بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقد جاءت السنة النبوية بجملة من الاداب الكريمة والاخلاق العظيمة تتعلق بحقوق المريض على اخوانه المسلمين عيادة له ومؤانسة له وملاطفة ودعاء له بالشفاء وما يرقى به المريض مما يكون سببا لشفائه وعافيته وكم لعيادة المريض وما يصحبها من اداب من اثر عظيم على المريض فرحا وتفاؤلا واستبشارا وانسا وشفاء وقد ثبت عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم احاديث عديدة في الامر بعيادة المريض والحث عليها وبيان فضلها وما يترتب عليها من عظيم الاجر وجزيل الثواب عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع امرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وابرار القسم او المقسم ونصر المظلوم واجابة الداعي وافشاء السلام ونهانا عن خواتيم او عن تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر وعن القسي وعن لبس الحرير استبرق والديباج متفق عليه وعن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني رواه البخاري وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عودوا المريض وامشوا مع الجنائز تذكركم الاخرة رواه احمد وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث كلهن حق على كل مسلم. عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس. اذا حمد الله عز وجل رواه واحمد وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حق المسلم على المسلم ست قيل ما هن يا رسول الله قال اذا لقيته فسلم عليه واذا دعاك فاجبه. واذا استنصحك فانصح له. واذا عطس فحمد الله فشمته. واذا مرظ فعده واذا مات فاتبعه رواه مسلم عن الاعمس قال كنا نقعد في المجلس فاذا فقدنا الرجل ثلاثة ايام سألنا عنه فان كان مريضا عدنا رواه البيهقي في شعب الايمان وقد رتب معاشر الكرام في احاديث عديدة اجور عظيمة ينالها عائد المريض عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع. رواه مسلم وعن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اتى اخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فاذا جلس غمرته الرحمة فان كان غدوة صلى عليه سبعون الف ملك حتى يمسي. وان كان مساء صلى عليه سبعون الف ملك حتى يصبح رواه ابن ماجة وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا نادى مناد من السماء طبت ابى ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا. رواه ابن ماجة وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا خاض في الرحمة فاذا جلس عنده استنقع فيها رواه احمد وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من عاد مريضا خاض في الرحمة حتى اذا قعد استقر فيها رواه البخاري في الادب المفرد وعن هارون ابن ابي داود قال اتيت انس بن مالك رضي الله عنه فقلت يا ابا حمزة ان المكان بعيد ونحن يعجبنا ان نعودك فرفع رأسه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ايما رجل يعود مريضا فانما يخوض الرحمة فاذا قعد عند المريض غمرته الرحمة قال فقلت يا رسول الله هذا للصحيح الذي يعود المريض فالمريض ما له قال تحط عنه ذنوبه. رواه احمد والاحاديث في هذا المعنى كثيرة تنظر رعاك الله هذا الثواب العظيم المترتب على احسان المسلم لاخيه المريض بعيادته لمؤانسته والدعاء له وحق على من سمع هذه الاحاديث ان يجعل لنفسه نصيبا من هذا الاحسان ليفوز بهذا الثواب العظيم وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن ادم مرضت فلم تعدني. قال يا رب كيف اعودك وانت رب العالمين؟ قال اما علمت ان عبدي فلانا مرض فلم تعده اما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده يا ابن ادم استطعمتك فلم تطعمني. قال يا رب وكيف اطعمك وانت رب العالمين قال اما علمت انه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ اما علمت انك لو اطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن ادم استسقيتك فلم تسقني. قال يا رب كيف اسقيك وانت رب العالمين؟ قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. اما انك لو سقيته وجدت ذلك عندي. رواه مسلم قال ابن القيم رحمه الله فقال في عيادة المريض لوجدتني عنده وقال في الاطعام والاسقاء لوجدت ذلك عندي ففرق بينهما فان المريض مكسور القلب ولو كان من كان فلا بد ان يكسره المرض؟ فاذا كان مؤمنا قد انكسر قلبه بالمرض كان الله عنده انتهى كلامه وهذا يدل على قرب المريض من الله وان دعاءه لنفسه ولغيره مستجاب وقد اضاف الله المريض اليه تشريفا له وتقريبا ويدل ايضا على استحباب عيادة المريض وان الله سبحانه وتعالى عند المريض وعند من عاد لقوله لوجدتني عنده ويستحب معاشر الاحبة الكرام عند عيادة المريض الدنو منه والجلوس عند رأسه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا عاد المريض جلس عند رأسه ثم قال سبع مرات الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك فان كان في اجله تأخير عوفي من وجعه. رواه البخاري في الادب المفرد وعن انس رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرظ فاتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعود فقعد عند رأسه فقال له اسلم فنظر الى ابيه وهو عنده فقال له اطع ابا القاسم صلى الله عليه وسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي انقذه من النار. رواه البخاري وفي الجلوس عند رأس المريض فوائد منها ان العائد اذا كان عند رأس المريض فهذا ايسر للمريض عند محادثته بخلاف ما اذا كان بعيدا عن ومنها ان هذا اكثر اناسا للمريض ومنها ان في ذلك تمكنا من تطبيق سنة وضع اليد على ناصية المريض ومن فوائد هذا الحديث ان عيادة المشرك جائزة اذا قصد بها تأليف قلبه ودعوته الى الاسلام والترفق به في الزيارة حتى يأنس لاهل الاسلام ومعاملتهم فيلين قلبه فيسلم وهو داخل في عموم قول الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين ومن فوائده ان صنائع المعروف تفتح قلب المدعو وهذا من الفقه في الدعوة وكان هذا من هديه صلى الله عليه وسلم في الدعوة الى الله بكلمة جميلة او هدية طيبة او عيادة لمريض او لطف فيه الخطاب او رفق في المعاملة الى غير ذلك وكثيرا ما يأتي في هدي النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا فلما عاد صلى الله عليه وسلم هذا المريض وادخل عليه انسا وسرورا قال له حينئذ اسلم فشرح الله صدره للاسلام فاسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من عنده وهو يقول الحمد لله الذي انقذه من النار وعن سعيد بن المسيب عن ابيه رضي الله عنه قال لما حضرت ابا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه سلم فوجد عنده ابا جهل وعبدالله ابن ابي امية ابن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عم قل لا اله الا الله كلمة اشهد لك بها عند الله. فقال ابو جهل وعبد الله ابن ابي امية يا ابا طالب اترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال ابو طالب اخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب. وابى ان يقول لا اله الا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما والله لاستغفرن لك ما لم انهى عنك فانزل الله عز وجل ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم هم اصحاب الجحيم وانزل الله تعالى في ابي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين قال ابن القيم رحمه الله كان صلى الله عليه وسلم يعود من مرض من اصحابه وعاد غلاما كان يخدمه من اهل الكتاب وعاد عمه وهو مشرك وعرض عليهما الاسلام فاسلم اليهودي ولم يسلم عمه ومن السنة ان يدنو من المريض ويسأله عن حاله. فيقول كيف تجدك او نحو ذلك فعن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال كيف تجدك قال والله يا رسول الله اني ارجو الله واني اخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن الا اعطاه الله ما يرجو وامنه مما يخاف رواه الترمذي وعن محمود ابن لبيب قال لما اصيب اكحل سعد يوم الخندق فثقل حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة وكانت تداوي الجرحى فكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا مر به يقول كيف امسيت؟ واذا اصبح قال كيف اصبحت؟ فيخبره. رواه البخاري في الادب المفرد وعن عائشة رضي الله عنها انها قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك ابو بكر وبلال قالت فدخلت عليهما فقلت يا ابتي كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ الحديث رواه البخاري وعن ابن ابي مليكة قال استأذن ابن عباس قبل موتها على عائشة وهي مغلوبة قالت اخشى ان يثني علي فقيل ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن وجوه المسلمين قالت ائذنوا له فقال كيف تجدينك؟ قالت بخير ان اتقيتم قال فانت بخير ان شاء الله. زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكح بكرا غيرك ونزل عذرك من اه ودخل ابن الزبير خلافه فقالت دخل ابن عباس فاثنى علي ووددت اني كنت نسيا منسيا. رواه البخاري ويحسن عند عيادة المريض تذكيره بما في الامراظ من تكفير وادخال الفأل الطيب عليه بدنو الشفاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على اعرابي يعوده قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل على مريظ يعوده قال لا بأس طهور ان شاء الله فقال له لا بأس طهور ان شاء الله قال قلت طهور؟ كلا بل هي حمى تفو او تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم اذا رواه البخاري وعن ابي الاشعث الصنعاني انه راح الى مسجد دمشق وهجر بالرواح فلقي شداد بن اوس والصنابح معه فقلت اين تريدان؟ يرحمكم الله قال نريد ها هنا الى اخ لنا مريض نعوده فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل فقال له كيف اصبحت قال اصبحت بنعمة فقال له شداد ابشر بكفارات السيئات وحط الخطايا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله عز وجل يقول اني اذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته فانه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته امه من الخطايا ويقول الرب عز وجل انا قيدت عبدي وابتليته فاجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح. رواه احمد وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم ولا مسلمة ولا مؤمن ولا مؤمنة يمرض مرضا الا حط الله عنه من خطاياه. رواه احمد ومن تمام عيادة المريض ان يضع العائد يده على جبهة المريض او على يده عن عائشة بنت سعد ان اباها قال تشكيت بمكة شكوا شديدا فجاءني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني فقلت يا نبي الله اني اترك مالا واني لم اترك الا ابنة واحدة فاوصي بثلث مالي واترك الثلث فقال لا قلت فاوصي بالنصف واترك النصف قال لا قلت فاوصي بالثلث واترك لها الثلثين قال الثلث والثلث كثير ثم وضع يده على جبهتي ثم مسح يده على وجهي وبطني. ثم قال اللهم اشف سعدا واتم له هجرته فما زلت اجد برده على كبدي فيما يخال الي حتى الساعة. رواه البخاري وفي وضع اليد على المريض فوائد منها احساس العائد بحجم المرظ الذي يعاني منه المريظ ومنها مواساة المريض وتسليته. لان وضع اليد على المريض فيه تسلية للمريض ومؤانسة له ومنها انه يشرع عند وضع اليد رقية المريض او الدعاء له بالشفاء والعافية او نحو ذلك قال ابن بطال رحمه الله في وضع اليد على المريض تأنيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعو له بالعافية على حسب ما ما يبدو له منه وربما رقاه بيده ومسح على المه بما ينتفع به العليل اذا كان العائد صالحا. زاد ابن حجر رحمه الله وقد يكون العائد عارفا بالعلاج. فيعرف العلة فيصفها له ومن السنة عند عيادة المريض الدعاء له بالشفاء وان تيسر له رقيته رقاه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال لدغت رجل منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل يا رسول الله ارقي قال من استطاع منكم ان ينفع اخاه فليفعل. رواه مسلم وان اعظم ما يرقى به المريض فاتحة الكتاب ام القرآن فانها كافية شافية لما ورد في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة سيد القوم الذي لدغ فانطلق احدهم يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين. فقام كانما نشط من عقال وانطلق يمشي وما به قلبة فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال وما يدريك انها رقية؟ رواه البخاري قال ابن القيم رحمه الله ولو احسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيرا عجيبا في الشفاء. ومكثت بمكة مدة يعتريني ادواء ولا اجد طبيبا ولا دواء فكنت اعالج نفسي بالفاتحة فارى لها تأثيرا عجيبا فكنت اصف ذلك لمن يشتكي الما فكان كثير منهم يبرأ سريعا انتهى كلامه رحمه الله ومما يرقى به المريض المعوذات قل هو الله احد وقل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفذ فلما اشتد وجعه كنت اقرأ عليه وامسح بيده رجاء بركتها وفي صحيح مسلم عنها رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مرض احد من اهله نفث عليه بالمعوذات وقد دل الحديث على عظم شأن هذه السور الثلاثة. وانها رقية وشفاء للوجع باذن الله وقد ورد في شأن هذه السور احاديث كثيرة تدل على عظم شأنها وسورة المعوذتين لهما تأثير عظيم لا سيما ان كان المرض ناشئا عن سحر او عين او نحو ذلك قال ابن القيم رحمه الله في مقدمة تفسيره للمعوذتين والمقصود الكلام على هاتين السورتين وبيان عظيم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة اليهما. وانه لا يستغني عنهما احد قط وان لهما تأثيرا خاصا في دفع السحر والعين وسائر الشرور وان حاجة العبد الى الاستعاذة بهاتين السورتين اعظم من حاجته الى النفس والطعام والشراب واللباس ثم بسط رحمه الله الكلام عليهما بسطا عظيم النفع والفائدة ويوجه معاشر الاحبة المريض الى ان يرقي نفسه. بما ثبت في صحيح مسلم عن عثمان ابن ابي العاص انه شكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا في جسده منذ اسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات اعوذ بالله وقدرته من شر ما اجد واحاذر وقوله من شر ما اجد واحاذر اي من شر ما اجد من وجع والم ومن شر ما احاذر من ذلك اي ما اخاف واحذر وهذا فيه التعوذ من الوجع الذي هو فيه والتعوذ من الوجع الذي يخاف حصوله او يتوقع حصوله في المستقبل ومن ذلك تفاقم المرض الذي هو فيه وتزايده وهذا يحصل للانسان كثيرا عندما يصاب بمرض فانه قد ينتابه شيء من القلق تخوفا من تزايد المرض وتفاقمه. وفي هذا الدعاء العظيم تعوذ بالله تبارك وتعالى من ذلك ودخل مطرف بن عبدالله بن السخير على غلام يعوده فقال الغلام ادعو الله لي فقال مقرف ادع لنفسك فان الله يقول امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ومما يرقى به المريض ما ثبت في صحيح مسلم عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان جبريل اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد اشتكى فقال نعم قال بسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس او عين حاسد الله يشفيك بسم الله ارقيك وثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض اهله يمسح يده اليمنى ويقول اللهم رب الناس اذهب البأس واشفه وانت الشافي لا شفاء الا شفاؤك شفاء لا يغادر غادروا سقما وفي رواية عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اشتكى منا انسان مسح بيمينه ثم قال وذكرت الدعاء وفي رواية قالت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي بهذه الرقية وذكرته وفي صحيح البخاري عن عبدالعزيز بن صهيب قال دخلت انا وثابت على انس ابن مالك فقال ثابت يا ابا حمزة اشتكيت فقال انس الا ارقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بلى قال اللهم رب الناس مذهب البأس اشف انت الشافي لا شافي الا انت شفاء لا يغادر سقما انا قوله اللهم رب الناس في التوسل الى الله بروبيته للناس اجمعين بخلقهم وتدبير شؤونهم وتصريف امورهم فبيده سبحانه الحياة والموت والصحة والسقم والغنى والفقر والقوة والضعف وقوله اذهب البأس والبأس والتعب والشدة والمرض وهو هنا بغير همزة مراعاة للازدواج والمؤاخاة وجاء في حديث انس اللهم رب الناس مذهب البأس وهذا فيه التوسل الى الله بانه وحده المذهب للبأس فلا ذهاب للبأس العبد الا باذنه ومشيئته وقوله واشفه وانت الشافي. فيه سؤال الله الشفاء وهو العافية والسلامة من المرض وقوله وانت الشافي توسل الى الله سبحانه بانه الشافي الذي بيده الشفاء كما في قوله تعالى واذا مرضت فهو ويشفين وقوله لا شفاء الا شفاؤك فيه تأكيد لما سبق واقرار بان العلاج والتداوي ان لم يوافق ابنا من الله بالعافية والشفاء فانه لا ينفع ولا يجدي وقوله شفاء لا يغادر سقما اي لا يترك مرضا ولا يخلف علة والفائدة من هذا ان الشفاء من المرظ قد يحصل احيانا ولكن قد يخلفه مرظ اخر يتولد منه وينشأ بسببه. فسأل الله ان يكون شفاؤه من المرض شفاء تاما لا يبقى معه اثر ولا يخلف في المريض علة وهذا من تمام الدعوات النبوية وكمالها ووفائها. نسأل الله عز وجل ان يشفي مرضانا ومرضى المسلمين وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات انه تبارك وتعالى غفور رحيم. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته