بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ذكر ما جاء في نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم النوم اية من ايات الله العظيمة الدالة على وحدانيته سبحانه وكمال قدرته جل في علاه وتدبيره لهذا الكون قال الله تعالى ومن اياته من امكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله ان في ذلك لايات لقوم يسمعون وهو رحمة من الله سبحانه وتعالى بعباده ومنة منه جل وعلا عليهم قال جل وعلا ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون اي ومن رحمته بكم ان جعل لكم الليل لتسكنوا فيه وجعل لكم النهار لتبتغوا فيه من فضله عن البراء بن عازب رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اخذ مضجعه وضع كفه اليمنى تحت خده الايمن وقال ربي قني عذابك يوم تبعث عبادك. اخرجه احمد في هذا الحديث ثلاثة اداب تستحب للمسلم عندما يأوي الى فراشه الاول الاضطجاع على الشق الايمن والثاني وضع الكف اليمنى تحت الخد الايمن والثالث ان يقول ربي قني عذابك يوم تبعث عبادك. اي اسألك يا رب ان تقيني عذابك يوم تبعث عبادك للحساب وهذا الدعاء مناسب لهذا الموضع غاية المناسبة لان النوم يذكر بالموت بل ان النوم وفاة وسيأتي في الحديث انه صلى الله عليه وسلم اذا استيقظ من النوم قال الحمد لله الذي احيانا بعد ما اماتنا واليه النشور والوفاة بعدها بعث وحشر وحساب وجزاء فالنوم يذكر بذلك كله فناسب ان يقول هذا الدعاء وعن حذيفة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اوى الى فراشه قال اللهم باسمك اموت واحيا واذا استيقظ قال الحمدلله الذي احيانا بعد ما اماتنا واليه النشور اخرجه البخاري قوله اللهم باسمك اموت واحيا اللهم بمعنى يا الله حذف من اولها ياء النداء وعوض عنه بالميم المشددة في اخرها ولذلك لا يجمع بين العوظ والمعوض. فلا يقال يا اللهم وقوله باسمك الباء هنا للاستعانة والجار والمجرور متعلق بقوله اموت واحيا. اي على هذا حياتي ومماتي كما قال الله قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وفي هذا ايضا التنبيه الى افتقار المسلم واحتياجه الى الذكر في كل اوقاته ومن ذلك ان ينام على ذكر الله وان يستيقظ ذاكرا لله شاكرا له سبحانه فكم من انسان نام نومة فلم يقم منها وقوله واليه النشور النشور هو البعث والمناسبة بين القومة من النوم والقومة من الموت للحساب ظاهرة ولهذا فان الفاظ الادعية النبوية مناسبة للاوقات التي تقال فيها تمام المناسبة وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيه وقرأ فيهما قل هو الله احد وقل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما اقبل من جسده يصنع ذلك ثلاث مرات اخرجه البخاري قولها كل ليلة يدل على مواظبته عليه الصلاة والسلام التامة على ذلك حتى انه صلى الله عليه وسلم في مرض موته لما ثقل واشتد به الاعياء كان يأمر عائشة رضي الله عنها ان تفعل ذلك عناية بهذا الذكر المبارك قولها جمع كفيه اي ضم احدى الكفين الى الاخرى مع الصاقهما والصاق اصابعهما بعضها ببعض ثم يبدأ فيقرأ فيهما قل هو الله احد اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما اقبل من جسده يصنع ذلك ثلاث مرات يمسح بدءا من اعلى الرأس وينزل على الوجه ثم الى الاسفل ويمسح ما اقبل ثم ما ادبر يحاول ان يعم بمسح الكفين جميع البدن وفي لفظ للحديث عند البخاري وما بلغت يداه من جسدي وهذا المسح فيه بركة على البدن ففيه حفظ له من الشيطان فلا يستطيع ان يأتيه من اي جهة لانه محصن بهذه الايات من كل الجهات وفيه حفظ لهم من الهوام والحشرات المؤذية ويحسن ايضا بالمسلم ان يتأمل في معاني هذه السور مستفيدا من كتب التفسير المعتمدة فذلك ابلغ في الاثر وامكن في الفائدة فمن اتى بهذه التعوذات عالما بمعانيها فليس كمن يقرأه ولا يدري عن معانيها شيئا وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ وكان اذا نام نفخ فاتاه بلال فاذنه بالصلاة فقام وصلى ولم يتوضأ. اخرجه البخاري قوله نام حتى نفخ. النفخ هنا صوت يصدر من النائم ويعلم به انه مستغرق في النوم قوله فاتاه بلال فاذنه بالصلاة اي اعلمه ودعاه للصلاة فقام وصلى ولم يتوضأ وهذا كما بين اهل العلم من خصوصياته عليه الصلاة والسلام قال صلى الله عليه وسلم عن الانبياء ان معاشر الانبياء تناموا واعيننا ولا تنام قلوبنا وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اوى الى فراشه قال الحمد لله الذي اطعمنا وسقانا وكفانا واوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي. اخرجه مسلم قوله الحمدلله الذي اطعمنا وسقانا اي الحمدلله الذي من علينا بالطعام الذي يحصل به غذاء الجسم ومن علينا بالشراب الذي يحصل به الري وذهاب العطش وكفانا اي كفانا الامور التي نحن مهتمون لها وساعون في تحصيلها وكفانا كذلك من شر ما نخاف من عدو معتد او ظالم واوانا اي من علينا بالمأوى فمن دخل في بيته فاغلق عليه الباب ونام في ستر فهو في منة عظيمة اذ لم يكن حاله كحال الدواب التي تنام منتشرة في العراء لذلك قال فكم ممن لا كافي له ولا مؤي كم هنا للتكثير اي كثير ممن هم كذلك وعن ابي قتادة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا عرس بليل اضطجع على شقه الايمن واذا عرس قبيل نصب ذراعه وظع رأسه على كفه اخرجه مسلم قوله كان اذا عرس بليل اضطجع على شقه الايمن اي اذا اوى الى فراشه بليل وكان في الوقت متسع كافل للراحة فانه ينام على شقه الايمن كما تقدم لكنه اذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه اي اذا احتاج الى النوم قبيل الصبح والوقت ضيق لا يكفي للاستغراق في النوم اقام صلى الله عليه وسلم ساعدة لتكون منتصبة ووضع رأسه على كفه اهتماما بصلاة الفجر ورعاية لها لان الانسان اذا نام على هذه الصفة لا يستغرق في نومه واسفاه على اقوام يرمي الواحد منهم برأسه على وسادته في وقت متأخر من الليل غير مبال ولا مكترث بصلاة الفجر والله المستعان ومن اذكار النوم العظيمة ما ثبت في الصحيحين من حديث البراء ابن عازب رضي الله عنهما قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن ثم قل اللهم اني اسلمت نفسي اليك ووجهت وجهي اليك وفوضت امري اليك والجأت ظهري اليك رغبة ورهبة اليك لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت فان مت من ليلتك مت وانت على الفطرة واجعلهن من اخر كلامك قال فرددتهن لاستذكرهن فقلت امنت برسولك الذي ارسلت؟ قال لا وبنبيك الذي ارسلت فهذا الحديث العظيم يشتمل على بعض الاداب التي يحسم بالمسلم ان يحافظ عليها عند نومه وقد ارشد اول ما ارشد عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث من اوى الى فراشه ان يتوضأ وضوءه للصلاة وذلك ليكون عند نومه على اكمل احواله وهي الطهارة وليكون ذكره لله عند نومه على طهارة وهي الحال الاكمل للمسلم في ذكره لله ثم وجه الى ان ينام المسلم على شقه الايمن وهي اكمل احوال المسلم في نومه ثم ارشده وهو على هذه الحالة الكاملة ان يبدأ في مناجاة ربه عز وجل بذلك الدعاء العظيم الذي ارشد اليه صلوات الله وسلامه عليه وقد قال صلى الله عليه وسلم في خاتمتي مبينا فضله وعظيم خيرا مترتب عليه قال فان مت مت على الفطرة اي على الاسلام فالاسلام هو دين الفطرة كما قال الله فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث انه قال وان اصبحت اصبت خيرا اي ان لم تمت من ليلتك تلك اصبت في الصباح خيرا ثوابا لك على عنايتك بهذا الدعاء وقد ارشد صلوات الله وسلامه عليه الى ان يجعل المسلم هذا الدعاء في اخر الدعوات والاذكار التي يقولها المسلم عند نومه لتكون هذه الكلمات اخر كلام المسلم عند نومه. ولهذا قال واجعلهن اخر ما تقول نسأل الله ان يوفقنا اجمعين لكل خير يحبه ويرضاه في الدنيا والاخرة وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته