بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ذكر ما جاء في صفة اكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خبزه صفة اكل النبي صلى الله عليه وسلم اي طريقته عليه الصلاة والسلام في تناول الطعام وكيفية جلوسه اذا اراد ان يتناوله وغير ذلك من الاداب المأثورة في هذا الباب عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يلعق اصابعه الثلاث من الطعام اخرجه مسلم وعن انس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اكل طعاما لعق اصابعه الثلاث اخرجه مسلم تضمن هذان الحديثان ادبين من اداب اكله صلى الله عليه وسلم الاول الاكل باصابع ثلاث ولم تعين هذه الاصابع الثلاث لكنها معلومة وهي الابهام والسبابة والوسطى فمن اداب الطعام المستحبة وقد ذكر بعض الشراح ان الاكل بالاصابع الثلاث يكون في الاكل المتماسك الذي يمكن للاكل ان يقبضه باصابعه الثلاث كقطعة الخبز او قطعة اللحم او نحو ذلك اما اذا كان الطعام متناثرا فلا حرج في ان يأكل منه باصابعه الاربعة او الخمسة اذا احتاج الى ذلك الادب الثاني لعق الاصابع بعد الفراغ من الطعام لا اثناء الطعام لانه قد يتأدى به من يأكل معه والحكمة في ذلك هي تحري بركة الطعام. لما جاء في صحيح مسلم من حديث انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اكل طعاما لعق اصابعه الثلاث قال وقال اذا سقطت لقمة احدكم فليمط عنها الاذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان وامرنا ان نسلت القصعة. قال فانكم لا تدرون في اي طعامكم البركة يعني ان البركة او جزءا منها قد تكون في هذا الذي اه لعق في اليد او في الجزء الذي تبقى في الصحفة وبركة الطعام تتناول امورا عديدة. لان النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها مطلقة. فمنها تغذية البدن وسلامتهم مضرة الطعام رؤيته على طاعة الله سبحانه وتعالى قال النووي رحمه الله تعليقا على قوله فانكم لا تدرون في اي طعامكم البركة قال معناه والله اعلم ان الطعام الذي يحضره الانسان فيه بركة ولا يدري ان تلك البركة فيما اكله او فيما بقي على اصابعه او فيما بقي في اسفل القصعة او في اللقمة الساقطة فينبغي ان يحافظ على هذا كله لتحصل البركة. انتهى كلامه رحمه الله ومن المؤسف ان يؤكل الطعام احيانا على سفرة نظيفة جديدة ثم يسقط الطعام ويترك للشيطان ما تساقط عليه من الطعام ولا يتناول. وقد قال عليه الصلاة والسلام اذا سقطت لقمة احدكم فليمط عنها الاذى وليأكلها فكيف بالذي لم يصبها اذى اصلا؟ وعن ابي جحيفة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اما انا فلا اكل متكئا اختلف في معنى الاتكاء اثناء الاكل فقيل هو التمكن في الجلوس للاكل على اي صفة كانت فعندما يجلس الانسان للطعام جلسة متمكنة فانها تستدعي مزيدا من الاكل وشرها في تناوله ولهذا قال ابراهيم النخعي رحمه الله كانوا يكرهون ان يأكلوا تكأة مخافة ان تعظم بطونهم رواه ابن ابي شيبة في مصنفه وقيل الاتكاء هو ان يأكل الانسان متكئا على احد شقيه وقيل هو ان يضع يده اليسرى على الارض متكئا عليها ويأكل بيمينه وقد قرر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ان الذمة الوارد في النصوص يتناول هذه الصفات كلها لانه يصدق على جميعها قال رحمه الله والاتكاء على ثلاثة انواع احدها الاتكاء على الجمب والثاني التربع والثالث الاتكاء على احدى يديه واكله بالاخرى والثلاث مذمومة وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقعيا يأكل تمرا اخرجه مسلم ورواه الامام احمد في المسند بلفظ اهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم تمر فجعل يقسمه بمكتل واحد وانا رسوله به حتى فرغ منه قال فجعل يأكل وهو مقعن اكلا دريئا فعرفت في اكله الجوع تأمل رعاك الله. كان صلى الله عليه وسلم به جوع شديد فاهدي اليه تمر فلم يبدأ بنفسه بل اخذ يقسمه يرسل انسا خادمه رضي الله عنه بالتمر فيذهب بمكتل الى محتاج ثم يرجع ليذهب بمثله الى اخر وكرر ذلك حتى فرغ صلى الله عليه وسلم من قسم التمر على المحتاجين ثم اكل عليه الصلاة والسلام قوله مقعيا الاقعاء هو الجلوس على الوركين من غير تمكن ولهذا جاء في بعض روايات الحديث وهو متحفز بدلا قوله وهو مقن والمتحفز هو الذي يجلس كانه مستعد للنهوض ومن صور الاقعاء ان يضع وريكيه على عقبيه معتمدا في جلوسه عليهما وعلى ركبتيه واما ما جاء في صفة خبز رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها انها قالت ما شبع ال محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها عاشت حياتها في بيته صلى الله عليه وسلم فهي من اخبر الناس بطعامه اخبرت ان خبز الشعير الذي يشبع الانسان لم يكن في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليومين متتابعين حتى فارق الدنيا وفي هذا بيان تقلله عليه الصلاة والسلام من الطعام وفيه ايضا هوان الدنيا على الله جل وعلا. لان النبي صلى الله عليه وسلم وهو افضل عباد الله يبيت جائعا وليس عنده شيء يأكله مما يدل على هوان الدنيا على الله فلو كانت عظيمة لاعطاها باجمل بهجتها واحسن مطعمها ومشربها وملبسها افضل عبادة وعن سليم ابن عامر قال سمعت ابا امامة الباهلي رضي الله عنه يقول ما كان يفضل عن اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خبز الشعير. اخرجه الترمذي فيه بيان قلة طعام اهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام حيث لم يكن يتبقى منه شيء بل لم يكن كافيا لاشباعهم فضلا عن ان يتبقى منه شيء وقد روى البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها انها قالت دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فاعطيتها اياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فاخبرته فقال من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار وعن سهل بن سعد انه قيل له اكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي فقال سهل ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي حتى لقي الله فقيل له هل كانت لكم مناخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ما كانت لنا مناخل قيل كيف كنتم تصنعون بالشعير؟ قال كنا ننفخ فيطير منه ما طار ثم نعجنه اخرجه البخاري والترمذي في جامعه النقي قيل هو الدقيق الابيض الخالص ولا يكون كذلك الا اذا نخل وقوله ما رآه اي فضلا عن ان يكون اكله ويشبه هذا ما جاء في صحيح البخاري عن قتادة قال كنا نأتي انس بن مالك وخبازه قائم وقال كلوا فما اعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرققا حتى لحق بالله قوله هل كانت لكم مناخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مناخ الجمع منخل وما ينخل فيه الدقيق حتى يصفو ويكون ناعما قوله كيف كنتم تصنعون بالشعير؟ خص الشعير بالسؤال لان فيه اجزاء فاذا خبزت استأثر مضغها بخلاف ما اذا نخل فانه يكون اخف وايسر قول كنا ننفخ فيطير منه ما طار ثم نعجنه. جاء في جامع الترمذي كنا ننفخه فيطير منه ما طار ثم نثريه فنعجنه اي نصب عليه الماء حتى يثريه ويلينه ثم نعجنه وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال ما اكل نبي الله صلى الله عليه وسلم على خوان ولا في سكر رجاء ولا خبز له مرقق قال فقنت لقتادة فعلى ما كانوا يأكلون؟ قال على هذه السفر اخرجه البخاري قوله على خوان الخوان شيء مرتفع يوضع عليه الطعام. يصنع من الخشب او نحوه وقول ولا في سكور رجاء. السكر رجاء اناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الادم ونحوه قول ولا خبز له مرقط المرقق هو الملين المحسن الناعم قوله على هذه السفر السفر قد تكون قطعة من الجلد تفرش ثم يوضع عليها الاناء من الطعام وهديه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كسائر الابواب وسط بين الاكل على الارض مباشرة وبين الاكل على خيوان فالاكل على الارض مباشرة اذا سقط الطعام اصابه الاذى والاكل على الخيوان فيه شيء من الترفه بينما الاكل على السفرة جلسة متواضعة وفيها حماية للطعام من الاذى اذا سقط والاكل على الخيوان مباح وليس بمحرم لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان متواضعا في طعامه وفي شؤونه كلها وقد تقدم قول قتادة كنا نأتي انس بن مالك وخبازه قائم وخيوانه موضوع اي عنده شيء مرتفع يوضع عليه الطعام عندما يراد اكله وانس رضي الله عنه هو راوي هذا الحديث هذا وبالله وحده التوفيق نسأله جل وعلا ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته