بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن قيامه صلى الله عليه وسلم الليل عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل تسع ركعات. اخرجه الترمذي في جامعه وابن ماجة في سننه قولها كان يصلي من الليل تسع ركعات هذا في بعض احواله صلى الله عليه وسلم فلا يعارض ما تقدم عنها رضي الله عنها وعن غيرها انه كان صلى الله عليه وسلم يصلي احدى عشرة ركعة او انه يصلي ثلاثا عشرة ركعة وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه انه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم من الليل قال فلما دخل في الصلاة قال الله اكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ثم قرأ البقرة ثم ركع ركوعا نحوا من قيامه وكان يقول سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم ثم رفع رأسه فكان قيامه نحوا من ركوعه وكان يقول لربي الحمد لربي الحمد ثم سجد فكان سجوده نحو من قيامه وكان يقول سبحان ربي الاعلى سبحان ربي الاعلى ثم رفع رأسه فكان ما بين السجدتين نحوا من السجود وكان يقول ربي اغفر لي ربي اغفر لي حتى قرأ البقرة وال عمران والنساء والمائدة او الانعام شعبة الذي شك في المائدة والانعام اخرجه ابو داوود قوله فلما دخل في الصلاة قال الله اكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة. هذه كلها اوصاف تعظيم لله وهو صاحب الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة الملكوت من الملك والجبروت من الجبر هو سبحانه وتعالى الملك الجبار ثم قرأ البقرة اي كاملة ثم ركع ركوعا نحوا من قيامه وكان يقول سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم هذا فيه طول ركوعه صلى الله عليه وسلم وكان يكرر سبحان ربي العظيم تعظيما للرب لان الركوع محل تعظيم لله سبحانه وتعالى ويطوله حتى يكون نحوا من القيام ثم رفع رأسه فكان قيامه نحوا من ركوعه اي ان الاعتدال الذي بعد الركوع يقف فيه صلى الله عليه وسلم طويلا نحوا من الركوع وكان يقول لربي الحمد لربي الحمد ثم سجد فكان سجوده نحوا من قيامه وكان يقول سبحان ربي الاعلى سبحان ربي الاعلى ان يكرر ذلك في سجوده هذا الطويل ثم رفع رأسه فكان ما بين السجدتين نحو من السجود وكان يقول ربي اغفر لي ربي اغفر لي. حتى قرأ البقرة وال عمران والنساء والمائدة او الانعام وعن عائشة رضي الله عنها قالت قام رسول الله صلى الله عليه وسلم باية من القرآن ليلة اخرجه الترمذي فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قام باية واحدة من القرآن ليلة وجاء في مسند الامام احمد من حديث ابي ذر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى ليلة فقرأ باية حتى اصبح يركع بها ويسجد بها ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم وهذا يدل على مشروعية تكرار الاية الواحدة او السورة الواحدة في الركعة او في الليلة الواحدة قال ابن القيم رحمه الله فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها فاذا قرأه بتفكر حتى مر باية وهو محتاج اليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة فقراءة اية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وانفع للقلب وادعى الى حصول الايمان وذوق حلاوة القرآن وهذه كانت عادة السلف يردد احدهم الاية الى الصباح وعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال صليت ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل قائما حتى هممت بامر سوء قيل له وما هممت به قال هممت ان اقعد وادع النبي صلى الله عليه وسلم متفق عليه فيه بيان طول صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل ونظير ما تقدم في الاحاديث حديث زيد وعائشة وحذيفة رضي الله عنهم ومن فوائد هذا الحديث ان مخالفة الامام تعد من الامور السيئة ولهذا قال رضي الله عنه هممت بامر سوء وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فاذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين او اربعين اية قام فقرأ وهو قائم ثم ركع وسجد ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك متفق عليه فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو جالس لتعب او مرض او كبر او نحو ذلك فيقرأ عليه الصلاة والسلام وهو جالس ما يقرأه في قيامه حتى اذا بقي من الركعة مقدار ثلاثين اية او اربعين قام فاكمل القراءة ثم ركع وسجد وعن عبد الله ابن شقيق قال سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه فقالت كان يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا. فاذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم واذا قرأ وهو جالس ركع وسجد وهو جالس. اخرجه مسلم جوابها رضي الله عنها هنا يخالف الرواية المتقدمة عنها قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه فتح الباري وقد روى مسلم من طريق عبدالله ابن شقيق عن عائشة في صفة تطوعه صلى الله عليه وسلم وفيه وكان اذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم واذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد وهذا محمول على حالته الاولى قبل ان يدخل في السن جمعا بين الحديثين انتهى وصلاة الرجل القاعد على النصف من صلاة القائم لكن النبي صلى الله عليه وسلم مستثنى من ذلك فان صلاته قاعدا لا ينقص اجرها عن صلاته قائما لما رواه مسلم في صحيحه من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما انه قال حدثت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة قال فأتيته فوجدته يصلي جالسا فوضعت يدي على رأسه فقال ما لك يا عبد الله بن عمرو قلت حدثت يا رسول الله انك قلت صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة وانت تصلي قاعدا قال اجل ولكني لست كاحد منكم وعن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته قاعدا ويقرأ بالسورة ويرتلها حتى تكون اطول من اطول منها. اخرجه مسلم قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته قاعدا المراد بالسبحة هنا النافلة. فالنافلة تسمى سبحة لما فيها من التسبيح فمن باب تسمية الشيء ببعض اجزائه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نافلته قاعدا وذلك في اخر حياته عليه الصلاة والسلام لما ثقل قولها ويقرأ بالسورة ويرتلها حتى تكون اطول من اطول منها بسبب الترتيل والترسل تدبر فاذا مر باية فيها عذاب تعوذ بالله واذا مر باية فيها تسبيح سبح واذا مر باية فيها رحمة سأل الله من رحمته فتكون السورة بذلك اطول من التي اطول منها وعن عثمان ابن ابي سليمان ان ابا سلمة ابن عبدالرحمن اخبره ان عائشة اخبرته ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان اكثر صلاته وهو جالس فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اكثر صلاته وهو جالس وذلك عند قرب وفاته. لانه عليه الصلاة والسلام كبر وثقل هذا وان في قيام الليل فوائد عظيمة وثمارا جليلة يجنيها العبد اذا وفق للعناية بهذه العبادة فعن بلال رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم وقربة الى الله ومنهات عن الاثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد. رواه الترمذي قوله عليكم بقيام الليل اي التهجد فيه وقوله فانه دأب الصالحين اي عادتهم وشأنهم وطريقتهم وقربة الى الله اي اعظم ما يتقرب به الى الله ومنهاة عن الاثم اي عن ارتكابه قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وقال تعالى ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وقوله تكفير للسيئات اي مكفر للسيئات وساتر لها وقوله ومطردة للداء عن الجسد اي طارد ومبعد للداء عن البدن وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل متفق عليه ومقتضاه ان من كان يصلي من الليل يوصف بكونه نعم الرجل ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته