بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عما جاء في عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها احد فاتاه ابو بكر رضي الله عنه فقال ما جاء بك يا ابا بكر قال خرجت القى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانظر في وجهه والتسليم عليه فلم يلبث ان جاء عمر فقال ما جاء بك يا عمر قال الجوع يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم وانا قد وجدت بعض ذلك فانطلقوا الى منزل ابي الهيثم ابن التيهان الانصاري. رضي الله عنه وكان رجلا كثير النخل والشاء ولم يكن له خدم فلم يجدوه فقالوا لامرأته اين صاحبك فقالت انطلق يستعذب لنا الماء فلم يلبثوا ان جاء ابو الهيثم بقربة يزعبها فوضعها ثم جاء يلتزم النبي صلى الله عليه وسلم ويفديه بابيه وامه ثم انطلق بهم الى حديقته فبسط لهم بساطا ثم انطلق الى نخلة فجاء بقنو فوضعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم افلا تلقيت لنا من رطبه؟ فقال يا رسول الله اني اردت ان تختاروا او تخيروا من رطبه وبشره فاكلوا وشربوا من ذلك الماء فقال صلى الله عليه وسلم هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ظل بارد ورطب طيب وماء بارد فانطلق ابو الهيثم ليصنع لهم طعاما فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تذبحن ذات ذر فذبح لهم عناقا او جديا فاتاهم بها فاكلوا فقال صلى الله عليه وسلم هل لك خادم؟ قال لا قال فاذا اتانا سبي فاتنا فاتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث فاتاه ابو الهيثم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اختر منهما فقال يا رسول الله اختر لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان المستشار مؤتمن خذ هذا فاني رأيته يصلي واستوصي به معروفا فانطلق ابو الهيثم الى امرأته فاخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت امرأته ما انت ببالغ حق ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الا بان تعتقه قال فهو عتيق فقال صلى الله عليه وسلم ان الله لم يبعث نبيا ولا خليفة الا وله بطانة بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوق بطانة السوء فقد وقي اخرجه الترمذي وابو داوود وابن ماجة قوله خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها احد هل هذه الساعة من الليل او من النهار لم يبين لكن السياق يدل والله تعالى اعلم انها ساعة من النهار كما سيأتي ما يدل قوله فاتاه ابو بكر رضي الله عنه وكان ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم ملازمة تامة في الحظر والسفر فقال ما جاء بك يا ابا بكر قال خرجت القى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانظر في وجهه والتسليم عليه اي انه خرج في هذه الساعة يريد ملاقاة النبي عليه الصلاة والسلام وهذا فيه حرص الصحابة الشديد رضي الله عنهم على ملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم. وكثرة النظر اليه ومجالسته وسماع حديثه قوله فلم يلبث ان جاء عمر فقال ما جاء بك يا عمر قال الجوع يا رسول الله اي لم يمكث وقتا طويلا الا وقد جاء عمر جاء به رضي الله عنه الجوع قال صلى الله عليه وسلم وانا قد وجدت بعض ذلك اي الجوع ولا حاجة الى التكلف بصرف هذا المعنى الى معان بعيدة هربا من اثبات الجوع في حقه عليه الصلاة والسلام فانطلقوا الى منزل ابي الهيثم ابن التيهان الانصاري وكان رجلا كثير النخل والشاء قد وسع الله عز وجل عليه بالمال وعنده حائط نخل واغنام ولم يكن له خدم اي لم يكن عنده خادم فلم يجدوا فقالوا لامرأتي اين صاحبك فقالت انطلق يستعذب لنا الماء اي حمل قربة وذهب ليأتي لنا بالماء العذب فلم يلبثوا ان جاء ابو الهيثم بقربة يزعمها اي يحملها فوضعها ثم جاء يلتزم النبي صلى الله عليه وسلم اي يعتنقه ويضمه فرحا بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم الى محله ويفديه بابيه وامه ان يقول افديك بابي وامي يا رسول الله ثم انطلق بهم الى حديقته والحديقة هي البستان قيل سميت بذلك لانها في الغالب تحدق بسور اي تحاط به من جوانبها فبسط لهم بساطا اي وضع لهم على الارض فراشا يجلسون عليه ثم انطلق الى نخلة فجاء بقنو فوضعه اي جاء بعذق كامل فيه الرطب والبلح وضعه امام النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم افلا تلقيت لنا من رطبه اي ما كان هناك حاجة ان تقص القنوة كاملا من النخلة لو انتقيت لنا بعض الرطب لكفى فقال يا رسول الله اني اردت ان تختاروا او تخيروا من رطبه وبسره واذا كان القن كاملا بين يدي الانسان ينتقي منه ما احب فهو اشهى والذ مما لو انتقي له بعضه قول فاكلوا وشربوا من ذلك الماء اي العذب الذي جاء به في القربة فقال صلى الله عليه وسلم هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة. فل بارد ورطب طيب وماء بارد كما قال الله سبحانه وتعالى ثم لتسألن يومئذ عن النعيم فالنعيم هو كل شيء يتنعم به الانسان ويهنأ به في هذه الدنيا من طعام او شراب او فراش او لباس او صحة في بدن او غير ذلك كل ذلكم يسأل عنه يوم القيامة واذا تهيأ للانسان الظل البارد الذي يستظل به من حرارة الشمس فهذا نعيم فكيف معاشر الاحبة الكرام بالمكيفات التي تملأ اجواء البيوت برودة في الصيف القائض الشديد واذا خرج المرء من بيته وركب سيارته فاذا ايضا اجواؤها باردة واذا جاء الى المسجد دخل ايضا في اجواء باردة فهذا من النعيم الذي يسأل عنه العباد يوم القيامة لان هذا النعيم سخره الله سبحانه وتعالى للعبد ليستعمله في طاعة الله فان استعمله في طاعة الله وحمده سبحانه وتعالى عليه واعترف انه من الله كان بذلك شاكرا للنعمة قوله فانطلق ابو الهيثم ليصنع لهم طعاما اي ليطبخ لهم طعاما يأكلونه لان الذي اكلوا من الرطب من باب الفاكهة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تذبحن ذات ذر اي لا تذبح شاة حلوبا حتى تبقى ليستفاد من حليبها فذبح لهم عناقا او جديا. العناق هي الانثى الصغيرة من الماعز والجدي الذكر الصغير من الماعز فاتاهم بها فاكلوا اي طبخها وانضجها وهيأها واتى بها الى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فاكلوا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل لك خادم؟ قال لا والسؤال هو من اجل مكافئته على هذا الصنيع قال فاذا اتانا سبي فاتنا فاتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث اي اوتي النبي صلى الله عليه وسلم مرة برجلين سبيا من العدو ليس معهما ثالث فاتاه ابو الهيثم لان النبي صلى الله عليه وسلم وعده ان جاءه سبي ان يأتيه فجاء على الموعد فقال النبي صلى الله عليه وسلم اختر منهما خيره ان ينظر في هذين الرجلين ويختار منهما الاحب اليه فقال يا رسول الله اختر لي رغب ان يكون الاختيار من النبي عليه الصلاة والسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان المستشار مؤتمن اي من استشاره ائتمنه ان يكون ناصحا وهذه قاعدة في باب الاستشارة مهمة للغاية. يجب ان تكون على بال الانسان عندما يستشار ان المستشار مؤتمن اي قد ائتمنك من استشارك واطمأن لنصحك وامانتك ورأيك فينبغي ان تكون ناصحا له وان تؤدي ما تستوجبه الامانة من نصيحة قوله صلى الله عليه وسلم خذ هذا فاني رأيته يصلي اختار له النبي صلى الله عليه وسلم احد الرجلين لانه رآه يصلي وفي هذا ان اول ما ينبغي ان يهتم به في الاستشارة على الاشخاص بالنكاح او الوظائف الصلاة لانها مفتاح الخير فمن حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها اضيع قوله واستوص به معروفا لم يحدد له نوعا من المعروف ليتناول كل معروف قول فانطلق ابو الهيثم الى امرأته فاخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه يريد ان يتشاور معها كيف يتعاملون مع هذا الخادم في ضوء هذه الوصية العظيمة فقالت امرأة ما انت ببالغ حق ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الا بان تعتقه تقول له لا يمكن ان تبلغ حق ما اوصاك به النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الرجل الا ان تعتقه تأمل عنده مزرعة وفيها نخل واشجار تحتاج الى عمل وعنده ايضا ماشية تحتاج الى عناية وهو ايضا في مهمة اهله يستعذب لهم الماء ويسعى في الاتيان بحاجات البيت وليس عنده من يخدمه ثم يأتي هذا الخادم الذي اختاره له النبي صلى الله عليه وسلم فاذا زوجته الصالحة الناصحة تقول له ذلك فبادر دون تفكر او تردد او توقف وقال فهو عتيق وعطف بحرف الفاء التي تفيد الفورية وهذا فيه حرص الصحابة رضي الله عنهم الشديد على الخير ومسارعتهم اليه قوله فقال صلى الله عليه وسلم ان الله لم يبعث نبيا ولا خليفة الا وله بطانة بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوقى بطانة السوء فقد وقي فاذا كان عند الانسان بطانة خير فانه باذن الله يأمن جانبه في الدلالة لانه لا يدله الا الى خير لكن اذا كان عنده بطانة شر لا تألوه خبالا اي لا تبالي ان توقعه في الشر والفساد قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لان ابا الهيثم رظي الله عنه قد وفق بهذه الزوجة الصالحة والمرأة الناصحة التي كانت نعم البطانة لزوجها وبعلها قوله ومن يوق بطانة السوء فقد وقي اي اذا اكرم الله سبحانه وتعالى الوالي والامير والحاكم والرئيس بان وقعه بطانة السوء فقد وقي الشر والخبال والفساد ولهذا نجد ائمة المساجد من اهل الفضل يحرصون في خطبة الجمعة على الدعاء لولاة الامر ببطانة الخير يقولون في دعائهم وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وهذا من خير الدعاء وانفعه لولاة الامر. لان الوالي اذا كان خيرا والبطانة فاسدة اضرت به واذا كانت صالحة انتفع بذلك انتفاعا عظيما ونسأل الله عز وجل التوفيق لكل خير. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته