بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالحديث هنا في بيان ما يتعلق بخف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك ما ورد في نعله عليه الصلاة سلام والخف يجمع على خفاف وهو معروف يصنع من الجلد ويلبس في القدم فيغطيها كاملة عن المغيرة بن شعبة قال اهدى دحية للنبي صلى الله عليه وسلم خفين فلبسهما. رواه الترمذي دحية الكلب رضي الله عنه كان من اجمل الصحابة وكان جبريل يأتي الى النبي صلى الله عليه وسلم على صورته احيانا اهدى رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم كفين فلبسهما ففيه قبول الهدية وسرعة الافادة منها مما يدخل السرور على المهدي اما ما جاء في نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والنعل الحذاء وهو ما وقيت به القدم من الارض وللمرء ان يلبس من الاحذية والنعال ما شاء ما لم ينهى عنه شرعا فان النعال التي تلبس في كل زمان تختلف صفاتها وهيئاتها بحسب عادات الناس ومألوفهم فالاصل في كل ذلك الاباحة حتى يرد الدليل على تحريم شيء منه وفيما يلي بيان لصفة نعل النبي عليه الصلاة والسلام وهديه صلى الله عليه وسلم في لبسه عن قتادة قال قلت لانس بن مالك رضي الله عنه كيف كان نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما قبلان اخرجه البخاري قوله لهما قبلان اي لكل واحد من النعلين قبال والقبالان تثنية قبال بكسر القاف وهو الزمام والسير الذي يعقد فيه الشسع الذي يكون بين اصبعي الرجل وهو يساعد على راحة الانسان في المشي وثبات الحذاء في القدم وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان مثني شراكهما اخرجه ابن ماجة قوله مثني شراكهما الشراك هو احد سيور النعل التي تكون على وجهها والمعنى ان نعل النبي صلى الله عليه وسلم كان لها زمام قد جعل فيه سيران اثنان وعن عيسى ابن طهمان قال اخرج الينا انس بن مالك النعلين جرداوين لهما قبلان قال فحدثني ثابت بعد عن انس انهما كانتا نعلي النبي صلى الله عليه وسلم اخرجه البخاري بغير لفظ جرداوين قوله جرداوين اي لا شعر عليهما يقال ارض جرداء اي لا نبات فيها وعن عبيد بن جريج انه قال لابن عمر رأيتك تلبس النعال السبتية قال اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فانا احب ان البسها متفق عليه قوله رأيتك تلبس النعال السبتية السبتية نسبة للسبت بكسر السين وهو جلد البقر المدبوع وتسمى سبتية لان شعرها قد سبت عنها اي ازيل بعلاج من الدماغ فالنعال السبتية هي المصنوعة من جلد البقر المدبوغ الذي سقط منه شعره قوله اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر هذا معنى السبتية والنعال اذا صنعت من جلود بهيمة الانعام فاحيانا يبقى عليها الشعر كاملا واحيانا يبقى عليها مخففا واحيانا يزال بالكلية فتوصف عندئذ النعل بانها جرداء وانها سبتية قوله ويتوضأ فيها يحتمل انه صلى الله عليه وسلم يتوضأ وهي عليه فلا ينزعها او انه يتوضأ ثم يلبس النعلين والرجلان رطبتان من اثر الوضوء قوله فانا احب ان البسها اي احب عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان يلبس النعلين السبتيتين لانه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها وعن السدي قال حدثني من سمع عمرو ابن حريث يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعلين مخصوصتين. اخرجه النسائي في السنن الكبرى وفي اسناده من لم يسم وهو الراوي عن عمرو لكن جاء ما يقويه عند الامام احمد في المسند وغيره قوله مخصوصتين اي مخروزتين والخسف هو ضم الشيء الى الشيء وخسف النعل معناه خرزها بان يظم بعض اجزائها الى بعض وكان صلى الله عليه وسلم يخسف نعله بيده كما جاء ذلك في المسند من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قيل لها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت كما يصنع احدكم يخسف نعله ويرقع ثوبه وفي الحديث صلاته صلى الله عليه وسلم بالنعلين وقد صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في سننه القولية والفعلية فلا اشكال في جوازه عندما تكون ارض المسجد ترابا وحصبا او تكون الصلاة في الصحراء وقد ورد في فتاوى اللجنة الدائمة قولهم لكن بعد ان فرشت المساجد بالفرش الفاخرة في الغالب ينبغي لمن دخل المسجد ان يخلع نعليه رعاية لنظافة الفرش ومنعا لتأدي المصلين بما قد يصيب الفرس مما في اسفل الاحذية من قاذورات وان كانت طاهرة وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمشين احدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا او ليحفهما جميعا. اخرجه البخاري ومسلم هذا يتعلق بهديه صلى الله عليه وسلم في لبس النعل قوله لا يمشين احدكم في نعل واحدة اي بحيث تكون احدى الرجلين منعولة والاخرى حافية قوله لينعلهما جميعا او ليحفهما جميعا اي اما ان يمشي بالرجلين منعولتين او يمشي بهما حافيتين. اما ان تكون احدى الرجلين حافية والاخرى منعولة فهذا الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم واوضح ما ذكر في الحكمة في ذلك امران الامر الاول قيل لان لا يكون في ذلك تشبه بالشيطان ولهذا روي في بعض طرق الحديث زيادة ان الشيطان يمشي بالنعل الواحدة الامر الثاني لان لا يكون ظلما للبدن فالشريعة امرت الانسان بالعدل حتى مع بدنه فاذا مشى بنعل واحدة والرجل الاخرى حافية فان كانت الارض حارة او باردة ظلم الرجل الحافية والشريعة جاءت بالنهي عن الظلم وقد نقل العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه تحفة المودود باحكام المولود عن شيخه ابن تيمية رحمهما الله كلاما عظيما في تقرير هذا حيث قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع والقزع ان يحلق بعض رأس الصبي ويدع بعضه قال شيخنا وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل فانه امر به حتى في شأن الانسان مع نفسه فنهى ان يحلق بعض رأسه ويترك بعضه لانه ظلم للرأس حيث ترك بعظه كاسيا وبعظه عاريا ونظير هذا انه نهى عن الجلوس بين الشمس والظل فانه ظلم لبعض بدنك ونظيره نهى ان يمشي الرجل في نعل واحدة بل اما ان ينعلهما او يحفيهما ويذكر ان الشيخ ابن باز رحمه الله سأله سائل فقال لو كانت النعل الثانية بعيدة عني خطوة او خطوتين افأمشي اليها بنعل واحدة فقال رحمه الله ان استطعت الا تخالف السنة ولو بخطوة واحدة فافعل وعن ابي الزبير عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يأكل يعني الرجل بشماله او يمشي في نعل واحدة. اخرجه مسلم قوله يعني الرجل ليس معنى ذلك ان الحكم مختص بالرجال لكن يذكر الرجال غالبا في احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لانهم الذين يوجه لهم الخطاب غالبا نافى الحكم يشمل الرجال والنساء على حد سواء والنهي عن الاكل بالشمال يشمل النهي عن الشرب بها ايضا فلا يجوز الشرب بالشمال كما لا يجوز الاكل بها قوله او يمشي في نعل واحدة اي نهى صلى الله عليه وسلم عن ان يمشي الرجل في نعل واحدة بحيث تكون احدى الرجلين منعولة والاخرى حافية وهو بمعنى الحديث الذي قبله وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا انتعل احدكم فليبدأ باليمين واذا نزع فليبدأ بالشمال فلتكن اليمنى اولاهما تنعل واخرهما تنزع. اخرجه البخاري ومسلم فيه ان اليمين لها التكرمة على الشمال في الانتعال ولهذا كان من هديه صلى الله عليه وسلم حب التيمن في الامور التي فيها التكرمة والزينة من ترجله وتنعله وشأنه كله وتقدم اليسرى في ضد ذلك كنزع النعل وعند دخول الخلاء وعند الخروج من المسجد وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في ترجله وتنعله وطهوره حديث عائشة هذا رضي الله عنها هو بمعنى ما سبق من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في لبسه لنعله وفي تسريحه لشعره وفي تمشيطه لشعره وفي طهوره فيبدأ باليد اليمنى والقدم اليمنى وبالله وحده التوفيق نسأله جل وعلا ان يوفقنا اجمعين لكل خير. وان يصلح لنا شأننا كله. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله لنبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته