بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم عن معاذة قالت قلت لعائشة رضي الله عنها اكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة ايام من كل شهر قالت نعم قلت من ايه كان يصوم قالت كان لا يبالي من ايه صام اخرجه مسلم فيه انه لا حرج على العبد في الثلاثة ايام المستحب صيامها من كل شهر ان يصومها في اي وقت من الشهر من اوله او من وسطه او من اخره مجتمعة او متفرقة ولهذا قالت رضي الله عنها كان لا يبالي من ايه صام وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وامر بصيامه فلما افترظ رمظان كان رمظان هو الفريظة وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه. اخرجه البخاري ومسلم يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم وصيامه صيام شكر لله سبحانه وتعالى لانه اليوم الذي نجى الله سبحانه وتعالى فيه موسى وقومه واهلك فرعون وقومه فصامه موسى عليه السلام شكرا لله سبحانه وتعالى وصامه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون شكرا لله سبحانه وتعالى قولها كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية لعل صيام عاشوراء في الجاهلية عند قريش من الامور التي بقيت عندهم مما لم يتبدل من دين ابراهيم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه اي استمر على صيامه وامر بصيامه وجاء في الصحيح وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ما يوضحه هذا الامر فقال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ما هذا قالوا هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني اسرائيل من عدوهم فصامه موسى قال فانا احق بموسى منكم فصامه وامر بصيامه قولها وامر بصيامه يدل على ان صيام يوم عاشوراء في بدء الامر كان على سبيل ايجاب لان الامر يقتضي الوجوب فلما افترظ رمظان كان رمضان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء اصابه ومن شاء تركه فصار صيام يوم عاشوراء بعد فرض رمضان مستحبا وليس فرضا والسنة في صيام عاشوراء ان يصام اليوم التاسع معه مخالفة لليهود لما رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لئن بقيت الى قابل لاصومن التاسع وعن القمة قال سألت عائشة رضي الله عنها اكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص من الايام شيئا قالت كان عمله ديمة وايكم يطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق اخرجه مسلم اخرجه البخاري ومسلم هذا الحديث حديث عام في سائر العبادات ولا يختص بباب الصيام والمقصود من ايراده بيان مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ما كان يصومه من تطوع اذ كان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة ان يداوم على العمل الذي يفعله قول علقمة في سؤاله لعائشة اكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص من الايام شيئا اي هل كان صلى الله عليه وسلم يخص يوما من الايام بشيء من تطوع الصلاة او تطوع الصيام او اي نوع من تطوع العبادات قالت كان عمله ديمة اي اذا عمل عملا داوم عليه واحب العمل الى الله ادومه وان قل فالمداومة على العمل القليل والاستمرار عليه خير من العمل الكثير الذي يفعله الانسان مرة او مرتين ثم ينقطع ولهذا ينبغي على المسلم في باب التطوع ان ينظر من العمل ما يطيق حتى لا يمل من عبادة الله فان الله لا يمل حتى يمل العبد قولها وايكم يطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق اي ان الله عز وجل من على نبيه بالصبر والمرابطة والمجاهدة ما لا يطيقه غيره فكان اكمل عباد الله عز وجل عبودية لله ومداومة على العمل واحسانا فيه وخشوعا واقبالا على الله جل وعلا وعن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة فقال من هذه قلت فلانة لا تنام الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم من الاعمال ما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان احب ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يداوم عليه صاحبه. اخرجه البخاري ومسلم قولها دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة قيل اسمها الحولاء وانها من رهط ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها فقال من هذه قلت فلانة لا تنام الليل اي انها تمضي ليلها قائمة لله سبحانه وتعالى فلا تنام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم من الاعمال ما تطيقون لان الجسم مهما نشط للطاعة فانه يلحقه النصب والتعب بيحتاج الى راحة فلا يحمل الانسان جسمه ما لا يطيق وبعض الناس في بداية استقامته يحمل نفسه ما لا يطيق ثم بعد ايام يبدأ يحس ان ذلك ثقيل عليه فينقطع المناسب في باب النوافل ان يأخذها بحسب ما يطيق ويتدرج في ذلك حتى يزداد من الخير ويستكثر منه قوله فوالله لا يمل الله حتى تملوا وقاعدة اهل السنة في هذا الباب امرار ما جاء عن الله وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يضيفه الله الى نفسه كما جاء مع تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات فالله عز وجل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فالقول في قوله صلى الله عليه وسلم لا يمل الله حتى تملوا كالقول في نحو قوله تعالى الله يستهزئ بهم وقوله سبحانه وتعالى سخر الله منهم ونحو ذلك مما هو من باب الجزاء على وجه المقابلة قوله وكان احب ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يداوم عليه صاحبه العمل الذي يداوم عليه صاحبه وان قل احب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمل كثير الذي ينقطع عنه صاحبه وعن ابي صالح قال سألت عائشة وام سلمة اي العمل كان احب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالتا ما دين عليه وان قل؟ اخرجه الترمذي وهو بمعنى ما سبق وهو يعد قاعدة عظيمة في باب التطوع وهي ان يأخذ من العبادات ما يقدر على الاستمرار عليه ذكر ما جاء في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد بقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم اي للقرآن الكريم من حيث رفع الصوت بالقراءة او الاصرار بها ومن حيث الوقف والمدود ومن حيث الترتيل ومن حيث تحسين الصوت وغير ذلك من الامور المتعلقة بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم عن يعلى ابن مملك انه سأل ام سلمة رضي الله عنها عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا. اخرجه الترمذي في هذا الحديث صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الاداء فقولها فاذا هي تنعت قراءة مفسرة اي تصف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم انها قراءة مفسرة وتوصف القراءة بانها مفسرة اي اذا كانت عن تأن وترسل ووقوف في المواضع المناسبة للوقف وسميت مفسرة لانها تعين القارئ والسامع على الفهم والتدبر وهو المقصود الاعظم من انزال القرآن الكريم فما انزله الله على عباده الا ليتدبروا اياته ويفهموا مراد الله تعالى منه قوله حرفا حرفا هذا توضيح لقولها مفسرة. والمعنى انه صلى الله عليه وسلم كان يترسل في اخراج الحروف والكلمات فتكون واضحة بينة فتفهم وعن قتادة قال قمت لانس بن مالك رضي الله عنه كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مدا اخرجه البخاري قوله مدا اي كانت قراءته مدا ومعناه انه صلى الله عليه وسلم كان يمد ما يحتاج الى مد وهذا تفسير لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض صفاتها فقرائته صلى الله عليه وسلم لها اوصاف عديدة اكتفى انس رضي الله عنه بذكر المد وعن ام سلمة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته يقول الحمد لله رب العالمين ثم يقف ثم يقول الرحمن الرحيم ثم يقف وكان يقرأ مالك يوم الدين اخرجه الترمذي قولها كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته اي يجزئها فيقف على رأس كل اية لذلك قالت يقول الحمد لله رب العالمين ثم يقف ثم يقول الرحمن الرحيم وكان يقرأ ما لك يوم الدين وهذا يعين على الفهم والتدبر وعن عبد الله ابن ابي قيس قال سألت عائشة عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم اكان يسر بالقراءة ام يجهر قالت كل ذلك قد كان يفعل قد كان ربما اسر وربما جهر فقلت الحمد لله الذي جعل في الامر سعة قوله سألت عائشة عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم اكان يسر بالقراءة ام يجهر اورده الترمذي رحمه الله في كتابه الجامع بلفظ سألت عائشة كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل فقيد القراءة بالليل اثناء تهجده صلى الله عليه وسلم قالت كل ذلك قد كان يفعل ثم وضحت ذلك بقولها قد كان ربما اسر وربما جهر اي انه صلى الله عليه وسلم اذا كان في قراءته في التهجد فمرة يجهر بها فيرفع صوته بقدر يسمعه من كان قريبا منه ولا يرفعه عاليا ويسر بها اخرى فلا يسمعها احد ولو كان قريبا منه قوله فقلت القائل عبد الله ابن ابي قيس الحمد لله الذي جعل في الامر سعة اي جعل الامر لنا واسعا ان شئنا جهرنا بالقراءة في صلاة الليل وان شئنا اسررنا بها. فكلا الامرين مشروع والاولى ان يفعل المرء في كل مرة الاقرب لخشوعه وللحديث عن قراءته صلى الله عليه وسلم صلة. ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير. انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته