بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ذكر ما جاء في صفة ايدام رسول الله صلى الله عليه وسلم والايدام والادم ما يؤتدم به وهو ما يؤكل بالخبز ايا كان. وسمي بذلك لانه يجعل الخبز ملائما للانسان ويصلحه له عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم الايدام الخل. اخرجه مسلم وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الادام الخل اخرجه الترمذي قوله نعم الادام الخل. الخل معروف وتختلف انواعه باختلاف المخلل نفسه ومعلوم ان في انواع الادامات ما هو افضل من الخل لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك باعتبار الموجود وفيه ايضا تطييب لخاطر اهل بيته كما يدل عليه سبب ورود الحديث وهو ما رواه مسلم في صحيح عن جابر رضي الله عنه قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ذات يوم الى منزله فاخرج اليه فلقا من خبز فقال ما من ادم فقالوا لا الا شيء من خل قال فان الخل نعم الادم قال جابر فما زلت احب الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال طلحة ما زلت احب الخل منذ سمعتها من جابر ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في قوله نعم الادام الخل وهذا ثناء عليه اي الخل بحسب مقتضى الحال الحاضر لا تفضيلا له على غيره كما يظن وسبب الحديث انه دخل على اهله يوما ثم ذكر رحمه الله الحديث المتقدم وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال الستم في طعام وشراب ما شئتم لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه اخرجه مسلم يذكر النعمان رضي الله عنه من بقي من الصحابة ويذكر كذلك التابعين بنعمة الله عليهم فيقول الستم في طعام وشراب ما شئتم اي انما تشتهونه من انواع الاطعمة والاشربة متيسر لكم وقوله لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وانما قال نبيكم لتذكيرهم بمنة الله عليهم باتباعه والايمان به عليه الصلاة والسلام وهو ادعى لاستحضار المعنى الذي يذكرهم به قوله وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه. الدقل هو رديء التمر اراد رضي الله عنه ان يذكرهم بهذه النعم العظيمة والرزق الواسع الذي اكرمهم الله سبحانه وتعالى وعن زهدم الجرمي قال كنا عند ابي موسى الاشعري فاتي بلحم دجاج فتنحى رجل من القوم فقال ما لك قال اني رأيتها تأكل شيئا فحلفت الا اكلها. قال ادنوا فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم دجاج. متفق عليه قوله اني رأيتها تأكل شيئا وفي بعض النسخ اني رأيتها تأكل نتنا فلم يعينه حتى لا يجعل الحاضرين يتقدرون الطعام وتعافه نفوسهم وهذا من الادب فالمرء اذا لم يطب له الطعام فانه يكفيه ان يقول اجدني اعافه كما قال صلى الله عليه وسلم في الظب او نحو ذلك لا ان يذم الطعام عند اكليه لان بعض الناس اذا عيب الطعام عنده عافته نفسه قوله فحلفت الا اكلها قد يكون حلف الا يأكلها من هول المنظر الذي رآه وقد يكون حلف حتى لا يضطر فيما بعد الى اكلها قوله ادنوا فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحم دجاج في هذا حب الصحابة رضي الله عنهم لما كان يأكله صلى الله عليه وسلم من الطعام ويدل ايضا على ان لحم الدجاج مباح وقد اكله النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي ان يكون في النفس منه شيء اما اذا كانت الدجاجة تأكل من القاذورات والاوساخ حتى اثر في لحمها واصبحت جلالة فمثل هذه ينهى عن اكلها لما رواه ابو داوود وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اكل الجلالة والبانها اخرجه الترمذي وابو داوود وسواء في ذلك بهيمة الانعام او الدجاج او نحو ذلك فاذا كانت الدجاجة بهذه الصفة فانها لا تؤكل وانما تحبس ثلاثا عن هذا الاكل ويقدم لها الطعام الطيب والغذاء الطيب حتى يطيب لحمها ثم بعد ذلك تؤكل وعن ابراهيم ابن عمر ابن سفينة عن ابيه عن جده رضي الله عنه قال اكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حبارا. اخرجه الترمذي وابو داوود الحبارى طائر معروف رمادي اللون طويل العنق وفي منقاره شيء من الطول وليس من ذوات المخالب وحكم اكله حلال على الاصل حيث لم يرد في الشرع ما يدل على تحريمه والحديث المذكور اسناده غير ثابت. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص اسناده ضعيف ظعفه العقيلي وابن حبان وعن ابي اسيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا الزيت وادهنوا به فانه من شجرة مباركة اخرجه الترمذي قوله كلوا الزيت اي اتخذوه اداما يؤكل مع الخبز وقوله وادهنوا به اي ادهنوا به الشعر والبشرة وقوله فانه من شجرة مباركة اي شجرة الزيتون وهي شجرة مباركة لكثرة نفعها ويكفي دلالة على فضلها ان الله سبحانه وتعالى اقسم بها في القرآن فقال والتين والزيتون ووصفها بانها مباركة فقال عز وجل يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية قال العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد والدهن في البلاد الحارة كالحجاز ونحوه من اكد اسباب حفظ الصحة واصلاح البدن وهو كالضروري لهم وعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا الزيت وادهنوا به فانه من شجرة معركة اخرجه الترمذي وابن ماجة وحديث عمر هذا يروى موصولا ومرسلا وهو بمعنى حديث ابي اسيد المتقدم ومقو له وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الدب فاتي بطعام او دعي له فجعلت اتتبعه فاضعه بين يديه لما اعلم انه يحبه قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الدب ان يحبه ويطيب له والدب القرع المعروف وهو من الادام الذي يؤكل بالخبز وعن حكيم بن جابر عن ابيه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت عنده دبا يقطع فقلت ما هذا؟ قال نكثر به طعامنا اخرجه ابن ماجة فيه اكل النبي صلى الله عليه وسلم للدباء وانه من جملة الادام الذي كان يأتدم به عليه الصلاة والسلام وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال ان خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال انس فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ذلك الطعام فقرب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزا من شعير ومرقا فيه دبا وقديد قال انس فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدب حوالي القصعة فلم ازل احب الدب من يوم اذ اخرجه البخاري ومسلم قوله ان خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه فاجاب صلى الله عليه وسلم دعوته وذلك من كمال تواضعه قوله فقرب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اي قدم له فمن حسن الظيافة تقريب الطعام للضيف كما ذكر الله عز وجل ذلك عن اكرام ابراهيم الخليل عليه السلام لضيفانه قال فراغ الى اهله فجاء بعجل سمين فقربه اليهم قال الا تأكلون قوله ومرقا فيه دبا وقديد المرق معروف وهو الذي يغمس فيه الخبز والدباء هو القرائن والقديد هو اللحم الذي يقطع ويوضع عليه الملح ويجفف في الشمس ليبقى مدة طويلة قوله فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء حوالي القصعة يحتمل انه صلى الله عليه وسلم كان يتتبعه من ناحيته وجهته وليس المراد التتبع من جميع جهات القصعة وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فعن عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنه قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك. متفق عليه ويحتمل انه صلى الله عليه وسلم كان يأكل هذا الدب مع خادمه انس رضي الله عنه فكان يتتبع الدبان لان هذا الطعام قدم له ولخادمه فلم يكن معهما احد والقصعة اناء كبير مصنوع من الخشب يؤكل فيه واوعية الطعام لها اسماء عديدة باعتبار احجامها قال الثعالب في كتابه فقه اللغة في ترتيب القصاع اولها الفيحاء وهي كسك الرجاء ثم الصحيفة تشبع الرجل ثم المأكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحفة تشبع الاربعة والخمسة ثم القصعة تشبع السبعة الى العشرة ثم الجفنة وهي اكبرها وزعم بعضهم ان الدسيعة اكبرها قوله فلم ازل احب الدب من يومئذ حبه رضي الله عنه للدباء هو من حب النبي صلى الله عليه وسلم له وعن انس قال بعثت معي ام سليم بمكتل فيه رطب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم اجده وخرج قريبا الى مولى له دعاه صنع له طعاما قال فاتيته فاذا هو يأكل فدعاني لاكل معه قال وصنع له فريدا بلحم وقرع قال واذا هو يعجبه القرع قال فجعلت اجمعه وادنيه منه قال فلما طعم رجع الى منزله قال ووضعت له المكتل بين يديه قال فجعل يأكل ويقسم حتى فرغ من اخره رواه احمد وعن ابي طالب قال دخلت على انس بن مالك رضي الله عنه وهو يأكل القرع وهو يقول يا لك من شجرة ما احبك الا لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم اياك هذا ونسأل الله ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته