بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان صلاة الضحى لها مكانتها العظيمة وهي من جملة صلوات التطوع التي جاءت السنة بالحث عليها والترغيب في فعلها وبيان عظيم ثوابها فمن الاحاديث الواردة في بيان اهمية هذه الصلاة ما جاء في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال اوصاني خليلي بثلاث لا ادعهن حتى اموت صوم ثلاثة ايام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على وتر ففي هذا الحديث دليل على ان صلاة الضحى مما اوصى به النبي عليه الصلاة والسلام وما جاء في صحيح مسلم من حديث ابي ذر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامى من احدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وامر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتين يركعهما من الضحى وركعتا الضحى تجزئ صدقة عن هذه الاعضاء التي يطلب من كل مسلم كل يوم تطلع فيه الشمس ان يتصدق بصدقات بعددها ومعنى الحديث ان تركيب هذه العظام وسلامتها وسهولة حركتها من اعظم نعم الله على عبده فيحتاج كل عظم وكل مفصل منها الى صدقة يتصدق ابن ادم عنه ليكون ذلك شكرا لهذه النعمة وفي هذه الصلاة تتحرك الاعضاء كلها خاضعة متذللة لله فتكون مجزئة في شكر هذه النعمة العظيمة نعمة سلامة الاعضاء كذلك ما جاء في صحيح مسلم عن زيد ابن ارقم رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الاوابين حين ترمظ الفصال وهذا الوقت هو افضل اوقات اداء صلاة الضحى وذلك عندما تشتد حرارة الشمس وتبدأ الفصال وهي صغار الابل تحس بحرارتها ووقت صلاة الضحى يبدأ من طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح اي بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريبا ويمتد الى استواء الشمس في كبد السماء اي قبل الزوال بنحو ربع ساعة تقريبا وهذا كله وقت لها وقتها واسع ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله جملة من الاحاديث في فضل صلاة الضحى ثم قال وهذه الاحاديث الصحيحة وامثالها تبين ان الصلاة وقت الضحى حسنة محبوبة ان يزيد الرشك قال سمعت معاذة؟ قالت قلت لعائشة رضي الله عنها اكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت نعم اربع ركعات ويزيد ما شاء الله عز وجل اخرجه مسلم فيه بيان انه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى اربعا وانه يزيد من ركعات ما شاء الله على هذا العدد ولهذا اذا تيسر المسلم ان يصلي ركعتين او يصلي اربع ركعات او يصلي ست ركعات او ثمان ركعات فلا حرج عليه فكل ذلك جاءت به السنة وقد قيل ان اكثرها ثمان ركعات وقيل اكثرها ثنتا عشرة ركعة وقيل ليس لاكثرها حد بل للانسان ان يتنفل ما تيسر له في هذا الوقت وعن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى ست ركعات. رواه الترمذي فيه انها ست ركعات وهو لا يتعارض مع ما تقدم عن ام المؤمنين عائشة لانها قالت ويزيد ما شاء الله عز وجل فتصلى اربعا وتصلى ستا ويزاد فيها ما شاء الله وعن عبدالرحمن ابن ابي ليلى قال ما اخبرني احد انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى الا ام هانئ فانها حدثت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل فسبح ثماني ركعات ما رأيته صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قط اخف منها غير انه كان يتم الركوع والسجود. متفق عليه قولها فسبح ثماني ركعات اي صلى ثماني ركعات وهذا من تسمية الشيء ببعض افراده فتسمى الصلاة صبحة وتسمى سجدة وهذا العدد داخل في عموم قول عائشة رضي الله عنها ويزيد ما شاء الله قولها ما رأيته صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قط واخف منها غير انه كان يتم الركوع والسجود اي انه صلى الله عليه وسلم كان يخفف فيها الا انه كان يركع حتى يطمئن راكعا ويسجد حتى يطمئن ساجدا وهذا التخفيف خلاف صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل فانه كان يطيلها كما سبق البيان وعن عبد الله ابن شقيق قال قلت لعائشة اكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى الا ان يجيء من مغيبه. اخرجه مسلم قولها لا الا ان يجيء من مغيبه اي الا ان يكون جاء من سفر وهذا الحديث يخالف ظاهره الاحاديث التي تثبت صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى وقد قال اهل العلم الاحاديث التي جاءت في صلاة الضحى على ثلاثة اقسام القسم الاول الذي فيه الاثبات مطلقا كقول عائشة رضي الله عنها لما سئلت اكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت نعم اربع ركعات ويزيد ما شاء الله القسم الثاني الذي جاء مقيدا بمجيء من السهر قولها رضي الله عنها لا الا ان يجيء من مغيبه القسم الثالث النفي مطلقا كقولها رضي الله عنها وما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط. اخرجه البخاري وهذا يدل على انه صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على هذه الصلاة لهذا لم تره عائشة رضي الله عنها يصليها لكنه صلى الله عليه وسلم حث ابا هريرة رضي الله عنه على المداومة عليها ولهذا قال ابن تيمية رحمه الله فهل الافضل المداومة عليها كما في حديث ابي هريرة او الافضل ترك المداومة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم هذا مما تنازع فيه والاشبه ان يقال من كان مداوما على قيام الليل اغناه عن المداومة على صلاة الضحى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ومن كان ينام عن قيام الليل فصلاة الضحى بدل عن قيام الليل وعن ابي ايوب الانصاري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدمن اربع ركعات عند زوال الشمس فقلت يا رسول الله انك تدمن هذه الاربع ركعات عند الزوال الشمس فقال ان ابواب السماء تفتح عند زوال الشمس فلا ترتج حتى تصلى الظهر فاحب ان يصعد لي في تلك الساعة خير قلت افي كلهن قراءة؟ قال نعم قلت هل فيهن تسليم فاصل؟ قال لا. اخرجه احمد وابن ماجة قوله انك تدمن هذه الاربع ركعات عند زوال الشمس اي تداوم على اربع ركعات عند الزوال والمراد بقوله عند الزوال اي بعده كما في حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه الاتي كان يصلي اربعا بعد ان تزول الشمس قبل الظهر وهي راتبة الظهر القبلية فهذا الحديث والذي بعده يتعلقان بقبلية الظهر وليس بصلاة الضحى قوله ان ابواب السماء تفتح عند زوال الشمس فلا ترتج حتى تصلى الظهر اي لا تغلق ابواب السماء في هذا الوقت بل تكون مفتوحة حتى تصلى الظهر ففي هذا حث على المحافظة على الاربع الركعات التي تكون بعد زوال الشمس الى اقامة صلاة الظهر قال فاحب ان يصعد لي في تلك الساعة خير والصلاة من اعظم الخير واجله قوله قلت افي كلهن قراءة اي هل في كل الركعات قراءة؟ قال نعم ان يقرأ الفاتحة ويقرأ بعدها ما تيسر قلت هل فيهن تسليم؟ فاصل؟ قال لا هذا يفيد انها تصلى بدون تسليم فاصل. والصواب ان تصلى بتسليم فاصل لعدم ثبوت هذا اللفظ ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى اخرجه الترمذي وغيره وعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي اربعا بعد ان تزول الشمس قبل الظهر وقال انها ساعة تفتح فيها ابواب السماء فاحب ان يصعد لي فيها عمل صالح اخرجه الترمذي وهذا بمعنى حديث ابي ايوب الانصاري المتقدم وفيه ما يدل صراحة على ان الاربع التي كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم هي راتبة الظهر القبلية وفيه الحث على صلاة هذه الاربع ركعات قبل صلاة الظهر وعن علي رضي الله عنه انه كان يصلي قبل الظهر اربعا وذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها عند الزوال ويمد فيها قوله ويمد فيها اي يطيل فيها القراءة ويطيل الركوع والسجود ذكر فضل صلاة التطوع في البيت وصلاة التطوع في البيت افضل من صلاتها في المسجد ولو كان المسجد احد المساجد الثلاثة التي يضاعف فيها الاجر والصلاة في البيوت حياة لها واذا خلت من ذلك فهي ميتة ولهذا يستحب للمسلم ان يجعل صلاته النافلة في بيته اما الفرض فيجب ان يصليها في المساجد مع جماعة المسلمين ومن فوائد صلاة النفل في البيت انها تحرك في الصغار من البنين والبنات الرغبة في الصلاة وتطرد من البيت الشياطين وبها تحصل الطمأنينة في البيت والخير والبركة وغير ذلك من الثمار وقد ورد في ذلك احاديث منها ما جاء في صحيح البخاري من حديث زيد ابن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال صلوا ايها الناس في بيوتكم فان افضل الصلاة صلاة المرء في بيته الا المكتوبة وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا وفي الباب احاديث اخرى سوى ما ذكر ففيها بيان ان صلاة الرجل النافلة في بيته افضل حتى لو كان بيت الانسان ملاصق للمسجد ولا يكلفه الذهاب الى المسجد جهدا فان صلاة النافلة في البيت افضل اما المكتوبة فان اداءها في المسجد افضل بل هي واجبة على الرجال كما دلت على ذلك دلائل كثيرة في الكتاب والسنة ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته