بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ذكر ما جاء في قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدح جمعه اقداح مثل السبب جمعه اسباب وهو ما يشرب فيه والمراد بيان الوعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب فيه الشراب من الماء والنبيذ والعسل واللبن وغير ذلك عن عاصم الاحول قال رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند انس بن مالك رضي الله عنه وكان قد انصدع فسلسله بفضة قال وهو قدح جيد عريض من نضار قال انس لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح اكثر من كذا وكذا قال وقال ابن سيرين انه كان فيه حلقة من حديد فاراد انس ان يجعل مكانها حلقة من ذهب او فضة فقال له ابو طلحة لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركه. رواه البخاري فيه وصف قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه قدح مصنوع من الخشب وان نضار اجود الخشب وهو مضبب بحديد والضبة هي الحديدة العريضة التي تجمع الخشب وتلموا بعضه الى بعض ليتماسك ويلتئم فلا يحصل فيه فجوات يتسرب منها الماء وعن انس رضي الله عنه قال سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا القدح الشراب كله الماء والنبيذ والعسل واللبن. اخرجه مسلم فيه شرب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القدح انواع الاشربة التي كان يشربها من الماء والنبيذ والعسل واللبن والنبيذ هو ماء ينبذ فيه الرطب او العنب او نحوها في الليل فيتحلل في الماء الى الصباح فيصبح طعم الماء حلوا فيه مذاق الرطب او العنب او ما نبذ فيه وفي زماننا هذا قد يسر الله عز وجل الخلاطات او العصارات فاذا احتاج الانسان الى ماء ممزوج بعصير عنب او غيره فانه يظع الماء ومعه الشيء الذي يريده فيختلط معه في لحظة واحدة ويشربه حلوا لذيذا فضلا من الله سبحانه وتعالى ومنة وله جل وعلا الحمد ذكر ما جاء في فاكهة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاكهة ما يتفكه به ان يتنعم باكله رطبا كان او يابسا كالطين والبطيخ والزبيب والرطب والرمان قال الله تعالى فيها فاكهة ونخل ورمان قال اهل اللغة انما خص النخل والرمان بالذكر لان العرب تذكر الاشياء مجملة ثم تخص منها شيئا بالتسمية تنبيها على فضل فيه عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب اخرجه البخاري ومسلم القصة معروف يشبه الخيار لكنه اكبر منه حجما والرطب كذلك معروف فكان صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب وسيأتي ايضا انه صلى الله عليه وسلم كان يأكل الرطب بالبطيخ ويأكله ايضا بالخربز وحكمة الجمع بينهما ان الرطب فيه حرارة فهو يكسر حرارته ببرودة البطيخ وبرودة الخربز وبرودة القثاء فيحصل اعتدال باكلهما معا وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل البطيخ بالرطب اخرجه الترمذي في جامعه وابو داوود في سننه وهو بمعنى ما سبق لان الرطب حار والبطيخ بارد فيكسر حرارة هذا ببرودة ذاك قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد وفي البطيخ عدة احاديث لا يصح منها شيء غير هذا الحديث الواحد والمراد به الاخضر وعن انس بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الخربز والرطب. اخرجه احمد فيه انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الخربز والرطب بالاكل والمراد بالخربز الاصفر وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال كان الناس اذا رأوا اول الثمر جاءوا به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا اخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وفي مدنا. اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبيك. واني عبدك ونبيك وانه دعاك لمكة واني ادعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه قال ثم يدعو اصغر وليد يراه فيعطيه ذلك الثمر. اخرجه مسلم فيه انهم كانوا يفرحون باول الثمر لانهم لا يجدون الرطب الا في وقت الصرام ثم بعد ذلك يكون تمرا ولا يجدون الرطب الى العام المقبل بخلاف زماننا هذا حيث يسر الله سبحانه وتعالى للناس حفظ الرطب في الثلاجات فيجدونه ويحصلون عليه طوال العام كانوا رضي الله عنهم اول ما يرون باكورة البلح يأتون به الى النبي صلى الله عليه وسلم فاذا اخذه دعا بهذه الدعوة المباركة. اللهم بارك لنا في ثمارنا. وبارك لنا في مدينتنا. وبارك لنا في صاعنا وفي مدنا. اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبيك واني عبدك ونبيك وانه دعاك لمكة واني ادعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه فقوله اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبيك واني عبدك ونبيك هذا نوع من انواع التوسل المشروع والتوسل الى الله عز وجل بالعبودية والذل والافتقار له جل وعلا ثم يدعو الله للمدينة بمثل ما دعاه ابراهيم لمكة ومثله معه فجزاه الله عن امته خير الجزاء ثم ان من كمال لطفه ورفقه ورحمته صلى الله عليه وسلم انه يختار اصغر وليدا من الموجودين فيقدم له هذا الرطب لان نفس الصغير تتعلق به اكثر فمقتضى الرحمة والمؤانسة واللطف ان يقدم له مثل هذا لان فرحه به اشد ذكر ما جاء بصفة شراب رسول الله صلى الله عليه وسلم اي ما كان يشربه النبي عليه الصلاة والسلام عن عائشة رضي الله عنها قالت كان احب الشراب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلو البارد اخرجه الترمذي قولها الحلو البارد الحلو اسم كان مؤخر وخبرها مقدم وهو احب ويصح العكس وفي هذا الحديث بيان حب النبي صلى الله عليه وسلم للشراب الذي يجمع امرين الحلاوة والبرودة فقولها الحلو يشمل الماء العذب فكان صلى الله عليه وسلم يستعذب له الماء ويشمل كذلك الماء الذي وضع فيه ما يحليه او يزيد حلاوته مثل النبيذ ويشمل ايضا الماء الذي حرك بقليل من العسل فاصبح طعمه حلوا بحلاوة العسل فهذه كلها يصدق عليها قولها الحلو وقولها البارد اي البارد المعتدل فالماء الذي جمع بين الحلاوة والبرودة من انفع ما يكون للبدن واطيبه وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انا وخالد بن الوليد على ميمونة فجاءتنا باناء من لبن فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا على يمينه وخالد على شماله فقال لي الشربة لك فان شئت اثرت بها خالدا فقلتم ما كنت لاوثر على سؤلك احدا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه واطعمنا خيرا منه ومن سقاه الله عز وجل لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه. ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس شيء يجزئ عن الطعام والشراب غير اللبن. اخرجه الترمذي وابو داوود لما شرب صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس الشربة لك لانه على يمين النبي صلى الله عليه وسلم. فمن كان على يمين الشارب بدأ به قال فان شئت اثرت بها خالدا اي فظلته وقدمته على نفسك في الشرب ويستفاد منه ان الايمن له ان يؤثر من على يسار الشارب على نفسه الا ان عبد الله قال ما كنت لاوثر على سؤلك احدا والسؤر هو الفضل وما بقي من الاثر ونظير هذا ما رواه البخاري عن سهل ابن سعد رضي الله عنه قال اوتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام اصغر القوم والاشياخ عن يساره فقال يا غلام اتأذن لي ان اعطيه الاشياخ قال ما كنت لاوتر بفضلي منك احدا يا رسول الله فاعطاه اياه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه. اي اللهم اجعل هذا الطعام الذي طعمناه مباركا. والبركة هنا تتناول امورا كثيرة منها انتفاع البدن بالطعام وسلامتهم الاضرار التي تترتب احيانا على بعض الاطعمة الى غير ذلك وقوله واطعمنا خيرا منه اي يسر لنا طعاما اخر خيرا من هذا وافضل منه قوله ومن سقاه الله عز وجل لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه اي اللهم بارك لنا في هذا اللبن الذي شربنا وزدنا منه لم يقل كما تقدم في الطعام واطعمنا خيرا منه وانما قال وزدنا منه والحكمة في ذلك هي ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن لان اللبن يعتبر شرابا يروي العطشان وطعاما يشبع الجوعان فهو جمع بين هاتين الخاصيتين ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب. وصلى الله سلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته