بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله طوله. صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان هذه الشريعة المباركة شريعة الاسلام جاءت بمكارم الاخلاق ورفيع الاداب وجميل معاملات. مما يدل على كمالها وشمولها وعظمتها وتناولها لكل الجوانب والمصالح والحقوق فلله الحمد على ما من وتفضل ونسأله جل في علاه ان يوفقنا اجمعين لحسن الاستمساك بادابها الطيب واخلاقها العظيمة ومن هذه الاداب الكريمة والاخلاق الحسنة التي دعت اليها الشريعة العناية بحق الجار وما ادراكم الجار ذلك الذي صارت داره قريبة من دارك. ومسكنه مجاورا لمسكنك. ولك به لقاءات متعددة تراه ويراك. فقد جعل الله سبحانه وتعالى له حقا حث عباده عليه. وجاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم احاديث كثيرة في بيان حقه وعظم شأنه بل ان الله عز وجل قرن حقه بحقه سبحانه. وذلك في قوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت ايمانكم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا ومن كان مختالا فخورا لن يرعى لجار حقه بل ولا لشيء من الحقوق لما قام في قلبه من لائن وكبر. واما من كان مؤمنا متواضعا مطيعا لمولاه فان لهذه الحقوق شأنا في نفسه ومكانة في قلبه يحرص على الوفاء بها عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زال جبريل يوصيني بالجنة حتى ظننت انه ليورثنه. رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه متفق عليه قوله ما زال يفيد تكرار الوصية من جبريل عليه السلام لنبينا صلى الله عليه وسلم بالجار برا احسانا واكراما وقياما بحقوقه ومواساة له وعطفا عليه وقوله حتى ظننت انه سيورثه. اي من كثرة الوصية به ظننت انه ينزل علي وحي من الله بان ان يكون للجار نصيب من ميراث جاره. تأكيدا وبيانا لعظم مقام الجار وما له من حقوق وهذا الحق الذي جعله الله سبحانه وتعالى للجار. سببه تجاور البيوت وتقارب المساكن ودوام التلاقي والمشاهدة بحيث تتكرر يوميا بخلاف غيره فجارك تراه كل يوم بل قد تراه في اليوم مرات وكرات وايضا قد تحتاج اليه وقد يحتاج اليك ولا يخفى ان ما يكون بين متجاوري الدور اكبر واعمق مما يكون بين المتباعدة دورهم وعن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال خير الاصحاب ابي عند الله خيرهم لصاحبه. وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره. رواه احمد فافضل الجيران عند الله واعلاهم شأنا خيرهم لجيرانه اي اكثرهم نفعا واحسانا وصلة لهم وتعاهدا وقياما بالحقوق. وهذا فيه الدعوة الى العناية بحقوق الجيران احتساب وطلبا لثواب الله. لان العبد اذا كان محسنا لجيرانه قائما بحقوقه موصلا النفع اليهم غير مؤذ لهم ثم كان جيرانه دونه في ذلك او على النقيض من ذلك فهو خيرهم عند الله وكفاه شرفا وفظلا ونبلا ان يفوز بهذه الخيرية وان ينال هذه المنزلة العلية وفي هذا تسلية للجار المحسن لجيرانه حتى وان اساءوا اليه لانه باحسانه اليهم وقيامه بحقوقهم اطلب بذلك ما عند الله ولا يطلب منهم ويصلهم لاجله سبحانه يريد الجزاء والشكور منه سبحانه وتعالى وفيه ايضا التنبيه على اهمية تعلم المسلم عموم حقوق الجيران المبينة في السنة والمحافظة عليها وتطبيقها ليكون بذلك خير الجيران عند الله. فانه اذا كان يجهلها كيف يقوم بها وهو لا يدري ما هي ففاقد الشيء لا يعطيه واذا كان خير الجيران عند الله خيرهم لجاره. فمفهوم المخالفة يدل على ان شر الجيران عند الله شرهم بان يكون مؤذيا لهم مسيئا اليهم لا يأمنون بوائقه وشره وقولهم خيرهم لجاره تشمل كل ابواب الخير وهي كثيرة كالمبادرة بالسلام وطلاقة الوجه وحسن المقابلة وطيب المعاشرة والصلة بالطعام والهدية والزيارة والسؤال الى غير ذلك من معاني الخير ومجالات البر عن سعد ابن ابي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربع من السعادة المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء واربع من الشقاوة الجار السوء والمرأة السوء والمسكن الضيق والمركب السوء. رواه ابن حبان. وعن نافع ابن عبد الحارث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب هنيء رواه البخاري في الادب المفرد لا ريب ان من نعم الدنيا وسعادة العبد فيها ان يكرم بالجار الصالح اي الجيران الصالحين لانه يستفيد من صلاحهم ويكونون قدوة له ولولده في الخير ومعونة له ولهم على الطاعة والصلاح ويأمنوا بوائقهم ووصول الاذى من جهتهم فهم غنيمة ونعمة عظيمة. حتى ان بعض العصاة يفرح بالجار الصالح ويسعد به ما لا يسعد بالجار الذي هو نظيره في العصيان. لعلمه بانه مأمون وجار السوء من النكد العظيم في الدنيا والشقاوة وبخاصة في المكان الذي يستوطن فيه المرء كأن يبني بيتا ويتعب في بنائه ويبذل فيه نفيس ماله ثم يفاجئ بجار سوء او جيران سوء فلا يسعد في بيته ولا يرتاح وفيه ولا يطمئن على ولده واهله وماله. وهذا مما يتعوذ بالله منه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام فان الجار البادي محول عنك رواه النسائي فجار السوء في دار المقامة شره دائم ونكده مستمر. واما جار السوء في السفر او المنازل المؤقتة سوءه لا يتعدى ساعات او ايام ثم يتحول. عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذي جاره. ومن كان يؤمن بالله واليوم اخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليسكت متفق عليه وعن ابي شريح الخزاعي النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليحسن الى جاره من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليسكت. متفق عليه وفي رواية فليكرم ضيفه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بالله الذي هو المقصود المعبود الملتجأ اليه سبحانه وذكر الايمان باليوم الاخر الذي هو دار الجزاء والحساب وملاقاة ثواب الاعمال. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وفي هذا تذكير بان القلب اذا عمر بهذين الاصلين صلحت جوارح واستقامت على طاعة الله سبحانه ويجمع ما ينبغي للجار من حقوق امران عظيمان. الاول ان يعنى باكرام الجار والاحسان اليه بما تعنيه هاتين الكلمتين من دلالة وهما مطلبان جليلان ينبغي ان يعنى بهما المسلم تجاه جاره. ولم يحدد نوع معين من الاكرام احسان ليشمل كل اكرام واحسان مستطاع. ليكون ذلك باب تنافس بين الجيران. كل بما يسروا له. وكلما ازداد الاحسان والاكرام عظم الثواب والاجر. الثاني ان يحرص على الا يصل الى جاره منه اي اذى. لا اذى قولي ولا اذى فعلي. لان هذا يعد تضييعا لحق الجار اليه وتعريضا للنفس لعقوبة الله تبارك وتعالى واذا اراد العبد لنفسه ضابطا في هذا الباب فلينظر الى ما يحب ان يعامله به جيرانه فليعاملهم به قال صلى الله عليه وسلم فمن احب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن لله واليوم الاخر وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احد حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه متفق عليه. وفي لفظ عند مسلم والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره. او قال لاخيه ما يحب لنفسه وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه رواه مسلم. وعن ابي شريح رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال والله لا يؤمن والله لا ايؤمن والله لا يؤمن قيل ومن يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه. رواه البخاري وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال الجار جار لا يأمن جاره بوائقه قالوا يا رسول الله وما بوائقه؟ قال شره. رواه احمد فقد نفى صلى الله عليه وسلم الايمان عن من لا يأمن جاره بوائقه. وتوعده بعدم دخول الجنة اعظاما لحق الجار. وان اظراره من كبائر الذنوب. واذا كان هذا بمجرد الخوف من بوائقه كيف بمن فعل البوائق مع عدم امن جاره منه وعن عبد الله بن مسعود قال قال رجل يا رسول الله اي الذنب اكبر عند الله؟ قال ان تدعو لله ندا وهو قال ثم اي؟ قال ان تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك قال ثم اي؟ قال ان تزاني حليلة جارك فانزل الله عز وجل تصديقها والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثام متفق عليه عن المقداد ابن الاسود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه ما تقولون في الزنا؟ قالوا حرمه الله ورسوله فهو حرام الى يوم القيامة قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه لان يزني الرجل بعشرة نسوة ايسر عليه من ان يزني بامرأة جاره قال فقال ما تقولون في السرقة؟ قالوا حرمها الله ورسوله فهي حرام. قال لان يسرق الرجل من عشرة ابيات عليه من ان يسرق من جاره. رواه احمد سألهم صلى الله عليه وسلم عن الزنا مع ادراكهم لحرمته وخطورته. لينبههم على امر غاية في السوء والخطورة. قالوا حرمه الله ورسوله فهو حرام الى يوم القيامة. فقال لهم عندئذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لان يزني الرجل بعشرة نسوة ايسر عليه من ان يزني بامرأة جاره. لان الجار له من الحرمة والحق والدمام ما جعله الله له في كتابه ووصى به جبريل رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم غاية الوصية وعلق النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بالله واليوم الاخر باكرامه والاحسان اليه وان تحفظ حرمته وان يدفع عنه. بل لو حاول احد ان يعتدي على حرمة جاره فهو اول من يقوم مقامه في الذب عن هو الدفاع. اما ان يصل به الانحطاط واللؤم والاساءة الى ان يكون منه هذا الاذى والسوء فهذا غاية الدناءة والخسة. كما قال صلى الله عليه وسلم لان يزني الرجل بعشرة نسوة ايسر وعليه من ان يزني بامرأة جاره. فالاصل في الجار المسلم ان يأمنه جاره ويكون مطمئنا من جهته على عرضه وماله والاصل في الجار ان يكون ذا امان مع جاره فهو على معرفة باحوال جاره في دخوله فالاعتداء من مثله ايسر لانه على اطلاع بخبايا البيت بخلاف البعيد الذي ان اراد سرقة الدار او على عرض فانه يحتاج الى وقت لصبر احوال تلك الدار واذا كانت حليلة الجار من ذوي الرحم فقد اجتمعت امور ثلاثة الجوار والاسلام والقرابة فيكون الجرم اكبر عند الله عز وجل. ولهذا جاء افي حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي سنده مقال لكن معناه صحيح انه قال الجيران ثلاثة فمنهم من له ثلاث حقوق ومنهم من له حقان ومنهم من له حق واحد. فاما الذي له ثلاث حقوق فالجار المسلم القريب له حق الاسلام وحق الجوار وحق القرابة. واما الذي له حقان فالجار المسلم له حق جوار وحق الاسلام. واما الذي له حق واحد فالجار الكافر له حق الجوار. فاذا اجتمعت جيرة وقرابة واسلام ثم تنتهك هذه الحقوق لا شك ان الجرم مضاعف فالشريعة جاءت بالوصية بالجار الاجنبي ولو كان كافرا فكيف بالمسلم القريب؟ عن مجاهد ان عبد الله ابن بن عمر رضي الله عنهما ذبحت له شاة في اهله فلما جاء قال اهديتم لجارنا اليهودي اهديتم لجارنا اليهودي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت ان انه سيورثه رواه الترمذي. وهذا من العمل بقول الله عز وجل لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين فمعاملتهم بالحسنى وتقديم الهدية لهم وملاطفتهم من التأليف لهم لعل الله ان يهديهم بسبب ذلك الى الاسلام وقد كان حق الجار وحفظ عورته معروفا لدى بعض اهل الجاهلية. يقول عنترة وهو شاعر جاهلي واغض طرفي ان بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها. بينما يوجد في بعض ضعاف الدين. من قد تختلس النظر الى عورة جاره مستغلا نافذته او نحو ذلك. والله سبحانه مطلع عليه وعليم به. وان خفي على جاره وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ان فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خير فيها هي من اهل النار. قالوا وفلانة تصلي المكتوبة وتصدق باثوار ولا تؤذي احدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من اهل الجنة. رواه البخاري في الادب المفرد فهذه المرأة تقوم الليل وتصوم النهار ولها اعمال صالحة وتكثر من الصدقة الا انها تؤذي جيرانها لسانها سبا لهم مثلا واغتيابا ونحو ذلك من انواع اذى اللسان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا خير فيها. هي من اهل النار فهذا وعيد شديد لمن كان بهذا الوصف يؤذي جيرانه بلسانه. واذا اجتمع مع اذيته لهم اذيته لهم بيده فهذا سوء على سوء وشر على شر واذا كان هذا وعيد لتلك المرأة مع ما عندها من عمل صالح ولم تؤذي جيرانها الا بلسانها. فكيف بمن قلت اعماله الصالحة فلم يكن من اهل قيام ليل ولا صيام نهار ومع ذلك يؤذي جيرانه بلسانه باعماله وقالوا عن الثانية وفلانة تصلي المكتوبة فهي ليست معروفة بقيام ليل وتصدق باثوار ولفظه عند احمد اثوار من اقط يعني قطع قليلة من الاقط لكنها لا تؤذي احدا كافة نفسها حافظة لسانها ويدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من اهل الجنة وهذا فيه عظم ثواب من صان لسانه وكف يده. وقد ضمن النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان بهذه صفة دخول الجنة. فعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اظمنوا لي ستا من اضمن لكم الجنة. اصدقوا اذا حدثتم واوفوا اذا وعدتم. وادوا اذا اؤتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا ابصاركم وكفوا ايديكم اي عن ايذاء الناس والجار من باب اولى وعن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بين يدي الساعة قتل هرجا قال قلت يا رسول الله ما الهرج؟ قال القتل فقال بعض المسلمين يا رسول الله انا نقتل الان في العام الواحد من المشركين كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته. فقال بعض القوم يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنزع عقول اكثر ذلك الزمان ويخلف له هباء ومن الناس لا عقول لهم. رواه ابن ماجة. هذا حديث ثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم فيه بيان ان الساعة لا تقوم الا على الشرار. ولا تقوم الا على مثل هذه الحال. فيبلغ المبلغ بالجار السوء الى ان ان يقتل جاره وان يقتل اخاه وقريبه. وهذا اظافة الى ما فيه من العدوان على الدم المحرم بغير حق فيه انتهاء كل حرمة الجوار والقرابة فهو عقوق وقطيعة وشر وسوء. ولا يصل الى هذا الا من نزعت عقولهم الفتن من سفهاء الاحلام امثال الانعام. الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. حتى يخرج اخرهم مع المسيح الدجال في اخر الزمان وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله ان لي جارا يؤذيني فقال انطلق فاخرج متاعك الى الطريق فانطلق فاخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا ما شأنك؟ قال لي جار يؤذيني فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال انطلق فاخرج متاعك الى الطريق. فجعلوا يقولون اللهم العن اللهم اخزه فبلغه فاتاه فقال ارجع الى منزلك فوالله لا اؤذيك. رواه البخاري في الادب المفرد قد يبلغ الاذى من الجار مبلغا لا يحتمل فيضطر جاره الى شكايته الى ولي الامر حتى يكف اذاه وهذا رجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان لي جارا يؤذيني. يسأل ماذا يصنع؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام فاخرج متاعك الى الطريق فانطلق فاخرج متاعه اي من اجل اظهار شناعة عمل جاره ومبلغ اذاه. فاخذ الناس يدعون عليه. فاتاه جاره وهو قال ارجع الى منزلك فوالله لا اؤذيك. فارشده النبي صلى الله عليه وسلم الى امر يستطيع به ان يتخلص من اذية جاره بان يفتضح امره عند الناس فيكف اذاه. ومن يشتد اذاه لجاره حتى يضطره الى الخروج من من داره من الامور المؤذنة بهلاك المرء. عن ابي عامر الحمصي قال كان ثوبان يقول ما من رجلين يتصارمان فوق ثلاثة ايام فيهلك احدهما فماتا على ذلك من المصارمة الا هلك جميعا. وما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك على ان اخرج من منزله الا هلاك. رواه البخاري في الادب المفرد اي ان من اسباب هلاك المرء وخسرانه ان يؤذي جاره ويقهره بحيث يخرج الجار من بيته مقهورا بسبب اذية يأتي جاره له في بحث عن مسكن اخر يأوي اليه لا يكون فيه احد يؤذيه فالشريعة جاءت بالتأكيد على حفظ حق الجار وتجريم الاساءة اليه او الاعتداء عليه واوصت به خيرا احسانا واكراما وكلما قربت دار الجار عظم حقه وتأكد. عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله ان لي جارين فلايهما اهدي قال الى اقربهما من كبابا رواه البخاري. اي اذا كانت الهدية لا تكفي الا لجار واحد. اما اذا كانت تكفي لاكثر من فانه يعطي منها من تيسر له من جيرانه وعن علقمة ابن بجالة ابن زيد قال سمعت ابا هريرة قال ولا يبدأ بجاره الاقصى قبل الادنى ولكن يبدأ بالادنى قبل الاقصى. رواه البخاري في الادب المفرد فاذا كان عنده هدية واحدة لا يرسلها الى جاره البعيد ويترك جاره القريب. بل يبدأ بالادنى فالادنى ويبدأ اقرب بابا وعن الوليد بن دينار عن الحسن انه سئل عن الجار. فقال اربعين دارا امامه واربعين خلفه واربعين عن يمينه نحو اربعين عن يساره. رواه البخاري في الادب المفرد اي اربعين دارا من الجهات الاربع من الامام والخلف واليمين واليسار. واذا كان هؤلاء كلهم في عداد الجيران فربما لا يستطيع ان ليصل نفعه الى كل هؤلاء. لذا فانه يبدأ بالادنى فالادنى. وعن ابن عمر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا اغلق بابه دون فمنع معروفه. رواه البخاري في الادب المفرد والمراد بغلق الباب دونه اي في حال احتياجه اليه ووجود فضل من الزاد عنده فيمنعه جاره ويغلق بابه دونه يشتكيه الى الله لمنعه معروفا مع احتياجه اليه واستغناء جاره عنه وعن عبدالله بن المساور قال سمعت ابن عباس يخبر ابن الزبير يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع. رواه البخاري في الادب المفرد فلا يجوز للجار ان ينام شبعان وعنده فظل زاد ثم يترك جاره ينام جائعا وهو يعلم به يتضور جوعا ولا والنفي هنا لكمال الايمان الواجب. فلا ينفى الايمان الا لمن ترك واجبا من واجبات الايمان. ففيه اي ان من المحرمات ان ينام المرء وعنده فضل زاد ويترك جاره يبيت جائعا. اما اذا لم يكن عنده ومن الزاد الا ما يكفيه ويشبعه ويشبع ولده فلا يلحقه اثم وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسنا شاة متفق عليه. اي لا تستقل شيئا مما تقدمه لجاراتها من طعام او هدية او نحو ذلك حتى لو كان قليلا او يسيرا فعليها الا تحقره. وفرسا الشاة هو ضلفها اي ولو كان امرا يسيرا ليس له اعتبار عند كثير من الناس. نسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين للتأدب اداب الاسلام وان يوفقنا اجمعين للقيام بالحقوق العظيمة التي اوجبها الله تبارك وتعالى علينا وامرنا بها ان يشرح صدورنا اجمعين للخير وان يهدينا اليه صراطا مستقيما. انه تبارك وتعالى سميع دعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته