بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عما جاء في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الفاجعة العظيمة التي فجع بها الناس وهي اعظم المصائب واكبرها عن عائشة رضي الله عنها انها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت وعنده قدح فيهما وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم اعني على منكراتي او قال على سكرات الموت اخرجه الترمذي وسنده ضعيف لكن جاء في صحيح البخاري من طريق ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها انها كانت تقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه ركوة او علبة بها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بهما وجهه. ويقول لا اله الا الله. ان للموت سكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الاعلى حتى قبض ومالت يده فقولها رضي الله عنها رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت اي انه صلى الله عليه وسلم لما بدأت تقبض روحه كانت عائشة رضي الله عنها تنظر اليه وعنده قدح فيه ماء القدح هو الوعاء الذي يجعل فيه الماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يدعو بالاعانة على سكرات الموت وكان صلى الله عليه وسلم يردد كلمة لا اله الا الله. ويقول ان للموت سكرات اي له شدة ووجع والم ثم مد يده ورفعها الى الاعلى ثم جعل يقول في الرفيق الاعلى حتى قبظ ومالت يده عليه الصلاة والسلام قوله اللهم اعني على منكرات الموت اي شدائد الموت وفي تلك الشدائد تكفير ورفعة ورواه الترمذي في جامعه بلفظ قمرات الموت وغمرة الموت شدته وعن عائشة رضي الله عنها قالت لا اغبط احدا بهون موت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرجه الترمذي وسنده ضعيف لكن جاء عنها في صحيح البخاري ما يشهد له حيث قالت عائشة رضي الله عنها مات النبي صلى الله عليه وسلم وانه لبينا حاقنتي وذاقنتي فلا اكره شدة الموت لاحد ابدا بعد النبي صلى الله عليه وسلم قولها لا اغبط احدا بهون موت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني لو انها علمت ان احدا مات ميتة هينة سهلة ليس فيها وجع ولا الم ولا تعب لم تكن لتغمطه لان النبي صلى الله عليه اصابه في لحظاته الاخيرة عند موته شدة ووجع شديد وهو افضل عباد الله وخير خلق الله صلى الله عليه وسلم وما يصيب النبي عليه الصلاة والسلام من شدة المرض وسكرات الموت بسبب ان له اجرين عند الله سبحانه لما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وهو يوعك وعكا شديدا وقلت انك لتوعك وعكا شديدا قلت ان ذاك بان لك اجرين؟ قال اجل ما من مسلم يصيبه اذى الا حات الله عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر وعن عائشة رضي الله عنها قالت لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه فقال ابو بكر رضي الله عنه سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته قال ما قبض الله نبيا الا في الموضع الذي يحب ان يدفن فيه. ادفنوه في موضع فراشه. اخرجه الترمذي اختلافهم رظي الله عنهم في دفنه من جهتين. الاولى هل يدفن او لا يدفن والثانية ان كان يدفن ففي اي مكان يدفن عليه الصلاة والسلام قولها فقال ابو بكر سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته هذا لتأكيد الخبر وتثبيته قال ما قبض الله نبيا الا في الموضع الذي يحب ان يدفن فيه وهو صلى الله عليه وسلم قبض في حجرة عائشة رضي الله عنها على فراشه فاتفق الصحابة رضي الله عنهم بناء على هذا الحديث واستنادا الى هذه الرواية التي نقلها لهم صديق الامة رضي الله عنه على دفنه صلى الله عليه وسلم في موضع فراشه فحفر ابو طلحة رضي الله عنه تحت فراشه الذي مات عليه صلى الله عليه وسلم ودفن هناك وعن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم ان ابا بكر رضي الله عنه قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما مات اخرجه البخاري كان ابو بكر رضي الله عنه في بيته في العالية فارسلوا اليه فجاءوا الناس مجتمعون حول بيت عائشة فطلب ان يفسح له الطريق ودخل والنبي صلى الله عليه وسلم مغطى فكشف الغطاء عن وجهه وعرف انه صلى الله عليه وسلم قد مات ووضع رضي الله عنه فمه بين عيني حبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبهتي وقبله تقبيل ودع ويستفاد من هذا جواز تقبيل الميت. مثل ان يقبل المرء جبهة والده او والدته او عالم بعده وفاته على سبيل التوديع له وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه اظلم منها كل شيء وما نفضنا ايدينا من التراب وانا لفي دفنه صلى الله عليه وسلم حتى انكرنا قلوبنا. اخرجه الترمذي وابن ماجه يصور انس رضي الله عنه في هذا الحديث لوعة القلوب والم النفوس واشتداد الخطب على الصحابة رضي الله عنهم يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم وحق لهم ذلك فيذكر رضي الله عنه موازنة بين اليوم الذي اطل فيه النبي صلى الله عليه وسلم طلعته الكريمة داخلا المدينة النبوية واليوم الذي قبضت فيه روحه صلى الله عليه وسلم فيقول لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه اظلم منها كل شيء وهذا فيه هول الامر وعظم الخطب الذي الم بالناس في ارجاء المدينة واصبحوا يعيشون فاجعة هي كبرى الفواجع فاظلمت الارض في اعينهم واشتد الالم في قلوبهم قوله وما نفضنا ايدينا من التراب وانا لفي دفنه صلى الله عليه وسلم اي بعد دفنه صلى الله عليه وسلم مباشرة حتى انكرنا قلوبنا اي انهم انكروا قلوبهم من الالم والشدة لا تكذيبا او شكا او ضعفا في الايمان ودفن الصحابة له من دلائل الموتى عليه الصلاة والسلام وفيه رد على من يزعم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت اذ لو كان ذلك حقا لكان معنى ذلك ان الصحابة رضي الله عنهم دفنوا نبيهم صلى الله عليه وسلم وهو حي. وهذا لا يقوله عاقل فالنبي عليه الصلاة والسلام قد مات موتا حقيقيا باعتبار هذه الحياة الدنيا لكنه حي في قبره حياة برزخية وهي تختلف عن هذه الحياة الدنيوية بكيفية هذه الحياة وفي احكامها وعن عائشة رضي الله عنها قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين. اخرجه الترمذي في تحديد اليوم الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم وهو يوم الاثنين وهذا محل اجماع هو اليوم الذي ولد فيه عليه الصلاة والسلام وعن جعفر بن محمد عن ابيه قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فمكث ذلك اليوم وليلة الثلاثاء ودفن من الليل جعفر ابن محمد هو الصادق عن والده محمد بن علي الباقر زين العابدين ومن التابعين ولم يشهد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فيكون الحديث مرسلا وقال سفيان وقال غيره يسمع صوت المساحي من اخر الليل قوله قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فمكث ذلك اليوم وليلة الثلاثاء ودفن من الليل اي ليلة الاربعاء قوله يسمع صوت المساحي من اخر الليل المساحي التي يجرف بها التراب وهي من الحديد وقد ذكر بعض اهل العلم ان الدفن تأخر الى هذا الوقت ليتمكن الناس من الصلاة عليه فكانوا يصلون عليه صلى الله عليه وسلم اوزاعا في حجرة عائشة رضي الله عنها وهي لا تحتمل الا ان لنفر قليل وهذا الحديث مرسل لكن جاء في مسند الامام احمد عن عائشة رضي الله عنها انها قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت صوت المساحي من اخر الليل ليلة الاربعاء هذا ولقد نعي الى النبي صلى الله عليه وسلم موته قبل يوم وفاته بشهور عديدة ففي شهر رمظان الذي هو اخر رمظان صامه عليه الصلاة والسلام عارضه جبريل بالقرآن مرتين وقد كان يعارضه في القرآن في كل رمظان مرة واحدة فقال عليه الصلاة والسلام ولا اراني الا قد حضر اجلي ثم في حجة الوداع لما حج النبي صلى الله عليه وسلم وفي اوسط ايام التشريق نزل عليه قول الله عز وجل اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا فعرف عليه الصلاة والسلام انه الوداع فخطب الناس عليه الصلاة والسلام خطبة بليغة فامرهم ونهاهم ووعظهم ووصاهم وذكرهم وذكرهم بالله وقال لهم عليه الصلاة والسلام في خطبته تلك لعلي لا القاكم بعد عامي هذا واخذ يودع الناس فعرف ذلك العام بعام الوداع ونزل عليه يوم الجمعة عشية عرفة قول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ولم ينزل بعد هذه الاية حلال ولا حرام الى ان قبض عليه الصلاة والسلام فهي اية نزلت مسعرة بدنو اجل النبي صلى الله عليه وسلم ومبينة الى ان مهمة البلاغ التي بعث بها قد قام بها عليه الصلاة والسلام على التمام والكمال فما ترك خيرا الا دل الامة عليه ولا شرا الا حذرها منه. فتركهم على محجة بيضاء وطريقة واضحة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده الا هالك تركهم على دين كامل وعقيدة وافية وعبادة تامة واخلاق كاملة فتمم الله عز وجل به الدين واكمله وما ترك خيرا الا دل الامة عليه ولا شرا الا حذرها منه فجزاه الله عن امة الاسلام خير ما جزى نبيا عن امته. وصلى الله عليه وسلم تسليما ونسأل الله عز وجل ان يرزقنا حسن اتباعه والسير على منهاجه صلوات الله وسلامه عليه. انه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب. سبحانك اللهم حمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته