بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ذكر ما جاء في عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة ازاره صلى الله عليه وسلم والعمامة اسم يطلق على ما يلبس على الرأس وقيل سميت بذلك لانها تعم الرأس وتغطيه والعمامة لباس اعتادت عليه العرب قديما ولبسها النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في معتاد لباسهم والاصل في اللباس الحل وللعبد ان يلبس من اللباس ما شاء ما لم ينهى عنه شرعا ويستوي في ذلك ما يلبس على الرأس وما يكسى به البدن وما يلبس في القدمين وقد لبس صلى الله عليه وسلم العمامة واتخذ القلنسوة ولبس العمامة بدون القلنسوة ولبس القلنسوة بدون العمامة كما انه صلى الله عليه وسلم يرخي للعمامة ذؤابة احيانا واحيانا يلبسها بدون ذؤابة كما بين ذلك الامام ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد والحديث هنا في بيان ما جاء في عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث صفتها ومن حيث لونها ومن حيث الاحكام المتعلقة بها عن جابر رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء. اخرجه مسلم وعن جعفر بن عمرو بن حريث عن ابيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر وعليه عمامة سوداء اخرجه مسلم ذكر اهل العلم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذ العمامة السوداء لباسا راتبا بحيث لا يعرف الا بها بل لبسها في وقت يسير ولبس غيرها ولهذا يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد والنبي صلى الله عليه وسلم لم يلبسه اي السواد لبسا راتبا ولا كان شعاره في الاعياد والجمع والمجامع العظام البتة وانما اتفق له لبس العمامة السوداء يوم الفتح دون سائر الصحابة ولم يكن سائر لباسه يومئذ السواد. بل كان لوائه ابيض وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه قال نافع وكان ابن عمر يفعل ذلك قال عبيد الله ورأيت القاسم ابن محمد وسالما يفعلان ذلك. اخرجه الترمذي في جامعه قوله اذا اعتم اي اذا لبس العمامة قوله سدل عمامته بين كتفيه اي ارخى عمامته وارسلها لتنزل الدؤابة بين الكتفين قوله وكان ابن عمر يفعل ذلك ورأيت القاسم ابن محمد وسالما يفعلان ذلك اي يفعلون في عمائمهم مثل ذلك فيجعلون لها ذؤابة بين الكتفين وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عصابة دسماء. اخرجه البخاري قوله وعليه عصابة العصابة هي ما يلف به الرأس ويعصب وهي بمعنى العمامة قوله دسماء قال ابن الاثير في النهاية في غريب الحديث اي سوداء الحديث على هذا المعنى موافق لحديث جابر وعمرو بن حريث في قولهما وعليه عمامة سوداء هذا ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في فضل لبس العمامة وكل ما صح عنه في هذا الباب هو لبسه صلى الله عليه وسلم لها وجميع ما يروى في فضل لبسها لا يصح فهو اما واهي او موضوع مثل صلاة بعمامة خير من خمس وعشرين صلاة بلا عمامة وجمعة بعمامة خير من سبعين جمعة بلا عمامة ونحو ذلك من الاحاديث التي لا يصح نسبتها الى النبي صلى الله عليه وسلم فان قيل هل لبس العمامة سنة يجاب بان الاصل للانسان ان يلبس من لباس اهل بلده ولا يميز نفسه بشيء عنهم ما لم يخالف الشرع وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن لباس الشهرة قوله قبظ روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين اي انه صلى الله عليه وسلم فارق الدنيا وعليه هذا اللباس وعن الاشعث ابن سليم قال سمعت عمتي تحدث عن عمها قال بين انا امشي بالمدينة اذ انسان خلفي يقول ارفع ازارك فانه اتقى وابقى فاذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله انما هي بردة ملحاء قال اما لك في اسوة؟ فنظرت فاذا ازاره الى نصف ساقي لبس الازار يحتاج الى تعاهد لانه كلما مشى لابسه استرخى لذلك امره النبي صلى الله عليه وسلم بتعهده فقال ارفع ازارك فانه اتقى اي فيما بينك وبين الله عز وجل بتحقيق طاعته وذلك بفعل ما امر وترك ما نهى عنه وابقى اي لثوبك لانك اذا رفعته سلم وطالت مدة بقائه عندك بخلاف ما اذا ارخيته فان الارض تؤثر فيه. وجاء في بعض الروايات فانه انقى من النقاء وهو السلامة من الوسخ ونحوه ونظير هذا ما رواه البخاري في صحيحه يوم طعن امير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وجاء الناس يثنون عليه وجاء رجل شاب فقال ابشر يا امير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم في الاسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم شهادة قال رضي الله عنه وددت ان ذلك لا علي ولا لي فلما ادبر اذا ازاره يمس الارض. فقال ردوا علي الغلام. قال ابن اخي ارفع ثوبك فانه ابقى لثوبك واتقى لربك وهذا الحكم خاص بالرجال دون النساء لذلك لما قال صلى الله عليه وسلم من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة قالت ام سليم فكيف يصنع النساء بديولهن. قال يرخين شبر فقالت اذا تنكشف اقدامهن قال فيرخين ذراعا لا يزدن عليه. اخرجه الترمذي في الجامع والذراع من المرفق الى اطراف الاصابع فالمرأة مأمورة بالستر وهو يعد صيانة لها وحفاظا وحفاظا لها عن النظرات الاثمة الخاطئة فلذا امرت بان ترخي ثوبها هذا الارخاء وان كان الثوب قد يعرض له بعض الوسخ لكن المصلحة في ستر قدميها اكبر وارجح قوله فاذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم اي اذا القائل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله انما هي بردة ملحاء ملح مؤنث املح وهو يطلق على ما كان مكونا من لونين اسود وابيض كانه رضي الله عنه اراد والله تعالى اعلم ان يشير الى ان هذه البردة بهذه الصفة ليست من الثياب التي تدعو الى فخر او خيلاء. ولو نزلت عن الكعبين بل هي بردة متواضعة ومع هذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم اما لك في اسوة فنظرت فاذا ازاره الى نصف ساقيه وقد صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم احاديث كثيرة في التحذير من الاسبال لقوله عليه الصلاة والسلام ما اسفل من الكعبين من الازار ففي النار اخرجه البخاري وقوله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب اخرجه مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله يوم القيامة الى من جر ازاره بطرا. رواه البخاري والاحاديث في هذا الباب كثيرة. وبالله وحده التوفيق والسداد. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته