بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن لباس النبي صلى الله عليه وسلم عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان احب الثياب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسه الحبرة اخرجه البخاري ومسلم قوله الحبرة على وزن عنبة ثياب تتخذ من القطن او الكتان محبرة اي مزينة والتحبير هو التجميل ولهذا فان الحبرة لا تكون الا مخططة فيها نوع من التزيين فهو يتعلق باللون ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الزاد وكان احب الوان الثياب اليه البياض والحبر يعني الثوب الابيض الخالص وكذلك الحبرة وهي الثياب المقلمة ففيها مثلا سواد وبياض او سواد وحمرة وعن سفيان عن عون ابن ابي جحيفة عن ابيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء كأن اني انظر الى بريق ساقيه. قال سفيان اراها حبرة اخرجه الترمذي واصله في الصحيحين قوله وعليه حلة حمراء الحلة تطلق على الثوب المكون من قطعتين مثل الازار والرداء والحلة الحمراء كما قال اهل العلم برداني يمانيان مخططان بخطوط حمراء مع سواد فليست حمرتهما خالصة قوله كأني انظر الى بريق ساقيه. البريق هو الوظاءة واللمعان ومثل هذا مر في صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم وفي هذا اشارة الى ان ازاره صلى الله عليه وسلم عندما رآه ابو جحيفة كان الى انصاف ساقيه قوله قال سفيان وراها حبرة سفيان احد رواة الحديث وهو الثوري يرى ان هذه الحلة الحمراء التي كانت على النبي صلى الله عليه وسلم حبرا وقد عرفنا معنى الحبرة وهذا صحيح لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يلبس الاحمر الخالص كما جزم بذلك غير واحد من اهل العلم بل انه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك نهيا شديدا ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه الزاد وغلط من ظن انها كانت حمراء بحتا لا يخالطها غيرها وانما الحلة الحمراء بردان يمنيان منسوجان بخطوط حمر مع الاسود كسائر البرود اليمانية. وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر والا فالاحمر البحت منهي عنه اشد النهي انتهى كلامه رحمه الله. وفي هذا المعنى الشماغ المكون من اللون الاحمر والابيظ فلا ينهى عنه لانه ليس احمر خالصا وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال ما رأيت احدا من الناس احسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم ان كانت جمته لتظرب قريبا من منكبيه هذا الحديث بمعنى الذي قبله وسبق موضع الشاهد منه وهو قوله في حلة حمراء. وان المراد بالحلة الحمراء بردان يماني يعني فيهما خطوط حمر وخطوط سود فليست حمرتها خالصة وعن ابي رمثة رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بردان اخضران اخرجه الترمذي وابو داوود قوله وعليه بردان اخضران الخضرة هنا ليست ايضا خالصة. وانما هي خضرة معها خطوط من وان اخرى فلو كان اخضر بهتا لم يكن بردا لان البرود انما تكون مخططة وعن قيلة بنت مخرمة رضي الله عنها قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه اسماء مليتين كانتا بزعفران وقد نفضته اخرجه الترمذي في جامعه وفي الحديث قصة طويلة قوله عليه اسمى الاسمى الجمع سمل مثل اسباب جمع سبب وهو الثوب الخلق قوله مليتين تثنية ملية وهي تصغير ملاءة وهي تطلق على كل ثوب لم يظم بعضه الى بعض بخيط بل كله نسج واحدا كذا في القاموس قوله كانتا بزعفران اي دهنتا بزعفران قولها وقد نفضته اي نفضت الاسماء لون الزعفران فلم يبقى له الا اثر يسير وقد نهى صلى الله عليه وسلم الرجال عن لبس ما مسه زعفران او ورس فلما كانت الاسماء هنا قد نفضت الزعفران حتى لم يبقى له الا اثر يسير لبسه النبي صلى الله عليه وسلم قوله وفي الحديث قصة طويلة يأتي بعضها ان شاء الله وقد روى هذه القصة بتمامها وطولها بعض اهل العلم علم منهم الطبراني في معجمه الكبير وفيها فوائد كثيرة ولطائف عجيبة وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالبياض من الثياب ليلبسها احياؤكم وكفنوا فيها موتاكم. فانها من خير ثيابكم قوله صلى الله عليه وسلم عليكم بالبياض من الثياب اي الزموها واحرصوا عليها ففي هذا ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم وحثوا على لبس البياض والبياظ من الثياب افظل من غيره من الالوان سواء الخالصة منها او المخططة ومن اسباب تفضيل اللون الابيظ من الثياب ما سيأتي في الحديث الاتي من قوله صلى الله عليه وسلم فانها اطهر واطيب قوله ليلبسها احياؤكم وكفنوا فيها موتاكم فانها من خير ثيابكم هذا حث منه صلى الله عليه وسلم للاحياء على لبسها ورغب ايضا في تكفين الموتى بها واخبر انها من خير ثيابنا وحث النبي صلى الله عليه وسلم على لبس البياض من الثياب يفيد انه كان يلبس ذلك وهذا وجه الشاهد من الحديث للترجمة وقد جاء في الصحيحين من حديث ابي ذر رضي الله عنه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب ابيض وعن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البسوا البياض فانها اطهر واطيب وكفنوا فيها موتاكم اخرجه الترمذي فيه الحث على لبس البياض كالحديث الذي قبله قوله فانها اطهر واطيب اي ان الثياب البيظ تجمع بين هاتين الصفتين الطهر والطيب فهي تمتاز عندما تغسل بطيبها ونقائها وظهور صفائها واذا وجد فيها شيء من الوسخ ظهر مباشرة بخلاف الثياب الاخرى فانها ربما تتسخ ولا يظهر الوسخ ولهذا اختاره صلى الله عليه وسلم دون غيره من الالوان في دعائه حيث قال اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس وعن عائشة رضي الله عنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط من شعر اسود اخرجه الترمذي قولها ذات غداة الغداة الصباح الباكر قولها وعليه مرط من شعر اسود المرط بكسر الميم كساء طويل واسع يؤتزر به وعن المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة رومية ضيقة الكمين. اخرجه ومسلم الجبة الرومية نسبة الى الروم والجبة نوع من اللباس يلبس فوق القميص قوله ظيقة الكمين الكمان موضع ادخال اليد من اللباس يلاحظ من خلال الاحاديث الواردة في الباب تنوع لباس النبي صلى الله عليه وسلم فلبس الازار والرداء ولبس الكساء ولبس القميص وانواعا اخرى من الالبسة وهذا مما يبين ان الامر في اللباس واسع وان الاصل فيه الحل ما لم يدل الدليل على تحريمه كان يكون الثوب بالنسبة للرجل مسبلا او ثوب شهرة او من الحرير او من المعصفر او ان يكون ثوبا فيه تشبه بالكفار فكل ذلك حرام واما ما لم ينهى عنه في الشرع فالاصل فيه الحل كما قال الله تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق فانكر سبحانه على من حرم اللباس والمطاعم والمشارب التي اخرجها سبحانه لعباده نعمة منه ورحمة فدل على ان الاصل فيها الاباحة حتى يأتي من الشرع ما يدل على التحريم ودخل في هذا الاصل جميع ما تتخذ منه الاكسية من اي نوع كان فهو مباح ولم يحرم الشارع الا اشياء مخصوصة ترجع الى دفع الظرر وحفظ العباد في دينهم ومعاشهم وهديه صلى الله عليه وسلم في اللباس اكمل الهدي وهو لبس المتيسر دون تكلف قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وكان عادته في المطعم انه لا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا ويلبس من اللباس ما تيسر من قطن وصوف وغير ذلك وكان القطن احب اليه وكان اذا بلغه ان بعض اصحابه يريد ان يعتدي فيزيد في الزهد او العبادة على المشروع ويقول اينا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب لذلك ويقول والله اني لاخشاكم لله واعلمكم بحدود الله تعالى وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد والصواب ان افضل الطرق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنها وامر بها ورغب فيها وداوم عليها وهي ان هديه في اللباس ان يلبس ما تيسر من اللباس. من الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة ولبس البرود اليمانية والبرد الاخضر ولبس الجبة والقباء والقميص والسراويل والازار والرداء والخف والنعل وارخى الدؤابة من خلفه تارة وتركها تارة وكان يتنحى بالعمامة تحت الحنك وكان اذا استجد ثوبا سماه باسمه. وقال اللهم انت كسوتني هذا القميص او الرداء او العمامة اسألك خيره وخير ما صنع له واعوذ بك من شره وشر ما صنع له وكان اذا لبس قميصه بدأ بميامنه وبالله وحده التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته