بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقد تقدم ان بر الوالدين يأتي في صدارة الاخلاق ومقدمها لانهما احق الناس بالادب وبحسن المعاملة وكريم الاخلاق والاداب وعليه فان عقوق الوالدين يعد هدما للقيم والاداب واكتساء بشر الاخلاق وارذلها وهو يعد في الشريعة ذنبا كبيرا وجرما عظيما وعقوبته عند الله تبارك وتعالى سديدا حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم اشد التحذير في احاديث عديدة وعده صلى الله عليه وسلم من اكبر الكبائر. عن عبدالرحمن بن ابي بكرة عن ابيه رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الا انبئكم باكبر الكبائر ثلاثا؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئا فقال الا وقول الزور. قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت متفق عليه وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر او سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين. فقال الا انبئكم باكبر الكبائر؟ قال قول الزور او قال الشهادة الزور متفق عليه. وعن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكبائر الاشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس. رواه البخاري. وعقوق الوالدين اصله من العق وهو الشق والقطع. وهو قطيعتهما واذاهما باي نوع كان من انواع اذا قل او كثر وفعل ما يغضبهما ويسيء اليهما فهي كلمة تجمع كل معاني الاساءة كما ان بر كلمة تجمع كل معاني الاحسان. سئل الحسن البصري رحمه الله عن البر والعقوق فقال البر ان تبذل لهما ما ملكت وان تطيعهما فيما امراك به ما لم يأمراك بمعصية الله والعقوق ان تهجرهما وتحرمهما. والعقوق معاشر الاحبة الكرام يتفاوت كما ان البر والاحسان ايضا يتفاوت. والبر والاحسان مطلوب الاتيان به كله في حدود طاعة المرء وهو ميدان المنافسة. والعقوق مطلوب البعد عنه كله والحذر منه كله والاساءة الى الوالدين بالقول او الفعل وهما السبب الظاهري في وجود الانسان يعد من اعظم انواع الجحود ونكران الجميل. ومن اشنع الفساد في الاخلاق ومن اعظم اللؤم في الطباع لان احسانهما وفظلهما لا يماثله اي احسان في هذا الوجود. ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوقهما من اعظم الكبائر ويكفي برهانا على خطورة العقوق و عظم هذا الجرم ان الله لما ذكر حقه ذكر تلو ذلك حق الوالد دين في اية عديدة من القرآن قال الله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا. وقال تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا. فحقهما يلي حق الله وعقوقهما يلي الشرك. وفي الاجداد والجدات. وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل حرم عليكم عقوق الامهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم ثلاثا. قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال. تقدم ان العقوق اصله القطع. والعاق لامه قد قطع ما لها عليه من حقوق واحل محل ذلك الاساءة والايذاء. وانما خصت الام بالذكر في هذا الحديث. وان كان عقوق الاب ايضا حراما لان العقوق الى الامهات اسرع من الاباء لضعف النساء وللتنبيه ايظا على ان بر الام مقدم على بر الاب في التلطف والحنو ونحو ذلك. لما لها من احقية خاصة بحسن الصحبة وطيب المعاملة. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ينظر الله عز وجل اليهم يوم القيامة. العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث وثلاثة لا يدخلون الجنة. العاق لوالديه والمدمن على الخمر والمنان بما اعطى. رواه النسائي وهذا وعيد شديد للعاق لوالديه. بعدم دخول الجنة. وهذا من الدلائل على ان هذا الجرم من كبائر الذنوب واهل الكبائر لا يكفرون بذلك ولا يخلدون في النار اذا لم يستحلوا هذه المعاصي بل هم تحت مشيئة الله كما دلت على ذلك دلائل الكتاب والسنة وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي. وذلك لان الله تعالى امر ان يطاع الوالد وان يكرم ويحسن اليه ويبر. فمن اطاعه فقد اطاع الله. ومن اغضبه فقد اغضب الله وهذا وعيد شديد يفيد ان العقوق كبيرة. وعن ابي الطفيل قال قلنا لعلي ابن ابي طالب رضي الله وعن اخبرنا بشيء اسره اليك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما اسر الي شيئا كتمه الناس؟ ولكني سمعته يقول لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من اوى محدثا ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من غير منار الارض رواه مسلم لعنوا الوالدين والعياذ بالله من اشد العقوق وافظعه واعظم اللؤم واشنعه. كيف وقد قدم من المعروف والاحسان والرعاية والتربية شيئا كثيرا لا يبلغ مجازاته. ثم يكون منه اللعن لهما. وفي هذا الحديث وعيد شديد لمن يلعن والديه بانه استحق بذلك اللعن من الله تبارك وتعالى واللعن هو الطرد والابعاد من رحمة الله فمن يلعن والديه يلعنه الله تبارك وتعالى ويطرده من رحمته جل وعلا. وهذا دليل على ان هذا الامر من كبائر الذنوب وعظائم الاثام سواء كان لعنه لوالديه تسببا او ابتداء وهو اشنع وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من اكبر الكبائر بان يلعن الرجل والديه. قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال يسب الرجل ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه. رواه البخاري وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال من الكبائر عند الله تعالى ان يستسب الرجل لوالديه رواه ومسلم. اي ان يكون سببا في سب والديه. بان يكون سببا في شتم والديه على المعنى المبين في الحديث ولعن الوالدين ابتداء يكون بمواجهتهما باللعن مباشرة. واما التسبب فهو ان يلعن الرجل ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه. بمعنى انه يجر اللعنة الى والديه ويتسبب فيه. وهذا امر يكثر عند من لا حياء عندهم ولا خوف من الله في مجالسهم ولقاءاتهم يتبادلون لعن الاباء والامهات ويجري على السنتهم اللعن اكثر من السلام والرحمة. ويكون الحظ الاوفر من تلاعنهم للاباء والامهات فلا يوجه الواحد منهم الشتم لمن شتمه. وانما يوجه الشتم لوالديه. والاخر يبادله ذلك وهذا كله من رقة الدين ووهاء الايمان وخسة الطبع واللؤم والعياذ بالله. قولهم وكيف يلعن الرجل والديه اي ان هذا امر غريب ومستبعد ان يشتم الرجل والديه ولعلهم فهموا ان المراد بالشتم شتمهما ابتداء وهذا يفيد ان شتم الوالدين ابتداء امر مستغرب ولا وجود له ولا يتصور وقوعه ان يكون الابن بهذا المستوى وبهذه الدناءة ان يواجه والديه باللعن والشتم. مع انه عند انحطاط الاخلاق يوجد مثل هذا في حطت اخلاقهم واكثر. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان التسبب في شتم الوالدين مثل مباشرة فسواء شتم والديه ابتداء او شتم والديه تسببا كل ذلك من كبائر الذنوب هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي كل هذا ليس من خلق المؤمن ولا من صفاته. واذا كان اللعن عامة ليس من صفة المؤمن. فكيف بلعن اقرب اقرباء اليه واكثرهم معروفا به واحسانا اليه امه وابيه. ولك ان تعجب يكون الولد في البيت فتحنو عليه امه وتقدم له الطعام وتعطيه اللباس وتطمئن على صحته وعافيته ثم يخرج من عندها فيلقى صديقا او اخر فيتسبب في لعنها. لا ريب ان هذا من دناءة الطبع وسوء الخلق. وفي الحديث تنبيه على خطورة جلساء السوء وخلطاء الفساد. فمن يجالسهم اما ان يعلموه ان يلعن والديهم مباشرة او ان يكون على ايديهم لعن للوالدين بالتسبب وهم من اخطر ما يكون على المرء في دينه وعقيدته وعبادته وادبه فهم كما قال صلى الله عليه وسلم كنافخ الكير اما ان يحرق ثيابك واما ان تجد منه رائحة خبيثة. واذا كان هذا شأنهم مع والديهم مع عظم احسانهم فلا خاتمة لهم مع كل صاحب مهما احسن. ولذا قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله لا تصحبن عاقا فانه لن يقبلك وقد عق والديه. وقد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل يسفه على والديه فما يجب عليه فاجاب اذا شتم الرجل اباه واعتدى عليه فانه يجب ان يعاقب عقوبة بليغة تردعه وامثاله عن مثل ذلك بل وابلغ من ذلك انه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين انه قال من الكبائر ان سب الرجل والديه قالوا وكيف يسب الرجل والديه؟ قال يسب ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه فيسب امه فاذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل من الكبائر ان يسب الرجل ابا غيره لئلا يسب اباه فكيف اذا سب هو اباه مباشرة؟ فهذا يستحق العقوبة التي تمنعه عن عقوق الوالدين الذي قرنه الله بحق حيث قال ان اشكر لي ولوالديك وقال وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما. فكيف بسبهما؟ انتهى كلامه رحمه الله. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده. رواه الترمذي. هذه موقظة في هذا الباب. قد يشتد اذى الولد لوالديه ويعظم عقوقه لهما فيلجأهما ذلك الى الدعاء على الولد دعوة قد تكون مستجابة فيكون بها هلاكه في دنياه واخراه والوالد لا يمكن ان يدعو على ولده الا في حال غضبه منه وانزعاجه الشديد من سوء معاملته. اما في حال بره به واحسانه اليه ولطفه معه فلا يدعو عليه ودعوة الوالد مستجابة لا ترد سواء دعا لولده او دعا عليه. ولهذا جاء في بعض الفاظ الحديث ودعوة لولده فالدعاء له اي بخير والدعاء عليه اي بظر كل ذلك مستجاب من الاب لا يرد. فيستفاد من هذا ان الواجب على الابناء ان يحرصوا على كسب دعوة الوالدين لهم بالخير وهذا فرع عن رظا الوالدين عنهم وان يحذروا اشد الحذر من دعاء والديهم عليهم بالضر وهذا فرع عن عقوقهما والاساءة اليهما ومن عجيب القصص في هذا الباب ما رواه ابو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يتكلم في المهد الا ثلاثة عيسى ابن مريم وصاحب جريج. وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة. فكان في فيها فاتته امه وهو يصلي فقالت يا جريج فقال يا رب امي وصلاتي فاقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد اتته وهو يصلي فقالت يا جريج فقال يا رب امي وصلاتي فاقبل على صلاتي فانصرف فلما كان من الغد اتته وهو يصلي فقالت يا جريج فقال اي رب امي وصلاتي فاقبل على صلاته فقالت اللهم لا تمته حتى ينظر الى وجوه المومسات. فتذاكر بنو اسرائيل جريجا وعبادته وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها. فقالت ان شئتم لافتننه لكم. قال فتعرضت له فلم يلتفت اليها. فاتت راعيا كان يأوي الى صومعته فامكنته من نفسها وقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج فاتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال ما شأنكم قالوا زنيت بهذه البغي فولدت منك. فقال اين الصبي؟ فجاءوا به. فقال دعوني حتى اصلي فصلى. فلما انصرف اتى الصبي فطعن في بطنه وقال يا غلام من ابوك؟ قال فلان الراعي. قال فاقبلوا على جريج وقالوا نبني لك صومعتك من ذهب؟ قال لا اعيدوها من طين كما كانت ففعلوا وبين صبي يرظع من امه فمر رجل راكب على دابة فارهة وسارة حسنة قالت امه اللهم اجعل ابني مثل هذا. فترك الثدي واقبل اليها فنظر اليها فقال اللهم لا تجعلني مثله ثم اقبل على ثديه فجعل يرتظع قال فكأني انظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتظاعه باصبعه السبابة في فمه فجعل يمصها قال ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقتي وهي تقول حسبي الله ونعم الوكيل فقالت امه اللهم لا تجعل ابني مثلها فترك الرضاع ونظر اليها فقال اللهم اجعلني مثلها. فهناك تراجع الحديث حلقى مر رجل حسن الهيئة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت اللهم لا تجعلني مثله ومروا بها هذه الامة وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقتي فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها. فقلت اللهم اجعلني مثلها قال ان ذاك الرجل كان جبارا فقلت اللهم لا تجعلني مثله. وان هذه يقولون لها زنيت ولم تزني وسرقت ولم تسرق. فقلت اللهم اجعلني مثلها فهذه القصة العجيبة العظيمة معاشر الاحبة الكرام التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي من اخبار من قبل انا فيها ان جريجا وقد كان شابا عابدا منشغلا بالصلاة والمحافظة عليها لما دعت عليه امه بتلك الدعوة استجاب الله تبارك وتعالى دعوتها فرمته بغي من بني اسرائيل حامل من الزنا بذلك فعذب هدمت صومعته ثم نجاه الله تعالى بعد تلك العقوبة. ففيه ان دعوة الوالد على والده مستجابة وفي مقابل هذا فان بر الوالدين سبب لاجابة دعوتهما له لا سيما في دفع البلاء وكشف الكرب. فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال بينما ثلاثة نفر يتمشون. اخذهم المطر فأووا الى غار في جبل. فانحطت على فم غارهم صخرة ثم من الجبل فانطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا اعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها لعل الله يفرجها عنكم. فقال احدهم اللهم انه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي ولي صبية صغار ارعى عليهم. فاذا ارحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي فسقيتهم تهما قبل بني وانه نأى بي ذات يوم الشجر فلم ات حتى امسيت فوجدتهما قد نام فحلبت كما كنت احلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما اكره ان اوقظهما من نومهما واكره ان اسقي الصبية قبلهما والصبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبه حتى طلع الفجر فان كنت تعلم اني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء. ففرج الله منها فرجة فرأوا منها السماء. وقال الاخر اللهم انه كانت لي ابنة عم احببتها كاشد ما يحب الرجال النساء وطلبت اليها نفسها فابت. حتى اتيها بمئة دينار فتعبت حتى جمعت مئة دينار فجئتها بها فلما وقعت بين رجليها قالت يا عبد الله اتق الله ولا افتح الخاتم الا بحقه. فقمت عنها. فان كنت تعلم اني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا امنها فرجة ففرج لهم. وقال الاخر اللهم اني كنت استأجرت اجيرا بفرق ارز. فلما قضى عمله قال اعطني حقي فعرضت عليه فرقه فرغب عنه فلم ازل ازرعه حتى جمعت منه بقرا ورعائها فجاءني فقال اتق الله ولا تظلمني حقي. قلت اذهب الى تلك البقر ورعائها خذها فقال اتق الله ولا تستهزئ بي فقلت اني لا استهزئ بك خذ ذلك البقر ورعائها فاخذه فذهب به فان كنت تعلم اني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ما بقي ففرج الله ما بقى متفق عليه فاحد هؤلاء الثلاثة كانت وسيلته في دعائه لتفريج هذا الكرب بره بوالديه الشيخين الكبيرين وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رغم انف ثم رغم انف ثم رغم انفه قيل من يا رسول الله؟ قال من ادرك ابويه عند الكبر احدهما او كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم رقى المنبر فقال امين امين امين. قيل له يا رسول الله ما كنت تصنع هذا؟ فقال قال لي جبريل رغم انف عبد ادرك ابويه او احدهما لم لم يدخله الجنة قلت امين. ثم قال رغم انف عبد دخل عليه رمظان لم يغفر له. فقلت امين. ثم قال رغم انف امرئ ذكر عنده فلم يصلي علي. فقلت امين رواه البخاري في الادب المفرد وصلى الله وسلم على نبينا محمد محمد وعن كعب ابن عجرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احضروا المنبر فحظرن فلما ارتقى درجة قال امين فلما ارتقى الدرجة الثانية قال امين. فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال امين. فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه. قال ان جبريل عليه الصلاة والسلام عرض لي فقال بعدا لمن ادرك رمضان فلم يغفر له قلت امين فلما رقيت الثانية قال بعدا لمن ذكرت عنده فلم يصلي عليك. صلى الله عليه وسلم. قلت امين. فلما الثالثة قال بعدا لمن ادرك ابواه الكبر عنده او احدهما فلم يدخلاه الجنة قلت امين رواه الحاكم. وعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم رقى المنبر فلما رقى الدرجة الاولى قال امين. ثم رقى الثانية فقال امين ثم رقى الثالثة فقال امين. فقالوا يا رسول الله سمعناك تقول قل امين ثلاث مرات. قال لما رقيت الدرجة الاولى جاءني جبريل صلى الله عليه وسلم فقال شقي عبد رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له. فقلت امين. ثم قال شقي عبد ادرك والديه او احدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت امين. ثم قال شقي عبد ذكرت عنده ولم يصلي عليك فقلت امين. رواه البخاري في الادب المفرد وصلى الله وسلم على نبينا محمد. من اكرمه الله وادرك ابويه ولا سيما وهما على كبر قد وصل الى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والاحسان ما هو معروف. فقد بابا عظيما من ابواب الجنة. حفظه المرء او ضيعه. قال الله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا فاياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا انهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. فلا تقل لهما اف اي لا تسمعهما قول قولا سيئا حتى ولا التأفيف الذي هو ادنى مراتب القول السيء. ولا تنهرهما اي ولا يصدر منك اليهما فعل قبيح كما قال عطاء ابن ابي رباح في قوله ولا تنهرهما اي لا تنفض يديك على والديك. ولما نهى عن القول قبيح والفعل القبيح امر بالقول الحسن والفعل الحسن. فقال وقل لهما قولا كريما اي لينا طيب حسنا بتأدب وتوقير وتعظيم واخفض لهما جناح الذل من الرحمة اي تواضع لهما بفعلك وقل رب ارحمهما اي في كبرهما وعند كما ربياني صغيرا فمن لم يقم بحقهما من البر والاحسان والطاعة واللطف وخفض الجناح وغير ذلك من حقوق الوالدين سيما في هذا السن بل فرط وضيع او عق واساء فحظه الشقاء والحرمان والصغار والهوان كما تقدم في الاحاديث سقي عبد ادرك والديه او احدهما فلم يدخلاه الجنة. ورغم انف من ادرك ولم يدخلاه الجنة. قال القرطبي رحمه الله وهذا دعاء مؤكد على من قصر في بر ابويه. ويحتمل جهين احدهما ان يكون معناه صرعه الله لانفه فاهلكه. وهذا انما يكون في حق من لم يقم بما يجب عليه من برهما وثانيهما ان يكونا معناه اذله الله. لان من الصق انفه الذي هو اشرف اعضاء الوجه بالتراب الذي هو موطئ الاقدام واخص الاشياء فقد انتهى من الذل الى الغاية القصوى. وهذا يصلح ان يدعى به على من في متأكدات المندوبات ويصلح لمن فرط في الواجبات وهو الظاهر. وتخصيصه عند الكبر بالذكر. وان كان برهما واجبا على كل حال انما كان ذلك لشدة حاجتهما اليه ولظعفهما عن القيام بكثير من مصالحه ديما فيبادر الولد اغتنام فرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك انتهى كلامه رحمه الله وعن ابي بكرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ذنب اجدر ان يعجل الله صاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الاخرة من البغي وقطيعة الرحم. رواه الترمذي. وهذا يدل على ان قطيعة الرحم والبغي لهما عقوبة معجلة ومؤجلة. عقوبة في الدنيا وعقوبة في الاخرة وهو اجدر الذنوب بتعجيل العقوبة لصاحبه في الدنيا مع ما يعاقبه الله سبحانه وتعالى به يوم القيامة ويدخل الابوان في ذلك دخولا اوليا. وعن طيسلة انه سمع ابن عمر رضي الله عنه ما يقول بكاء الوالدين من العقوق والكبائر قال ابن الجوزي رحمه الله في مقدمة كتابه بر الوالدين متأسفا لحال بعض الشباب في زمانه في شأن البر بالاباء والامهات قال فاني رأيت شبيبة من اهل زماننا لا يلتفتون الى بر الوالدين. ولا يرونه لازما لزوم الدين. يرفعون اصواتهم على الاباء والامهات وكانهم لا يعتقدون طاعتهم من الواجبات. ويقطعون الارحام التي الله سبحانه بوصلها في الذكر. ونهى عن قطعها بابلغ الزجر. وربما قابلوها بالهجر والجهر. الى اخر كلامه رحمه الله تعالى. وهذا الذي يألم لوجوده في زمانه موجود في كل زمان لكن بالمناصحة وملاطفة هؤلاء الشباب وتذكيرهم بهذه النصوص العظيمة والاثار المترتبة على ذلك يصلح منهم من اراد الله صلاحه. نسأل الله ان يصلح ابناء المسلمين وان يرد ضالهم الى الحق ردا جميلا انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته