بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم وانه كان كفافا فلم يكن صلى الله عليه وسلم يهتم للدنيا وانما كان اهتمامه للاخرة وكان يكتفي من الطعام والزاد ما فيه البلغة والكفاية عن سماك ابن حرب قال سمعت النعمان ابن بشير رضي الله عنهما يقول الستم في طعام وشراب ما شئتم لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه قوله الستم في طعام وشراب ما شئتم اي وصلتم الى حال من العيش بان اي شيء ترغبونه وتشتهونه من الطعام والشراب تجدونه متيسرا لكم لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه الدقل هو التمر الرديء اي انه صلى الله عليه وسلم لا يجد من التمر الرديء ما يملأ بطنه فكيف بجيده فظلا عن اجوده وعن عائشة رضي الله عنها قالت ان كنا ال محمد نمكث شهرا ما نستوقد بنار ان هو الا التمر والماء. اخرجه البخاري ومسلم وهو نظير الحديث المتقدم وهذا كله يدل دلالة بينة على هوان الدنيا على الله سبحانه والا فان اشرف عباد الله وافضلهم واكملهم واعظمهم عبودية لله سبحانه وتعالى هو محمد صلى الله عليه وسلم ولولا هوانها عنده لخصه صلى الله عليه وسلم بها وعن ابي طلحة قال شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه عن حجرين اخرجه الترمذي وسنده فيه مقال لكن معناه صحيح تشهد له احاديث اخرى صحيحة من ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن جابر رضي الله عنه انه قال ان يوم الخندق نحفر فعرظت كدية شديدة فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هذه كدية عرظت في الخندق فقال انا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة ايام لا نذوق ذواقا قوله شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر اي كل واحد منا ربط بطنه بحجر من الجهد والضعف من اجل ان يسكن الجوع والانسان كما هو معلوم اذا اشتد به الجوع فانه يضغط بيده على بطنه فيحس ان الجوع قد خف فكان الصحابة رضي الله عنهم تطول بهم فترة الجوع احيانا فلا يكفي عندئذ الظغط على البطن باليد فكان الواحد منهم يأخذ حجرا ويشده على بطنه فلما اشتد بهم الجوع جاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم يشتكون اليه الجوع فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه عن حجرين من شدة الجوع وعن قيس ابن ابي حازم قال سمعت سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه يقول اني لاول رجل اهراق دما في سبيل الله عز وجل واني لاول رجل رمى بسهم في سبيل الله لقد رأيتني اغزو في العصابة من اصحاب محمد عليه الصلاة والسلام ما نأكل الا ورقة الشجر والحبلة حتى تقرحت اشداقنا وان احدنا ليضع كما تضع الشاة والبعير واصبحت بنو اسد يعزرونني في الدين لقد خبت وخسرت اذا وظل عملي. اخرجه البخاري ومسلم قوله اني لاول رجل اهراق دما في سبيل الله يعني اول دم اهراق في سبيل الله كان على يديه رضي الله عنه وقوله واني لاول رجل رمى بسهم في سبيل الله وهذه اولية اخرى له رضي الله عنه فاول سهم رمي في سبيل الله كان بيده رضي الله عنه وتقديمه رضي الله عنه بهذه المقدمة ليس من باب التفاخر واطراء النفس وانما قال ذلك في مقام الذب عن نفسه وعن عرضه قوله ولقد رأيتني اغزو في العصابة من اصحاب محمد عليه الصلاة والسلام ما نأكل الا ورق الشجر والحبلة الحب له نوع من الشجر يقول مر علينا وقت نغزو فيه مع النبي صلى الله عليه وسلم ونذهب في سرايا يبعثها النبي صلى الله عليه وسلم نمضي جياعا ما نجد شيئا نأكله الا ورق الشجر حتى تقرحت اشتاقنا اي اصابها القروح من هذه الاوراق التي نأكلها قوله وان احدنا ليضع كما تضع الشاة والبعير اي اذا قظى احدنا حاجته اخرج من الفضلات ما تشبه فضلات الشاة والبعير لانه اكل مثلما اكلت قوله اصبحت بنو اسد يعزرونني في الدين وفي رواية يعزرونني وفي اخرى تعزرني ان يقومونني ويعلمونني ويوبخونني باني لا احسن الصلاة لانهم كانوا وسوا به عند عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقالوا ان سعدا ما يحسن الصلاة فاضطر ان يقول ما يبين فضله وسابقته في الخير رضي الله عنه قد جاء في صحيح البخاري عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال شكى اهل الكوفة سعدا الى عمر رضي الله عنهما فعزله واستعمل عليهم عمارا فشكوا حتى ذكروا انه لا يحسن ان يصلي فارسل اليه فقال يا ابا اسحاق ان هؤلاء يزعمون انك لا تحسن تصلي قلبوا اسحاق اما انا والله فاني كنت اصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اخرم عنها اصلي صلاة العشاء فاركد في الاوليين واخفف في الاخريين قال ذاك الظن بك يا ابا اسحاق قوله لقد خبت وخسرت اذا وضل عملي. يعني اذا كنت لا احسن الصلاة التي هي عماد الدين خسرت اذا وبطل ونستفيد من هذا ان الوساية الكاذبة لها دور خطير في الاضرار بالمجتمع وهي سلاح من لا سلاح له. وحجة من افلس من الحجج وعادة اهل البدع والضلال اذا ارادوا انتقاص احد من اهل العلم والفضل اشاعوا في الناس عنه وشايات كاذبة تنفر الناس عنه وتصرفهم عن الاقبال عليه وكثير من اهل العلم والفضل بلوا بشيء من ذلك وعن حميد بن هلال عن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة ابن غزوان رضي الله عنه فحمد الله واثنى عليه ثم قال اما بعد فان الدنيا قد اذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء يتصابها اصحابها وانكم منتقلون منها الى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فانه قد ذكر لنا ان الحجر يلقى من شفة جهنم فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قعرا والله لتملأن افعجبتم ولقد ذكر لنا ان ما بين مصراعين من مصاريع الجنة. مسيرة اربعين سنة وليأتين عليها يوم وهي كظيظ من الزحام ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام الا ورق الشجر حتى قرحت اشتاقنا فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها فما اصبح اليوم منا احد الا اصبح اميرا على مصر من الامصار واني اعوذ بالله ان اكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا وانها لم تكن نبوة قط الا تناسخت حتى تكون اخر عاقبتها ملكا فستخبرون وتجربون الامراء بعدنا. رواه مسلم الاشتاق جمع صدق وهو طرف الفن اي اصاب اطراف افواههم قروح بسبب هذه الاوراق التي يأكلونها قوله فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد ابن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها اي قسمها بينه وبين سعد الحاجة الشديدة التي كانوا عليها قسمها نصفين نصفا له ونصفا لسعد قال فما اصبح اليوم منا احد الا اصبح اميرا على مصر من الامصار يذكر النعمة التي ال اليها امرهم بعد تلك الحال من الشظف والشدة وقلة العيش والجهد وعن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد اخفت في الله وما يخاف احد ولقد اوذيت في الله وما يؤذى احد ولقد اتت علي ثلاثون من بين ليلة ويوم ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد الا شيء يواريه ابط بلال. اخرجه الترمذي قوله لقد اخفت في الله وما يخاف احد اي في سبيل الله وفي سبيل الدعوة الى دينه ونصرة الحق والهدى وقوله ولقد اوذيت في الله وما يؤذى احد اي اوذي عليه الصلاة والسلام في سبيل الله وفي سبيل الدعوة الى دينه وما يؤذى احد ولقد اتت علي ثلاثون من بيني ليلة ويوم ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد هذا ذكره للتأكيد اي انه لا يجد طعاما يأكله صاحب كبد قوله الا شيء يواريه ابط بلال اي الا شيئا قليلا يخفيه ابط بلال رضي الله عنه وهذا كله نتيجة التضييق من قومه عليه صلوات الله وسلامه عليه ليكف عن المظيف الدعوة الى الله. لكنه صلى الله عليه وسلم مضى صابرا مجاهدا محتسبا حتى اظهر الله به الدين وعن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبز ولحم الا على صافي اخرجه احمد في المسند قال عبدالله قال بعضهم هو كثرة الايدي رواه الترمذي. اي لم يحصل ان اجتمع له غداء وعشاء على خبز ولحم. الا على ظفف. قال عبد الله شيخ الترمذي في تفسير ظفف قال بعظهم هو كثرة الايدي كوجود اظياف مثلا وعن سعد ابن ابراهيم عن ابيه قال اوتي عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه يوما بطعامه فقال قتل مصعب بن عمير وكان خيرا مني فلم يوجد له ما يكفن فيه الا بردة وقتل حمزة او رجل اخر خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه الا بردة لقد خشيت ان يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا ثم جعل يبكي رواه البخاري سبب بكائه الخوف مما يترتب على السعة في الدنيا وانها ربما تكون طيبات الانسان عجلت له في حياته الدنيا ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه من سديد الاقوال وصالح الاعمال انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين