بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقدم حديث سالم بن عبيد رضي الله عنه في ذكر نبأ وفاته صلى الله عليه وسلم وانطلاقه الى ابي بكر رضي الله عنه بامر الناس يطلبون حضوره رضي الله عنه قال فقال لي ابو بكر رضي الله عنه انطلق فانطلقت معه فجاء هو والناس قد دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم اي تزاحموا عند بيته عليه الصلاة والسلام فقال يا ايها الناس افرجوا لي اي افسحوا لي المجال فافرجوا له قوله فجاء حتى اكب عليه ومسه. يعني وضع يده على جسمه فبمجرد ما ان مسه صلى الله عليه وسلم قال انك ميت وانهم ميتون. تيقن رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات قوله ثم قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم فعلموا ان قد صدق هنا تحقق الجميع وتيقنوا انه صلى الله عليه وسلم قد قبض ثم خرج ابو بكر رضي الله عنه بعد ذلك الى المسجد واجتمع الناس اليه وخطب الناس خطبة عظيمة فيها تثبيت للناس وتثبيت للتوحيد والايمان وفيها بيان للامر وايظاح لهذه الحقيقة والسنة الماضية فقال رضي الله عنه بكل ثبات قلب مع هول المصاب وشدته اما بعد فمن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت. اخرجه البخاري فاعظم ما اهتم به صديق الامة في هذه الفاجعة هو اعظم امر اهتم به نبينا صلى الله عليه وسلم في حياته كلها وهو توحيد الله جل وعلا اساس الامور واعظم المطالب فالله عز وجل هو الحي القيوم. حياته جل جلاله لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء ولا يعتريها نقص. اما ما سوى الله فهو اما حي سيموت او حي قد مات او جماد لا حياة له فبدأ ابو بكر الصديق رضي الله عنه في هذا المقام بتثبيت التوحيد لانه اذا ثبت وصلح فجميع الامور من بعده تثبت وتصلح والتوحيد هو المفزع للناس عند المصائب وعند الكربات وعند الشدائد ثم تلا رضي الله عنه قول الله تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا. وسيجزي الله الشاكرين قال ابن عباس رضي الله عنهما والله لكأن الناس لم يعلموا ان الله عز وجل انزل تلك الاية حتى تلاها ابو بكر رضي الله عنه رواه البخاري فاستحضار ابي بكر رضي الله عنه لهذه الاية في هذا الموقف وتثبيته في خطبته للناس توفيق من الله سبحانه وتعالى وهي كرامة من الله سبحانه لصديق الامة وتثبيت له فاخذ الناس يرددون هذه الاية في ارجاء المدينة ويقرأونها كانها نزلت يومئذ حتى ان عمر رضي الله عنه الذي كان يقول من قال ان النبي صلى الله عليه وسلم مات ظربته بسيفي اصبح يقول والله ما هو الا ان سمعت ابا بكر تلا الاية فعرفت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مات حتى ما تقلني حتى ما تقلني رجلاي حتى هويت على الارض اي سقطت اتجه الناس الى ابي بكر رضي الله عنه بالسؤال فقالوا يا صاحب رسول الله ايصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم اي الصلاة على الميت دعاء له بالمغفرة والرحمة. والنبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فهل يصلى عليه؟ قال نعم ثم جاء في ذهنهم سؤال اخر فقالوا وكيف قال يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون ثم يخرجون ثم يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون ثم يخرجون. حتى يدخل الناس اي انهم يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه افواجا بحسب ما يتسع له المكان وهو صغير ثم يخرجون ليدخل فوج اخر الى اخر الناس وهذا من الاسباب التي اخرت الدفن واشكل عليهم ايضا امر اخر الا وهو دفن النبي صلى الله عليه وسلم. قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ايدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم. قالوا اين قال في المكان الذي قبض الله فيه روحه ثم علل ذلك بقوله فان الله لم يقبض روحه الا في مكان طيب فعلموا ان قد صدق وسبق ذكر ان ابا بكر رضي الله عنه قال سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته قال ما قبض الله نبيا الا في الموضع الذي يحب ان يدفن فيه فجمع ابو بكر رضي الله عنه بين ذكر الدليل والتعليل قوله ثم امرهم ان يغسله بنو ابيه اي عصبته فغسله ابن عمه علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وساعده بعض بني ابيه على ذلك وكفنه في ثلاثة اثواب يمنية بيض سحولية اي من قطن ليس فيها ثوب ولا عمامة قول واجتمع المهاجرون يتشاورون وذلك بعد الوفاة وقبل الدفن اجتمعوا يتشاورون في امر الخلافة وبادروا بهذا الامر لان الناس لا تصلح امورهم الا بامير واذا لم يكن على الناس امير انقسموا الى اوزاع ثم تنسى بينهم الفتن ويدب فيهم النزاع والخصومات كما قيل لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة اذا جهالهم سادوا خشي المهاجرون ان يجتمع الانصار وحدهم ويختاروا منهم اميرا ثم قد تبدأ فتن واشكالات لا حد لها فسارع المهاجرون فقالوا لابي بكر انطلق بنا الى اخواننا من الانصار ندخلهم معنا في هذا الامر اين تداول هذا الامر سويا ونخرج باقرار شخص واحد يتولى الخلافة والولاية فانطلقوا الى الانصار وكانوا مجتمعين في سقيفة بني ساعدة فقالت الانصار على لسان الحباب بن المنذر رضي الله عنه منا امير ومنكم امير وهذا قد يؤدي الى الافتراق لانه قد يصبح في كل جماعة امير فلا يسمع احد للاخر لكن الله تعالى وفق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه والهمه بكلام جمع الله سبحانه وتعالى به القلوب حيث قال من له مثل هذه الثلاث اي ثمة ثلاث خصال عظيمة فاخبروني من هي له؟ فتلا عليهم اية من كتاب الله ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا اجتمعت في هذه الاية خصال ثلاثة الاولى في قوله الثانية اثنين اذ هما في الغار فمن الذي تحمل الصعاب وتجشم الاهوال مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار وما قبله وما تبعه من شدائد الثاني في قوله اذ يقول لصاحبه لا تحزن فمن من الصحابة نص على صحبته في القرآن الثالثة في قوله تعالى ان الله معنا. لمن هذه المعية الخاصة مع النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت هذه الخصال الثلاثة في ابي بكر رضي الله عنه ثم بسط يده فبايعه وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة اي بدون خلاف ولا نزاع ثم اجتمعوا بعد ذلك في المسجد واعلن فيه الذي تم في السقيفة فتقدم علي رضي الله عنه والزبير ابن العوام فبايع وبايع عامة الصحابة رضي الله عنهم عن انس بن مالك رضي الله عنه قال لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرب الموت ما وجد قالت فاطمة واكرباه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا كرب على ابيك بعد اليوم انه قد حضر من ابيك ما ليس بتارك منه احدا الموافاة يوم القيامة اخرجه ابن ماجة قوله لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرب الموت ما وجد اي لما عانى النبي صلى الله عليه وسلم من شدائد الموت وسكراته ما عانى قالت فاطمة رضي الله عنها وكانت عنده صلى الله عليه وسلم واكرباه اي انه كرب عظيم وهول جسيم وهذه كلمة وهذه كلمة توجع وتألم والحديث جاء في صحيح البخاري بلفظ وكرب اباه اي ما اعظم الكرب الذي اصابه صلى الله عليه وسلم ولعل هذا اللفظ هو اصوب لقوله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا كرب على ابيك بعد اليوم لان الكرب على اولياء الله واصفيائه ينتهي بانتهاء هذه الدنيا قوله انه قد حضر من ابيك ما ليس بتارك منه احدا الموافاة يوم القيامة. يقصد الموت سلاها بامور ثلاثة سلاها بقوله لا كرب على ابيك بعد اليوم وبقوله انه قد حضر من ابيك ما ليس بتارك منه احدا لانه يفيد ان المصيبة مصيبة الموت عامة فادراك كل احد ذلك يخففها وبقوله الموافاة يوم القيامة اي اللقاء يوم القيامة يكون على خير باذن الله اللهم اجمعنا به في جنتك يا كريم عن عبدالرحمن بن سابط عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اصيب احدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فانها اعظم المصائب. رواه الطبراني اي ان مصيبة الامة بفقده صلى الله عليه وسلم اعظم المصائب وكل مصيبة دونها تهون قال محمد ابن المنبج في كتابه تسلية اهل المصائب هو كتاب عظيم نافع في بابه قال ومن اعظم المصائب في الدين النبي صلى الله عليه وسلم لان المصيبة به اعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم لانه لان بموته صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي من السماء الى يوم القيامة وانقطعت النبوة وكان موته اول ظهور الشر والفساد بارتداد العرب عن الدين فهو اول انقطاع عرى الدين ونقصانه وفيها غاية التسلية عن كل مصيبة تصيب العبد ثم قال ولقد احسن ابو العتاهية في نظمه موافقا لهذا الحديث حيث يقول اصبر لكل مصيبة وتجلد. واعلم بان المرء غير مخلد اوما ترى ان المصائب جمة وترى المنية للعباد بمرصد من لم يصب ممن ترى بمصيبة هذا سبيل لست عنه باوحد فاذا ذكرت محمدا ومصابه فاجعل مصابك بالنبي محمد ونسأل الله تعالى التوفيق لكل خير انه سبحانه وتعالى سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته