بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن قيامه صلى الله عليه وسلم الليل عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا لم يصلي بالليل منعه من ذلك النوم او غلبته عيناه صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة اخرجه مسلم بهذا الحديث انه صلى الله عليه وسلم اذا نام عن صلاة الليل صلى في الضحى ثنتي عشرة ركعة لانه كان يصلي في الليل احدى عشرة ركعة فلا يوتر في النهار بل يشفع الوتر ويؤخذ من هذا الحديث ان من نام عن حزبه من الليل فانه يصليه في النهار ما بين طلوع الشمس الى الظهر وقت صلاة الضحى فاذا كان يوتر بسبع يصلي في الضحى بثمان واذا كان يوتر بتسع يصلي في الضحى عشرا واذا كان يوتر باحدى عشرة ركعة يصلي في الضحى ثنتي عشرة ركعة ومن فعل ذلك كتبت له كأنما قامها من الليل وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك ثم توضأ ثم قام يصلي فقمت معه فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمر باية رحمة الا وقف فسأل ولا يمر باية عذاب الا وقف فتعود ثم ركع فمكث راكعا بقدر قيامه ويقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ثم سجد بقدر ركوعه ويقول في سجوده سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ثم قرأ ال عمران ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك. اخرجه ابو داوود قوله كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك ثم توظأ كان من هديه صلى الله عليه وسلم انه يستاك قبل الوضوء وكذلك يستاك قبل الصلاة ففي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ولا حرج من الاستياك في المسجد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اما السواك في المسجد فما علمت احدا من العلماء كرهه بل الاثار تدل على ان السلف كانوا يستاكون في المسجد انتهى كلامه رحمه الله ومن الخطأ ان يشتغل المرء بالسواك حتى تفوته تكبيرة الاحرام قوله فبدأ فاستفتح البقرة اي بدأها من اولها فلا يمر باية رحمة الا وقف فسأل ولا يمر باية عذاب الا وقف فتعود اي يسأل الله عز وجل اذا مر باية فيها ذكر رحمة من نعيم او ثواب ونحو ذلك يقول اللهم اني اسألك من فضلك ثم يمضي في القراءة واذا مر باية فيها ذكر سخط او عذاب او عقوبة تعود بالله سبحانه وتعالى قائلا اللهم اني اعوذ بك من سخطك ومثل هذا انما يكون عند التدبر في معاني القرآن اما اذا كان المرء لا يتدبر الدلالات ولا يتأمل في المعاني فانه لا يحصل منه مثل ذلك وهذا الحديث دليل على مشروعية هذا العمل واستحبابه ولا سيما في صلاة النافلة وهو ان يقف عند الايات التي فيها ذكر العذاب ليتعوذ بالله من عذابه ويقف عند الايات التي فيها ذكر الرحمة ليسأل الله من فضله قوله ثم ركع فمكث راكعا بقدر قيامه اي قدر قراءة سورة البقرة كاملة ويقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة وهذا تسبيح عظيم يستحب للمسلم ان يقوله في ركوعه وفي سجوده وقوله سبحانه معناها التنزيه لله عن كل ما لا يليق به من النقائص والعيوب وعن مشابهة المخلوقات ومن اسماء الله الحسنى السبوح قوله ذي الجبروت من الجبر ومن اسماءه الحسنى الجبار اي ذي الجبروت فهو سبحانه الجبار الذي يجبر القلوب المنكسرة والجبار الذي يبطش باعدائه ويقسم ظهورهم قوله والملكوت اي ذي الملك ومن اسمائه الحسنى الملك هو الذي له ملك كل شيء قوله والكبرياء والعظمة وصفان لله عز وجل خاصان به فمن ادعى لنفسه العظمة او الكبرياء عذبه الله يوم القيامة قوله ثم سجد بقدر ركوعه اي سجد سجودا طويلا بقدر الركوع الذي ركع ويقول في سجودي سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة قوله ثم قرأ ال عمران اي انه صلى الله عليه وسلم لما قام للركعة الثانية قرأ سورة ال عمران كاملة ثم سورة سورة اي ثم قرأ سورة يفعل مثل ذلك في كل ركعة اي يركع بقدر القيام ويسجد بقدر الركوع ويجلس جلسة الاعتدال بقدر ذلك وفي رفعه من الركوع مثل ذلك وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قام احدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين اخرجه مسلم في هذا الحديث ان من اراد الصلاة من الليل بعد قيامه من النوم فانه يسن له ان يفتتح صلاته من الليل بركعتين خفيفتين فان ذلك انشط له في صلاته لما فيهما من طرد النوم والنعاس وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه انه قال لارمقن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فتوسدت عتبته او فسطاطه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم اوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة. اخرجه مسلم قوله رضي الله عنه لارمقن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيه حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه من الليل رغبة في التأسي به عليه الصلاة والسلام قول فتوسدت عتبته او فسطاطه والفسطاط الخيمة وهذا يدل ان رمقه لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في الحظر وانما كان في سفر وليس معه احدى زوجاته والا لم يكن زيد رضي الله عنه ليفعل ذلك قوله فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين هاتان الركعتان هما المشار اليهما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه المتقدم لقوله اذا قام احدكم من الليل فليفتتتح صلاته بركعتين خفيفتين قوله ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين كررها رضي الله عنه ثلاث مرات مبينا طول الركعتين فكان صلى الله عليه وسلم يطول في قيامه كما يأتي بيانه وهاتان الركعتان هما اطول ما كان منه صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل قال ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم اوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة اي ان طول الصلاة يبدأ يقل وينقص ذكر زيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة بدءا بالركعتين الخفيفتين وسبق نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما والجمع بين هذا وبين قول عائشة رضي الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة ان الاحدى عشرة ركعة التي ذكرت عائشة رضي الله عنها بدون هاتين الركعتين الخفيفتين وعن سعيد بن ابي سعيد المقبري عن ابي سلمة ابن عبد الرحمن انه اخبره انه سأل عائشة كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة يصلي اربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي اربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا قالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله اتنام قبل ان توتر فقال يا عائشة ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. متفق عليه قولها ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة لم تعد في هذا الركعتين الخفيفتين اللتين كان صلى الله عليه وسلم يفتتح بهما قيام الليل لانها فصلت فقالت يصلي اربع لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي اربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فلا يعارض هذا ما سبق من انه صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة قولها يصلي اربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي اربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن لكن الاربع الثانية اقصر من الاربعاء الاولى كما يوضح ذلك حديث زيد ابن خالد رضي الله عنه حيث قال وهما دون اللتين قبلهما قوله ان عيني تنامان ولا ينام قلبي اي انه صلى الله عليه وسلم وان نامت عيناه فقلبه مستيقظ وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل احدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة فاذا فرغ منها اضطجع على شقه الايمن. اخرجه البخاري ومسلم وبمعنى الحديث المتقدم انه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل احدى عشرة ركعة وقد اشار بعض اهل العلم هنا الى لطيفة وهي ان عدد ركعات صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل كان مساويا لعدد ركعات الصلاة المفروضة في النهار وهي الظهر اربعا والعصر اربعا والمغرب ثلاثا وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر ان صلاة المغرب وتر النهر وهذه الاحاديث تفيد ان الافضل هو التقيد بهذا العدد لا ان الزيادة عليه غير جائزة قد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال صلاة الليل مثنى مثنى فاذا خشي احدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى وهذا مطلق يدل على ان صلاة الليل لا تقيد بعدد وان كان العدد الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم افظل واكمل لكنه لا يدل على المنع من الزيادة عليه ونسأل الله الكريم ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته