بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ذكر ما جاء في صفة شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم اي بيان كيفية شرب النبي صلى الله عليه وسلم اكان عن قيام او عن قعود وكم يتنفس في الاناء ونحو ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم اخرجه البخاري ومسلم فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم وهو على خلاف المعتاد من فعله وهذا كان موضع حاجة للشرب قائما. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الشرب قاعدا هذا كان هديه المعتاد وصح عنه انه نهى عن الشرب قائما وصح عنه انه امر الذي شرب قائما ان يستقيء وصح عنه انه شرب قائما فقالت طائفة هذا ناسخ للنهي وقالت طائفة بل مبين ان النهي ليس للتحريم بل للارشاد وترك الاولاد. وقالت طائفة لا تعارض بينهما اصلا فانه انما شرب قائما للحاجة فانه جاء الى زمزم وهم يستقون منها فاستقى فناولوه الدلو فشرب وهو قائم وهذا كان موضع حاجة وعن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا اخرجه الترمذي وابو داوود وابن ماجة وهذا ايضا محمول عند الجمهور على بيان الجواز او ان ظرورة ظيق المحل حملته على ذلك واما شربه صلى الله عليه وسلم قاعدا فهو الاكثر وعن النزال بن سبرة قال اتي علي بكوز من ماء وهو في الرحبة فاخذ منه كفا فغسل يديه ومضمض واستنشق ومسح وجهه وذراعيه ورأسه ثم شرب وهو قائم ثم قال هذا وضوء من لم يحدث. هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل. اخرجه البخاري الرحمة اما انها المكان المعروف في الكوفة او انها المكان الواسع في المسجد ونحوه فالمكان الواسع يقال له الرحبة قوله ثم شرب وهو قائم هذا موضع الشاهد من الحديث قوله ثم قال هذا وضوء من لم يحدث اي من لم يرد الطهارة من الحدث بل اراد التنظيف فليس المراد بالوضوء هنا الشرعي. وانما المراد به اللغوي الذي هو غسل بعض الاطراف لاجل النظافة وعن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الاناء ثلاثا اذا شرب ويقول هو امرأ واروى. اخرجه مسلم فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا شرب في الاناء لا يشربه دفعة واحدة وانما يتنفس بين شربه في شرب شيئا من الماء ثم يتنفس ثم يشرب ثم يتنفس ثم يشرب فيكون شربه في ثلاثة انفاس وبين صلى الله عليه وسلم عظيم فائدة هذه الصفة. فقال هو امر اي اسوغ في الشرب واروى اي ابلغ في حصول الري للعطشان وهذا من كمال هذا الدين وعظمته ففيه هداية العباد لكل خير من امور دينهم ودنياهم وابدانهم وصحتهم فهو دين يهدي التي هي اقوم في كل جانب وعن عبدالرحمن بن ابي عمرة عن جدته كبسة رضي الله عنها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما فقمت الى فيها فقطعته. اخرجه الترمذي وابن ماجة كبسة الانصارية هي اخت حسان ابن ثابت رضي الله عنهما قولها فشرب من في قربة معلقة القربة وعاء لحفظ الماء. تصنع من الجلد المدبوغ قولها قائما شربه صلى الله عليه وسلم هنا قائما واضح انه لحاجة لانه شرب من في قربة معلقة قولها فقمت الى فيها فقطعت اقامتي الى فم القربة التي شرب منها النبي صلى الله عليه وسلم ولامسه فمه فقطعته لتحتفظ به وعن ثمامة ابن عبد الله قال كان انس بن مالك رضي الله عنه يتنفس في الاناء ثلاثا وزعم انس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الاناء ثلاثا. اخرجه البخاري ومسلم يستفاد منه حرص الصحابة رضي الله عنهم على السنة وعلى الالتزام باداب النبي صلى الله عليه وسلم الكريمة وجميل تأسيهم به عليه الصلاة والسلام ذكر ما جاء في تعطل رسول الله صلى الله عليه وسلم اي بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعطر قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد كان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ولا يزال عنده وريحه هو عليه الصلاة والسلام من اطيب الرائحة وعرقه من اطيب الطيب روى الامام احمد عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب الي من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة وثبت عنه صلى الله عليه وسلم تفضيل المسك ففي الجامع للترمذي عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اطيب الطيب المسك عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكة يتطيب منها. اخرجه ابو داوود السكة وعاء يحفظ فيه الطيب وقيل السكة طيب مركب من اخلاق متنوعة لكن الاقرب هو المعنى الاول وعن ثمامة ابن عبد الله قال كان انس بن مالك رضي الله عنه لا يرد الطيب وقال انس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب. اخرجه البخاري قوله كان انس بن مالك لا يرد الطيب اي اقتدام بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام. وفي هذا حسن تأسي الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم والطيب خفيف المحمل طيب الرائحة فمثله لا يرد وعن ابن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا ترد الوسائد والدهن واللبن اخرجه الترمذي قوله ثلاث لا ترد اي ثلاث اذا قدمت للانسان لا يردها وهي الوسائد اذا قدمت ليتكأ عليها فلا ترد والدهن المراد به الطيب فهو لا يرد قال الترمذي في الجامع بعد ايراده للحديث الدهن يعنى به الطيب واللبن وقد سبق ما يتعلق بفظل اللبن على غيره من الاطعمة وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه وطيب النسامة فظهر لونه وخفي ريحه. اخرجه الترمذي وابو داود الطيب المناسب للرجال هو ما له رائحة طيبة ظاهرة وليس له لون لان اللون يعطي نوعا من التجمل والتزين وهو مما تختص به المرأة فهي تتزين وتتجمل بالالوان والحلي ونحو ذلك فلذا كان الطيب الذي يصلح لها ما له لون ظاهر ورائحته خفية فان احتاجت المرأة للخروج فانها تتخذ من الطيب ما يظهر اثره ولا يشم ريحه ويجب عليها ستره بالعباءة ونحوها. فعلى هذا يحمل معنى الحديث اما اذا كانت في البيت عند زوجها ولا تريد الخروج فانها تتطيب بما له رائحة ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اي ما امرأة اصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الاخرة عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من عرظ عليه ريحان فلا يرده فانه خفيف المحمل طيب الريح. رواه مسلم والريحان كل نبت له رائحة طيبة ويحتمل ان يراد بالريحان جميع انواع الطيب. مشتقا من رائحة ولفظ الحديث في المسند يقوي ذلك. فلفظه فيه من عرظ عليه طيب فلا يرده فانه خفيف المحمل طيب الرائحة اي حمله لا يكلف الانسان ولا يشق عليه وهو في الوقت نفسه له رائحة طيبة زكية قال النووي رحمه الله وفي هذا الحديث كراهة ردي الريحان لمن عرظ عليه الا لعذر اي اذا كان عند الانسان عذر كمرض لا يتحمل معه رائحة الطيب او كان الطيب له رائحة قوية لا يتحملها الانسان فله ان يعتذر بالكلمة الطيبة ولا يلزمه القبول هذا ويستحب للمسلم ان يكون دائما برائحة طيبة وان يحرص على ازالة ما قد يعلق بجسمه من رائحة كريهة او بفمه من رائحة الدخان اذا كان مبتلى بشربه بل الواجب عليه تركه كلية. فان من يتأمل قواعد الشريعة ودلائل الكتاب والسنة لا يشك ولا يرتاب في حرمة التدخين وانه افة خطيرة وذنب يجب على كل مدخن ان يتقي الله سبحانه وتعالى بالتوبة منه والبعد عنه وتركه الى غير رجعة وتتأكد العناية بطيب رائحة الجسم وسلامته من الروائح الكريهة عند صلاة الجمعة والجماعات وصلاة العيدين وعند الاحرام وعند حضور المحافل ونحو ذلك قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد وفي الطيب من الخاصية ان الملائكة تحبه والشياطين تنفر عنه واحب شيء الى الشياطين الرائحة المنتنة الكريهة فالارواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة والارواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة. وكل روح تميل الى ما يناسبها نسأل الله الكريم ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته