا هذا مثل ما تقدم في حديث رؤية الشعر عند ام سلمة مخضوبا وهذا كما قال اهل العلم لا يلزم منه ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم خضب بل ان ذلك قد يكون من اثار الطيب او نحوه فقد جاء في المستدرك للحاكم عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال قدم انس بن مالك المدينة وعمر بن عبد العزيز واليها فبعث اليه عمر وقال للرسول سله هل غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاني رأيت شعرا من شعره قد لون فقال انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد متع بالسواد ولو عددت ما اقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت ازيدهن على احدى عشرة شيبة وانما هذا الذي لون من الطيب الذي كان يطيب شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم والحاصل ان الاحاديث الصحيحة دلت على ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت له شعرات يسيرة لا تحتمل الخطاب كما نقل عن انس رضي الله عنه وغيره وبه قال جمع من اهل العلم واما ما رؤي من حمرة وظن انه خضاب فقد تكون من اثار الدهن او من اثار الطيب ونقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم الجزم بان النبي صلى الله عليه وسلم خطب والى هذا ذهب بعض اهل العلم كابن كثير في البداية والنهاية وقالوا من اثبت الخطاب فقد اثبت علما زائدا والمثبت مقدم على النافي والله تعالى اعلم اما ما جاء في كحل رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه كان من هديه صلى الله عليه وسلم ومن سننه القولية والفعلية كما يأتي في الاحاديث والكحل نوع من الحجر معروف منه ما هو اسود اللون ومنهم ما هو مائل الى الحمرة وكل منهما يقال له الاثمد وهو سريع التفتت ويسحق تماما بحيث يكون ناعما ثم يوضع في العين عن طريق الميل او نحوه وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب بالاكتحال به خاصة والاكتحال بالاثمد ذكر له اهل العلم فوائد جمع خلاصتها العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد فقال وفي الكحل حفظ لصحة العين وتقوية للنور الباصر وجلاء لها وتلطيف للمادة الرديئة واستخراج لها مع الزينة في بعض انواعه وله عند النوم مزيد فضل لاشتمالها على الكحل وسكونها عقبه عن الحركة المضرة بها وعن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالاثمد عند النوم فانه يجلو البصر وينبت الشعر. اخرجه ابن ماجة امر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالاكتحال بالاثمد وذكر له منفعتين المنفعة الاولى انه يجلو البصر يعني يكون للعين مطيبا ومنظفا ومنقيا ويساعد على وضوح البصر والضياف العين والمنفعة الثانية ينبت الشعر ان ينبت الشعر الذي في الجفون اي الاهداب. وهذا الشعر نباته وطوله ونماؤه يعد وقاية للعين وصيانة لها الاتربة والغبار ويعد ايضا جمالا لها وان من نعمة الله على الانسان ان جعل عينه ترمس دائما لما في ذلك من فائدة عظيمة للعين من حيث نظافتها وحمايتها وجمالها وفيه التنصيص على الاكتحال عند النوم. قال عليكم بالاثمد عند النوم وسبق نقل كلام العلامة ابن القيم رحمه الله في فائدة الاكتحال عند النوم وانه انفع للعين واسلم من المضرة وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم الترغيب في ان يكون الاكتحال وترا فقد قال صلى الله عليه وسلم ان الله وتر يحب الوتر. اخرجه مسلم هذا في العموم وقال صلى الله عليه وسلم في خصوص الاكتحال اذا اكتحل احدكم فليكتحل وترا اخرجه احمد في المسند وقد ذكر اهل العلم في الايتار في الكحل طريقتين جاء في كل منهما بعض الاحاديث على كلام في بعضها الطريقة الاولى ان يكتحل في العين اليمنى ثلاث مرات ثم يكتحل في العين اليسرى ثلاث مرات فيكون الوتر في كل عين والطريقة الثانية ان يبدأ باليمنى فيكحلها مرة ثم اليسرى مرة ثانية ثم اليمنى مرة ثالثة ثم اليسرى مرة رابعة ثم ينتهي باليمنى بالمرة الخامسة فيكون مجموع ما في العينين وترا وتكون اليمنى فضلت في هذه الطريقة بثلاثة اشياء. بالبدء وبالختم وبزيادة العدد وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان خير اكحالكم الاثمد يجلو البصر وينبت الشعر اخرجه ابو داوود وابن ماجة والحديث رواه الامام احمد بلفظ خير اكحالكم الاثمد عند النوم فزاد فيه عند النوم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان خير اكحالكم الاثمد اي خير ما تكتحلون به الاثمد وهذا يفيد ان هناك اشياء عديدة تستعمل في الاكتحال لكن خيرها وانفعها وافضلها الاثمد ومن فوائده كما تقدم في الحديث انه يجلو البصر وينبت الشعر هذا وينبغي عند شراء الاثمد ان يحتاط لسلامته وجودته لانه ثبت في بعض الدراسات الطبية ان بعض ما يباع من الاثمد لا يسلم من الغش حيث يكون مخلوطا بنوع من الرصاص يسحق معه او فيه شيء من التلوث فيصبح عندئذ مضرا لا نافعا فلهذا ينبغي على الانسان ان يحرص على اخذ الاثمد الجيد الذي يطمئن لسلامته والله تعالى وحده ولي التوفيق نسأله جل في علاه ان يوفقنا اجمعين لكل خير. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين