بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فان من الاخلاق الرفيعة التي حثت عليها الشريعة صنع المعروف وبذله والاحسان الى الناس وان يعتبر المسلم هذا وظيفة له يومية تتجدد معه بتجدد الايام وان هذا من جملة الصدقات المطلوب من المسلم بذلها كل يوم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل سلامة عليه صدقة كل يوم يعين الرجل في دابته يحامله عليها او يرفع عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة وكل خطوة يخطوها الى الصلاة صدقة ودلوا الطريق صدقة متفق عليه وهذا كله معاشر الكرام من شكر النعمة ومن صدقة البدن بان جعل الله سبحانه لعظام العبد مفاصل تقدر على القبض والبسط والقيام والقعود والصعود والنزول وهي من اعظم نعم الله عليه وحق المنعم عليه ان يقابل كل نعمة منها بشكر يخصها فيعطي صدقة كما اعطي منفعة وما ذكر من اعانة الرجل في دابته يحمله عليها او يرفع عليها متاعه والكلمة الطيبة ودلالة ضال هذه امثلة تدل على غيرها وترشد الى ما سواها من صنائع المعروف وابواب الاحسان وعن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل مسلم صدقة قيل ارأيت ان لم يجد؟ قال يعتمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قال قيل ارأيت ان لم يستطع قال يعين ذا الحاجة الملهوف قال قيل له ارأيت ان لم يستطع؟ قال يأمر بالمعروف او الخير قال ارأيت ان لم يفعل قال يمسك عن الشر فانه صدقة متفق عليه قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ففي هذا الحديث انه اوجب الصدقة على كل مسلم. وجعلها خمس مراتب على البدل الاولى الصدقة بماله فان لم يجد اكتسب المال فنفع وتصدق وفيه دليل على وجوب الكسب فان لم يستطع فيعين المحتاج ببدنه فان لم يستطع فبلسانه فان لم يفعل فيكف عن الشر فالاوليان تقع بمال اما بموجود او بمكسوب والاخريان تقع ببدن اما بيد واما بلسان وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل معروف صدقة رواه البخاري ورواه مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه بهذا الحديث بيان لمفهوم الصدقة الواسع. وان الصدقة ليست مقتصرة على بذل المال وانفاقه بل الصدقة مجالها واسع فكما ان الغني يتمكن من الصدقة على الفقير بالمال فان الفقير يتمكن من الصدقة على الغني بانواع من كأن يلقاه بوجه طليق ويعامله بمعاملة طيبة ويعينه في امر من اموره ويدعو له كل هذا مجالات المعروف وهي الصدقات ولهذا ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال كل معروف صنعته الى غني او فقير صدقة وهذا معاشر الكرام يدفع المرء الى الجد والاجتهاد في بذل الخير لان من يقرأ الايات والاحاديث التي فيها حث على الصدقة وترغيب فيها وتتحرك نفسه لذلك وهو قليل المال او عديمه قد يظن انه لا نصيب له ولا حظ له من هذه الايات والاحاديث لانه لا مال عنده يتصدق به. وقد جال شيء من هذا المعنى في نفوس فقراء الصحابة رضي الله عنهم فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان فقراء المهاجرين اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب اهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم فقال وما ذاك قالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افلا اعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا لا يكون احد افضل منكم الا من صنع مثل ما صنعتم قالوا بلى يا رسول الله قال تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة فرجع فقراء المهاجرين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سمع اخواننا اهل الاموال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. متفق عليه وعن ابي ذر رضي الله عنه ان ناسا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب اهل الدثور بالاجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول اموالهم قال اوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به ان بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة امر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة. وفي بضع احدكم صدقة قالوا يا رسول الله اياتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر؟ قال ارأيتم لو وضعها في حرام اكان عليه فيها وزر اذا وضعها في الحلال كان له اجر. رواه مسلم فالصدقة معاشر الاحبة الكرام اوسع الابواب فلا تتوقف على وفرة المال والغنى بل الفقير له حول كبير منها وهي متنوعة لان الخير كثيرة. فينبغي للعبد ان يبادر ويسارع في الخير. وكلما فتح له باب منه سار عليه اليه فيأخذ من كل باب منها بنصيب ولقد تعجب الصحابة رضي الله عنهم من اتساع مجالات الصدقة حتى شملت اتيان الرجل اهله. فقالوا يا رسول الله ايأتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر تبين لهم عليه الصلاة والسلام انه لو كان قد وضعها في حرام اليس يكون اثما؟ فكذلك من لم يجعلها الا افي الحلال فهو مأجور بل ان الاجر في هذا يتسع بحسب النية فاذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي امر الله به وطلب ولد صالح واعفاف نفسه واعفاف الزوجة ومنعهما جميعا من النظر الى الحرام والفكر فيه والهم به وغير ذلك من المقاصد الصالحة فكم له وفي ذلك من الاجور عن انس رضي الله عنه قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة اتاه المهاجرون فقالوا يا رسول الله ما رأينا قوما ابدل من كثير ولا احسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين اظهرهم لقد كفونا المؤنة واشركونا في المهنة حتى لقد خفنا ان يذهبوا بالاجر كله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ما دعوتم الله لهم واثنيتم عليهم. رواه الترمذي وهذا معاشر الكرام باب عجيب. فتح لمن صنع اليه معروف. وهو لا يجد ما يكافئ به صانع المعروف فالانصار استضافوا المهاجرين وناصفوهم في املاكهم وبيوتهم وطعامهم وشرابهم واحسن اليهم احسانا عظيما فقال المهاجرون للنبي صلى الله عليه وسلم لقد كفونا اي الانصار المؤنة واشركونا في المهنة حتى لقد خفنا ان يذهبوا بالاجر كله. قالوا ذلك حرصا منهم على الاجر والثواب فقال صلى الله عليه وسلم لا ما دعوتم الله لهم واثنيتم عليهم به فنبههم صلى الله عليه وسلم ان الفقير يدرك بقوله ونيته ما يدركه الغني بفضول ماله فان الانصار بذلوا اموالا كثيرة للفقراء من المهاجرين. بل قاسموهم اموالهم واثروهم على انفسهم. حتى انزل الله عز وجل في هذا الايثار قوله جل في والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة. ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون حتى خاف المهاجرون ان يفضلوهم ويفوتهم ما يعطى الانصار من اجور على نفقاتهم وبذل اموالهم وهذا معنى قولهم خفنا ان يذهبوا بالاجر كله اي الثواب والله تعالى واسع غني لا تفنى خزائنه ولا ينقص اجره فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا اي ليس ذلك كما تظنون اي لا يفضلونكم ولا يفوتكم فان دعاءكم الله لهم وثناءكم عليهم يقوم منكم مقام نفقاتهم وبذل اموالهم فتعطون على الدعاء والثناء من الاجر ما يعطون على النفقة والبذل وعن جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من صنع اليه معروف فليجزئه فان لم يجد ما يجزئه فليثني عليه فانه اذا اثنى فقد شكره. وان كتمه فقد كفره. ومن تحل بما لم يعط فكأنما لبس ثوبي زور. رواه البخاري في الادب المفرد قوله فليجزئه اي فليكافئ من صنع اليه المعروف ملاقاة للاحسان بالاحسان وللمعروف بالمعروف فالله تعالى يقول هل جزاء الاحسان الا الاحسان واذا كان غير مستطيع على المكافأة يثني على من صنع اليه معروفا ويدعو له حتى يرى انه قد كافأه عن اسامة بن زيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنع اليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد ابلغ في الثناء فالثناء عليه يتناول الدعاء له بظهر الغيب ويتناول ذكره بالخير والاحسان وابلغوا ما يكون الثناء ان تقول جزاك الله خيرا وقول بعض الناس في هذا المقام جزاك الله الف خير. بقصد تكفير المكافأة هذا تضييق لواسع لان كلمة خيرا في قولنا جزاك الله خيرا جاءت نكرة في هذا السياق فتفيد كثرة الجزاء وعظمه فلا يحصر بالف اليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم فقد ابلغ في الثناء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لو يعلم احدكم ما له في قوله لاخيه جزاك الله خيرا لاكثر منها بعضكم لبعض فما اعظم هذه الكلمة وابلغها في الثناء على اهل المعروف والاحسان لما فيها من اعتراف بالتقصير وعجز عن جزاء وتفويض الجزاء الى الله ليجزيهم اوفى الجزاء واتمه. كما قال بعضهم اذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء بالجزاء الاوفى وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استعاذ بالله فاعيذوه ومن سأل بالله فاعطوه ومن دعاكم فاجيبوه ومن صنع اليكم معروفا فكافئوه فان لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا انكم قد كافئتموه اي من صنع اليكم معروفا قل او كثر فكافئوه على معروفه وذلك باعطائه مثل ما اعطى او احسن منه مجازاة له لاحسانه واذا كان المرء ليس عنده قدرة ولا تمكن فعليه ان يجتهد بالدعاء لمن احسن اليه والثناء عليه خيرا وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يشكر الله من لا يشكر الناس رواه ابو داود وعن الاشعث ابن وعن الاشعث ابن قيس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اشكر الناس لله اشكرهم للناس رواه احمد وهذا الشكر هو جزاء على ما يسره الله على يديهم من الخير حيث جعلهم الله سبحانه وسائط واسبابا في حصوله واوجب لهم بهذا الشكر وجعل شكرهم من شكره سبحانه ويأتي في مقدم هؤلاء الرسل والانبياء عليهم السلام فهم الوسائط بين الله وبين خلقه في بيان دينه وارشاد عباده ودلالتهم عليه واوجب سبحانه وتعالى شكر الوالدين بقوله ان اشكر لي ولوالديك الي المصير اذ جعلهما سبحانه سببا لايجاد الولد والقيام على مصالحه تربية وتنشئة وهكذا شكر العلماء فقد جعلهم الله سببا في تعلمهم دين الله لكونهم وراث الانبياء وحملة وظيفتهم. وكذلك شكر ولي الامر اذ جعله الله سبحانه وتعالى سببا للامن في بلاده والحكم بين عباده وهكذا اذا انعم الله تعالى على المرء نعمة بواسطة عبد من عباده في جلب نفع او دفع ضر وجب عليه شكره والمنعم الحقيقي في ذلك كله هو الله فوجب شكره تعالى على ذلك كله ثم شكر من جعلهم الله سبحانه سببا لوجود هذه النعم. وشكرهم من شكر الله. ومن لا يشكرهم لا اذكروا الله فالذي لا يشكر الناس على ما يلقاه من معروف واحسان على يديهم لم يشكر الله. لان الله عز وجل امر بشكرهم ودعاه لان الله عز وجل امره بشكرهم ودعاه الى ذلك فلم يشكرهم فلا يكون بذلك شاكرا لله لانه لم يطع الله جل وعلا فيما امره ولان الله عز وجل سخرهم وجعل المعروف الذي وصل اليه من جهتهم واجراه على يديهم فمن شكر الله على نعمته ان يشكر من جعله الله سببا في وصولها وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس فقال الا اخبركم بخيركم من شركم؟ قال فسكتوا فقال ذلك ثلاث مرات فقال رجل بلى يا رسول الله اخبرنا بخيرنا من شرنا قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره اي اي اتريدون ان اخبركم بما يميز بين الفريقين؟ قالوا بلى قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره. اي من يأمل الناس الخير من جهته ويأمنون الشر من جهته وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره. اي وشركم من لا يؤمل الناس حصول الخير لهم من جهته ولا امنون من شره وانما يرجى خير من عرف وانما يرجى خير من عرف بفعل الخير واشتهر به ومن غلب خيره امنت القلوب من شره. ومتى قوي الايمان في قلب عبد رجي خيره وامر شره ومتى ضعف الايمان قل خيره وغلب شره وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علامتين الاولى لخير الناس والثانية لسرهم فقوله خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره هذه علامة خيرية في الانسان ان يأمل جلساؤه واصحابه وجيرانه ورفقاؤه منه الخير ويرجونه من جهته وايضا يأمنون الشر من جهته وقد صح في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال المؤمن من امنه الناس على دمائهم واموالهم. رواه الترمذي ان يأمنونه ولا يخافون منه شرا لما عهدوه عليه من صلاح ولما رأوا فيه من استقامة ومحافظة وبعد عن الشر والفساد فمن كان بهذه الصفة فهو من خيار الناس وقوله واما شراركم فالذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره اي ان الناس لا يتوقعون من جهته خيرا ولا ينتظرون من مثله نفعا لانه لا يعرف بعمل الخير ولا يعرف ببذل الخير وتقديمه وايضا في الوقت نفسه يعرف بالشر والاذى والعدوان اما بالسب او الشتم او الغيبة او النميمة او سخرية او الاستهزاء او غير ذلك فمن كان بهذه الصفة فهو شر الناس ولهذا حري بالمسلم ان يكون داعيا لاخوانه المسلمين محبا الخير لهم مبتعدا عن لعنهم او سبهم او الوقيعة فيهم اذ ليس ذلك من شأن المسلم ولا من خلقه روى الحاكم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي للمؤمن ان يكون لعانا وثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والاحاديث في هذا المعنى كثيرة وهذه اقل احوال المسلم ان لم يكن داعيا لاخوانه المسلمين بادلا الخير لهم ساعيا في حاجاتهم ومصالحهم فلا اقل من ان يكون كافا عن اذيتهم وعن ايصال الشر اليهم وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم يمسك عن الشر فانه له صدقة وعن ابي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي الاعمال افضل قال الايمان بالله والجهاد في سبيله قال قلت اي الرقاب افضل قال انفسها عند اهلها واكثرها ثمنا قال قلت فان لم افعل قال تعين صانعا او تصنع لاخرق قال قلت يا رسول الله ارأيت ان ضعفت عن بعض العمل قال تكف شرك عن الناس فانها صدقة منك على نفسك متفق عليه ففي هذا دليل على انه لا اقل من الامساك عن الشر ان لم يحصل من المسلم فعل الخير لاخوانه المسلمين وتقديم المساعدة لهم ومن منع نفسه عن ايذاء الاخرين فقد تصدق على نفسه لان ايذاء الاخرين تضيق على النفس. فاذا كف نفسه عن ايذاء الاخرين وسع على نفسه ورحمها بان كفها عن ايذاء الاخرين فاعفاها من تبعة الاذى وعواقبه الوخيمة ولهذا كان ابو الدرداء رضي الله عنه يقول للناس نحن اعرف بكم من البياطرة بالدواب قد عرفنا خياركم من شراركم اما خياركم الذي يرجى خيره ويؤمن شره واما شراركم فالذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره ولا ايعتق محرره ومثل هذا في المعنى حديث انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وان من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه. وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه. رواه ابن ماجه فالناس على قسمين قسم صاحب خير يفتح الخير على نفسه وعلى الناس وقسم صاحب شر يفتح الشر على نفسه وعلى الناس. وكل ينفق مما عنده. وكل اناء الذي فيه ينضح فمن كان قلبه منطويا على محبة الخير وعلى حب شيوعه وانتشاره. فانه لا يفتح على نفسه ولا على الاخرين الا خيرا. بينما الذي ينطوي قلبه على شر فهو يفتح الشر على نفسه وعلى الاخرين عن ابي برزة الاسلم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني دلني على عمل يدخلني الجنة. قال امط الاذى عن طريق الناس. رواه البخاري في الادب المفرد وعن ابيها وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال والله لانحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فادخل الجنة. رواه مسلم فستان بين من يميط الاذى عن طريقهم رحمة بهم وبين من يضعه في طريقهم ايذاء لهم وعن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنائع المعروف تقي مصارع السوء تقي مصارع السوء والافات والهلكات واهل المعروف في الدنيا هم اهل المعروف في الاخرة. رواه الحاكم اي ان العبد يبعث على ما كان عليه في الدنيا فان كان صاحب معروف وبر وفضل واحسان فانه يبعث على ذلك يوم القيامة وان كان على خلاف ذلك فانه يبعث على ما كان عليه يوم القيامة وهذا يدل على مكانة اصطناع المعروف وبذل الخير ومعاونة الناس والاحسان اليهم والسعي في خدمتهم ومعاونتهم فان من كان كذلك فانه لرحمته بهم وعطفه عليهم واحسانه اليهم يكون اهلا يوم القيامة لان يكون شافعا لهم عند الله فكما انه كان في الدنيا صاحب معروف على الناس واحسان اليهم فانه يوم القيامة يكون كذلك والمراد بكونهم اهل المعروف في الاخرة اي بالشفاعة فيكونون اهلا للشفاعة لهم عند الله فكما كانوا في الدنيا اهل معروف لهم بالرحمة والعطف والمواساة والاحسان وبذل الخير فانهم يكونون كذلك اهل معروف الى الناس في الاخرة بالشفاعة لهم عند الله سبحانه بخلاف والعياذ بالله من كان مؤذيا للناس في الدنيا يؤذيهم بافعاله واقواله فمن كانت هذه حاله مع الناس في الدنيا لا يكف اذاه عنهم لا يكون اهلا يوم القيامة لان يكون شفيعا لهم عند الله لانهم لم يسلموا من شره واذاه في الدنيا ولهذا صحفي الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال ان اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة لم يسلموا من اذاهم في الدنيا فكيف يكونون يوم القيامة شفعاء لهم عند الله؟ لم يرحموهم في الدنيا ولم يعطفوا عليهم بل اذوهم بالقول والفعل فهم ليسوا اهلا يوم القيامة لان يكونوا شفعاء لهم عند الله فاهل المعروف في الدنيا ببذل الاحسان والجاه والمعونة والمساعدة والعطف والرحمة والدعاء للناس بالخير هم اهل المعروف في الاخرة وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يبعث كل عبد على ما مات عليه. رواه مسلم فيبعث كل على ما كان عليه من حال في الدنيا ان مات على خير وبر ومعروف فانه يبعث على ذلك. وان مات على منكر وشر وفساد وايذاء فانه يبعث على ذلك ففيه ترغيب وترهيب قريب في المعروف والاحسان والجد في تحصيله وصنائع المعروف الى الناس ورحمتهم والعطف عليهم وترهيب من المنكر بجميع انواعه وان يحذر منه المرء لانه سيبعث يوم القيامة على ما مات عليه وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه قال ابن القيم رحمه الله لذلك كان الجزاء مماثلا للعمل من جنسه في الخير والشر فمن ستر مسلما ستره الله ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن اقال نادما وقاله الله عثرته يوم القيامة ومن تتبع عورة اخيه تتبع الله عورته ومن بار مسلما ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه ومن خذل مسلما في موضع يجب نصرته فيه خذله الله في موضع يجب نصرته فيه ومن سمح سمح الله له والراحمون يرحمهم الرحمن وانما يرحم الله من عباده الرحماء ومن انفق انفق عليه ومن اوعى اوعي عليه ومن عفا عن حقه عفا الله له عن حقه ومن جاوز ومن تجاوز تجاوز الله عنه. ومن استقصى استقصى الله عليه فهذا شرع الله وقدره ووحيه وثوابه وعقابه كله قائم بهذا الاصل وهو الحاق النظير بالنظير واعتبار المثل بالمثل ونسأل الله جل وعلا ان يوفقنا اجمعين لسديد الاقوال وصالح الاعمال وان يهدينا اليه صراطا مستقيما وان يعيذنا من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته