بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فان الله سبحانه نعم الف بهذا الدين العظيم بين القلوب المتناثرة والنفوس المتعادية فاصبح اهله اخوة في الله متحابين في الله متعاونين على طاعة الله يجمعهم دين الله وهذه نعمة عظيمة يجب على كل مسلم ان يكون على ذكر لها. والا يغفل عنها قال الله تعالى واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا فاهل الايمان كالجسد الواحد. غاياتهم واحدة وهمومهم مشتركة وامالهم واحدة يجمعهم عبادة رب واحد بالاستسلام له والاخلاص في العبودية له والانقياد لامره واتباع شرعه والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد وبعضه بعضا وشبك بين اصابعه متفق عليه. وعن النعمان ابن بشير رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. رواه مسلم فهذه الاحاديث وما جاء في معناها تدل دلالة ظاهرة على وجوب التظامن بين المسلمين والتراحم تعاطف والتعاون على كل خير. وفي تشبيههم بالبناء الواحد والجسد الواحد. ما يدل على انهم وتعاونهم وتراحمهم وتعاطفهم تجتمع كلمتهم وينتظم صفهم ويسلمون من شر عدوهم. وهذه الاخوة التي تجمعهم شأنها ومكانتها اعظم من اخوة النسب ان الجامع فيها دين الله. والرابطة فيها عبادة الله. والغاية منها نيل رضا الله. ولهذا كان واجبا على كل مسلم ان يرعى لهذه الاخوة حقها وان يعرف لها مكانتها وان يحفظ حرمتها وان كل امر ينقضها او ينقصها عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تناجسوا ولا فتباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله اخوانا. المسلم قل مسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ها هنا ويشير الى صدره ثلاث مرات حسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم فهي تحتاج من اهل الايمان المتآخين في الله الى رعاية لهذه الاخوة لان لا تنخرف ولذا حذر الاسلام اشد التحذير من كل امر يخدش هذه الاخوة او يخل بها كالتناجس والتحاسد والتدابر والتباغض والغيبة والنميمة وغيرها لانها تخل بالاخوة وتفرق بين المسلمين وتشتت شملهم وتوجد الفرقة بينهم وتفت في قوتهم وتوهيها فان من مقاصد الاسلام جمع المسلمين والتأليف بين قلوبهم ونشر المودة بينهم ثم التحابي والتعاون والتآخي وتحقيق ما يمكن هذه الاخوة ويقويها. والحذر من كل سبب يضعفه ويوهيها. وكلما اخل العبد بشيء من حقوق هذه الاخوة ومقتضياتها نقص من ايمانه وضعف من ديني بحسب ما اخل به من حقوقها ومن جوامع ما جاء في هذا الباب وهو نظير ما تقدم في الحديث قول الله تعالى في سورة الحجرات في التنويه بهذه الاخوة ايمانية ومكانتها وذكر شيء من حقوقها وواجباتها ومقتضياتها. قال تعالى انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون. يا ايها الذين امنوا لا يصخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان. ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون. يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن. ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم فالايمان يثمر في اهله تآخيا وتآلفا وتوادا عظيما وصلة وثيقة لا يمكن ان تتحقق بين الناس في اي رابطة اخرى ايا كانت ورابطة الايمان رابطة مستمرة غير منقطعة في الدنيا والاخرة. اما الصلات الاخرى فهي منقطعة مهما كانت قوته قال الله تعالى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين وقال جل وعلا وتقطعت بهم الاسباب اي اسباب الاخوة والصلة. ولهذا كل علاقة وتآخ مآله الى التصرف والانقطاع الا التآخي في الله وعن المستورد ابن شداد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اكل بمسلم اكله فان الله يطعمه مثلها من جهنم ومن كسي برجل مسلم فان الله عز وجل يكسوه من جهنم ومن قام برجل مقام رياء وسمعة فان الله يقوم به مقام رياء وسمعة يوم القيامة. رواه البخاري في الادب مفرد الاكلة هي الطعام الذي يؤكل والمعنى ان يجعل عرظ اخيه وسيلة لاكله بان يقع مثلا في عرضه او يشي به او يصفه بصفات سوء عند عدوه لينال بذلك مالا او جاها او مكانة او حظوة او رئاسة وهذا فيه التنبيه على حرمة المسلمين في دمائهم واعراضهم واموالهم كما قال صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه فاذا كان المرء لا يبالي في طعامه وشرابه ان يحصله ولو على حساب الجناية على اخيه المسلم فاين الاخوة الاسلامية واين معاني الخير قال فان الله يطعمه مثلها من جهنم. فالله عز وجل يعاقبه على ذلك بالنار في طعمه يوم القيامة من طعام النار فتكون هذه الاكلة التي اكلها وبالا عليه يوم القيامة حيث يأكل مثلها من نار جهنم ومن كسي برجل مسلم فان الله عز وجل يكسوه من جهنم اي كسي ثوبا بحيث يكون قد نال هذا الثوب او هذه الكسوة او هذه الاعطية بسبب وقوعه في اخيه المسلم وهذا ليس للحصر فمثلا لو ان شخصا نال رئاسة او ولاية او غير ذلك بوقوعه في عرض اخيه المسلم انتقاصا له واغتيابا له ونميمة وغير ذلك. غير مبال بحرمة اخيه المسلم فقد يحصل غرظه الذي اراد لكنه يبوء يوم القيامة بالخسران. فان الله عز وجل يكسوه من جهنم ومن قام برجل مقام رياء وسمعة فان الله يقوم به مقام رياء وسمعة يوم القيامة اي ان من نال من رجل مسلم من قدره ومكانته كان يقلل من شأنه في الولاية او يقلل من شأنه في العلم. وهو ليس في ذلك ناصحا لله ولا لدينه ولا لعباده. اي ليس له غرض النصح وانما غرضه من هذا الرياء والسمعة والشهرة كان يطعن مثلا في عالم وقصده بذلك ان يبرز نفسه والله عليم بنيته وسيقيمه يوم القيامة مقام رياء وسمعة وهذا لا يظهر للناس شيء منه لكن الله عليم بالصدور فان نال من امير او من عالم او من تاجر مسلم ناصح حتى تكسب سوقه ويكون له هو الشأن فغرضه ليس النصيحة وانما غرضه الرياء والسمعة وان يحمد ونحو ذلك من المعاني ولهذا قال ومن قام برجل مقام رياء وسمعة فان الله يقوم به مقام رياء وسمعة يوم القيامة قد يكون مثلا شخص في ولاية ما ماضيا بها على الاستقامة والسداد. فينال منه شخص من اجل ان يسقطه من مع انه اهل لها ولم يقم بذلك ناصحا وانما قام به مقام رياء وسمعة فهذا ظلم لهذا الشخص من جهة ومن جهة اخرى ان من فعل هذا الامر قد قام مقام رياء وسمعة يعاقبه الله بان يقيمه يوم القيامة مقام رياء وسمعة فيفضحه على رؤوس الاشهاد وهذا يذكرنا بما جاء في صحيح البخاري في قصة سعد رضي الله عنه حيث كان واليا على العراق فاشتكاه بعضهم عند عمر وقام احدهم مقام رياء وسمعة وكذب على سعد ونسب اليه ما هو بريء منه فدعا عليه سعد بطول العمر وكثرة الفقر والتعرض للفتن. فكان ذلك عن عبد الملك ابن عمير عن جابر ابن سمرة قال شكى اهل الكوفة سعدا الى عمر رضي الله عنه فعزله واستعمل عليهم عمارا فشكوا حتى ذكروا انه لا يحسن يصلي فارسل اليه فقال يا ابا اسحاق ان هؤلاء يزعمون انك لا تحسن تصلي. قال ابو اسحاق اما انا والله فاني كنت اصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اخرم عنها اصلي صلاة العشاء فاركد في الاولين اخفف في الاخريين قال ذاك الظن بك يا ابا اسحاق فارسل معه رجلان او رجالا الى الكوفة فسأل عنه اهل الكوفة ولم يدع مسجدا الا سأل عنه ويثنون معروفا حتى دخل مسجدا لبني عبس فقام رجل منهم يقال له اسامة بن قتادة يكنى ابا سعدة قال اما اذا نشدتنا فان سعدا كان لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية قال سعد اما والله لادعون بثلاث اللهم ان كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فاطل عمره واطل فقره وعرضه فتن وكان بعد اذا سئل يقول شيخ كبير مفتون اصابتني دعوة سعد قال عبدالملك فانا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وانه ليتعرض جواري في الطرق يغمزهن فالواجب على المسلم ان يحذر اشد الحذر من ان يتخذ عيب اخيه متكأ له لان يقوم مقام رياء وسمعة او ان ينال مطامع دنيوية هذا ان كان في اخيه عيب فان لم يكن فيه عيب فحسف وسوء كيلة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال المؤمن مرآة اخيه اذا رأى فيه عيبا اصلحه رواه البخاري في الادب مرآة اخيه اي هو لاخيه كالمرآة. ومن المعلوم ان الناظر في المرآة يرى فيها عيوب نفسه. ان كان على وجهه شيء من الغبار او الوسخ ولهذا فانك ترى الشخص عندما ينظر الى المرآة فانه يتجه بيده مباشرة لموضع العيب ليصلحه فالمرآة ارته عيب نفسه والنظر فيها يفيد في اصلاح العيوب وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام المؤمن مرآة اخيه والمرآة تتصف بالصفاء يرى المرء من خلالها بوضوح تام عيوب نفسه ان كان فيه عيوب وهكذا الشأن في المؤمن مع اخيه فهذا الحديث جاء مجيء التوجيه لما ينبغي ان يكون عليه المسلم تجاه اخيه المسلم من نصيحة ودلالة وتعاون على البر والتقوى بان يكون ناصحا مشفقا وموجها امينا بعيدا عن الغش والخديعة وعن المكر والكذب وعن دواخل السوء وبواطن الشر صافيا مع اخيه نقيا كصفاء المرآة فاذا رأى في اخيه عيبا دله عليه برفق دون اذى بالكلمة الحسنة والقول الطيب وهو مشفق عليه محب لزوال هذا العيب عن اخيه لا ان يكلمه في عيبه ساخرا ولا متنقصا ولا متندرا. وانما يكلمه على وجه النصح والشفقة ومحبة زوال هذا العيب عنه واذا كان المرء بهذه الصفة في نصحه لاخوانه اثمرت نصيحته ونفعته ولهذا قال اذا رأى فيه عيبا اصلحه فمعنى كونه مرآة لاخيه اي انه يسعى في اصلاح اخيه فكما ان المرء اذا رأى في نفسه عيبا عند نظره في المرآة يصلح فكذلك ايظا يكون المسلم لاخيه يريه عيوب نفسي برفق ولين وبالكلمة الطيبة حتى يصلحها واما المشتغلون بالغيبة والنميمة والسخرية او الغش والخديعة والمكر فهؤلاء يفسدون في الارض ولا يصلحون ولا يبقى بسببهم في المجتمع لحمة بل تتفكك الروابط وتتقطع الاواصر وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن اخو المؤمن يكف وعليه ضيعته ويحوطه من ورائه. رواه ابو داوود المؤمن اخو المؤمن ان يجمعه واياه اخوة الايمان كما قال الله سبحانه وتعالى انما المؤمنون اخوة واخوة الايمان هي الرابطة العظيمة التي تبقى في الدنيا والاخرة لانها صلة لاجل الله واذا وجدت هذه الاخوة بين المسلمين على حقيقتها ظهرت ثمارها ووجدت مقتضياتها قال يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه. هذان الامران من مقتضيات الاخوة الايمانية قوله يكف عليه ضيعته اي ظياعه وهذا فيه ان من مقتضيات الاخوة الايمانية ان تجتهد في هداية الظال المسلمين والظائع منهم المنحرف عن الطريق القويم فتكف عليه ضيعته وكفك عليه ضيعته يكون بدلالته على الخير ونصيحته برفق ولطف ورحمة وان تكون له كالمرآة تبين له خطأه وعيبه حتى يرجع الى الجادة السوية والصراط المستقيم وقوله ويحوطه من ورائه. هذا فيه ان من مقتضيات الاخوة الايمانية ان يسلم اخوك منك فتحوطه من ورائه فلا اغتابه ولا يكون منك شر او اذى عليه بل تحميه وتنصره وتذب عنه وتدافع عنه وتحوطه من وراءه فاذا وجد هذا التآخي والتناصح والتراحم والتعاون على البر والتقوى قل الشر في المجتمع وعم الخير وكثر حققت البركة العظيمة بين المسلمين. وان فرطوا في هذه المعاني لم يجنوا الا على انفسهم ولم ينالوا الا رضا الشيطان عن جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان الشيطان قد ايس من ان يعبده يصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم. رواه مسلم اي بالخصومات والشحناء والحروب والفتن واغراء بعضهم على بعض والتحريظ بالشر بين الناس. وفي هذا هلاكهم وظياع دينهم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تسلموا. ولا تسلموا حتى تحابوا وافشوا السلام تحابوا واياكم والبغضة فانها هي الحالقة. لا اقول لكم تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه البخاري في الادب المفرد التحاب معاشر الاحبة الكرام هو وجود المحبة والمودة بين اهل الايمان بحيث يحب بعضهم بعضا ويحققون ايضا ما تقتضيه هذه المحبة من نصح وبذل للخير وحسن للمعاملة الى غير ذلك من مقتضياتها. وقد قال عليه الصلاة والسلام والذي نفس محمد بيده لا يؤمن احدكم حتى يحب اخي ما يحب لنفسه من الخير فاذا احب المسلم اخاه احب له ما يحبه لنفسه. ولهذا اذا وجدت المحبة حقيقة ذهب عن الناس الحسد والبغضاء والشحناء والعداء وذهبت عنهم امراض القلوب الكثيرة التي اودت بالناس وامرت بهم فالتحابوا اين المسلمين مطلوب وثماره عظيمة واثاره مباركة وتأمل رعاك الله قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا تسلموا حتى تحابوا اي ان الاسلام لا يشيع ولا ينتشر بينكم ولا يتحقق فيكم ولا يتم الا اذا تحاببتم. لان التحاب بين المسلمين يعينهم على نشر الاسلام بينهم وفي غيرهم. اما اذا تباغضوا ووجدت بينهم الشحناء والبغضاء انشغلوا بانفسهم عن اصلاحها بالاسلام واقامتها عليه فضلا عن ان يكونوا دعاة الى الاسلام ثم حذر صلى الله عليه وسلم من البغضة بين المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم واياكم والبغضة اي احذروه ان توجد بينكم والنهي عنها نهي عن كل سبب يفضي اليها كما تقدم لا تحاسدوا ولا تناجسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض فهذه وامثالها اذا وجدت اوجدت بين الناس البغضة. واذا وجدت البغضة بين اهل الاسلام حلقة الدين قال صلى الله عليه وسلم فانها هي الحالقة. لا اقول لكم تحلق الشعر ولكن تحلق الدين فالدين بوجودها ينحسر ويضعف لان القلوب التي فيها البغظة تكون منشغلة بالعداوات والسخائم التي عن الاشتغال بالدين نفسه وغاياته ومقاصده فيصبح اهل البغضة مشتغلين بالعداوات بينهم حتى تستهلك اوقاتهم وحياتهم وتضيع جهودهم في امور ليس من ورائها طائل الا ضياع الدين وحلقه فهي كما قال صلى الله عليه وسلم تحلق الدين. فكلما كثرت وقويت بين المسلمين ظعف دينهم عن اسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بخياركم؟ قالوا بلى. قال اذا رؤوا ذكر الله افلا اخبركم بسراركم؟ قالوا بلى. قال المشاؤون بالنميمة. المفسدون بين الاحبة. الباغون البراء العنت رواه البخاري في الادب المفرد قوله الذين اذا رؤوا ذكر الله. هذا فيه بيان ان الخيار هم من كانوا بهذه الصفة اذا رؤوا ذكر الله وذلك لحسن استقامتهم وحسن عبادتهم واقبالهم على طاعة الله ولتواضعهم وذلهم لله وانكسارهم بين يديه ولما قام فيهم من خشية لله وهيبة وتعظيم له سبحانه فاذا لقيهم المرء ذكر الله لان اعمالهم واخلاقهم وخصالهم تذكر بالله فهم دعاة الى الله بلسان حالهم وكم من انسان استقام على الطريق برؤيته امثال هؤلاء قوله افلا اخبركم بسراكم؟ قالوا بلى فذكر لهم ثلاث صفات الاولى المشاؤون بالنميمة والمشاء سيرة مبالغة اي الساعون بالنميمة بين الناس ويكثر فيهم ذلك نقل الكلام بين الناس من شخص الى اخر على وجه الفساد ونشر العداوات الثانية المفسدون بين الاحبة وهذه ثمرة النميمة ونتيجتها فانها تثمر الافساد بين الاحبة وايقاع العداوات بينهم. وقد قال يحيى اليماني رحمه الله يفسد النمام في ساعة ما يفسده الساحر في سنة فالنمام سريع الافساد الثالثة الباغون البرآء العنت اي الذين يريدون العنت وهو الهلكة والمشقة والفتنة والشر بين الابرياء الذين ليس بهم شر ولا منهم اذى. وهذا ايضا من اثار النميمة. فالنمام يطلب العنت والمشقة والشر والفساد في بحق الابرياء المتآخين المتصافين المتوادين وهذا كله مما يبين لنا خطورة حال النمام. وانه شر عظيم على المجتمع. لان وظيفته في المجتمع نشر بين الناس لا يهدأ له بال ولا يرتاح له خاطر الا اذا رأى الاخوة متباغضين والمتآخين متعادين ورأى في الابرياء العنت والمشقة فاذا رأى ذلك شعر انه قد انجز مهمته وادى وظيفته. ولكن له عند الله عقوبتان احداهما معجلة في هذه الحياة الدنيا بان يفضحه الله ولو كان متواريا في بيته عن ابي الجوزاء قال قلت لابن عباس ما هؤلاء الذين ندبهم الله الى الويل؟ قال ويل لكل همزة لمزة قال هم المساؤون بالنميمة المفرقون بين الاخوان الباغون البرءاء العنت فذكر رضي الله عن هذه الثلاثة تفسيرا للمتوعدين في الاية بالويل وعن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فانه من طلب عورة اخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته. رواه احمد وعن ابي برزة الاسلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر من امن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من اتبع عورتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته رواه ابو داوود وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر عورة اخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة اخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته. رواه ابن ماجة ونسأل الله جل في علاه ان يهدينا اجمعين لاحسن الاخلاق لا يهدي لاحسنها الا هو وان يعيذنا من سيء الاخلاق لا يعيدنا من سيئها الا هو وان يعيذنا من كرات الاخلاق والاهواء والادواء وان يصلح ذات بيننا وان يؤلف بين قلوبنا وان يهدينا اجمعين سبل السلام انه تبارك وتعالى سميع الدعاء. وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم على ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته