بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فلا يزال الحديث عن بر الوالدين وعن بر الوالدة على وجه الخصوص. عن المقدام ابن معدي كرب ان رسول الله صلى الله الله عليه وسلم قال ان الله يوصيكم بامهاتكم ثلاثا. ان الله يوصيكم بابائكم ان الله يوصيكم بالاقرب فالاقرب. رواه ابن ماجة. كرر صلى الله عليه وسلم الوصية بالامهات ثلاث مرات لمزيد التأكيد على عظم حقهن لتعبهن واحسانهن ومقاساة المشقة في الحمل والوضع والرضاع والتربية ثم قال في الرابعة ان الله يوصيكم بابائكم لما لهم من التربية والاحسان وان التأكد دون تأكد حق الامهات. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه على الهجرة. وترك ابويه يبكيان. فقال ارجع اليهما واظحكهما كما ابكيتهما هما رواه ابو داوود. من جزاء الوالدين ان يكون الولد دائما مدخلا السرور عليهما. فلا يفعل امرا يحزنهما او يكدر صفوهما او يسبب بكائهما وتألمهما. بل يكون حريصا دائما على ادخال السرور على قلبيهما ويبحث عن اي امر يفرحهما ليفعلا. فهذا الرجل جاء الى المدينة مهاجرا وطلب ان يبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة اليه. والمبايعة ان يعقد العهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم على ان يبقى على هذا الامر ويثبت عليه ولا يتخلى عنه. وقد قال عليه الصلاة والسلام من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله متفق عليه. قوله وترك ابويه يبكيان اي تركهما يبكيان ان حزنا على فراقه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع اليهما واضحكهما كما ابكيتهما. فمن جزاء الوالد وحقه على ولده مكافأة له على احسانه ان يكون دائما حريصا على ادخال السرور عليه. ولهذا اذا اراد ان يرحل الولد لطلب علم مثلا او لتحصيل تجارة او نحو ذلك فلا يرحل ويترك ابويه يبكي ياني عليه. بل لا يكون ذلك الا بعد التشاور معهما ومراعاة حالهما وطلب المسامحة منهما والاذن عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال احي كن والداك؟ قال نعم. قال ففيهما فجاهد. متفق عليه. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله اي ان كان لك فابلغ جهدك في برهما والاحسان اليهما فان ذلك يقوم لك مقام قتال العدو. وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رجلا هاجر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن. فقال هل لك احد لمن؟ قال ابواي قال اذن لك؟ قال لا. قال ارجع اليهما فاستأذنهما فان اذن لك فجاهد اذ والا فبرهما. فيه دليل على انه يجب استئذان الابوين في الجهاد وتحريمه اذا منع انه الابوان او احدهما. لان برهما فرض عين والاحسان اليهما من اعظم الجهاد. وقد تقدم تسمية النبي صلى الله عليه وسلم له جهادا. وعن معاوية ابن جاهمة السلمي ان جاهمة رضي الله عنه جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اردت ان اغزو وقد جئت استشيرك. فقال هل لك من ام؟ قال فنعم قال فالزمها فان الجنة تحت رجليها. رواه النسائي. اي منبر امه وقام بحقها دخل الجنة. وعن ابي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والد اوسط ابواب الجنة. فان شئت فاضع ذلك الباب او احفظه. رواه الترمذي. اي خير الابواب في الجنة واعلاها والمعنى ان احسن ما يتوسل به الى دخول الجنة ويتوسل به الى وصول درجاتها العالية الطاعة الوالد ومراعاة حقه. واذا كان شأن الوالد هذا فشأن الوالدة اعظم. وعن ابي هريرة رضي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يجزي ولد والده الا ان يجده مملوكا فيشتريه رواه ابو داوود. فيه عظم جزاء الوالدين. وان الولد مهما بذل من الاحسان والمعروف بيد الخدمة والمعونة لهما فانه لا يلحق جزاء الوالدين في باب المكافأة لهما. الا في مثل هذه الحال التي رهى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال لا يجزي ولد والدة اي لا يمكن ان يلحق مكافأته على معروفه واحسانه الا ان يجده مملوكا ان يشتريه بماله ويعتقه ففي مثل هذه الحال وهي شراء الوالد واعتاقه يلحق جزاءه. وما سوى ذلك فانه مهما قدم من المعروف لوالده لا يلحق جزاءه. وعن سعيد بن ابي بردة قال سمعت ابي يحدث انه وشهد ابن عمر رضي الله عنهما ورجل يماني يطوف بالبيت. حمل امه وراء ظهره. يقول اني لها بعيرها المذلل ان اذعرت ركابها لم اذعر. ثم قال يا ابن عمر اتراني جزيتها؟ قال لا ولا بزفرة واحدة ثم طاف ابن عمر فاتى المقام فصلى ركعتين ثم قال يا ابن ابي موسى ان كل ركعتين تكفران ما امامهما. هذا الرجل اليماني قد حمل امه على ظهره واخذ يطوف بها ببيت الله الحرام. لانها عاجزة لا تستطيع المشي على قدميها. ويقول اني بعيرها المذلل ان اذعرت ركابها لم اذعر. اي انه جعل نفسه لامه بمثابة البعير. وينشأ هذا البيت الذي يدل على اريحية نفسه وطيب خاطره بهذا العمل الجليل الذي يقوم به. فهو يقوم بهذا العمل بغاية من الراحة والانس. وقد عبر بهذا البيت عما في قلبه من حرص على خدمة امه. وعن اعتزازه وفرحه وسروره بذلك. قال اني لها بعيرها المدلل البعير المذلل هو السهل الذي ليس فيه صعوبة ولا والمعنى انا لوالدتي بمثابة البعير الذي ذلل لراكبه واصبح سهلا. ان ادعرت وهاء اي ان خافت ركابها وشردت لم اذعر اي لم يحصل لي شيء من ذلك بل انا مطمئن النفس طيب مرتاح الفؤاد لهذا الامر وهو بذلك يسعى سعيا حثيثا لرد جميلها السابق واحسانها المتواصل قوله قال لا اي مهما بذل الابن من الخدمة لوالديه ومهما قدم فلا يمكن ان يلحق جزاءهما او معروفهما العظيم. قوله ولا بزفرة واحدة. اي ان هذا لا يعادل زفرة واحدة من زفرات الوالدة عندما كان تعاني شدة الوضع وقد تشرف على الموت من معاناة الطلق والوضع وشدته. ونظير هذه القصة ما ابن ابي الدنيا في مكارم الاخلاق عن معاوية ابن صالح قال جاء رجل الى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فقال قال يا امير المؤمنين امي عجوز كبيرة. انا مطيتها اجعلها على ظهري وانحني عليها بيدي. والي مثلما كانت تلي مني او اديت شكرها؟ قال لا. قال لم يا امير المؤمنين؟ قال انك تفعل ذلك وانت تدعو الله عز وجل ان يميتها. وكانت تفعل ذلك بك وهي تدعو الله عز وجل ان يطيل عمرك ففرق بين الخدمتين ومهما قدم الابن فلا يمكن ان يصل الى ما قاسته الوالدة عناية بوالدها وهي تحسن اليه وتعطف عليه وتتمنى ان يعيش العمر الطويل وتسهر لسهره وتمرظ لمرضه. وكم من مرة لتعب ولدها والمه او لجوعه فكيف يليق به اذا كبر ان ينسى هذا المعروف كله. وعلى كل ان الولد لا يلحق جزاء والدته مهما قدم لها. ولا يعني هذا ان يتراخى عن البر والاحسان. بل هذا يستلزم جدا اجتهادا وبذلا لكل ما يستطيعه الولد من خدمة واحسان. ولطف ورفق الى غير ذلك من انواع البر التي امر الله بها ودعا اليها تجاه الوالدين. وعن هشام بن عروة عن ابيه قال واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. قال لا تمتنع من شيء احبه. هذا التفسير يسميه اهل العلم تفسير الشيء ببعض افراده لان قوله جل وعلا واخفض لهما جناح الذل من الرحمة يتناول افرادا كثيرة من انواع خفض الجناح ومن ذلك الا يمتنع من شيء احباه مما ليس فيه معصية لله تبارك وتعالى. فمن تحقيق قول الله عز وجل واخفض لهما جناح الذل من الرحمة الا يمتنع الولد من شيء احباه ويدخل في ذلك ايضا لين الكلام وحسن المعاملة والسمع والطاعة في غير معصية الله الى غير ذلك من انواع البر مما هو داخل في الاية عن ابي مرة مولى عقيل ان ابا هريرة كان يستخلفه مروان وكان يكون بذي الحليفة فكانت امه في بيت وهو في اخر. قال فاذا اراد ان يخرج وقف على بابها فقال السلام عليك يا امته ورحمة الله وبركاته. فتقول وعليك السلام يا بني ورحمة الله وبركاته فيقول رحمك الله كما ربيتيني صغيرا. فتقول رحمك الله كما بررتني كبيرا ثم اذا اراد ان يدخل صنع مثله. رواه البخاري في الادب المفرد. من بره رضي الله عنه بها انه كلما خرج من بيته وقف على بابها فقال السلام عليك يا امتاه ورحمة الله وبركاته السلام كاملا ويناديها بهذه المناداة الجميلة والام سميت اما لانها اصل الولد وهو فرع منها ام الشيء اصله والقاء السلام كاملا مستحب في كل وقت وحين لكنه في حق الوالدة اكد لانها احق بحسن الصحابة. ثم لم يكتفي بهذا بل يدعو لها رحمك الله كما ربيتيني صغيرا. لان الله عز وجل قال وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. فكان رضي الله عنه يدعو بهذه الدعوة بلفظها كما وردت في القرآن وذكر تربيتهما له صغيرا في الترحم عليهما له مقصد جليل. لان ذكر الجميل السابق يثمر الصدق في الدعاء والقوة في الالحاح قوله ثم اذا اراد ان يدخل صنع مثله اي في كل دخول وخروج يلقي السلام على امه كاملا ويدعو بهذه وهذا من حسن بره رضي الله عنه بامه. وعن ابي حازم ان ابا مرة مولى ام هانئ ابنة ابي طالب اخبره انه ركب مع ابي هريرة الى ارضه بالعقيق. فاذا دخل ارضه نادى بصوته السلام ورحمة الله وبركاته يا امة تقول وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يقول رحمك لا ربيتيني صغيرا فتقول يا بني وانت فجزاك الله خيرا ورضي عنك كما بررتني كبيرا. رواه البخاري في الادب المفرد العقيق واد معروف غرب المدينة. وكانت ارض ابي هريرة هناك. وكانت امه ايضا هناك. قوله فاذا دخل ارضه نادى بصوته عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا اماه وهذا نظير الذي قبله في حرصه على ابر امه ووصلها والسلام عليها والدعاء لها. وعن محمد ابن سيرين قال كنا عند ابي هريرة رضي الله عنه ليلة فقال اللهم اغفر لابي هريرة ولامي ولمن استغفر لهما قال محمد اي ابن سيرين نحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة ابي هريرة. هذا الدعاء من ابي هريرة هو من البر والاحسان اليها. وفيه استنهاض للهمم بتخصيصهما بدعاء زائد على ما اهما مشمولان به في قوله تعالى والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. ولذا قال محمد ابن سيرين نحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة ابي هريرة غفر الله لابي هريرة ولامه وللمؤمنين والمؤمنات. لقد كان ابو هريرة رضي الله عنه مضرب مثل في بره لامه وله في ذلك قصص عديدة تدل على عظيم بره بها واعظم بر كان منه رضي الله عنه بها ان الله سبحانه وتعالى جعله سببا لاسلامها في هذا الدين. فقد كان حريصا اشد الحرص على اسلام امه. وكان يتألم لبقائها على الكفر. ويحاول مرة تلو الاخرى دعوتها للاسلام دين محمد صلى الله عليه وسلم. فكانت تسمعه في النبي صلى الله عليه وسلم ما يكره فيتألم لذلك. عن ابي هريرة رضي الله عنه قال كنت ادعو امي الى الاسلام وهي مشركة دعوتها يوما فاسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اكره. فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ابكي قلت يا رسول الله اني كنت ادعو امي الى الاسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فاسمعتني فيك ما اكره فادعوا الله ان يهدي ام ابي هريرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اهد ام ابي هريرة فخرجت مستبشرا بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فلما جئت فصرت الى الباب فاذا هو افن فسمعت امي خشفا قدمي فقالت مكانك يا ابا هريرة. وسمعت خظخظة الماء قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت يا ابا هريرة اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله. قال فرجعت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتيته وانا ابكي من الفرح. قال قلت يا رسول الله ابشر قد استجاب الله دعوتك وهدى ام ابي هريرة فحمد الله واثنى عليه وقال خيرا قال قلت يا رسول الله ادعو الله ان يحببني انا وامي الى عباده المؤمنين ويحببهم الينا. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب عبيدك هذا يعني ابا هريرة وامه الى عبادك المؤمنين وحبب المؤمنين اليهم. فما خلق مؤمن يسمع ولا يراني الا احبني رواه مسلم. ان من اعظم البر بالاب والام اذا كان او احدهما على والشرك بالله ان يعرض عليهما ابنهما الاسلام. وان يحرص على هدايتهما ودخولهما في هذا دين عظيم وان يجتهد في ذلك. وقد جعل الله ابا هريرة سببا في اسلام امه. وقد كان حريصا على ذلك وسلك في هذا سبيل مسلكين عظيمين. الاول انه كان كثيرا ما يعرض عليها الاسلام. يقول كنت ادعو امي الى الاسلام فتاب علي. وهذا فيه عرظه الاسلام عليها وبيانه لها ودعوتها اليه مع توضيح محاسنه في اله واحكامه وعقائده والثاني الدعاء لها بالهداية لان الهداية بيد الله فكان يسأل الله تعالى ويلح عليه بالدعاء ان يهدي امه فاكرمه الله وهدى امه للاسلام فانطلق رضي الله عنه الى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا يبشره باسلام قال فاخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ادعوا الله لي ولامي وهذا ايضا مزيد طلب دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم. في المرة الاولى طلب منه الدعاء لها بالدخول في الاسلام. وفي الثانية طلب منه مزيد دعاء لها قال فقال اي النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حبب عبدك ابا هريرة وامه الى الناس اي حببهما الى الناس فكان الامر كذلك بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له رضي الله عنه. قال فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني الا احبني قال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهذا الحديث من دلائل النبوة فان ابا هريرة محبب الى جميع الناس وقد الله ذكره بما قدره ان يكون من روايته. من ايراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس في الجوامع المتعددة في الاقاليم في الانصات يوم الجمعة بين يدي الخطبة. والامام على المنبر. وهذا من تقدير الله العزيز العليم ومحبة الناس له رضي الله عنه وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا مات الانسان انقطع عنه عمله الا من ثلاث الا من صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له. رواه مسلم وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال ترفع للميت بعد موته درجته فيقول اي رب اي شيء هذا؟ فيقال الولدك استغفر لك. رواه البخاري في الادب المفرد. وعن عائشة رضي الله عنها ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان امي افتلتت نفسها واني اظنها لو تكلمت تصدقت فلي اجر ان اتصدق عنها؟ قال نعم متفق عليه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رجل يا نبي الله ان ابي مات ولم يحج. افاحج عنه؟ قال رأيت لو كان على ابيك دين اكنت قاضيه؟ قال نعم قال فدين الله احق. وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ان ابي الحج وهو شيخ كبير لا يثبت على راحلته. وان شددته خشيت ان يموت. افاحج عنه؟ قال ارأيت لو كان عليه دين فقضيته اكان مجزئا؟ قال نعم. قال فحج عن ابيك. رواهما النسائي في هذه الاحاديث ان الدعاء للوالدين وكذلك الصدقة عنهما وكذلك الحج عنهما ينفعهما بعد موتهما قد انقطع عملهما في هذه الحياة وهذا من عظيم البر المتأكد بعد وفاتهما وعن ابي عثمان النهدي قال ان سعد بن ابي وقاص قال نزلت في هذه الاية. وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا. كنت رجلا بارا بامه فلما اسلمت قالت يا سعد وما هذا الذي اراك قد احدثت لتدعن دينك هذا او لا اكل ولا اشرب حتى اموت. فتعير بي فيقال يا قاتل امة قلت يا اماه لا تفعلي فاني لا ادع ديني هذا لشيء فمكثت يوما وليلة لا تأكل فاصبحت قد جهدت فمكثت يوما اخر وليلة وقد اشتد جهدها. فلما رأيت ذلك قلت يا اماه تعلمين والله لو كانت لك مئة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء. فان شئت فكلي وان شئت فلا تأكلي فلما رأت ذلك اكلت فنزلت هذه الاية رواه الطبراني. وعن سعد ابن وقاص رضي الله عنه قال نزلت في ايات من القرآن قال حلفت ام سعد الا تكلمه ابدا حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب قالت زعمت ان الله وصاك بوالديك. وانا امك وانا امرك بهذا. قال مكثت ثلاثا حتى غشي من الجهد فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها فجعلت تدعو على سعد. فانزل الله عز وجل في القرآن هذه الاية ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك على ان تشرك بي وفيها وصاحبها في الدنيا معروفا الحديث. رواه مسلم. حلفت امه رضي الله عنه الا تأكل ولا تشرب حتى يفارق دين محمد عليه الصلاة والسلام. ومكثت على ذلك ثلاثة ايام بلياليها. وبلغ منها الجهد مبلغا عظيما وهي ممتنعة عن الاكل والشراب من اجل ان تضطر ابنها الى ان يفعل ما تريد. وقالت زعمت ان الله وصاك بوالديك وانا امك وانا امرك بهذا. وهذه شهادة منها وهي مشركة بان النبي صلى الله الله عليه وسلم من هديه الوصية ببر الوالدين. فقال يا امه والله لو كان لك مئة نفس وخرجت نفسا نفسا ما رجعت عن دين محمد صلى الله عليه وسلم لشيء. سواء لهذا الامر الذي تفعلينه او لاي امر اخر. قال فان شئت كلي وان شئت فامتنعي. قال فانزل الله عز وجل وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما. وهذا هو الذي فعله سعد رضي الله عنه. فامتنع عن طاعة امه في هذا الذي طلبت منه قال الله وصاحبهما في الدنيا معروفا اي مع بقاء المصاحبة لهما بالمعروف حتى في هذه الحال. حال دعوة الابن الى الشرك والاصرار عليه ان يشرك. ولم يقل جل وعلا فعقهما. بل قال وصاحبهما في الدنيا معروفا. واذا انا مطلوب من الابن شرعا اذا كان والده مشركا ويدعو ولده الى الشرك ان يصاحبه بالمعروف فكيف فالامر اذا كان الوارد مؤمنا تقيا صالحا ورعا مصليا صائما عابدا لله تبارك وتعالى وعن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها قالت اتتني امي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ااصلها؟ قال نعم. قال ابن عيينة فانزل الله تعالى فيها لا نهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين. رواه البخاري. كانت امها على الشرك بالله عز وجل واتتها راغبة اي راغبة في بر بنتها وصلتها لها ولم تكن راغبة في الاسلام. لان الراغبة في الاسلام يتألف ولا فالامر عطائه من اجل تأليفه للاسلام وترغيبه فيه. وقد جاء في بعض روايات الحديث عند البخاري جاءت راغمة اي راغمة عن الاسلام وباقية على عدم رغبتها فيه. وهذا يوضح لنا ان المراد براغبة في الرواية هنا اي في البر والصلة. قالت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ااصلها؟ قال نعم. وهذا فيه ان الام المشركة توصل وتبر ويحسن اليها وتعامل بالمعروف وتصاحب بالمعروف وكل ذلك لا يتنافى مع البراءة من المشركين. فتبرأ منها ومن دينها وتصلها وتبرها وتحسن اليها طمعا في هدايتها قال سفيان ابن عيينة رحمه الله فانزل الله عز وجل لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين ففيها ان الاب المشرك والام المشركة بل عموم المشركين اذا لم يكونوا مقاتلين للمسلمين ان يبروا ويقسط اليهم لا ينهى الله عن ذلك ولا شك ان الكفار اذا رأوا مثل هذه المعاملة والبر والاحسان والملاطفة يكون ذلك سببا لدخولهم في الاسلام. بل ان كثيرا من الكفار كان سبب اسلامهم رؤيتهم اخلاق المسلمين وادابهم وحسن معاملتهم. ونسأل الله ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يرزقنا البر بوالدينا وان يجزيهم عنا خير الجزاء واوفاه. وان يصلح لنا شأننا كله انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله رسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته