بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ما جاء في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم اي عدد السنوات التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء في بعض الاحاديث انه صلى الله عليه وسلم عاش ستين سنة وفي بعضها ان عمره صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة وفي بعضها ان له صلى الله عليه وسلم خمسا وستين سنة فما تحقيق القول في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى اليه وبالمدينة عشرا وتوفي وهو ابن ثلاث وستين. اخرجه البخاري ومسلم في هذا الحديث تفصيل مراحل حياته صلى الله عليه وسلم حيث مكث في مكة اربعين سنة اي قبل ان يبعث ثم بعث صلى الله عليه وسلم على رأس الاربعين لا خلاف في ذلك بين اهل العلم كما انهم ايضا اتفقوا على انه صلى الله عليه وسلم عاش في المدينة بعد ان هاجر اليها عشر سنوات وانما اختلفوا في مدة مكثه في مكة ما بين البعثة والهجرة والصحيح هو ما جاء في هذه الرواية وغيرها انها كانت ثلاث عشرة سنة فيكون مجموع سني حياته صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين سنة وهذا الذي قرره ابن عباس رضي الله عنه هنا فقال وتوفي وهو ابن ثلاث وستين وهو الاكثر والاصح والاشهر في تقرير عمر النبي صلى الله عليه وسلم وعن جرير عن معاوية انه سمعه يخطب قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وابو بكر وعمر وانا ابن ثلاث وستين. اخرجه مسلم وهو بمعنى الحديث السابق في بيان سن النبي صلى الله عليه وسلم وانه ثلاث وستون سنة وزاد بانه سن ابي بكر وعمر وهي كذلك سن معاوية عند خطبته تلك رضي الله عنه ولعله توقع تلك السنة ان تكون وفاته فيها لكنه عاش الى ان بلغ رضي الله عنه ثمانين سنة تقريبا وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو ابن ثلاث وستين سنة اخرجه البخاري ومسلم وهو مطابق لما جاء في حديث معاوية وحديث ابن عباس رضي الله عنهم في تحديد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وعن خالد الحداء قال انبأنا عمار مولى بني هاشم قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين اخرجه مسلم وهذه الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما تخالف روايته الاولى والمعتمد عنه رضي الله عنه كما قرر اهل العلم هو المذكور في الرواية الاولى التي فيها ان النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين وما جاء خلاف ذلك عنه رضي الله عنه فهو شاذ وعن ربيعة بن ابي عبدالرحمن انه سمع انس بن مالك رضي الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالابيض الامهق ولا بالادم ولا بالجعد القطط ولا بالسبط بعثه الله تعالى على رأس اربعين سنة فاقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء هذه الرواية فيها ان عمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه ستون سنة لكن الصحيح ان هذا فيه الغاء الكسر في العدد من بعظ الرماة ويؤيد هذا ان الامام مسلما روى عن انس رضي الله عنه ما يوافق قول الجمهور حيث قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين ذكر ما جاء في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلكم الخطب الجسيم والفاجعة العظيمة والمصيبة الكبرى التي فجع بها الناس واصيبوا بها فانها اعظم المصائب واكبرها وقلوب الصحابة رضي الله عنهم ونفوسهم الطيبة التي اكرمها الله سبحانه وتعالى بمصاحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ومرافقة وسماع حديثه اشتدت عليها هذه المصيبة العظيمة حتى ان بعضهم شك في الخبر اصلا فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه اول ما ذكر له هذا الخبر من قال ان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ضربته بالسيف حتى تقدم الصديق رضي الله عنه من بين هذه الجموع في المسجد ووقف امام الناس وخطب خطبة عظيمة ثبت الله بها القلوب المؤمنة وبصر بها نفوس العباد فحمد الله واثنى عليه ثم تلا قول الله تعالى انك ميت وانهم ميتون حتى فرغ من الاية بتمامها ثم تلا قول الله تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم حتى فرغ من الاية بتمامها ثم قال مقالته المشهورة وكلمته العظيمة من كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات يقول عمر رضي الله عنه وان هذه الاية لفي كتاب الله ما شعرت انها في كتاب الله وجاء في بعض الروايات انه ما يسمع بشر الا يتلوها اي في المدينة انذاك ووعى الناس الخبر وعلموا الحقيقة وشعروا بهذا المصاب العظيم مصابهم بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو اعظم مصاب واكبره ولهذا قال عليه الصلاة والسلام اذا اصيب احدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فانها المصائب عنده عن انس بن مالك رضي الله عنه قال اخر نظرة نظرتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف الستارة يوم الاثنين فنظرت الى وجهه كانه ورقة مصحف والناس خلف ابي بكر اي يصلون فاشار الى الناس ان اثبتوا وابو بكر يؤمهم والقى السجف وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم من اخر ذلك اليوم اخرجه البخاري مسلم هذا الحديث فيه ان وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت ضحى يوم الاثنين وصلى الناس فجر ذلك اليوم خلف ابي بكر الصديق رضي الله عنه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد اشتد به المرض ذلك اليوم ففتح الستارة ونظر الى الصحابة رضي الله عنهم منتظمين صفوفا خاضعين لله خاشعين منكسرين بين يديه سبحانه وتعالى عابدا له طامعين في ثوابه خائفين من عقابه فلما رآهم عليه الصلاة والسلام على هذه الحال تبسم كما جاء في صحيح مسلم من حديث انس بن مالك رضي الله عنه قال ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا اي غبطة وفرحا وسرورا بهذا المن بهذا المنظر البهيج ونظر انس رضي الله عنه الى النبي صلى الله عليه وسلم في تلك اللحظة ووصفه بهذه الصفة كأنه ورقة مصحف اي في الصفاء والحسن والبهاء والجمال والاشراق وارخى الستر عليه الصلاة والسلام قرير العين بهذا المنظر المفرح والصورة المبهجة امته صلى الله عليه وسلم مجتمعة في المسجد تصلي اقر الله عين نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الصورة البهيجة والحالة المفرحة. فتبسم صلى الله عليه وسلم تبسم فرح وسرور وقرت عينه بهذا المنظر البهيج ولم يكن الامر في شأن الصلاة متوقفا عند هذا الحد في ايامه الاخيرة عليه الصلاة والسلام يقول علي رضي الله عنه كما روى ذلك الامام احمد في المسند عن علي رضي الله عنه قال كان اخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت ايمانكم بل جاء ما هو ابلغ من هذا فيما رواه ابن ماجة في سننه بسند ثابت عن انس رضي الله عنه قال كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة وهو يغرغر بنفسه الصلاة وما ملكت ايمانكم وجاء ايضا من رواية ام سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم انه كان عامة وصية نبي الله صلى الله عليه وسلم عند موته الصلاة الصلاة وما ملكت ايمانكم حتى جعل نبي الله صلى الله عليه وسلم يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه. وهذا يدلنا على عظم مكانة الصلاة في الاسلام لما تبسم النبي عليه الصلاة والسلام فرح اصحابه رضي الله عنهم غاية الفرح وظنوا ان النبي صلى الله عليه وسلم سيتقدم ليؤمهم في تلك الصلاة ولكنه اشار الى ابي بكر ومن معه رضي الله عنهم ان اثبتوا والقى السجف اي ارخى الستارة وبقي في بيته الى ان قبضت روحه صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من ذلك اليوم وهذا هو الصحيح ان وفاته صلى الله عليه وسلم كانت عندما اشتد الضحى في ذلك اليوم وهذا باجماع اهل السير اما قوله هنا وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم من اخر ذلك اليوم لعل المراد بذلك تحقق الناس من الخبر لانه اول ما قبض عليه الصلاة والسلام في اشتداد الضحى من يوم الاثنين اصبح الناس بعد ذلك في امر مريج وفي شك من الخبر وطلبوا ابا بكر رضي الله عنه فلما نظر الى وجهه صلى الله عليه وسلم قرأ الاية الكريمة انك ميت وانهم ميت ثم قبل بين عينيه صلى الله عليه وسلم ثم خطب الناس مخبرا بهذه الفاجعة الكبرى والمصيبة العظمى وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنت مسندة النبي صلى الله عليه وسلم الى صدري او قالت الى حجري فدعا بطست ليبول فيه ثم بال فمات عليه الصلاة والسلام قولها كنت مسندة النبي صلى الله عليه وسلم الى صدري او قالت الى حجري شك من الراوي والذي تدل عليه الروايات الاخرى انها كانت مسندة النبي صلى الله عليه وسلم الى صدرها وكان صلى الله عليه وسلم بدأه المرض واشتد عليه في يوم الاثنين قبل الاثنين الذي مات فيه وكان صلى الله عليه وسلم يستأذن نساءه في ان يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فاذن له في ذلك فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الارض ثم كان مع اشتداد المرض يخرج ويصلي بالناس صلى الله عليه وسلم حتى انه مرة اشتد به المرض فطلب من زوجاته ان يحظرن سبع قرب من الماء وان يهريقوا عليه منها وقت الصلاة صلى الله عليه وسلم فلما فعلن خرج الى الناس وصلى بهم وكانت اخر صلاة صلاها بهم يوم الجمعة ثم تولى الامامة ابو بكر رضي الله عنه بامره صلى الله عليه وسلم فصلى بهم من يوم الجمعة الى فجر يوم الاثنين ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله فدعا بطست ليبول فيه ثم بال فمات اي دعا باناء ليبول فيه لان المرض قد اشتد به صلى الله عليه وسلم فكان لا يقدر على القيام والنهوض وجاء في رواية في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت قبضه الله بين سحري ونحري السحر هو الرئة والنحر هو اعلى الصدر وهذا بمعنى قولها في هذا الحديث كنت مسندة النبي صلى الله عليه وسلم الى صدري وللحديث صلة ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا اجمعين لكل خير. وان يصلح لنا شأننا كله. انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته